المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع توضأ على بلاط نجس وطار عليه ماء من البلاط] - مواهب الجليل في شرح مختصر خليل - جـ ١

[الحطاب]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[سِلْسِلَةَ الْفِقْهِ إلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ ثُمَّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ]

- ‌[سَنَدِ الْكِتَابِ وَشُرُوحِهِ وَسَنَدِ بَعْضِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورَةِ]

- ‌[الْكَلَام عَلَى الْبَسْمَلَة]

- ‌[فَائِدَتَانِ]

- ‌[شَرْحُ خُطْبَةِ الْمُخْتَصَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَرْضَانِ]

- ‌[فَرْعٌ وَتُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوَاطِنَ]

- ‌[فَرْعٌ الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ عِنْد الذَّبْح وَعِنْد الْعُطَاس وَالْجِمَاع وَغَيْر ذَلِكَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْرَادِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيّ عَنْ السَّلَامِ وَعَكْسُهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَدَدَ كَذَا هَلْ يُثَابُ بِعَدَدِ مَنْ صَلَّى بِتِلْكَ الْأَعْدَادِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ حُكْم الْخُطْبَة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَهَادَةٌ]

- ‌[تَرْجَمَة الْإِمَام مالك]

- ‌[فَرْعٌ التَّقْلِيدُ]

- ‌[فَرْعٌ تَقْلِيدُ الْمَيِّتِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَمْ يَجِدْ الشَّخْصُ نَصًّا فِي الْمَسْأَلَةِ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ]

- ‌[فَرْعٌ أَفْتَى رَجُلًا فَأَتْلَفَ بِفَتْوَاهُ مَالًا]

- ‌[فَرْعٌ الْإِجَارَةُ عَلَى الْفُتْيَا]

- ‌[فَرْعٌ مَا أُهْدِيَ لِلْفَقِيهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ]

- ‌[تَنْبِيهٌ هَلْ يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ أَنْ يُقَلِّدَ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي طَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ]

- ‌[فَوَائِد]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي تَفْسِيرِ اصْطِلَاحِ الْعُتْبِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[بَابٌ يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا ذَابَ الْبَرَدُ وَنَحْوُهُ فَوُجِدَ فِي دَاخِلِهِ شَيْءٌ طَاهِرٌ أَوْ نَجَسٌ مِنْ لَوَاحِقِ الْأَرْضِ]

- ‌[فَرْعٌ تَطْهِيرِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ]

- ‌[فَرْعٌ انْتَضَحَ مِنْ غُسْلِ الْجُنُبِ فِي إنَائِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ النَّاسُ الِامْتِنَاعَ مِنْ هَذَا]

- ‌[فَرْعٌ تَوَضَّأَ عَلَى بَلَاطٍ نَجِسٍ وَطَارَ عَلَيْهِ مَاءٌ مِنْ الْبَلَاطِ]

- ‌[فَرْعٌ تغير الْمَاء بِمَا هُوَ مُتَأَصِّل فِيهِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ]

- ‌[الْمَاءُ خَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ ثُمَّ اسْتَعْمَلَ]

- ‌[الْمَاءُ الْجَارِي حُكْمُهُ كَالْكَثِيرِ]

- ‌[فَرْعٌ تغير الْمَاء فِي الْبَرْك الْمَعِدَة للوضوء]

- ‌[فَرْعٌ أَتَى الْجُنُبُ بِئْرًا قَلِيلَةَ الْمَاءِ وَبِيَدِهِ قَذِرٌ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَغْرِفُ بِهِ]

- ‌[فَرْعٌ الْغُسْل فِي الْحِيَاض قَبْل غَسَلَ الْأَذَى]

- ‌[فَرْعٌ سُؤْر الْكَافِر وَالنَّصْرَانِيّ]

- ‌[فَرْعٌ الْمَاءُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّجَاسَةِ]

- ‌[فَرْعٌ دُخُولُ الْحَمَّامِ]

- ‌[فَرْعٌ فِيمَنْ مَنَعَ زَوْجَتَهُ مِنْ الْحَمَّامِ]

- ‌[فَرْعٌ النَّزْحُ قَبْلَ إخْرَاجِ الْمَيْتَةِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ فِيمَا تَغَيَّرَ بِنَجَسٍ]

- ‌[فَرْعٌ الِاغْتِرَاف مِنْ الْمَاء قَبْل التَّطَهُّر]

- ‌[فَصْلٌ الطَّاهِرُ أَنْوَاعٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ حُكْم الشَّرَاب الْمُتَّخَذُ مِنْ قِشْرِ الْبُنِّ]

- ‌[فَرْعٌ دَخَلَ فِي دُبُرِ الْإِنْسَانِ خِرْقَةٌ وَنَحْوُهَا ثُمَّ أُخْرِجَتْ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم مَنْ حَمَلَ قِشْرَةَ الْقَمْلَةِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ الصِّئْبَانُ الَّذِي يَتَوَلَّدُ مِنْ الْقَمْلِ]

- ‌[ميتة الْآدَمِيِّ هَلْ هِيَ طَاهِرَة]

- ‌[فَرْعٌ فِي أَجْسَاد الْأَنْبِيَاء طَاهِرَة]

- ‌[فَرْعٌ أستعمال النِّعَال مِنْ جلد الْمَيِّتَة]

- ‌[فَرْعٌ الصَّلَاة عَلَى جُلُود الْمَيِّتَة]

- ‌[تَنْبِيهٌ الطَّاهِرُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ نَجِسٌ رَطْبٌ]

- ‌[فَرْعٌ الْفَخَّارُ الْمَطْبُوخُ بِالنَّجَاسَةِ]

- ‌[فَرْعٌ بَوْلُ الْوَطْوَاطِ وَبَعْرُهُ]

- ‌[فَرْعٌ التَّخْفِيف فِيمَا اخْتَلَفَ فِي نَجَاسَته]

- ‌[فَرْعٌ وَقَوْع الْقَمْلَةُ فِي الدَّقِيقِ أَوْ غَيْر ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ وُقُوع النَّجَاسَةُ الْقَلِيلَةُ فِي الطَّعَامِ]

- ‌[فَرْعٌ سُقُوط الْفَأْرَة فِي السَّمْن أَوْ الزَّيْت]

- ‌[فَرْعٌ وُجُود فَأْرَة ميتة فِي زير مِنْ أزيار زَيْت]

- ‌[فَرْعٌ هَرْيِ زَيْتُونٍ وُجِدَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ وُقُوع نَجَاسَةٌ مَائِعَةٌ فِي غَسْلِ جَامِدٍ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَرْعٌ وَقَعَتْ دَابَّة فِي طَعَام وَأُخْرِجَتْ حَيَّةً]

- ‌[فَرْعٌ طُرِحَ مِنْ الْجَامِدِ بِحَسَبِ مَا سَرَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ]

- ‌[فُرُوع مُنَاسِبَةً]

- ‌[فَرْعٌ مُصْحَفٍ كُتِبَ مِنْ دَوَاةٍ ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وُجِدَ فِيهَا فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ التَّدَاوِي بِشُرْبِ بَوْلِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[فَرْعٌ مِنْ نقص مِنْهُ سن أَوْ عظم هَلْ يَجُوز لَهُ رِدّه]

- ‌[فَرْعٌ انْكَسَرَ عَظْمُهُ فَجَبَرَهُ بِعَظْمِ مَيْتَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ بَيْع ثَوْب جَدِيدًا بِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تُبَيِّنْ]

- ‌[فَرْعٌ نَقْشُ الْخَوَاتِمِ وَنَقْشُ أَسْمَاءِ أَصْحَابِهَا عَلَيْهَا وَنَقْشُ اسْمِ اللَّهِ فِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ اتِّخَاذُ الْأَوَانِي مِنْ الْفَخَّارِ وَمِنْ الْعِظَامِ الطَّاهِرَةِ وَغَيْر ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ الِاكْتِحَالَ بِمِرْوَدِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ بَيَانِ حُكْمِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ وَقْت الْجُمُعَةِ الَّذِي تُعَادُ فِيهَا إذَا صَلَّاهَا بِنَجَاسَةٍ]

- ‌[فُرُوعٌ رَأَى أَنَّ النَّجَاسَةَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا هَمَّ بِالْقَطْعِ نَسِيَ وَتَمَادَى]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْبَوْلِ هَلْ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ وَسُنَنَهُ وَفَضَائِلَهُ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ إذَا نَبَتَ لِلْمَرْأَةِ لِحْيَةٌ]

- ‌[مسح بَعْض الأعضاء بِمَا تَبْقَى مِنْ مَاء فِي اللِّحْيَة أَوْ غَيْرهَا]

- ‌[مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى عُزُوبُ النِّيَّة وَهُوَ انْقِطَاعُهَا وَالذُّهُولُ عَنْهَا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ رَفْضُ النِّيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْخَاتَمِ]

- ‌[فَرْعٌ الِاسْتِنْجَاء فِي غَيْر مَوْضِع قَضَاء الْحَاجَة]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ جَمْعِ الْوَطْءَ مَعَ الْبَوْلِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ]

- ‌[آدَاب الْجِمَاع]

- ‌[الْقِرَاءَةِ لِمَنْ يَتَنَشَّفُ]

- ‌[فَائِدَةٌ عَلَى الْإِنْسَانِ عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ أَنْ يَعْتَبِرَ بِمَا خَرَجَ مِنْهُ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ]

- ‌[فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ غَلَبَهُ هَمٌّ حَتَّى ذَهِلَ وَذَهَبَ عَقْلُهُ]

- ‌[فَرْعٌ فَرْجُ الْبَهِيمَةِ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ مَسَحَ إبِطَهُ أَوْ نَتَفَهُ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ خَافَ عَلَى الْمُصْحَفِ غَرَقًا أَوْ حَرْقًا أَوْ يَدَ كَافِرٍ]

- ‌[فَرْعٌ مَسِّ الْمُحْدِثِ لِلْمَنْسُوخِ لَفْظُهُ مِنْ الْقُرْآن]

- ‌[فَائِدَةٌ أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ فِي أَكْفَانِهِ خَتْمَةُ قُرْآنٍ]

- ‌[فَصْلٌ الطَّهَارَةُ الْكُبْرَى وَهِيَ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلُ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا قُطِعَ الْخُفُّ وَشُرِجَ وَجُعِلَ لَهُ غَلْقٌ]

- ‌[فَصَلِّ فِي التَّيَمُّم]

- ‌[الْمَسْح عَلَى الجبائر]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان حُكْم الْحَيْض وَالنِّفَاس]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة وَحُكْمهَا]

- ‌[فَصَلِّ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيت الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ إيقَاظِ النَّائِمِ لِلصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الرَّكْعَةُ الَّتِي يَكُونُ بِهَا مُدْرِكًا لِلْأَدَاءِ أَوْ الْوُجُوبِ فِي الْوَقْتِ]

- ‌[يَتَعَلَّقُ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَحْكَامٌ]

