الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَحْصُلُ لَهُ التَّنْظِيفُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْبَوْلِ عَنْهُ وَآخَرُ لَا يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَقُومَ وَيَقْعُدَ وَذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي أَمْزِجَتِهِمْ وَفِي مَآكِلِهِمْ وَاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ عَلَيْهِمْ فَقَدْ يَتَغَيَّرُ حَالُهُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ وَهُوَ يَعْهَدُ مِنْ نَفْسِهِ عَادَةً، فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا فَيُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّجَاسَةِ أَوْ يَتَوَسْوَسُ فِي طَهَارَتِهِ فَيَكُونُ يَعْمَلُ عَلَى مَا يَظْهَرُ لَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ حَالِ مِزَاجِهِ وَغِذَائِهِ وَزَمَانِهِ، فَلَيْسَ الشَّيْخُ كَالشَّابِّ وَلَا مَنْ أَكَلَ الْبِطِّيخَ كَمَنْ أَكَلَ الْخُبْزَ وَلَيْسَ الْحَرُّ كَالْبَرْدِ. انْتَهَى، وَقَالَ: إذَا اسْتَنْجَى فَلْيَكُنْ الْإِنَاءُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى لِيَسْكُبَ بِهَا الْمَاءَ وَيَدُهُ الْيُسْرَى عَلَى الْمَحِلِّ يَعْرُكُهُ وَيُوَاصِلُ صَبَّ الْمَاءِ وَيُبَالِغُ فِي التَّنْظِيفِ خِيفَةَ أَنْ يَبْقَى مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْفَضَلَاتِ فَيُصَلِّيَ بِالنَّجَاسَاتِ وَعَذَابُ الْقَبْرِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، قَالَ: وَيَحْذَرُ أَنْ يُدْخِلَ أُصْبُعَهُ مَعَهُ فَإِنَّهُ مِنْ فِعْلِ أَشْرَارِ النَّاسِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ حَرَامٌ. انْتَهَى، وَقَوْلُ الرِّسَالَةِ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا بَطَنَ مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ. قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق يَعْنِي وَلَا لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِهِ وَيُشْبِهُ اللِّوَاطَ فِي الدُّبُرِ وَالسِّحَاقَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ الْمُبْتَدِعَةِ وَفِي السُّلَيْمَانِيَّة فِي اسْتِنْجَاءِ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا تَغْسِلُ قُبُلَهَا كَغَسْلِ اللَّوْحِ وَلَا تُدْخِلُ يَدَيْهَا بَيْنَ شَفْرَيْهَا كَمَا تَفْعَلُ مَنْ لَا دِينَ لَهَا مِنْ النِّسَاءِ انْتَهَى.
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي الْمَدْخَلِ: إذَا قَامَ يَسْتَبْرِئُ فَلَا يَخْرُجُ بَيْنَ النَّاسِ وَذَكَرُهُ فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ ثَوْبِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ شَوْهَةٌ وَمُثْلَةٌ وَكَثِيرًا مَا يَفْعَلُ بَعْضُ النَّاسِ هَذَا وَقَدْ نَهَى عَنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ ضَرُورَةٌ فِي الِاجْتِمَاعِ بِالنَّاسِ إذْ ذَاكَ فَيَجْعَلُ عَلَى فَرْجِهِ خِرْقَةً يَشُدُّهَا عَلَيْهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ ضَرُورَتِهِ تَنَظَّفَ. انْتَهَى
(الثَّانِي) يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِغَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ نَتْفِ إبْطٍ أَوْ غَيْرِهِ لِئَلَّا يُبْطِئَ فِي خُرُوجِ الْحَدَثِ وَالْمَقْصُودُ الْإِسْرَاعُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ الْمَحِلِّ بِذَلِكَ وَرَدَتْ السُّنَّةُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ خَيْرًا يَسَّرَ عَلَيْهِ الطَّهَارَةَ. انْتَهَى
[الْقِرَاءَةِ لِمَنْ يَتَنَشَّفُ]
(الثَّالِثُ) ذَكَرَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي جَوَازِ الْقِرَاءَةِ لِمَنْ يَتَنَشَّفُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ، وَالثَّالِثُ الْجَوَازُ إنْ لَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ رُطُوبَةٌ ذُكِرَ هَذَا الْفَرْعُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: وَلَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِهِ وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ.
وَقَالَ أَيْ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: وَأَمَّا الِاسْتِنْشَاقُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ السَّلَامَةَ حَرُمَ وَإِنْ تَحَقَّقَ جَازَ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ قَالَ ابْنُ نَاجِي: قُلْت: الصَّوَابُ التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إهَانَةَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ عِنْدِي أَشَدُّ مِنْ دُخُولِ النَّجَاسَةِ مَلْفُوفَةً وَفِيهَا قَوْلَانِ انْتَهَى.
