المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع تغير الماء بما هو متأصل فيه] - مواهب الجليل في شرح مختصر خليل - جـ ١

[الحطاب]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[سِلْسِلَةَ الْفِقْهِ إلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ ثُمَّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ]

- ‌[سَنَدِ الْكِتَابِ وَشُرُوحِهِ وَسَنَدِ بَعْضِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورَةِ]

- ‌[الْكَلَام عَلَى الْبَسْمَلَة]

- ‌[فَائِدَتَانِ]

- ‌[شَرْحُ خُطْبَةِ الْمُخْتَصَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَرْضَانِ]

- ‌[فَرْعٌ وَتُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوَاطِنَ]

- ‌[فَرْعٌ الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ عِنْد الذَّبْح وَعِنْد الْعُطَاس وَالْجِمَاع وَغَيْر ذَلِكَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفْرَادِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيّ عَنْ السَّلَامِ وَعَكْسُهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَدَدَ كَذَا هَلْ يُثَابُ بِعَدَدِ مَنْ صَلَّى بِتِلْكَ الْأَعْدَادِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ حُكْم الْخُطْبَة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَهَادَةٌ]

- ‌[تَرْجَمَة الْإِمَام مالك]

- ‌[فَرْعٌ التَّقْلِيدُ]

- ‌[فَرْعٌ تَقْلِيدُ الْمَيِّتِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَمْ يَجِدْ الشَّخْصُ نَصًّا فِي الْمَسْأَلَةِ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ]

- ‌[فَرْعٌ أَفْتَى رَجُلًا فَأَتْلَفَ بِفَتْوَاهُ مَالًا]

- ‌[فَرْعٌ الْإِجَارَةُ عَلَى الْفُتْيَا]

- ‌[فَرْعٌ مَا أُهْدِيَ لِلْفَقِيهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ]

- ‌[تَنْبِيهٌ هَلْ يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ أَنْ يُقَلِّدَ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي طَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ]

- ‌[فَوَائِد]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي تَفْسِيرِ اصْطِلَاحِ الْعُتْبِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[بَابٌ يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا ذَابَ الْبَرَدُ وَنَحْوُهُ فَوُجِدَ فِي دَاخِلِهِ شَيْءٌ طَاهِرٌ أَوْ نَجَسٌ مِنْ لَوَاحِقِ الْأَرْضِ]

- ‌[فَرْعٌ تَطْهِيرِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ]

- ‌[فَرْعٌ انْتَضَحَ مِنْ غُسْلِ الْجُنُبِ فِي إنَائِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ النَّاسُ الِامْتِنَاعَ مِنْ هَذَا]

- ‌[فَرْعٌ تَوَضَّأَ عَلَى بَلَاطٍ نَجِسٍ وَطَارَ عَلَيْهِ مَاءٌ مِنْ الْبَلَاطِ]

- ‌[فَرْعٌ تغير الْمَاء بِمَا هُوَ مُتَأَصِّل فِيهِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ]

- ‌[الْمَاءُ خَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ ثُمَّ اسْتَعْمَلَ]

- ‌[الْمَاءُ الْجَارِي حُكْمُهُ كَالْكَثِيرِ]

- ‌[فَرْعٌ تغير الْمَاء فِي الْبَرْك الْمَعِدَة للوضوء]

- ‌[فَرْعٌ أَتَى الْجُنُبُ بِئْرًا قَلِيلَةَ الْمَاءِ وَبِيَدِهِ قَذِرٌ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَغْرِفُ بِهِ]

- ‌[فَرْعٌ الْغُسْل فِي الْحِيَاض قَبْل غَسَلَ الْأَذَى]

- ‌[فَرْعٌ سُؤْر الْكَافِر وَالنَّصْرَانِيّ]

- ‌[فَرْعٌ الْمَاءُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّجَاسَةِ]

- ‌[فَرْعٌ دُخُولُ الْحَمَّامِ]

- ‌[فَرْعٌ فِيمَنْ مَنَعَ زَوْجَتَهُ مِنْ الْحَمَّامِ]

- ‌[فَرْعٌ النَّزْحُ قَبْلَ إخْرَاجِ الْمَيْتَةِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ فِيمَا تَغَيَّرَ بِنَجَسٍ]

- ‌[فَرْعٌ الِاغْتِرَاف مِنْ الْمَاء قَبْل التَّطَهُّر]

- ‌[فَصْلٌ الطَّاهِرُ أَنْوَاعٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ حُكْم الشَّرَاب الْمُتَّخَذُ مِنْ قِشْرِ الْبُنِّ]

- ‌[فَرْعٌ دَخَلَ فِي دُبُرِ الْإِنْسَانِ خِرْقَةٌ وَنَحْوُهَا ثُمَّ أُخْرِجَتْ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم مَنْ حَمَلَ قِشْرَةَ الْقَمْلَةِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ الصِّئْبَانُ الَّذِي يَتَوَلَّدُ مِنْ الْقَمْلِ]

- ‌[ميتة الْآدَمِيِّ هَلْ هِيَ طَاهِرَة]

- ‌[فَرْعٌ فِي أَجْسَاد الْأَنْبِيَاء طَاهِرَة]

- ‌[فَرْعٌ أستعمال النِّعَال مِنْ جلد الْمَيِّتَة]

- ‌[فَرْعٌ الصَّلَاة عَلَى جُلُود الْمَيِّتَة]

- ‌[تَنْبِيهٌ الطَّاهِرُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ نَجِسٌ رَطْبٌ]

- ‌[فَرْعٌ الْفَخَّارُ الْمَطْبُوخُ بِالنَّجَاسَةِ]

- ‌[فَرْعٌ بَوْلُ الْوَطْوَاطِ وَبَعْرُهُ]

- ‌[فَرْعٌ التَّخْفِيف فِيمَا اخْتَلَفَ فِي نَجَاسَته]

- ‌[فَرْعٌ وَقَوْع الْقَمْلَةُ فِي الدَّقِيقِ أَوْ غَيْر ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ وُقُوع النَّجَاسَةُ الْقَلِيلَةُ فِي الطَّعَامِ]

- ‌[فَرْعٌ سُقُوط الْفَأْرَة فِي السَّمْن أَوْ الزَّيْت]

- ‌[فَرْعٌ وُجُود فَأْرَة ميتة فِي زير مِنْ أزيار زَيْت]

- ‌[فَرْعٌ هَرْيِ زَيْتُونٍ وُجِدَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ وُقُوع نَجَاسَةٌ مَائِعَةٌ فِي غَسْلِ جَامِدٍ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَرْعٌ وَقَعَتْ دَابَّة فِي طَعَام وَأُخْرِجَتْ حَيَّةً]

- ‌[فَرْعٌ طُرِحَ مِنْ الْجَامِدِ بِحَسَبِ مَا سَرَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ]

- ‌[فُرُوع مُنَاسِبَةً]

- ‌[فَرْعٌ مُصْحَفٍ كُتِبَ مِنْ دَوَاةٍ ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وُجِدَ فِيهَا فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ التَّدَاوِي بِشُرْبِ بَوْلِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[فَرْعٌ مِنْ نقص مِنْهُ سن أَوْ عظم هَلْ يَجُوز لَهُ رِدّه]

- ‌[فَرْعٌ انْكَسَرَ عَظْمُهُ فَجَبَرَهُ بِعَظْمِ مَيْتَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ بَيْع ثَوْب جَدِيدًا بِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تُبَيِّنْ]

- ‌[فَرْعٌ نَقْشُ الْخَوَاتِمِ وَنَقْشُ أَسْمَاءِ أَصْحَابِهَا عَلَيْهَا وَنَقْشُ اسْمِ اللَّهِ فِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ اتِّخَاذُ الْأَوَانِي مِنْ الْفَخَّارِ وَمِنْ الْعِظَامِ الطَّاهِرَةِ وَغَيْر ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ الِاكْتِحَالَ بِمِرْوَدِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ بَيَانِ حُكْمِ النَّجَاسَةِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ وَقْت الْجُمُعَةِ الَّذِي تُعَادُ فِيهَا إذَا صَلَّاهَا بِنَجَاسَةٍ]

