الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ: وَمَنْ دَاوَمَ عَلَى ذَلِكَ اُبْتُلِيَ بِالزِّنَا انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ زَرُّوق. وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي أَحْكَامِ النَّظَرِ لِابْنِ الْقَطَّانِ إنَّمَا هُوَ قَوْلٌ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بِالْكَرَاهَةِ وَرَدِّهِ وَكَذَلِكَ اخْتَصَرَهُ الْقَبَّاب وَهَذَا نَصُّ مَا اخْتَصَرَهُ الْقَبَّابُ
[مَسْأَلَةٌ نَظَرُ الْإِنْسَانِ إلَى فَرْجِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ]
(مَسْأَلَةٌ) هَلْ يَجُوزُ نَظَرُ الْإِنْسَانِ إلَى فَرْجِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى ذَلِكَ كَرَّهَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَلَا مَعْنَى لَهُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُرُوءَةِ وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ انْتَهَى، وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ عِبَارَةُ الْمُخْتَصَرِ لِأَنَّهَا حَازَتْ فِقْهَ الْأَصْلِ جَمِيعَهُ وَحَذَفَتْ أَدِلَّتَهُ وَأَبْحَاثَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا سِتْرًا لِأَحَدِ فَرْجَيْهِ)
ش قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: مَا صَحَّ عَنْ الْمَازِرِيِّ: يَجِبُ عَلَيْهِ سِتْرُ مَا قَدَرَ مِنْ عَوْرَتِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَكْفِيهِ إلَّا لِبَعْضِهَا انْتَهَى.
ص (فَإِنْ عَلِمَتْ فِي صَلَاةٍ بِعِتْقٍ مَكْشُوفَةَ رَأْسٍ أَوْ وَجَدَ عُرْيَانٌ ثَوْبًا اسْتَتَرَا إنْ قَرُبَ وَإِلَّا أَعَادَا بِوَقْتٍ)
ش يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ ثُمَّ عَلِمَتْ بِالْعِتْقِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَسْتُرُ رَأْسَهَا إنْ وَجَدَتْ عِنْدَهَا شَيْئًا قَرِيبًا تَسْتُرُ بِهِ رَأْسَهَا فَإِنْ لَمْ تَجِدْ شَيْئًا أَوْ وَجَدَتْ شَيْئًا بَعِيدًا فَإِنَّهَا تُكْمِلُ صَلَاتَهَا وَتُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا لِكَوْنِهِ لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا يَسْتَتِرُ بِهِ ثُمَّ وَجَدَ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ أَخَذَهُ وَاسْتَتَرَ بِهِ وَكَمَّلَ صَلَاتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا فَإِنَّهُ يُكْمِلُ صَلَاتَهُ ثُمَّ يُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ لَا عَاجِزَ صَلَّى عُرْيَانًا وَفِي رَسْمٍ يُوصَى لِمُكَاتِبِهِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى سَأَلْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ الْغَرِيقِ يُصَلِّي عُرْيَانًا ثُمَّ يَجِدُ ثَوْبًا وَهُوَ فِي الْوَقْتِ هَلْ يُعِيدُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ فِي سِتْرِ الْعَوْرَةِ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّاهَا فِيهِ إذْ هُوَ وَقْتُ الْوُجُوبِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْأَقْوَالِ انْتَهَى.
[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ]
(فَصْلُ وَمَعَ الْأَمْنِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ لِمَنْ بِمَكَّةَ)
ش يَعْنِي أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مَعَ الْأَمْنِ يُرِيدُ وَالْقُدْرَةِ وَالذِّكْرِ اسْتِقْبَالَ عَيْنِ الْكَعْبَةِ إلَخْ وَقَوْلُنَا: وَالْقُدْرَةِ لِيَخْرُجَ الْمَرِيضُ وَالْمَرْبُوطُ وَمَنْ تَحْتَ الْهَدْمِ وَقَوْلُنَا: وَالذِّكْرِ لِيَخْرُجَ النَّاسِي وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَاسْتِقْبَالُهُ الْكَعْبَةَ فَرْضٌ فِي الْفَرْضِ إلَّا لِعَجْزٍ قَتَّالٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ رَبْطٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ خَوْفِ لُصُوصٍ أَوْ سِبَاعٍ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ: وَوَقْتُهُ كَالتَّيَمُّمِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَمَعَ الْقُدْرَةِ لَشَمَلَ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِنَفْسِهِ حُوِّلَ إلَيْهَا فَإِنْ عُجِزَ عَنْ تَحْوِيلِهِ سَقَطَ حُكْمُ الِاسْتِقْبَالِ فِي حَقِّهِ كَالْمُسَايِفِ وَفِي الْكِتَابِ إذَا صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى وَهُوَ قَادِرٌ
