الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَجْمُوعَةِ مَعَ الْمُخْتَصَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُرْمَةَ لِلْمُصَلِّينَ أَوْ لِلْقِبْلَةِ.
فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْجَوَازُ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ وَلَا مِرْحَاضٌ وَكَانَ ذَلِكَ بِالْمَنْزِلِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ عِيَاضٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ لِلْمُتَقَدِّمِينَ الْجَوَازُ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَإِنَّهُ قَالَ: الْمَوْضِعُ إنْ كَانَ لَا مَرَاحِيضَ وَلَا سَاتِرَ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الِاسْتِقْبَالُ وَلَا الِاسْتِدْبَارُ أَوْ يَكُونُ فِيهِ مَرَاحِيضُ وَسَاتِرٌ فَيَجْلِسُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْمَرَاحِيضُ أَوْ يَكُونُ سَاتِرٌ وَلَا مَرَاحِيضَ فَفِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ الْعِلَّةُ حُرْمَةُ الْمُصَلِّينَ فَيَجُوزُ بِالسَّاتِرِ أَوْ حُرْمَةُ الْقِبْلَةِ فَلَا يَجُوزُ أَصْلًا؟ انْتَهَى، وَإِطْلَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَارٍ عَلَى إطْلَاقِ عِيَاضٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَهَلْ يَجُوزُ فِي مَوْضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ مِنْ الْمَدَائِنِ؟ ظَاهِرُ الْكِتَابِ يَحْتَمِلُهُ وَقَدْ مَنَعَهُ مَالِكٌ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ انْتَهَى فَجُعِلَ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مُخَالِفًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ سَطْحٌ لَا مِرْحَاضَ فِيهِ وَلَا سَاتِرَ كَالْفَضَاءِ الَّذِي فِي الْمَدَائِنِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا لِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ إذَا كَانَ فِي الصَّحَارِي، وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فِي الْمَدَائِنِ فَأَجَازَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ذَلِكَ فِي الصَّحَارِي وَالسُّطُوحِ الَّتِي يَقْدِرُ فِيهَا عَلَى الِانْحِرَافِ وَأَمَّا الْمَرَاحِيضُ الَّتِي عُمِلَتْ عَلَى ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ، ثُمَّ قَالَ: وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِ الْحَدِيثِ فَقَالَ مَنْ نَصَرَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ: إنَّ ذَلِكَ لِحَقِّ مَنْ يُصَلِّي فِي الصَّحَارِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ إلَيْهِمْ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَقِيلَ: ذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْقِبْلَةِ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الصَّحَارِي وَالْمُدُنُ وَهُوَ أَحْسَنُ ثُمَّ احْتَجَّ لِذَلِكَ وَنَصَرَهُ وَقَدْ بَنَى الْمَازِرِيُّ فِي الْمُعَلِّمِ الْخِلَافَ فِي جَوَازِهِ فِي الشَّوَارِعِ الَّتِي فِي الْمُدُنِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ هَلْ هِيَ لِحُرْمَةِ الْمُصَلِّينَ فَيَجُوزُ أَوْ لِلْقِبْلَةِ فَلَا يَجُوزُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[تَنْبِيهَاتٌ جَمْعِ الْوَطْءَ مَعَ الْبَوْلِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ]
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) فِي جَمْعِ الْمُصَنِّفِ الْوَطْءَ مَعَ الْبَوْلِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ اخْتَارَ تَأْوِيلَ أَبِي سَعِيدٍ الْبَرَادِعِيِّ وَغَيْرِهِ لِلْمُدَوَّنَةِ عَلَى مُسَاوَاةِ حُكْمِهِمَا وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَجَازَ الْوَطْءَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَمُسْتَدْبِرَهَا فِي الْمُدُنِ وَالصَّحَارِي وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ
(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أَنَّ الْمِرْحَاضَ بِذَاتِهِ كَافٍ وَلَا يُشْتَرَطُ الِاضْطِرَارُ إلَيْهِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ وَسَنَدٌ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا إلَّا لِمِرْحَاضٍ يُلْجَأُ إلَيْهِ وَأَرَادَ بِيَلْجَأُ إلَيْهِ أَنَّهُ يُضْطَرُّ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ قَضَاءُ الْحَاجَةِ إلَّا مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا وَأَمَّا لَوْ تَأَتَّى فِيهِ الِانْحِرَافُ لَكَانَ كَالصَّحْرَاءِ.
