الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غلب على الظن كونه علة)؛ فإنه قد تقدم أن مطلق الظن لا يفيد، وأن الشرع إنما اعتبر- من الظنون- مراتب مخصوصة؛ بدليل إلغاء الظن في شهادة الفسقة، والصبيان، والكفار، وغير ذلك من الظنون، فلم قلتم: إن هذا الظن المخصوص مما اعتبره الشرع؟
(سؤال)
قال النقشواني: إن أراد أنه يلزم من المقارنة التأثير فممنوع
، حتى في المثال الذي ذكره، وإن أراد المعرف اندفعت النقوض التي ذكرها: من الجوهر مع العرض وغير ذلك؛ لحصول التعريف هنالك؛ إنه مهما حصل الشعور بأحد تلك الأمور، علم حصول الآخر.
(تنبيه)
قال سراج الدين على قوله: (لو لم يحصل ظن العلية لما أسند إلى علة، وهو باطل، أو أسند إلى غيره، وهو يقتضي الشعور بالغير).
قال: لقائل أن يقول: الإسناد إلى الغير يقتضي الشعور به جملة
، والمقدر عدم الشعور به تفصيلا، بل دليله ما سبق مرارا.
قلت: أما قوله: (الإسناد إلى الغير يقتضي الشعور به جملة) فممنوع، بل لابد في الإسناد إلى الوصف من الشعور بخصوصه، ولا يكفي الإجمال، وهو أن ثم وصفا ما.
وأما قوله: (بل الدليل ما سبق مرارا) فيريد أن غير هذا الوصف كان معدوما، والأصل بقاؤه على العدم.
وقال التبريزي: الذي يجب القطع به أن الطرد المحض ليس بحجة في نفسه- لا في نظرنا فحسب، كما صار إليه القاضي- لأمور:
أحدها: أن الحكم إنما يثبت لحكمة، والعلة ما تضمنت تلك الحكمة، فإذا جزمنا بخلو الطردي عن الحكمة، لزم الجزم بأنه ليس بعلة
ولا يرد عليه [الدورانات] والتجريبيات لأوجه:
أحدها: أن المستفاد منها الملازمة بواسطة الكثرة البالغة، ولو وجد مثله في الطرد لم ينكر قبول الظن بالملازمة.
الثاني: أن الجزم بانتفاء التأثير غير ممكن في التجريبيات.
الثالث: أن لابد في الدوران والتجربة من التعين، والتعين في الطردي محال؛ لما سيأتي.
الثاني: أن المناسب إذا اقترن به مثله امتنع التعليل به عينا إلا بأمر زائد، والطردي لا ينفك عن معارضة مثله، فإذا لم تعتبر إلا الملازمة فتكثر اللوازم؛ إذ ما من شيء إلا وتحف به آثاره ومؤثراته، وأجناسه ومميزاته، وعوارضه وأجزاء فصله، والذهن لا ينفك عن العلم، فأولى أن يمتنع التعليل بواحد منها عينا.
الثالث: أنه لو صح الطرد لفسد سؤال الإلغاء؛ لأن أقصى مراتب الإلغاء أنه من جنس ما لم يلتفت إليه الشارع في جنس الأحكام.
فإن صح هذا في الطردي، لم يزل عنه باطراده.
وإن لم يصح بطل هذا القسم من الأوصاف.
وهذا النوع من الإلغاء، وهو مقبول بالاتفاق.
وأما قولهم: (المعهود إلحاق النادر بالغالب)، فالكلام عليه من وجوه:
الأول: أن دعواه مطلقا باطلة؛ فإن بيع الطير في الهواء، والسمك في الماء، وسرقة حبة من حرز منيع، ونكاح المجوسية، والمرتدة، والخنثى المشكل- من النوادر، ولم يلحق بالغالب من أجناسها، وإن ادعى في البعض فلابد من تعينه بقصد فارق، وبيان أن محل النظر في معناه.
الثاني: أنهم إن ادعوا ثبوت الحكم في تلك النوادر بلا علة، كان محالا مع أنه لا يفيد المطلوب؛ فإن المطلوب إثبات وصف العلية للطردي الجامع، وإسناد الحكم، وإن اعترفوا بثبوته بناء على علة، فليبحث عن عينها، فإن كانت هي وصف الجنس المشترك، كان ذلك طردا للحكم لاطراد علته، فلا يكون إلحاق النادر بالغالب.
وإن كانت العلة هي كونه نادرا من الجنس، فلا ينتظم تعليل غير ذلك الحكم به؛ لثبوته في الجنس مع انتفاء وصف الندرة.
وإن علل بها عموم كونه حكما للجنس لا خصوص ذلك الحكم، فلابد له من دليل.
ولا يمكن إثباته بالاطراد؛ فإنه إثبات للشيء بنفسه.
ثم هو غير مطرد على ما ذكرناه، بل الصور التي ألحق الشارع النادر فيها بالغالب من جنسها كالنادر بالإضافة إلى ما لم يلحق، وهو معارض بعسر تتبع الآحاد بالنظر لطلب الحكمة، مع اشتماله على وصف المظنة، والتعليل بالطرد خال عن ذلك.
الثالث: أن فيما ذكروه اعترافا ببطلان التعليل بالوصف الطردي لوجهين:
أحدهما: أن الطارد يعلل الحكم في جميع صور الجنس بالوصف الطردي، وليس ذلك من قبيل إلحاق نادر بغالب، بل ربما كانت صور الإلحاق أكثر من الملحق به، كإلحاق سائر الموزونات بالنقدين، وسائر المكيلات بالمنصوصات، وكل ما لا تبنى على جنسه القنطرة بالزيت.
الثاني: هو أن إلحاق النادر بالغالب اعتراف بتعذر التعليل بالقدر المشترك؛ إذ لو صح لكان الإلحاق طردا للحكم وتوفيرا له لا سحبا لحكم غيره عليه.
وأما الاستدلال بفرس القاضي، فليس من قبيل قياس الطرد، بل بقرائن