عَلَى التَّحَوُّلِ وَالتَّحْوِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَ صَلَاتَهُ أَبَدًا وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لِفَقْدِ مَنْ يُحَوِّلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي إعَادَتِهِ كَمَا اُخْتُلِفَ فِي الْمَرِيضِ يُعْدَمُ مَنْ يُنَاوِلُهُ الْمَاءَ فَيَتَيَمَّمُ ثُمَّ يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ انْتَهَى. وَفِي الْوَاضِحَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ الْمَرِيضُ مَنْ يُحَوِّلُهُ لِلْقِبْلَةِ صَلَّى عَلَى حَالِهِ قَالَهُ فِي التَّيَمُّمِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَرْجَمَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ وَالْقَادِمِ وَمَنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلْيُصَلِّ الْمَرِيضُ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ وَلَا يُصَلِّي إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ فَإِنْ عَسُرَ تَحْوِيلُهُ إلَيْهَا اُحْتِيلَ فِيهِ فَإِنْ صَلَّى إلَى غَيْرِهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ إلَيْهَا ابْنُ يُونُسَ وَوَقْتُهُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ الْغُرُوبُ كَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ قَالَ أَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ: هَذَا إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ التَّحْوِيلَ إلَى الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُحَوِّلُهُ فَيُصَلِّي كَمَا هُوَ فَإِذَا قَدَرَ أَوْ وَجَدَ مَنْ يُحَوِّلُهُ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَلَوْ كَانَ وَاجِدًا مَنْ يُحَوِّلُهُ فَتَرَكَهُ وَصَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ أَعَادَ أَبَدًا كَالنَّاسِي انْتَهَى. وَقَوْله اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ يُرِيدُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَلَوْ خَرَجَ عُضْوٌ مِنْهُ عَنْ الْكَعْبَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ نَقَلَهُ ابْنُ الْمُعَلَّى فِي مَنَاسِكِهِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْإِحْرَامِ وَبَيَانِ الْمَنَاسِكِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْقَرَافِيِّ وَنَصَّهُ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ شِهَابُ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ قَرُبَ مِنْ الْكَعْبَةِ فَفَرْضُهُ اسْتِقْبَالُ السَّمْتِ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِذَا صُفَّ صَفٌّ مَعَ حَائِطِ الْكَعْبَةِ فَصَلَاةُ الْخَارِجِ عَنْهَا بِبَدَنِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَسْتَقْبِلَ بِجُمْلَتِهِ الْكَعْبَةَ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ اسْتَدَارَ قَالَ: وَكَذَلِكَ الصَّفُّ الطَّوِيلُ بِقُرْبِ الْكَعْبَةِ يُصَلُّونَ دَائِرَةً وَقَوْسًا إنْ قَصَرُوا عَنْ الدَّائِرَةِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْعَارِضَةِ: الْفَرْضُ فِي الِاسْتِقْبَالِ لِمَنْ عَايَنَ الْبَيْتَ عَيْنَهُ وَلِمَنْ غَابَ عَنْهُ نَحْوَهُ وَقَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: يَلْزَمُ طَلَبُ الْعَيْنِ وَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا، فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ لِأَحَدٍ وَمَا لَا يُمْكِنُ لَا يَقَعُ بِهِ التَّكْلِيفُ وَإِنَّمَا الْمُمْكِنُ طَلَبُ الْجِهَةِ فَكُلُّ أَحَدٍ يَقْصِدُ قَصْدَهَا وَيَنْحُو نَحْوَهَا بِحَسَبِ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ قَلَّدَ أَهْلَ الِاجْتِهَادِ انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ الْعَامِّيُّ: يُصَلِّي فِي كُلِّ مَسْجِدٍ أَوْ جَنْبٍ كُلُّ أَحَدٍ وَالْمُجْتَهِدُ يَجْتَنِبُ الْمَسَاجِدَ الْمُخَالِفَةَ لِلْحَقِّ فَإِنْ دَعَتْهُ إلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ وَصَلَّى وَانْحَرَفَ إنْ أَمِنَ مِنْ الْمَقَالَةِ السَّيِّئَةِ وَالْعُقُوبَةِ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ صَلَّى هُنَالِكَ وَأَعَادَ فِي بَيْتٍ أَوْ مَسْجِدٍ عَلَى الصَّوَابِ انْتَهَى.
. ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْثِ مَعَ الشَّافِعِيِّ فِيمَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ: قُلْنَا إذَا اجْتَهَدَ فِي مَكَّةَ فَأَخْطَأَ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ لِوُجُودِ النَّصِّ وَإِذَا اجْتَهَدَ فِي غَيْرِ مَكَّةَ لَمْ يُعِدْ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: أَمَّا لَوْ خَرَجَ عَنْ السَّمْتِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ كَانَ فِي الصَّفِّ وَكَذَا مَنْ بِمَكَّةَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ اسْتَبْدَلَ فَإِنْ قَدَرَ بِمَشَقَّةٍ فَفِي الِاجْتِهَادِ نَظَرٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ خَرَجَ عَنْ السَّمْتِ وَاضِحٌ لِكَوْنِهِ خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ.
وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ مَنْ بِمَكَّةَ أَيْ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْمُسَامَتَةُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَطْلُعَ عَلَى سَطْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَعْرِفَ سَمْتَ الْكَعْبَةِ بِالْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ اسْتَدَلَّ كَمَا لَوْ كَانَ بِلَيْلٍ مُظْلِمٍ وَاسْتِدْلَالُهُ بِالْمَطَالِعِ وَالْمَغَارِبِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ قَدَرَ بِمَشَقَّةٍ أَيْ عَلَى الْمُسَامَتَةِ كَمَا لَوْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى صُعُودِ السَّطْحِ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ أَوْ مَرِيضٌ وَالتَّرَدُّدُ حَكَاهُ ابْنُ شَاسٍ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ اسْتَدَلَّ يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ فَإِنَّهُ يَسْتَدِلُّ بِأَعْلَامِ الْبَيْتِ مِثْلِ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ يَسْتَدِلُّ بِالْمَطَالِعِ وَالْمَغَارِبِ إنْ كَانَ لَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ.
ص (فَإِنْ شُقَّ فَفِي الِاجْتِهَادِ نَظَرٌ)
ش: قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الصَّوَابُ الْمَنْعُ.
ص (وَبَطَلَتْ إنْ خَالَفَهَا وَلَوْ صَادَفَ)
ش: يُشِيرُ إلَى مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ عَنْ صَاحِبِ الطِّرَازِ وَنَصُّهُ: قَالَ إذَا أَدَّاهُ الِاجْتِهَادُ إلَى جِهَةٍ فَصَلَّى إلَى غَيْرِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى إلَى الْكَعْبَةِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ قَالَ: كَمَا لَوْ صَلَّى ظَانًّا أَنَّهُ مُحْدِثٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ انْتَهَى
ص (وَصَوْبَ سَفَرٍ قَصَرَ
لِرَاكِبٍ دَابَّةً فَقَطْ)
ش: قَوْلُهُ: قَصَرَ هُوَ شَرْطٌ فِي صَلَاتِهِ عَلَى الدَّابَّةِ اسْتَقْبَلَ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ سَفَرَ قَصْرٍ فَلَا يَتَنَفَّلُ عَلَى الدَّابَّةِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ فِي تَرْجَمَةِ الَّذِي يَقْدَحُ الْمَاءَ مِنْ عَيْنَيْهِ: وَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يَتَنَفَّلَ عَلَى الْأَرْضِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَأَنْ يُصَلِّيَ فِي السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَر فِي مِثْلِهِ عَلَى دَابَّتِهِ أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ الْوِتْرَ وَرَكْعَتِي الْفَجْرِ وَالنَّافِلَةَ وَيَسْجُدَ إيمَاءً وَإِذَا قَرَأَ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ أَوْمَأَ فَأَمَّا فِي سَفَرٍ لَا يُقْصَر فِيهِ أَوْ فِي حَضَرٍ فَلَا وَإِنْ كَانَ إلَى الْقِبْلَةِ انْتَهَى. أَبُو الْحَسَنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَلَا يَتَنَفَّلُ الْمُسَافِرُ وَهُوَ مَاشٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) إذَا انْحَرَفَ إلَى جِهَةٍ بَعْدَ الْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا سَهْوٍ فَإِنْ كَانَتْ الْقِبْلَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا الْأَصْلُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَمَّا إذَا ظَنَّ أَنَّ تِلْكَ طَرِيقُهُ أَوْ غَلَبَتْهُ دَابَّتُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فَلَوْ وَصَلَ مَنْزِلًا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ نَزَلَ وَأَتَمَّ بِالْأَرْضِ رَاكِعًا وَسَاجِدًا إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْإِيمَاءَ فِي النَّافِلَةِ لِلصَّحِيحِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ عَلَى دَابَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْزِلَ إقَامَةٍ خَفَّفَ قِرَاءَتَهُ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ عَلَى الدَّابَّةِ لِأَنَّهُ يَسِيرُ انْتَهَى مِنْ الذَّخِيرَةِ عَنْ صَاحِبِ الطِّرَازِ.