[فَائِدَةٌ عَلَى الْإِنْسَانِ عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ أَنْ يَعْتَبِرَ بِمَا خَرَجَ مِنْهُ]
(فَائِدَةٌ) يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ أَنْ يَعْتَبِرَ بِمَا خَرَجَ مِنْهُ كَيْفَ صَارَ حَالُهُ فَإِنَّهُ كَانَ طَيِّبًا يُغَالِي فِيهِ وَيُزَاحِمُ عَلَيْهِ مَنْ يَشْتَرِي فَبِمُجَرَّدِ مُخَالَطَتِهِ لِلْآدَمِيِّ تَقَذَّرَ وَصَارَ نَجِسًا يُهْرَبُ مِنْهُ وَيَعَافُهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُخَالِطُهُ الْآدَمِيُّ مِنْ الثِّيَابِ النَّظِيفَةِ وَالرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ عَنْ قَلِيلٍ يَتَقَذَّرُ وَيُعَافَ وَيَتَنَبَّهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ يَحْذَرُ مِنْ مُخَالَطَةِ مَنْ لَا يَنْفَعُهُ فِي دِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ عَلَيْهِ آثَارُ الْخُلْطَةِ وَلِأَنَّهُ إذَا خَالَطَهُ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُغَيِّرَ أَحَدًا مِنْهُمْ بِسَبَبِ خُلْطَتِهِ كَمَا يُغَيِّرُ كُلُّ مَا خَالَطَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَيَتَنَبَّهُ أَيْضًا إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَرْجِعَ هُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا دُفِنَ أَكَلَهُ الدُّودُ ثُمَّ يَرْمِيهِ مِنْ جَوْفِهِ قَذِرًا مُنْتِنًا، إلَّا أَنَّ ثَمَّ قَوْمًا لَا يَأْكُلُهُمْ الدُّودُ وَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالْعُلَمَاءُ وَالشُّهَدَاءُ وَالْمُؤَذِّنُونَ الْمُحْتَسِبُونَ، فَالدَّرَجَةُ الْأُولَى لَا سَبِيلَ إلَيْهَا فَيُجْتَهَدُ فِي تَحْصِيلِ إحْدَى الدَّرَجَاتِ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ وَانْظُرْ الْمَدْخَلَ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
ص (وَنُدِبَ جَمْعُ مَاءٍ وَحَجَرٍ ثُمَّ مَاءٍ) ش هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي بَابِ مَنْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ مَا نَصُّهُ، نَقَلَ ابْنُ التِّينِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ، وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ مَنَعَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ. انْتَهَى
قُلْت وَهَذَانِ النَّقْلَانِ غَرِيبَانِ وَالْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ مَنَعَ الِاسْتِجْمَارَ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ بَلْ لَا أَعْرِفُهُمَا فِي الْمَذْهَبِ لَكِنْ نَقَلَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الرِّسَالَةِ
وَمَنْ اسْتَجْمَرَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَلَا الِاسْتِجْمَارُ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ؛ لِأَنَّهُ طَعَامٌ كَمَا لَا تُزَالُ النَّجَاسَةُ بِالطَّعَامِ. انْتَهَى، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُزُولِيِّ أَنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضًا نَقَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَتَبَ قَبْلَ قَوْلِهِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: ضَادًا وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَلَعَلَّهُ فِي الْإِكْمَالِ وَلَكِنَّهُ قَوْلٌ غَرِيبٌ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: شَذَّ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فَمَنَعَ الِاسْتِنْجَاءَ بِعَذْبِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ طَعَامٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ مَنْعُهُ بِطَعَامٍ لِأَجْلٍ. انْتَهَى، ثُمَّ وَقَفْت عَلَى كَلَامِهِ فِي الْإِكْمَالِ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ مُسْتَحَبٌّ فَإِنْ لَمْ يَجْمَعْ وَلَا بُدَّ فَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَحْجَارِ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَحْجَارِ وَحْدَهَا مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لَأَجْزَأَهُ وَلَكِنَّهُ تَرَكَ الْأَفْضَلَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَبَقِيَ هُنَا فَرْعٌ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ الْحَجُّ يُزِيلُ الْحُكْمَ أَوْ لَا يُزِيلُ الْحُكْمَ؟ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالِاسْتِنْجَاءُ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالِاسْتِنْجَاءُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ لَهُ كَيْفَ تَقُولُ: إنَّ النَّجَاسَةَ لَا تُزَالُ إلَّا بِالْمَاءِ؟ ، وَحُكْمُ النَّجَاسَةِ الَّتِي عَلَى الْمَخْرَجَيْنِ تُزَالُ بِالْحَجَرِ أَنَّ الْحَجَرَ يُزِيلُ الْحُكْمَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَظَاهِرُ قَوْلِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّهُ لَا يُزِيلُ الْحُكْمَ وَنَصُّهُ فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ وَلِأَنَّ الْمَحِلَّ بَعْدَ مَسْحِهِ بِالْأَحْجَارِ نَجِسٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ غُسِلَ نَجِسَتْ غُسَالَتُهُ أَوْ لَا أَثَرَ لِلْحِجَارَةِ فِي تَطْهِيرِهِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ التَّخْفِيفُ فَقَطْ. انْتَهَى، فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ص (وَتَعَيَّنَ فِي مَنِيٍّ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ)
ش: فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَتَعَيَّنُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَصَى وَالدُّودِ وَالدَّمِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ: وَيُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ فِي النَّادِرِ كَالْحَصَى وَالدَّمِ وَالدُّودِ كَمَا فِي الْغَائِطِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِآكِدٍ مِنْهُ. انْتَهَى، وَقَالَ فِي الطِّرَازِ فَأَمَّا الْحَصَى وَالدُّودُ يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ بِلَّةٍ فَقَالَ الْبَاجِيُّ أَنَّهُ لَا يَسْتَنْجِي مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ كَالرِّيحِ وَاَلَّذِي قَالَهُ صَحِيحٌ أَنَّهُ لَا يَسْتَنْجِي مِنْهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ إنَّمَا شُرِعَ لِإِزَالَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ بِلَّةٌ فَمَاذَا يُزَالُ فَإِنْ تَخَيَّلَ فِيهِ أَدْنَى بِلَّةٍ فَذَلِكَ مِمَّا يُعْفَى عَنْ قَذِرِهِ وَكَأَثَرِ الِاسْتِجْمَارِ وَأَمَّا إذَا خَرَجَ بِبِلَّةٍ طَاهِرَةٍ فَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ لِمَكَانِ الْبِلَّةِ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ الِاسْتِجْمَارُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ مَا يُتَجَمَّرُ مِنْهُ بِخِلَافِ الدَّمِ انْتَهَى فَمَا ذَكَرَهُ فِي الدَّمِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَالْمَنِيُّ بِالْمَاءِ إنْ عُنِيَ بِهِ مَنِيُّ الصِّحَّةِ غَيْرَ مَنِيِّ صَاحِبِ السَّلَسِ فَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ غُسْلَ جَمِيعِ الْجَسَدِ وَإِنْ عُنِيَ بِهِ مَنِيُّ الْمَرَضِ كَمَنِيِّ صَاحِبِ السَّلَسِ فَلِمَ لَا يَكُونُ كَالْبَوْلِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْوُضُوءِ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ لِمَرَضٍ أَوْ لِعَدَمِ الْمَاءِ وَمَعَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ فَقَطْ. انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ
قُلْت وَكَذَا مَنْ خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَكَذَا مَنْ جَامَعَ أَوْ خَرَجَ مِنْهُ بَعْضُ الْمَنِيِّ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ بَقِيَّةُ الْمَنِيِّ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ص (وَبَوْلِ امْرَأَةٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّ بَوْلَ الْمَرْأَةِ يَتَعَيَّنُ فِي غُسْلِهِ الْمَاءُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إلَى أَنَّ الْبَوْلَ مِنْ الْمَرْأَةِ لَا بُدَّ فِيهِ أَيْضًا مِنْ الْمَاءِ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِجْمَارِ فِي حَقِّهَا وَكَذَلِكَ قَالَ سَنَدٌ: إنَّ الْمَرْأَةَ وَالْخَصِيَّ لَا يَكْفِيهِمَا الْأَحْجَارُ فِي الْبَوْلِ وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. انْتَهَى، وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي الذَّخِيرَةِ نَاقِلًا عَنْ سَنَدٍ: الْمَرْأَةُ لَا يُجْزِيهَا الْمَسْحُ بِالْحَجَرِ مِنْ الْبَوْلِ لِتَعَدِّيهِ مَخْرَجَهُ إلَى جِهَةِ الْمَقْعَدَةِ وَكَذَلِكَ الْخَصِيُّ. انْتَهَى، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْقَرَافِيِّ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ وَالْقَرَافِيِّ نَاقِلٌ لَهُ عَنْ سَنَدٍ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَذَكَرَهُ سَنَدٌ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ: هَذَا وُضُوءُ النِّسَاءِ، فَقَالَ: يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