الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول في التراجيح الراجعة إلى حال ورود الخبر
قال الرازي: وهي ثمانية:
الأول: أن تكون إحدى الآيتين، أو الخبرين مدنيا، والآخر مكيا، فالمدني مقدم؛ لأن الغالب في المكيات ما كان قبل الهجرة، والمدني لا محالة مقدم عليه، أما المكيات المتأخرة عن المدنيات، فقليلة، والقليل ملحق بالكثير؛ فيحصل الرجحان.
الثاني: الخبر الذي يظهر وروده بع قول الرسول-عليه الصلاة والسلام وعلو شأنه، راجح على الخبر الذي لا يدل على ذلك؛ لأن علو شأنه كان في آخر أمره صلى الله عليه وسلم، فالخبر الوارد في هذا الوقت، حصل فيه ما يقتضي تأخره عن الأول.
والأولى أن يفصل؛ فيقال: إن دل الأول على علو الشأن، والثاني على الضعف- ظهر تقديم الأول على الثاني.
أما إذا لم يدل الثاني، لا على القوة، ولا على الضعف- فمن أين يجب تقديم الأول عليه؟.
الثالث: أن يكون راوي أحد الخبرين متأخر بالإسلام، فيقدم الأول؛ لأنه أظهر تأخرا.
والأولى أن يفصل؛ فيقال: المتقدم إذا كان موجودا مع المتأخر- لم يمتنع أن تكون روايته متأخرة عن رواية المتأخر.
وأما إذا علمنا أنه مات المتقدم قبل إسلام المتأخر، أو علمنا أن أكثر روايات المتقدم متقدم على رواية المتأخر- فها هنا نحكم بالرجحان؛ لأن النادر يلحق بالغالب.
الرابع: أن يحصل إسلام الراويين معا؛ كإسلام خالد، وعمرو بن العاص، لكن يعلم أن سماع أحدهما بعد إسلامه، ولا يعلم ذلك في سماع الآخر، فيقدم الأول؛ لأنه أظهر تأخرا.
الخامس: أن يكون أحد الخبرين مؤرخا بتاريخ محقق، والآخر يكون خاليا عن التاريخ؛ فيقدم الأول؛ لأنه أظهر تأخرا.
مثاله: ما روي أنه- علبه الصلاة والسلام- في مرضه الذي توفى فيه (خرج فصلى بالناس قاعدا، والناس قيام).
فهذا يقتضي جواز اقتداء القائم بالقاعد.
وقد روي: أنه- عليه الصلاة والسلام قال: (إذا صلى الإمام قاعدا، فصلوا قعودا أجمعين) وهذا يقتضي عدم جواز ذلك؛ فرجحنا الأول؛ لأنه كان في آخر أحوال النبي- عليه الصلاة والسلام.
وأما الثاني، فيحتمل أنه كان قبل المرض.
السادس: أن يكون أحدهما مؤقتا بوقت متقدم، والآخر يكون خاليا عن الوقت، فيقدم الخالي؛ لأنه أشبه بالمتأخر.
السابع: أن تكون حادثة كان الرسول صلى الله عليه وسلم يغلظ فيها؛ زجرا لهم عن العادات القديمة، ثم خفف فيها نوع تخفيف؛ فيرجح التخفيف على التغليظ؛ لأنه أظهر
تأخرا، وهذا ضعيف؛ لاحتمال أن يقال:(بل يرجح التغليظ على التخفيف؛ لأنه- عليه الصلاة والسلام ما كان يغلظ إلا عند علو شأنه، وذلك متأخر).
الثامن: عمومان متعارضان: أحدهما وارد إبتداء، والآخر على سبب، فالأول أولى؛ لأن من الناس من قال: الوارد على السبب يختص به، ولا يعم، لكن ذلك، وإن لم يجب، فلا أقل من أن يفيد الترجيح.
واعلم: أن هذه الوجوه في التراجيح ضعيفة، وهي لا تفيد إلا خيالا ضعيفا في الرجحان.
(القول في الترجيح بحال ورود الخبر)
قال القرافي: قوله: (الغالب في الآيات المكيات ما كان قبل الهجرة):
تقريره: أن المكي قد يكون بعد المدني، كوقوعه في حجة الوداع بـ (مكة) لكنه قليل بالنسبة إلى غيره.
قوله: (أما إذا لم يدل الثاني على القوة، ولا على الضعف من أين يجب تقديم الأول عليه)؟:
قلنا: الأول غير محتمل للضعف.
والثاني يحتمله، والسالم عن الاحتمال مقدم على المحتمل.
وهذا السؤال أيضا على قوله في الثالث بعدها: إن الراوي إذا كان موجودا مع المتأخر لم يمتنع أن تكون روايته متأخرة عن رواية المتأخر الإسلام؛ لأنا نقول: التقدير أن روايته علم تأخرها عن إسلام المتأخر الإسلام، فلا احتمال فيه، بخلاف الآخر فيه الاحتمالان قائمان، ويعضد هذا السؤال في جميع هذه الموارد.