- ‌[فَرْعٌ فاجأ الْمَرْأَة الْحَيْض فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ صَلَاة الرَّسُول يَوْم الْوَادِي وَيَوْم الْخَنْدَق]

- ‌[فَرْعٌ احْتَلَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ]

- ‌[فَرْعٌ قَضَاء التَّطَوُّع]

- ‌[فَرْعٌ الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الَّتِي لَا يَجُوز الصَّلَاة فِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ قَرَأَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ فِي فَرِيضَةٍ صَلَّاهَا فِي وَقْتِ نَهْيٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا]

- ‌[فَرْعٌ يَتْرُك الصَّلَاة لِفَتَرَاتِ مُتَقَطِّعَة وَيَقُول إِن اللَّه غَفُور رَحِيم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَسْتَأْجِرَ عَنْ الْمَيِّتِ مَنْ يُصَلِّي عَنْهُ]

- ‌[فَصَلِّ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْمُ الْإِقَامَةِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّثْوِيبُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي الْفَجْرِ]

- ‌[تَنْبِيه الْأَذَانُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ]

- ‌[فَصْلٌ شَرْطُ الصَّلَاةِ]

- ‌[تَنْبِيه تَلَطَّخَ مِنْ ثِيَابِهِ أَوْ جَسَدِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ وَأَرَادَ الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ الرُّعَافُ فِي نَافِلَةٍ]

- ‌[تَنْبِيه حَصَلَ لَهُ رُعَافٌ فَخَرَجَ لَهُ وَغَسَلَ الدَّمَ وَرَجَعَ إلَى الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ سَتَرَ الْعَوْرَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ سُتُورِ الْحَرِيرِ الْمُعَلَّقَةِ فِي الْبُيُوتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَطِيفَةُ مِنْ الْحَرِيرِ والشَّمْلَةِ مِنْ الْحَرِيرِ وَالْوِسَادَةُ مِنْ الْحَرِيرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَا رُقِّمَ بِالْحَرِيرِ]

- ‌[فَرْعٌ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلصِّبْيَانِ الذُّكُورِ]

- ‌[فَرْعٌ خير الْأَلْوَانُ مِنْ اللِّبَاسِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّجَمُّل بِأَحْسَنِ الثِّيَابِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَظَرُ الْإِنْسَانِ إلَى فَرْجِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ طَرَأَ عَلَى الْأُمِّيِّ قَارِئٌ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ فِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ وَيَكْفِي الْأَخْرَسَ نِيَّتُهُ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ سَتْرُ الْيَدَيْنِ بِالْكُمَّيْنِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَرَكَةُ إلَى الْأَرْكَانِ هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ لِنَفْسِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ نَوَى أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ صَلَّى خَلْفَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ]

- ‌[فَرْعٌ مَوْقِفُ الْمُصَلِّي]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَدْرُ حَرِيمِ الْمُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ مُدَافَعَةِ الْمَارِّ وَهُوَ يُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ مَحِلُّ وَضْعِ السُّتْرَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ مَرَّ الْهِرّ بالمصلي]

- ‌[فَرْعٌ تَشَوَّشَ الْمُصَلِّي مِنْ شَيْءٍ أَمَامَهُ يَمْنَعُهُ مِنْ السُّجُودِ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُرُورُ بَيْنَ الصُّفُوفِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَائِدَة الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ صَلَّى مَالِكِيٌّ خَلْفَ شَافِعِيٍّ جَهَرَ بِدُعَاءِ الْقُنُوتِ]

- ‌[فَرْعٌ قَنَتَ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ]

- ‌[فَرْعٌ نَسِيَ الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إرْسَالِ عَذَبَةٍ مِنْ الْعِمَامَةِ وَهُوَ يُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ المصلي مَقْطُوعَ الْيَدِ الْيُمْنَى]

- ‌[فَرْعٌ إخْفَاءُ التَّشَهُّدِ]

- ‌[فَرْعٌ فَرَشَ خُمْرَةً فَوْقَ الْبِسَاطِ وَصَلَّى عَلَيْهَا]

- ‌[تَنْبِيه رَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ وَهُوَ يُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ التَّمَاثِيلُ فِي نَحْوِ الْأَسِرَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ يَجْعَلُ خَاتَمَهُ فِي يَمِينِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ]

الفصل: ‌[فرع توضأ على بلاط نجس وطار عليه ماء من البلاط]

آخِرِ هَذَا الْفَصْلِ وَفِي فَصْلِ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ نَحْوُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ.

[فَرْعٌ تَوَضَّأَ عَلَى بَلَاطٍ نَجِسٍ وَطَارَ عَلَيْهِ مَاءٌ مِنْ الْبَلَاطِ]

(فَرْعٌ) ذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْد أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى بَلَاطٍ نَجِسٍ وَطَارَ عَلَيْهِ مَاءٌ مِنْ الْبَلَاطِ فَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً غَسَلَ مَا تَطَايَرَ عَلَيْهِ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَتَوَالَى الْبَلَلُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا إنَّمَا نَمَتْ وَذَهَبَتْ.

ص (أَوْ كَثِيرًا خُلِطَ بِنَجَسٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ الْكَثِيرَ إذَا خَالَطَهُ شَيْءٌ نَجِسٌ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ فَإِنَّهُ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ وَيُعْلَمُ قَدْرُ الْكَثِيرِ مِنْ تَحْدِيدِ الْقَلِيلِ الْآتِي ثُمَّ أَنَّ هَذَا الْكَثِيرَ إنْ اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ كَثِيرٌ فَلَا خِلَافَ فِي طَهُورِيَّتِهِ سَوَاءٌ خُلِطَ بِنَجَسٍ أَوْ طَاهِرٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي كَوْنِهِ كَثِيرًا فَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ طُرُقًا الْأُولَى أَنَّهُ طَهُورٌ وَلَوْ خُلِطَ بِنَجَسٍ اتِّفَاقًا وَعَزَّاهَا لِلْأَكْثَرِ، الثَّانِيَةُ أَنَّهُ طَهُورٌ وَشَذَّتْ رِوَايَةُ ابْنِ نَافِعٍ يَعْنِي فِي أَنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ وَعَزَّاهَا لِابْنِ رُشْدٍ، الثَّالِثَةُ كَرَاهَتُهُ وَعَزَّاهَا لِابْنِ زَرْقُونٍ وَأَشَارَ لَهَا التُّونُسِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الطُّرُقَ جَارِيَةٌ فِي الْكَثِيرِ مُطْلَقًا وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى كَثْرَتِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ التَّوْضِيحِ بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُجْعَلَ رِوَايَةُ ابْنِ نَافِعٍ نَاقِضَةً لِلِاتِّفَاقِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهَا فِي سَمَاعِ مُوسَى مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ: هَذِهِ رِوَايَةٌ مَائِلَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْأُصُولِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ لِلْمَاءِ الْكَثِيرِ بِحُكْمِ النَّجِسِ بِحُلُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَحْرَوِيَّةِ أَنَّ الْمُخَالَطَ الطَّاهِرَ لَا أَثَرَ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ شُكَّ فِي مُغَيِّرِهِ هَلْ يَضُرُّ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ وَشُكَّ فِي الَّذِي غَيَّرَهُ هَلْ هُوَ مِمَّا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ أَوْ مِمَّا لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ؟ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ عَلَى الطَّهُورِيَّةِ وَعَزَّ الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا الْفَرْعَ لِلْمَازِرِيِّ وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَكِنَّهُ أَخَلَّ بِهِ الْبَرَاذِعِيُّ بَلْ كَلَامُهُ فِيهِ يُوهِمُ غَيْرَ الْمَقْصُودِ وَهِيَ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَعَقَّبَهَا عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ يُونُسَ بِلَفْظٍ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِمَاءِ الْبِئْرِ تَنْتُنُ مِنْ الْحَمْأَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ مَا وُجِدَ فِي الْفَلَوَاتِ مِنْ بِئْرٍ أَوْ غَدِيرٍ قَدْ أَنْتَنَا وَلَا أَدْرِي لِمَ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْهَا وَمَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الطِّرَازِ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ أَنَّ الشَّيْءَ مَتَى شَكَّ فِي حُكْمِهِ رَدَّ إلَى أَصْلِهِ وَالْأَصْلُ فِي الْمَاءِ الطَّهَارَةُ وَالتَّطْهِيرُ وَقَالَ فِي سَمَاعِ مُوسَى مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي الْحَوْضِ يَتَغَيَّرُ رِيحُهُ وَلَمْ يُرَ فِيهِ أَثَرُ مَيْتَةٍ وَلَا جِيفَةٍ وَالدَّوَابُّ وَالسِّبَاعُ تَشْرَبُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يُرَ فِيهِ شَيْءٌ يُعْلَمُ أَنَّ فَسَادَ الْمَاءِ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الرُّشْدِ هُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْمِيَاهَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ شَكَّ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ حَيْثُ يَتَسَاوَى الِاحْتِمَالَانِ وَأَحْرَى إذَا تَرَجَّحَ جَانِبُ الطَّهَارَةِ وَأَمَّا إذَا تَرَجَّحَ جَانِبُ النَّجَاسَةِ أَوْ سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ فَيُعْمَلُ عَلَيْهِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَإِذَا لَمْ يَدْرِ مِنْ أَيْ شَيْءٍ تَغَيَّرَ الْمَاءُ نَظَرَ لِظَاهِرِ أَمْرِهِ فَيُقْضَى بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ظَاهِرٌ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيْ شَيْءٍ هُوَ حُمِلَ عَلَى الطَّهَارَةِ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا آبَارُ الْمُدُنِ إذَا أَنْتَنَتْ فَقَالَ الْمَازِرِيُّ إنْ كَانَتْ هُنَا حَالَةَ تَرَيُّبٍ كَالْآبَارِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْمَرَاحِيضِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ تُتْرَكُ الْيَوْمَيْنِ فَإِنْ طَابَتْ وَإِلَّا لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْهَا انْتَهَى، وَمَسْأَلَةُ الْبِئْرِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمَازِرِيُّ أَوَاخِرَ سَمَاعِ أَشْهَبَ مُكَرَّرَةٌ قَالَ فِي الْمَوَاضِعِ الْأُخَرِ.

وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ نَتْنَهَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَأَيْتُ بَأْسًا أَنْ يُتَوَضَّأَ مِنْهَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ حَمْلُ الْمَاءِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَنْتَنَ مِنْ نَجَاسَةِ قَنَوَاتِ الْمَرَاحِيضِ الَّتِي تَتَخَلَّلُ الدُّورَ فِي الْقُرَى بِخِلَافِ الْبِئْرِ فِي الصَّحْرَاءِ إذَا أَنْتَنَ وَلَمْ يَدْرِ بِمَاذَا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَنْتَنَ مِنْ رُكُودِهِ وَسُكُونِهِ فِي مَوْضِعِهِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ لِنَجَاسَتِهِ سَبَبٌ وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ نَتْنَ الْبِئْرِ لَيْسَ مِنْ قَنَوَاتِ الْمَرَاحِيضِ الَّتِي بِجَانِبِهَا لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ زَادَ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي وَيُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَالْغَدِيرِ وَقَالَ قَبْلُهُ فِي خَلِيجِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ فَإِذَا جَرَى النِّيلُ كَانَ صَافِيًا وَإِذَا ذَهَبَ النِّيلُ

ص: 53

تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ وَرِيحُهُ وَالسُّفُنُ تَجْرِي فِيهِ عَلَى حَالِهَا وَالْمَرَاحِيضُ تَصُبُّ فِيهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ لَوْنَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ صَبِّ الْمَرَاحِيضِ وَلَوْ عُلِمَ أَنَّهُ تَغَيَّرَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ نَجِسًا بِإِجْمَاعٍ فَلَمَّا لَمْ يُعْلَمْ كَانَ الِاحْتِيَاطُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى النَّجَاسَةِ وَلَوْ وُجِدَ مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ لِتَغَيُّرِهِ سَبَبٌ مِنْ نَجَاسَةٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ تَغَيَّرَ مِنْهَا حُمِلَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ: فَحُكْمُهُ بِالظَّاهِرِ مِنْ أَمْرِهَا لِقُرْبِ الْمَرَاحِيضِ مِنْ آبَارِ الدُّورِ وَرَخَاوَةِ الْأَرْضِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ رُبَّ بِئْرٍ فِي الصَّفَا وَالْحِجْرِ لَا يَصِلُ إلَيْهَا شَيْءٌ وَرُبَّ أَرْضٍ رَخْوَةٍ يَصِلُ مِنْهَا فَهَذِهِ أَيْضًا مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تُرَاعَى فِي مِثْلِ وَهَذَا ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْخَلِيجِ ثُمَّ قَالَ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْهُ كَرَاهَةً وَاسْتِظْهَارًا إلَّا لِلْحُكْمِ بِنَجَاسَتِهِ لِأَنَّهُ مَاءٌ عَظِيمٌ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّجَاسَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْخَلِيجِ وَقَدْ اخْتَلَفَتْ فَتَاوَى أَهْلِ مِصْرَ فِي بِرْكَةِ الْفِيلِ وَبِرْكَةِ النَّاصِرِيَّةِ وَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَصْفِ.

ص (أَوْ تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرِهِ وَإِنْ بِدُهْنٍ لَاصِقٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرَةِ شَيْءٍ لَهُ فَإِنَّ تَغَيُّرَهُ بِالْمُجَاوِرَةِ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُجَاوِرُ مُنْفَصِلًا عَنْ الْمَاءِ أَوْ مُلَاصِقًا لَهُ فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ كَانَ إلَى جَانِبِ الْمَاءِ جِيفَةٌ أَوْ عُذْرَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا فَنَقَلَتْ الرِّيحُ رَائِحَةَ ذَلِكَ إلَى الْمَاءِ فَتَغَيَّرَ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا.

قَالَ بَعْضُهُمْ وَمِنْهُ إذَا سُدَّ فَمُ الْإِنَاءِ بِشَجَرٍ وَنَحْوِهِ فَتَغَيَّرَ مِنْهُ الْمَاءُ مِنْ غَيْرِ مُخَالَطَةٍ لِشَيْءٍ مِنْهُ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ الْمُجَاوِرُ الْمُلَاصِقُ فَمَثَّلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالدُّهْنِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ وَقَيَّدَهُ بِالْمُلَاصِقِ وَاحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الْمُمَازِجِ الْمُخَالِطِ كَمَا سَيَأْتِي.

وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: وَأَمَّا الدُّهْنُ فَقَدْ أَنْكَرَ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الدُّهْنَ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ وَمِمَّنْ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ بَشِيرٍ وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُجَاوِرًا لِسَطْحِ الْمَاءِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ رَاشِدٍ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ وَكَانَ يَسْتَغْنِي عَنْهُ بِالْمُجَاوَرَةِ لِأَنَّا نَقُولُ: أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْمُجَاوِرَةَ الَّتِي لَا تَضُرُّ قِسْمَانِ قِسْمٌ غَيْرُ مُلَاصِقٍ وَقِسْمٌ مُلَاصِقٌ انْتَهَى وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمُتَغَيِّرُ بِالدُّهْنِ طَهُورٌ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَقُّهُ أَنْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ بِالْمُجَاوِرِ لِأَنَّهُ يُجَاوِرُ وَلَا يُمَازِجُ يَرُدُّ بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ وَأَقْوَالِهِمْ كُلُّ تَغَيُّرٍ بِحَالٍ مُعْتَبَرٍ وَإِنْ لَمْ يُمَازِجْ وَنَصُّ ابْنُ بَشِيرٍ: التَّغَيُّرُ بِمُخَالَطَةِ الْأَدْهَانِ غَيْرُ مُطَهِّرٍ وَنَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الشَّيْخِ وَالْقَابِسِيِّ مَا اسْتَقَى بِدَلْوٍ دُهِنَ بِزَيْتٍ غَيْرُ طَهُورٍ انْتَهَى.

وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ أَنَّهُ وَافَقَ ابْنَ الْحَاجِبِ فَقَالَ: وَلَوْ سَقَطَ فِي الْمَاءِ دُهْنٌ أَوْ عُودٌ لَا يَمْتَزِجُ بِالْمَاءِ فَغَيَّرَهُ لَمْ يَضُرَّ قَالَ: وَلَا إشْكَالَ وَارِدٌ عَلَى ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَلَا عَنْ الْأُمَّهَاتِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الدُّهْنَ إذَا لَاصَقَ سَطْحَ الْمَاءِ وَلَمْ يُمَازِجْهُ لَا يَضُرُّ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: الْمُتَغَيِّرُ بِمُخَالَطَةِ الْأَدْهَانِ وَالْمُخَالَطَةِ الْمُمَازِجَةِ وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الدُّهْنَ الْمُخَالِطَ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ وَقَدْ فَرَّقَ صَاحِبُ الْجَمْعِ بَيْنَ الدَّلْوِ وَالدُّهْنِ الْوَاقِعِ عَلَى سَطْحِ الْمَاءِ بِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَاءِ مَازَجَهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الدُّهْنِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّلْوِ لِأَنَّ الدُّهْنَ يَنْشَغُ مِنْ قَعْرِ الدَّلْوِ وَأَجْنَابِهِ بِخِلَافِ الدُّهْنِ الْوَاقِعِ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَطْفُو عَلَى وَجْهِهِ وَيَبْقَى مَا تَحْتَهُ سَالِمًا وَصَاحِبُ الْجَمْعُ هَذَا لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَرَأَيْتُ مِنْهُ جُزْءًا يَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ هَارُونَ وَابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَبْحَثُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ يَنْشَغُ بِالنُّونِ وَالشِّينِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ يَرْتَفِعُ وَأَصْلُ النُّشُوغِ الشَّهِيقُ حِينَ يَكَادُ يَبْلُغُ الْغَشْيَ وَلَاصَقَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِعْلٌ مَاضٍ لَا اسْمُ فَاعِلٍ وَيُقَالُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ وَالزَّايِ

ص: 54

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) إذَا بَنَيْنَا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الدُّهْنِ الْمُلَاصِقِ فَنَقَلَ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ قَدَّاحٍ أَنَّهُ لَا يَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ حَتَّى يَلْقُطَ الدُّهْنَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ قَالَ هَذَا وَيَصِحُّ فِي الْكَثِيرِ وَأَمَّا الْقَلِيلُ كَنُقْطَةٍ فِي آنِيَةِ الْوُضُوءِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى لَقْطِهِ انْتَهَى.

(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ لَمْ أَرَ مَنْ قَيَّدَ تَغَيُّرَ الْمُجَاوَرَةِ بِالرَّائِحَةِ فَقَطْ وَلَا يُمْكِنُ بِاللَّوْنِ لِامْتِنَاعِ الِانْتِقَالِ عَلَيْهِ وَفِي إمْكَانِهِ بِالطَّعْمِ نَظَرٌ انْتَهَى. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي: وَأَكْثَرُ مَا تُغَيِّرُ الْمُجَاوِرَةُ الرِّيحَ وَقَدْ تُؤَثِّرُ فِي اللَّوْنِ انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) وَالظَّاهِرُ عَدَمُ إمْكَانِ تَغَيُّرِ اللَّوْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ وَكَذَا الطَّعْمُ وَإِنْ قَدْ يُتَوَهَّمُ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ غَلَطِ الْحِسِّ فَإِنْ تَحَقَّقَ تَغَيُّرُ الطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ لِطُولِ إقَامَةِ الدُّهْنِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الدُّهْنَ قَدْ مَازَجَ الْمَاءَ وَخَالَطَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالدُّهْنِ مَا يَصْعَدُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ الرَّاكِدِ بِطُولِ الْمُكْثِ مِمَّا يُشْبِهُ الدُّهْنَ وَقَالَ آخَرُ: أَرَادَ بِالدُّهْنِ الْمَاءَ الْقَلِيلَ وَالْمَطَرَ الْقَلِيلَ. وَالدُّهْنُ يُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ لُغَةً وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِمَا مِنْ الضَّعْفِ انْتَهَى.

وَنَقَلَ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ مَحْمُولٌ عِنْدِي عَلَى مَا يَصْعَدُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ مِنْ الدُّهْنِيَّةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْأَوَانِي الَّتِي يُؤْكَلُ فِيهَا وَتُسْتَعْمَلُ فِي الْمَاءِ لِأَنَّهُ صَارَ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ نَوْعُ الْمَاءِ وَدَلِيلُهُ أَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَ أَوَانِيَهُمْ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْوُضُوءِ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِحَسْبِ كَثْرَةِ الدُّهْنِ وَقِلَّتِهِ فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَلَا يُوجَدُ لَهُ طَعْمٌ فِي الْمَاءِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ بِرَائِحَةِ قَطِرَانِ وِعَاءِ مُسَافِرٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ بِرَائِحَةِ الْقَطِرَانِ الَّتِي فِي وِعَاءِ الْمُسَافِرِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ سَوَاءٌ حَصَلَ التَّغَيُّرُ بِالرَّائِحَةِ الْبَاقِيَةِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ جِرْمِ الْقَطِرَانِ فِي الْوِعَاءِ شَيْءٌ أَوْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِرَائِحَةِ قَطِرَانٍ بَاقٍ فِي الْوِعَاءِ فَأَمَّا إنْ كَانَ التَّغَيُّرُ إنَّمَا هُوَ مِنْ الرَّائِحَةِ الْبَاقِيَةِ فِي الْوِعَاءِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ جِرْمِ الْقَطِرَانِ فِي الْوِعَاءِ شَيْءٌ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ التَّغَيُّرِ بِالْمُجَاوِرِ فَلَا يَسْلُبُ الْمَاءَ الطَّهُورِيَّةَ وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ حَصَلَ التَّغَيُّرُ بِرَائِحَةِ الْقَطِرَانِ مَعَ وُجُودِ جِرْمِهِ فِي الْوِعَاءِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ الْآتِي أَنَّهُ اخْتَارَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ وَكَأَنَّهُ يَجْعَلُهُ مِنْ التَّغَيُّرِ بِالْمُجَاوِرِ الْمُلَاصِقِ وَهَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الدُّهْنِ الْمُلَاصِقِ فَإِنْ حَمَلْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُهُ أَوْ بِرَائِحَةِ قَطِرَانِ وِعَاءِ مُسَافِرٍ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ بِدُهْنٍ لَاصِقٍ وَيَكُونُ تَقْيِيدُهُ بِالْمُسَافِرِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ الْمُسَافِرُ غَالِبًا فَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَإِذَا لَمْ يَضُرَّ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِرَائِحَةِ الْقَطِرَانِ الْمَوْجُودِ فِي الْوِعَاءِ فَأَحْرَى إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ التَّغَيُّرُ فِي لَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ سَلَبَهُ الطَّهُورِيَّةَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنَّ رَائِحَةَ الْقَطِرَانِ إذَا بَقِيَتْ فِي الْوِعَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَأَهْلِ الْبَوَادِي وَأَمَّا إذَا أُلْقِيَ فِي الْمَاءِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَاعَيْنَا مُطْلَقَ الِاسْمِ قُلْنَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ وَهُوَ مَاءٌ مُطْلَقٌ حَتَّى يَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَتَثْبُتَ لَهُ صِفَةُ الْإِضَافَةِ.

