المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر خبر أبى بصير ومن لحق به وانضم إليه - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ١٧

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء السابع عشر

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الأول من القسم الخامس في سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله]

- ‌ذكر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أوّل لواء عقده صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر سرية عبيدة بن الحارث بن المطّلب إلى بطن رابغ

- ‌ذكر سريّة سعد بن أبى وقّاص إلى الخرّار

- ‌ذكر غزوة الأبواء

- ‌ذكر غزوة بواط

- ‌ذكر غزوة بدر الأولى

- ‌ذكر غزوة ذى العشيرة

- ‌ذكر سرّية عبد الله بن جحش الأسدى إلى نخلة

- ‌ذكر غزوة بدر الكبرى

- ‌ذكر رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب وخروج قريش إلى بدر

- ‌ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين إلى بدر

- ‌ذكر تسمية من شهد بدرا من المهاجرين والأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر تسمية من استشهد من المسلمين فى غزاة بدر

- ‌ذكر تسمية من قتل من المشركين فى غزوة بدر

- ‌ذكر تسمية من أسر من المشركين فى غزوة بدر

- ‌ذكر خبر أسارى بدر وما كان من فدائهم، ومن منّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (وأطلقه منهم) ، ومن أسلم بسبب ذلك

- ‌ذكر خبر أبى سفيان فى أسر ابنه عمرو بن أبى سفيان وإطلاقه

- ‌ذكر خبر أبى العاص بن الربيع فى فدائه

- ‌ذكر خبر الوليد بن الوليد بن المغيرة

- ‌ذكر من منّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسارى بدر وأطلقه بغير فداء

- ‌ذكر سرية عمير بن عدىّ بن خرشة الخطمىّ إلى عصماء بنت مروان من بنى أميّة بن زيد

- ‌ذكر سريّة سالم بن عمير العمرىّ إلى أبى عفك اليهودىّ

- ‌ذكر غزوة بنى قينقاع

- ‌ذكر غزوة السّويق

- ‌ذكر غزوة قرقرة الكدر ويقال قرارة الكدر وهى غزوة بنى سليم

- ‌ذكر مقتل كعب بن الأشرف اليهودىّ وخبر سريّته

- ‌ذكر غزوة بنى سليم بجران

- ‌ذكر سريّة زيد بن حارثة إلى القردة

- ‌ذكر غزوة أحد

- ‌ذكر تسمية من قتل من المشركين يوم أحد

- ‌ذكر غزوة حمراء الأسد

- ‌ذكر سريّة أبى سلمة بن عبد الأسد المخزومى

- ‌ذكر سريّة عبد الله بن أنيس إلى سفيان بن خالد الهذلى

- ‌ذكر سرية المنذر بن عمرو السّاعدى إلى بئر معونة

- ‌ذكر سريّة مرثد بن أبى مرثد الغنوى إلى الرّجيع

- ‌ذكر غزوة بنى النّضير

- ‌ذكر قصة برصيصا

- ‌ذكر غزوة بدر الموعد

- ‌ذكر خبر جابر بن عبد الله فى جمله، واستغفار النبىّ صلى الله عليه وسلم لأبيه

- ‌ذكر غزوة دومة الجندل

- ‌ذكر غزوات الخندق، وهى غزوة الأحزاب

- ‌ذكر تسمية من استشهد من المسلمين فى غزوة الخندق ومن قتل من المشركين

- ‌ذكر ما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن فى غزوة الخندق وما ورد فى تفسير ذلك

- ‌ذكر غزوة بنى قريظة

- ‌ذكر نزول بنى قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسؤال الأوس فيهم؛ وتحكيم سعد بن معاذ وحكمه فيهم بحكم الله تعالى وقتلهم

- ‌ذكر سرية عبد الله بن عتيك إلى أبى رافع سلّام ابن أبى الحقيق النضرىّ بخيبر

- ‌ذكر سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء، وهم بنو قرط وقريط من بنى كلاب

- ‌ذكر غزوة بنى لحيان بناحية عسفان

- ‌ذكر سرية محمد بن مسلمة إلى بنى ثعلبة بذى القصّة

- ‌ذكر سرية أبى عبيدة بن الجرّاح إلى ذى القصّة

- ‌ذكر سرية زيد بن حارثة إلى بنى سليم بالجموم

- ‌ذكر سرية زيد بن حارثة إلى العيص لعير قريش

- ‌ذكر سرية زيد بن حارثة إلى الطّرف إلى بنى ثعلبة

- ‌ذكر سرية زيد بن حارثة إلى حسمى، وهى وراء وادى القرى

- ‌ذكر سرية على بن أبى طالب رضى الله عنه إلى بنى سعد بن بكر بفدك

- ‌ذكر سريّة زيد بن حارثة إلى وادى القرى وقتل أم قرفة

- ‌ذكر سريّة كرز بن جابر الفهرى إلى العرنيّين

- ‌ذكر سرية عمرو بن أمية الضّمرىّ وسلمة بن أسلم إلى أبى سفيان بن حرب بمكة

- ‌ذكر بيعة الرّضوان

- ‌ذكر هدنة قريش وما وقع فيها من الشروط

- ‌ذكر رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ونزول سورة الفتح

- ‌ذكر خبر أبى بصير ومن لحق به وانضم إليه

- ‌ذكر غزوة خيبر وفتحها وما يتصل بذلك

- ‌ذكر تسمية من استشهد من المسلمين فى غزوة خيبر

- ‌ذكر قسم غنائم خيبر

- ‌ذكر تسمية من قسم لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتيبة التى خرجت للخمس وما أعطاهم منها

