الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُجْزِيهَا الْمَسْحُ بِالْحَجَرِ مِنْ الْبَوْلِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَدَّى مَخْرَجَهُ وَيَجْرِي إلَى مَقَاعِدِهِنَّ وَكَذَلِكَ الْخَصِيُّ انْتَهَى وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَوْلُ امْرَأَةٍ أَنَّ حُكْمَهَا فِي الْغَائِطِ كَحُكْمِ الرَّجُلِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ إذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ]
(فَرْعٌ) إذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ وَصَارَ الْخَارِجُ يَخْرُجُ مِنْ ثَقْبِهِ فَهَلْ يَكْفِي فِيهِ الِاسْتِجْمَارُ أَوْ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ؟ قَالَ فِي الطِّرَازِ: رُخْصَةُ الِاسْتِجْمَارِ مُخْتَصَّةٌ بِمَحِلِّ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ دُونَ سَائِرِ الْجَسَدِ فَإِذَا خَرَجَتْ النَّجَاسَةُ مِنْ سَائِرِ الْجَسَدِ عَدَا الْمَخْرَجَيْنِ أُمِرَ بِالْغُسْلِ، وَهَذَا قَوْلُ الْجَمَاعَةِ فَلَوْ انْفَتَحَ مَخْرَجٌ آخَرُ لِلْخُبُثِ هَلْ يَسْتَجْمِرُ فِيهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَجْمِرُ فِيهِ إذَا اسْتَمَرَّ وَصَارَ كَالْمُعْتَادِ انْتَهَى وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْفَتْحُ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ فَإِنَّهُ صَارَ كَالْمَخْرَجِ كَمَا سَيَأْتِي فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُنْفَتِحُ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ لَمْ يَنْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ الْمُنْفَتِحِ هَلْ يُنْقَضُ الْوُضُوءُ أَمْ لَا؟ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالنَّقْضِ فَيَكْفِي فِيهِ الِاسْتِجْمَارُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ النَّقْضِ فَلَا يَكْفِي فَتَأَمَّلْهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ الْمَخْرَجِ لَا يَنْتَشِرُ عَنْ مَحِلِّ خُرُوجِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ يَنْتَشِرُ فَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَوْلِ الْمَرْأَةِ وَالْخَصِيِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ص (وَمَذْيٌ بِغَسْلِ ذَكَرِهِ كُلِّهِ فَفِي النِّيَّةِ وَبُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِهَا أَوْ تَارِكِ كُلِّهِ قَوْلَانِ)
ش قَالَ فِي الْمُنْتَقَى لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى النِّيَّةِ وَأَمَّا غَسْلُ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ فَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ كَغَسْلِ النَّجَاسَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ يَعْنِي نَفْسَهُ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى تَجْدِيدِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ تَتَعَدَّى مَحِلَّ وُجُوبِهَا وَلَمْ يَعْزُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ إلَّا لِلْإِبْيَانِيِّ، وَكَذَا ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ، انْتَهَى. وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِبَعْضِهِمْ وَعَزَا مُقَابِلَهُ لِلشَّيْخِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَكَذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ رَاشِدٍ.