وَإِنْ رَاعَيْنَا مُجَرَّدَ التَّغَيُّرِ مَنَعْنَاهُ وَالْأَوَّلُ عِنْدِي أَرْجَحُ كَمَا قَالَهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَلَمْ يَرَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بِتَغَيُّرِ الرِّيحِ مِنْ النَّجَاسَةِ بَأْسًا وَهَذَا الْفَرْعُ عَلَى أَصْلِهِ ظَاهِرٌ انْتَهَى. فَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا غَيَّرَ الْقَطِرَانُ لَوْنَ الْمَاءِ أَوْ طَعْمَهُ سَلَبَهُ الطَّهُورِيَّةَ وَأَمَّا إنْ تَغَيَّرَتْ رَائِحَةُ الْمَاءِ فَقَطْ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الرَّائِحَةِ الْبَاقِيَةِ فِي الْوِعَاءِ فَقَطْ أَوْ مِنْ قَطِرَانٍ بَاقٍ فِي الْوِعَاءِ فَإِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ مِنْ الرَّائِحَةِ الْبَاقِيَةِ فِي الْوِعَاءِ فَقَطْ فَيُجْزَمُ بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَقَوْلُهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَأَهْلِ الْبَوَادِي لَا يُرِيدُ قَصْرَ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الضَّرُورَةَ إلَيْهِ عِنْدَ مَنْ ذَكَرَ أَشَدُّ وَإِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ مِنْ قَطِرَانٍ أُلْقِيَ فِي الْمَاءِ فَرَدَّدَ الْبَحْثَ فِي ذَلِكَ وَاخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ أَيْضًا حَتَّى يَتَحَقَّقَ مُمَازَجَتُهُ لِلْمَاءِ بِأَنْ يَتَغَيَّرَ لَوْنُ الْمَاءِ

ص: 55

يُرِيدُ أَوْ طَعْمُهُ وَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ بَعْضَ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ الْمُتَقَدِّمِ فَصَارَ كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ رَجَّحَ الْوُضُوءَ بِهِ وَإِنْ تَغَيَّرَ لَوْنُ الْمَاءِ أَوْ طَعْمُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي حِلِّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ.

وَنُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ رَأَى فِي الْقِرَبِ الَّتِي يُسَافَرُ بِهَا إلَى الْحَجِّ وَفِيهَا الْقَطِرَانُ فَيَتَغَيَّرُ الْمَاءُ أَنَّ الْوُضُوءَ بِهِ جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ انْتَهَى، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ التَّغَيُّرُ فِي الرَّائِحَةِ أَوْ فِي الطَّعْمِ أَوْ فِي اللَّوْنِ فَلَوْ أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ لَفَظَّةَ رَائِحَةٍ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ إنَّمَا أَشَارَ إلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَالْحَاصِلُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ تَغَيَّرَ رِيحُ الْمَاءِ فَقَطْ مِنْ الْقَطِرَانِ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّغَيُّرِ بِالْمُجَاوِرِ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لَهُ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالضَّرُورَةِ وَلَا بِالسَّفَرِ وَإِنْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحَضَرِ وَلَا فِي السَّفَرِ إلَّا عَلَى ظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ رَاشِدٍ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيَتَقَيَّدُ حِينَئِذٍ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ لِلضَّرُورَةِ إلَيْهِ وَلَا يَصِحُّ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وِعَاءِ مُسَافِرٍ يُرِيدُ وَكَذَا أَهْلُ الْبَادِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَبَّرَ بِهِ فِي الشَّامِلِ وَالْقَطِرَانُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِكَسْرِهِمَا وَبِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَهُوَ عُصَارَةُ شَجَرَةِ الْأَبْهَلِ وَهُوَ الْعَرْعَرُ وَشَجَرُ الْأَرْزِ يُطْبَخُ فَيَتَحَلَّلُ مِنْهُ الْقَطِرَانُ وَيُقَالُ فِي الْمَطْلِيِّ بِهِ مَقْطُورٌ وَمُقَطْرَنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ بِمُتَوَلِّدٍ مِنْهُ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ كَالطُّحْلُبِ بِضَمِّ الطَّاءِ وَاللَّامِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ أَيْضًا وَهُوَ الْخُضْرَةُ الَّتِي تَعْلُو الْمَاءَ وَالْخَزِّ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ وَهُوَ مَا يَنْبُتُ فِي جَوَانِبِ الْجُدُرِ الْمُلَاصِقَةِ لِلْمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَالضَّرِيعُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَعْنَاهُ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ: وَالزُّغْلَانُ قَالَ وَهُوَ حَيَوَانٌ صَغِيرٌ يَتَوَلَّدُ فِي الْمَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ التَّغَيُّرَ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ وَحَكَى صَاحِبُ الطِّرَازِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ قَوْلًا بِكَرَاهَةِ الْمُتَغَيِّرِ بِالطُّحْلُبِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحُ فِي الْوَسَطِ وَالْكَبِيرِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا تَغَيَّرَ لِطُولِ مُكْثِهِ سَوَاءٌ كَانَ تَغَيُّرُهُ فِي لَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ رِيحِهِ أَوْ فِي الْجَمِيعِ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق: وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَكُونُ مِنْ طُولِ مُكْثِهِ كَاصْفِرَارِهِ وَغِلَظِ قَوَامِهِ وَدُهْنِيَّةٍ تَعْلُوهُ مِنْ ذَاتِهِ وَالْمُكْثُ مُثَلَّثُ الْمِيمِ طُولُ الْإِقَامَةِ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) إذَا أُلْقِيَ الطُّحْلُبُ وَمَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الْمَاءِ فِي مَاءٍ فَغَيَّرَهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَالْمَاءُ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ الْمَاءُ عَنْ جِنْسِهِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَنَقَلَ صَاحِبُ الطِّرَازِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، (الثَّانِي) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأَلْغَازِ: إذَا طُبِخَ الْمَاءُ وَفِيهِ الطُّحْلُبُ سَلَبَهُ الطَّهُورِيَّةَ لِأَنَّ حَالَةَ الطَّبْخِ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مُخَالَطَتِهِ فِي مُسْتَقَرِّهِ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيُّ فِي أَوَّلِ تَعْلِيقِهِ الْخِلَافَ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَقَبِلَهُ.

(قُلْتُ) : وَلَا يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الطُّرْطُوشِيُّ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ فِيمَا إذَا أُلْقِيَ فِيهِ الطُّحْلُبُ قَصْدًا أَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ الْمَاءُ عَنْ جِنْسِهِ وَلِأَنَّا نَقُولُ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِطَبْخِ الطُّحْلُبِ فِيهِ أَخَصُّ مِنْ تَغَيُّرِهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ وَأَقْوَى فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اغْتِفَارِ الثَّانِي اغْتِفَارُ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) قَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي: إذَا تَغَيَّرَ الْمَاءُ مِنْ السَّمَكِ أَوْ رَوْثِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِي أَنَّهُ إنْ تَوَلَّدَ مِنْ الْمَاءِ كَالطَّيْرِ لَمْ يَسْلُبْهُ الطَّهُورِيَّةَ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ سَلَبَ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إمَّا مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ الْمَاءُ وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا مَاتَ فِي الْمَاءِ وَغَيَّرَ الْمَاءَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ بِقَرَارِهِ كَمِلْحٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ بِقَرَارِهِ أَيْ الْأَرْضِ الَّتِي هُوَ بِهَا أَوْ يَمُرُّ عَلَيْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ كَمَا قَالَ فِي الرِّسَالَةِ إلَّا مَا غَيَّرَتْ لَوْنَهُ الْأَرْضُ الَّتِي هُوَ

ص: 56

بِهَا مِنْ سَبْخَةٍ أَوْ حَمْأَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَالسَّبْخَةُ بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَهِيَ الْأَرْضُ الْمَالِحَةُ فَإِنْ وُصِفَتْ بِهَا الْأَرْضُ كُسِرَتْ الْمُوَحَّدَةُ وَالْحَمْأَةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَبَعْدَهَا أَلْفٌ مَهْمُوزَةٌ وَهِيَ طِينٌ أَسْوَدُ مُنْتِنٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْكِبْرِيتُ وَالزِّرْنِيخُ بِكَسْرِ الزَّايِ وَالشَّبُّ وَالنُّحَاسُ وَالْحَدِيدُ وَالْمُغْرَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَقَدْ تُفْتَحُ وَيُقَالُ لَهَا الْمَشْقُ وَبِفَتْحِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ تُرَابٌ أَحْمَرُ وَالْكُحْلُ وَالزَّاجُّ وَالنُّورَةُ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَسَوَاءٌ تَغَيَّرَ بِذَلِكَ الْمَاءُ وَهُوَ فِي قَرَارِهِ أَوْ صُنِعَ مِنْهُ إنَاءٌ فَتَغَيَّرَ الْمَاءُ مِنْهُ وَلَمْ يَكْرَهْ أَحَدٌ الْوُضُوءَ مِنْ إنَاءِ الْحَدِيدِ عَلَى سُرْعَةِ تَغَيُّرِ الْمَاءِ فِيهِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مِنْ إنَاءِ صُفْرٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُغَيِّرُ طَعْمَ الْمَاءِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه يُسَخَّنُ لَهُ الْمَاءُ فِي إنَاءٍ مِنْ صُفْرٍ انْتَهَى. وَفِي الطِّرَازِ مَا تَغَيَّرَ الْمَاءُ مِنْ نَفْسِ الْآنِيَةِ فَلَا يَضُرُّ وَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ وَزَادَ وَلَمْ تَزَلْ الْأُمَّةُ تَسْتَعْمِلُ الْمُسَخَّنَ عَلَى النَّارِ وَمَاءَ الْحَمَّامَاتِ وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ مِنْ طَعْمِ الْقُدُورِ مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ هَارُونَ وَالْبَرْزَلِيُّ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَالْبِسَاطِيُّ فِي مُغْنِيهِ وَالزُّهْرِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَقَالَ: وَلَوْ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ الْجُزُولِيُّ فِي بَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَرَاهَةُ الْوُضُوءِ مِنْ إنَاءِ النُّحَاسِ لِأَنَّهُ مَعْدِنٌ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَشْهُورُ جَوَازُهُ وَإِنْ كَانَ يُضِيفُ الْمَاءَ انْتَهَى.