[آدَاب الْجِمَاع]
(الثَّالِثُ) يَنْبَغِي لِلْمُجَامِعِ أَنْ يَسْتَتِرَ هُوَ وَأَهْلُهُ بِثَوْبٍ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِهَا قَالَ فِي الْمَدْخَلِ فِي فَصْلِ اجْتِمَاعِ الرَّجُلِ بِأَهْلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجَامِعَهَا وَهُمَا مَكْشُوفَانِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ يَسْتُرُهُمَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَعَابَهُ وَقَالَ فِيهِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْعُرْبَانِ وَقَدْ كَانَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه يُغَطِّي رَأْسَهُ إذْ ذَاكَ حَيَاءً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ فِي بَرِّيَّةٍ أَوْ عَلَى سَطْحٍ فَلَا يُجَامِعُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَلَا مُسْتَدْبِرَهَا وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتٍ فَيُخْتَلَفُ فِيهِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ. انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَطْءَ عَلَى السَّطْحِ لَا يَجُوزُ كَالْبَرِّيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْخِلَافَ فِي السَّطْحِ كَمَا تَقَدَّمَ بَلْ نَقَلَ هُوَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى آدَابِ قَاضِي الْحَاجَةِ فَقَالَ: السَّادِسَةُ أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، السَّابِعَةُ أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَهَا إلَّا فِي الْمَنَازِلِ الْمَبْنِيَّةِ فَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِقْبَالِ أَوْ الِاسْتِدْبَارِ مَا لَمْ يَكُنْ سَطْحٌ فَأُجِيزَ وَكُرِهَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي التَّعْلِيلِ هَلْ النَّهْيُ احْتِرَامًا لِلْقِبْلَةِ فَيُكْرَهُ أَوْ إكْرَامًا لِلْمَلَائِكَةِ فَيَجُوزُ؟ وَكَذَلِكَ الْجِمَاعُ إنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ فَيَجُوزُ وَإِنْ كَانَ فِي السَّطْحِ فَيُخْتَلَفُ فِيهِ عَلَى مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ انْتَهَى
ص (لَا فِي الْفَضَاءِ)
ش: أَيْ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَعْنِي الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ وَالْوَطْءَ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ الْكَرَاهَةُ لَكِنْ قَالَ ابْنُ نَاجِي الْكَرَاهَةُ عَلَى التَّحْرِيمِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا مُسْتَدِلًّا بِرِوَايَةِ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنِ رُشْدٍ لَا يَجُوزُ وَبِرِوَايَةِ الْمَازِرِيِّ الْمَنْعُ وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ قَالَ: وَأَصْرَحُ مِنْهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ حَرَامٌ فِي الْفَلَوَاتِ. انْتَهَى
وَبَعْضُ شُيُوخِهِ هُوَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَفْظُهُ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ لَا يَسْتَقْبِلُ وَلَا يَسْتَدْبِرُ بِفَلَاةٍ عَلَى النَّهْيِ وَرِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ رُشْدٍ لَا يَجُوزُ وَرِوَايَةُ الْمَازِرِيِّ الْمَنْعُ فَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ وَبِهِ يُفَسَّرُ قَوْلُهَا كُرِهَ.
