الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة
قال الرازي: للمانعين من التعليل بالعدم: أن يمنعوا من التعليل بالأوصاف الإضافية
؛ محتجين بأنها عدم، والعدم لا يكون علة.
وإنما قلنا: إنها عدم؛ لأن مسمى الإضافة ليس أمرا وجوديا؛ وإذا لم يكن المسمى وجوديا امتنع أن يكون شيء من الإضافات المخصوصة أمرا وجوديا.
وإنما قلنا: إن مسمى الإضافة ليس أمرا وجوديا؛ لأنه لو كان هذا المسمى وجوديا لكان أينما حصل هذا المسمى كان وجوديا، فإذا فرضنا في إضافة ما كونها أمرا وجوديا، كانت لا محالة، صفة لمحل؛ فكان حلولها في ذلك المحل إضافة بينها وبين ذلك المحل؛ فكان مسمى الإضافة حاصلا في حلول تلك الإضافة في ذلك المحل.
وإذا كان ذلك المسمى أمرا وجوديا، كانت إضافة الإضافة أمرا وجوديا زائدا على الإضافة إلى غير نهاية؛ فثبت أن مسمى الإضافة يمتنع أن يكون وجوديا.
وإذا ثبت ذلك، وجب ألا يكون شيء من الإضافات المخصوصة وجوديا؛ لأن الإضافة المخصوصة ماهية مركبة من الإضافة، ومن الخصوصية، فلو كان أمرا وجوديا لكان الوجود: إما قيد الإضافة، أو قيد الخصوصية:
والأول: باطل؛ لما تقدم، والثاني أيضا: باطل؛ لأن خصوصية الإضافة صفة للإضافة، لو كانت الخصوصية أمرا ثبوتيا، لزوم حلول الوجود في النفي المحض؛ وهو محال؛ فثبت أن سائر الإضافات يمتنع أن يكون موجودا؛ فهو معدوم، والتعليل بالعدم غير جائز؛ على ما تقدم.
والجواب: لا نسلم أن الإضافات أمور عدمية، والتسلسل مدفوع؛ لاحتمال أن تكون الإضافة إلى محلها لذاتها، وإن سلمنا أنها عدمية في الحقيقة، لكنها ثبوتية في المعتقدات؛ فيحسن جعلها علة للأحكام الشرعية.
وإن سلمنا كونها عدمية مطلقا، ولكن لا تسلم أن الأمور الذهنية لا تصلح للعلية، والله أعلم.
المسألة الخامسة
للمانع من التعليل بالعدم أن يمنع من التعليل بالإضافة؛ لأنها عدم
قال القرافي: قوله: "لو كان مسمى الإضافة وجوديا، كانت إضافة الإضافة وجودية، ولزم ما لا نهاية له":
قلنا: جاز أن تكون الإضافة منقسمة إلى: إضافة الحقائق غير [الإضافية]، فيكون ثبوتيا، وإلى إضافة، فتكون عدمية.
ويكون المشترك بينهما عدميا.
والنزاع يكون واقعا في أحد النوعين الذي هو إضافة الحقائق، دون إضافة الإضافة، ولا يلزم ذلك في إضافة الإضافة؛ لأنها مخالفة لإضافة الحقائق، ومع الاختلاف في الحقائق لا يلزم الاتفاق في اللوازم، فيبطل هذا البحث.
وقوله: "الإضافة المخصوصة مركبة من الإضافة ومن الخصوصية".
قلنا: قد يكون المشترك بين الإضافة وإضافة الإضافة، [و] ليس جزءا داخلا، بل لازما خارجا، وتكون الإضافة في نفسها وجودية صرفة بسيطة أو مركبة،