(فَإِنْ قُلْتَ) : نُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي أَسْئِلَةِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْإِنَاءِ الْجَدِيدِ وَالْحَبْلِ الْجَدِيدِ إذَا كَانَ التَّغَيُّرُ يَسِيرًا جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ تَغَيُّرًا بَيِّنًا لَمْ يَجُزْ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ فِي الْإِنَاءِ تَغَيُّرًا بَيِّنًا لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ فَخَّارٍ وَنَحْوِهِ.

(قُلْتُ) : لَيْسَ لَفْظُ الْإِنَاءِ فِي أَسْئِلَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَاَلَّذِي فِي أَسْئِلَتِهِ فِي الْمَاءِ يَسْتَقِي بِالْكُوبِ الْجَدِيدِ وَالْحَبْلِ الْجَدِيدِ وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ وَالْكُوبُ عِنْدَ أَهْلِ الْأَنْدَلُسِ إنَاءٌ يُجْعَلُ مِنْ الْخَشَبِ وَفِي لَفْظِ السُّؤَالِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ فَرَجَعَ طَعْمُ الْمَاءِ طَيِّبًا مِنْ الْأُرْزِ أَوْ نَحْوُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ هَارُونَ وَجَعَلَ بَدَلَ الْكُوبِ الْجَدِيدِ الدَّلْوَ الْجَدِيدَ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَنَصُّهُ: وَيَلْحَقُ بِالْمُتَغَيِّرِ بِمَا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ الْبِئْرُ الْمُتَغَيِّرَةُ مِنْ الْخَشَبِ وَالْعُشْبِ الَّذِي تُطْوَى بِهِ الْآبَارُ فِي الصَّحَارِي لِلضَّرُورَةِ لِذَلِكَ الْمَاءِ وَالْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ بِالدَّلْوِ الْجَدِيدِ فَهَذَا كُلُّهُ يَلْحَقُ بِالْمُطْلَقِ إلَّا أَنْ تَطُولَ إقَامَةُ الْمَاءِ فِي الدَّلْوِ الْجَدِيدِ حَتَّى يَتَغَيَّرَ مِنْهُ تَغَيُّرًا فَاحِشًا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ فِي أَسْئِلَتِهِ انْتَهَى.

ص (أَوْ بِمَطْرُوحٍ وَلَوْ قَصْدًا مِنْ تُرَابٍ أَوْ مِلْحٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ بِشَيْءٍ طُرِحَ فِيهِ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَطْرُوحُ مِنْ جِنْسِ مَا هُوَ مِنْ قَرَارِ الْمَاءِ كَالتُّرَابِ وَالْمِلْحِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ وَلَوْ كَانَ الطَّرْحُ قَصْدًا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ إذَا كَانَ الطَّرْحُ قَصْدًا حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَاءَ مُنْفَكٌّ عَنْ هَذَا الطَّارِئِ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَصْدًا عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مَا طُرِحَ قَصْدًا وَأَمَّا مَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَوْ أَتَى الْمُصَنِّفُ بِالْكَافِ فَقَالَ مِنْ كَتُرَابٍ أَوْ مِلْحٍ لَكَانَ أَشْمَلَ كَمَا قَالَ فِي الشَّامِلِ وَأَنَّ بِمَطْرُوحٍ وَلَوْ قَصْدًا مِنْ كَتُرَابٍ أَوْ مُغْرَةٍ وَكِبْرِيتٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَكِنَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِ أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ إلَى الْمَاءِ وَهُوَ التُّرَابُ وَأَبْعَدِهَا عَنْهُ وَهُوَ الْمِلْحُ فَعُلِمَ بِذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهِمَا أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِيمَا بَيْنَهُمَا كَالْكِبْرِيتِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْمُغْرَةِ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْجَمِيعِ عَدَمُ سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ كَمَا نَقَلَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ مَجْهُولِ الْجَلَّابِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمِلْحِ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ الْقَصَّارِ وَمُقَابِلُهُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ كَمَا سَيَأْتِي، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمَعْدِنِيِّ فَلَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ وَالْمَصْنُوعِ فَيَسْلُبُ وَنَسَبُهُ سَنَدٌ لِلْبَاجِيِّ.

قَالَ الشَّارِحُ: وَلَمْ يَجْزِمْ الْبَاجِيُّ بِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ قَالَ

ص: 57

سَنَدٌ: الْأَوْلَى عَكْسُهُ يُرِيدُ أَنَّ الْمَعْدِنِيَّ يَضُرُّ لِأَنَّهُ طَعَامٌ وَالْمَصْنُوعَ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ أَصْلَهُ تُرَابٌ (تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَأَصْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ لَوْ كَانَ التُّرَابُ مَصْنُوعًا كَالْجِبْسِ وَالنُّورَةِ فَالظَّاهِرُ التَّأْثِيرُ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ بِالصَّنْعَةِ لَكِنَّهُمْ قَالُوا فِي الْمَاءِ يَتَغَيَّرُ فِي الْإِنَاءِ مِثْلِ الْفَخَّارِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ لِكَوْنِهِ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ الْمَاءُ غَالِبًا وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الصَّنْعَةِ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا تَقَدَّمَ وَصَرَّحَ الْبُرْزُلِيُّ بِأَنَّ صُفْرَةَ الْمَاءِ مِنْ الْجِيرِ لَا تَضُرُّ قَالَ كَمَا إذَا تَغَيَّرَ طَعْمُهُ بِالْفَخَّارِ الْجَدِيدِ وَالتُّرَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ (الثَّانِي) قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: سَأَلْتُ بَعْضَ شُيُوخِنَا عَنْ الْمِلْحِ إذَا طُبِخَ فِي الْمَاءِ هَلْ يَجْرِي مَجْرَى سُقُوطِ الطَّعَامِ فِيهِ؟ فَذَهَبَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَأَنَّ لَهُ حُكْمَ الْمَاءِ الْمُضَافِ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَقَالَ: لَا يَجْرِي الطَّعَامُ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : الْجَارِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الطُّرْطُوشِيِّ فِي الطُّحْلُبِ إذَا طُبِخَ فِي الْمَاءِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ تَغَيُّرَ الْمَطْبُوخِ أَقْوَى

ص (وَالْأَرْجَحُ السَّلْبُ بِالْمِلْحِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ ابْنَ يُونُسَ رَجَّحَ الْقَوْلَ بِسَلْبِ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ بِالْمِلْحِ الْمَطْرُوحِ فِيهِ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْمِلْحِ: وَالصَّوَابُ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ لِأَنَّهُ إذَا فَارَقَ الْأَرْضَ صَارَ طَعَامًا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ فَهُوَ بِخِلَافِ التُّرَابِ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ وَلَا تَخْلُو بُقْعَةٌ فِيهَا الْمَاءُ مِنْهُ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَفِي الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِهِ إنْ صُنِعَ تَرَدُّدٌ) هَذَا أَوَّلُ مَوْضِعٍ جَرَى فِيهِ ذِكْرُ التَّرَدُّدِ وَهُوَ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالطُّرُقِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ هَلْ الْمِلْحُ كَالتُّرَابِ فَلَا يَنْقُلُ حُكْمَ الْمَاءِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ كَالطَّعَامِ فَيَنْقُلُهُ إلَى غَيْرِهِ أَوْ الْمَعْدِنِيُّ كَالتُّرَابِ وَالْمَصْنُوعُ كَالطَّعَامِ وَاخْتَلَفَ مَنْ بَعْدَهُمْ هَلْ تَرْجِعُ هَذِهِ الْأَقْوَالُ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَيَكُونُ مَنْ جَعَلَهُ كَالتُّرَابِ يُرِيدُ الْمَعْدِنِيَّ وَمَنْ جَعَلَهُ كَالطَّعَامِ يُرِيدُ الْمَصْنُوعَ أَوْ يَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ انْتَهَى بِالْمَعْنَى فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّرَدُّدِ إلَى الِاخْتِلَافِ الثَّانِي وَالْمَعْنَى اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ فِي الْمِلْحِ هَلْ يَتَّفِقُ عَلَى السَّلْبِ بِهِ إنْ كَانَ مَصْنُوعًا أَوْ لَا يَتَّفِقُ عَلَى ذَلِكَ طَرِيقَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ.

(فَإِنْ قُلْتَ) : الطَّرِيقُ الَّتِي تَقُولُ يَتَّفِقُ عَلَى السَّلْبِ بِالْمَعْدِنِيِّ لِأَنَّهَا تَدْعُو أَنَّ الْخِلَافَ يَرْجِعُ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ بِالتَّفْصِيلِ فَلِمَ لَمْ يُصَرِّحْ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ فَيَقُولُ مَثَلًا وَفِي الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِهِ إنْ صُنِعَ وَعَلَى عَدَمِ السَّلْبِ بِهِ إنْ لَمْ يُصْنَعْ تَرَدُّدٌ وَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ وَلَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ لِأَنَّا نَقُولُ الَّذِي أَفَادَهُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ غَيْرَ الْمَصْنُوعِ لَمْ يَحْصُلْ الِاتِّفَاقُ عَلَى سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ بِهِ وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ السَّلْبِ بِهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ (وَالْجَوَابُ) : أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ السَّلْبِ بِالْمَعْدِنِيِّ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ كَالتُّرَابِ وَالْخِلَافُ مَوْجُودٌ فِي التُّرَابِ نَفْسِهِ فَلَوْ قَالَ وَفِي الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِهِ إنْ صُنِعَ وَعَلَى عَدَمِ السَّلْبِ إنْ لَمْ يُصْنَعْ لَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ السَّلْبِ بِالْمَعْدِنِيِّ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ أُرِيدَ الِاتِّفَاقُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ فَصَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (لَا بِمُتَغَيِّرٍ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا بِمَا يُفَارِقُهُ غَالِبًا مِنْ طَاهِرٍ أَوْ نَجِسٍ كَدُهْنٍ خَالَطَهُ أَوْ بُخَارٍ مُصْطَكَى وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ)