وَقَوْلُهُ: وَبُطْلَانُ صَلَاةِ تَارِكِهَا يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ النِّيَّةِ فَغَسَلَهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَرْكِ النِّيَّةِ أَوْ لَا تَبْطُلُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ؟ قَوْلَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ هُوَ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ النِّيَّةِ فَمَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا، قَالَ: تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا وَمَنْ قَالَ: لَا تَجِبُ قَالَ: لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا وَكَلَامُهُ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي التَّنْبِيهِ فَقَالَ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِغَسْلِ جَمِيعِهِ هَلْ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ أَوْ لَا ثُمَّ قَالَ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِافْتِقَارِهِ إلَى نِيَّةٍ لَوْ غَسَلَهُ بِلَا نِيَّةٍ وَصَلَّى هَلْ يُعِيدُ أَوْ لَا؟ وَمُقْتَضَى إيجَابِ النِّيَّةِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ وَتَرْكُ الْإِعَادَةِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: أَوْ تَارِكِ كُلِّهِ، قَوْلَانِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ غَسْلَ ذَكَرِهِ كُلِّهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى غَسْلِ مَحِلِّ الْأَذَى فَاخْتُلِفَ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْإِبْيَانِيِّ أَوْ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَاخْتُلِفَ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ تَرَكَ غَسْلَ جَمِيعِ الذَّكَرِ فَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: لَا يُعِيدُ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ، وَقَالَ الْإِبْيَانِيُّ: يُعِيدُ أَبَدًا. وَأَجْرَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ غَسْلَ جَمِيعِ الذَّكَرِ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ، انْتَهَى. وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ مَنْ لَمْ يَغْسِلْ إلَّا مَخْرَجَ الْأَذَى وَصَلَّى لَمْ يُعِدْ الصَّلَاةَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَيَغْسِلُهُ لِمَا يَسْتَقْبِلُ وَيَتَوَضَّأُ انْتَهَى فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا غَسَلَ ذَكَرَهُ فَالْغَالِبُ أَنْ يُنْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَلَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ وَيَحْتَرِزَ مِنْ مَسِّ ذَكَرِهِ بِبَاطِنِ الْكَفِّ وَالْأَصَابِعِ وَجَنْبِهِمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ وُضُوءَهُ صَحِيحٌ قَدْ صَلَّى بِهِ وَحُكِمَ بِصِحَّةِ بُطْلَانِهِ فَتَأَمَّلْهُ.
قُلْت وَنَقَلَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ قَوْلًا ثَالِثًا فَقَالَ: وَاخْتُلِفَ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى غَسْلِ مَحَلِّ الْأَذَى فَقَالَ الْإِبْيَانِيُّ: يُعِيدُ أَبَدًا، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ نَقَلَهُ الْقَفْصِيُّ فِي أَسْئِلَتِهِ عَنْهُ وَبِهِ كَانَ بَعْضُ مَنْ لَقِيتُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ يُفْتِي، انْتَهَى. نَقَلَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ هَذَا الْقَوْلَ
الثَّالِثَ لَكِنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّهُ جَارٍ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غَسْلُ الْمَذْيِ مُقَارِنًا لِلْوُضُوءِ وَرَأَى أَنَّ غَسْلَهُ لَمَّا كَانَ تَعَبُّدًا أَشْبَهَ بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ فِي التَّنْبِيهِ وَاسْتَقْرَأَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَغْسِلُ الذَّكَرَ عِنْدَ إرَادَةِ الْوُضُوءِ فَإِنْ غَسَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ وَعُوِّلَ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَلْزَمُ غَسْلُ الْأُنْثَيَيْنِ عِنْدَ الْوُضُوءِ وَمِنْ الْمَذْيِ إلَّا أَنَّهُ يُخْشَى أَنْ يُصِيبَهُمَا إنَّمَا عَلَيْهِ غَسْلُ ذَكَرِهِ فَعُوِّلَ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ ظَانًّا أَنَّ مُرَادَهُ إنَّمَا عَلَيْهِ غَسْلُ ذَكَرِهِ إذَا أَرَادَ الْوُضُوءَ وَهَذَا اسْتِقْرَاءٌ فِيهِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنْ لَا يَغْسِلَ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنَّمَا يَغْسِلُ الذَّكَرَ خَاصَّةً انْتَهَى وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ بَشِيرٍ بِاخْتِصَارٍ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ.
ص (وَلَا يَسْتَنْجِي مِنْ رِيحٍ)
ش: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَسْتَنْجِي مِنْ الرِّيحِ قَالَ سَنَدٌ هَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَذَكَرَ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْإِشْرَافِ أَنَّ قَوْمًا يُخَالِفُونَ فِي ذَلِكَ كَأَنَّ الْقَائِلَ بِذَلِكَ يَرَى أَنَّ الرِّيحَ تَنْقُلُ أَجْزَاءً مِنْ النَّجَاسَةِ تُدْرِكُ نَجَاسَةَ الشَّمِّ وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الرِّيحَ لَيْسَ بِنَجِسٍ وَلَوْ وَجَبَ مِنْهُ الِاسْتِنْجَاءُ لَوَجَبَ غَسْلُ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ يَلْقَاهُ فَإِنْ قِيلَ: تَصْحَبُهُ أَجْزَاءٌ نَجِسَةٌ، فَهَذَا لَا سَبِيلَ إلَى عِلْمِهِ وَلَوْ ثَبَتَ فَقُدِّرَ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ مِنْهُ يَبْقَى بَعْدَ مَسْحِ الْأَحْجَارِ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِمَا يُرْوَى لَيْسَ مِنَّا مَنْ اسْتَنْجَى مِنْ الرِّيحِ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) هَذَا حَدِيثٌ أَسْنَدَهُ صَاحِبُ الْفِرْدَوْسِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَفِيهِ بَشِيرٌ يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي زَهْرِ الْفِرْدَوْسِ وَقَالَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ شَرْقِيِّ بْنِ قَطَامِ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ.
