المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع الرعاف في نافلة] - مواهب الجليل في شرح مختصر خليل - جـ ١

[الحطاب]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[سِلْسِلَةَ الْفِقْهِ إلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ ثُمَّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ]

- ‌[سَنَدِ الْكِتَابِ وَشُرُوحِهِ وَسَنَدِ بَعْضِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورَةِ]

- ‌[الْكَلَام عَلَى الْبَسْمَلَة]

- ‌[فَائِدَتَانِ]

- ‌[شَرْحُ خُطْبَةِ الْمُخْتَصَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَرْضَانِ]

- ‌[فَرْعٌ وَتُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوَاطِنَ]

- ‌[فَرْعٌ الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ عِنْد الذَّبْح وَعِنْد الْعُطَاس وَالْجِمَاع وَغَيْر ذَلِكَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْرَادِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيّ عَنْ السَّلَامِ وَعَكْسُهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَدَدَ كَذَا هَلْ يُثَابُ بِعَدَدِ مَنْ صَلَّى بِتِلْكَ الْأَعْدَادِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ حُكْم الْخُطْبَة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَهَادَةٌ]

- ‌[تَرْجَمَة الْإِمَام مالك]

- ‌[فَرْعٌ التَّقْلِيدُ]

- ‌[فَرْعٌ تَقْلِيدُ الْمَيِّتِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَمْ يَجِدْ الشَّخْصُ نَصًّا فِي الْمَسْأَلَةِ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ]

- ‌[فَرْعٌ أَفْتَى رَجُلًا فَأَتْلَفَ بِفَتْوَاهُ مَالًا]

- ‌[فَرْعٌ الْإِجَارَةُ عَلَى الْفُتْيَا]

- ‌[فَرْعٌ مَا أُهْدِيَ لِلْفَقِيهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ]

- ‌[تَنْبِيهٌ هَلْ يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ أَنْ يُقَلِّدَ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي طَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ]

- ‌[فَوَائِد]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي تَفْسِيرِ اصْطِلَاحِ الْعُتْبِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[بَابٌ يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا ذَابَ الْبَرَدُ وَنَحْوُهُ فَوُجِدَ فِي دَاخِلِهِ شَيْءٌ طَاهِرٌ أَوْ نَجَسٌ مِنْ لَوَاحِقِ الْأَرْضِ]

- ‌[فَرْعٌ تَطْهِيرِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ]

- ‌[فَرْعٌ انْتَضَحَ مِنْ غُسْلِ الْجُنُبِ فِي إنَائِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ النَّاسُ الِامْتِنَاعَ مِنْ هَذَا]

- ‌[فَرْعٌ تَوَضَّأَ عَلَى بَلَاطٍ نَجِسٍ وَطَارَ عَلَيْهِ مَاءٌ مِنْ الْبَلَاطِ]

- ‌[فَرْعٌ تغير الْمَاء بِمَا هُوَ مُتَأَصِّل فِيهِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ]

- ‌[الْمَاءُ خَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ ثُمَّ اسْتَعْمَلَ]

- ‌[الْمَاءُ الْجَارِي حُكْمُهُ كَالْكَثِيرِ]

- ‌[فَرْعٌ تغير الْمَاء فِي الْبَرْك الْمَعِدَة للوضوء]

- ‌[فَرْعٌ أَتَى الْجُنُبُ بِئْرًا قَلِيلَةَ الْمَاءِ وَبِيَدِهِ قَذِرٌ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَغْرِفُ بِهِ]

- ‌[فَرْعٌ الْغُسْل فِي الْحِيَاض قَبْل غَسَلَ الْأَذَى]

- ‌[فَرْعٌ سُؤْر الْكَافِر وَالنَّصْرَانِيّ]

- ‌[فَرْعٌ الْمَاءُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّجَاسَةِ]

- ‌[فَرْعٌ دُخُولُ الْحَمَّامِ]

- ‌[فَرْعٌ فِيمَنْ مَنَعَ زَوْجَتَهُ مِنْ الْحَمَّامِ]

- ‌[فَرْعٌ النَّزْحُ قَبْلَ إخْرَاجِ الْمَيْتَةِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ فِيمَا تَغَيَّرَ بِنَجَسٍ]

- ‌[فَرْعٌ الِاغْتِرَاف مِنْ الْمَاء قَبْل التَّطَهُّر]

- ‌[فَصْلٌ الطَّاهِرُ أَنْوَاعٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ حُكْم الشَّرَاب الْمُتَّخَذُ مِنْ قِشْرِ الْبُنِّ]

- ‌[فَرْعٌ دَخَلَ فِي دُبُرِ الْإِنْسَانِ خِرْقَةٌ وَنَحْوُهَا ثُمَّ أُخْرِجَتْ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم مَنْ حَمَلَ قِشْرَةَ الْقَمْلَةِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ الصِّئْبَانُ الَّذِي يَتَوَلَّدُ مِنْ الْقَمْلِ]

- ‌[ميتة الْآدَمِيِّ هَلْ هِيَ طَاهِرَة]

- ‌[فَرْعٌ فِي أَجْسَاد الْأَنْبِيَاء طَاهِرَة]

- ‌[فَرْعٌ أستعمال النِّعَال مِنْ جلد الْمَيِّتَة]

- ‌[فَرْعٌ الصَّلَاة عَلَى جُلُود الْمَيِّتَة]

- ‌[تَنْبِيهٌ الطَّاهِرُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ نَجِسٌ رَطْبٌ]

- ‌[فَرْعٌ الْفَخَّارُ الْمَطْبُوخُ بِالنَّجَاسَةِ]

- ‌[فَرْعٌ بَوْلُ الْوَطْوَاطِ وَبَعْرُهُ]

- ‌[فَرْعٌ التَّخْفِيف فِيمَا اخْتَلَفَ فِي نَجَاسَته]

- ‌[فَرْعٌ وَقَوْع الْقَمْلَةُ فِي الدَّقِيقِ أَوْ غَيْر ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ وُقُوع النَّجَاسَةُ الْقَلِيلَةُ فِي الطَّعَامِ]

- ‌[فَرْعٌ سُقُوط الْفَأْرَة فِي السَّمْن أَوْ الزَّيْت]

- ‌[فَرْعٌ وُجُود فَأْرَة ميتة فِي زير مِنْ أزيار زَيْت]

- ‌[فَرْعٌ هَرْيِ زَيْتُونٍ وُجِدَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ وُقُوع نَجَاسَةٌ مَائِعَةٌ فِي غَسْلِ جَامِدٍ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَرْعٌ وَقَعَتْ دَابَّة فِي طَعَام وَأُخْرِجَتْ حَيَّةً]

- ‌[فَرْعٌ طُرِحَ مِنْ الْجَامِدِ بِحَسَبِ مَا سَرَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ]

- ‌[فُرُوع مُنَاسِبَةً]

- ‌[فَرْعٌ مُصْحَفٍ كُتِبَ مِنْ دَوَاةٍ ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وُجِدَ فِيهَا فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ التَّدَاوِي بِشُرْبِ بَوْلِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[فَرْعٌ مِنْ نقص مِنْهُ سن أَوْ عظم هَلْ يَجُوز لَهُ رِدّه]

- ‌[فَرْعٌ انْكَسَرَ عَظْمُهُ فَجَبَرَهُ بِعَظْمِ مَيْتَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ بَيْع ثَوْب جَدِيدًا بِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تُبَيِّنْ]

- ‌[فَرْعٌ نَقْشُ الْخَوَاتِمِ وَنَقْشُ أَسْمَاءِ أَصْحَابِهَا عَلَيْهَا وَنَقْشُ اسْمِ اللَّهِ فِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ اتِّخَاذُ الْأَوَانِي مِنْ الْفَخَّارِ وَمِنْ الْعِظَامِ الطَّاهِرَةِ وَغَيْر ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ الِاكْتِحَالَ بِمِرْوَدِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ بَيَانِ حُكْمِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ وَقْت الْجُمُعَةِ الَّذِي تُعَادُ فِيهَا إذَا صَلَّاهَا بِنَجَاسَةٍ]

- ‌[فُرُوعٌ رَأَى أَنَّ النَّجَاسَةَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا هَمَّ بِالْقَطْعِ نَسِيَ وَتَمَادَى]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْبَوْلِ هَلْ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ وَسُنَنَهُ وَفَضَائِلَهُ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ إذَا نَبَتَ لِلْمَرْأَةِ لِحْيَةٌ]

- ‌[مسح بَعْض الأعضاء بِمَا تَبْقَى مِنْ مَاء فِي اللِّحْيَة أَوْ غَيْرهَا]

- ‌[مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى عُزُوبُ النِّيَّة وَهُوَ انْقِطَاعُهَا وَالذُّهُولُ عَنْهَا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ رَفْضُ النِّيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْخَاتَمِ]

- ‌[فَرْعٌ الِاسْتِنْجَاء فِي غَيْر مَوْضِع قَضَاء الْحَاجَة]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ جَمْعِ الْوَطْءَ مَعَ الْبَوْلِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ]

- ‌[آدَاب الْجِمَاع]

- ‌[الْقِرَاءَةِ لِمَنْ يَتَنَشَّفُ]

- ‌[فَائِدَةٌ عَلَى الْإِنْسَانِ عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ أَنْ يَعْتَبِرَ بِمَا خَرَجَ مِنْهُ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ]

- ‌[فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ غَلَبَهُ هَمٌّ حَتَّى ذَهِلَ وَذَهَبَ عَقْلُهُ]

- ‌[فَرْعٌ فَرْجُ الْبَهِيمَةِ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ مَسَحَ إبِطَهُ أَوْ نَتَفَهُ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ خَافَ عَلَى الْمُصْحَفِ غَرَقًا أَوْ حَرْقًا أَوْ يَدَ كَافِرٍ]

- ‌[فَرْعٌ مَسِّ الْمُحْدِثِ لِلْمَنْسُوخِ لَفْظُهُ مِنْ الْقُرْآن]

- ‌[فَائِدَةٌ أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ فِي أَكْفَانِهِ خَتْمَةُ قُرْآنٍ]

- ‌[فَصْلٌ الطَّهَارَةُ الْكُبْرَى وَهِيَ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلُ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا قُطِعَ الْخُفُّ وَشُرِجَ وَجُعِلَ لَهُ غَلْقٌ]

- ‌[فَصَلِّ فِي التَّيَمُّم]

- ‌[الْمَسْح عَلَى الجبائر]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان حُكْم الْحَيْض وَالنِّفَاس]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة وَحُكْمهَا]

- ‌[فَصَلِّ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيت الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ إيقَاظِ النَّائِمِ لِلصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الرَّكْعَةُ الَّتِي يَكُونُ بِهَا مُدْرِكًا لِلْأَدَاءِ أَوْ الْوُجُوبِ فِي الْوَقْتِ]

- ‌[يَتَعَلَّقُ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَحْكَامٌ]

- ‌[فَرْعٌ فاجأ الْمَرْأَة الْحَيْض فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ صَلَاة الرَّسُول يَوْم الْوَادِي وَيَوْم الْخَنْدَق]

- ‌[فَرْعٌ احْتَلَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ]

- ‌[فَرْعٌ قَضَاء التَّطَوُّع]

- ‌[فَرْعٌ الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الَّتِي لَا يَجُوز الصَّلَاة فِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ قَرَأَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ فِي فَرِيضَةٍ صَلَّاهَا فِي وَقْتِ نَهْيٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا]

- ‌[فَرْعٌ يَتْرُك الصَّلَاة لِفَتَرَاتِ مُتَقَطِّعَة وَيَقُول إِن اللَّه غَفُور رَحِيم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَسْتَأْجِرَ عَنْ الْمَيِّتِ مَنْ يُصَلِّي عَنْهُ]

- ‌[فَصَلِّ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْمُ الْإِقَامَةِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّثْوِيبُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي الْفَجْرِ]

- ‌[تَنْبِيه الْأَذَانُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ]

- ‌[فَصْلٌ شَرْطُ الصَّلَاةِ]

- ‌[تَنْبِيه تَلَطَّخَ مِنْ ثِيَابِهِ أَوْ جَسَدِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ وَأَرَادَ الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ الرُّعَافُ فِي نَافِلَةٍ]

- ‌[تَنْبِيه حَصَلَ لَهُ رُعَافٌ فَخَرَجَ لَهُ وَغَسَلَ الدَّمَ وَرَجَعَ إلَى الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ سَتَرَ الْعَوْرَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ سُتُورِ الْحَرِيرِ الْمُعَلَّقَةِ فِي الْبُيُوتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَطِيفَةُ مِنْ الْحَرِيرِ والشَّمْلَةِ مِنْ الْحَرِيرِ وَالْوِسَادَةُ مِنْ الْحَرِيرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَا رُقِّمَ بِالْحَرِيرِ]

- ‌[فَرْعٌ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلصِّبْيَانِ الذُّكُورِ]

- ‌[فَرْعٌ خير الْأَلْوَانُ مِنْ اللِّبَاسِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّجَمُّل بِأَحْسَنِ الثِّيَابِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَظَرُ الْإِنْسَانِ إلَى فَرْجِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ طَرَأَ عَلَى الْأُمِّيِّ قَارِئٌ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ فِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ وَيَكْفِي الْأَخْرَسَ نِيَّتُهُ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ سَتْرُ الْيَدَيْنِ بِالْكُمَّيْنِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَرَكَةُ إلَى الْأَرْكَانِ هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ لِنَفْسِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ نَوَى أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ صَلَّى خَلْفَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ]

- ‌[فَرْعٌ مَوْقِفُ الْمُصَلِّي]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَدْرُ حَرِيمِ الْمُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ مُدَافَعَةِ الْمَارِّ وَهُوَ يُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ مَحِلُّ وَضْعِ السُّتْرَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ مَرَّ الْهِرّ بالمصلي]

- ‌[فَرْعٌ تَشَوَّشَ الْمُصَلِّي مِنْ شَيْءٍ أَمَامَهُ يَمْنَعُهُ مِنْ السُّجُودِ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُرُورُ بَيْنَ الصُّفُوفِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَائِدَة الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ صَلَّى مَالِكِيٌّ خَلْفَ شَافِعِيٍّ جَهَرَ بِدُعَاءِ الْقُنُوتِ]

- ‌[فَرْعٌ قَنَتَ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ]

- ‌[فَرْعٌ نَسِيَ الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إرْسَالِ عَذَبَةٍ مِنْ الْعِمَامَةِ وَهُوَ يُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ المصلي مَقْطُوعَ الْيَدِ الْيُمْنَى]

- ‌[فَرْعٌ إخْفَاءُ التَّشَهُّدِ]

- ‌[فَرْعٌ فَرَشَ خُمْرَةً فَوْقَ الْبِسَاطِ وَصَلَّى عَلَيْهَا]

- ‌[تَنْبِيه رَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ وَهُوَ يُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ التَّمَاثِيلُ فِي نَحْوِ الْأَسِرَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ يَجْعَلُ خَاتَمَهُ فِي يَمِينِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ]

الفصل: ‌[فرع الرعاف في نافلة]

فَوَاتَ الصَّلَاةِ قَالَ أَشْهَبُ يُصَلِّيهَا وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَنْصَرِفُ خَافَ الْفَوَاتَ أَمْ لَا وَسَبَبُ الْخِلَافِ تَقَابُلُ أَمْرَيْنِ الصَّلَاةِ بِالدَّمِ أَوْ فَوَاتِ الصَّلَاةِ

وَإِنْ كَانَ الرُّعَافُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَالسُّنَّةِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْصَرِفَ مَعَ خَوْفِ الْفَوَاتِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَمَعَ عَدَمِ الْخَوْفِ يَنْصَرِفُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَنْصَرِفُ ثُمَّ يَعُودُ إلَى الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَّتِهَا وَإِنْ أَتَمَّ بِمَوْضِعِهِ أَجْزَاهُ انْتَهَى.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجْعَلُ كَلَامَ أَشْهَبَ مُخَالِفًا لِكَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ.

[تَنْبِيه تَلَطَّخَ مِنْ ثِيَابِهِ أَوْ جَسَدِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ وَأَرَادَ الصَّلَاة]

(تَنْبِيهٌ) قَالَ صَاحِبُ الْجَمْعِ فَلَوْ تَلَطَّخَ مِنْ ثِيَابِهِ أَوْ جَسَدِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فَالظَّاهِرُ الْقَطْعُ لِوُجُودِ الْمُنَافِي انْتَهَى.