ص (وَبِسَتْرٍ قَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا)
ش: ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ الْجَوَازُ مَعَ السَّاتِرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ نَاجِي أَنَّ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ مَعَ السَّاتِرِ جَارِيَانِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي فَضَاءٍ أَوْ مَنْزِلٍ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْمُخْتَارُ التَّرْكُ فَإِنَّهُ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ كَلَامَهُ مُطْلَقٌ فَتَأَمَّلْهُ نَعَمْ ذِكْرُ الْمُصَنِّفِ لَهُ هُنَا قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ قَالَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْفَضَاءِ فَقَطْ إذَا كَانَ فِيهِ سَاتِرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي اخْتَارَهُ تَجَنُّبَ اسْتِقْبَالِهَا وَاسْتِدْبَارِهَا فِي الْفَضَاءِ وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ وَأَطَالَ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ وَمِنْ مُسْنَدِ الْبَزَّارِ قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَلَسَ يَبُولُ قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ فَذَكَرَ فَتَحَرَّفَ عَنْهَا إجْلَالًا لَهَا لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى يُغْفَرَ» لَهُ فَتَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ فِي الصَّحَارِي وَالْفَيَافِي إذَا لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ بِلَا خِلَافٍ وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْمِرْحَاضِ إذَا كَانَ سَاتِرٌ بِلَا خِلَافٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْمِرْحَاضِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَاتِرٌ وَفِي الْفَضَاءِ وَالسُّطُوحِ بِسَاتِرٍ أَوْ بِغَيْرِ سَاتِرٍ وَفِي الْفَضَاءِ بَيْنَ الشَّوَارِعِ فِي الْمُدُنِ وَفِي الْفَيَافِي وَالصَّحَارِي إذَا كَانَ سَاتِرٌ عَلَى قَوْلَيْنِ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ وَالْجَوَازُ أَرْجَحُ فِي الْجَمِيعِ، وَأَمَّا الْوَطْءُ فَيَحْرُمُ فِي الْفَيَافِي وَالصَّحَارِي مِنْ غَيْرِ سَاتِرٍ وَيَجُوزُ فِي الْمَنْزِلِ إذَا كَانَ سَاتِرٌ وَيُخْتَلَفُ فِيهِ فِي السُّطُوحِ مِنْ غَيْرِ سَاتِرٍ وَفِي الْفَيَافِي بِسَاتِرٍ وَالْجَوَازُ أَرْجَحُ.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) يَنْبَغِي لِلشَّخْصِ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ مُطْلَقًا إلَّا لِضَرُورَةٍ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ.
(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَمْ أَقِفْ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى نَصٍّ فِي مِقْدَارِ السُّتْرَةِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: نَاقِلًا عَنْ مَذْهَبِهِمْ هِيَ قَدْرُ مُؤَخَّرَةِ الرَّحْلِ وَهُوَ ثُلُثَا ذِرَاعٍ وَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَمَا دُونَهَا فَإِنْ زَادَ فَهُوَ حَرَامٌ كَالصَّحْرَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ جَارٍ عَلَى مَذْهَبِنَا أَخْذًا مِنْ السُّتْرَةِ. انْتَهَى، وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ أَيْضًا عَنْ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِم ثُمَّ حَكَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا أَرْخَى ذَيْلَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ كَفَى قَالَ الْأَبِيُّ: وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلَّخْمِيِّ أَنَّهُ إنَّمَا يَكْفِي عَلَى التَّعْلِيلِ بِحُرْمَةِ الْمُصَلِّينَ. انْتَهَى
قُلْت لَمَّا ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ فِي الْخِلَافِ فِي التَّعْلِيلِ وَانْتَصَرَ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ لِحُرْمَةِ الْقِبْلَةِ أَلْزَمَ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ أَرْخَى ذَيْلَهُ أَنْ يَبُولَ.
ص (لَا الْقَمَرَيْنِ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ هَارُونَ: إنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَنَا اسْتِقْبَالُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لِعَدَمِ وُرُودِ النَّهْيِ، وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ فِي آدَابِ الِاسْتِنْجَاءِ: أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فَإِنَّهُ وَرَدَ أَنَّهُمَا يَلْعَنَانِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ فِي الْمَذْهَبِ فَإِنَّهُ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ عُلَمَاؤُنَا آدَابَ التَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ. انْتَهَى
(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي الْقَمَرَيْنِ إنَّمَا هُوَ اسْتِقْبَالُهُمَا لَا اسْتِدْبَارُهُمَا وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الدَّمِيرِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَعَدَّ ابْنُ مُعَلَّى فِي مَنْسَكِهِ فِي الْآدَابِ أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الشَّمْسَ وَلَا يَسْتَدْبِرَهَا. انْتَهَى، وَقَالَ الْمَوَّاقُ الْجُزُولِيُّ فِي آدَابِ الْأَحْدَاثِ: أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الشَّمْسَ وَلَا الْقَمَرَ وَلَا يَسْتَدْبِرَهُمَا. ابْنُ هَارُونَ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ. انْتَهَى.
