الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ فَلَوْ وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ مَائِعَةٌ فِي غَسْلِ جَامِدٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ أُدْرِكَتْ فِي حَالِ وُقُوعِهَا فَنُزِعَتْ وَمَا حَوْلَهَا لَمْ يَكُنْ بِبَاقِيهِ بَأْسٌ كَالْقَطْرَةِ مِنْ الدَّمِ تَقَعُ فِي اللَّبَنِ الْجَامِدِ فَتُرْفَعُ بِمَا حَوْلَهَا وَيُتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا أَثَرٌ، وَإِنْ طَالَ حَبِينُهَا حَتَّى سَرَتْ النَّجَاسَةُ فِيهِ كُلِّهِ طُرِحَ وَلَمْ يُؤْكَلْ، وَكَذَلِكَ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّجَاسَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمَائِعِ مَائِعَةً، أَوْ يَابِسَةً فَفِي الْبُرْزُلِيِّ عَنْ مَسَائِلِ ابْنِ قَدَّاحٍ إذَا وَقَعَتْ رِيشَةُ غَيْرِ الْمُذَكَّى فِي طَعَامٍ مَائِعٍ طُرِحَ.
[فَرْعٌ وَقَعَتْ دَابَّة فِي طَعَام وَأُخْرِجَتْ حَيَّةً]
(فَرْعٌ) إذَا وَقَعَتْ الدَّابَّةُ وَأُخْرِجَتْ حَيَّةً لَمْ تُفْسِدْ الطَّعَامَ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ عَلَى جَسَدِهَا نَجَاسَةً فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَوْ كَانَ الْغَالِبُ مُخَالَطَتَهَا لِلنَّجَاسَةِ قَالَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ مِنْ الْبَيَانِ، وَقَوْلُ سَعِيدِ بْنِ نُمَيْرٍ فِي قَصْرِيَّةِ شَرَابِ فُقَاعٍ وَقَعَتْ فِيهَا فَأْرَةٌ فَأُخْرِجَتْ حَيَّةً إنَّهُ يُرَاقُ هُوَ بَعِيدٌ وَشُذُوذٌ لَا وَجْهَ لَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ الْإِمَامِ: إنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةَ يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ ظَاهِرِهِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ طُرِحَ مِنْ الْجَامِدِ بِحَسَبِ مَا سَرَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ]
(فَرْعٌ) إذَا طُرِحَ مِنْ الْجَامِدِ بِحَسَبِ مَا سَرَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَإِنَّ الْبَاقِيَ طَاهِرٌ يُؤْكَلُ وَيُبَاعُ لَكِنْ قَالَ الْجُزُولِيُّ: يُبَيَّنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تُقَذِّرُهُ، وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ الْمُتَقَدِّمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِمْ طُرِحَتْ وَمَا حَوْلَهَا أَيْ وَمَا قَارَبَهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا الْتَفَّ عَلَيْهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا إذَا طُرِحَتْ وَحْدَهَا لَا تُطْرَحُ إلَّا بِمَا يَلْتَفُّ عَلَيْهَا قَالَهُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ الطِّرَازِ.
ص (وَلَا يَطْهُرُ زَيْتٌ خُولِطَ وَلَحْمٌ طُبِخَ وَزَيْتُونٌ مُلِّحَ وَبَيْضٌ صُلِقَ بِنَجَسٍ وَفَخَّارٌ بِغَوَّاصٍ)
ش: لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الطَّعَامَ يَتَنَجَّسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ فَأَخَذَ يُبَيِّنُ مَا لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي أَصَابَتْهَا النَّجَاسَةُ وَقَوْلُهُ بِنَجَسٍ مُتَعَلِّقٌ بِصُلِقَ وَيُقَدَّرُ ضَمِيرٌ فِيمَا قَبْلَهُ، وَتَنَازُعُ أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ عَوَامِلَ نَفَاهُ أَبُو حَيَّانَ وَابْنُ هِشَامٍ وَذَكَرَ الدَّمَامِينِيُّ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ إثْبَاتَهُ عَنْ بَعْضِهِمْ وَالْمُصَنَّفُ يَسْتَعْمِلُهُ وَقَوْلُهُ زَيْتٌ لَا يُرِيدُ خُصُوصِيَّةَ الزَّيْتِ بَلْ.