ش: هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْمُطْلَقِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَدَثَ وَحُكْمَ الْخُبْثِ يَرْتَفِعُ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ وَلَا يَرْتَفِعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ سَوَاءٌ كَانَ تَغَيُّرُهُ فِي اللَّوْنِ أَوْ فِي الطَّعْمِ أَوْ فِي الرِّيحِ إذَا كَانَ الْمُغَيِّرُ لِلْمَاءِ يَنْفَكُّ عَنْهُ الْمَاءُ غَالِبًا وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُغَيِّرُ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا وَذَلِكَ كَالدُّهْنِ الَّذِي يُخَالِطُ الْمَاءَ أَيْ يُمَازِجُهُ وَكَاللَّبَنِ

ص: 58

وَالزَّعْفَرَانِ وَالْخَلِّ وَغَيْر ذَلِكَ وَكَالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا وَذَلِكَ كَالدُّهْنِ الَّذِي يُخَالَطُ بِبُخَارِ الْمُصْطَكَى وَنَحْوِهَا وَإِذَا تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِمَا ذَكَرْنَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الشَّيْءِ الَّذِي غَيَّرَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ طَاهِرًا فَالْمَاءُ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ فَيُسْتَعْمَلُ فِي الْعَادَاتِ كَالشُّرْبِ وَالطَّبْخِ وَالْعَجْنِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ مِنْ الْوَسَخِ وَلَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَلَا حُكْمَ الْخُبْثِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي غَيَّرَ الْمَاءَ نَجِسًا فَالْمَاءُ نَجِسٌ لَا يُسْتَعْمَلُ لَا فِي الْعَادَاتِ وَلَا فِي الْعِبَادَاتِ وَيَجُوزُ أَنْ يُسْقَى بِهِ الزَّرْعُ وَأَنْ يُسْقَى لِلْمَاشِيَةِ وَيَصِيرُ بَوْلُهَا وَرَوْثُهَا نَجِسًا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّسٍ لَا نَجِسٍ وَقَوْلُهُ أَوْ نَجِسٌ يَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِفَتْحِ الْجِيمِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ عَيْنَ النَّجَاسَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ النَّجَسُ بِفَتْحِ الْجِيمِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ كَالْبَوْلِ وَنَحْوِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِكَسْرِهَا فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الشَّيْءَ الْمُتَنَجِّسَ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى.

وَخُصِّصَ الْمُتَغَيِّرُ بِالدُّهْنِ الْمُخَالِطِ وَالْمُتَغَيِّرِ بِبُخَارِ الْمُصْطَكَى بِالذِّكْرِ لِنُكْتَةٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِيُنَبِّهَ بِذَلِكَ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَإِنْ بِدُهْنٍ لَاصِقٍ إذْ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ بِمُخَالَطَةِ الْأَدْهَانِ غَيْرُ طَهُورٍ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْكَبِيرِ وَالْوَسَطِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ يُوهِمُ أَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادُ الشَّارِحِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى ظَاهِرِ إطْلَاقِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ بِالدُّهْنِ طَهُورٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ لَهُ عَلَى الدُّهْنِ الْمُلَاصِقِ وَعِبَارَاتُ الشَّارِحِ فِي الصَّغِيرِ أَحْسَنُ مِنْهُ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْمُتَغَيِّرُ بِبُخَارِ الْمُصْطَكَى فَلِيُنَبِّهَ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ الْخِلَافِ الَّذِي بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ فِي الْمُبَخَّرِ بِالْمَصْطَكَى وَغَيْرِهَا قَوْلَيْنِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ بَنَاهُمَا عَلَى أَنَّهُ مُجَاوِرٌ فَلَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ أَوْ مُخَالِطٌ فَيَسْلُبُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُخَالِطٌ وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ غَيْرَهُ انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: جَزْمُ اللَّخْمِيُّ بِإِضَافَتِهِ صَوَابٌ وَقَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ وَهَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي الْمُبَخَّرِ بِالْعُودِ وَغَيْرِهِ حَكَاهُ الْأَشْيَاخُ الْمُتَأَخِّرُونَ انْتَهَى.

وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَقَيَّدَهُ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي بِالتَّغْيِيرِ الْبَيِّنِ فَقَالَ إذَا بُخِّرَ الْإِنَاءُ وَظَهَرَ أَثَرُهُ فِي الْإِنَاءِ ظُهُورًا بَيِّنًا فَإِنَّهُ يَسْلُبُ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ الْإِطْلَاقُ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْبَيِّنِ أَنْ يُدْرَكَ التَّغَيُّرُ فِيهِ وَالْمَصْطَكَى بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَبِمَدٍّ مَعَ الْفَتْحِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَلَوْ قَالَ أَوْ بُخَارٌ كَمُصْطَكَى لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَشْمَلَ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِ الْمَاءِ بِمَا يَنْفَكُّ عَنْهُ سَلَبَهُ ذَلِكَ التَّغَيُّرُ الطَّهُورِيَّةَ سَوَاءٌ كَانَ التَّغَيُّرُ ظَاهِرًا أَوْ خَفِيًّا وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ إلَّا مَا نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَضُرُّ فِيهِ التَّغَيُّرُ الْبَيِّنُ كَمَا سَيَأْتِي وَذَلِكَ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهُ أَرَادَ الْإِطْلَاقَ فِي كَلَامِهِ هُنَا وَحَكَى ابْنُ فَرْحُونٍ وَصَاحِبُ الْجَمْعِ قَوْلًا بِاغْتِفَارِ التَّغَيُّرِ الْيَسِيرِ وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ إنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الْمَذْهَبِ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ ذَكَرَ الْإِبْيَانِيُّ فِي سَفِينَتِهِ أَنَّ خَفِيَّ التَّغَيُّرِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ وَذَلِكَ أَنَّ أَوَانِي الْعَرَبِ لَا تَنْفَكُّ مِنْ طَعْمٍ يَسِيرٍ أَوْ رَائِحَةٍ يَسِيرَةٍ وَكَانُوا لَا يَتَحَرَّجُونَ عَنْ اسْتِعْمَالِهَا انْتَهَى وَحَكَى صَاحِبُ الْجَمْعِ عَنْ ابْنِ هَارُونَ أَنَّ بَعْضَهُمْ عَزَى الْقَوْلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ التَّغَيُّرِ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ لِلْمَذْهَبِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَهَذَا يُحْمَلُ عِنْدِي عَلَى مَا تَغَيَّرَ بِمَا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا لَا عَلَى أَنَّ التَّغَيُّرَ الْيَسِيرَ مُغْتَفَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الْمَذْهَبِ.

(قُلْتُ) : وَمَا قَالَهُ ابْنُ هَارُونَ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَمْ يَنْقُلْ صَاحِبُ الطِّرَازِ التَّفْرِيقَ بَيْنَ التَّغَيُّرِ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ إلَّا عَنْ الشَّافِعِيَّةِ وَأَمَّا مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْإِبْيَانِيُّ مِنْ مَسْأَلَةِ أَوَانِي الْعَرَبِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ الْمَاءُ غَالِبًا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَفِي كَلَامِ ابْنِ هَارُونَ الْمُتَقَدِّمِ هُنَا إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ وَذَكَرَ الْوَانُّوغِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى تَعْلِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ فِي الْإِنَاءِ يُصَبُّ مِنْهُ الْوَدَكُ أَوْ الزَّيْتُ ثُمَّ يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ فَتَعْلُوهُ شِيَابَةٌ هَلْ يُتَوَضَّأُ بِهِ؟

ص: 59

فَقَالَ: أَمَّا الْيَسِيرُ فَلَا يَضُرُّ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا تَغَيَّرَ بِطَاهِرٍ وَأَمَّا مَا تَغَيَّرَ بِنَجَسٍ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ التَّغَيُّرِ الْيَسِيرِ وَالْفَاحِشِ قَلِيلًا كَانَ الْمَاءُ أَوْ كَثِيرًا جَارِيًا أَوْ رَاكِدًا وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَسَوَاءٌ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ.

(قُلْتُ) : فِي حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى مَا تَغَيَّرَ رِيحُهُ فَقَطْ نُظِرَ لِمَا سَيَأْتِي عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، (الثَّانِي) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ أَجْزَاءِ الْمَاءِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمُخَالَطِ أَوْ عَكْسُ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيمَا إذَا كَانَتْ أَجْزَاءُ الْمُخَالَطِ الطَّاهِرِ الْمُغَيِّرِ لِلْمَاءِ أَقَلَّ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَاءِ قَوْلَيْنِ قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مُطَهِّرٌ وَإِنَّ تَرْكَهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ اسْتِحْسَانٌ وَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي مَسْأَلَةِ الْغَدِيرِ بِتَغَيُّرٍ بِرَوْثِ الْمَاشِيَةِ وَمِثْلُهُ الْبِئْرُ إذَا تَغَيَّرَ بِوَرَقِ الشَّجَرِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ فَاسِدٌ وَإِنَّمَا تَرَدَّدَ فِيهِ مَالِكٌ لِاشْتِبَاهِ الْأَمْرِ فِيهِ هَلْ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ أَمْ لَا وَنَحْوُهُ الْبَاجِيُّ كَمَا سَيَأْتِي وَتَبِعَ ابْنَ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ اللَّخْمِيُّ فِيمَا ذَكَرَهُ فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ مَا انْضَافَ إلَى الْمَاءِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ لَيْسَ هُوَ الْغَالِبُ إلَّا أَنَّهُ غَيَّرَ أَوْصَافَ الْمَاءِ أَوْ بَعْضَهَا فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ وَلَا يَجُوزُ الْغُسْلُ وَلَا الْوُضُوءُ بِهِ وَلَا يَرْفَعُ حُكْمَ النَّجَاسَةِ مِنْ ثَوْبٍ وَلَا بَدَنٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُتَوَضَّأَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُحَرِّمَهُ فَاتَّقَاهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ انْتَهَى فَتَأَمَّلْهُ.

وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ بِعِبَارَةٍ تُوهِمُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْغَدِيرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ إنَّمَا هُوَ تَغَيُّرُ أَحَدِ أَوْصَافِ الْمَاءِ لَا مُجَرَّدُ مُخَالَطَةِ الْمَاءِ لِغَيْرِهِ فَلَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ جِلْدٌ أَوْ ثَوْبٌ وَأُخْرِجَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ لَمْ يَضُرَّهُ وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الطِّرَازِ وَكَذَلِكَ لَوْ غُمِسَ فِيهِ خُبْزٌ وَأُخْرِجَ فِي الْحِينِ أَوْ بُلَّ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْحُبُوبِ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ قَالَ: وَالْعِلَّةُ تَغَيُّرُ أَحَدِ أَوْصَافِ الْمَاءِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا. وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ وَحُكِيَ فِي الطِّرَازِ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ لَا يُتَوَضَّأُ بِمَاءِ بُلَّ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ غُسِلَ بِهِ ثَوْبٌ طَاهِرٌ أَوْ تُوُضِّئَ بِهِ سَوَاءٌ تَغَيَّرَ الْمَاءُ أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَإِنْ تَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى أَعَادَ أَبَدًا ذَكَرَهُ فِي بَابِ أَحْكَامِ الْمِيَاهِ فِي مَوْضِعَيْنِ.

(الرَّابِعُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اعْتِبَارِ تَغَيُّرِ الرَّائِحَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إنَّ تَغَيُّرَ الرِّيحِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يَعْنِي حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا تَغَيُّرَ الرِّيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا تَغَيُّرَ الرِّيحِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلًا ثَالِثًا يُفَرِّقُ فِيهِ بَيْنَ التَّغَيُّرِ الشَّدِيدِ وَالْخَفِيفِ وَعَزَّاهُ لِسَحْنُونٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ مَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ تَغَيَّرَ بِمَا حَلَّ فِيهِ تَغَيُّرًا شَدِيدًا أَعَادَ أَبَدًا قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَهَذَا الْكَلَامُ يَتَنَاوَلُ الطَّعْمَ وَاللَّوْنَ إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِ سَحْنُونٍ مَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِيَّةِ الرِّيحِ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ ابْنَ الْمَاجِشُونِ أَلْغَى تَغَيُّرَ الرِّيحِ مُطْلَقًا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إذَا أَنْتَنَ الْمَاءُ وَاشْتَدَّتْ رَائِحَتُهُ فَنَجَسٌ اتِّفَاقًا انْتَهَى.

(قُلْتُ) : كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الثَّانِي فِي أَوَاخِرِ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْوُضُوءِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَوْلُ عِيَاضٍ أَجْمَعُوا عَلَى نَجَاسَةِ مَا غَيَّرَ رِيحَهُ نَجَاسَةٌ بَعِيدٌ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : هَذَا نَحْوُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ الْمُتَقَدِّمِ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُ أَشْيَاخِ ابْنِ بَشِيرٍ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ حَتَّى حُمِلَ قَوْلُهُ عَلَى التَّغَيُّرِ بِالْمُجَاوَرَةِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ: وَلَعَلَّهُ قَصَدَ التَّغَيُّرَ بِالْمُجَاوَرَةِ قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ: وَهَذِهِ غَلْطَةٌ عَظِيمَةٌ فَقَدْ حَكَى عَنْهُ أَبُو زَيْدٍ فِي الثَّمَانِيَةِ أَنَّ وُقُوعَ الْمَيْتَةِ فِي الْبِئْرِ لَا يَضُرُّ وَإِنْ تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ حَتَّى يَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ وَصَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ بِأَنَّ خِلَافَهُ مَعَ تَغَيُّرِ الرَّائِحَةِ بِمَا حَلَّ فِي الْمَاءِ وَخَالَطَهُ انْتَهَى. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ نَحْوَ هَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ) إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ

ص: 60

تُغَيِّرْهُ ثُمَّ حَلَّ فِيهِ مَا هُوَ طَاهِرٌ كَاللَّبَنِ وَنَحْوِهِ فَغَيَّرَهُ فَهُوَ طَاهِرٌ عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ الْإِضَافَةُ ثُمَّ حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ كَانَ نَجِسًا لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُضَافَ وَالْمَائِعَاتِ لَا تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهُ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي وَالشَّبِيبِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ خِلَافًا وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ الْمَاءَ الْيَسِيرَ إذَا حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ فَلِذَلِكَ قَالَ عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا فَإِنَّهُ طَاهِرٌ بِلَا خِلَافٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ حُكْمَ الْمَاءِ حُكْمُ مَا غَيَّرَهُ فَإِنْ كَانَ نَجِسًا فَالْمَاءُ نَجِسٌ وَإِنْ كَانَ الْمُغَيِّرُ طَاهِرًا فَالْمَاءُ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ مَا نَصَّهُ وَانْظُرْ إذَا خَالَطَهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا يَنْضَحُ فَيَكُونُ الْمَاءُ طَاهِرًا غَيْرَ مُطَهِّرٍ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ تَغَيَّرَ بِمَا وَقَعَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُشَكُّ أَيْضًا فِي الْمُغَيِّرِ هَلْ هُوَ مِمَّا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ أَمْ لَا فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّابِعُ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ حَتَّى اسْتَنْقَعَ مِنْ الْمَطَرِ شَيْءٌ قَلِيلٌ فَلْيَتَوَضَّأْ مِنْهُ وَإِنْ جَفَّ تَيَمَّمَ بِهِ وَإِنْ خَافَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ زِبْلٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ ابْنُ نَاجِي هَذَا فِي الْفَلَوَاتِ وَأَمَّا فِي طُرُقِ الْمُدُنِ فَلَا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهَا النَّجَاسَةُ انْتَهَى

ص (وَيَضُرُّ بَيِّنُ تَغَيُّرٍ بِحَبْلِ سَانِيَةٍ)

ش: لَمَّا دَلَّ كَلَامُهُ أَوَّلًا عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ التَّغَيُّرِ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ كَمَا ذَكَرْنَا نَبَّهَ هُنَا عَلَى أَنَّ حَبْلَ السَّانِيَةِ لَا يَسْلُبُ الْمَاءَ الطَّهُورِيَّةَ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ مِنْهُ تَغَيُّرًا بَيِّنًا وَالسَّانِيَةُ الْحَبْلُ الَّذِي يُسْتَقَى عَلَيْهِ وَفِي الْمَثَلِ سَيْرُ السَّوَانِي سَفَرٌ لَا يَنْقَطِعُ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِمَا ذَكَرَهُ إلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَأَمَّا الْمَاءُ يُسْتَقَى بِالْكُوبِ الْجَدِيدِ فَلَا يَجِبُ الِامْتِنَاعُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّهَارَةِ إلَّا أَنْ يَطُولَ مُكْثُ الْمَاءِ فِي الْكُوبِ أَوْ طَرْحُ الْحَبْلِ فِيهِ حَتَّى يَتَغَيَّرَ مِنْ ذَلِكَ تَغَيُّرًا بَيِّنًا فَاحِشًا انْتَهَى. لَكِنْ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ أَنَّ السَّانِيَةَ لَيْسَتْ مَخْصُوصَةً بِهَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّهُ فَرَضَ ذَلِكَ فِي حَبْلِ الِاسْتِقَاءِ وَهُوَ أَعَمُّ ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَ الْأَجْوِبَةِ السَّابِقِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ وَكَذَا فَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَامًّا فَقَالَ: وَفِي طَهُورِيَّةِ الْمُتَغَيِّرِ بِحَبْلِ اسْتِقَائِهِ ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ تَغَيُّرًا فَاحِشًا الْأَوَّلُ لِابْنِ زَرْقُونٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالثَّالِثُ لِفَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُغَيَّرِ بِهِ وَبِالْكُوبِ انْتَهَى. فَظَهَرَ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِحَبْلِ السَّانِيَةِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِحَبْلِ اسْتِقَائِهِ كَانَ أَحْسَنَ وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ بَعْضِ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ حَبْلِ السَّانِيَةِ وَحَبْلِ الْبِئْرِ وَجَعَلَ الصَّحِيحَ فِي حَبْلِ السَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ قَالَ: بِخِلَافِ حَبْلِ الْبِئْرِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ فِي حَبْلِ الْبِئْرِ بَلْ يُرْبَطُ فِي الدَّلْوِ مِقْدَارُ مَا يَحِلُّ فِي الْمَاءِ مِنْ حَبْلٍ قَدِيمٍ.

وَأَمَّا حَبْلُ السَّانِيَةِ فَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ لِحُلُولِهِ كُلِّهِ فِي الْمَاءِ، قَالَ: وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَنْعِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَهَذَا فِي السَّانِيَةِ الَّتِي تَدُورُ بِالْقَوَادِيسِ وَأَمَّا الَّتِي تَذْهَبُ بِالدَّوَابِّ وَتَجِيءُ فَيُمْكِنُ التَّحَرُّزُ أَيْضًا بِرَبْطِ حَبْلٍ فِي طَرَفِ الْحَبْلِ الْجَدِيدِ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَفِيهِ تَضْيِيقٌ وَحَرَجٌ وَالظَّاهِرُ مَا تَقَدَّمَ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ بِالْحَبْلِ الَّذِي يُسْتَقَى بِهِ أَوْ بِالدَّلْوِ أَوْ بِالْكُوبِ الَّذِي يُسْتَقَى بِهِ فَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُهُ إلَّا إذَا طَالَ مُكْثُهُ فِي الْمَاءِ حَتَّى تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا فَاحِشًا وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْإِنَاءُ الَّذِي يُسْتَقَى بِهِ مِنْ قَرَارِ الْأَرْضِ كَالْإِنَاءِ الْمَصْنُوعِ مِنْ الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالْفَخَّارِ فَهَذَا لَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِهِ وَلَوْ كَانَ فَاحِشًا كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الشَّبِيبِيُّ فِي مَاءِ الْقِرْبَةِ وَالْبِئْرِ يَتَغَيَّرُ بِمَا يُصْلِحُهُ مِنْ الدِّبَاغِ وَالطَّرْفَاءِ أَوْ نَحْوِهِ أَنَّهُ طَهُورٌ وَغَيْرُهُ أَحْسَنُ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : مَا ذَكَرَهُ فِي مَاءِ الْقِرْبَةِ بِتَغَيُّرٍ مِنْ الدِّبَاغِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ فِيهِ بَيْنَ التَّغَيُّرِ الْبَيِّنِ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي الدَّلْوِ لِأَنَّ الْجَامِعَ بَيْنَهُمَا ضَرُورَةُ الِاسْتِقَاءِ وَأَمَّا مَاءُ الْبِئْرِ إذَا تَغَيَّرَ بِالطَّرْفَاءِ وَنَحْوِهِ فَسَيَأْتِي

ص: 61

عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ طَهُورٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِعَدَمِ مَا يُطْوَى بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ غَرِيبٌ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (كَغَدِيرٍ بِرَوْثِ مَاشِيَةٍ أَوْ بِئْرٍ بِوَرِقِ شَجَرٍ أَوْ تِبْنٍ وَالْأَظْهَرُ فِي بِئْرِ الْبَادِيَةِ بِهِمَا الْجَوَازُ)

ش: ظَاهِرُ كَلَامِهِ رحمه الله أَنَّ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا يَضُرُّ فِيهِمَا إلَّا التَّغَيُّرُ الْبَيِّنُ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ رَاجِعًا لِمُجَرَّدِ التَّغَيُّرِ لَا لِقَيْدِ كَوْنِهِ بَيِّنًا كَالْمُشَبَّهِ بِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُسَاعِدُ لِلنُّقُولِ أَلَا تَرَاهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا قَوْلًا بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ الْبَيِّنِ وَغَيْرِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ.