ص (وَجَازَ بِيَابِسٍ طَاهِرٍ مُنَقٍّ غَيْرِ مُؤْذٍ وَلَا مُحْتَرَمٍ وَلَا مُبْتَلٍّ وَنَجِسٍ وَأَمْلُسَ وَمُحَدَّدٍ وَمُحْتَرَمٍ مِنْ مَطْعُومٍ وَمَكْتُوبٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجِدَارٍ وَرَوْثٍ وَعَظْمٍ)
ش: فَاعِلُ جَازَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الِاسْتِجْمَارِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَنُدِبَ جَمْعُ مَاءٍ وَحَجَرٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِجْمَارِ بِكُلِّ يَابِسٍ طَاهِرٍ مُنَقٍّ غَيْرِ مُؤْذٍ وَلَا مُحْتَرَمٍ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلَةُ قَصْرُ الِاسْتِجْمَارِ عَلَى الْأَحْجَارِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَقَاسَ فِي الْمَشْهُورِ كُلَّ جَامِدٍ عَلَى الْحَجَرِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْإِنْقَاءُ وَرَأَى فِي الْقَوْلِ الْأَخِيرِ أَنَّ ذَلِكَ رُخْصَةٌ فَيُقْتَصَرُ بِهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِي نَفْسِ الْفِعْلِ لَا فِي الْمَفْعُولِ بِهِ وَتَعْلِيلُهُ صلى الله عليه وسلم الرَّوْثَةَ؛ لِأَنَّهَا رِجْسٌ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ غَيْرِ الْحَجَرِ وَإِلَّا لَعَلَّلَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَجَرٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ: «إذَا قَضَى أَحَدُكُمْ حَاجَتَهُ فَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَعْوَادٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ حَثَيَاتٍ مِنْ تُرَابٍ» وَلَا دَلِيلَ لَهُ يَعْنِي الْقَوْلَ الْآخَرَ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام أَوَّلًا: يَجِدُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ اللَّقَبِ لَمْ يَقُلْ بِهِ إلَّا الدَّقَّاقُ، انْتَهَى. وَنَحْوُهُ لِابْنِ رَاشِدٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْأَحْجَارَ لِكَوْنِهَا أَكْثَرَ وُجُودًا.
(تَنْبِيهٌ) جَمِيعُ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَالْحَجَرِ قَالَ فِي الطِّرَازِ: إنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ مَا كَانَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدْرٍ أَوْ كِبْرِيتٍ وَنَحْوِهِ، أَمَّا مَا لَيْسَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ كَالْخِرَقِ وَالْخَشَبِ وَشَبَهِهِ فَمَنَعَهُ دَاوُد وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، انْتَهَى. وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْمَشْهُورَ وَذَهَبَ أَصْبَغُ مِنْ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ إلَّا بِالْأَحْجَارِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ أَجْنَاسِ الْأَرْضِ كَالْخِرَقِ وَالْقُطْنِ وَالصُّوفِ وَالنُّخَالَةِ وَالسُّحَالَةِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ ثُمَّ يَمْسَحُ مَا فِي الْمَخْرَجِ مِنْ الْأَذَى بِمَدْرٍ يَعْنِي بِالْمَدْرِ الطُّوبَ، وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْمَدْرُ الطِّينُ الْيَابِسُ وَغَيْرُهُ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْأَشْيَاءُ الَّتِي يُسْتَجْمَرُ بِهَا فِي الْجَوَازِ وَالْمَنْعُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ فَصِنْفٌ يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ وَصِنْفٌ يُمْنَعُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِجْزَاءِ إذَا
نَزَلَ وَثَلَاثَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فِي الْجَوَازِ وَفِي الْإِجْزَاءِ، فَالْأَوَّلُ الْأَرْضُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا مِنْ صَخْرٍ وَمَدْرٍ وَكِبْرِيتٍ وَزِرْنِيخٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ، انْتَهَى.