وَكَذَا حُكْمُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَدْهَانِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعُلِمَ أَنَّ غَيْرَ الْأَدْهَانِ مِنْ الْمَائِعَاتِ كَاللَّبَنِ
وَالْمَرَقِ أَوْلَى بِعَدَمِ قَبُولِ التَّطْهِيرِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَدْهَانِ هَلْ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَدْهَانَ يُخَالِطُهَا الْمَاءُ ثُمَّ يَنْفَصِلُ عَنْهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يُمَازِجُهَا جَمِيعَهَا وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَطْهِيرِ الزَّيْتِ الْمَخْلُوطِ بِالنَّجَسِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: أَمَّا زَيْتٌ خُلِطَ بِنَجَسٍ فَفِي تَطْهِيرِهِ بِطَبْخِهِ بِمَاءٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. ثَالِثُهَا إنْ كَثُرَ.
وَرَابِعُهَا إنْ تَنَجَّسَ بِمَا مَاتَتْ فِيهِ دَابَّةٌ لَا بِمَوْتِهَا فِي الزَّيْتِ، فَالْأَوَّلُ لِسَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَفُتْيَا ابْنِ اللَّبَّادِ، وَالثَّانِي لِلْبَاجِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالثَّالِثُ لِأَصْبَغَ، وَالرَّابِعُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَيَحْيَى بْنِ عُمَرَ، وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ أَفْتَى بِأَنَّ النَّجَاسَةَ إنْ كَانَتْ دُهْنِيَّةً فَلَا تَقْبَلُ التَّطْهِيرَ لَكِنْ إنْ كَانَ زَمَنَ مَسْغَبَةٍ جَازَ أَكْلُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْغَبَةٌ اُنْتُفِعَ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ وَالْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ كَالْبَوْلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ، وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ قَوْلًا رَابِعًا، وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِمَحِلِّ الْخِلَافِ، فَإِنَّ النَّجَاسَةَ إذَا كَانَتْ دُهْنِيَّةً فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ لِمُمَازَجَتِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ يَأْكُلُهُ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ فَلَعَلَّهُ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ: إنَّ الطَّعَامَ لَا يَنْجُسُ بِمَا خَالَطَهُ إلَّا إذَا غَيَّرَهُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ حَكَاهُ الْبُرْزُلِيُّ وَذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الزَّيْتَ لَا يَطْهُرُ وَبِذَلِكَ أَفْتَى الصَّائِغُ وَالْمَازِرِيُّ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَيْفِيَّةِ التَّطْهِيرِ أَنَّهُ يُطْبَخُ بِالْمَاءِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: كَيْفِيَّتُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ أَنْ يُؤْخَذَ إنَاءٌ فَيُوضَعَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الزَّيْتِ وَيُوضَعَ عَلَيْهِ مَاءٌ أَكْثَرُ مِنْهُ وَيَنْقُبَ الْإِنَاءَ مِنْ أَسْفَلِهِ وَيَسُدَّهُ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ يَمْخُضَ الْإِنَاءَ ثُمَّ يَفْتَحَ الْإِنَاءَ فَيَنْزِلَ الْمَاءُ وَيَبْقَى الزَّيْتُ، يَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتَّى يَنْزِلَ الْمَاءُ صَافِيًا انْتَهَى. وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ الصِّفَتَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: " وَلَحْمٌ طُبِخَ بِنَجَسٍ " شَامِلٌ لِمَا نَجُسَ، أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فِي حَالِ طَبْخِهِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُ اللَّحْمِ مِنْ الْمَطْبُوخَاتِ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَطْهِيرِ اللَّحْمِ يُطْبَخُ بِمَاءٍ نَجِسٍ، أَوْ تَقَعُ فِيهِ نَجَاسَةٌ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا إنْ وَقَعَتْ بَعْدَ طِيبِهِ، الْأَوَّلُ لِسَمَاعِ مُوسَى مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالثَّانِي لِسَمَاعِ أَشْهَبَ، وَالثَّالِثُ نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتَارَهُ وَتَبِعَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ وَهُوَ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْحَقِّ وَالصَّقَلِّيَّ نَقَلَاهُ عَنْ السُّلَيْمَانِيَّة انْتَهَى.