ص (وَإِنْ بِمَحْمَلٍ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ تَنَفَّلَ فِي مَحْمَلِهِ فَقِيَامُهُ تَرَبُّعٌ وَيَرْكَعُ كَذَلِكَ وَيَدَاهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَإِذَا رَكَعَ رَفَعَهُمَا وَيُومِئُ بِالسُّجُودِ وَقَدْ ثَنَى رِجْلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِر أَوْمَأَ مُتَرَبِّعًا وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُصَلِّي فِي مَحْمَلِهِ يَعْيَا فَيَمُدُّ رِجْلَيْهِ أَرْجُو خِفَّتَهُ وَلَا يُصَلِّي مُحَوِّلًا وَجْهَهُ لِدُبُرِ الْبَعِيرِ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ كَانَ تَحَوُّلُهُ تِلْقَاءَ الْكَعْبَةِ وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ لَا بَأْسَ بِتَنْحِيَةِ وَجْهِهِ عَنْ الشَّمْسِ تَسْتَقْبِلُهُ وَرَوَى اللَّخْمِيُّ يَرْفَعُ عِمَامَتَهُ عَنْ جَبْهَتِهِ إذَا أَوْمَأَ وَيَقْصِدُ الْأَرْضَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يَسْجُدْ عَلَى قَرَبُوسِهِ وَيَضْرِبْ دَابَّةَ رُكُوبِهِ وَغَيْرَهَا وَلَا يَتَكَلَّمْ.
ص (فِي نَفْلٍ)
ش: يَخْرُجُ بِهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَدْ صَرَّحَ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّهَا لَا تُصَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْجَوَاهِرِ قَالَ فِي الطِّرَازِ الثَّانِي: الَّذِي يَسْتَقْبِلُ فِيهِ وَلَا يُصَلِّي فَرِيضَةً وَلَا صَلَاةَ جِنَازَةٍ عَلَى رَاحِلَتِهِ انْتَهَى وَذَكَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ فِي أَوَّلِ بَابِ الِاسْتِقْبَالِ.
ص (وَإِنْ وَتْرًا) ش وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَتْرَهُ بِالْأَرْضِ وَلَوْ كَانَتْ نِيَّتُهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ عَلَى دَابَّتِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
ص (وَقَلَّدَ غَيْرَهُ عَارِفًا مُكَلَّفًا)
ش: قَالَ
الشَّارِحُ الضَّمِيرُ الْمَخْفُوضُ بِغَيْرِ رَاجِعٌ إلَى الْمُجْتَهِدِ أَيْ وَقَلَّدَ غَيْرَ الْمُجْتَهِدِ وَهُوَ الْأَعْمَى الْعَاجِزُ وَالْبَصِيرُ الْجَاهِلُ مُكَلَّفًا عَارِفًا انْتَهَى. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَأَمَّا الْبَصِيرُ الْجَاهِلُ بِالْأَدِلَّةِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ لَاهْتَدَى لَزِمَهُ السُّؤَالُ وَلَا يُقَلِّدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ يُهْتَدَى يَجْتَهِدُ فَفَرْضُهُ التَّقْلِيدُ
ص (وَمُنْحَرِفٌ يَسِيرًا)
ش: هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَكَّةَ وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ انْحَرَفَ يَسِيرًا بِغَيْرِ مَكَّةَ بَنَى مُسْتَقْبِلًا انْتَهَى. وَلَمْ يَنْقُلْ فِيهِ خِلَافًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ)
ش:.
(فَائِدَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي إعْلَامِ السَّاجِدِ بِأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَخَصَائِصِهِ السَّابِعِ قَالَ ابْنُ الْقَاضِي: مَنْ صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ فَأَخْطَأَ إلَى الْحَرَمِ جَازَ «لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْبَيْتُ قِبْلَةٌ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ وَالْمَسْجِدُ لِأَهْلِ الْحَرَمِ وَالْحَرَمُ لِأَهْلِ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا» هَكَذَا حَكَاهُ عَنْهُ الْقَاضِي أَبُو سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْإِشْرَافِ عَنْ غَوَامِضِ الْحُكُومَاتِ وَهُوَ غَرِيبٌ وَقَدْ نَقَلَهُ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ أَيْضًا فِي أَوَاخِرِ آدَابِ الْقَضَاءِ عَنْهُ عَنْ أَصْحَابِنَا فَقَالَ ابْنُ أَبِي أَحْمَدَ: قَالَ أَصْحَابُنَا: مَنْ تَوَجَّهَ إلَى الْبَيْتِ وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْهُ فَأَخْطَأَ إلَى الْحَرَامِ جَازَ وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثُ انْتَهَى. وَهَذَا شَيْءٌ لَا نَعْرِفُهُ لِأَصْحَابِنَا. نَعَمْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: الْكَعْبَةُ قِبْلَةٌ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ وَالْمَسْجِدُ قِبْلَةُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْحَرَمُ قِبْلَةُ أَهْلِ الدُّنْيَا وَهَذَا النَّقْلُ عَنْهُ غَرِيبٌ قُلْتُ وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْمَكِّيِّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْبَيْتُ قِبْلَةٌ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ وَالْمَسْجِدُ قِبْلَةٌ لِأَهْلِ الْحَرَمِ وَالْحَرَمُ قِبْلَةٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ» ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَالْحَمْلُ فِيهِ عَلَيْهِ انْتَهَى.