وَإِنَّمَا نَبَّهْت عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ التَّوْضِيحِ أَنَّ أَصْبَغَ يُخَالِفُ فِي غَيْرِ الْأَحْجَارِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِيمَا يُسْتَجْمَرُ بِهِ: تَمَسَّكَ دَاوُد بِلَفْظِ الْأَحْجَارِ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ غَيْرُهَا وَالنَّاسُ عَلَى خِلَافِهِ، لَكِنَّ مَالِكًا وَغَيْرَهُ يَسْتَحِبُّ الْحِجَارَةَ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَمَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا انْتَهَى وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: يَابِسٍ مِنْ الْمَائِعَاتِ وَالْأَشْيَاءِ الْمُبْتَلَّةِ؛ لِأَنَّ الرُّطُوبَةَ تَنْشُرُ النَّجَاسَةَ وَإِنَّمَا اكْتَفَى فِي الْإِخْرَاجِ بِذِكْرِ الْمُبْتَلِّ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ الِاسْتِجْمَارُ بِالْمَائِعَاتِ مِنْ بَابٍ أَحْرَى، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: طَاهِرٍ، مِنْ النَّجِسِ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ مَا يُبَاشِرُ بِهِ الْمَحِلَّ فَلَوْ كَانَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْحَجَرِ نَجَاسَةٌ جَازَ الِاسْتِجْمَارُ بِالْجَنْبِ الْآخَرِ، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَقَلَهُ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُنَقٍّ مِنْ الْأَمْلَسِ كَالزُّجَاجِ الَّذِي لَيْسَ بِمُحْرِفٍ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: غَيْرِ مُؤْذٍ، مِنْ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْهُ ضَرَرٌ كَالزُّجَاجِ الْمُحْرِفِ وَالْقَصَبِ.
وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَلَا مُحْتَرَمٍ، مِمَّا لَهُ حُرْمَةً مِنْ الْمَطْعُومَاتِ كُلِّهَا وَالْمَكْتُوبِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْجِدَارِ وَالْعَظْمِ وَالرَّوْثِ. أَمَّا الْمَطْعُومَاتُ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَدْوِيَةِ وَالْعَقَاقِيرِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا الْمَكْتُوبُ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ وَتَخْتَلِفُ الْحُرْمَةُ بِحَسَبِ مَا كُتِبَ قَالَ: وَفِي مَعْنَى الْمَكْتُوبِ الْوَرِقُ غَيْرُ الْمَكْتُوبِ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّشَا، انْتَهَى.
(قُلْت) فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِكُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ وَلَوْ كَانَ الْمَكْتُوبُ بَاطِلًا كَالسِّحْرِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِلْحُرُوفِ وَقَالَ الدَّمَامِينِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فِي حَدِيثِ الصَّحِيفَةِ: قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى إيجَابِ احْتِرَامِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كُتِبَتْ فِي أَثْنَاءِ مَا تَجِبُ إهَانَتُهُ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ بَعْدَ تَحْرِيفِهِمَا فَيَجُوزُ إحْرَاقُهَا وَإِتْلَافُهَا وَلَا يَجُوزُ إهَانَتُهَا لِمَكَانِ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا هُمَا بَاطِلٌ لِمَا فِيهِمَا مِنْ التَّحْرِيفِ وَلَكِنْ حُرْمَةُ أَسْمَاءِ اللَّهِ لَا تُبَدَّلُ عَلَى وَجْهٍ أَلَا تَرَى كَيْفَ أَقَامَ اللَّهُ سبحانه وتعالى حُرْمَةَ أَسْمَائِهِ بِأَنْ مَحَاهَا وَأَبْقَى مَا عَدَاهَا مِنْ الصَّحِيفَةِ.
فَلَوْلَا أَنَّ الْأَسْمَاءَ مُتَمَيِّزَةً عَمَّا هِيَ فِيهِ بِحُرْمَةٍ لَمَا كَانَ لِتَمْيِيزِهَا بِالْمَحْوِ مَعْنًى وَلِهَذَا مُنِعَ الْكَافِرُ مِنْ كَتْبِ اللُّغَةِ وَالْعَرَبِيَّةِ لِمَا فِيهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَآيَاتِهِ، وَتِلْكَ حُجَّةُ الْمَازِنِيِّ حَيْثُ امْتَنَعَ مِنْ إقْرَاءِ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ لِكَافِرٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى احْتِرَامِ كُتُبِ التَّفَاسِيرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ وَلَكِنْ لَا يَبْلُغُ الْأَمْرُ إلَى إيجَابِ الطَّهَارَةِ لِمَسِّهَا وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى ذَلِكَ، انْتَهَى.
وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْجَوْهَرُ وَالْيَاقُوتُ وَمَا لَهُ حُرْمَةٌ كَالطَّعَامِ وَالْمِلْحِ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَلَا يُسْتَجْمَرُ بِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لِمَسْجِدٍ لِحُرْمَتِهِ أَوْ مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ أَوْ فِي وَقْفٍ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، قَالَ فِي الْمَدْخَلِ: وَهَذَا حَرَامٌ بِاتِّفَاقٍ، وَكَثِيرًا مَا يُتَسَاهَلُ الْيَوْمَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ سِيَّمَا مَا سُبِّلَ لِلْوُضُوءِ فَتَجِدُ الْحِيطَانَ فِي غَايَةِ مَا يَكُونُ مِنْ الْقَذَرِ لِأَجْلِ اسْتِجْمَارِهِمْ فِيهَا وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَيُكْرَهُ أَنْ يُسْتَجْمَرَ فِي حَائِطِ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْزِلُ الْمَطَرُ عَلَيْهِ أَوْ يُصِيبُهُ بَلَلٌ وَيَلْتَصِقُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ إلَيْهِ فَتُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ فَيُصَلِّي بِهَا، وَوَجْهٌ آخَرُ أَنْ يَكُونَ فِي الْحَائِطِ حَيَوَانٌ فَيَتَأَذَّى بِهِ وَقَدْ رَأَيْت عِيَانًا بَعْضَ النَّاسِ اسْتَجْمَرَ فِي حَائِطٍ فَلَسَعَتْهُ عَقْرَبٌ كَانَتْ هُنَاكَ عَلَى رَأْسِ ذَكَرِهِ وَرَأَى فِي ذَلِكَ شِدَّةً عَظِيمَةً، انْتَهَى بِلَفْظِهِ.
قُلْت وَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ مَنْ حَضَرَ قِرَاءَةَ هَذَا الْمَحِلِّ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فِي سَنَةِ إحْدَى وَخَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ نَسْأَلُ اللَّهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ. وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَتَسَامَحَ النَّاسُ بِالتَّمَسُّحِ بِالْحِيطَانِ وَذَلِكَ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَبَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَنْضَمُّونَ إلَيْهَا لَا سِيَّمَا عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ وَبَلَلِ الثِّيَابِ قَالَ: وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ فِي حِيطَانِ الْمَرَاحِيضِ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهَا تَصِيرُ نَجِسَةً مِنْ تَكَرُّرِ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَيَكُونُ قَدْ اسْتَجْمَرَ بِنَجِسٍ،
انْتَهَى. وَنَقَلَ بَعْضَهُ فِي التَّوْضِيحِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ فَلَا يَظْهَرُ لِتَخْصِيصِ ابْنِ الْحَاجِبِ جِدَارَ الْمَسْجِدِ إلَّا الْأَوْلَوِيَّةُ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ فِي الْإِكْمَالِ يَنْبَغِي الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ، وَأَمَّا الرَّوْثُ وَالْعَظْمُ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَا يَجُوزُ بِنَجِسٍ وَكَذَلِكَ الرَّوْثُ وَالْعَظْمُ وَالْحُمَمَةُ عَلَى الْأَصَحِّ مَا نَصُّهُ وَأَمَّا الرَّوْثُ وَالْعَظْمُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِمَا إذَا كَانَا طَاهِرَيْنِ وَيُحْتَمَلُ إذَا كَانَا نَجِسَيْنِ يَابِسَيْنِ وَيُحْتَمَلُ الْمَجْمُوعُ وَقَدْ حَكَى اللَّخْمِيُّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلَيْنِ، وَيَكُونُ وَجْهُ الْمَنْعِ فِي الطَّاهِرَيْنِ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَيْثُ قَالَ: وَلَا تَأْتِينِي بِعَظْمٍ وَلَا رَوْثٍ، وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ قَدِمَ وَفْدُ الْجِنِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ انْهَ أُمَّتَك أَنْ يَسْتَنْجُوا بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثٍ أَوْ حُمَمَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لَنَا فِيهَا رِزْقًا. فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ»
فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي الرَّوْثِ وَالْعَظْمِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَا طَاهِرَيْنِ أَوْ نَجِسَيْنِ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) الْمَنْعُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يُسْتَجْمَرُ بِهَا هَلْ هُوَ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ عَلَى التَّحْرِيمِ، أَمَّا الْمَطْعُومَاتُ وَالْمَكْتُوبَاتُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ فِيهَا عَلَى التَّحْرِيمِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَا يَجُوزُ بِنَجِسٍ وَلَا نَفِيسٍ وَلَا بِذِي حُرْمَةٍ كَطَعَامٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ بِشَيْءٍ مَكْتُوبٍ، وَكَذَلِكَ الرَّوْثُ وَالْعَظْمُ وَالْحُمَمَةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ وَقَبِلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ رَاشِدٍ وَكَلَامُهُمْ ظَاهِرٌ فِي الْمَنْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْبَيَانِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِمَا لَهُ حُرْمَةٌ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَكُلِّ مَا فِيهِ رُطُوبَةٌ مِنْ النَّجَاسَاتِ، انْتَهَى.
وَكَلَامُ ابْنِ رَاشِدٍ هَذَا فِي رَسْمِ سِنٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيُمْنَعُ بِذِي حُرْمَةٍ أَوْ شَرَفٍ كَالطَّعَامِ وَالْفِضَّةِ، انْتَهَى. وَأَمَّا الْجِدَارُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَنْعَ عَلَى التَّحْرِيمِ إلَّا فِي جِدَارٍ يَمْلِكُهُ الْإِنْسَانُ، وَأَمَّا النَّجِسُ وَالْمُبْتَلُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَنْعَ عَلَى التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَنْشُرُ النَّجَاسَةَ وَكَذَلِكَ الْأَمْلَسُ وَالْمُحَدَّدُ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَأَمَّا الرَّوْثُ وَالْعَظْمُ فَالنَّجِسُ مِنْهُمَا دَاخِلٌ فِي حُكْمِ النَّجَاسَةِ وَأَمَّا الطَّاهِرُ مِنْهُمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ نَقَلَ فِيهَا وَفِي النَّجِسِ الْجَامِدِ قَوْلَيْنِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ فَغَايَرَ بَيْنَ عِبَارَتِهِ فِي ذَلِكَ وَعِبَارَتِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، حَيْثُ عَبَّرَ بِالْمَنْعِ وَنَصُّ كَلَامِهِ الرَّابِعُ مَا كَانَ طَاهِرًا وَلَيْسَتْ لَهُ حُرْمَةٌ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ وَهُوَ الْعَظْمُ وَالْبَعْرُ، وَالْخَامِسُ مَا كَانَ مِنْ النَّجَاسَةِ جَامِدًا رَوْثًا أَوْ غَيْرَهُ، اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا سَمِعْت فِيهِ نَهْيًا وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَكَرِهَهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ. انْتَهَى، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِاخْتِصَارٍ فَجَحَفَ وَصَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الرَّوْثِ وَالْعَظْمِ بِالْكَرَاهَةِ وَالتَّخْفِيفِ، وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْجَلَّابِ: يُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْعِظَامِ وَسَائِرِ الطَّعَامِ وَيُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالرَّوْثِ وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ إلَّا الْعَظْمَ الطَّاهِرَ وَالرَّوْثَ الطَّاهِرَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُمَمَةً وَتَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْحُمَمُ الْفَحْمُ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْحُمَمَةُ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ: الْأَصَحُّ فِيهَا عَدَمُ الْجَوَازِ وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ: إنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ وَالنَّقْلُ يُؤَيِّدُهُ، قَالَ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ وَالْحُمَمَةِ، قَالَ: مَا سَمِعْت فِيهَا نَهْيًا وَلَا أَرَى بِهَا بَأْسًا فِي عِلْمِي، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قِيلَ: وَإِنَّمَا مَنَعْت الْحُمَمَةَ؛ لِأَنَّهَا تُسَوِّدُ الْمَحِلَّ وَلَا تُزِيلُ النَّجَاسَةَ، انْتَهَى. قُلْت مَا ذَكَرَهُ عَنْ التِّلِمْسَانِيِّ هُوَ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ لَهُ وَأَصْلُهُ لِصَاحِبِ الطِّرَازِ وَنَصُّهُ، أَمَّا الْفَحْمُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ وَقَدْ تَرَدَّدَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: اسْتَخَفَّ مَالِكٌ مَا سِوَى الرَّوْثِ وَالْعَظْمِ وَقَدْ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّسْخِيمِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ النَّهْيُ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحُمَمَةِ، قَالَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ: فَقَدْ رُجِّحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ
فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَقَدْ جَزَمَ فِي الشَّامِلِ بِالْجَوَازِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ التُّرَابُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْجَلَّابِ وَنَصُّهُ: وَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِجْمَارِ بِغَيْرِ الْحِجَارَةِ مِنْ الْمَدْرِ وَالْخَزَفِ وَالطِّينِ وَالْآجُرِّ وَلَا بَأْسَ بِالْخِرَقِ وَالْقُطْنِ وَالصُّوفِ وَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ التُّرَابِ وَالنُّخَالَةِ وَالسُّحَالَةِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَجَازَهُ فِي الْجَلَّابِ بِالتُّرَابِ، وَتَعْلِيلُ عِيَاضٍ مَنْعَ الْحُمَمَةِ بِأَنَّهَا كَالتُّرَابِ خِلَافُهُ وَبِالنُّخَالَةِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ بِأَنَّ بِهَا طَعَامًا وَمَنَعَ سَحْنُونٌ غَسْلَ الْيَدِ بِهَا وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَلَعَلَّهُ فِي الْخَالِصَةِ، انْتَهَى. قُلْت كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَقْتَضِي أَنَّ النُّخَالَةَ فِي نُسْخَتِهِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِهِ:(النُّخَالَةُ) مَا يَخْرُجُ مِنْ الْفَأْرَةِ عِنْدَ الْمَسْحِ (وَالسُّحَالَةُ) مَا يَخْرُجُ مِنْ الْخَشَبِ عِنْدَ النَّشْرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ النُّخَالَةُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فِي الْأَكْلِ فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ جِنْسِ الْمَأْكُولَاتِ مُلْحَقَةٌ بِالْجَامِدَاتِ وَإِنَّمَا لَهَا حُرْمَةٌ عِنْدَ اخْتِلَاطِهَا بِغَيْرِهَا فَأَمَّا عِنْدَ انْفِرَادِهَا فَلَا، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ فِي الطِّرَازِ: وَيُسْتَنْجَى بِالسُّحَالَةِ وَالنُّجَارَةِ كَمَا يُسْتَنْجَى بِالتُّرَابِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ وَقَدْ مَرَّ وَجْهُهُ، انْتَهَى.
(الرَّابِعُ) أَجَازَ فِي الْإِكْمَالِ الِاسْتِجْمَارَ بِالْأَرْضِ وَنَصُّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَجْمِرُ بِيَمِينِهِ أَمَّا مَتَى أَمْكَنَهُ حَجَرٌ ثَابِتٌ يَتَمَسَّحُ بِهِ أَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِرْخَاءُ حَتَّى يَتَمَسَّحَ بِالْأَرْضِ أَوْ بِمَا يُمْكِنُهُ التَّمَسُّحُ بِهِ مِنْ ثَابِتٍ طَاهِرٍ جَامِدٍ فَنَعَمْ، انْتَهَى. فَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ الِاسْتِجْمَارِ بِالتُّرَابِ وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: قَالُوا: وَيَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِالْآجُرِّ وَالْخِرَقِ وَالتُّرَابِ وَشِبْهِ ذَلِكَ مِنْ الطَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام اسْتَنْجَى بِالْأَرْضِ انْتَهَى.
