الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سريّة خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك
قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بتبوك خالد بن الوليد فى أربعمائة وعشرين فارسا سريّة إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل، وأكيدر من كندة، قد ملكهم، وكان نصرانيّا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد:«إنّك ستجده يصيد البقر» . فخرج خالد فى شهر رجب سنة تسع من الهجرة حتى كان من حصن أكيدر بمنظر العين فى ليلة مقمرة وصائفة، وهو على سطح له، ومعه امرأته، فبالت البقر تحكّ بقرونها باب القصر، فقالت له امرأته:
ما رأيت مثل هذا قطّ؟ قال: لا والله؛ قالت: فمن يترك هذا؟ قال: لا أحد، فنزل فأمر بفرسه فأسرج له، وركب وركب معه نفر من أهل بيته، فيهم أخ له يقال له: حسّان، وخرجوا لمطاردة البقر، فلما خرجوا تلقّتهم خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشدّت عليه، فاستأسر أكيدر، وامتنع أخوه حسان، وقاتل حتى قتل، وكان عليه قباء من ديباج مخوّص «1» بالذهب، فاستلبه خالد، وبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل قدومه عليه، فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم، ويتعجّبون منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتعجبون من هذا؟
فو الّذى نفسى بيده لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة أحسن من هذا» . قال: ولما أسر أكيدر وقتل حسّان، هرب من كان معهما، فدخل الحصن، وأجار خالد أكيدر من القتل حتى يأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يفتح له دومة الجندل، ففعل، وصالحه على ألفى بعير، وثمانمائة فرس، وأربعمائة درع وأربعمائة رمح، فعزل للنبى صلى الله عليه وسلم صفيّا خالصا، ثم أخرج الخمس، وقسم
ما بقى بين أصحابه، ثم خرج خالد بأكيدر وبأخيه مصاد. وكان فى الحصن- وبما صالحه عليه قافلا إلى المدينة، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأكيدر، فأهدى له هديّة، وصالحه على الجزية، وحقّن دمه، ثم خلّى سبيله، فرجع إلى قريته، فقال بجير بن بجرة:
تبارك سائق البقرات إنّى
…
رأيت الله يهدى كلّ هاد
فمن يك حائدا عن ذى تبوك
…
فإنّا قد أمرنا بالجهاد
قال محمد بن إسحاق: ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يحنّة ابن رؤبة صاحب أيلة «1» ، فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جرباء «2» وأذرح «3» ، فأعطوه الجزية، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحنّة كتابا، وهو:«بسم الله الرحمن الرحيم، هذه أمنة من الله ومحمد النبىّ رسول الله ليحنّة بن رؤبة وأهل أيلة؛ سفنهم وسيّارتهم فى البر والبحر، لهم ذمّة الله ومحمد النبى، ومن كان معهم من أهل الشام، وأهل اليمن، وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثا فإنّه لا يحول ماله دون نفسه. وإنّه طيّب لمن أخذه من الناس، وإنّه لا يحلّ أن يمنعوا ماء يردونه، ولا طريقا يريدونه من برّ أو بحر» .
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استعمل على حرسه بتبوك عبّاد ابن بشر. ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلق كيدا.