ص (وَجَازَتْ سُنَّةً فِيهَا وَفِي الْحِجْرِ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ وَظَاهِرُهُ وَتْرًا أَوْ غَيْرَهُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا: لَا يُصَلَّى فِيهَا فَرْضٌ أَوْ وَتْرٌ أَوْ رَكْعَتَا الْفَجْرِ أَوْ طَوَافٌ وَاجِبٌ وَرَجَعَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَنْعِ رَكْعَتِي الْفَجْرِ فِيهِ إلَى جَوَازِهِمَا فِيهِ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ: وَيَلْتَحِقُ بِالْفَرِيضَةِ نَوَافِلُ فِي كَوْنِهَا لَا تُصَلَّى فِي الْكَعْبَةِ الْمَكِّيُّ
فِي تَارِيخِهِ الْمُسَمَّى شِفَاءَ الْغَرَامِ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ وَهِيَ السُّنَنُ كَالْعِيدَيْنِ وَالْوَتْرِ وَرَكْعَتِي الْفَجْرِ وَرَكْعَتِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ فَإِنْ صَلَّيْت هَذِهِ النَّوَافِلَ فِي الْكَعْبَةِ فَلَا تُجْزِئُ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ وَتُجْزِئُ عَلَى رَأَى أَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُعِيدُ الْفَرْضَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَلَا يُعِيدُهَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا يُعِيدُهَا وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ فِي بَابِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَلْزَمُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَنَصُّهُ: وَلَا يُصَلِّي فِيهِ يَعْنِي الْحِجْرَ وَلَا فِي الْكَعْبَةِ السُّنَنَ فَإِنْ صَلَّى فِيهِ أَوْ فِيهَا رَكْعَتِي الطَّوَافِ فَهَلْ يُكْتَفَى بِهِمَا؟ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ وَهُمَا عَلَى مَا قَدَّمْتُهُ فِي الْمُصَلِّي فِي الْكَعْبَةِ هَلْ يُعِيدُ أَبَدًا أَمْ لَا؟ انْتَهَى. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ النَّاسِيَ إنَّمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، فَالنَّاسِي هُنَا لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْعَامِدُ فَقَدْ اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي ذَلِكَ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ النَّاسِي وَأَنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُعِيدُ هَذِهِ النَّوَافِلَ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَوْ صُلِّيَتْ لَا تُجْزِئُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ فِي شِفَاءِ الْغَرَامِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ الصَّلَاةُ فِي الْحِجْرِ كَالصَّلَاةِ فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: مَنْ رَكَعَ رَكْعَتِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ فِي الْحِجْرِ وَرَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَرْكَعُهُمَا وَيَبْعَثُ بِهَدْيٍ فَأَجْرَاهُ مَجْرَى مَنْ لَمْ يَرْكَعْهُمَا وَقَدْ تُعُقِّبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ عِنْدنَا وَإِنَّمَا يُعِيدُ لِيَأْتِيَ بِمَا هُوَ أَكْمَلُ فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يُعِيدَ بِهَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ إذَا وَصَلَ إلَى بَلَدِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ فَوَاتَ وَقْتِ الصَّلَاةِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ فِي الْحِجْرِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ رَكَعَ فِيهِ الرَّكْعَتَيْنِ الْوَاجِبَتَيْنِ عَنْ طَوَافِ السَّعْي وَالْإِفَاضَةِ أَعَادَ وَاسْتَأْنَفَ مَا كَانَ بِمَكَّةَ فَإِنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ رَكَعَهُمَا وَبَعَثَ بِهَدْيٍ ابْنُ يُونُسَ حَمَلَهُ فِي الْفَرِيضَةِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَكَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ لَا يُعِيدَ الرَّكْعَتَيْنِ إذَا بَلَغَ بَلَدَهُ لِذَهَابِ الْوَقْتِ وَيَجِبُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَنْ يُعِيدَ الْفَرِيضَةَ أَبَدًا وَإِلَّا كَانَتْ تَنَاقُضًا ابْنُ نَاجِي مَا ذَكَرَهُ سَبَقَهُ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعْزِ مَا تَقَدَّمَ إلَّا لِأَصْبَغَ انْتَهَى، وَكَلَامُ عَبْدِ الْحَقِّ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ وَفِي التَّهْذِيبِ عَنْ أَصْبَغَ: يُعِيدُ الْفَرْضَ فِي الْوَقْتِ وَرَكْعَتَا طَوَافِ السَّعْي وَالْإِفَاضَةِ كَتَرْكِهِمَا عَبْدُ الْحَقِّ تَنَاقُضٌ فَيَخْرُجُ قَوْلُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى انْتَهَى، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَنَاقُضٍ وَإِنَّمَا قَالَ: يُعِيدُ الرُّكُوعَ بَعْدَ الرُّجُوعِ إلَى بَلَدِهِ تَأَسُّفًا عَلَى مَا فَاتَهُ لِيَكُونَ لَهُ بَدَلًا مِثْلُ مَا قِيلَ فِيمَنْ فَاتَهُ الْفَجْرُ يُصَلِّيه بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِيَكُونَ لَهُ بَدَلًا وَتَأَسُّفًا عَلَى مَا فَاتَهُ انْتَهَى. وَاَلَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّ صَلَاةَ هَذِهِ السُّنَنِ فِي الْكَعْبَةِ وَالْحِجْرِ ابْتِدَاءً لَا يَجُوزُ وَبَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ تُجْزِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي إعَادَةِ الْفَرْضِ أَبَدًا أَوْ فِي الْوَقْتِ، وَالرَّاجِحُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَعَلَى الرَّاجِحِ إذَا صَلَّى هَذِهِ السُّنَنَ فِي الْحِجْرِ أَوْ فِي الْكَعْبَةِ أَجْزَأَتْهُ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ وَجَعَلَهُ الْمَشْهُورَ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجَازَتْ سُنَّةً أَيْ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ لَا أَنَّهَا تَجُوزُ ابْتِدَاءً فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (لِأَيِّ جِهَةٍ)
ش: ظَاهِرُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحِجْرِ جَائِزَةٌ أَيْضًا لِأَيِّ جِهَةٍ وَلَوْ اسْتَدْبَرَ الْبَيْتَ أَوْ انْحَرَفَ عَنْهُ إلَى الشَّرْقِ أَوْ الْغَرْبِ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَلَا يَجُوزُ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِي صِحَّةِ اسْتِقْبَالِ الْحِجْرِ مِنْ خَارِجٍ قَالَ اللَّخْمِيّ: وَمَنَعَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ فِي الْحِجْرِ وَلَمْ يَقُلْ فِي التَّوَجُّهِ إلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ خَارِجٍ شَيْئًا، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الصَّلَاةَ إلَيْهِ بَاطِلَةٌ لَا تُجْزِئُ لِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ أَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ وَقَدْ تَوَاتَرَتْ أَخْبَارٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ وَلِهَذَا
تُرِكَ مُحَجَّرًا عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَمَرَّتْ الْأَعْصَارُ عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ وَالْأَخْبَارُ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَلَوْ صَلَّى مُصَلٍّ إلَيْهَا لَمْ أَرَ عَلَيْهِ إعَادَةً وَهَذَا فِي مِقْدَارِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ وَأَمَّا مَا زِيدَ عَلَيْهَا فَإِنَّمَا زِيدَ لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مَرْكَنًا فَيُؤْذِي الطَّائِفِينَ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ وَلِهَذَا تُرِكَ مُحَجَّرًا عَلَيْهِ إلَخْ يَعْنِي وَلِأَجَلِ أَنَّ الْحِجْرَ مِنْ الْبَيْتِ تُرِكَ الْبَيْتُ مُحَجَّرًا عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ: ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ اللَّخْمِيّ الْمَذْكُورَ وَقَوْلَ عِيَاضٍ: الْمَقْصُودُ اسْتِقْبَالُ بِنَائِهِ لَا بُقْعَتِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْبُقْعَةُ لَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْحِجْرِ يُبْطِلُهَا وَلَوْ تُيُقِّنَ كَوْنُهُ مِنْهَا انْتَهَى. وَمَوْضِعُ اسْتِدْلَالِ عِيَاضٍ الْمَقْصُودُ اسْتِقْبَالُ بِنَائِهِ لَا بُقْعَتِهِ لَا قَوْلُهُ لَاتَّفَقُوا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَفْي الِاتِّفَاقِ وَلَمْ يَدَّعِهِ اللَّخْمِيُّ وَلَا غَيْرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ اسْتِقْبَالِهِ مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ لَمَّا حَكَى الْخِلَافَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ وَعَلَى ظَهْرِهَا قَالَ: وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ الْمَقْصُودُ فِي الِاسْتِقْبَالِ بَعْضُ هَوَائِهَا أَوْ بَعْضُ بِنَائِهَا أَوْ جُمْلَةُ بِنَائِهَا وَهَوَائِهَا؟ الْأَوَّلُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَسَوَّى بَيْنَ دَاخِلِ الْبَيْتِ وَظَهْرِهِ لِوُجُودِ الْهَوَاءِ، وَالثَّانِي مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَسَوَّى بَيْنَ جُزْءِ الْبِنَاءِ دَاخِلَ الْبَيْتِ.
وَعَلَى ظَهْرِهِ، وَالثَّالِثُ مَذْهَبُنَا وَهُوَ مُقْتَضَى ظَاهِرِ النُّصُوصِ، فَإِنَّ جُزْءَ الْبِنَاءِ لَا يُسَمَّى بِنَاءً وَلَا كَعْبَةً وَأَبْعَدُ مِنْهُ جُزْءُ الْهَوَاءِ انْتَهَى. وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَبْلَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَلَوْ تَنَفَّلَ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي خَارِجِ الْكَعْبَةِ إلَى غَيْرِ الْكَعْبَةِ وَوَلَّاهَا ظَهْرَهُ لَعُوقِبَ انْتَهَى، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ هَذَا الْعُمُومُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي رَسْمِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي آخِرِ شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ التَّاسِعَةِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ، قَالَ: وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ صَلَّى بِمَكَّةَ إلَى الْحِجْرِ فَقِيلَ: لَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ أَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ وَقِيلَ تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ لِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ وَذَلِكَ فِي مِقْدَارِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِنَّمَا زِيدَ فِيهِ لِئَلَّا يَكُونَ مَرْكَنًا فَيُؤْذِي الطَّائِفِينَ انْتَهَى، وَذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ مُخْتَصَرًا قَالَ: وَحَكَى فِي الْبَيَانِ فِي التَّوَجُّهِ إلَيْهِ قَوْلَيْنِ انْتَهَى. وَلَعَلَّ الْقَوْلَيْنِ هُمَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمَ وَفِي مَنَاسِكَ ابْنِ جَمَاعَةَ الْكَبِيرِ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الْعَاشِرِ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْمُصَلِّي الْحِجْرَ وَلَمْ يَسْتَقْبِلْ الْكَعْبَةَ الشَّرِيفَةَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَقَالَ اللَّخْمِيّ: إنَّهُ لَوْ صَلَّى إلَيْهِ مُصَلٍّ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ إعَادَةً فِي مِقْدَارِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ وَعِنْدَ الْحَنَابِلَة فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى. فَعُلِمَ مِنْ هَذَا تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ جَوَازِ الصَّلَاةِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مَذْهَبَ الْمَالِكِيَّةِ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ: بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَالْحِجْرِ لَا يُصَلَّى إلَى الْحِجْرِ فَانْظُرْهُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْكَبِيرِ أَنَّ قَوْلَهُ لِأَيِّ جِهَةٍ رَاجِعٌ لِلْكَعْبَةِ وَنَصُّهُ قَوْلُهُ لِأَيِّ جِهَةٍ أَيْ وَلَوْ جِهَةُ بَابِهَا وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُصَلِّي إلَى جِهَةِ بَابِهَا، قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَاسْتُحِبَّ أَيْضًا أَنْ يُصَلِّيَ إلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي جَاءَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى إلَيْهَا انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْفُرَاتِ فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُهُ لِأَيِّ جِهَةٍ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَرُوِيَ عَنْهُ اسْتِحْبَابُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَى الْبَابِ وَفِي الْبَيَانِ رَأَى مَالِكٌ أَوَّلًا الصَّلَاةَ فِيهَا إلَى أَيِّ نَوَاحِيهَا شَاءَ إذْ لَا فَرْقَ ثُمَّ اُسْتُحِبَّ الصَّلَاةُ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي جَاءَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى إلَيْهَا انْتَهَى. وَكَلَامُ الْبَيَانِ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ هُوَ فِي رَسْمِ الْقَرِينَانِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ تَخْيِيرَهُ الرَّاكِعَ فِيهِ فِي أَيِّ نَوَاحِيه ثُمَّ رَجَعَ إلَى اسْتِحْبَابِ جَعْلِ الْبَابِ خَلْفَهُ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ فَانْظُرْ - رَحِمَك اللَّهُ - بِعَيْنِ الْإِنْصَافِ وَتَأَمَّلْ كَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِأَيِّ جِهَةٍ عَلَى أَنَّهُ عَائِدٌ لِلْحِجْرِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ إلَيْهِ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الصِّحَّةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَكَلَّمُ فِي الْجَوَازِ ابْتِدَاءً