ص (فَإِنْ أَنْقَتْ أَجْزَأَتْ كَالْيَدِ دُونَ الثَّلَاثِ)
ش: لَمَّا ذَكَرَ مَا لَا يُسْتَجْمَرُ بِهِ بَيَّنَ حُكْمَ ذَلِكَ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اسْتَجْمَرَ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَإِنْ حَصَلَ بِهِ إنْقَاءٌ أَجْزَأَ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ إنْقَاءٌ لَمْ يَجُزْ، ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنَّهُ إذَا اسْتَجْمَرَ بِيَدِهِ وَأَنْقَى أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ. وَالثَّانِيَةَ أَنَّهُ إذَا اسْتَجْمَرَ بِدُونِ الثَّلَاثِ وَأَنْقَى أَنَّهُ يُجْزِئُهُ. فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: وَهِيَ مَا إذَا اسْتَجْمَرَ بِمَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ فَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهَا قَوْلَيْنِ وَنَصُّهُ: فَلَوْ اسْتَجْمَرَ بِنَجِسٍ أَوْ مَا بَعْدَهُ فَفِي إعَادَتِهِ فِي الْوَقْتِ قَوْلَانِ، أَيْ مَا ذَكَرَ بَعْدَ النَّجِسِ مِنْ ذِي الْحُرْمَةِ وَالرَّوْثِ وَالْقَوْلُ بِإِعَادَتِهِ فِي الْوَقْتِ لِأَصْبَغَ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ لِابْنِ حَبِيبٍ قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَيُشْكَلُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ فِيمَا إذَا اسْتَجْمَرَ بِنَجِسٍ وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ مُسْتَحَبَّةٌ، انْتَهَى.
قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِيمَا عَدَا النَّجِسَ فَقَدْ صَرَّحَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِأَنَّ الِاسْتِجْمَارَ بِالنَّجِسِ لَا يَظْهَرُ وَلَا يُعْفَى عَنْهُ ذَكَرَهُ فِي الْإِكْمَالِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي بَابِ النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ، وَقَالَ فِي الطِّرَازِ فِيمَنْ اسْتَجْمَرَ بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثٍ وَأَنْقَى: أَجْزَأَهُ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ بَقِيَ فِي الْمَحِلِّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِثْلُ عَظْمِ الْمَيْتَةِ الرَّطْبِ تَبْقَى رُطُوبَتُهُ أَوْ رَوْثٍ يَتَفَتَّتُ فَهَذَا لَا يُجْزِئُهُ وَيُؤْمَرُ بِغَسْلِ الْمَحِلِّ مِنْ تِلْكَ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهَا نَجَاسَةٌ طَارِئَةٌ عَلَيْهِ وَقَالَهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَنَصُّهُ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: إنْ عَلِقَتْ رُطُوبَةُ الْمَيْتَةِ أَوْ تَفَتَّتْ الرَّوْثَةُ عَلَى الْمَحِلِّ تَعَيَّنَ الْغَسْلُ، انْتَهَى. قُلْت يَعْنِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ غَسْلُ الْمَحِلِّ بِالْمَاءِ وَلَا يَكْفِي الِاسْتِجْمَارُ وَلَوْ اسْتَجْمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ طَاهِرٍ وَقَالَ فِي الْبَيَانِ فِي رَسْمِ سَنَدٍ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ اسْتَنْجَى بِمَا فِيهِ رُطُوبَةٌ مِنْ النَّجَاسَاتِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ قَوْلًا وَاحِدًا، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ يُرِيدُ إذَا صَلَّى بِذَلِكَ نَاسِيًا مَا إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَلْيُعِدْ أَبَدًا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قُلْت وَمِثْلُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالنَّجِسِ الِاسْتِجْمَارُ بِالْمَبْلُولِ فَإِنَّهُ يَنْشُرُ النَّجَاسَةَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) لَا يُقَالُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَبْقَتْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَعُودُ لِلْجَمِيعِ حَتَّى النَّجِسِ وَالْمَبْلُولِ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ النَّجِسَ وَالْمَبْلُولَ لَا يَحْصُلُ بِهِمَا إنْقَاءٌ فَلَا يَدْخُلَانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.