(قُلْتُ) كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ فِي سَمَاعِ مُوسَى مِنْ كِتَابِ الْوُضُوءِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ يَأْبَى ذَلِكَ اعْتِمَادُهُ فِي التَّوْضِيحِ تَشْهِيرُ ابْنِ بَشِيرٍ عَدَمُ الطَّهُورِيَّةِ فِي هَذَا الْأَصْلِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ إنَّمَا تَكَلَّمَ فِي اللَّحْمِ إذَا طُبِخَ بِمَاءٍ نَجِسٍ وَذَكَرَ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى مَسْأَلَةِ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ طِيبِهِ بَلْ كَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَقْبَلُ الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ إنَّهُ خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ وَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْحِسِّ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ: اللَّحْمُ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ بَعْدَ طَبْخِهِ بِمَنْزِلَةِ الْجَامِدِ مِنْ السَّمْنِ فَيُؤْكَلُ بَعْدَ أَنْ يُغْسَلَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ الْمَرَقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: " وَزَيْتُونٌ مُلِّحَ بِنَجِسٍ " بِتَخْفِيفِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِهَا أَيْ جُعِلَ فِيهِ مِلْحٌ نَجِسٌ إمَّا وَحْدَهُ وَإِمَّا مِلْحٌ مَعَ مَاءٍ نَجِسٍ وَمِثْلُهُ فِي الْجُبْنِ وَاللَّيْمُونِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لَمَّا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الزَّيْتِ النَّجِسِ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ التَّطْهِيرِ، وَمِنْهُ الزَّيْتُونُ يُمَلَّحُ بِمَاءٍ نَجِسٍ هَلْ يَطْهُرُ بِعَرْضِهِ عَلَى مَاءٍ طَاهِرٍ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ، وَأَمَّا زَيْتُونٌ مُلِّحَ بِمَاءٍ نَجِسٍ فَخَرَّجَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي اللَّحْمِ وَرَأَى إسْمَاعِيلُ طَرْحَهُ لِسُقُوطِ فَأْرَةٍ فِيهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ تَنَجَّسَ زَيْتُونٌ قَبْلَ طِيبِهِ طُرِحَ وَبَعْدَهُ غُسِلَ وَأُكِلَ انْتَهَى.
وَذَكَرَ ابْنُ الْفُرَاتِ عَنْ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ فِي صِفَةِ تَطْهِيرِ الْمِلْحِ وَالْمَطْبُوخِ إذَا أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ بَعْد نُضْجِهِ وَطَبْخِهِ أَنَّهُ يُغْسَلُ أَوَّلًا بِمَاءٍ حَارٍّ ثُمَّ ثَانِيَةً بِمَاءٍ بَارِدٍ ثُمَّ ثَالِثَةً بِحَارٍّ ثُمَّ رَابِعَةً بِبَارِدٍ وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الصِّفَةَ لِغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: " وَبَيْضٌ صُلِقَ بِنَجِسٍ " يُشِيرُ بِهِ إلَى مَا وَقَعَ فِي سَمَاع يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الضَّحَايَا فِي الْبَيْضِ يُسْلَقُ فَيُوجَدُ فِي إحْدَاهُنَّ فَرْخٌ إنْ