- ‌[فُرُوعٌ رَأَى أَنَّ النَّجَاسَةَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا هَمَّ بِالْقَطْعِ نَسِيَ وَتَمَادَى]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْبَوْلِ هَلْ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ وَسُنَنَهُ وَفَضَائِلَهُ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ إذَا نَبَتَ لِلْمَرْأَةِ لِحْيَةٌ]

- ‌[مسح بَعْض الأعضاء بِمَا تَبْقَى مِنْ مَاء فِي اللِّحْيَة أَوْ غَيْرهَا]

- ‌[مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى عُزُوبُ النِّيَّة وَهُوَ انْقِطَاعُهَا وَالذُّهُولُ عَنْهَا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ رَفْضُ النِّيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْخَاتَمِ]

- ‌[فَرْعٌ الِاسْتِنْجَاء فِي غَيْر مَوْضِع قَضَاء الْحَاجَة]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ جَمْعِ الْوَطْءَ مَعَ الْبَوْلِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ]

- ‌[آدَاب الْجِمَاع]

- ‌[الْقِرَاءَةِ لِمَنْ يَتَنَشَّفُ]

- ‌[فَائِدَةٌ عَلَى الْإِنْسَانِ عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ أَنْ يَعْتَبِرَ بِمَا خَرَجَ مِنْهُ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ]

- ‌[فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ غَلَبَهُ هَمٌّ حَتَّى ذَهِلَ وَذَهَبَ عَقْلُهُ]

- ‌[فَرْعٌ فَرْجُ الْبَهِيمَةِ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ مَسَحَ إبِطَهُ أَوْ نَتَفَهُ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ خَافَ عَلَى الْمُصْحَفِ غَرَقًا أَوْ حَرْقًا أَوْ يَدَ كَافِرٍ]

- ‌[فَرْعٌ مَسِّ الْمُحْدِثِ لِلْمَنْسُوخِ لَفْظُهُ مِنْ الْقُرْآن]

- ‌[فَائِدَةٌ أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ فِي أَكْفَانِهِ خَتْمَةُ قُرْآنٍ]

- ‌[فَصْلٌ الطَّهَارَةُ الْكُبْرَى وَهِيَ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلُ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا قُطِعَ الْخُفُّ وَشُرِجَ وَجُعِلَ لَهُ غَلْقٌ]

- ‌[فَصَلِّ فِي التَّيَمُّم]

- ‌[الْمَسْح عَلَى الجبائر]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان حُكْم الْحَيْض وَالنِّفَاس]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصَلِّ مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة وَحُكْمهَا]

- ‌[فَصَلِّ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيت الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ إيقَاظِ النَّائِمِ لِلصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الرَّكْعَةُ الَّتِي يَكُونُ بِهَا مُدْرِكًا لِلْأَدَاءِ أَوْ الْوُجُوبِ فِي الْوَقْتِ]

- ‌[يَتَعَلَّقُ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَحْكَامٌ]

- ‌[فَرْعٌ فاجأ الْمَرْأَة الْحَيْض فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ صَلَاة الرَّسُول يَوْم الْوَادِي وَيَوْم الْخَنْدَق]

- ‌[فَرْعٌ احْتَلَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ]

- ‌[فَرْعٌ قَضَاء التَّطَوُّع]

- ‌[فَرْعٌ الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الَّتِي لَا يَجُوز الصَّلَاة فِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ قَرَأَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ فِي فَرِيضَةٍ صَلَّاهَا فِي وَقْتِ نَهْيٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا]

- ‌[فَرْعٌ يَتْرُك الصَّلَاة لِفَتَرَاتِ مُتَقَطِّعَة وَيَقُول إِن اللَّه غَفُور رَحِيم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَسْتَأْجِرَ عَنْ الْمَيِّتِ مَنْ يُصَلِّي عَنْهُ]

- ‌[فَصَلِّ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْمُ الْإِقَامَةِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّثْوِيبُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي الْفَجْرِ]

- ‌[تَنْبِيه الْأَذَانُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ]

- ‌[فَصْلٌ شَرْطُ الصَّلَاةِ]

- ‌[تَنْبِيه تَلَطَّخَ مِنْ ثِيَابِهِ أَوْ جَسَدِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ وَأَرَادَ الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ الرُّعَافُ فِي نَافِلَةٍ]

- ‌[تَنْبِيه حَصَلَ لَهُ رُعَافٌ فَخَرَجَ لَهُ وَغَسَلَ الدَّمَ وَرَجَعَ إلَى الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ سَتَرَ الْعَوْرَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ سُتُورِ الْحَرِيرِ الْمُعَلَّقَةِ فِي الْبُيُوتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَطِيفَةُ مِنْ الْحَرِيرِ والشَّمْلَةِ مِنْ الْحَرِيرِ وَالْوِسَادَةُ مِنْ الْحَرِيرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَا رُقِّمَ بِالْحَرِيرِ]

- ‌[فَرْعٌ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلصِّبْيَانِ الذُّكُورِ]

- ‌[فَرْعٌ خير الْأَلْوَانُ مِنْ اللِّبَاسِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّجَمُّل بِأَحْسَنِ الثِّيَابِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَظَرُ الْإِنْسَانِ إلَى فَرْجِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَرَائِضُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ طَرَأَ عَلَى الْأُمِّيِّ قَارِئٌ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ فِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ وَيَكْفِي الْأَخْرَسَ نِيَّتُهُ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ سَتْرُ الْيَدَيْنِ بِالْكُمَّيْنِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَرَكَةُ إلَى الْأَرْكَانِ هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ لِنَفْسِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ نَوَى أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ صَلَّى خَلْفَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ]

- ‌[فَرْعٌ مَوْقِفُ الْمُصَلِّي]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَدْرُ حَرِيمِ الْمُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ مُدَافَعَةِ الْمَارِّ وَهُوَ يُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ مَحِلُّ وَضْعِ السُّتْرَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ مَرَّ الْهِرّ بالمصلي]

- ‌[فَرْعٌ تَشَوَّشَ الْمُصَلِّي مِنْ شَيْءٍ أَمَامَهُ يَمْنَعُهُ مِنْ السُّجُودِ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُرُورُ بَيْنَ الصُّفُوفِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَائِدَة الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ صَلَّى مَالِكِيٌّ خَلْفَ شَافِعِيٍّ جَهَرَ بِدُعَاءِ الْقُنُوتِ]

- ‌[فَرْعٌ قَنَتَ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ]

- ‌[فَرْعٌ نَسِيَ الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إرْسَالِ عَذَبَةٍ مِنْ الْعِمَامَةِ وَهُوَ يُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ المصلي مَقْطُوعَ الْيَدِ الْيُمْنَى]

- ‌[فَرْعٌ إخْفَاءُ التَّشَهُّدِ]

- ‌[فَرْعٌ فَرَشَ خُمْرَةً فَوْقَ الْبِسَاطِ وَصَلَّى عَلَيْهَا]

- ‌[تَنْبِيه رَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ وَهُوَ يُصَلِّي]

- ‌[فَرْعٌ التَّمَاثِيلُ فِي نَحْوِ الْأَسِرَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ يَجْعَلُ خَاتَمَهُ فِي يَمِينِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ]

الفصل: ‌[فرع تغير الماء بما هو متأصل فيه]

قَاصِرَةٍ عَلَى مَا تُطْوَى بِهِ الْبِئْرُ فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ صَوَابٌ انْتَهَى. لَكِنَّ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ بِبِئْرِ الْبَادِيَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ مَا يُعْسَرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ فِي قَوَاعِدِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ لَا تَنْفَكُّ عَنْ السُّقُوطِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْمُطْلَقِ وَإِنْ كَانَ السُّقُوطُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْمُضَافِ

[فَرْعٌ تغير الْمَاء بِمَا هُوَ مُتَأَصِّل فِيهِ]

(فَرْعٌ) إذَا كَانَ فِي أَصْلِ الْمَاءِ شَجَرَةٌ فَتَغَيَّرَ الْمَاءُ بِعُرُوقِهَا فَنَقَلَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ إلَّا إذَا غَيَّرَتْ لَوْنَهُ الْأَرْضُ الَّتِي هُوَ بِهَا عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: إنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ مُثْمِرَةً فَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً فَالْمَاءُ مُضَافٌ لِسُقُوطِ اعْتِبَارِ الْمَنْفَعَةِ قَالَهُ الْأَشْيَاخُ انْتَهَى. (قُلْتُ) : وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ مِمَّا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَفِي جَعْلِ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ كَالْمُخَالِفِ نَظَرٌ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَالَطَ الْمَاءَ شَيْءٌ أَجْنَبِيٌّ يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا وَلَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِأَوْصَافِ الْمَاءِ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي اللَّوْنَ وَالطَّعْمَ وَالرِّيحَ فَلَمْ يُغَيِّرْهُ فَهَلْ يُجْعَلُ ذَلِكَ الْمُخَالِطُ الْمُوَافِقُ لِأَوْصَافِ الْمَاءِ كَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَاءِ فَيَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ الْمَوْجُودَةَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ إنَّمَا هِيَ أَوْصَافٌ لِلْمَاءِ وَالْمُخَالِطِ وَأَدْنَى الْأُمُورِ فِي ذَلِكَ الشَّكُّ فِيهِ أَوْ لَا يَجْعَلُهُ مُخَالِفًا لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى الْمَاءِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى أَوْصَافِ خِلْقَتِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي اسْتِعْمَالَهُ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ فَالنَّظَرُ فِي الْجَعْلِ وَعَدَمِ الْجَعْلِ وَعُدِلَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي تَقْدِيرِ مُوَافِقِ صِفَةِ الْمَاءِ مُخَالِفًا نَظَرٌ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ إنَّمَا هُوَ فِي وُجُودِ التَّقْدِيرِ وَعَدَمِهِ أَيْ هَلْ نُقَدِّرُهُ مُخَالِفًا أَوْ لَا نُقَدِّرُهُ مُخَالِفًا لَا فِي كَيْفِيَّةِ التَّقْدِيرِ بِمَعْنَى أَنَّا لَا نَدْرِي بِأَيِّ نَوْعٍ نُلْحِقُهُ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ فَعَدَلَ إلَى لَفْظِ الْجَعْلِ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ ذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَعَلَى هَذَا لَا نَصَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى شَيْءٍ قَالَ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ إنْ وَجَدَ غَيْرَهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ تَوَضَّأَ وَتَيَمَّمَ.

قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَطَاءٍ اللَّهِ أَخَذَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ: وَقَدْ تَرَدَّدَ سَنَدٌ فِيمَنْ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ دُونَ كِفَايَتِهِ فَخَلَطَهُ بِمَاءِ الزَّرْجُونِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ هَلْ يَتَطَهَّرُ بِهِ لِأَنَّهُ مَاءٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ لَا يَتَطَهَّرُ بِهِ لِأَنَّهُ تَطَهَّرَ بِغَيْرِ الْمَاءِ جَزْمًا قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَطَهَّرُ بِهِ ثُمَّ إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ فَيَنْظُرُ فِي الْوَاقِعِ إمَّا أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَجْرُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِصُورَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يُخَالِطَ الْمَاءَ مَا هُوَ مُوَافِقٌ بِصِفَتِهِ كَالرَّيَاحِينِ الْمَقْطُوعَةِ الرَّائِحَةِ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مُتَغَيِّرًا بِمَا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ فَيُخَالِطُهُ مَائِعٌ مُخَالِطٌ لِصِفَتِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ التَّمَسُّكُ بِبَقَاءِ أَوْصَافِ الْمَاءِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ زَوَالُهَا أَوْ يُظَنُّ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُخَالِطُ لِلْمَاءِ هُوَ الْأَكْثَرُ قَالَ: وَلَا تُقَدَّرُ الْأَوْصَافُ الْمُوَافِقَةُ مُخَالِفَةً لِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ مَعَ التَّقْدِيرِ إذْ يَلْزَمُ إذَا وَقَعَتْ نُقْطَةٌ أَوْ نُقْطَتَانِ مِنْ مَاءِ الزَّهْرِ أَنْ لَا تُؤَثِّرَ لِأَنَّهَا لَا تُغَيِّرُ الْمَاءَ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ مَاءِ الْوَرْدِ لَأَثَّرَتْ لِأَنَّهَا تُغَيِّرُهُ.

وَكَذَلِكَ رُبَّمَا غَيَّرَهُ مِقْدَارٌ مِنْ مَاءِ الْوَرْدِ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ مِنْ مَاءٍ آخَرَ مِنْ مِيَاهِ الْوَرْدِ لِرَدَاءَتِهِ فَلَوْ رُوعِيَ مِثْلُ هَذَا لَمَا انْضَبَطَ وَالشَّرِيعَةُ السَّمْحَةُ تَقْتَضِي طَرَحَ ذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا قَدَّرْنَاهُ بِالْوَسَطِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَجَعَلْنَا الْمَاءَ كَأَنَّهُ غَيْرُ مُغَيَّرٍ فِي صُورَةٍ مَا إذَا كَانَ مُغَيَّرًا بِقَرَارِهِ لَمْ يَلْزَمْ مَا ذَكَرَهُ هَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجَعَلَ ابْنُ رَاشِدٍ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ الْبَوْلَ إذَا ذَهَبَتْ رَائِحَتُهُ حَتَّى صَارَ كَالْمَاءِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهَذَا مُشْكِلٌ وَذَكَرَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ نَاصِرِ الدِّينِ أَنَّ الْمُخَالِطَ إذَا كَانَ نَجِسًا فَالْمَاءُ نَجِسٌ مُطْلَقًا.

(قُلْتُ) : وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ النَّظَرَ فِي

ص: 64

جَعْلِ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ كَالْمُخَالِفِ وَلَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ ذَلِكَ الْمُخَالِطَ لَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى أَوْصَافِهِ لِغَيْرِ الْمَاءِ وَهَذَا مُشْكِلٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يَفْصِلُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ حَصَلَ الشَّكُّ فِي ذَلِكَ الْمُخَالِطِ هَلْ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ لَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى أَوْصَافِهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ إنَّهُ إنْ وَجَدَ غَيْرَهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ اسْتَعْمَلَهُ وَتَيَمَّمَ وَهَذَا عَلَى وَجْهِ الِاحْتِيَاطِ وَقَدْ يُقَالُ: الْأَصْلُ فِي الْمَاءِ الطَّهُورِيَّةُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ مَا يَسْلُبُهَا وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا أَعْنِي مَسْأَلَةَ الرِّيقِ وَأَمَّا حَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ شَيْءٌ فِي أَمْرِ الْمُخَالِطِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا وَالْمُخَالِطُ يَسِيرًا بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى صِفَاتِهِ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَاءَ فَإِنْ كَانَ طَاهِرًا فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ مَوْجُودًا وَإِنْ كَانَ نَجِسًا فَيَنْظُرُ إلَى كَثْرَةِ الْمَاءِ وَقِلَّتِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا أَكْثَرَ مِنْ آنِيَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَهُوَ طَهُورٌ بِلَا كَرَاهَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ مَاءٌ يَسِيرٌ حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ.

وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا وَالْمُخَالِطُ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ. كَانَ بَاقِيًا عَلَى أَوْصَافِهِ لَغَيَّرَ الْمَاءَ فَإِنْ كَانَ الْمُخَالِطُ طَاهِرًا كَانَ الْمَاءُ طَاهِرًا غَيْرَ مُطَهِّرٍ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا كَانَ الْمَاءُ نَجِسًا وَفِي كَلَامِ سَنَدٍ فِي مَسْأَلَةِ مَاءِ الزَّرْجُونِ إشَارَةٌ إلَى هَذِهِ وَكَذَا فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي تَقْدِيرِهِ مُوَافِقَ صِفَةَ الْمَاءِ مُخَالِفًا نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُوَافِقَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فِي قَلِيلِ أَوْ كَثِيرِ الرِّوَايَاتِ وَالْأَقْوَالُ وَاضِحَةٌ بِبَيَانِ حُكْمِ صُوَرِهِ وَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ قَصْرِ الْحُكْمِ عَلَى التَّغْيِيرِ الْمَحْسُوسِ وَلِذَا قِيلَ مَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَابِسِيِّ وَتَقْدِيرُ الْمُوَافِقُ مُخَالِفًا قَلْبٌ لِلْحَقَائِقِ كَالْمُتَحَرِّكِ سَاكِنًا انْتَهَى. فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى قَدْرِ الْمُخَالِطِ وَالْمُخَالِفِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي قَدْرِ مَا يَضُرُّ وَمَا لَا يَضُرُّ وَإِلَى هَذَا مَالَ ابْنُ الْإِمَامِ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ: وَقَوْلُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي مَسَالِكِهِ أَنَّ الطَّهُورَ إذَا خَالَطَهُ مَائِعٌ لَا يُخَالِفُ لَوْنَهُ وَطَعْمَهُ وَرِيحَهُ كَالْعَرَقِ وَمَاءِ الشَّجَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ طَهُورٌ بَعِيدٌ لِإِطْلَاقِهِ وَإِنْ كَانَتْ صُورَةُ كَوْنِ الْمُخَالِطِ أَكْثَرَ غَيْرَ مُرَادَةٍ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَإِذَا كَانَ الْمُخَالِطُ أَكْثَرَ تَبِعَهُ الْمَاءُ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ مَانِعَةٌ مِنْ التَّبَعِيَّةِ وَلِاسْتِلْزَامِهِ صِحَّةَ الطَّهَارَةِ فِيمَا قَالَ سَنَدٌ إنَّهُ لَا يُتَطَهَّرُ بِهِ انْتَهَى. وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَفِي التَّطْهِيرِ بِمَاءٍ جُعِلَ فِي الْفَمِ قَوْلَانِ)

ش: قَوْلُهُ بِمَاءِ الظَّاهِرِ فِيهِ أَنَّهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْمَدِّ وَهُوَ الَّذِي فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِغَيْرِ هَمْزٍ فَيَكُونُ مَا اسْمًا مَوْصُولًا بِمَعْنَى الَّذِي وَفِيهِ بُعْدٌ وَتَكَلُّفٌ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ مَوْصُوفٍ أَيْ وَفِي التَّطْهِيرِ بِالْمَاءِ الَّذِي جُعِلَ فِي الْفَمِ قَوْلَانِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْقَوْلَانِ رَاجِعَانِ إلَى خِلَافٍ فِي حَالِ هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَنْفَكَّ الْمَاءُ عَمَّا يُضِيفُهُ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَازُ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَنْعُ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ التَّغَيُّرُ لِأَثَرٍ انْتَهَى. وَكَأَنَّهُ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ حَصَلَ مِنْ الرِّيقِ قَدْرٌ لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الرِّيقِ لَغَيَّرَ الْمَاءَ وَلِأَنَّ الرِّيقَ لَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ جِدًّا حَتَّى يَظْهَرَ لُعَابُهُ فِي الْمَاءِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ مَا ذَكَرْنَا وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ إنَّهُ لَوْ طَالَ مُكْثُ الْمَاءِ فِي فَمِهِ أَوْ حَصَلَ مِنْهُ مَضْمَضَةٌ لَانْتَفَى الْخِلَافُ لِغَلَبَةِ الرِّيقِ وَقَيَّدَ غَيْرُهُ أَيْضًا الْخِلَافَ بِأَنْ لَا يَكُونُ فِي الْفَمِ نَجَاسَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالظَّاهِرُ مَعَ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ وَنَقَلَ الشَّارِحُ فِي الصَّغِيرِ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَالَ: وَالظَّاهِرُ الطَّهُورِيَّةُ لِأَنَّهَا أَصْلٌ انْتَهَى.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ ثُبُوتُ الْخِلَافِ فِي تَطْهِيرِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَلَمْعَةٍ ذَكَرهَا حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْأَخْذُ إلَّا بِفِيهِ لِقَطْعِ يَدَيْهِ أَوْ نَجَاسَتِهِمَا وَتَقْيِيدُ طَائِفَةٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ الْخِلَافَ بِتَطْهِيرِ الْخَبَثِ إنْ كَانَ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي الرِّوَايَاتِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ لِأَنَّهُ مُضَافٌ فَغَيْرُ صَحِيحٍ انْتَهَى وَرِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِي آخِرِ سَمَاعِهِ وَرِوَايَةُ مُوسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ

ص: 65

وَكِلَاهُمَا فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِمَا الْقَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّ أَحَدَهُمَا رِوَايَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) دَلَّ كَلَامُ التَّوْضِيحِ السَّابِقُ وَكَلَامُ ابْنِ الْإِمَامِ عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا الشَّكُّ فِي حُصُولِ الْقَدْرِ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ تَأْثِيرُهُ مِنْ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا احْتِمَالُ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ هُنَا وَهُنَاكَ فَرْضَ وُقُوعِهِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قُلْتُ: هَذَا أَنَّ الْخِلَافَ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَإِنْ كَانَ خِلَافًا حَقِيقِيًّا وَهُوَ أَنْ يَتَّفِقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْمُخَالِطِ لَكِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَعْتَبِرُ بَقَاءَ صِدْقِ اسْمِ الْمَاءِ وَأَشْهَبُ يَنْظُرُ إلَى أَنَّهُ خُولِطَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَهُوَ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءٌ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ لَا نَصَّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُخَالِطَ الْمُوَافِقَ وَقَعَ مِنْهُ فِي الْمَاءِ قَدْرُ لَوْ كَانَ مُخَالِفًا أَوْ بَاقِيًا عَلَى أَصْلِهِ لَأَثَّرَ فِي الْمَاءِ فَافْتَرَقَتْ الْمَسْأَلَتَانِ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : فَرْضُهُ أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الشُّيُوخِ السَّابِقِ وَدَلَّ آخِرُ كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ قَالَ الْبِسَاطِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِهِمْ هُنَا عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يُتَطَهَّرُ بِهِ وَنَقْلُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ إذَا خُولِطَ بِطَاهِرٍ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ طَهُورٌ؟ .