قُلْتُ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا خَافَ الْفَوَاتَ يُصَلِّي كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ إذَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً وَخَافَ إنْ خَرَجَ لِغَسْلِهَا أَنْ تَفُوتَهُ الْجِنَازَةُ وَصَلَاةُ الْعِيدِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ

[فَرْعٌ الرُّعَافُ فِي نَافِلَةٍ]

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَلَوْ كَانَ الرُّعَافُ فِي نَافِلَةٍ فَالظَّاهِرُ الْقَطْعُ لِخُرُوجِ الْبِنَاءِ عَنْ الْأَصْلِ فِي الْفَرْضِ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ وَقَدْ يُقَالُ بِالْبِنَاءِ قِيَاسًا عَلَى الرُّخَصِ وَقَدْ يُفَرَّقُ فِيمَا لَزِمَ حُضُورُهُ كَخَوْفِ تَرْكِ مَسْجِدٍ يُوَالِيهِ فِي رَمَضَانَ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى تَرْكِ الْقِيَامِ بِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ارْتَفَعَ عَنْ دَرَجَةِ النَّفْلِ بَعْدَ جَوَازِهِ انْتَهَى قُلْتُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا رَعَفَ فِي النَّافِلَةِ وَخَافَ التَّمَادِي إلَى وَقْتٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُكْمِلُهَا عَلَى هَيْئَتِهِ فَلَوْ رَجَا انْقِطَاعَهُ خَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ وَأَتَمَّهُ فِي مَوْضِعِهِ.

(الثَّانِي) إذَا بَنَيْنَا عَلَى أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ خِلَافٌ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ النَّوَادِرِ وَابْنِ يُونُسَ وَصَاحِبِ الطِّرَازِ وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَانْظُرْ لِمَ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ مَعَ تَصْدِيرِهِمْ بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُلَطِّخْ فُرُشَ مَسْجِدٍ يَعْنِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ إتْمَامِ الصَّلَاةِ وَعَدَمِ قَطْعِهَا إذَا ظَنَّ دَوَامَ الرُّعَافِ لِآخِرِ الْوَقْتِ مَحِلُّهُ إذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَكَانَ الْمَسْجِدُ مُحَصَّبًا أَوْ تُرَابًا لَا حُصْرَ عَلَيْهِ أَوْ مَعَهُ مَا يَفْرِشُهُ عَلَى حَصِيرِ الْمَسْجِدِ بِحَيْثُ لَا يُلَطِّخُ فُرُشَ الْمَسْجِدِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ مَفْرُوشًا بِالْحُصْرِ أَوْ بِالْبُسُطِ وَخَشِيَ تَلَطُّخَهُ لِذَلِكَ الْفُرُشِ بِالدَّمِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَيَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يُصَلِّي كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَهَذَا الشَّرْطُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا أَعْرِفُهُ فِي هَذَا الْفَرْعِ بِعَيْنِهِ إلَّا للشَّارْمَساحِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ فَلَا مَعْنَى لِقَطْعِ صَلَاتِهِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ مُحَصَّبًا أَوْ تُرَابًا لَا حَصِيرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ ضَرُورَةٌ فَيَغْسِلُ الدَّمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ كَمَا تَرَكَ الْأَعْرَابِيَّ يُتِمُّ بَوْلَهُ فِي الْمَسْجِدِ انْتَهَى.

أَيْ فَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ مُحَصَّرٍ وَخَشِيَ تَلْوِيثَهُ قَطَعَ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ وَكَلَامُ الشَّارِحِ فِي الْوَسَطِ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَإِنَّهُ قَالَ: وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يُلَطِّخْ فُرُشَ مَسْجِدٍ مِمَّا إذَا خَشِيَ عَلَيْهَا ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُومِئُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي الصَّغِيرِ وَنَصُّهُ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُلَطِّخْ فُرُشَ مَسْجِدٍ أَيْ وَأَمَّا إنْ لَطَّخَهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ وَلَا يُتِمُّهَا فِيهِ وَأَخْرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فُرُشٌ أَوْ كَانَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى انْتَهَى. وَكَلَامُهُ فِي الْكَبِيرِ حَسَنٌ.

ص (وَأَوْمَأَ لِخَوْفِ تَأَذِّيهِ أَوْ تَلَطُّخِ ثَوْبِهِ لَا جَسَدِهِ)

ش يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قُلْنَا: يُتِمُّ الصَّلَاةَ وَلَا يَقْطَعُ لِأَجْلِ الدَّمِ إذَا ظَنَّ دَوَامَهُ لِآخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَإِنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ رَكَعَ وَسَجَدَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لِخَوْفٍ تَأَذِّي جَسَدِهِ وَحُصُولِ ضَرَرٍ فِي بَدَنِهِ كَمَا لَوْ كَانَ رَمَدٌ أَوْ خَافَ نُزُولَ الدَّمِ فِي عَيْنِهِ أَوْ خَافَ أَنَّهُ مَتَى انْحَنَى رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا انْصَرَفَتْ الْمَادَّةُ إلَى وَجْهِهِ فَيَزِيدُ رُعَافُهُ فَإِنَّهُ يُومِئُ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ لِخَوْفِ تَلَطُّخِ ثَوْبِهِ بِالدَّمِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ: (الْأَوَّلُ) لِابْنِ رُشْدٍ جَوَازُ الْإِيمَاءِ إجْمَاعًا، (الثَّانِيَةُ) لِغَيْرِهِ حَكَوْا فِي جَوَازِ الْإِيمَاءِ قَوْلَيْنِ الْجَوَازُ لِابْنِ حَبِيبٍ وَعَدَمُهُ لِابْنِ مَسْلَمَةَ وَلَمَّا قَوِيَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ الْإِيمَاءِ لِحِكَايَةِ ابْنِ رُشْدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِخَوْفِ تَلَطُّخِ جَسَدِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِيمَاءُ اتِّفَاقًا إذْ الْجَسَدُ لَا يُفْسِدُهُ الْغُسْلُ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: هَذَا تَحْصِيلُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ قُلْتُ وَأَصَّلَهُ لِابْنِ هَارُونَ وَنَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبِ الْجَمْعِ وَقَالَ

ص: 474

فِي تَوْجِيهِ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يُومِئُ لِخَوْفِ تَلَطُّخِ ثَوْبِهِ خَوْفًا مِنْ فَسَادِ ثِيَابِهِ بِالدَّمِ وَقَدْ أَبَاحَ الشَّرْعُ التَّيَمُّمَ إذَا زِيدَ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِ الْمَاءِ مَا يَضُرُّ بِهِ حِفْظًا لِلْمَالِ فَكَذَلِكَ هَذَا وَهَذَا قَدْ لَا يَتِمُّ لِأَنَّ الْخَصْمَ يَمْنَعُ كَوْنَ الْغُسْلِ فَسَادًا فِي الثِّيَابِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ فِيهَا بَيْنَ مَا يُفْسِدُهُ الْغُسْلُ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ فَيُومِئُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي انْتَهَى، وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَقَبْلَهُ قُلْتُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ هَارُونَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ مَا يُفْسِدُهُ الْغُسْلُ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ هُوَ الظَّاهِرُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَعَلَّلَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ وَصَاحِبُ الطِّرَازِ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ بِخَوْفِ التَّلَطُّخِ بِالنَّجَاسَةِ وَاعْتَرَضُوهُ وَقَالُوا: قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ أَصَحُّ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِتَرْكِ الْفَرْضِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَجْلِ التَّلَطُّخِ بِالدَّمِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ صَحِيحٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا خَشِيَ تَلَطُّخَ جَسَدِهِ لَا يُومِئُ اتِّفَاقًا فَالْعِلَّةُ فِي جَوَازِ الْإِيمَاءِ خَوْفَ تَلَطُّخِ الثَّوْبِ إنَّمَا هِيَ إفْسَادٌ بِالْغُسْلِ وَإِذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ إنَّمَا هِيَ إفْسَادُهُ بِالْغُسْلِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِمَا يُفْسِدُهُ الْغُسْلُ فَتَأَمَّلْهُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ مِمَّا عَلَّقَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ يَعْنِي الْقَابِسِيَّ أَنَّهُ إنَّمَا يُومِئُ إذَا كَانَ إذَا صَلَّى قَائِمًا لَمْ يَقْطُرْ مِنْهُ الدَّمُ وَلَمْ يَسِلْ وَإِذَا انْحَطَّ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ سَالَ الدَّمُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ الدَّمُ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَلْيُصَلِّ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا مِنْ غَيْرِ إيمَاءٍ وَإِنْ سَالَ عَنْهُ الدَّمُ انْتَهَى بِالْمَعْنَى قُلْتُ: هَذَا يَرْجِعُ إلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصِّلَ فِيهِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ إذَا صَلَّى قَائِمًا لَا يَسِيلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِذَا رَكَعَ وَسَجَدَ سَالَ وَلَا يَخَافُ ضَرَرًا فَإِنْ خَشِيَ بِسَيَلَانِهِ تَلَطُّخَ ثَوْبِهِ أَوْمَأَ فَإِنْ خَشِيَ تَلَطُّخَ جَسَدِهِ لَمْ يُومِئْ وَأَمَّا إنْ كَانَ يَسِيلُ مِنْهُ فِي الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ فَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ ضَرَرًا بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ صَلَّى رَاكِعًا وَسَاجِدًا وَإِنْ خَافَ الضَّرَرَ أَوْمَأَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ صَلَّى رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَوْ أَدَّى إلَى ضَرُورَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) قَالَ فِي الطِّرَازِ إذَا قُلْنَا: يُومِئُ لِلضَّرُورَةِ فَهَلْ يُومِئُ لِلسُّجُودِ فَقَطْ أَوْ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُصَلِّي إيمَاءً وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ وَلَكِنْ يَقُومُ وَيَقْعُدُ وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَعُونَتِهِ يُومِئُ لِلسُّجُودِ وَيَأْتِي بِالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَهُوَ أَظْهَرُ إنْ لَمْ يَخَفْ زِيَادَةَ الْعِلَّةِ لِأَنَّهُ فِي رُكُوعِهِ لَا يَلْحَقُهُ مِنْ ضَرُورَةِ الدَّمِ أَكْثَرُ مِمَّا يَلْحَقُهُ فِي إيمَائِهِ إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْكَعَ وَيَنْصِبَ وَجْهَهُ انْتَهَى قُلْتُ وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ خِلَافًا وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى حُصُولِ الضَّرَرِ فَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ بِرُكُوعِهِ زِيَادَةَ ضَرَرٍ فَيَرْكَعُ وَلَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ خَافَ حُصُولَ ضَرَرٍ بِذَلِكَ جَازَ لَهُ الْإِيمَاءُ وَلَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ الْقَاضِي وَحُكْمُ الْإِيمَاءِ لِتَلَطُّخِ الثَّوْبِ عِنْدَ مَنْ أَجَازَ الْإِيمَاءَ بِسَبَبِهِ حُكْمُ حُصُولِ الضَّرَرِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) إذَا قُلْنَا: يُومِئُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَقَالَ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ: أَنَّهُ يُومِئُ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَلِلسُّجُودِ مِنْ جُلُوسٍ وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ) لَوْ ظَنَّ الدَّوَامَ وَصَلَّى آثِمًا ثُمَّ زَالَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَمْ يُعِدْ عَلَى مَا نَقَلَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ مَا يُخَالِفُهُ

ص (وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ وَرَشَحَ فَتَلَهُ بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ فَإِنْ زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ قَطَعَ كَأَنْ لَطَّخَهُ أَوْ خَشِي تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ وَإِلَّا فَلَهُ الْقَطْعُ وَنُدِبَ الْبِنَاءُ)

ش هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَظَنَّ دَوَامَهُ يَعْنِي وَإِنْ حَصَلَ الرُّعَافُ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَظُنَّ دَوَامَهُ لِآخِرِ الْوَقْتِ فَلَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ الْأُولَى أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ بَلْ يَكُونُ الدَّمُ يَرْشَحُ وَلَا يَسِيلُ وَلَا يَقْطُرُ فَهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُ الصَّلَاةِ وَلَا أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا فَإِنْ قَطَعَ

ص: 475

أَفْسَدَ صَلَاتَهُ وَإِنْ كَانَ إمَامًا أَفْسَدَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمَأْمُومِينَ بَلْ يَفْتِلُهُ بِأَصَابِعِهِ وَكَيْفِيَّةُ فَتْلِهِ أَنْ يَجْعَلَ أُنْمُلَةَ الْإِصْبَعِ فِي أَنْفِهِ وَيُحَرِّكُهَا مُدِيرًا لَهَا وَاخْتُلِفَ فِي الْفَتْلِ هَلْ هُوَ بِالْيَدَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارْمَسَاحِيِّ أَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْبَاجِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ نَافِعٍ وَحَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَجَعَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَذْهَبَ فَقَالَ: قَالُوا بِأَنَامِلِهِ الْأَرْبَعِ مَعَ أَنَّهُ كَالْمُتَبَرِّي وَعَلَيْهِ فَهَلْ بِالْيَدِ الْيُسْرَى وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ بِالْيَدِ الْيُمْنَى حَكَاهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الشَّارْمَسَاحِيِّ وَعَلَيْهِمَا فَالْفَتْلُ بِالْأَنَامِلِ الْعُلْيَا الْخَمْسِ وَتَأَوَّلَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ يَفْتِلُهُ بِأَنَامِلِهِ الْأَرْبَعِ فَقَالَ: أَيْ يَفْتِلُهُ بِإِبْهَامِهِ وَأَنَامِلِهِ الْأَرْبَعِ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْأَنَامِلِ الْأَنَامِلُ الْعُلْيَا فَإِنْ زَادَ إلَى الْوُسْطَى قَطَعَ هَكَذَا حَكَى الْبَاجِيُّ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْكَثِيرَ هُوَ الَّذِي يَزِيدُ إلَى الْأَنَامِلِ الْوُسْطَى بِقَدْرِ الدِّرْهَمِ فِي قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَكْثَرِ الْعُلْيَا وَلِهَذَا قَالَ: فَإِنْ زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ أَيْ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْأَنَامِلِ الْوُسْطَى وَزَادَ عَنْ دِرْهَمٍ قَطَعَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مَشَى عَلَى أَنَّ الْفَتْلَ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَأَنَّهُ بِالْيُسْرَى وَعَلَى مَا حَكَاهُ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَذْهَبِ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ شَامِلٌ لِمَا إذَا شَكَّ فِي الدَّوَامِ أَوْ رَجَا الِانْقِطَاعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ هَارُونَ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَمِنْ بَابِ أَحْرَى إذَا رَجَا انْقِطَاعَهُ بِالْفَتْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، (الثَّانِي) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْفَتْلَ إنَّمَا يُؤْمَرُ بِهِ فِيمَا إذَا كَانَ يَرْشَحُ فَقَطْ أَمَّا إذَا سَالَ أَوْ قَطَرَ فَلَا وَلَوْ كَانَ الدَّمُ الَّذِي يَسِيلُ ثَخِينًا يُذْهِبُهُ الْفَتْلَ وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: الرُّعَافُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ يَسِيرٌ يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ وَكَثِيرٌ لَا يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ وَلَا يُرْجَى انْقِطَاعُهُ مَتَى خَرَجَ لِغَسْلِهِ لِعَادَةٍ عَلِمَهَا مِنْ نَفْسِهِ فَهَذَانِ لَا يَخْرُجَانِ مِنْ الصَّلَاةِ يَفْتِلُ هَذَا وَيَكُفُّ الْآخَرُ مَا اسْتَطَاعَ وَيَمْضِي فِي صَلَاتِهِ وَكَثِيرٌ يَرْجُو انْقِطَاعَهُ مَتَى غَسَلَهُ فَهَذَا يَخْرُجُ لِغَسْلِهِ وَيَعُودُ وَكَثِيرٌ يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ لِثَخَانَتِهِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَفْتِلُهُ وَيَمْضِي أَوْ يَخْرُجُ بِغَسْلِهِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ رَأَيْت ابْنَ الْمَاجِشُونِ يُصِيبُهُ الرُّعَافُ فِي الصَّلَاةِ فَيَمْسَحُهُ بِأَصَابِعِهِ حَتَّى تَخْتَضِبَ فَيَغْمِسَ أَصَابِعَهُ فِي حَصْبَاءِ الْمَسْجِدِ وَيَرُدَّهَا ثُمَّ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ إذَا خَرَجَ مِنْ أَنْفِ الْمُصَلِّي دَمٌ يَفْتِلُهُ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَا أُحِبُّ ذَلِكَ حَتَّى يَغْسِلَ أَثَرَ الدَّمِ انْتَهَى وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَنْصَرِفُ مِنْ الرُّعَافِ فِي الصَّلَاةِ إذَا سَالَ أَوْ قَطَرَ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ فَلْيَغْسِلْهُ ثُمَّ يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ سَائِلٍ وَلَا قَاطِرٍ فَلْيَفْتِلْهُ بِأُصْبُعِهِ انْتَهَى. وَحَمَلَ صَاحِبُ الطِّرَازِ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامَ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى الْوِفَاقِ وَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَنْصَرِفُ إذَا سَالَ أَوْ قَطَرَ وَإِنْ قَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ أَمْرَهُ هَلْ يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ أَمْ لَا بَلْ مَتَى سَالَ أَوْ قَطَرَ جَازَ لَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ لِأَنَّ الْقَدْرَ الْمُؤْذِنَ بِذَلِكَ قَدْ وُجِدَ وَهُوَ الدَّمُ السَّائِلُ فَإِنْ لَمْ يَنْصَرِفْ وَتَرَبَّصَ وَانْقَطَعَ بِالْفَتْلِ فَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ.

ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ حَبِيبٍ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَكُلُّ مَا يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ فَلَا يَقْطَعُ لِأَجْلِهِ الصَّلَاةَ كَمَا نَقَلَ صَاحِبُ الْجَمْعِ عَنْ ابْنِ هَارُونَ فِي بَيَانِ الْيَسِيرِ وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ أَوْ لَا وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا قَاطِرًا أَوْ سَائِلًا لَا يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا الدَّرَاهِمَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ وَجَعَلَهُ فِي الْمَعْفُوَّاتِ مِنْ حَيِّزِ الْكَثِيرِ حَيْثُ قَالَ: وَدُونَ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ مُطْلَقًا فَجَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ زَادَ إلَى الْوُسْطَى قَطَعَ هَكَذَا حَكَى الْبَاجِيُّ وَحَكَى ابْنُ رَاشِدٍ أَنَّ الْكَثِيرَ هُوَ الَّذِي يَزِيدُ إلَى الْأَنَامِلِ الْوُسْطَى بِقَدْرِ الدِّرْهَمِ فِي قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَكْثَرُ مِنْهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ زِيَادٍ وَفَهِمَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى التَّفْسِيرِ لِلْمَذْهَبِ فَقَالَ: وَأَنَامِلُ غَيْرِهَا كَدَمِ غَيْرِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ فَسَّرَ بِهِ رِوَايَةَ الْمَجْمُوعَةِ السَّابِقَةِ وَنَحْوِهَا لِعَبْدِ الْحَقّ فِي النُّكَتِ

ص: 476

وَلِغَيْرِ وَاحِدٍ انْتَهَى قُلْتُ فَقَوْلُ الْبَاجِيِّ إنْ زَادَ إلَى الْوُسْطَى قَطَعَ يَعْنِي إذَا بَلَغَ الَّذِي فِي الْوُسْطَى قَدْرَ الدِّرْهَمِ فِي قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ زِيَادٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا جَعَلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا الدِّرْهَمَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ لِأَنَّ بَابَ الرُّعَافِ بَابُ ضَرُورَةٍ فَسُومِحَ فِيهِ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ كَانَ لَطَّخَهُ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا بِكَافِ التَّشْبِيهِ الدَّاخِلَةِ عَلَى أَنْ الشَّرْطِيَّةِ وَيَكُونُ مُشِيرًا بِهِ إلَى الْحَالِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ أَنْ يَسِيلَ الدَّمُ أَوْ يَقْطُرَ وَيَتَلَطَّخَ بِهِ فِي ثِيَابِهِ أَوْ بَدَنِهِ بِأَكْثَرِ الْقَدْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ شُرُوطِ الْبِنَاءِ أَنْ لَا يَسْقُطَ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ مِنْ الدَّمِ مَا لَا يُغْتَفَرُ لِكَثْرَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الِاخْتِلَافُ فِي حَدِّهِ لِأَنَّهُ إنْ سَقَطَ مِنْ الدَّمِ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ جَسَدِهِ كَثِيرٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى.

وَنَحْوُهُ لِابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ وَصَاحِبِ الذَّخِيرَةِ وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ رَاشِدٍ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَطَعَ أَنَّهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّمَادِي فِيهَا وَلَوْ بَنَى عَلَيْهَا لَمْ تَصِحَّ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَقْطَعَهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الْقَطْعُ وَنُدِبَ الْبِنَاءُ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الْكَافِ لِئَلَّا يَفْسُدَ الْكَلَامُ فَإِنَّهُ لَوْ سَقَطَتْ الْكَافُ يَصِيرُ شَرْطًا وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يُجْعَلَ شَرْطًا لِقَوْلِهِ فَإِنْ زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ قَطَعَ وَلَا قَائِلَ بِاشْتِرَاطِ التَّلَطُّخِ فِي ذَلِكَ بَلْ نَفْسُ الزِّيَادَةِ عَنْ الدِّرْهَمِ مُوجِبَةٌ لِلْقَطْعِ وَهِيَ مِنْ التَّلَطُّخِ وَإِمَّا أَنْ يُجْعَلَ شَرْطًا لِقَوْلِهِ فَتَلَهُ بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ وَهُوَ وَاضِحُ الْفَسَادِ وَيَفْسُدُ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْقَطْعُ وَلِهَذَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ لَمَّا حَمَلَهُ عَلَى الشَّرْطِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا أَزَادَ الدَّمُ الَّذِي يَرْشَحُ عَلَى الدِّرْهَمِ قَطَعَ شَرْطٌ مُرَكَّبٌ مِنْ أَمْرَيْنِ عَلَى الْبَدَلِ أَحَدُهُمَا إذَا لَطَّخَ ثِيَابَهُ وَالثَّانِي إذَا خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ بِصِحَّةِ هَذَا الْكَلَامِ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَلْنَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَذَكَرَهُ وَذَكَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: فَأَنْتَ تَرَى الْقَطْعَ فِي الَّذِي يَرْشَحُ وَيَفْتِلُهُ إذَا زَادَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَالْقَطْعُ فِي الَّذِي يَسِيلُ بِالشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِقَدْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الْقَطْعُ وَنُدِبَ الْبِنَاءُ كَلَامٌ مُشْكِلٌ بِنَاءً عَلَى إشْكَالِ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ انْتَهَى

وَأَمَّا الشَّارِحُ فَجُعِلَ قَوْلُهُ فَإِنْ زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ إلَخْ إشَارَةً لِلْحَالَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ غَيْرِ تَبْيِينٍ لِمُرَادِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَلِكَ الْأَقْفَهْسِيُّ فَيَتَعَيَّنُ إثْبَاتُ الْكَافِ لِيَزُولَ بِذَلِكَ الْإِشْكَالُ وَيَصِيرَ بِهِ الْكَلَامُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالْكَمَالِ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ فَهُوَ مِنْ تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَيُشِيرُ بِهِ إلَى مَا قَالَهُ سَنَدٌ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْقَرَافِيُّ فِي ذَخِيرَتِهِ وَنَصُّ كَلَامِ الْقَرَافِيِّ: وَالْفَتْلُ إنَّمَا شُرِعَ فِي مَسْجِدٍ مُحَصَّبٍ غَيْرِ مَفْرُوشٍ حَتَّى يَنْزِلَ الْمَفْتُولُ فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ أَمَّا الْمَفْرُوشُ فَيَخْرُجُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَسِيلُ أَوْ يَقْطُرُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُ الْمَوْضِعَ انْتَهَى، وَنَصُّ كَلَامِ سَنَدٍ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْفَتْلِ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَوْ فِي مَسْجِدٍ مُحَصَّبٍ غَيْرِ مَفْرُوشٍ فَيَكُونُ مَا يَسْقُطُ مِنْ تَفْتِيلِهِ لِلدَّمِ يَنْزِلُ لِرِقَّتِهِ فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ أَمَّا الْمَفْرُوشُ فَخُرُوجُهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَسِيلُ أَوْ يَقْطُرُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ إذَا فَتَلَ ذَلِكَ سَقَطَ عَلَى الْفِرَاشِ فَيُنَجِّسُ الْمَوْضِعَ فَإِنْ فَتَلَهُ فَذَلِكَ خَفِيفٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسْتَهْلَكُ وَقَدْ يَنْزِلُ بَيْنَ السَّمَادِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ التُّرَابِ يَدْخُلُ فِي خِلَالِ الْأَشْيَاءِ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ يَعْنِي إذَا كَانَ الدَّمُ يَسِيلُ وَيُذْهِبُهُ الْفَتْلُ وَقَوْلُهُ يَنْزِلُ الْمَفْتُولُ فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ كَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَعْنِي مَا يَحْصُلُ مِنْ حَكِّ الْأَصَابِعِ مِمَّا يَتَجَسَّدُ عَلَيْهَا مِنْ الدَّمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْقَطْعُ وَنَدْبُ الْبِنَاءِ يُشِيرُ بِهِ إلَى الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ أَنْ يَسِيلَ الدَّمُ أَوْ يَقْطُرَ بِحَيْثُ لَا يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَتَلَطَّخُ بِهِ ثَوْبُهُ أَوْ جَسَدُهُ أَوْ تَلَطَّخَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ يَسِيرٌ لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ وَهُوَ الدِّرْهَمُ فَمَا دُونَهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَيَجُوزُ الْقَطْعُ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ وَتَوْجِيهُ النَّظَرِ لِأَنَّ الشَّأْنَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَتَّصِلَ عَمَلُهَا بِهَا وَلَا يَتَخَلَّلَهَا شُغْلٌ كَثِيرٌ وَلَا انْحِرَافٌ عَنْ الْقِبْلَةِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إجَازَةُ الْبِنَاءِ فِي

ص: 477

الصَّلَاةِ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُسْتَحَبِّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَاخْتَارَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَطْعَ بِسَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ عَلَى الْقِيَاسِ قَالَ: فَإِنْ ابْتَدَأَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَاخْتَارَ مَالِكٌ رحمه الله الْبِنَاءَ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ وَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ الْقِيَاسَ وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْعَمَلَ أَقْوَى مِنْ الْقِيَاسِ لِأَنَّ عَمَلَ السَّلَفِ الْمُتَّصِلِ لَا يَكُونُ أَصْلُهُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْبِنَاءِ وَهُوَ قَوْلُهُ: إنَّ الْإِمَامَ إذَا رَعَفَ فَاسْتَخْلَفَ بِكَلَامٍ جَاهِلًا أَوْ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ فَجَعَلَ قَطْعَ صَلَاتِهِ بِالْكَلَامِ بَعْدَ الرُّعَافِ يُبْطِلُ صَلَاتَهُمْ كَمَا لَوْ تَكَلَّمَ جَاهِلًا أَوْ مُتَعَمِّدًا بِغَيْرِ رُعَافٍ وَالصَّوَابُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ صَلَاتَهُمْ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّهُ إذَا رَعَفَ فَالْقَطْعُ لَهُ جَائِزٌ فِي قَوْلٍ أَوْ مُسْتَحَبٌّ فِي قَوْلٍ فَكَيْفَ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْقَوْمِ بِفِعْلِهِ مَا يَجُوزُ لَهُ أَوْ يُسْتَحَبُّ لَهُ انْتَهَى.

فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ قَوْلًا رَابِعًا بِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَا نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَصَاحِبِ التَّلْقِينِ وَزَادَ ابْنُ عَرَفَةَ خَامِسًا بِأَنَّهُ يَقْطَعُ وَمَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ حَكَى الْبَاجِيُّ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ وَعَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ تَرْجِيحُ الْقَطْعِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ بَشِيرٍ وَعَلَّلَهُ الْبَاجِيُّ بِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْخِلَافِ وَيُؤَدِّي الصَّلَاةَ بِاتِّفَاقٍ وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَقَدْ رَجَّحَ قَوْمٌ الْقَطْعَ وَهُوَ أَوْلَى بِالْعَامِّيِّ وَمَنْ لَا يَحْكُمُ التَّصَرُّفَ فِي الْعِلْمِ بِجَهْلِهِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَلَا يَخْرُجُ الرَّاعِفُ عَنْ حُكْمِ الصَّلَاةِ وَحُرْمَتِهَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجِيزُ لَهُ الْبِنَاءَ إلَّا بِأَنْ يَقْطَعَ بِسَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ فِعْلِ مَا لَا يَصِحُّ فِعْلُهُ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ مَنْ رَعَفَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي وَسَطِ صَلَاتِهِ أَوْ سَاجِدٌ أَوْ رَاكِعٌ أَنَّ قِيَامَهُ مِنْ الْجُلُوسِ أَوْ رَفْعَهُ مِنْ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ لِرُعَافِهِ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ صَلَاتِهِ وَقَالَ فِي الطِّرَازِ فَإِنْ اخْتَارَ الرَّاعِفُ أَنْ يَبْتَدِئَ فَلْيَقْطَعْ صَلَاتَهُ بِمَا يُنَافِيهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلِ الرَّاعِفِ بِاتِّفَاقٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنْ ابْتَدَأَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّا إذَا حَكَمْنَا بِأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ لَا يَقْطَعُ الْبِنَاءَ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ فَإِذَا كَانَ قَدْ صَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ ابْتَدَأَ الْأُولَى أَرْبَعًا صَارَ كَمَنْ صَلَّى خَمْسًا جَاهِلًا وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ يَأْتِي عَلَى الْخِلَافِ فِي رَفْضِ النِّيَّةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ انْتَهَى قُلْتُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الرَّفْضَ مُبْطِلٌ فَيَكْفِي فِي الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ رَفْضُهَا وَإِبْطَالُهَا ش

ص (فَيَخْرُجُ مُمْسِكَ أَنْفِهِ لِيَغْسِلَ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ أَقْرَبَ مَكَان مُمْكِنٍ قَرُبَ وَيَسْتَدْبِرُ قِبْلَةً بِلَا عُذْرٍ وَيَطَأُ نَجَسًا وَيَتَكَلَّمُ وَلَوْ سَهْوًا)

ش لِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْبِنَاءَ مُسْتَحَبٌّ ذَكَرَ كَيْفِيَّةَ مَا يُفْعَلُ فِيهِ وَشُرُوطُهُ فَقَالَ: فَيَخْرُجُ مُمْسِكَ أَنْفِهِ فَالْفَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ يَعْنِي فَإِذَا خَرَجَ يَغْسِلُ الدَّمَ فَيُمْسِكُ أَنْفَهُ لِئَلَّا يَتَطَايَرَ عَلَيْهِ الدَّمُ فَيُلَطِّخَ ثَوْبَهُ أَوْ جَسَدَهُ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى شُرُوطِ الْبِنَاءِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي ابْنُ الْحَاجِبِ إلَى مَا يَزِيدُهُ غَيْرُ وَاحِدٍ هُنَا مِنْ قَوْلِهِمْ يَخْرُجُ مُمْسِكًا لِأَنْفِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْضُ إرْشَادٍ إلَى مَا يُعِينُهُ عَلَى تَقْلِيلِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ كَثْرَتَهَا تَمْنَعُ مِنْ الْبِنَاءِ لَا أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْبِنَاءِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى.

وَانْظُرْ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعَ قَوْلِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا خَرَجَ فَلَهُ شُرُوطٌ سِتَّةٌ أَنْ يُمْسِكَ أَنْفَهُ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّتَهَا فَجَعَلَ ذَلِكَ شَرْطًا، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ يَذْكُرُ مَسْكَ أَنْفِهِ فِي صِفَةِ الْخُرُوجِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَلَا لِعَدَمِهِ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الذَّخِيرَةِ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ التَّحَفُّظُ مِنْ النَّجَاسَةِ فَإِذَا تَحَفَّظَ مِنْهَا وَلَمْ يُمْسِكْ أَنْفَهُ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ.

