الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعدم إيجاب هذه الأمور لعدم القصاص لا يوجب عدم إيجاب غيرها، مثل كون المثقل لم يجعل في الغالب لزهوق الأرواح، أو لأنه شبهة؛ فسقط بها الحد.
"
سؤال"
"القلب" و"القول بالموجب" معارضة في الحكم، لا قدح في العلة
، والمصنف جعلهما من جملة الطرق الدالة على عدم العلة.
جوابه: أما "القلب" فقد تقدم جوابه عنه.
وأما "القول بالموجب" فلأنه بيان عدم استلزام العلة للمطلوب، وبيان عدم استلزامها قدح فيها.
"تنبيه"
زاد التبريزي فقال: "القول بالموجب" في المنقول خلافه في المعقول؛ فإنه في المنقول تحقيق وجه دلالته والاعتراف به، كما يقال في حديث خيار المجلس، المراد به خيار القبول؛ بدليل كذا وكذا، وأنا أقول به.
وفي المعقول تسليم عين وجه دلالته والاعتراف به، كما يقال في حديث خيار المجلس، المراد به خيار القبول؛ بدليل كذا وكذا، وأنا أقول به.
وفي المعقول تسليم عين ما رتبه المعلل على علته، حقا كان أو باطلا، مع استيفاء الخلاف في المسألة، كما لو قال الشافعي:"مسلم؛ فلا يلزمه القصاص بقتل الذمى".
فيقول الحنفي: "أقول: إنه لا يتقل بقلته، فلم لا يتقل إذا قتله بنقض العهد"؟ فلو قال بدل مسلم: مكلف، أو قاتل، أو حائط كان الواجب تسليم عين الحكم المرتب، لا ما يقتضيه الوصف.
ومنشأ وروده الحيد في نصب الدليل عن محل الخلاف، أو بان يقيد الحكم
كما ذكرناه، أو يعدل إلى المأخذ، فيقول: القتل بالمثقل لا يمنع وجوب القصاص، أو الدين لا يمنع وجوب الزكاة، أو يطلق في مقام التقييد، وكان مذهب الخصم مفيدا بقيم آخر، كما لو قال الحنفي، "الخيل حيوان يتسابق عليه؛ فتجب عليه الزكاة"، فيقول الشافعي: "زكاة التجارة وقد يغنى عن القول بالموجب بأن الدليل غير منصوب في محل الخلاف؛ فإن الخلاف في كذا؛ لأنه هو جهة المؤاخذة لا يمكن خلل في الدليل، لكنه إذا ورد كان انقطاعا، ولا ينفعه بيان لزوم المتنازع فيه من تسليم ما رتبه؛ فإن مؤاخذة الجيد لا تندفع به، ويلتزم به عدم ذكر تمام الدليل في مقام مطالبته به؛ ليبين أن ما ذكره أولا إحدى مقدمتي دليل الحكم المطلوب، يل ينبغي أن يسفر كلامه بما يتضمن دعوى محل النزاع، فقول: أعنى به أن الزكاة لا تمتنع عند ركوب الدين، والقصاص لا يمتنع عند كون القتل بالمثقل، وبالزكاة المذكورة- بالألف واللام- ذلك المعهود.
واعلم أنه متى كان السؤال ابتداء عن هذه الأمور، امتنع إيراد القول بالموجب، وكان تسليما للحكم المطلوب.
قلت: تفريقه أولا بين المعقول والمنقول غير متجه، بل المنقول تارة نقول بموجبه، بعد تأويل نعضده بدليل، وتارة ابتداء.
وكذلك العلة: تارة نقول بموجبها، بعد بيان تحقيقه، وتارة ابتداء.
وقوله: "لو قال بدل قوله: مسلم: مكلف، أو قاتل":
مراده: يأتي بوصف طردي فنسلم الحكم، وهو أن هذا الوصف لا يلزم به قصاص؛ لأن الوصف يقتضيه؛ لأنه طردي.
وقوله: " [ولا] ينفعه بيان لزون المتنازع فيه مما رتبه":
يريد: أن المستدل إذا قال: هو وإن كان حيدا وعدولا إلا أن محل النزاع يثبت مما رتبته.
"فائدة"
قال سيف الدين: القول بالموجب تسليم ما جعله المستدل حكما لدليله على وجه لا يلزم منه تسليم الحكم المتنازع فيه، فينقطع المستدل؛ لأن ما نصبه دليلا ليس بدليل، وهو على قسمين؛ لأن المستدل إما أن ينصب دليله على تحقيق مذهبه المنقول عن إمامه، أو إبطال ما يظنه مدرك مذهب خصمه.