(قُلْتُ) : كَأَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ شَأْنِ الْمُخَالِطِ أَنْ يَطْهُرَ تَغَيُّرُهُ كَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ فَلَمَّا لَمْ يُغَيِّرْ دَلَّ عَلَى قِلَّتِهِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِصِفَةِ الْمَاءِ فَلَا دَلِيلَ عَلَى قِلَّتِهِ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاتِّفَاقِ هُوَ أَحَدُ الطُّرُقِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَكُرِهَ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ)

ش: لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يَتَطَهَّرُ بِهِ وَالْمَاءِ الَّذِي لَا يَصِحُّ التَّطَهُّرُ بِهِ ذَكَرَ قِسْمًا ثَالِثًا وَهِيَ الْمِيَاهُ الَّتِي يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهَا مَعَ الْحُكْمِ بِطَهُورِيَّتِهَا فَبَدَأَ مِنْهَا ب الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْحَدَثِ وَذَكَرَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَيَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ طَهُورٌ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ يُرِيدُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ تَطَهَّرَ بِهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ مَعَ وُجُودِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ فَإِنْ تَرَكَهُ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى أَعَادَ أَبَدًا وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ فَهَلْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا صَرِيحًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى الْكَرَاهَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي بَعْضِ الْمِيَاهِ الْمَكْرُوهَةِ الْآتِيَةِ، وَالْكَرَاهَةُ لَا تَقْتَضِي الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ وَإِنَّمَا الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ هِيَ الَّتِي تَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ كَمَا أَخَذَ ابْنُ عَرَفَةَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ السُّلَيْمَانِيَّة فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ يَتَغَيَّرُ بِوَرَقِ الشَّجَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْحَدَثِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا رَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَصَّارِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ فَيَتْرُكُهُ وَيَتَيَمَّمُ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى أَعَادَ أَبَدًا وَالثَّانِي أَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَيَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ لِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَعَزَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ لِلْأَبْهَرِيِّ وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِمَاءٍ قَدْ تَوَضَّأَ بِهِ مَرَّةً وَلَا خَيْرَ فِيهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ تَوَضَّأَ بِهِ أَحَبُّ إلَيَّ إنْ كَانَ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ أَوَّلًا طَاهِرَ الْأَعْضَاءِ وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لَا خَيْرَ فِيهِ فَحَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْمَنْعِ فَيَكُونُ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَحَمَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ قَوْلَ مَالِكٍ عَلَى مَعْنَى لَا خَيْرَ فِيهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ وِفَاقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ عِيَاضٌ وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الْمُخْتَصِرِينَ انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ قَوْلَ مَالِكٍ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَجَعَلُوا قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ تَفْسِيرًا وَرَدَّ بِأَنَّ مَالِكًا مَنَعَ الْمُتَوَضِّئَ مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ بِبَلَلِ لِحْيَتِهِ وَأُجِيبُ بِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَنْعِ لِقِلَّتِهِ لَا لِكَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ الْإِمَامِ: قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وِفَاقٌ وَلِذَلِكَ يَتَعَيَّنُ إسْقَاطُ لَفْظِهِ أَحَبُّ إلَيَّ كَمَا اخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَحَمَلَهَا عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا قَالَ

ص: 66

صَاحِبُ الِاسْتِيعَابِ انْتَهَى. وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ كَرَاهِيَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ أَوْ الْمَنْعِ مِنْهُ عَلَى أَقْوَالٍ فَقِيلَ لِأَنَّهُ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ وَقِيلَ أَزَالَ الْمَانِعَ وَقِيلَ لِكَوْنِهِ لَا يُعْلَمُ سَلَامَتُهُ مِنْ الْأَوْسَاخِ وَقِيلَ إنَّهُ قَدْ ذَهَبَتْ قُوَّتُهُ فِي عِبَادَةٍ فَلَا يَقْوَى لِعِبَادَةٍ أُخْرَى وَقِيلَ إنَّهُ مَاءُ الذُّنُوبِ وَقِيلَ إنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ جَمْعُ ذَلِكَ وَاسْتِعْمَالُهُ وَالرَّاجِحُ فِي تَعْلِيلِ الْكَرَاهَةِ كَوْنُهُ مُخْتَلِفًا فِي طَهُورِيَّتِهِ وَاقْتَصَرَ فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى التَّعْلِيلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ قَالَ: فَإِنْ انْتَفَيَا كَمَا فِي الْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ فِي الْوُضُوءِ فَلَا مَنْعَ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَفِي الْأَوْضِيَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَفِي غَسْلِ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ اُحْتُمِلَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى. وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ صُورَةُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ أَنْ يَسِيلَ الْمَاءُ فِي صَحْفَةٍ أَوْ طَسْتٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ أَوْ يَغْتَسِلُ فِي قَصْرِيَّةٍ وَهُوَ نَقِيُّ الْجِسْمِ انْتَهَى. وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْحَدَثِ هُوَ مَا قُطِرَ عَلَى الْأَعْضَاءِ أَوْ اتَّصَلَ بِهَا فِي وُضُوءٍ أَوْ جَنَابَةٍ بِشَرْطِ سَلَامَتِهَا مِنْ النَّجَسِ وَالْوَسَخِ وَإِلَّا فَهُوَ مَاءٌ حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ أَوْ مَاءٌ مُضَافٌ فَلَهُ حُكْمُ ذَلِكَ وَهَذَا الْأَخِيرُ نَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَقَدْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الْمَاءَ بِمُجَرَّدِ اتِّصَالِهِ بِالْعُضْوِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُرَادٍ لَهُمْ فَقَدْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: الْمَاءُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ هُوَ الْمَجْمُوعُ عَنْ الْأَعْضَاءِ لَا مَا يَفْضُلُ فِي الْإِنَاءِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ وَلَا الْمُسْتَعْمَلُ فِي بَعْضِ الْعُضْوِ إذَا جَرَى لِلْبَعْضِ الْآخَرِ وَقَالَ فِي فُرُوقِهِ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ فِي الْعُضْوِ طَهُورٌ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ فَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ وَاتَّصَلَ بِهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إذَا وَضَعَ الْمُتَوَضِّئُ أَوْ الْمُغْتَسِلُ أَعْضَاءَهُ فِي الْمَاءِ وَغَسَلَهَا فِيهِ.

(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ هَلْ يَتَحَقَّقُ مِنْ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُ الْيَسَارَةِ فِي كَرَاهَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ ثَبَتَ اشْتِرَاطُهَا فَهَلْ تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ بِتَكْثِيرِهِ بِمَاءِ أَوْضِيَةٍ أُخْرَى وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ لَا تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ؟ وَإِذَا زَالَتْ الْكَرَاهَةُ عَنْ هَذَا الْكَثِيرِ ثُمَّ فُرِّقَ حَتَّى كَانَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ يَسِيرًا هَلْ تَعُودُ الْكَرَاهَةُ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ بِزَوَالِهَا وَلَا مُوجِبَ لِعَوْدِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : فِي كَلَامِهِ مَيْلٌ إلَى اشْتِرَاطِ الْيَسَارَةِ فِي الْحُكْمِ بِكَرَاهَةِ الْمُسْتَعْمَلِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ لَهُ صُورَتَانِ كَمَا تَقَدَّمَ إحْدَاهُمَا أَنْ يَتَقَاطَرَ الْمَاءُ عَنْ الْأَعْضَاءِ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَتَّصِلَ بِالْأَعْضَاءِ كَأَنْ يَغْتَسِلَ فِي قَصْرِيَّةٍ وَنَحْوِهَا فَأَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى فَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُتَقَاطِرَ عَنْ الْأَعْضَاءِ يَسِيرٌ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَقَدْ يَكُونُ الْمَاءُ كَثِيرًا وَقَدْ يَكُونُ يَسِيرًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَحْكُومَ لَهُ بِالْكَرَاهَةِ هُوَ الْيَسِيرُ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا إنْ اغْتَسَلَ فِي مَاءِ حِيَاضِ الدَّوَابِّ حَيْثُ غَسَلَ أَذَاهُ قَبْلَ دُخُولِهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ اغْتَسَلَ فِي قَصْرِيَّةٍ فَلَا خَيْرَ فِي مَائِهَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جُنُبٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ فِي مِثْلِ حِيَاضِ الدَّوَابِّ: لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ لِكَثْرَتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِوُضُوحِهِ وَلِذَلِكَ لَوْ صُبَّ عَلَى الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ مَاءٌ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ حَتَّى صَارَ كَثِيرًا فَلَا يُشَكُّ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ وَإِنَّمَا يَقَعُ التَّرَدُّدُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فَرَضَهَا وَهِيَ مَا إذَا جُمِعَ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي أَوْضِيَةٍ أَوْ اغْتِسَالٍ حَتَّى صَارَ كَثِيرًا فَهَلْ تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ عَنْهُ أَمْ لَا فَاخْتَارَ انْتِفَاءَ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ وَجُمِعَ حَتَّى صَارَ كَثِيرًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْتَعْمَلِ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ كَرَاهَةُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ حَالَ الِانْفِرَادِ كَانَ لِلْمَجْمُوعِ حُكْمُ أَجْزَائِهِ انْتَهَى.

