الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: بل التحقيق أن التعليل في الحقيقة إنما هو بالحكمة والمصلحة، والأوصاف علامات لها، وضوابط لها، وهذه الأوصاف والضوابط تارة تكون صفة حقيقية، وتارة تكون إضافية، وتارة تكون سببية، فلا يرد شيء من الأسئلة أصلا، بل ذلك إنما يرد [عليه] على القول بان الأوصاف مؤثرة.
"
تنبيه"
زاد التبريزي قال: "لا يجوز التعليل بالعدم" خلافا للمصنف
.
وأورد عليه أن العلية عند مثبتي الحال حالة إضافية، لا توصف بالوجود، ولا بالعدم، ولا تعقل فارقا بين الموجود والثابت، وعنده الأمور الإضافية كلها عدم، فيوصف بها العدم.
قال: قوله: "إنه نقيض اللاعلية" مسلم، ولكنه لا يدل على أنها أمر ثبوتي؛ فإن كل مفهوم وضع له لفظ يقبل دخول حرف النفي [عليه، سواء] كان ثبوتيا أو عدميا، كالخلاء، والفناء، والانفراد، والقدم، والاستحالة، والعدم، ولا يلزم أن يكون مفهومه ثبوتيا، ثم العدم لا يقبل الاتصاف بأمر ثبوتي؛ وأما الوصف بأمر ثبوتي فيقبله؛ فإنه معلوم ومذكور، ومخبر به وعنه، ومتميز في الذهن عن الوجود، والممكن منه من المحال، والمضاف منه عن المحض، ومضاف آخر.
فإذا ثبت هذا، فنقول: لا نعني بكونه عدم إلا كونه محال يمتنع في العقل تقدير حصوله دون ترتيب حصول ما أضيفت إليه بالمعلومية.
ثم هذه الحالة إن كانت ثابتة له لمعنى في ذاته، امتنع إثباته للعدم؛ لأن العدم يمتنع أن يكون محل قيام المعاني.
وإن كانت مستفادة من الوضع أمكن إثباته للعدم؛ لأنه تبع للقول، والعدم يقبل الأوصاف القولية، ثم هو قد سلم ذلك في العدم المنسوب، ولا نزاع إلا فيه.
وجعله النسبة أمرا ثبوتيا لا يدفع الإشكال، بل يؤيده؛ لأن التعليل بالعدم المنسوب لا بالنسبة، وقد قبل العدم النسبة التي هي أمر ثبوتي.
وقوله في دليل الجواز: "إن الدوران يفيد ظن العلية" باطل لوجوه:
الأول: أن أصحاب الدوران قيدوا دلالته بشرط عدم ما يدل على عدم العلية؛ تخلصا من تلك الإشكالات، وكونه عدما مما ينفي كونه علة، فإن منعوا فهو أول المسألة.
الثاني: أن الدوران إنما يدل على الملازمة، وهي أعم من العلية؛ فإنه القدر المشترك بين الدورانات.
الثالث: أنه لا يمكن حصول الأطراف في عدم معين؛ فإنه ما من شيء إلا ويقترن به عدم أشياء، فإن لم ينظر إلى ملائمة، فلا فرق بين عدم وعدم.
قلت: قوله: "العدم لا يقبل الاتصاف بأمر ثبوتي، وأما الوصف بأمر ثبوتي فيقبله":
معناه: أن اتصاف العدم بألثبوتي عنده قيام ألثبوتي به، وهو محال.
ووصفه به معناه أعم من ذلك، فيكفي فيه أن يكوم متعلق ألثبوتي؛ لأن الخبر والعلم ونحوهما أمور ثبوتية، وتتعلق بالعدم، وقد تقدم في حد الحكم هذه القاعدة مبسوطة، وهي أن الشيء قد يوصف بما هو قائم به، ويوصف بما ليس قائما به.
فالأول: كالألوان، والطعوم، ونحوها.
والثاني: قولنا: معلوم ونحوه؛ فإنا نصف المعلوم بالعلم، وهو قائم بالعالم، فبهذه [الطريقة] أمكن الوصف بألثبوتي العدم، وهو معنى قوله: "العدم يقبل الأوصاف القولية؛ لأن القول يقوم بالعدم، بل يقال في العدم: إنه معلوم ونحوه.
وقوله: "أهل الدوران اشترطوا عدم ما يدل على عدم العلية؛ تخلصا من تلك الإشكالات":
يريد بالإشكالات النقوض التي مر ذكرها على الدوران مع انتفاء العلية فيها؛ لقيام الدليل على عدم العلية فيها.
***