(قُلْتُ) : أَمَّا مَسْأَلَةُ الْغَدِيرِ تَرِدُهُ الْمَاشِيَةُ فَتَبُولُ فِيهِ وَتَرُوثُ فِيهِ حَتَّى يَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ فَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ: الْأُولَى ذَلِكَ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَبِلَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَيَكُونُ الْمَاءُ غَيْرَ مُطَهِّرٍ يَتَيَمَّمُ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَإِنْ تَوَضَّأَ بِهِ أَعَادَ وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْمَجْمُوعَةِ قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُحَرِّمَهُ فَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ وَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَانٌ، قَالَ: فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ وَتُسْتَحْسَنُ الْإِعَادَةُ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ، قَالَ: وَإِنْ عُدِمَ غَيْرُهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى التَّيَمُّمِ وَيَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ لَكِنَّهُ بَنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ أَجْزَاءُ الْمُخَالِطِ أَقَلَّ مِنْ الْمَاءِ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَعَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَالَ: وَإِنَّمَا تَرَدَّدَ فِيهِ مَالِكٌ لِاشْتِبَاهِ أَمْرِهِ هَلْ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ أَمْ لَا وَهَكَذَا قَالَ فِي الْمُنْتَقَيْ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ رِوَايَةَ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ: وَمَعْنَى ذَلِكَ لَهُ أَنَّهُ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ الْمَاءُ عَنْهُ غَالِبًا وَلَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ مِنْهُ انْتَهَى.

وَاخْتَصَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ: وَرَوَى ابْنُ غَانِمٍ فِيمَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ بِبَوْلِ مَاشِيَةٍ تَرَدُّدٌ وَرَوْثِهَا لَا يُعْجِبُنِي الْوُضُوءُ بِهِ وَلَا أُحَرِّمُهُ الْبَاجِيُّ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا اللَّخْمِيُّ لِأَنَّهُ كَثِيرٌ تَغَيَّرَ بِطَاهِرٍ قَلِيلٍ وَجَعَلَ فِي سَلْبِ طَهُورِيَّتِهِ وَطَهَارَتِهِ قَوْلَيْنِ وَتَبِعَهُ ابْنُ رُشْدٍ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : إلَّا أَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّ اللَّخْمِيَّ وَابْنَ رُشْدٍ ذَكَرَا الْقَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَقَدْ سَبَقَ كَلَامُهُمَا فِي ذَلِكَ فَانْظُرْ آفَةَ الِاخْتِصَارِ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي مَسْأَلَةِ الْغَدِيرِ سَلْبُ الطَّهُورِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ التَّغَيُّرُ بَيِّنًا أَمْ لَا عَلَى مَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَبِلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْبِئْرِ تَتَغَيَّرُ بِوَرِقِ الشَّجَرِ وَالتِّبْنِ الَّذِي أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِيهَا فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيهَا قَوْلَيْنِ: الْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَنَّ التَّغَيُّرَ الْبَيِّنَ يَضُرُّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْبَيِّنِ لَا يَضُرُّ، وَالثَّانِي وَعَزَاهُ لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِهِمَا أَيْ بِوَرِقِ الشَّجَرِ وَالتِّبْنِ لَا يَضُرُّ فِي بِئْرِ الْبَادِيَةِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ التَّغَيُّرُ بَيِّنًا أَوْ غَيْرَ بَيِّنٍ مَفْهُومُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ فِي بِئْرِ الْحَاضِرَةِ بَيِّنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ بَيِّنٍ هَذَا حَلُّ كَلَامِهِ رحمه الله.

وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ أَنَّهُ قَالَ: سُئِلْتُ عَنْ آبَارِ الصَّحَارِي الَّتِي تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَى طَيِّهَا بِالْخَشَبِ لِعَدَمِ مَا تُطْوَى بِهِ سِوَى ذَلِكَ فَيَتَغَيَّرُ لَوْنُ الْمَاءِ وَرِيحُهُ وَطَعْمُهُ مِنْ ذَلِكَ هَلْ يَجُوزُ الْغُسْلُ وَالْوُضُوءُ بِهِ؟ فَأَجَبْتُ بِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ ثُمَّ سُئِلْتُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ عَنْ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا أَجَبْتُ بِهِ لِمُخَالَفَةِ مَنْ خَالَفَ فِيهِ فَذَكَرَ احْتِجَاجَهُ فِي ذَلِكَ وَأَطَالَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ آبَارَ الصَّحَارِي لَمَّا كَانَتْ لَا يُسْتَغْنَى فِيهَا عَنْ الْخَشَبِ وَالْعُشْبِ اللَّذَيْنِ تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَى طَيِّهَا بِهِمَا صَارَ ذَلِكَ كَتَغَيُّرِ الْمَاءِ بِمَا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ مِنْ الطُّحْلُبِ وَالْحَمْأَةِ وَنَحْوِهِمَا ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ أَنَّ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ لَا يَصِحُّ بِذَلِكَ هَذَا بَعِيدٌ كَنَحْوِ مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالْغُدْرَانِ بِمَا يَسْقُطُ فِيهِ مِنْ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ النَّابِتَةِ عَلَيْهِ وَاَلَّتِي جَلَبَتْهَا الرِّيحُ إلَيْهِ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَلَا الْغُسْلُ بِهِ وَهَذَا مِنْ الشُّذُوذِ الْخَارِجِ عَنْ أَصْلِ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْمِيَاهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَفَتَ إلَيْهِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ انْتَهَى.

وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْإِبْيَانِيَّ فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا إذَا

ص: 62

سَقَطَ وَرَقُ الشَّجَرِ أَوْ الْحَشِيشُ فِي الْمَاءِ فَتَغَيَّرَ فَإِنَّ مَذْهَبَ شُيُوخِنَا الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ الْوُضُوءُ بِهِ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيِّ: لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ الْمَاءُ عَنْهُ غَالِبًا وَلَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ وَيَشُقُّ تَرْكُ اسْتِعْمَالِهِ كَالطُّحْلُبِ انْتَهَى.

وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ عَنْ السُّلَيْمَانِيَّة فِي الْبِئْرِ يَقَعُ فِيهَا سَعَفُ النَّخْلِ وَوَرَقُ الزَّيْتُونِ وَالتِّبْنُ فَيَتَغَيَّرُ لَوْنُ الْمَاءِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَتَغَيَّرُ لَوْنُهُ إلَّا وَقَدْ تَغَيَّرَ طَعْمُهُ فَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ فَإِنْ فَعَلَ وَصَلَّى أَعَادَ مَا لَمْ يَذْهَبْ الْوَقْتُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَهَذَا نَحْوُ الْأَوَّلِ وَيُشِيرُ إلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ الْمُتَقَدِّمِ فِي مَسْأَلَةِ الْغَدِيرِ وَإِنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ أَجْزَاءُ الْمُخَالِطِ الطَّاهِرِ أَقَلَّ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَاءِ كَانَ الْمَاءُ طَاهِرًا وَكَانَ تَرْكُهُ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ هَذَا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُقَابِلُ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ سَلْبُ الطَّهُورِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاعْتَمَدَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ عَلَى هَذَا فَذَكَرَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ قَالَ: وَلِهَذَا اقْتَصَرَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - وَنَحْوُهُ فِي الصَّغِيرِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: وَلِهَذَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فَتَأَمَّلْهُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِ بِنَاءَ اللَّخْمِيِّ وَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيِّ وَلَمَّا تَكَلَّمَ صَاحِبُ الطِّرَازِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ مَا نَصُّهُ: أَمَّا الْحَشِيشُ وَأَوْرَاقُ الشَّجَرِ تَسْقُطُ فِي الْمَاءِ فَتُغَيِّرُهُ فَقَالَ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ: لَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَمَنَعَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيُّ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ إنْ وَجَدَ مِنْهُ بَدَلًا وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُهُ انْتَهَى. يُشِيرُ بِهِ إلَى مَسْأَلَةِ السُّلَيْمَانِيَّة وَأَنَّ مَالِكًا إنَّمَا تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ لِاشْتِبَاهِ أَمْرِهِ هَلْ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ أَمْ لَا؟ وَتَبِعَ ابْنَ عَرَفَةَ صَاحِبُ الطِّرَازِ فِي حِكَايَةِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فَقَالَ: وَفِيمَا غَيَّرَ لَوْنَهُ وَرَقٌ أَوْ حَشِيشٌ غَالِبٌ، ثَالِثُهَا يُكْرَهُ لِلْعِرَاقِيِّينَ الْإِبْيَانِيُّ وَقَوْلُ السُّلَيْمَانِيَّة تُعَادُ الصَّلَاةُ بِوُضُوئِهِ فِي الْوَقْتِ انْتَهَى وَذَكَرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي شَرْحِهِ لِهَذَا الْمُخْتَصَرِ أَنَّ بَعْضَهُمْ حَكَى عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّهُ حَكَى اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ الْوُضُوءِ بِمَا تَغَيَّرَ مِنْ وَرِقِ شَجَرٍ نَبَتَ عَلَيْهِ انْتَهَى. فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ فِي مَاءِ الْبِئْرِ الْمُتَغَيِّرِ بِوَرَقِ الشَّجَرِ وَالْحَشِيشِ طُرُقًا: الْأُولَى لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ وَهُوَ قَوْلُ الْإِبْيَانِيِّ

وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ وَعَزَاهُ الْبَاجِيُّ لِشُيُوخِنَا الْعِرَاقِيِّينَ وَابْنِ رُشْدٍ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَجُعِلَ مِثْلُ ذَلِكَ الْمُتَغَيِّرِ بِمَا تُطْوَى بِهِ الْبِئْرُ مِنْ الْخَشَبِ وَالْعُشْبِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ، وَقَوْلُ مَنْ خَالَفَهُ، الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ لِلَّخْمِيِّ أَنَّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ سَلْبُ الطَّهُورِيَّةِ وَمُقَابِلُهُ بِالْكَرَاهَةِ، الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ لِصَاحِبِ الطِّرَازِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ وَقَوْلُ الْإِبْيَانِيِّ وَالثَّالِثَ مَا فِي السُّلَيْمَانِيَّة، الطَّرِيقَةُ الرَّابِعَةُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّ وَرَقَ الشَّجَرِ النَّابِتِ لَا يَضُرُّ اتِّفَاقًا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ ذَكَرَ فِيهِ قَوْلًا بِالْفَرْقِ بَيْنَ التَّغَيُّرِ الْبَيِّنِ وَغَيْرِهِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ وَقَفَ عَلَيْهِ لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَنُقُولِهِمْ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ لِأَنَّهُ قَوْلُ شُيُوخِنَا الْعِرَاقِيِّينَ وَقَدَّمَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِ وَيُقَدِّمَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ الَّذِي قَدَّمَهُ هُوَ قَوْلُ الْإِبْيَانِيِّ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ فِي غَايَةِ الشُّذُوذِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ.

لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إنَّمَا اعْتَمَدَ فِي تَقْدِيمِهِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ مِنْ أَنَّهُ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا أَصَّلَهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ ضَعِيفٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيّ التَّفْرِيقُ بَيْنَ التَّغَيُّرِ الْبَيِّنِ وَغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَدَلَّ آخِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى أَنْ فَتْوَاهُ غَيْرُ

ص: 63