(قُلْت) : وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَفِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِاشْتِرَاطِ الْيَسَارَةِ فِي كَرَاهَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (الثَّالِثُ) قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ إلَّا قَدْرَ مَا يَغْسِلُ بِهِ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى جَمْعِ مَا يَسْقُطُ مِنْ أَعْضَائِهِ فَعَلَ وَغَسَلَ بِذَلِكَ الْمَاءِ بَاقِي أَعْضَائِهِ وَيَصِيرُ كَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا تَوَضَّأَ بِهِ مَرَّةً نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ نَاجِي وَغَيْرُهُمْ وَجَعَلَهُ

ص: 67

ابْنُ يُونُسَ مِنْ بَابِ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَبَحَثَ فِي ذَلِكَ ابْنُ هَارُونَ فَقَالَ هَذَا إذَا قُلْنَا إنَّ كُلَّ عُضْوٍ يَطْهُرُ بِانْفِرَادِهِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْجَمِيعِ فَلَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ الشَّيْخُ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا قَدْرَ وُضُوئِهِ بِمُسْتَعْمِلِ بَعْضِ أَعْضَائِهِ تَعَيَّنَ خَرَّجَهُ الصَّقَلِّيُّ عَلَى الْمُسْتَعْمَلِ وَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِ كُلِّ عُضْوٍ يَطْهُرُ بِانْفِرَادِهِ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ لَمْ يَظْهَرْ لِي مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنَّهُ إذَا قِيلَ كُلُّ عُضْوٍ يَطْهُرُ بِانْفِرَادِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهُ يَكُونُ كُلُّ مَا أُخِذَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنْ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَإِنْ قِيلَ إنَّ طَهَارَةَ الْأَوَّلِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى طَهَارَةِ الْأَخِيرِ فَيَكُونُ مَا أُخِذَ مِنْ الْعُضْوِ الْأَوَّلِ وَاسْتَعْمَلَهُ غَيْرُ هَذَا التَّوَضِّي فِي طَهَارَةٍ قَبْلَ كَمَالِ طَهَارَةِ الْمُتَوَضِّئِ بِهِ أَوَّلًا عَارِيًّا عَنْ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْكَمُ لَهُ بِهَا بِشَرْطِ التَّمَامِ وَلَمْ يَحْصُلْ إلَى الْآنَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ عَنْهُ حَتَّى يُنْظَرَ مَآلَ أَمْرِ الْمُتَوَضِّئِ بِهِ هَلْ تُتِمُّ طَهَارَتُهُ أَمْ لَا انْتَهَى.

(قُلْتُ) : فَيَظْهَرُ مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا تَمَّتْ الطَّهَارَةُ حَكَمَ لِمَا أُخِذَ أَوَّلًا بِالْكَرَاهَةِ وَلَوْ كَانَ قَدْ اُسْتُعْمِلَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا يَظْهَرُ لِكَلَامِ ابْنِ هَارُونَ وَابْنِ عَرَفَةَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّيْخ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَجْهٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الطَّهَارَةَ قَدْ تَمَّتْ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَالْحَاصِلُ) أَنَّ مَنْ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي غَسْلِ بَعْضِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَجْمَعَ ذَلِكَ وَيَسْتَعْمِلُهُ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَإِذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَلَا يَغْتَرُّ بِقَوْلِ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَنَّهُ لَمْ يَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْبَحْثُ أَنَّهُ يَجْمَعُهُ وَلَكِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى التَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّيْخِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَقَبِلَهُ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ.

(الرَّابِعُ) مَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ فَمَسَحَهُ بِبَلَلِ ذِرَاعَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ سَلَفٍ عَنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِرَاعَيْهِ مَا يُمْكِنُهُ بِهِ الْمَسْحُ قَالَ: وَكَذَلِكَ بَلَلُ لِحْيَتِهِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا مِنْ الْمَاءِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ قَالَ: وَاخْتُلِفَ إذَا تَعَلَّقَ بِهَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فَمَنَعَ ذَلِكَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ بِالْمُسْتَعْمَلِ لَا يَجُوزُ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لِإِجَازَتِهِ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ كَمَا يَقُولُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَمْلِهِ كَلَامَ مَالِكٍ عَلَى الْمَنْعِ وَأَمَّا عَلَى مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ مِنْ الْكَرَاهَةِ فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ إذَا وَجَدَ مَاءً غَيْرَهُ يَمْسَحُ بِهِ رَأْسَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ، (الْخَامِسُ) قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ إدْخَالَ الْمُحْدِثِ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ وَنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا إذَا انْفَصَلَتْ الْيَدُ مِنْ الْمَاءِ عَلَى أَصْلِنَا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الِاغْتِرَافَ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَنُصُوصُ الْمَذْهَبِ كَالصَّرِيحَةِ فِي ذَلِكَ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ نَقْدِهَا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ هَلْ الِاخْتِيَارُ أَنْ يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِي الْإِنَاءِ جَمِيعًا لِغَسْلِ وَجْهِهِ وَبَقِيَّةِ أَعْضَائِهِ أَوْ الِاخْتِيَارُ أَنْ يُدْخِلَ الْيُمْنَى فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسُ) وَلَا بَأْسَ بِمَا انْتَضَحَ مِنْ غُسْلِ الْجُنُبِ فِي إنَائِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ النَّاسُ الِامْتِنَاعَ مِنْ هَذَا قَالَ فِي الطِّرَازِ: الْمَاءُ الَّذِي يَنْتَضِحُ فِي إنَاءِ الْمُغْتَسِلِ عَلَى وَجْهَيْنِ: مَا تَطَايَرَ مِنْ جَسَدِهِ: وَمَا تَطَايَرَ مِنْ الْأَرْضِ وَكِلَاهُمَا لَا يَضُرُّ إذَا لَمْ يُتَيَقَّنْ تَطَايُرُ نَجَاسَةٍ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: قَالَ عِيَاضٌ ظَاهِرُهُ مَا يَنْتَضِحُ مِنْ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ النَّاسُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَكَانُ ظَاهِرًا أَوْ مُنْحَدِرًا لَا تَثْبُتُ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَكَانَ يُبَالُ فِيهِ وَيَسْتَنْقِعُ الْمَاءُ فَهُوَ نَجِسٌ وَيَنْجُسُ مَا طَارَ مِنْهُ.

وَقَالَ بَعْضِ شُيُوخنَا: يُحْمَلُ قَوْلُهَا عِنْدِي عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا انْتَضَحَ مِنْ غُسْلِ الْجُنُبِ مَا يَكُونُ فِي بَدَنِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ فَإِنَّ إمْرَارَ يَدَيْهِ مَعَ الْمَاءِ لِلتَّدَلُّكِ ثُمَّ رَدَّهُمَا إلَى الْإِنَاءِ عَفْوٌ وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي يَدَيْهِ وَهُوَ

ص: 68

تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَمَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ مِنْ أَنَّ الْمَكَانَ مُنْحَدِرٌ نَقَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ بَيِّنٌ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : عَادَتُهُ إذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يُشِيرُ بِهِ إلَى ابْنِ عَرَفَةَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ بِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَتَنَجَّسُ بِإِدْخَالِ يَدَيْهِ فِيهِ بَعْدَ دَلْكِ جَسَدِهِ بِهِمَا وَلَوْ كَانَ فِي جَسَدِهِ نَجَاسَةٌ.

وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ عِيَاضٍ السَّابِقَ فِيهِ نَظَرٌ عَلَى مَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ ضَرُورَةٌ فَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، (السَّابِعُ) لَا إشْكَالَ فِي كَرَاهَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْحَدَثِ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَأَمَّا فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ فَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِالْمُسْتَعْمَلِ لِأَنَّهَا مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى قَالَ وَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الْإِرْشَادِ إشَارَةٌ إلَيْهِ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى ذِكْرِ الْوُضُوءِ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَانْظُرْ هَلْ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْأَوْضِيَةِ وَالِاغْتِسَالَاتِ الْمَسْنُونَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ أَمْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا صَرِيحًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي عِلَّةِ الْكَرَاهَةِ فِيهِ كَوْنُهُ غَيْرَ طَهُورٍ وَإِطْلَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْتَمِلُ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ يَشْتَمِلُ اسْتِعْمَالَهُ فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ وَهُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَجِسٍ وَلَا يُنَجِّسُ مَا أَصَابَهُ.

مِنْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ الَّذِي تَطَهَّرَ بِهِ أَوَّلًا طَاهِرَ الْأَعْضَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا يُكْرَهُ التَّيَمُّمُ عَلَى التُّرَابِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ أَنَّ الْمَاءَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْبَدَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي غَيْرِ الْحَدَثِ كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي الْأَوْضِيَةِ وَالِاغْتِسَالَاتِ الْمَسْنُونَةِ وَالْمُسْتَحَبُّ فِيهِ تَرَدُّدٌ أَيْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَفِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ فِي حُكْمِهِ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي الْحَدَثِ أَوْ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ نَجَسٌ وَلَا وَسَخٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَاَلَّذِي نَقَلَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ تَقْيِيدَ الْكَرَاهَةِ بِالْمُسْتَعْمَلِ فِي الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ ابْنُ بَشِيرٍ وَصَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَغَيْرُهُمَا كَرَاهَةَ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ مِنْ الْأَشْيَاخِ مَنْ أَطْلَقَ كَالْقَاضِي عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا اُسْتُعْمِلَ فِي حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.

(قُلْتُ) : وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى كَلَامِ الْقَاضِي عِيَاضٍ فِي قَوَاعِدِهِ لِأَنِّي لَمْ أَقِفْ لَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ عَلَى حَمْلِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) كَلَامُ الْقَرَافِيِّ فِي الذَّخِيرَةِ السَّابِقُ فِي بَيَانِ عِلَّةِ الْكَرَاهَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ بِالْأُولَى يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْأَوْضِيَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَنَصُّهُ تَحْرِيرٌ إذَا قُلْنَا بِسُقُوطِ الطَّهَارَةِ بِهِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: سَبَبُهُ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا كَوْنُهُ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ وَالثَّانِي إزَالَتُهُ لِلْمَانِعِ فَإِنْ انْتَفَيَا مَعًا كَالرَّابِعَةِ فِي الْوُضُوءِ فَلَا مَنْعَ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ اُحْتُمِلَ الْخِلَافُ كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَوْ فِي التَّجْدِيدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَانِعًا وَإِنْ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ وَغُسْلُ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ أَزَالَ مَانِعَ وَطْئِهَا لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ وَلَمْ تُؤَدِّ بِهِ عِبَادَةً وَفِي قَوْلِ مَالِكٍ رحمه الله تَصْرِيحٌ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ لَا يَتَوَضَّأُ بِمَا قَدْ تَوَضَّأَ بِهِ مَرَّةً إشَارَةٌ لِلْعِبَادَةِ وَإِزَالَةِ الْمَانِعِ مَعًا وَنَقَلَ صَاحِبُ الطِّرَازِ عَنْهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْحَدَثِ وَالتَّجْدِيدِ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : أَوَّلُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ بِسُقُوطِ طَهُورِيَّةِ الْمُسْتَعْمَلِ وَآخِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّعْلِيلَ بِمَا ذَكَرَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ أَيْضًا فَإِنَّهُ ذَكَرَ كَلَامَ سَنَدٍ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّ مَاءَ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مُسَاوٍ لِوُضُوءِ التَّجْدِيدِ فَيَدْخُلُ فِيهِ التَّرَدُّدُ وَكَلَامُ صَاحِبِ الطِّرَازِ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ مَا اُسْتُعْمِلَ فِي وُضُوءِ التَّجْدِيدِ وَقَالَ وَلَوْ جُمِعَ مَاءُ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَهَلْ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ أَوْ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ مَاءٌ رُفِعَ بِهِ حَدَثٌ الظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ فَإِنَّ الْحَادِثَ مَا لَهُ بِالْمَاءِ

ص: 69

تَعَلُّقُ حُصُولٍ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَ الْأُولَى وَغَيْرِهَا فَالْجَمْعُ لَهُ حُكْمُ الطَّهَارَةِ الْوَاحِدَةِ انْتَهَى.

فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَاءَ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مَكْرُوهٌ وَبِلَا تَرَدُّدٍ لِأَنَّ صَاحِبَ الطِّرَازِ هُوَ الْمُرَجَّحُ لِعَدَمِ كَرَاهَةِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي غَيْرِ الْحَدَثِ وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ.

(الثَّانِي) الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ وَفِي غَسْلِ التَّبَرُّدِ وَغَسْلِ الثَّوْبِ السَّالِمِ مِنْ النَّجَسِ وَالْوَسَخِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْقَرَافِيِّ السَّابِقِ وَكَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فَإِنَّهُ قَالَ: قَالَ أَصْبَغُ يَتْرُكُهُ وَيَتَيَمَّمُ فَإِنْ تَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى أَعَادَ أَبَدًا قَالَ: وَسَوَاءٌ عِنْدَهُ تَوَضَّأَ بِهِ الْأَوَّلُ مُحْدِثًا أَوْ مُجَدِّدًا أَوْ غَسَلَ بِهِ ثَوْبًا طَاهِرًا وَأَمَّا مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ فَظَاهِرُهُ كَرَاهَةُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ فَقَطْ انْتَهَى. وَلَهُ نَحْوُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ اغْتِسَالِ الْجُنُبِ فِي الْقَصْرِيَّةِ وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرَاكِدٌ يُغْتَسَلُ فِيهِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ رَاشِدٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ مَا يَقْتَضِي دُخُولَ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْكَبِيرِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا فِيهِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ طَهُورٌ وَالثَّانِي قَوْلُ أَصْبَغَ أَنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ وَرَدَّهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَضَعَّفَهُ.

وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ إشَارَةٌ إلَى خُرُوجِهِ مِنْ الْخِلَافِ (الثَّالِثُ) مَاءُ غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ نَقَلَ ابْنُ نَاجِي عَنْ ابْنِ هَارُونَ أَنَّهُ قَالَ: لَا نَصَّ فِيهِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ لِعَدَمِ تَحَفُّظِهَا مِنْ النَّجَاسَةِ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ يَتَخَرَّجُ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ أَشَارَ إلَيْهِمَا عَلَى مَسْأَلَةِ مَا أَدْخَلَ الْكَافِرُ يَدَهُ فِيهِ؟ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بِطَهَارَتِهِ وَسَحْنُونٌ بِنَجَاسَتِهِ.