ص: 478

تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ إلَخْ مَعَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ: وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَخْرُجَ مُمْسِكًا لِأَنْفِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِبَيَانِ أَنَّهُ شَرْطٌ فَتَأَمَّلْهُ، (الثَّانِي) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: اشْتَرَطَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ أَنْ يُمْسِكَ أَنْفَهُ مِنْ أَعْلَاهُ لِأَنَّ إمْسَاكَهُ كَذَلِكَ يَحْتَقِنُ الدَّمُ بِسَبَبِهِ فِي الْعُرُوقِ وَلَا أَثَرَ لَهُ هُنَاكَ فِي مَانِعِيَّةِ الصَّلَاةِ وَإِذَا أَمْسَكَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ بَقِيَ الدَّمُ فِي دَاخِلِ الْأَنْفِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ عَلَى سَطْحِ الْجَسَدِ فَيَكُونُ فَاعِلُهُ حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ اخْتِيَارًا وَفِيهِ تَكَلُّفٌ، وَالْمَوْضِعُ مَحِلُّ ضَرُورَةٍ مُنَاسِبٌ لِلتَّخْفِيفِ انْتَهَى، وَنَسَبَ الْمُصَنِّفُ الِاشْتِرَاطَ لِابْنِ هَارُونَ فَقَالَ: وَاشْتَرَطَ ابْنُ هَارُونَ أَنْ يُمْسِكَ أَنْفَهُ مِنْ أَعْلَاهُ لِأَنَّهُ إذَا أَمْسَكَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ بَقِيَ الدَّمُ فِي دَاخِلِ الْأَنْفِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ عَلَى سَطْحِ الْجَسَدِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فِيهِ نَظَرٌ وَالْمَحِلُّ مَحِلُّ ضَرُورَةٍ انْتَهَى، وَهَكَذَا عَزَاهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ هَارُونَ قَالَ وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِبَعْضِ الْمُعَاصِرِينَ وَمَرَّضَهُ بِقَوْلِهِ: وَفِيهِ تَكَلُّفٌ قُلْتُ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَصَاحِبُ الْجَمْعِ عَنْ ابْنِ هَارُونَ أَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَهُ مِنْ عِنْدِهِ وَلَا أَنَّهُ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ بَلْ قَالَ ابْنُ هَارُونَ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّهُ يُمْسِكُ أَعْلَاهُ وَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ التَّخْفِيفِ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ خَفَّفُوا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى اخْتِضَابَ الْأَنَامِلِ الْعُلْيَا وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ اخْتِضَابُ بَاطِنِ الْأَنْفِ وَقَالُوا إنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَطْعُ مَعَ ذَلِكَ فَكَيْفَ بِاخْتِضَابِ الْأَنْفِ الَّذِي هُوَ مَحِلُّ خُرُوجِ الدَّمِ بَلْ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْمَحِلُّ كُلُّهُ قَدْ تَلَوَّثَ بِالنَّجَاسَةِ فَتَأَمَّلْهُ.

وَهَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالرُّعَافِ وَأَمَّا مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ وَهُوَ كَوْنُ دَاخِلِ الْأَنْفِ حُكْمُهُ حُكْمُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَقَدْ قَبِلَهُ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِيَغْسِلَ بَيَانٌ لِمَا يَفْعَلُهُ إذَا خَرَجَ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ أَقْرَبَ مَكَان مُمْكِنٍ هُوَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ مِنْ شُرُوطِهِ وَهُوَ أَنْ لَا يُجَاوِزَ أَقْرَبَ مَكَان يُمْكِنُهُ غَسْلُ الدَّمِ فِيهِ فَإِنْ تَعَدَّى الْأَقْرَبَ إلَى غَيْرِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِاتِّفَاقٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَتَى فِي الصَّلَاةِ بِزِيَادَةٍ مُسْتَغْنًى عَنْهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ: هَكَذَا قَالُوا وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ وَالْقَلِيلَةِ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ بَعْدَهُ: وَتَبَرِّيهِ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ خُرُوجَهُ وَغَسْلَ الدَّمِ وَبِنَاءَهُ رُخْصَةٌ فَإِذَا انْضَافَ إلَى ذَلِكَ أَمْرٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ كَثُرَ الْمُنَافِي فَتَبْطُلُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ وَأَظُنُّهُ اللُّبَابَ أَنَّ فِي الزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ قَوْلَيْنِ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى صَاحِبِ الْجَمْعِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْيَسِيرَةِ وَالْكَثِيرَةِ وَلِذَلِكَ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ (فَإِنْ قُلْتُ) قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ قَرِيبًا جِدًّا بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ فَعَلَ مِثْلَهُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ كَالتَّقَدُّمِ إلَى فُرْجَةٍ قُلْتُ: التَّقَدُّمُ إلَى فُرْجَةٍ مُنْفَرِدٌ وَهَذَا مُنْضَمٌّ إلَيْهِ هَذِهِ الْأَفْعَالُ الَّتِي الْأَصْلُ أَنْ لَا تَصِحَّ الصَّلَاةُ مَعَهَا انْتَهَى قُلْتُ وَهُوَ نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ نَاجِي وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ فِي أَنَّ مُجَاوَزَتَهُ بِنَحْوِ الْخُطْوَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ لَا تَضُرُّ فَتَأَمَّلْهُ.

وَقَوْلُهُ مُمْكِنٌ يَعْنِي بِهِ أَنَّ مُجَاوَزَةَ الْأَقْرَبِ إنَّمَا تَضُرُّ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ الْغَسْلُ فِيهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْغَسْلُ فِيهِ فَلَا تَضُرُّ مُجَاوَزَتُهُ فِي الْبِنَاءِ وَالْمُرَادُ بِالْمُمْكِنِ مَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَنَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ فِي الْمُنْتَقَى (فَرْعٌ) فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ فِي مَوْضِعٍ بِشِرَاءٍ وَطُلِبَ مِنْهُ الثَّمَنُ الْمُعْتَادُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَكَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ وَغَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَتَجَاوَزَهُ إلَى غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ صَلَاتَهُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَجِدْ الثَّمَنَ أَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ أَوْ طُلِبَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ الْمُعْتَادِ فَلَهُ الْمُجَاوَزَةُ إلَى غَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِشَارَةِ وَالْمُعَاطَاةِ وَقَدْ نَصَّ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأَلْغَازِ فِي مَسَائِلِ الْبُيُوعِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ عَقْدُ الْبَيْعِ فِي الصَّلَاةِ إذَا كَانَتْ بِإِشَارَةٍ خَفِيفَةٍ

ص: 479

وَمُعَاطَاةٍ قَالَ: وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي بَابِ السَّهْوِ وَالْفِعْلُ الْقَلِيلُ جِدًّا مُغْتَفَرٌ وَإِنْ كَانَ بِإِشَارَةٍ لِسَلَامٍ أَوْ رَدِّهِ أَوْ لِحَاجَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَى قُلْتُ وَهَذَا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَكَيْفَ بِهَذِهِ الضَّرُورَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِتَصْحِيحِ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ قَرُبَ هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الْبِنَاءِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَكَانُ الَّذِي يَغْسِلُ الدَّمَ فِيهِ قَرِيبًا فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ، (فَإِنْ قُلْتُ) مَا فَائِدَةُ هَذَا الشَّرْطِ مَعَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ أَقْرَبَ مَكَان قُلْتُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَقْرَبَ مَكَان يَصْدُقُ مَعَ بُعْدِ الْمَكَانِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْغَسْلُ إلَّا فِيهِ أَقْرَبُ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ بَعِيدًا وَهَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُتَعَارَفِ لِأَنَّ الْبُعْدَ وَالْقُرْبَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ فَيُقَالُ: هَذَا الْمَكَانُ أَقْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فِي نَفْسِهِ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ (فَإِنْ قُلْتُ) فَمَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ قَرُبَ بَعْدَ قَوْلِهِ أَقْرَبَ قُلْتُ أَظُنُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ أَقْرَبَ يَصْدُقُ عَلَى مَا إذَا بَعُدَ الْمَكَانُ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَقْرَبُ مِنْ الْآخَرِ قُلْتُ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصْدُقُ مَعَ بُعْدِ الْمَكَانِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَقْرَبَ صِيغَةُ تَفْضِيلٍ وَهُوَ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى فَلَا بُدَّ أَنْ يُشْتَرَطَ الْمَكَانَانِ فِي الْقُرْبِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ جَارٍ عَلَى عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ كَمَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) شَرْطُ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ الْمَكَانُ قَرِيبًا وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَكَانُ بَعِيدًا جِدًّا وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَطْلُبُ الْمَاءَ مَا لَمْ يَبْعُدْ جِدًّا وَقَالَ فِي الطِّرَازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَطْلُبُ الْمَاءَ مَا لَمْ يَبْعُدْ جِدًّا انْتَهَى وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْبِنَاءِ وَمَعْنَاهُ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ بُعْدُ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَغْسِلُ فِيهِ انْتَهَى، وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي شُرُوطِ الْبِنَاءِ وَأَنْ لَا يَبْعُدَ الْمَكَانُ جِدًّا وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ إلَى أَقْرَبِ الْمِيَاهِ قَالُوا: مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ بُعْدُ مَوْضِعِ الْغُسْلِ فَيَجِبُ الْقَطْعُ وَقَدْ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَقْرَبُ زَادَ ابْنُ فَرْحُونٍ لِأَنَّهُ يَدُلُّ إلَى أَنَّ ثَمَّ قَرِيبًا وَغَيْرَهُ أَقْرَبُ انْتَهَى، وَكَانَ هَذَا الَّذِي حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِهِ أَقْرَبُ وَالظَّاهِرُ مَا تَقَدَّمَ وَأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا تَفَاحَشَ بُعْدُ الْمَكَانِ كَمَا تَقَدَّمَ النَّصُّ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَلْيَطْلُبْ الرَّاعِفُ الْمَاءَ إلَى أَقْرَبِ مَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ إذَا لَمْ يَتَفَاحَشْ الْبُعْدُ جِدًّا فَإِذَا وَجَدَهُ فِي مَكَان فَجَاوَزَهُ إلَى غَيْرِهِ فَذَلِكَ قَطْعٌ لِصَلَاتِهِ قَالَ ابْنُ نَاجِي قُلْتُ تَبَرَّأَ ابْنُ هَارُونَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِقَوْلِهِ قَالُوا: إنْ تَفَاحَشَ وَجَبَ الْقَطْعُ وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْبِنَاءَ رُخْصَةٌ وَذَلِكَ يُؤْذِنُ بِالطَّلَبِ وَإِنْ تَفَاحَشَ انْتَهَى قُلْتُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ ابْنِ هَارُونَ عَلَى الْبِنَاءِ وَلَوْ تَفَاحَشَ الْبُعْدُ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ الْمَذْهَبِ وَأَيْضًا فَوَجْهُ الْبُطْلَانِ ظَاهِرٌ وَهُوَ كَثْرَةُ الْمُنَافِي فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) إذَا رَعَفَ الْمُتَيَمِّمُ فِي الصَّلَاةِ وَوَجَدَ مَا يَغْسِلُ بِهِ الدَّمَ فَإِنَّهُ يَغْسِلُهُ وَيَبْنِي وَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِشُرُوطِهَا فَلَا يُبْطِلُهَا طُرُوُّ الْمَاءِ قَالَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى الرُّعَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ فِي الطِّرَازِ مَنْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ صَبَّ الْمَطَرُ أَوْ جَاءَ الْمَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ فَإِنْ رَعَفَ غَسَلَ الدَّمَ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُرَجِّحُ قَطْعَ الصَّلَاةِ بِالرُّعَافِ فَلَمَّا قَطَعَ كَانَ مَا وَجَدَهُ مِنْ الْمَاءِ بِقَدْرِ مَا غَسَلَ الدَّمَ فَقَطْ فَهَلْ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ أَمْ لَا وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَذَلِكَ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَمَّا اشْتَغَلَ بِطَهَارَةِ النَّجَسِ قَطَعَ اتِّصَالَ تَيَمُّمِهِ بِالصَّلَاةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَمَّا وَجَدَ الْمَاءَ الْيَسِيرَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُ وَعَنْ سَبَبِهِ فَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ عَلَى زِيَادَةٍ وَوُجُوبُ الطَّلَبِ يُبْطِلُ تَيَمُّمَهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ عَدَمُ الْمَاءِ وَقَوْلُهُ وَيَسْتَدْبِرُ قِبْلَةً بِلَا عُذْرٍ هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ اسْتَدْبَرَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِذَا اسْتَدْبَرَ الرَّاعِفُ الْقِبْلَةَ لِطَلَبِهِ الْمَاءَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَقَالَ فِي الطِّرَازِ إنْ أَمْكَنَهُ طَلَبُ الْمَاءِ وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ فَلَا يَسْتَدْبِرُهَا وَإِنْ اسْتَدْبَرَهَا لِلضَّرُورَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

ص: 480

انْتَهَى وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ قَالَهُ اللَّخْمِيّ وَصَاحِبُ الطِّرَازِ انْتَهَى وَيُرِيدُ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ كَمَا قَالُوا وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي غَسْلِ الدَّمِ لِلْبِنَاءِ أَنْ يَكُونَ مَسِيرُهُ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ انْتَهَى وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الضَّرُورَةَ هُوَ كَوْنُ الْمَاءِ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ قَوْلُهُ وَيَسْتَدْبِرُ قِبْلَةً بِلَا عُذْرٍ كَذَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَسَنَد.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَصَاحِبُ الْجَمْعِ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَخْرُجُ كَيْفَمَا أَمْكَنَهُ سَوَاءٌ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ فِي خُرُوجِهِ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ مَا أَمْكَنَهُ قَالَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ وَهُوَ قَوْلٌ بَعِيدٌ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الشُّيُوخِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ غَالِبًا وَنَحْوُهُ لِصَاحِبِ الْجَمْعِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ (الثَّانِي) مَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَصَاحِبُ الْجَمْعِ أَوَّلُهُ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ مُخَالِفٌ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ.

وَقَالَ الشَّبِيبِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ بِالْبُطْلَانِ (الثَّالِثُ) إذَا وَجَدَ مَاءً قَرِيبًا لَكِنَّهُ يَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ إذَا خَرَجَ إلَيْهِ وَفِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ مَاءٌ أَبْعَدُ مِنْهُ فَهَلْ يَذْهَبُ إلَى الْمَاءِ الْقَرِيبِ وَإِنْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ أَوْ يَذْهَبُ إلَى الْأَبْعَدِ وَلَا يَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْمَكَانِ الْقَرِيبِ وَإِنْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ لِأَنَّ تَرْكَ الِاسْتِقْبَالِ أَخَفُّ مِنْ كَثْرَةِ الْأَفْعَالِ الْمُنَافِيَةِ لِلصَّلَاةِ فَتَأَمَّلْهُ.

وَقَوْلُهُ وَيَطَأُ نَجَاسَةً هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الرَّابِعُ وَهُوَ أَنْ لَا يَطَأَ فِي مَشْيِهِ عَلَى نَجَاسَةٍ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ رَطْبَةً أَوْ يَابِسَةً وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ وَطِئَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ غَيْرُ مُتَكَلِّمٍ وَلَا مَاشٍ عَلَى نَجَاسَةٍ فَإِنْ تَكَلَّمَ أَوْ مَشَى عَلَى نَجَاسَةٍ فَثَالِثُهَا يَبْطُلُ فِي الْمُضِيِّ لَا فِي الْعَوْدِ إلَيْهَا وَرَابِعُهَا عَكْسُهُ (وَلْنَذْكُرْ نُصُوصَ الْمَذْهَبِ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ وَطِئَ عَلَى نَجَاسَةٍ رَطْبَةٍ اُنْتُقِضَتْ صَلَاتُهُ بِاتِّفَاقٍ ثُمَّ قَالَ: وَاخْتُلِفَ إنْ مَشَى عَلَى قَشَبٍ يَابِسٍ فَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ تُنْتَقَضُ صَلَاتُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ لَا تُنْتَقَضُ وَأَمَّا مَشْيُهُ فِي الطَّرِيقِ لِغَسْلِ الدَّمِ وَفِيهَا أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا فَلَا تُنْتَقَضُ بِذَلِكَ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى الْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ لِغَسْلِ الدَّمِ كَمَا يُضْطَرُّ لِلصَّلَاةِ فِيهَا وَلَيْسَ بِمُضْطَرٍّ إلَى الْمَشْيِ عَلَى الْقَشَبِ قَالَهُ ابْنُ حَارِثٍ انْتَهَى.