فالأول: كقول الشافعي في الملتجئ إلى الحرم: وجد سبب استيفاء القصاص؛ فجاز استيفاؤه.
فيقول الحنفي بموجبه؛ فإن القصاص عنده جائز، إنما النزاع في هتك حرمة الحرم.
والثاني: كقول الشافعي في استيلاد الأب جارية ابنه: وجوب القيمة لا يمنع من إيجاب المهر كاستيلاد أحد الشريكين، أو في القتل بالمثقل: اختلاف الوسيلة لا يمنع إلى آخره، ولا يلزم من إبطال مدرك معين إبطال جميع المدارك.
وهو أغلب ورودا من الأول في المناظرات وأكثر؛ لأن خفاء المدارك أغلب من خفاء الأحكام؛ لكثرة المدارك وتشعبها وما هو معتمد الخصم منها، ولهذا يشترك في نقل الأحكام الخواص والعوام دون المدارك.
[وقد] اختلف الجدليون في [وجوب] تكليف المعترض بأن مستند القول بالموجب في [هذا النوع]، فقال بعضهم: لا بد من ذلك؛ لاحتمال أن يكون هذا [هو] المدرك عنده، فإذا علم أنه هو لا
يكلف إبداء مدرك عند إيراد القول بالموجب، [فقد] يقول بذلك عنادا؛ ليوقف كلام خصمه، فيكلفه أن يصون الكلام عن الخبط.
[وقيل: لا يكلف كلام خصمه، فيكلفه أن يصون الكلام عن الخبط].
وقيل: لا يكلف بذلك بعد وفائه بشرط القول بالموجب، وهو استبقاء الخلاف بعد التسليم.
قال: وهو الأظهر؛ لأنه عاقل متدبر، فهو أعرف بمذهبه ومدركه، فظاهره الصدق؛ ولأن تكليفه ذلك يصير المستدل معترضا، والمعترض مسدلا، وفيه خبط.
ولدفع القول بالموجب بالمعنى الأول طرق:
الأول: أن يقول: المسالة مشهورة بالخلاف فيما فرضت فيه الكلام.
الثاني: تبين أن محل النزاع ثابت فيما فرض الكلام فيه، كما لو كان حكم دليله أنه لا يجوز قتل المسلم بالذمى، فقال المعترض: هو عندي غير جائز، بل واجب.
فيقول المستدل: أعني بعدم الجواز: لزوم التبعية بفعل الواجب.
الثالث: أن يقول المستدل: القول بالموجب فيه تغيير كلامي عن ظاهره، فلا يرد، كما يقول في زكاة الخيل: كلامي ظاهر في زكاة العين؛ لقرينة الحال؛ ولأن لفظ "الزكاة" يعم القسمين؛ لأنه معرف باللام، فالقول بالموجب في صورة واحدة غير متجه؛ لأن القول ببعض الموجب لا يكون قولا بالموجب، وكذلك في قوله: مانع لا يزيل الحدث؛ فلا يزيل الخبث كالمرق.
فيقول: أقول بموجبه؛ فإن الخل النجس لا يزيل الخبث.
فيقول: كلامي ظاهر في الخل الظاهر، وما غير طاهر كلام المستدل لا يكون قولا بالموجب، بل بغير الموجب.
ولدفع القول بالموجب في القسم الثاني طرق:
الأول: أن يكون المستدل قد أفتى بما وقع مدلولا لدليله، وفرض الكلام معه فيه.
الثاني: أن يبين أن لقب [المسألة] مشهور بذلك.
الثالث: أن يبين أن محل النزاع لازم من مدلول دليله، بأن يكون المعترض قد ساعد على وجود المقتضى لوجوب القصاص، وكانت الموانع التي وافق المستدل عليها منتفية، والشرائط متحققة، فإذا بطل ذلك المانع، يلزم منه الحكم المتنازع فيه.
وقال إمام الحرمين في "البرهان": الأصوليون يقولون تارة: القول بالموجب ليس اعتراضا.
قال: وهو كما قالوا؛ فإنه لا يبطل العلة؛ لأنها سلمت وسلم حكمها، إنما المستدل منقطع؛ لأنه قصد أن يثبت فيها المتنازع فيه، وقد تبين خلافه.
قلت: ومن هذا الوجه ضعفت، وكان القول بالموجب اعتراضا؛ لأن تلك العلة وإن كانت علة صحيحة باعتبار حكم، فهي غير صحيحة باعتبار صورة النزاع، فالقدح فيها من هذا الوجه.
***