(قُلْتُ) : لَا يَتَخَرَّجُ لِأَنَّ هَذَا أَشَدُّ، وَالْمَسْأَلَةُ مَنْصُوصَةٌ لِلْقَرَافِيِّ وَذَكَرَ كَلَامَهُ فِي الذَّخِيرَةِ السَّابِقَ فِي بَيَانِ عِلَّةِ الْكَرَاهَةِ. (قُلْتُ) : وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَيَسِيرٌ كَآنِيَةِ وُضُوءٍ وَغُسْلٍ بِنَجَسٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ الْيَسِيرَ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْ شَيْئًا مِنْ أَوْصَافِهِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ قَالَهُ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ الَّذِي رَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمَاءَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ لَا تُفْسِدُهُ النَّجَاسَةُ إلَّا أَنْ تُغَيِّرَ وَصَفًّا مِنْ أَوْصَافِهِ فَسُؤْرُ النَّصْرَانِيِّ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَإِنْ أَيْقَنَ بِنَجَاسَةِ يَدَيْهِ وَفَمِهِ مَكْرُوه مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ ابْتِدَاءً وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ مَعَ عَدَمِ سِوَاهُ فِي الطَّهَارَةِ وَالتَّطْهِيرِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَيْ: الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فَمُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ شُيُوخُنَا الْعِرَاقِيُّونَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْمَاءُ الطَّاهِرُ. وَنَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّ الْمَاءَ الْيَسِيرَ يَتَنَجَّسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الرِّسَالَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَقِيلَ إنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْوُضُوءِ بِهِ وَالتَّيَمُّمِ حَكَى الثَّلَاثَةَ ابْنُ بَشِيرٍ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ رَابِعًا أَنَّهُ طَهُورٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَعَزَاهُ لِرِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَقَالَ: لَا يُوجَدُ فِي الْمَذْهَبِ لِأَنَّ مُعَوَّلَ الْبَغْدَادِيِّينَ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ وَقَدْ قَالُوا بِالْكَرَاهَةِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ اللَّخْمِيَّ حَكَاهُ وَلَمْ يَعْزِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَرَوَى أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: الْمَاءُ كُلُّهُ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ إلَّا مَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ بِنَجَاسَةٍ حَلَّتْ فِيهِ مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَعَلَى هَذَا يَتَوَضَّأُ بِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ أَنَّ اللَّخْمِيَّ حَكَاهُ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ ثُمَّ رَدَّهُ ابْنُ بَشِيرٍ بِعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ رَدُّ ابْنِ بَشِيرٍ بِشَيْءٍ لِأَنَّ حَاصِلَهُ شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : كَلَامُ اللَّخْمِيِّ صَرِيحٌ فِي عَزْوِهِ لِأَبِي مُصْعَبٍ لِأَنَّهُ قَالَ: اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ

ص: 70

أَقْوَالٍ فَقِيلَ هُوَ عَلَى أَصْلِهِ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ، وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَيُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ، وَقِيلَ نَجِسٌ، وَقِيلَ مَشْكُوكٌ فِي حُكْمِهِ ثُمَّ أَخَذَ يَعْزُو هَذِهِ الْأَقْوَالَ لِقَائِلِيهَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ وَعَزَا الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ لِرِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ وَلَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ بَشِيرٍ وَكَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيّ بِأَنْ يَجْعَلَ مُقَابِلَ الْمَشْهُورِ فِي كَلَامِهِ أَوَّلًا رِوَايَةَ أَبِي مُصْعَبٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَدَلِيلُنَا عَلَى أَنَّهُ طَهُورٌ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ تُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَتَتَوَضَّأُ بِمُثَنَّاتَيْنِ فَوْقِيَّتَيْنِ خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَلِطَ مِنْ رَوَاهُ بِالنُّونِ فِي أَوَّلِهِ وَبُضَاعَةَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ قِيلَ: إنَّهُ اسْمٌ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ وَقِيلَ: لِمَوْضِعِهَا وَالْحِيَضُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ هِيَ الْخِرَقُ الَّتِي يُمْسَحُ بِهَا الْحَيْضُ وَالْمُلْقِي لِذَلِكَ السُّيُولُ لِأَنَّ الْبِئْرَ كَانَتْ فِي مَحِلٍّ مُنْحَدِرٍ وَقِيلَ الرِّيحُ وَقِيلَ الْمُنَافِقُونَ وَأَمَّا حَدِيثُ «خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ إلَّا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ» . قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَقِيلَ إنَّهُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ لَكِنْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْعَمَلِ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ فِيهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَإِذَا عُلِمَ ضَعْفُ الْحَدِيثِ فَيَتَعَيَّنُ الِاحْتِجَاجُ عَلَى ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَوَجْهُ كَرَاهَةِ هَذَا الْمَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَحَدَّ الْمُصَنِّفُ الْيَسِيرَ بِأَنَّهُ قَدْرُ آنِيَةِ الْوُضُوءِ وَآنِيَةِ الْغُسْلِ فَآنِيَةُ الْغُسْلِ قَلِيلٌ وَلَوْ اُسْتُعْمِلَتْ فِي الْوُضُوءِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى آنِيَةِ الْوُضُوءِ لَتَوَهَّمَ أَنَّ آنِيَةَ الْغُسْلِ مِنْ الْكَثِيرِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى آنِيَةِ الْغُسْلِ لَتَوَهَّمَ أَنَّ آنِيَةَ الْوُضُوءِ نَجِسَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْدِيدِ الْيَسِيرِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ لِمَالِكٍ.

(قُلْتُ) : وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَفِي كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّهُ الْحُبُّ وَالْجَرَّةُ وَالْحُبُّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الزِّيرُ وَلَيْسَ هُوَ بِالْجِيمِ لِأَنَّ الْجُبُّ كَثِيرٌ بِلَا خِلَافٍ وَالْمُرَادُ بِالْحُبِّ الصَّغِيرِ بِدَلِيلِ عَطْفِ الْجَرَّةِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِي الْجَرَّةِ وَالزِّيرِ بِخِلَافِ مَاءِ الْبِئْرِ وَالْجُبِّ وَالْمَاجِلُ لَا تُفْسِدُهَا النَّجَاسَةُ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ إلَّا أَنْ تُغَيِّرَهَا وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَدْرِهِ أَيْ التَّيْسِيرِ طَرِيقَانِ: الْأُولَى لِلْمُقَدِّمَاتِ وَذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ الثَّانِيَةُ لِلْإِبْيَانِيِّ فِي كَوْنِ مَاءِ الْجَرَّةِ وَالزِّيرِ يُحِلُّهُ مَا فَوْقَ الْقَطْرَةِ مِنْ النَّجَسِ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ مِنْ الْقَلِيلِ أَوْ الْكَثِيرِ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ إلَّا مَا غَيَّرَهُ مَعْرُوفٌ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَتِهِ وَسَمَاعِ مُوسَى مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى، فَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْقَطْرَةَ مِنْ النَّجَسِ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْجَرَّةِ وَالزِّيرِ وَلَا تَقْتَضِي كَرَاهَةَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا فِي سَمَاعِ مُوسَى مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ.

وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ قَالَ إنَّ الْيَسِيرَ هُوَ الْقُلَّتَانِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ رَطْلٍ بِالْبَغْدَادِيِّ وَهُوَ الرَّطْلُ الْآتِي ذِكْرُهُ فِي الزَّكَاةِ وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفُ جِدًّا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ أَعْنِي قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم «إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ فَهُوَ كَثِيرٌ. وَهَذَا الْقَائِلُ حَكَمَ بِأَنَّهُ قَلِيلٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّ أَسَانِيدَهُ مَعْلُولَةٌ وَلَكِنَّهُ صَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ كَالدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّهُ لَا يُعَارِضُ حَدِيثَ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ الْمُتَقَدِّمَ لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ بِالْمَفْهُومِ وَالْمَفْهُومُ لَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ دَلِيلٌ أَرْجَحُ مِنْهُ وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ رحمه الله -

ص: 71