قَالَ وَصَاحِبُ الْجَمْعِ قَالُوا: إنْ مَشَى عَلَى نَجَاسَةٍ وَكَانَتْ رَطْبَةً بَطَلَتْ بِاتِّفَاقٍ أَيْ عُذْرَةٍ وَمَا فِي مَعْنَاهَا ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْقَشَبِ الْيَابِسِ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي إذَا مَشَى عَلَيْهَا غَيْرَ عَالَمٍ بِهَا وَأَمَّا إذَا تَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ: إنْ كَانَتْ الْعُذْرَةُ رَطْبَةً فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْبُطْلَانِ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ غَلَّابٍ النَّجَاسَةُ الرَّطْبَةُ مُتَّفَقٌ عَلَى إبْطَالِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ الْعُذْرَةُ الرَّطْبَةُ لِأَنَّهُ قَالَ: وَأَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا لَا تُبْطِلُ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ الْبَوْلَ رَطْبٌ، قَالَ: وَأَمَّا عَدَمُ الْبُطْلَانِ فِي زِبْلِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا فَمُعَلَّلٌ بِضَرُورَةِ الْمَشْيِ عَلَيْهَا لِكَثْرَتِهَا فِي الطُّرُقَاتِ وَلِلِاخْتِلَافِ أَيْضًا فِي نَجَاسَتِهَا وَأَمَّا الدَّمُ الزَّائِدُ عَلَى الْقَدْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَزِبْلُ الْكِلَابِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ النَّجَاسَاتِ فَغَيْرُ مُغْتَفَرٍ ثُمَّ قَالَ: (تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) أَطْلَقَ الْمُؤَلَّفُ الْقَوْلَ فِي النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَلَا بُدَّ مِنْ رَدِّ ذَلِكَ الْإِطْلَاقِ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، (الثَّانِي) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْكَلَامِ يَجْرِيَ فِي الْمَشْيِ عَلَى النَّجَاسَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَمْ أَرَ فِي مَسْأَلَةِ النَّجَاسَةِ إلَّا الْقَوْلَيْنِ يُرِيدُ فِي الْقَشَبِ الْيَابِسِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ

ص: 481

مُوَافِقٌ لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ فَانْظُرْ نُصُوصَ الْمُتَقَدِّمِينَ انْتَهَى. وَقَالَ صَاحِبُ الْجَمْعِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَأَمَّا مَشْيُهُ عَلَى أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا فِي الطَّرِيقِ وَمُبَاشَرَتُهُ لِغَسْلِ الدَّمِ فَمُغْتَفَرٌ قَالَهُ ابْنُ حَارِثٍ انْتَهَى.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) تَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَشْيَهُ عَلَى أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا غَيْرُ مُبْطِلٍ كَمَا تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ وَلَوْ كَانَتْ رَطْبَةً كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَمَنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْجَمْعِ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَقَالَهُ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فَإِنَّهُ قَالَ لَا خِلَافَ فِيمَا إذَا مَشَى عَلَى نَجَاسَةٍ رَطْبَةٍ أَنَّهُ لَا يُبْنَى وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا مَشَى عَلَى نَجَاسَةٍ يَابِسَةٍ وَذَكَرَ الْخِلَافَ ثُمَّ قَالَ: وَالنَّجَاسَةُ الْمُرَادَةُ هِيَ الْعُذْرَةُ وَأَمَّا أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا فَيُبْنَى إذَا مَشَى عَلَيْهَا مُطْلَقًا لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا تَخْلُو مِنْهَا وَلِلْخِلَافِ فِيهَا وَلِذَلِكَ رَاعَاهُ مَالِكٌ وَقَالَ مَنْ وَطِئَ بِخُفَّيْهِ أَوْ نَعْلَيْهِ عَلَى أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ الرَّطْبَةِ وَأَبْوَالِهَا وَصَلَّى بِهَا الْمَسْأَلَةُ يُشِيرُ إلَى مَسْأَلَةِ الْخُفِّ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَابِ الْمَعْفُوَّاتِ قُلْتُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا وَطِئَهَا نَاسِيًا أَوْ مُضْطَرًّا لِذَلِكَ لِعُمُومِهَا وَانْتِشَارِهَا فِي الطَّرِيقِ وَأَمَّا إنْ وَطِئَهَا عَامِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِسَعَةِ الطَّرِيقِ وَعَدَمِ عُمُومِهَا وَإِمْكَانِ عُدُولِهِ عَنْهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتُهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الضَّرُورَةُ (الثَّانِي) مُبَاشَرَتُهُ لِغَسْلِ الدَّمِ مِنْ أَنْفِهِ مُغْتَفَرٌ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْجَمْعِ وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ كَالْعُذْرَةِ وَالْبَوْلِ وَالدَّمِ وَزِبْلِ الْكِلَابِ وَالدَّجَاجِ الَّتِي تَأْكُلُ النَّجِسَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ رَطْبَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِاتِّفَاقٍ وَكَذَا إنْ كَانَتْ يَابِسَةً وَوَطِئَهَا عَامِدًا كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً وَوَطِئَهَا سَهْوًا فَفِيهَا الْخِلَافُ حَكَى الْمُتَقَدِّمُونَ فِيهَا قَوْلَيْنِ بِالْبُطْلَانِ وَعَدَمِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَشَى عَلَى الْبُطْلَانِ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ النَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ الْمُصَلَّى فِي صَلَاتِهِ وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَمْ أَرَ مَنْصُوصًا فِي مَسْأَلَةِ النَّجَاسَةِ إلَّا هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ وَالْمَشْيَ عَلَى النَّجَاسَةِ مُسْتَوِيَانِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ انْتَهَى وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ مَشْيُهُ عَلَى نَجَاسَةٍ مِثْلُ كَلَامِهِ فِي أَقْوَالِهِ وَلَمْ يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا بِمَا إذَا عَلِمَ قَبْلَ كَمَالِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ وَطِئَ نَجَاسَةً سَهْوًا وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَهَذَا ظَاهِرٌ (الرَّابِعُ) الْقَشْبُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ الْعُذْرَةُ الْيَابِسَةُ هَكَذَا قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ) إذَا عَلِمَ هَذَا فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى عُمُومِهِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا وَقَدْ اسْتَثْنَاهَا فِي الشَّامِلِ وَقَوْلُهُ وَيَتَكَلَّمُ وَلَوْ سَهْوًا هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الْخَامِسُ وَهُوَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فَإِنْ تَكَلَّمَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِاتِّفَاقٍ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا فَحَكَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِيهِ قَوْلَيْنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَبْنِي لِأَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا جَاءَتْ فِي بِنَاءِ الرَّاعِفِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يَخُصَّ نَاسِيًا مِنْ مُتَعَمِّدٍ وَحَكَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ يَبْنِي وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ وَالْإِمَامُ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ قُلْتُ وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ عَلَى حُكْمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الرَّاعِفِ وَالْأَوَّلُ قَصَرَ الرُّخْصَةَ عَلَى مَحِلِّ وُرُودِهَا وَأَيْضًا إذَا حَصَلَ الْكَلَامُ كَثُرَتْ الْأَفْعَالُ الْمُنَافِيَةُ لِلصَّلَاةِ وَوَجَّهَ صَاحِبُ الطِّرَازِ هَذَا الْقَوْلَ بِأَنَّ لَمَّا كَانَتْ مُنَافِيَةً لِحَالِ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ مِنْ صِفَاتِ الْمُصَلِّينَ إلَّا تَرْكُ الْكَلَامِ فَقَطْ فَإِذَا انْخَرَمَ هَذَا الْوَصْفُ انْسَلَبَتْ عَنْهُ سَائِرُ صِفَاتِ الْمُصَلِّينَ وَخَرَجَ مِنْ حُكْمِ الصَّلَاةِ انْتَهَى وَحَكَى ابْنُ يُونُسَ ثَالِثًا عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ إنْ تَكَلَّمَ فِي ذَهَابِهِ أُبْطِلَ وَإِنْ تَكَلَّمَ فِي رُجُوعِهِ لِلصَّلَاةِ لَمْ تُبْطَلْ قَالَ

ص: 482

ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِأَنَّهُ إذَا تَكَلَّمَ رَاجِعًا فَهُوَ فِي عَمَلِ الصَّلَاةِ فَأَشْبَهَ كَلَامَهُ سَهْوًا فِي إضْعَافِ الصَّلَاةِ وَإِذَا تَكَلَّمَ فِي انْصِرَافِهِ فَإِنَّمَا هُوَ مُشْتَغِلٌ بِغَسْلِ الدَّمِ وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ لِأَنَّ حُكْمَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَائِمٌ سَوَاءٌ تَكَلَّمَ فِي سَيْرِهِ أَوْ فِي رُجُوعِهِ انْتَهَى.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ رَابِعًا عَكْسَ الثَّالِثِ أَنَّهُ إنْ تَكَلَّمَ فِي مَسِيرِهِ لَمْ تَبْطُلْ وَإِنْ تَكَلَّمَ فِي عَوْدَتِهِ بَطَلَتْ وَلَمْ يَعْزُوَاهُ انْتَهَى.

قُلْتُ عَزَوْهُ لِابْنِ بَشِيرٍ سَهْوًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَهُ عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاعْتَرَضَهُ فَقَالَ: وَنَقَلَ ابْنُ شَاسٍ الثَّالِثَ مَعْكُوسًا خِلَافَ مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: قَوْلُ خَلِيلٍ حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَهُمْ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ عَلَى أَنَّهُ رَابِعٌ بَلْ قَالَ: فَإِنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا فَفِي الْبُطْلَانِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَلِذَلِكَ قَوَّى الظَّنَّ بِأَنَّهُ وَهْمٌ فِي النَّقْلِ وَكَذَلِكَ جَزَمَ صَاحِبُ الْجَمْعِ بِأَنَّهُ وَهْمٌ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ أَرَادَ نَقْلَ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي حَكَاهَا ابْنُ بَشِيرٍ فَوَهَمَ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) نَسَبَ صَاحِبُ الطِّرَازِ الْقَوْلَ بِالْبُطْلَانِ بِالْكَلَامِ سَهْوًا مُطْلَقًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَنَسَبَ الْقَوْلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الذَّهَابِ أَوْ فِي الرُّجُوعِ لِابْنِ حَبِيبٍ عَكْسُ مَا تَقَدَّمَ فَلَعَلَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ قَوْلَيْنِ أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ سَهْوًا وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ وَلَوْ كَانَ الْكَلَامُ سَهْوًا لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الِاسْتِخْلَافِ: وَإِنْ قَالَ: يَا فُلَانُ تَقَدَّمْ فَإِنْ كَانَ رَاعِفًا فَقَدْ أَفْسَدَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَبْنِي انْتَهَى. فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا لَكِنْ قُوَّةَ الْكَلَامِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَمْدًا وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي بَابِ الرُّعَافِ قَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ: وَإِنْ رَعَفَ الْإِمَامُ فَلَمَّا خَرَجَ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: تَكَلَّمَ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ لِلْحَدِيثِ أَنَّهُ يَبْنِي مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: لَا يَظْهَرُ لِقَوْلِهِ وَلَوْ سَهْوًا مَعْنًى لِأَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ عَدَمِيَّةٌ مَجْمُوعُهَا مَلْزُومُ الصِّحَّةِ وَضِدُّ أَحَدِهَا مَلْزُومٌ لِضِدِّ الصِّحَّةِ وَالْمُبَالَغَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي هَذَا فَتَأَمَّلْهُ قُلْتُ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لِذَلِكَ فَائِدَةٍ وَهِيَ أَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ فِي الْبِنَاءِ عَدَمَ الْكَلَامِ بَالَغَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: وَلَوْ كَانَ الْكَلَامُ سَهْوًا فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ عَدَمُهُ فَتَأَمَّلْهُ.

(الثَّانِي) لَوْ تَكَلَّمَ عَمْدًا لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ فَهَلْ يُبْطِلُ ذَلِكَ صَلَاتَهُ وَيُمْنَعُ الْبِنَاءُ أَمْ لَا؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ فَتَأَمَّلْهُ.

(الثَّالِثُ) اُخْتُلِفَ فِي الْمَأْمُومِ إذَا انْصَرَفَ لِغَسْلِ الدَّمِ هَلْ يَخْرُجُ مِنْ حُكْمِ الْإِمَامِ أَمْ لَا؟ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ حَكَاهَا صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَغَيْرُهُ: (أَحَدُهَا) أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ حُكْمِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، (الثَّانِي) أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ حُكْمِهِ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، (الثَّالِثُ) إنْ رَعَفَ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ مَعَهُ رَكْعَةً خَرَجَ مِنْ حُكْمِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ مَعَهُ رَكْعَةً لَمْ يَخْرُجْ مِنْ حُكْمِهِ، (الرَّابِعُ) النَّظَرُ إلَى مَا آلَ إلَيْهِ أَمْرُهُ فَإِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ بَعْدَ رُجُوعِهِ كَانَ فِي حُكْمِهِ حَالَ خُرُوجِهِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً حِينَ خُرُوجِهِ لَمْ يَكُنْ فِي حُكْمِهِ فِي حَالِ خُرُوجِهِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ حُكْمِهِ حَتَّى يَرْجِعَ يَقُولُ: إنْ أَفْسَدَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ مُتَعَمِّدًا قَبْلَ أَنْ يَرْجِعْ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ وَإِنْ تَكَلَّمَ سَهْوًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَلَمْ يَحْمِلْ عَنْهُ ذَلِكَ الْإِمَامُ خِلَافَ أَصْلِ ابْنِ حَبِيبٍ الَّذِي يَرَى أَنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ عَلَيْهِ الْبِنَاءَ وَإِنْ ظَنَّ الْإِمَامُ قَدْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَوْ مَضَى لَأَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الصَّلَاةِ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ لَمْ يَلْزَمْهُ سَهْوُهُ وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ حُكْمِهِ يَقُولُ: إنْ أَفْسَدَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ مُتَعَمِّدًا فَسَدَتْ عَلَيْهِ هُوَ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَوْ مَضَى لَأَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تُجْزِهِ صَلَاتُهُ وَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ لَزِمَهُ سَهْوُهُ وَإِنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا حَمَلَهُ عَنْهُ الْإِمَامُ خِلَافَ أَصْلِ ابْنِ حَبِيبٍ الْمَذْكُورِ وَإِنْ قَرَأَ الْإِمَامُ بِسَجْدَةٍ فَسَجَدَهَا فَرَجَعَ هُوَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأهَا وَيَسْجُدَهَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى قِيَاسِ هَذَا الْقَوْلِ انْتَهَى.

وَالثَّلَاثَةُ الْأَقْوَالِ الْأَوَّلُ تُؤْخَذُ مِنْ

ص: 483

كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ كَمَا حَصَّلَهَا ابْنُ نَاجِي مِنْ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ قُلْتُ وَالْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ أَتَمَّ مَكَانَهُ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ تُبُيِّنَ خَطَؤُهُ وَصَوَّبَ ابْنُ يُونُسَ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَتَأَمَّلْهُ.

ص (إنْ كَانَ بِجَمَاعَةٍ وَاسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ وَفِي بِنَاءِ الْفَذِّ خِلَافٌ)

ش هَذَا هُوَ الشَّرْطُ السَّادِسُ مِنْ شُرُوطِ الْبِنَاءِ وَلَمَّا كَانَ مُخَالِفًا لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ وُجُودِيٌّ وَمَا قَبْلَهُ عَدَمِيٌّ فَصَّلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ وَكَرَّرَ أَدَاةَ الشَّرْطِ لِلتَّفْصِيلِ الَّذِي فِيهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّاعِفَ يَبْنِي إذَا كَانَ فِي جَمَاعَةٍ سَوَاءً كَانَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ إمَامًا فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالِاسْتِخْلَافِ اسْتِحْبَابًا كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ الِاسْتِخْلَافِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ اسْتَخْلَفُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَصَلَّوْا وُحْدَانًا وَأَمَّا إنْ كَانَ فَذًّا فَفِي بِنَائِهِ خِلَافٌ أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ أَنَّ أَحَدَهُمَا يَبْنِي كَمَا يَبْنِي الَّذِي فِي جَمَاعَةٍ وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَبْنِي قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ يَبْنِي فِي الرُّعَافِ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ كَالْمَأْمُومِ فَاَلَّذِي صَحَّ لَهُ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِهِ حَاجَةٌ إلَى حِفْظِهِ بِإِكْمَالِ الصَّلَاةِ كَالْمَأْمُومِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَذِّ فَأَجَازَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنْ يَبْنِيَ وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ لِأَنَّ مَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ وَمَا لَا يَمْنَعُهُ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْفَذُّ وَغَيْرُهُ كَالسَّلَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ فِيمَا طَالَ وَفِيمَا قَصُرَ وَلِأَنَّهُ قَدْ عَمِلَ شَيْئًا مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يُبْطِلُهُ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ قَدْ حَازَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ فَلَا يَفُوتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ بِالْبِنَاءِ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ فِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَذِّ فَذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَى أَنَّهُ لَا يَبْنِي لِأَنَّ الْبِنَاءَ إنَّمَا هُوَ لِيَحُوزَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: يَبْنِي وَمِثْلُهُ لِمَالِكٍ فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْفَذَّ يَبْنِي عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ لُبَابَةَ انْتَهَى.

وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ إنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّ الْفَذَّ يَبْنِي قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ بَزِيزَةَ: إنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ بِنَاءُ الْفَذِّ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا شَكَّ فِي أَخْذِ بِنَاءِ الْمَأْمُومِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي أَخْذِ بِنَاءِ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ مِنْهَا نَظَرٌ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ وَحَكَى الْبَاجِيّ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْفَذِّ عَدَمُ الْبِنَاءِ انْتَهَى وَإِلَى تَشْهِيرِ الْبَاجِيِّ وَمَا قَالَهُ الْجَمَاعَةُ الْمُتَقَدِّمُونَ إنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَشَارَ بِالْخِلَافِ (تَنْبِيهٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ فِي بِنَاءِ الْإِمَامِ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ فَرْحُونٍ وَصَاحِبُ الْجَمْعِ وَغَيْرُهُمَا هُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَصَاحِبُ الطِّرَازِ مِنْ اتِّفَاقِ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ عَلَى بِنَاءِ الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ لِلَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ لَمْ يُحْكَ فِي بِنَاءِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ خِلَافٌ ثُمَّ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي الْفَذِّ وَذَكَرَ الْخِلَافَ ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ يَعْنِي الْقَوْلَ بِجَوَازِ بِنَائِهِ قَالَ وَلَيْسَ الْبِنَاءُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ فَتَحَصَّلَ فِي بِنَاءِ الْإِمَامِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا لَهُ الْبِنَاءُ بِاتِّفَاقٍ وَالْأُخْرَى فِيهِ قَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا جَوَازُ الِاسْتِخْلَافِ

ص (وَإِذَا بَنَى لَمْ يَعْتَدَّ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمُلَتْ)

ش يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِفَ إذَا بَنَى وَلَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَهُ وَخَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ وَغَسَلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ رَجَعَ لِيُكْمِلَ صَلَاتَهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِمَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ إلَّا بِالرَّكْعَةِ الْكَامِلَةِ بِسَجْدَتَيْهَا فَلَوْ رَعَفَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِذَلِكَ كُلَّهُ إذَا رَجَعَ وَيَبْتَدِئُ الرَّكْعَةَ الَّتِي لَمْ تَتِمَّ مِنْ أَوَّلِهَا بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ السُّورَةِ وَلَا يَبْنِي عَلَى شَيْءٍ مِمَّا مَضَى سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ.

قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدِي وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ فِي

ص: 484

التَّوْضِيحِ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يَبْنِي عَلَى مَا عَمِلَ مِنْ صَلَاتِهِ سَوَاءً رَعَفَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ كَانَ رَعَفَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا فَإِذَا رَجَعَ رَكَعَ وَلَمْ يُعِدْ الْقِرَاءَةَ وَإِنْ رَعَفَ فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ قَرَأَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي انْتَهَى إلَيْهِ وَإِنْ رَعَفَ وَهُوَ رَاكِعٌ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ لِلرُّعَافِ فَذَلِكَ رَفْعٌ مِنْ الرَّكْعَةِ فَإِذَا رَجَعَ لِلْقِيَامِ وَخَرَّ مِنْهُ لِلسُّجُودِ وَإِنْ رَعَفَ وَهُوَ سَاجِدٌ فَرَفَعَ لِلرُّعَافِ فَذَلِكَ رَفْعٌ لِلسَّجْدَةِ فَإِذَا رَجَعَ سَجَدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ وَإِنْ رَعَفَ وَهُوَ جَالِسٌ لِلتَّشَهُّدِ فَقِيَامُهُ لِلرُّعَافِ قِيَامٌ مِنْ الْجِلْسَةِ فَإِذَا رَجَعَ ابْتَدَأَ بِقِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مُبْتَدَأِ الْجُلُوسِ قَبْلَ تَمَامِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَلْيَرْجِعْ إلَى الْجُلُوسِ حَتَّى يُتِمَّ التَّشَهُّدَ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَعَزَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ لِابْنِ مَسْلَمَةَ وَاسْتَظْهَرَهُ هُوَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُمَا وَحَكَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ ثَالِثًا وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى اسْتَأْنَفَ الْإِحْرَامَ وَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ أَلْغَى مَا مَضَى مِنْهَا وَاسْتَأْنَفَ الرَّكْعَةَ مِنْ أَوَّلِهَا بِالْقِرَاءَةِ وَرَابِعًا وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْأُولَى اسْتَأْنَفَ الْإِحْرَامَ وَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ بَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا رَوَى هَذَا عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَعَزَا الثَّالِثَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ الثَّالِثَ يَفْصِلُ بَيْنَ الْأُولَى فَلَا يُبْنَى عَلَى جُزْئِهَا وَغَيْرِ الْأُولَى يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا وَلَمْ يَقُلْ: إنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْأَوَّلَ بِإِحْرَامٍ وَعَزَاهُ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ أَجْزَاءِ الرَّكْعَةِ مَمْنُوعٌ مِنْهُ وَلِذَلِكَ حَكَمُوا بِفَوَاتِ الرَّكْعَةِ إذَا فَصَلَ بَيْنَ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا بِرُكُوعِ رَكْعَةٍ أُخْرَى سَهْوًا وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْخُرُوجَ لِغَسْلِ الدَّمِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنْ إتْمَامِ الصَّلَاةِ وَلَا فَاصِلًا بَيْنَ رَكَعَاتِهَا لَمْ يَكُنْ فَاصِلًا بَيْنَ أَجْزَاءِ الرَّكْعَةِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ فَصْلٌ مُبَاحٌ بَيْنَ أَجْزَاءِ الرَّكْعَةِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا كَالْكَذِبِ فِي الصَّلَاةِ وَلِأَنَّ فِي عَدَمِ الْبِنَاءِ زِيَادَةً فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْمُوَالَاةُ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ رَكَعَاتِهَا وَلَا بَيْنَ أَجْزَاءِ رَكَعَاتِهَا فَمَنْ لَاحَظَ أَنَّ الرُّعَافَ مُخِلٌّ بِهَا سَوَّى بَيْنَ الرَّكَعَاتِ وَأَجْزَائِهَا وَمَنْ لَاحَظَ أَنَّ الرُّكُوعَ الْوَاحِدَ كَالْعِبَادَةِ الْمُسْتَقِلَّةِ وَالصَّلَاةِ الْمُنْفَرِدَةِ لِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ خَصَّهَا بِأَحْكَامِ إدْرَاكِ الْأَوْقَاتِ وَفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَاتِ وَتَحْصِيلِ الْأَدَاءِ فَصَارَتْ أَوْلَى بِالْمُوَالَاةِ فِي نَفْسِهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ إهْمَالِ الْمُوَالَاةِ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ إهْمَالُهَا فِي الرَّكْعَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ انْتَهَى.

وَأَمَّا الْأَقْوَالُ الْأُخَرُ فَوَجْهُهَا أَنَّ الْبِنَاءَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى أَسَاسٍ فَإِذَا لَمْ يَعْقِدْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى لَمْ يَكُنْ أَسَاسٌ يَبْنِي عَلَيْهِ إلَّا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّهَا لَيْسَتْ بِرُكْنٍ وَإِنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الصَّلَاةِ (الثَّانِي) قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ لَوْ فَعَلَ الرَّاعِفُ بَعْدَ رُعَافِهِ فِعْلًا مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ هَلْ يُعْتَدُّ بِهِ وَيُبْنَى عَلَيْهِ أَمْ لَا فَذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَهُوَ رَاعِفٌ وَمِنْ السُّجُودِ أَوْ قِيَامِهِ أَيْ الثَّالِثَةِ بَعْدَ فَرَاغِ تَشَهُّدِهِ وَكَأَنَّهُ رَأَى إذَا حَصَلَ لَهُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَلَا رُعَافَ بِهِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ الرُّعَافُ فَرَفَعَ مِنْهُمَا فَإِنَّ الرَّفْعَ مِنْهُمَا يُجْزِئُهُ وَلَا يُعِيدُهُ إذَا أَعَادَ الْبِنَاءَ قَالَ: وَقَدْ قَدَّمْنَا اضْطِرَابَ الْقَوْلِ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ هَلْ هُوَ فَرْضٌ فِي نَفْسِهِ؟ وَذَكَرْنَا مَا قَالَهُ النَّاسُ فِي الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ انْتَهَى. وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَعَنَى أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمُلَتْ قَبْلَ الرُّعَافِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَلَا يَحْتَسِبُ الرَّاعِفُ بِمَا فَعَلَهُ بَعْدَ رُعَافِهِ وَقَبْلَ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ وَأَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي ثَلَاثٍ وَذَكَرهَا (الثَّالِثُ) هَذَا حُكْمُ الْفَذِّ إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ بِنَائِهِ، وَحُكْمُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ إذَا وَجَدَ الْإِمَامَ قَدْ فَرَغَ وَأَمَّا إذَا وَجَدَهُ فِي الصَّلَاةِ فَيَتْبَعُهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ وَلَا يَأْتِي بِمَا فَاتَهُ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ.

(الرَّابِعُ) هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ

ص: 485

أَجْزَاءِ الرَّكْعَةِ فَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ: إذَا عَادَ فَعَلَ الْأَجْزَاءَ الْبَاقِيَةَ مِنْ الرَّكْعَةِ مَا لَمْ يَكُنْ تَشَاغُلُهُ بِفِعْلِهَا يُفْتِيهِ مَعَ الْإِمَامِ عُقِّدَ الرَّكْعَةَ الَّتِي صَادَفَهُ فِيهَا وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَإِكْمَالِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الرَّكْعَةِ صَلَاةُ الْإِمَامِ رَكْعَةً فِي غِيبَتِهِ بِخِلَافِ النَّاعِسِ انْتَهَى. وَقَالَهُ اللَّخْمِيُّ فَانْظُرْهُ أَيْضًا.

(الْخَامِسُ) فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْمُصَنِّفُ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ حُكْمُهَا مِنْ كَلَامِهِ وَهُوَ مَنْ رَعَفَ بَعْد أَنْ أَحْرَمَ وَقَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ هَلْ يَصِحُّ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ حَكَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ أَحَدَهَا أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ مُطْلَقًا جُمُعَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، الثَّانِي لَا يَبْنِي وَيَسْتَأْنِفُ الْإِقَامَةَ وَالْإِحْرَامَ جُمْلَةً أَيْضًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمِثْلُهُ فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، الثَّالِثُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ جُمُعَةً ابْتَدَأَ الْإِحْرَامَ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ جُمُعَةٍ بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عِنْدِي

الرَّابِعُ أَنَّهُ إنْ كَانَ وَحْدَهُ أَوْ إمَامًا ابْتَدَأَ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ انْتَهَى فَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ يَبْنِي وَلَوْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً لَكِنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ بَعْدَ هَذَا وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ ابْتَدَأَ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي عَزَاهُ لِمَالِكٍ وَقَالَ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَهُ وَصَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ ذَكَرَ ذَلِكَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْجُمُعَةِ وَذَكَرَ قَبْلَ ذَلِكَ الْأَرْبَعَةَ الْأَقْوَالِ كَمَا ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنَّهُ عَزَا الثَّالِثَ لِابْنِ وَهْبٍ وَنَصَّهُ وَقَدْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبِنَاءِ قَبْلَ عَقْدِ رَكْعَةٍ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ عَنْ سَحْنُونٍ يَبْنِي وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَبْنِي وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ يَبْنِي إلَّا فِي الْجُمُعَةِ قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ يَبْنِي الْمَأْمُومُ دُونَ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْح الْمُدَوَّنَةِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَبْنِي وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ سَحْنُونٍ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ ظَاهَرَهُ رَفْعٌ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ أَوْ بَعْدَ مَا رَكَعَ ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِيهِ اُنْظُرْ الْمُقَدِّمَاتِ وَقَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ مَذْهَبِهِ فِي الْكِتَابِ فَقِيلَ مَذْهَبُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبِنَاءُ إلَّا لِمَنْ صَلَّى رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا وَرَعَفَ فِي الْأُخْرَى كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَإِلَّا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ بِإِقَامَةٍ وَإِحْرَامٍ وَقِيلَ مَذْهَبُهُ بِنَاؤُهُ عَلَى الْإِحْرَامِ وَإِنْ لَمْ يُتِّمَ رَكْعَةً

وَقِيلَ بَلْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يُبْنَى عَلَى إحْرَامٍ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدِي كَمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ انْتَهَى قُلْتُ: اُنْظُرْ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ عَكْسُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَكَأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْهُ رحمه الله وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ: إنَّهُ وَهْمٌ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَقَالَ لَا شَكَّ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ قَالَ: وَإِذَا عَقَدَ رَكْعَةً وَسَجَدَ ثُمَّ رَعَفَ أَلْغَاهَا إذَا بَنَى وَإِنْ عَقَدَهَا بِسَجْدَتَيْهَا بَنِي عَلَيْهَا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: فَقَوْلُهُ أَلْغَاهَا إذَا بَنَى أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ وَقَالَ فِي الْجُمُعَةِ: فَإِنْ رَعَفَ فِي الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَهَا بِسَجْدَتَيْهَا فَوَجَدَ الْإِمَامَ حِينَ رَجَعَ قَدْ سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ فَلْيَبْتَدِئْ ظُهْرًا أَرْبَعًا وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ انْتَهَى.

(السَّادِسُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يُطْلَقُ الْبِنَاءُ فِي بَابِ الرُّعَافِ عَلَى مَعْنِيَّيْنِ بِنَاءٌ فِي مُقَابَلَةِ قَطْعٍ كَمَا تَقَدَّمَ يَعْنِي فِي قَوْلِهِمْ فِي حَالَةِ الرُّعَافِ يَجِبُ الْبِنَاءُ فِي حَالَةِ الْأُولَى وَيَجِبُ الْقَطْعُ فِي الثَّانِيَةِ وَيَجُوزُ الْأَمْرَانِ فِي الثَّالِثَةِ وَبِنَاءٌ فِي مُقَابَلَةِ عَدَمِ اعْتِدَادٍ وَهَذَا الثَّانِي إنَّمَا يَتَأَتَّى بَعْدَ حُصُولِ الْبِنَاءِ الْأَوَّلِ أَيْ إذَا حَكَمْنَا بِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ فَهَلْ يَعْتَدُّ بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ وَيَبْنِي عَلَيْهِ أَوْ لَا يَعْتَدُّ انْتَهَى أَكْثَرُهُ بِاللَّفْظِ قُلْتُ وَيُطْلَقُ الْبِنَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَعْنًى ثَالِثٍ فِي مُقَابَلَةِ الْقَضَاءِ وَهُوَ مَا فَاتَ الْمَأْمُومَ بَعْدَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ إذَا خَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِذَا اجْتَمَعَ بِنَاءٌ وَقَضَاءٌ (السَّابِعُ) قَالَ فِي رَسْمِ شَكٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ إذَا

ص: 486

فَرَغَ مِنْ غَسْلِ الدَّمِ وَرَجَعَ لِصَلَاتِهِ يَرْجِعُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ صَلَاتِهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِصَلَاتِهِ بِتَكْبِيرِ مَنْ خَرَجَ مِنْهَا بِسَلَامٍ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَأَتَمَّ مَكَانَهُ إنْ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ وَأَمْكَنَ وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ إلَيْهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَرَجَعَ إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ أَوْ شَكَّ وَلَوْ بِتَشَهُّدٍ وَفِي الْجُمُعَةِ مُطْلَقًا الْأَوَّلُ الْجَامِعُ وَإِلَّا بَطَلَتَا)

ش يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِفَ إذَا غَسَلَ الدَّمَ وَأَرَادَ إتْمَامَ الصَّلَاةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ جُمُعَةً أَوْ غَيْرَهَا فَإِنْ كَانَتْ جُمُعَةً فَسَيَأْتِي حُكْمُهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ جُمُعَةٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُدْرِكُ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ فَإِنْ ظَنَّ فَرَاغَ الْإِمَامِ وَأَحْرَى إنْ عَلِمَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ مَكَانَهُ إنْ أَمْكَنَهُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ ظَاهِرًا تَتَهَيَّأُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنهُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَغْسِلُ فِيهِ الدَّمَ لِنَجَاسَتِهِ أَوْ لِضِيقِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ مِمَّا يَصْلُحُ لِلصَّلَاةِ فَيُتِمُّ فِيهِ صَلَاتَهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَتَمَّ مَكَانَهُ وَإِلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُتِمَّ مَكَانَهُ مَعَ ظَنِّهِ مَعَ فَرَاغِ الْإِمَامِ بَلْ رَجَعَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْإِمَامُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا أَمَرَ بِهِ وَكَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِتْمَامُ بِمَوْضِعِهِ وَقُلْنَا يَتَجَاوَزُهُ إلَى الْأَقْرَبِ فَتَجَاوَزَهُ إلَى الْأَبْعَدِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَمَّا إنْ ظَنَّ بَقَاءَ الْإِمَامِ حَتَّى يُدْرِكَ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ وَلَوْ التَّشَهُّدُ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ هَذَا حُكْمُ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا إنْ أَصَابَهُ الرُّعَافُ فِي الْجُمُعَةِ وَخَرَجَ لِغَسْلِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مُطْلَقًا إلَى أَوَّلِ مَكَان مِنْ الْجَامِعِ أَيْ سَوَاءٌ ظَنَّ بَقَاءَ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ يُدْرِكُ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ ظَنَّ فَرَاغَهُ وَعَلِمَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى الْجَامِعِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَى الْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ بَطَلَتَا.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) مُسْتَنِدُ الظَّنِّ فِي فَرَاغِ الْإِمَامِ وَبَقَائِهِ يَرْجِعُ إلَى تَقْدِيرِهِ وَاجْتِهَادِهِ أَوْ إلَى خَبَرِ عَدْلٍ قَالَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ (الثَّانِي) قَوْلُهُ إذَا ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ أَتَمَّ مَكَانَهُ يُرِيدُ سَوَاءً ظَنَّ فَرَاغَهُ عِنْدَ إتْمَامِ غَسْلِهِ وَظَنَّ أَنَّهُ الْآنَ بَاقٍ وَلَكِنَّهُ يَفْرُغُ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ فَفِي الصُّورَتَيْنِ يُتِمُّ مَكَانَهُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا غَسَلَ الرَّاعِفُ الدَّمَ أَتَمَّ فِي مَوْضِعِهِ إذَا كَانَ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا وَكَانَ إذَا رَجَعَ وَلَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) إذَا ظَنَّ بَقَاءَ الْإِمَامِ فَرَجَعَ ثُمَّ ظَنَّ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَرَاغَ الْإِمَام فَإِنَّهُ يُتِمُّ مَكَانَهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَفِي أَقْرَبِ مَوْضِعٍ يُمْكِنهُ الْإِتْمَامُ فِيهِ فَإِنْ جَاوَزَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ ابْنِ الْحَاجِبِ.

(الرَّابِعُ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ فَرَاغَ الْإِمَامِ أَتَمَّ مَكَانَهُ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْمَسْجِدِ وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ الْبَاجِيُّ فَجَعَلَ الرُّجُوعَ لِفَضِيلَةِ الْمَكَانِ انْتَهَى.

وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لِرِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرِ الْكِتَابِ: إنَّ مَسْجِدَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ كَغَيْرِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَرَوَى النَّسَائِيُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِمَا مُطْلَقًا قَالَ الْبَاجِيُّ: فَجَعَلَ الرُّجُوعَ لِفَضِيلَةِ الْمَكَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ لِابْنِ فَرْحُونٍ وَغَيْرِهِ مِنْ شُرَّاحِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَجَعَلُوا هَذِهِ الرِّوَايَةَ خِلَافَ الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّهَا الْمَذْهَبُ فَإِنَّهُ قَالَ: فَرْعٌ وَلَوْ كَانَتْ صَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّهُ يَرْجِعُ إلَى إتْمَامِ الصَّلَاةِ فَرَاعَى فَضْلَ الْبُقْعَةِ وَعَلَى قَوْل ابْنِ شَعْبَانَ لَا يَرْجِعُ لِذَلِكَ انْتَهَى. وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَرَافِيُّ وَصَدَّرَ بِالرُّجُوعِ ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يَرْجِعُ وَيَعْنِي بِقَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ مَا سَيَأْتِي لَهُ أَنَّ الرَّاعِفَ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَأَمَّا إنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ مَعَهُ رَكْعَةً فَلَا يَرْجِعُ لِأَنَّ مَا يُدْرِكْهُ

ص: 487

فِي حُكْمِ النَّافِلَةِ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَا ضَرُورَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَجَزَمَ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهَا وَقَالَ فِي شَرْحِهِ فِي الْمَذْهَبِ رِوَايَةَ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَلَوْ ظَنَّ فَرَاغَ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدَيْنِ الْمُعَظَّمَيْنِ فَاخْتَلَفَ هَلْ هِيَ تَقْيِيدٌ فَيَكُونُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي غَيْرِهِمَا وَيَرْجِعُ فِيهِمَا أَوْ هِيَ خِلَافٌ فَيَكُونُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَرْجِعُ مُطْلَقًا وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَمُقَابِلُهُ تَبْطُلُ فِي غَيْرِهِمَا انْتَهَى قُلْتُ وَالْأَكْثَرُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى وَمِنْهُمْ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ) إذَا ظَنَّ فَرَاغَ الْإِمَامِ وَأَتَمَّ مَكَانَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ سَوَاءً أَصَابَ ظَنُّهُ أَوْ أَخْطَأَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي التَّقْدِيرِ وَأَنَّهُ كَانَ يُدْرِكُهُ لَوْ رَجَعَ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطِ انْتَهَى. وَقَالَهُ غَيْرُ اللَّخْمِيِّ وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ إذَا ظَنَّ الرَّاعِفُ فَرَاغَ الْإِمَامِ وَكَمُلَ فِي مَوْضِعِهِ فَتَبَيَّنَ عَدَمَ تَكْمِيلِهِ فَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ الْإِعَادَةِ وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ سَلَّمَ قَبْلَ إمَامِهِ انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ قَوْلًا إذَا أَخْطَأَ ظَنُّهُ بِالْبُطْلَانِ فَإِنْ خَالَفَ ظَنَّهُ وَرَجَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَصَابَ ظَنُّهُ أَوْ أَخْطَأَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ بِالصِّحَّةِ فِيمَا إذَا خَالَفَ ظَنَّهُ وَتَبَيَّنَ خَطَأَ ظَنِّهِ وَأَدْرَكَ الْإِمَامُ مِمَّا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْفَرْعِ الَّذِي قَبْلَهُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ تَأَوَّلَ وُجُوبَ الرُّجُوعِ فَيَخْتَلِفُ فِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجَاهِلَ كَالْعَامِدِ أَوْ كَالنَّاسِي انْتَهَى قُلْتُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَالْعَامِدِ، (السَّادِسُ) إذَا ظَنَّ بَقَاءَ الْإِمَامِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ رَكْعَةً أَمْ لَا قَالَ فِي الْمُنْتَقَى وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الرَّاعِفَ يَرْجِعُ مَا دَامَ إمَامُهُ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ صَلَاتِهِ تَشَهُّدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ يَعْنِي ابْنَ شَعْبَانَ: إنْ رَجَا أَنْ يُدْرِكَ مَعَ إمَامِهِ رَكْعَةً وَإِلَّا صَلَّى مَكَانَهُ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ بَعْدَهُ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ إذَا طَمِعَ أَنْ يُدْرِكَ شَيْئًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَوْ السَّلَامَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: إنْ لَمْ يَطْمَعْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ لَمْ يَرْجِعْ انْتَهَى. وَهَكَذَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ السَّلَامَ وَذَكَرَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطْمَعْ فِي إدْرَاكِ رَكْعَةٍ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ فِي مَكَانِهِ وَتَصِحُّ أَفْعَالُهُ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ بِأَنَّهُ لَا يُدْرِكُ مَعَهُ رَكْعَةً خَرَجَ مِنْ إمَامَتِهِ وَسَقَطَ حُكْمُ مُرَاعَاتِهِ قَالَ: وَرَأَيْت نَحْوَهُ لِابْنِ شَعْبَانَ انْتَهَى قُلْتُ وَيَأْتِي مِثْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إنْ رَجَعَ لَا يُدْرِكُ شَيْئًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَكِنَّهُ يَعْلَمُ الْآنَ أَنَّ الْإِمَامَ بَاقٍ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَبْنِي مَكَانَهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ كَمَا إذَا تَبَيَّنَ خَطَأَ ظَنِّهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ كَانَتْ أَفْعَالُهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ (السَّابِعُ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ إذَا قُلْنَا يَرْجِعُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَقْرَبِ مَوْضِعٍ يُصَلِّي فِيهِ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَرْجِعُ إلَى مَحَلِّ مُصَلَّاهُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْمَشْيِ فِي الصَّلَاةِ انْتَهَى وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَعَلَى هَذَا إذَا قَرُبَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَصَارَ فِي مَوْضِعٍ يَصِحُّ لَهُ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ بِحَيْثُ صَارَ يُدْرِكُ أَفْعَالَ الْإِمَامِ وَأَفْعَالَ الْمَأْمُومِينَ أَوْ أَقْوَالَهُمْ وَكَانَ الْمَوْضِعُ طَاهِرًا يُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّاهُ وَإِنْ تَعَدَّاهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (الثَّامِنُ) إذَا ظَنَّ بَقَاءَ الْإِمَامِ أَوْ شَكَّ وَرَجَعَ وَأَصَابَ ظَنُّهُ فَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ فَإِنْ أَخْطَأَ ظَنُّهُ وَوَجَدَ الْإِمَامَ قَدْ فَرَغَ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَيُتِمُّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي عَلِمَ فِيهِ بِفَرَاغِ الْإِمَامِ إذَا أَمْكَنَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ رَجَا أَنْ يُدْرِكَهُ رَجَعَ فَإِنْ وَجَدَهُ قَدْ أَتَمَّ هُوَ وَلَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ انْتَهَى. وَانْظُرْ هَلْ يَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ بِالْبُطْلَانِ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَنْ ظَنَّ فَرَاغَ الْإِمَامِ وَأَتَمَّ مَكَانَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَأَ ظَنِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَخَيَّرُ خِلَافَ الرُّجُوعِ إلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ هُوَ الْأَصْلُ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى رُجُوعِ الرَّاعِفِ

ص: 488

بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ (تَنْبِيهٌ) تَعَارَضَ هُنَا مَحْذُورٌ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُفَارِقَةٌ الْإِمَامَ بَعْدَ الْتِزَامِهِ الصَّلَاةَ مَعَهُ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَالثَّانِي الْحَرَكَاتُ إلَى الْإِمَامِ فِعْلٌ زَائِدٌ فِي الصَّلَاةِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَا بُدَّ لِلرَّاعِفِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَحْتَاجُ إلَى التَّرْجِيحِ فَالْمَشْهُورُ مُرَاعَاةُ الْأَوَّلِ وَوُجُوبُ الرُّجُوعِ لِأَوْجُهِ أَحَدِهَا. إنَّ وُجُوبَ الِاقْتِدَاءِ رَاجِحٌ بِالِاسْتِصْحَابِ لِثُبُوتِهِ قَبْلَ الرُّعَافِ بِخِلَافِ الْآخِرِ، وَثَانِيهَا أَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا تَمْنَعُ وَتُفْسِدُ إذَا كَانَتْ خَالِيَةً عَنْ الْقِرْبَةِ وَهَذِهِ وَسِيلَةٌ إلَى الْقِرْبَةِ فِي الِاقْتِدَاءِ فَتَكُونُ قِرْبَةً وَثَالِثُهَا أَنَّ هَذِهِ حَالَةُ ضَرُورَةٍ فَتُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الْحَرَكَاتِ وَلَا تُؤَثِّرُ فِي تَرْكِ الِاقْتِدَاءِ انْتَهَى. فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الرُّجُوعَ هُوَ الْأَصْلُ فَالْإِتْيَانُ بِهِ أَرْجَحُ فَتَأَمَّلْهُ.

(التَّاسِعُ) إذَا ظَنَّ بَقَاءَ الْإِمَامِ أَوْ شَكَّ، وَقُلْنَا إنَّهُ يَرْجِعُ فَخَالَفَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ مَكَانَهٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَهُوَ أَحَدُ الصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ: وَإِلَّا بَطَلَتَا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ وَافَقَ ظَنُّهُ حَالَ الْإِمَامِ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ قَالَ الْبِسَاطِيُّ فَيَشْرَحُهُ: إنْ وَافَقَ ظَنُّهُ حَالَ الْإِمَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا وَإِنْ خَالَفَ ظَنُّهُ حَالَ الْإِمَامِ فَإِنْ تُبُيِّنَ أَنَّ الْإِمَامَ فَرَغَ بَطَلَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ قُلْتُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا لِغَيْرِهِ بَلْ ذَكَرَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ وَلَوْ تَبَيَّنَ خِلَافَ ظَنِّهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَنَصُّهُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ بَقِيَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ شَكَّ وَبَنَى فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ تُبُيِّنَ لَهُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ قَالُوا مِنْ غَيْرِ خِلَافِ الشَّيْخِ وَإِنْ كَانَ اخْتَلَفَ فِيمَنْ فَعَلَ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ هَلْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ كَمَنْ صَلَّى خَامِسَةً ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ انْتَهَى.

(الْعَاشِرُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا التَّقْسِيمُ ظَاهِرٌ فِي الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَخْلَفَ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَأْمُومِ وَأَمَّا الْفَذُّ فَيُتِمُّ مَكَانَهُ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: فَيُتِمُّ صَلَاتَهُ بِمَوْضِعِ غَسْلِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَفِي أَقْرَبِ مَوْضِعٍ يَصْلُحُ لِلصَّلَاةِ انْتَهَى. وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

(الْحَادِيَ عَشَرَ) مَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْجُمُعَةِ مُطْلَقًا لِلْجَامِعِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَأَتَمَّ مَكَانَهُ أَوْ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ بَطَلَتْ جُمُعَتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا بَطَلَتْ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَبْنِي فِي أَقْرَبِ مَسْجِدٍ إلَيْهِ وَهَذَا ظَاهِرُ تَعْلِيلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُصَلَّى فِي الْبُيُوتِ، وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَهَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَرْجِعَ إلَى نَفْسِ الْجَامِعِ؟ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ: أَوْ إلَى أَقْرَبِ مَوْضِعٍ تُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ قَالَ: وَإِنْ أَتَمَّ فِي مَوْضِعِهِ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ إعَادَةً قَالَ الْمَازِرِيُّ: فَأَشَارَ إلَى أَنَّ الرُّجُوعَ لِلْجَامِعِ فَضِيلَةٌ وَإِذَا بَنَيْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِأَوَّلِ الْجَامِعِ فَإِنْ تَعَدَّاهُ بَطَلَتْ، نَصَّ عَلَيْهِ الْبَاجِيُّ انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ قَوْلَ ابْنِ شَعْبَانَ بِلَفْظِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يَبْنِي فِي أَدْنَى مَوْضِعٍ تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: فَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَمَّا كَانَ مِنْ شَرْطِهَا الْمَسْجِدُ وَأَنَّ مَا يُصَلِّيهَا مَنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِضَرُورَةِ الزِّحَامِ وَلَا يَجِدُ مَكَانًا وَهَذَا الرَّاعِفُ إنَّمَا يُتِمُّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَسَعُهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي غَيْرِهِ ثُمَّ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ بِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ لَصَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَبِأَنَّ الْمَسْجِدَ إنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ اسْتِكْمَالِ الشُّرُوطِ وَقَدْ فَاتَتْ الْجَمَاعَةُ وَالْإِمَامُ فَلَا يَجِبُ الْجَامِعُ، وَبِأَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ ثَمَّةَ أَحَدٌ رَكْعَةً وَهُوَ مَسْبُوقٌ وَاتَّصَلَتْ بِهِ الصُّفُوفُ فَإِنَّهُ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ وَانْفَضَّ النَّاسُ فَإِنَّمَا يَأْتِي بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلَا يَنْتَقِلُ لِلْمَسْجِدِ فَقَدْ صَارَ لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ حُكْمُ الْمَسْجِدِ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ. فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ إذَا وَصَلَ لِأَوَّلِ مَوْضِعٍ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ مِنْ رِحَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ طُرُقِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ يُتِمُّ هُنَاكَ، قَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ ابْتَدَأَهَا فِي الْجَامِع وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَاَللَّه - تَعَالَى - أَعْلَم.

وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ

ص: 489

فَذَكَرَ الْمَشْهُورَ وَقَوْلَ ابْنِ شَعْبَانَ قَالَ: وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: إنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّجُوعِ وَادٍ فَلِيُضِفْ إلَيْهَا أُخْرَى ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ هُوَ الْأَوْلَى وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ يُونُسَ أَيْ جَعَلُوا قَوْلَ الْمُغِيرَةِ تَفْسِيرًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَمَنْ تَابَعَهُ ثَالِثُهَا إنْ أَمْكَنَهُ رَجَعَ وَإِلَّا فَمَكَانُهُ غُرُورٌ بِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَأَخَذَ ابْنُ يُونُسَ الثَّالِثَ مِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ مَنْ هَرَبَ مَأْمُومُهُ بَعْدَ رَكْعَةٍ أَتَمَّهَا جُمُعَةً انْتَهَى. وَلِذَا جَعَلَ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَالْقَرَافِيُّ فِي ذَخِيرَتِهِ قَوْلَ الْمُغِيرَةِ تَفْسِيرًا وَكَذَا صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ فِيهَا: حُكْمُ الرَّاعِفِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً ثُمَّ رَعَفَ فَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ غَسْلِ الدَّمِ حَتَّى أَتَمَّ الْإِمَامُ فَلَا يُصَلِّي الثَّانِيَةَ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيهِ الصَّلَاةَ فَإِنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّجُوعِ إلَى الْمَسْجِدِ وَادٍ وَأَمْرٌ غَالِبٌ أَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَةً وَصَلَّى أَرْبَعًا، قَالَهُ الْمُغِيرَةُ

وَالثَّانِي: إذَا رَعَفَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا ثُمَّ لَمْ يَفْرُغْ حَتَّى أَتَمَّ الصَّلَاةَ لَا يَبْنِي عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ تَمَامَ رَكْعَتَيْنِ وَيُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي مَوْضِعِهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ رَأَى أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ فِي الْجُمُعَةِ انْتَهَى. وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ فِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَتَابِعِيهِ فَقَدْ ذَكَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَلَمْ يَعْزِهِ لَكِنْ ذُكِرَ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَالتَّقْرِيبِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَرَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَقَالَ: وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ إنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ حَائِلٌ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ فِي مَوْضِعِ غَسْلِ الدَّمِ وَإِلَّا رَجَعَ إلَى الْجَامِعِ، قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَالتَّقْرِيبُ: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: إنَّ هَذَا وَهْمٌ مِنْهُ بَلْ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالْمَشْهُورُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ الرُّجُوعِ إلَى الْمَسْجِدِ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ حَتَّى لَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَائِلٌ قَبْلَ تَمَامِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ جُمُعَتُهُ قُلْتُ وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا صَلَّى فِي أَفْنِيَةِ الْمَسْجِدِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ صَلَّى فِي أَفْنِيَةِ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ قَضَى فِيهِ رَكَعَاتٍ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ رُعَافٍ غَسَلَهُ وَهُوَ يَجِدُ مَوْضِعًا فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي فِيهِ إنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَخَالَفَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ: يُعِيدُ أَبَدًا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَا تَجُوزُ إلَّا لِضِيقِ الْمَسْجِدِ انْتَهَى. وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ، وَلَعَلَّ لَهُ قَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي عَشَرَ) حَيْثُ قُلْنَا يَرْجِعُ لِلْجَامِعِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَرْجِعَ لِلْجَامِعِ الَّذِي ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ فِيهِ، قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهَا.

(الثَّالِثَ عَشَرَ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَطَلَتْ أَيْ لِأَيِّ جُزْءٍ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا حَتَّى لَوْ رَعَفَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِيُوقِعَ السَّلَامَ فِي الْجَامِعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَهُ ابْنُ هَارُونَ وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا رَعَفَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ قَبْل سَلَامِ الْإِمَامِ ذَهَبَ فَغَسَلَ الدَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَتَشْهَدَ وَسَلَّمَ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: قَوْلُهُ رَجَعَ مَعْنَاهُ إذَا طَمَعَ بِإِدْرَاكِ الْإِمَامِ قَبْل أَنْ يُسَلِّمَ وَفِيهِ الْخِلَافُ مَعَ ابْنِ شَعْبَانَ أَوْ يَكُونُ فِي جُمُعَةٍ أَوْ فِي أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ.

(الرَّابِعَ عَشَرَ) قَوْلُهُ لِأَوَّلِ الْجَامِعِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ابْتِدَاءُ الصَّلَاةِ خَارِجَ الْجَامِعِ لِزِحَامٍ أَوْ ضِيقٍ، وَقَيَّدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ابْتَدَأَهَا خَارِجَهُ وَنَصُّهُ - نُقِلَ فِي الرُّجُوعِ فِي الْجُمُعَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الرُّجُوعُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ رَعْيًا لِمَا ابْتَدَأَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا طُلِبَ ابْتِدَاءً طَلَبُ دَوَامِهِ. وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا لَمْ يَكُنْ ابْتَدَأَهَا فِي مَوْضِعٍ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِضِيقِ الْمَسْجِدِ انْتَهَى. وَلَمْ يُنَبِّهْ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي وَقَبِلَهُ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَبَحَثَ فِيهِ فَقَالَ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ كَانَ ذَلِكَ لِمُوجِبٍ وَقَدْ انْتَفَى فَيَنْبَغِي الْإِتْمَامُ ثَمَّةَ وَيَرْجِعُ إلَى الْأَصْلِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ انْتَهَى.

قُلْتُ: الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ إلَى الْجَامِعِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ.

(الْخَامِسَ عَشَرَ) هَذَا كُلُّهُ إنَّمَا هُوَ إذَا

ص: 490

حَصَّلَ لَهُ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ رُعَافِهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُحَصِّلْ لَهُ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا وَظَنَّ فَرَاغَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ ظُهْرًا فِي مَحِلِّهِ أَوْ فِي أَيْ مَحِلٍّ شَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ وَيُصَلِّي أَرْبَعًا فِي مَحَلِّهِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي عَقِبَ هَذَا وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

ص (وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ ابْتَدَأَ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ)

ش يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَصَلَ لَهُ الرُّعَافُ فِي الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا وَلَمْ يَلْحَقْ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي ظُهْرًا أَرْبَعًا اتِّفَاقًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ: وَهَلْ يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ أَوْ لَا؟ الْمَشْهُورُ لَا بُدَّ مِنْ ابْتِدَائِهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ: وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ شَاءَ قَطَعَ وَابْتَدَأَ كَالْمَذْهَبِ وَإِنْ شَاءَ بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ كَقَوْلِ سَحْنُونٍ وَإِنْ شَاءَ بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ فِعْلِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ أَشْهَبَ لَمْ يَسْتَحِبَّ شَيْئًا وَاَلَّذِي حَكَى عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمَا اسْتِحْبَابَ الْقَطْعِ انْتَهَى. وَجَعَلَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ سَحْنُونٍ تَفْسِيرًا لِلْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدِي أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ وَحَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْخِلَافِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: وَاخْتُلِفَ إذَا رَعَفَ فِي الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ قَبْل أَنْ يُكْمِلَهَا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يَبْتَدِئُ الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَقَالَ سَحْنُونٌ يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ ظُهْرًا وَقَالَ أَشْهَبُ: اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَيَبْتَدِئَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَإِنْ بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ أَجْزَاهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ سَجَدَ سَجْدَةً فَسَجَدَ أُخْرَى وَصَلَّى ثَلَاثًا أَجْزَاهُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ فَاتَتْهُ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ وَأَدْرَكَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ سَجْدَةً فَإِنَّهُ يَسْجُدُهَا وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَتُجْزِئُهُ جُمُعَتُهُ فَعَلَى هَذَا تُجْزِئُ الرَّاعِفَ الْجُمُعَةُ إذَا رَعَفَ فِي الْأُولَى وَقَدْ بَقِيَ مِنْهَا سَجْدَةٌ، فَيَأْتِي بِسَجْدَةٍ وَرَكْعَةٍ وَتُجْزِئُهُ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا بَنَى لَمْ يَعْتَدَّ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمُلَتْ.

(تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي ظُهْرًا أَرْبَعًا اتِّفَاقًا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ إتْمَامِهَا جُمُعَةً وَنَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ خَرَّجَ قَوْلًا بِجَوَازِ إتْمَامِهَا جُمُعَةً إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ الْمَنْصُوصَ وَقَدْ ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ تَخْرِيجَ شَيْخِهِ اللَّخْمِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَحَثَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ جِدًّا فَلْيَنْظُرْهُ مِنْ أَرَادَهُ، (الثَّانِي) : لَوْ لَمْ يَقْطَع وَبَنَى عَلَى إحْرَامِهِ فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؟ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ سَحْنُونٍ وَأَشْهَبَ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ تَقُولُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصَّا صَرِيحًا فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ

ص.

(وَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ إنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ لَا قَبْلَهُ)

ش يَعْنِي أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِي مَنْعِهِ أَنْ يُسَلِّمَ حَتَّى يَغْسِلَ الدَّمَ إنْ كَانَ الدَّمُ كَثِيرًا إلَّا أَنَّ السَّلَامَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَلَا يَأْتِي بِهِ فِي حَالِ تَلَبُّسِهِ بِالنَّجَاسَةِ كَسَائِرِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَالْمَشْهُورُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ اُسْتُخِفَّ سَلَامُهُ بِالنَّجَاسَةِ عَلَى خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ لِمَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ كَثْرَةِ الْمَنَافِي وَخِفَّةِ لَفْظِ السَّلَامِ، وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ أَنَّ السَّلَامَ غَيْرُ فَرْضٍ، قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَالْأَكْثَرُونَ لَمْ يَعْرُجُوا عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا رَعَفَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَلَا يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ حَتَّى يُسَلِّمَ فَإِذَا غَسَلَ الدَّمَ فَإِنْ طَمَعَ بِإِدْرَاكِ الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ رَجَعَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ، وَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ بِإِدْرَاكِهِ فَإِنْ كَانَ فِي الْجُمُعَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِ لِأَوَّلِ الْجَامِعِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ جَلَسَ مَكَانَهُ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ.

(تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ) : عُلِمَ مِمَّا قَرَرْنَاهُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ غَيْرُ خَاصٍّ بِالْجُمُعَةِ بَلْ جَارٍ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الطِّرَازِ فِي كَلَامِهِ السَّابِقِ فِي التَّنْبِيهِ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَتَمَّ مَكَانَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ شُرَّاحُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَجَعَلَ

ص: 491

الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ خَاصًّا بِمَسْأَلَةِ الْجُمُعَةِ، قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَكَذَلِكَ ابْنُ هَارُونَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(الثَّانِي) : لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ هُنَا هَلْ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ إذَا غَسَلَ الدَّمَ وَأَرَادَ السَّلَامَ أَمْ لَا وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: فَتَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ أَيْ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ التَّشَهُّدُ وَأَمَّا لَوْ تَقَدَّمَ فَلَا يُعِيدُهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ: وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ رَعَفَ بَعْدَ تَشْهَدْهُ لَمْ يُعِدْهُ خِلَافُ نَصِّهَا الْمَقْبُولِ انْتَهَى. يُشِيرُ إلَى قَوْلِهَا السَّابِقِ.

، وَإِذَا رَعَفَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ ذَهَبَ فَغَسَلَ الدَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنُ نَاجِي: مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ يَتَشَهَّدُ ثَانِيًا وَقَدْ كَانَ تَشَهَّدَ أَوَّلًا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ رَعَفَ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ ثُمَّ رَجَعَ فَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعْنَاهُ إنْ كَانَ لَمْ يَتَشَهَّدْ أَوَّلًا وَأَمَّا لَوْ تَشَهَّدَ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ دُونَ تَشَهُّدٍ وَقَبِلَهُ خَلِيلٌ وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِصَرِيحِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَانَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْبُرْزُلِيَّ يُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ جَارٍ عَلَى أَحَدِ الرِّوَايَتَيْنِ سَجَدَ السُّجُودَ الْقِبْلِيَّ فَإِنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ اكْتِفَاءً بِتَشَهُّدِ الصَّلَاةِ وَكُنْتُ أُجِيبُهُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا لَيْسَا سَوَاءً لِقُرْبِ السَّلَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَهُ مِنْ التَّشَهُّدِ فِي الرُّعَافِ لِأَنَّ خُرُوجَهُ وَغَسْلَهُ وَرُجُوعَهُ مَظِنَّةٌ لِلطُّولِ غَالِبًا، (الثَّانِي) هَبْ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ قُصَارَى الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ قَصْدٌ إلَى ذِكْرِ الْمَذْهَبِ مَعَ أَنَّ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ الْمَخْرَجَ الْمَذْهَبَ انْتَهَى. وَلَفْظُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُ رَجَعَ فَتَشَهَّدَ هَذَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ تَشَهُّدُهُ قَبْلَ الرُّعَافِ وَلَوْ تَقَدَّمَ أَوْ تَقَدَّمَ مِنْهُ مِقْدَارَ السُّنَّةِ لَسَلَّمَ إذَا رَجَعَ انْتَهَى. وَتَعَقَّبَ ابْنُ فَرْحُونٍ أَيْضًا كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ بْنَ دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ فِي شَرْحِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ: إنَّهُ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ وَلَوْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ لِأَنَّ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَتَّصِلَ بِالسَّلَامِ وَلَا يَتَرَاخَى عَنْهُ وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ الطَّنْجِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ وَيَتَشَهَّدُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ وَعَلَّلَهُ بِمَا تَقَدَّمَ قَالَ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى قُلْتُ: وَكَذَلِكَ صَرَّحَ صَاحِبُ الطِّرَازِ بِأَنَّهُ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ وَعَلَّلَهُ بِمَا تَقَدَّمَ وَأَنَّ السَّلَامَ إنَّمَا شُرِعَ عَقِيبَ التَّشَهُّدِ وَمُتَّصِلًا بِهِ وَتَبِعَ صَاحِبُ الشَّامِلِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفَ فِي التَّوْضِيحِ، وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ كَمَا عَلِمْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا رَعَفَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَا يُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ بِالْحَضْرَةِ قَبْلَ انْصِرَافِهِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ أَقْوَى فَإِنَّهُ قَالَ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ رَعَفَ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ وَرَجَعَ فَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ نَصَّ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ رَعَفَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِمَامُ فِي الْوَقْتِ قَبْلَ انْصِرَافِهِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَيُجْزِئُهُ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْصَرِفُ مَنْ رَعَفَ وَالْإِمَامُ يَتَشَهَّدُ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ حَتَّى يُسَلِّمَ وَهُوَ رَاعِفٌ، قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَكُلُّ أَشْيَاخِي يَحْمِلُونَ ذَلِكَ عَلَى التَّفْسِيرِ لِلْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى.

. قُلْتُ وَنَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ قَالَ: لَوْ أَنَّ هَذَا الْمَأْمُومَ رَعَفَ فَهَمَّ بِأَنْ يَنْصَرِفَ سَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ فَسَلَّمَ أَجْزَأَهُ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ انْتَهَى. وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ فَرْحُونٍ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ، قَالَ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا سَلَّمَ الْإِمَامُ بَعْدَ انْصِرَافِهِ فَيَكُونُ كَلَامُهُ وِفَاقَا انْتَهَى. وَعَزَا فِي الشَّامِلِ التَّقْيِيدَ لِلَّخْمِيِّ. وَكَلَامُهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عِنْدَهُ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَوَّلَ الْمَذْهَبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ) إذَا رَجَعَ إلَى الصَّلَاةِ رَجَعَ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ، قَالَهُ فِي رَسْمِ شَكٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنَ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ صَلَاتِهِ بِالرُّعَافِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إلَى تَمَامِ صَلَاتِهِ بِالتَّكْبِيرِ مَنْ خَرَجَ مِنْهَا بِسَلَامٍ انْتَهَى.

(الْخَامِسُ) هَذَا حُكْمُ الْمَأْمُومِ.

وَانْظُرْ لَوْ رَعَفَ الْإِمَامُ قَبْل سَلَامِهِ أَوْ الْفَذُّ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ بِنَائِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ الرُّعَافُ بَعْد أَنْ

ص: 492