الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زوالهما على وفق الأصل، والبر المتأيد بموافقة الأصل راجح على الواقع على خلاف الأصل.
الخامس: النافي للحد مقدم على المثبت له؛ عند بعض الفقهاء، وأنكره المتكلمون.
وجه الأول من وجوه:
أحدها: أن الحد ضرر؛ فتكون شرعيته على خلاف الأصل، والنافي له على وفق الأصل؛ فيكون النافي له راجحا.
وثانيها: أن ورود الخبر في نفي الحد، إن لم يوجب الجزم بذلك النفي، فلا أقل من أن يفيد شبهة فيه، إذا حصلت الشبهة، سقطت الحدود؛ لقوله- عليه الصلاة والسلام:(ادرءوا الحدود بالشبهات).
وثالثها: إذا كان الحد يسقط بتعارض البينتين مع ثبوته في أصل الشرع، فلأن يسقط بتعارض الخبرين في الجملة، ولم يتقدم له ثبوت- أولى.
(القول في الترجيح بالحكم)
قال
القرافي: قوله: (لو جعلنا المبقى متقدما على الناقل، لكان واردا حيث لا يحتاج إليه):
تقريره: إنه يريد بالتقدم في التاريخ والزمان، وإن الناقل ورد بعده، فيتقدم على رأي الجمهور.
وإذا ورد بعد الناقل يكون ناسخا للإباحة، والنسخ لا يعلم إلا من جهة الشرع، فكان أولى عندهم عنده على العكس، ورد الناقل أولا، فرفع البراءة الأصلية، ثم ورد المقرر للنسخ، فرفع التحريم أو الوجوب، فأفاد كل دليل أنشئ عن عقلي، فكان أولى، وعليه ينبني بحث النسخ مرة أو مرتين.
فتأخر الناقل يقتضي أن المقرر تقدمته أجلاء العقل، ولم تنسخه، ولم يحصل إلا نسخ المبيح الموكد للعقل.
وتأخر المبيح يقتضي رفع المحرم الرافع للبراءة، فيلزم النسخ مرتين.
قوله: (دلالة العقل مفيدة بشرط عدم دليل السمع، وإذا وجد لا يبقى دليل العقل):
قلنا: هذا مشترك في السمع أيضا؛ لأن دلالة كل سمع مشروطة بعدم ورود ناسخه، فزال عند الناسخ؛ لزوال شرطه، فلا يكون نسخا، فإن كان هذا كافيا في عدم النسخ، فهو مشترك.
بل الجواب أن رفع العقل ليس نسخا؛ لأنا نشترط في النسخ رفع الحكم الشرعي.
أما البراءة الأصلية، فرفعا ليس نسخا؛ لأنا لا نعد ورود الشرائع ابتداء نسخا، ولذلك نرفعها بخبر الواحد والقياس، وأيسر الأدلة، بخلاف إذا تقدم.
قوله: (لا يصح رفعه إلا بما يصح النسخ به):
تقريره: أن الخبر المقرر للعقل قد يكون متواترا، أو آية كتابية، فلا يرفعها إلا متواترا؛ لأنا نشترط في الناسخ أن يكون مساويا أو أقوى.
قوله: (إذا ثبت أنه لابد في النفي والإثبات في الخبرين من كون أحدهما عقليا رجع الترجيح إلى ما تقدم من أن الناقل أرجح أم لا):
قلنا: ادعيتم أولا أن الخبرين في النفي والإثبات لابد أن يكون أحدهما عقليا، ولم يتخلص من البيان الذي ذكرتموه إلا أنه عقلي من وجه لا أن موجبه كله عقلي، وإذا كان عقليا من وجه ناقلا من وجه، وهذا قدر المشترك بين الخبرين، فلم يرجع هذا إلى القاعدة من أن الناقل أرجح أم لا؟.