الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فُنُونٍ مُخْتَلِفَةٍ وَتَفَقَّهَ بِأَبِي جَعْفَرِ بْنِ مَرْزُوقٍ وَنَظَائِرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ بَلَدِهِ وَوُلِّيَ قَضَاءَ الْجَمَاعَةِ بِقُرْطُبَةَ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَ وَخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ اسْتَعْفَى مِنْهُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَكَانَ صَاحِبَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ وَإِلَيْهِ كَانَتْ الرِّحْلَةُ لِلتَّفَقُّهِ مِنْ أَقْطَارِ الْأَنْدَلُسِ وَأَخَذَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَكَانَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ يَصُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ مَاتَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ حَادِي عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ عِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْعَبَّاسِ وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ أَبُو الْقَاسِمِ وَكَانَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ جَمِيلًا وَالتَّفَجُّعُ عَلَيْهِ جَلِيلًا وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
(والْمَازِرِيُّ) هُوَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ الْمَازِرِيُّ يُعْرَفُ بِالْإِمَامِ أَصْلُهُ مِنْ مَازِرَ بِفَتْحِ الزَّاي وَكَسْرِهَا مَدِينَةٌ فِي جَزِيرَةِ صِقِلِّيَّةِ نَزَلَ الْمَهْدِيَّةَ أَمَامَ بِلَادِ إفْرِيقِيَّةَ وَمَا وَرَاءَهَا مِنْ الْمَغْرِبِ وَصَارَ الْإِمَامُ لَقَبًا لَهُ وَيُحْكَى أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقٌّ مَا يَدْعُونَنِي، فَقَالَ لَهُ: وَسَّعَ اللَّهُ صَدْرَك لِلْفُتْيَا وَكَانَ آخِرَ الْمُشْتَغِلِينَ بِإِفْرِيقِيَّةَ بِتَحْقِيقِ الْعِلْمِ وَرُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ وَدِقَّةِ النَّظَرِ أَخَذَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ السُّوسِيِّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الصَّائِغِ وَغَيْرِهِمَا وَكَانَ يُفْزَعُ إلَيْهِ فِي الْفَتْوَى فِي الطِّبِّ كَمَا يُفْزَعُ إلَيْهِ فِي الْفَتْوَى فِي الْفِقْهِ وَيُحْكَى أَنَّ سَبَبَ اشْتِغَالِهِ بِالطِّبِّ أَنَّهُ مَرِضَ فَكَانَ يُطَبِّبُهُ يَهُودِيٌّ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: يَا سَيِّدِي مِثْلِي يُطَبِّبُ مِثْلَكُمْ وَأَيُّ قُرْبَةٍ أَجِدُهَا أَتَقَرَّبُ بِهَا فِي دِينِي مِثْلَ أَنْ أُفْقِدَكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ فَمِنْ حِينَئِذٍ اشْتَغَلَ بِالطِّبِّ وَشَرَحَ التَّلْقِينَ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَشَرَحَ كِتَابَ مُسْلِمٍ وَشَرَحَ الْبُرْهَانِ لِأَبِي الْمَعَالِي وَأَلَّفَ غَيْرَ ذَلِكَ وَمِمَّنْ أَخَذَ عَنْهُ بِالْإِجَازَةِ الْقَاضِي عِيَاضٌ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِينَ وَلَيْسَ هُوَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ الْمُسَمَّى بِالْمِهَادِ بَلْ ذَلِكَ إسْكَنْدَرَانِيٌّ وَهَذِهِ التَّرَاجِمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ إلَّا قَلِيلًا وَعَرَّفَ عِيَاضٌ بِالْأَوَّلِينَ فِي الْمَدَارِكِ وَبِالْأَخِيرِينَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي ذِكْرِ مَشَايِخِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَحَيْثُ قُلْت خِلَافٌ فَذَلِكَ لِلِاخْتِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالًا فَذَلِكَ لِعَدَمِ اطِّلَاعِي فِي الْفَرْعِ عَلَى أَرْجَحِيَّةٍ مَنْصُوصَةٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الشُّيُوخَ إذَا اخْتَلَفُوا فِي تَشْهِيرِ الْأَقْوَالِ يُرِيدُ وَتَسَاوَى الْمُشَهِّرُونَ فِي الرُّتْبَةِ فَإِنَّهُ يُذْكَرُ الْقَوْلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالَ الْمَشْهُورَةَ وَيَأْتِي بَعْدَهَا بِلَفْظَةِ خِلَافِ إشَارَةً إلَى ذَلِكَ وَسَوَاءٌ اخْتِلَافُهُمْ فِي التَّرْجِيحِ بِلَفْظِ التَّشْهِيرِ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِمْ: الْمَذْهَبُ كَذَا أَوْ الظَّاهِرُ أَوْ الرَّاجِحُ أَوْ الْمُفْتَى بِهِ كَذَا أَوْ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْمُشَهِّرُونَ فِي الرُّتْبَةِ فَإِنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا شَهَّرَهُ أَعْلَمُهُمْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ اسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِ قَبْلُ وَوُجِدَ بِخَطِّهِ فِي حَاشِيَتِهِ قَالَ ابْنُ الْفُرَاتِ فِي شَرْحِهِ: فَابْنُ رُشْدٍ تَشْهِيرُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى تَشْهِيرِ ابْنِ بَزِيزَةَ وَابْنُ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ مُتَسَاوُونَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ فِي الْفَرْعِ عَلَى أَرْجَحِيَّةٍ مَنْصُوصَةٍ لِغَيْرِهِ مِنْ تَشْهِيرٍ أَوْ تَصْوِيبٍ أَوْ اخْتِيَارٍ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ ضَعِيفًا جِدًّا فَيَتْرُكُهُ وَيَذْكُرُ مَا سِوَاهُ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُتَسَاوِيَةِ هَذَا هُوَ الْأَكْثَرُ فِي كَلَامِهِ وَقَدْ يَقَعُ فِيهِ شَيْءٌ عَلَى خِلَافِ مَا ذُكِرَ وَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَعَلَى تَرْجِيحِ بَعْضِ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: مَنْصُوصَةً مِمَّا إذَا ظَهَرَ لَهُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مَنْصُوصًا فَإِنَّهُ لَا يُرَجِّحُ مَا ظَهَرَ لَهُ تَوَرُّعًا مِنْهُ رحمه الله لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِمَا رَجَّحَهُ غَيْرُهُ وَلِضِيقِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ عَنْ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِهِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ التَّوْضِيحِ فَإِنَّهُ يُشِيرُ فِيهِ إلَى مَا ظَهَرَ لَهُ بِالْخَاءِ.
[تَنْبِيهٌ هَلْ يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ أَنْ يُقَلِّدَ]
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَبِحَمْلِ الْمُسْتَفْتِي عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُتَسَاوِيَةِ جَرَى الْعَمَلُ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ فِي بَابِ صَلَاةِ السَّفَرِ فَقَالَ وَإِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ فُقَهَاءُ كَثِيرٌ كُلٌّ يَرَى غَيْرَ رَأْيِ صَاحِبِهِ وَكُلُّهُمْ أَهْلٌ لِلْفَتْوَى جَازَ لِلْعَامِّيِّ أَنْ يُقَلِّدَ أَيُّهُمْ أَحَبَّ وَإِنْ كَانَ عَالِمٌ وَاحِدٌ فَتَرَجَّحَتْ عِنْدَهُ الْأَقْوَالُ جَرَتْ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا
أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ الْمُسْتَفْتِي عَلَى أَيِّهِمَا أَحَبَّ. وَالثَّانِي أَنَّهُ فِي ذَلِكَ كَالنَّاقِلِ يُخْبِرُهُ بِالْقَائِلِينَ وَهُوَ يُقَلِّدُ أَيُّهُمْ أَحَبَّ كَمَا لَوْ كَانُوا أَحْيَاءَ انْتَهَى. وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَهْلٌ لِلتَّرْجِيحِ وَإِلَّا فَلْيُرَجِّحْ أَحَدَ الْأَقْوَالِ وَذَكَرَ الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ التَّرْجِيحِ وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِلتَّرْجِيحِ إذَا وَجَدَ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ فِي التَّرْجِيحِ فَلْيُفَزِّعْ إلَى صِفَاتِهِمْ الْمُوجِبَةِ بِزِيَادَةِ الثِّقَةِ بِآرَائِهِمْ فَالْأَعْلَمُ الْوَرِعُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَوْرَعِ الْعَالِمِ وَكَذَا إذَا لَمْ يَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ اعْتَبَرَ صِفَةَ الْقَائِلِينَ أَوْ النَّاقِلِينَ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِي أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَمُقَلِّدِيهِمْ وَذَكَرَ ابْنُ الْفُرَاتِ أَنَّ عَمَلَ الشُّيُوخِ جَرَى عَلَى أَنَّ الْمُفْتِيَ يَحْكِي الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالَ وَكَذَا ذَكَرَ الْجُزُولِيُّ فِي آخِرِ شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ أَنَّهُ جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُسْتَفْتِينَ، وَمَنْ لَدَيْهِ مِنْهُمْ مَعْرِفَةٌ، وَمَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَاعْتَبَرَ مِنْ الْمَفَاهِيمِ مَفْهُومَ الشَّرْطِ فَقَطْ)
ش: الْمَفَاهِيمُ جَمْعُ مَفْهُومٍ وَالْمَفْهُومُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ لَا فِي مَحِلِّ النُّطْقِ أَيْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ بِمَنْطُوقِهِ وَهُوَ قِسْمَانِ: مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَمَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ، (فَمَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ) أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمَفْهُومِ مُوَافِقًا لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ وَهُوَ قِسْمَانِ فَحْوَى الْخِطَابِ وَلَحْنُ الْخِطَابِ (فَفَحْوَى الْخِطَابِ) أَنْ يَكُونَ الْمَفْهُومُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنْ الْمَنْطُوقِ كَتَحْرِيمِ ضَرْبِ الْوَالِدَيْنِ الدَّالِ عَلَيْهِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23] فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ الْمَنْطُوقِ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ أَشَدَّ مِنْهُ فِي الْإِذَايَةِ وَالْعُقُوقِ (وَلَحْنُ الْخِطَابِ) أَنْ يَكُونَ الْمَفْهُومُ مُسَاوِيًا لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ كَتَحْرِيمِ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ الدَّالِ عَلَيْهِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا فَإِنَّ الْإِحْرَاقَ مُسَاوٍ لِلْأَكْلِ فِي إتْلَافِهِ عَلَى الْيَتِيمِ (وَمَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ) أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمَفْهُومِ مُخَالِفًا لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ وَهُوَ عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ كَمَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ: مَفْهُومُ الصِّفَةِ نَحْوَ «فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ» وَمَفْهُومُ الْعِلَّةِ نَحْوَ «أَعْطِ السَّائِلَ لِلْحَاجَةِ» وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ نَحْوَ مَنْ تَطَهَّرَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَمَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ نَحْوَ قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا وَمَفْهُومُ الْغَايَةِ نَحْوَ {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وَمَفْهُومُ الْحَصْرِ نَحْوَ {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} [طه: 98] وَمَفْهُومُ الزَّمَانِ نَحْوَ سَافَرْت يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَفْهُومُ الْمَكَانِ نَحْوَ جَلَسْت أَمَامَ زَيْدٍ وَمَفْهُومُ الْعَدَدِ نَحْوَ {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ عَلَى مُجَرَّدِ أَسْمَاءِ الذَّوَاتِ نَحْوَ «فِي الْغَنَمِ الزَّكَاةُ» وَهِيَ حُجَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَّا مَفْهُومُ اللَّقَبِ فَقَالَ بِهِ الدَّقَّاقُ وَابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ وَجَمَعَهَا ابْنُ غَازِيٍّ رحمه الله فِي بَيْتٍ فَقَالَ
صِفْ وَاشْتَرِطْ عَلِّلْ وَلَقِّبْ ثَنِّيَا
…
وَعُدَّ ظَرْفَيْنِ وَحَصْرًا أَغْيَا
وَقَوْلُهُ: ثَنِّيَا، يَعْنِي بِهِ الِاسْتِثْنَاءَ، وَقَوْلُهُ: أَغْيَا، أَيْ غَايَةً قَالَ: وَإِنَّمَا خَصَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَاهَا، إذْ يَقُولُ بِهِ بَعْضُ مَنْ لَا يَقُولُ بِغَيْرِهِ إلَّا الْغَايَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِهِ بَعْضُ مَنْ لَا يَقُولُ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ اخْتِصَارٌ فَلِذَلِكَ تَرَكَهُ انْتَهَى.
بَلْ جَعَلَ بَعْضُهُمْ الْغَايَةَ مِنْ الْمَنْطُوقِ وَفِي رُتْبَةِ الْغَايَةِ مَفْهُومُ الْحَصْرِ وَقِيلَ فِيهِ: إنَّهُ مَنْطُوقٌ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَهُ كَقَوْلِهِ فِي بَابِ الْحَجْرِ: وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ إذْ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ أَحْرَى فَعَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِّ أَوْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ فَلَا إشْكَالَ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ مِنْ الْمَفْهُومَاتِ فَهُوَ أَحْرَى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ فَكَأَنَّهُ اعْتَبَرَهُ فِي نَفْسِ مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ، انْتَهَى. يَعْنِي فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: إذَا اعْتَبَرْت مَفْهُومَ الشَّرْطِ فَأَحْرَى مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ فِي مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ يُقَالُ فِي مَفْهُومِ الْغَايَةِ وَالْحَصْرِ: إنَّهُمَا مُعْتَبَرَانِ؛ لِأَنَّهُمَا أَعْلَى مَنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِالشَّرْطِ قَالَ بِهِمَا وَالْخِلَافُ فِيهِمَا أَضْعَفُ مِنْ الْخِلَافِ فِي غَيْرِهِمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ اُعْتُبِرَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