ثُمَّ إنَّ الْقَوْلَ بِصِحَّةِ اسْتِقْبَالِهِ إنَّمَا هُوَ لِلَّخْمِيِّ وَلَمْ يُرَجِّحْهُ أَحَدٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ وَلَا نَعْلَمُ فِي الْمَذْهَبِ شَيْئًا يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ، وَنَقَلَ ابْنُ جَمَاعَةَ أَنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنُ جَمَاعَةَ رَجُلٌ ثِقَةٌ فِي النَّقْلِ وَأَيْضًا فَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ وَلَوْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ لَنُقِلَ بَلْ الْمَنْقُولُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَانَ بِمَكَّةَ وَكَانَتْ قِبْلَتُهُ إلَى الشَّامِ كَانَ يُحِبُّ أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةَ فَكَانَ يُصَلِّي بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ فَإِذَا كَانَ يُحِبُّ أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَهَا وَهِيَ غَيْرُ قِبْلَةٍ فَكَيْفَ يُمْكِنُ اسْتِدْبَارُهَا مَعَ كَوْنِهَا قِبْلَةً وَأَيْضًا فَمِنْ الْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ فِي بَابِ الْقِبْلَةِ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْيَقِينِ تَمْنَعُ الِاجْتِهَادَ فَكَيْفَ يَتْرُكُ الْقِبْلَةَ الْمَقْطُوعَ بِهَا وَيُصَلِّي إلَى مَا لَا يُقْطَعُ بِهِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِخَبَرِ الْآحَادِ وَاخْتَلَفَتْ الْآثَارُ فِي قَدْرِهِ وَاَلَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأُدِينُ اللَّهَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةَ وَيَسْتَقْبِلَ الشَّامَ أَوْ يَجْعَلَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ وَيَسْتَقْبِلَ الشَّرْقَ أَوْ الْغَرْبَ وَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَيُنْهَى عَنْهُ مَنْ فَعَلَهُ فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجَازَتْ سُنَّةً فِيهَا وَفِي الْحِجْرِ لِأَيِّ جِهَةٍ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ التَّنَفُّلُ فِي الْكَعْبَةِ الْمَذْكُورَةِ قِيلَ وَفِي الْحِجْرِ لِأَنَّهُ مِنْهَا لِأَيِّ جِهَةٍ كَانَ لِأَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بَعْضًا مِنْهَا عَلَى كُلِّ وَجْهٍ انْتَهَى كَلَامُهُ، هَذَا مُشْكِلٌ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِأَيِّ جِهَةٍ عَائِدٌ عَلَى الْحِجْرِ وَالْكَعْبَةِ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَا مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ ثُمَّ ذَكَرَ الْبِسَاطِيُّ فِي آخِرِ فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ كَلَامًا أَشَدَّ مِنْ الْأَوَّلِ فَانْظُرْهُ.
ص (لَا فَرْضٌ فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ)
ش: يَعْنِي لَا يُصَلَّى فِيهَا وَلَا فِي الْحِجْرِ فَرْضٌ وَهَلْ النَّهْيُ عَلَى الْمَنْعِ أَوْ الْكَرَاهَةِ؟ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَا يَجُوزُ الْفَرْضُ وَلَا السُّنَنُ وَلَا النَّافِلَةُ الْمُؤَكَّدَةُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيِّ: كَرِهَ الْفَرْضَ فِيهَا مَالِكٌ وَأَعَادَهُ فِي الْوَقْتِ انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْمُسَمَّى شِفَاءَ الْغَرَامِ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ وَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ لَا تَصِحُّ فِي الْكَعْبَةِ وَأَنَّ مَنْ صَلَّاهَا فِيهَا أَعَادَ الصَّلَاةَ وَاخْتَلَفَ شُيُوخُ الْمَذْهَبِ فِي الْإِعَادَةِ هَلْ تَكُونُ فِي الْوَقْتِ أَوْ أَبَدًا انْتَهَى، وَهُنَا بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ الْبَيْتِ كَمَا يَقُولُ فِي الْحِجْرِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَنْ صَلَّى مُلَاصِقًا لِلْبَيْتِ بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا رَكَعَ صَارَ رَأْسُهُ وَصَدْرُهُ عَلَى الشَّاذَرْوَانَ فَهَلْ يُعِيدُ أَوْ لَا؟ يُعِيدُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُعِيدُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُعِيدُ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ هَلْ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ أَوْ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ؟ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ فَرِيضَةً أَعَادَ فِي الْوَقْتِ كَمَنْ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُ شَبَّهَ هَذِهِ بِتِلْكَ وَتِلْكَ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَبَطَلَ فَرْضٌ عَلَى ظَهْرِهَا)
ش اتَّفَقَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَة عَلَى نَقْلِ الْمَنْعِ فِيهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ التَّنَفُّلَ فَوْقَهَا وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْفَرْضُ عَلَى ظَهْرِهَا مَمْنُوعٌ ابْنُ حَبِيبٍ وَالنَّفَلُ الْجَلَّابُ لَا بَأْسَ بِنَفْلِهِ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ فِي شِفَاءِ الْغَرَامِ: وَأَمَّا النَّافِلَةُ عَلَى سَطْحِ الْكَعْبَةِ فَلَا تَصِحُّ عَلَى مُقْتَضَيْ مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