الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية عشرة
قال الرازي: ها هنا أبحاث:
الأول: العلة قد يكون لها حكم واحد، وهو ظاهر، وقد يكون حكمها أكثر من واحد، وتلك الأحكام: إما أن تكون متماثلة، أو مختلفة غير متضادة، أو مختلفة متضادة:
فالأول إما أن يكون في ذات واحدة، أو في ذاتين:
والأول محال؛ لامتناع اجتماع المثلين، والثاني جائز، وهو: كالقتل الذي حصل بفعل زيد وعمرو؛ فإنه يوجب القصاص على كل احد منهما.
وأما الثاني: وهو أن توجب أحكاما مختلفة، غير متضادة فهو جائز؛ كتحريم الإحرام، ومس المصحف، والصوم والصلاة بالحيض.
وأما الثالث: وهو أن توجب العلة أحكاما متضادة، فلا يخلو: إما أن يتوقف إيجابها لها على شرط، أو لا يتوقف.
فإن كان الأول: فالشرطان: إما ألا يجوز اجتماعهما، أو يجوز:
فإن لم يجز، جاز أن تكون العلة موجبة لحكمين متضادين، عند حصول شرطين لا يجتمعان، وإن كان يجوز اجتماعهما، فهو محال؛ لأنهما إذا تقتضيهما جميعا؛ وهو محال، أو لا تقتضي واحدا منهما، وحينئذ تخرج العلة عن أن تكون علة، وبهذا البيان: يظهر أيضا أنه لا يجوز أن يتوقف اقتضاء العلة معلوليها المتضادين على شرط.
الثاني: من شرط العلة اختصاصها بمن له الحكم، وإلا لم يكن اقتضاء حصول الحكم لشيء أولى من اقتضائه لغيره.
الثالث: أن اقتضاءها معلولها قد يكون موقوفا على شرط؛ مثل الزنا؛ فإنه لا يوجب الرجم إلا بشرط الإحصان، وقد لا يكون؛ وهو ظاهر.
الرابع: العلة قد تكون علة لإثبات الحكم في الابتداء؛ كالعدة في منع الحل، وقد تكون علة في الابتداء والانتهاء؛ كالرضاع في إبطال النكاح، وقد تكون العلة قوية على الدفع، لا على الرفع؛ مثل العدة والردة؛ فإنهما يدفعان النكاح، ولا يرفعانه، وقد تكون قوية عليهما معا.
المسألة الثانية عشرة
العلة يكون لها حكم وحكمان
قال القرافي: قوله: (إن جاز اجتماع الشرطين فهو محال):
قلنا: قد يجوز اجتماعهما، وإذا وقع الاجتماع امتنع إيجاب العلة للضدين، وتعين الترجيح، فيقضي المجتهد بلزوم الراجح منهما؛ لاستحالة اقتضاء العلة لها، وإن لم يجتمع الشرطان قضي بوقوع ما حصل من شرطه.
فالقول بأن ذلك محال مطلقا باطل.