ص (وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ)
ش: هَكَذَا قَالَ سَنَدٌ: إنَّهُ لَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قِبْلَةً انْتَهَى وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ
ص (وَوَجَبَ
اسْتِبْرَاءٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ)
ش: (الِاسْتِبْرَاءُ) فِي اللُّغَةِ طَلَبُ الْبَرَاءَةِ كَالِاسْتِسْقَاءِ طَلَبُ السَّقْيِ وَالِاسْتِفْهَامُ طَلَبُ الْفَهْمِ فَإِنَّ الِاسْتِفْعَالَ أَصْلُهُ الطَّلَبُ، وَفِي عُرْفِ الشَّرْعِ فِي الطَّهَارَةِ هُوَ طَلَبُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَدَثِ وَذَلِكَ بِاسْتِفْرَاغِ مَا فِي الْمَخْرَجَيْنِ مِنْ الْأَخْبَثَيْنِ وَهُمَا الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَهُوَ وَاجِبٌ قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَهُوَ وَالِاسْتِبْرَاءُ وَاجِبٌ مُسْتَحَقٌّ وَهُوَ اسْتِفْرَاغُ مَا فِي الْمَخْرَجَيْنِ مِنْ الْأَذَى انْتَهَى وَقَالَ فِي الطِّرَازِ وَيَجِبُ عَلَى مَنْ بَالَ وَتَغَوَّطَ أَنْ يَسْتَبْرِئَ نَفْسَهُ وَيَسْتَنْثِرَ وَعَدَّهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ مِنْ سُنَنِ الِاسْتِنْجَاءِ فَقَالَ الْقِبَابُ فِي شَرْحِهِ لَا أَدْرِي لِمَ أَدْخَلَ الِاسْتِبْرَاءَ فِي بَابِ السُّنَنِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى وُجُوبِهِ إلَّا أَنْ يُتَأَوَّلَ أَنَّهُ أَرَادَ هَاهُنَا السُّنَّةَ بِمَعْنَى الطَّرِيقَةِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ أَوْ تَكُونُ السُّنَّةُ كَوْنَهُ بِالسُّلْتِ وَالنَّتْرِ؛ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِلتَّخَلُّصِ. انْتَهَى
قُلْت قَوْلُهُ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى وُجُوبِهِ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ غَيْرُ وَاجِبٍ وَدَلِيلُنَا حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ فِي صَاحِبِ الْقَبْرِ وَقَوْلُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِيهِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ.
ص (مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ وَنَتْرٍ خَفَا)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِفْرَاغُ مَا فِي الْمَخْرَجَيْنِ مَعَ سَلْتِ الذَّكَرِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ وَيَمُرُّهُمَا مِنْ أَصْلِهِ إلَى الْكَمَرَةِ وَنَتَرَهُ أَيْ جَذَبَهُ سَلْتًا وَنَتْرًا خَفِيفَيْنِ وَالنَّتْرُ بِالتَّاءِ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ قَالَ الشَّارِحُ رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ مُسْنَدًا: إنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ: «إذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثًا وَيَجْعَلُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ فَيُمِرُّهُمَا مِنْ أَصْلِهِ إلَى كَمَرَتِهِ» انْتَهَى، وَذَكَرَهُ فِي الطِّرَازِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: النَّتْرُ جَذْبٌ فِيهِ قُوَّةٌ وَجَفْوَةٌ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّ أَحَدَكُمْ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ فَيُقَالُ: إنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَنْثِرُ عِنْدَ بَوْلِهِ.» الِاسْتِنْتَارُ الِاسْتِفْعَالُ مِنْ النَّتْرِ يُرِيدُ بِهِ الْحِرْصَ عَلَيْهِ وَالِاهْتِمَامَ بِهِ وَهُوَ بَعْثٌ عَلَى التَّطْهِيرِ بِالِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْبَوْلِ انْتَهَى وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ: النَّتْرُ الْجَذْبُ بِجَفَاءٍ، نَتَرَهُ يَنْتُرُهُ فَانْتَتَرَ، وَاسْتَنْتَرَ الرَّجُلُ مِنْ بَوْلِهِ اجْتَذَبَهُ وَاسْتَخْرَجَ بَقِيَّتَهُ مِنْ الذَّكَرِ. قَالَ اللَّيْثُ النَّتْرُ الْجَذْبُ فِيهِ جَفْوَةٌ. انْتَهَى، وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ وَالنَّتْرُ الْجَذْبُ بِجَفْوَةٍ وَمِنْهُ:«إذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» انْتَهَى، وَكُلُّهُمْ ذَكَرُوهُ فِي مَادَّةِ نَتَرَ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ ثُمَّ ذَكَرُوا بَعْدَهُ مَادَّةَ نَثَرَ بِالْمُثَلَّثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي التَّلْقِينِ وَلَيْسَ عَلَى مَنْ بَالَ أَنْ يَقُومَ وَيَقْعُدَ أَوْ يَزِيدَ فِي التَّنَحْنُحِ وَلَكِنْ يَنْتُرُ وَيَسْتَفْرِغُ جَهْدَهُ عَلَى مَا يَرَى أَنَّ يَقْتَضِيهِ مِنْ إطَالَةٍ أَوْ إقْصَارٍ قَالَ فِي شَرْحِ غَرِيبِهِ يَنْتُرُ وَيَجْذِبُ، قَالَ اللَّيْثُ: النَّتْرُ جَذْبٌ فِيهِ قُوَّةٌ وَيُرِيدُ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ كَذَا وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ» أَيْ يَجْذِبُهُ انْتَهَى، وَقَوْلُهُ يُرِيدُ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ كَذَا كَأَنَّهُ يُشِيرُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إلَى أَنَّ النَّتْرَ مَعْنَاهُ فِي الْأَصْلِ الْجَذْبُ بِقُوَّةٍ وَلَكِنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ إنَّمَا هُوَ النَّتْرُ الْخَفِيفُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ السَّلْتَ وَالنَّتْرَ وَاجِبَانِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خِلَافَ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْقَبَّابِ السَّابِقِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ مِنْ الْمُخْتَصَرِ: وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي يَسْتَبْرِئُ مِنْ الْبَوْلِ أَنْ يَنْتَفِضَ وَيَتَنَحْنَحَ وَيَقُومَ وَيَقْعُدَ وَلَا يَمْشِيَ وَيَسْتَبْرِئَ ذَلِكَ بِأَيْسَرِهِ بِالنَّفْضِ وَالسَّلْتِ الْخَفِيفِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الَّذِي يُكْثِرُ السَّلْتَ وَيَقُومُ وَيَقْعُدُ: لَيْسَ ذَلِكَ بِصَوَابٍ. انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْجَلَّابُ الِاسْتِبْرَاءُ إخْرَاجُ مَا بِالْمَحِلَّيْنِ مِنْ أَذًى وَاجِبٌ مُسْتَحَقٌّ، وَرُوِيَ بِالنَّفْضِ وَالسَّلْتِ الْخَفِيفَيْنِ بِالْيُسْرَى. انْتَهَى، وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ لَا يَسْلِتُ ذَكَرَهُ إلَّا بِرِفْقٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْمَحِلَّ كَالضَّرْعِ طَالَمَا أَنْتَ تَسْلِتُهُ يُعْطِي فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِعَدَمِ التَّنَظُّفِ. انْتَهَى اللَّخْمِيُّ مِنْ عَادَتِهِ احْتِبَاسُهُ فَإِذَا قَامَ نَزَلَ مِنْهُ وَجَبَ أَنْ يَقُومَ ثُمَّ يَقْعُدَ فَإِنْ أَبَى نَقَضَ وُضُوءَهُ مَا نَزَلَ مِنْهُ بَعْدَهُ. مَالِكٌ رَبِيعَةُ أَسْرَعُ امْرِئٍ وُضُوءًا وَأَقَلُّهُ لُبْثًا فِي الْبَوْلِ وَابْنُ هُرْمُزَ يُطِيلُهُمَا وَيَقُولُ: مُبْتَلًى لَا تَقْتَدُوا بِي، وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ: يَتَفَقَّدُ نَفْسَهُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ فَيَعْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ فَرُبَّ شَخْصٍ