- ‌ذكر خبر الحجاج بن علاط وما أوصله إلى أهل مكة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استوفى أمواله

- ‌ذكر انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خيبر إلى وادى القرى، ونومهم عن صلاة الصبح

- ‌ذكر سريّة عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى تربة

- ‌ذكر سرية أبى بكر الصديق رضى الله عنه إلى بنى كلاب بنجد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شعبان سنة سبع من مهاجره

- ‌ذكر سريّة بشير بن سعد الأنصارى إلى فدك

- ‌ذكر سريّة غالب بن عبد الله الليثى إلى الميفعة

- ‌ذكر سريّة ابن أبى العوجاء السّلمىّ إلى بنى سليم

- ‌ذكر سريّة غالب بن عبد الله الليثىّ إلى بنى الملوح بالكديد

- ‌ذكر سريّة غالب بن عبد الله الّليثى أيضا إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك

- ‌ذكر سريّة شجاع بن وهب الأسدىّ إلى بنى عامر بالسّىّ

- ‌ذكر سريّة كعب بن عمير الغفارىّ إلى ذات أطلاح

- ‌ذكر سريّة مؤتة

- ‌ذكر تسمية من استشهد من المسلمين يوم مؤتة

- ‌ذكر سريّة عمرو بن العاص إلى ذات السّلاسل

- ‌ذكر سريّة أبى عبيدة بن الجرّاح، وهى سريّة الخبط

- ‌ذكر سريّة أبى قتادة بن ربعىّ الأنصارىّ إلى خضرة وهى أرض محارب بنجد

- ‌ذكر سريّة أبى قتادة بن ربعىّ الأنصارىّ إلى بطن إضم

- ‌ذكر غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح والسبب الّذى أوجب نقض العهد وفسخ الهدنة

- ‌ذكر خبر حاطب بن أبى بلتعة فى كتابه إلى أهل مكّة، وإعلام الله تعالى نبيّه صلى الله عليه وسلم بذلك، وأخذه الكتاب، وما أنزل الله عز وجل فى ذلك من القرآن

- ‌ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكّة، ومن جاءه فى طريقه قبل دخوله مكّة

- ‌ذكر مجىء العبّاس بأبى سفيان بن حرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإسلام أبى سفيان، وخبر الفتح

- ‌ذكر دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكّة شرّفها الله تعالى صلحا، ودخول خالد بن الوليد ومن معه من القبائل عنوة

- ‌ذكر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلهم يوم فتح مكّة وسبب ذلك، ومن قتل منهم، ومن نجا بإسلامه

- ‌ذكر إسلام أبى قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب

- ‌ذكر دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، وطوافه بالبيت ودخوله الكعبة، وما فعل بالأصنام

- ‌ذكر سريّة خالد بن الوليد إلى العزّى وهدمها

- ‌ذكر سريّة عمرو بن العاص إلى سواع وكسره

- ‌ذكر سريّة سعد بن زيد الأشهلىّ إلى مناة

- ‌ذكر سريّة خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة بن عامر ابن عبد مناة بن كنانة، وهو يوم الغميصاء

- ‌ذكر غزوة حنين، وهى إلى هوازن وثقيف

- ‌ذكر سرية الطّفيل بن عمرو الدّوسىّ إلى ذى الكفّين

- ‌ذكر غزوة الطائف

- ‌ذكر مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجعرانة وقسم مغانم حنين، وما أعطاه المؤلّفة

- ‌ذكر قدوم وفد هوازن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامهم وردّ السبايا إليهم

- ‌ذكر تسمية من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش وغيرها عند قسم مغانم حنين

- ‌ذكر مقالة الأنصار فى أمر قسم الفىء، وما أجابهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضّاهم به

- ‌ذكر استخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد على مكّة ورجوعه إلى المدينة

- ‌ذكر سريّة عيينة بن حصن الفزارىّ إلى بنى تميم

- ‌ذكر خبر الوليد بن عقبة بن أبى معيط مع بنى المصطلق

- ‌ذكر سريّة قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم

- ‌ذكر سريّة الضحّاك بن سفيان الكلابىّ إلى بنى كلاب كانت فى شهر ربيع الأوّل سنة تسع من الهجرة

- ‌ذكر سريّة علقمة بن مجزّز المدلجىّ إلى الحبشة

- ‌ذكر سريّة علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه إلى الفلس صنم طيئ

- ‌ذكر سريّة عكّاشة بن محصن الأسدى إلى الجناب

- ‌ذكر غزوة تبوك

- ‌ذكر سريّة خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك

- ‌ذكر خبر مرور رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر وما قاله لأصحابه

- ‌ذكر أخبار المنافقين وما تكلّموا به فى غزوة تبوك وما أنزل الله عز وجل فيهم من القرآن

- ‌ذكر خبر الثلاثة الذين خلّفوا، وما أنزل فيهم وفى المعذّرين من الأعراب

- ‌ذكر سريّة خالد بن الوليد إلى بنى عبد المدان بنجران

- ‌ذكر سريّة على بن أبى طالب رضى الله عنه إلى اليمن

- ‌ذكر حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره

- ‌ذكر الخطبة التى خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌وأمّا عمره صلى الله عليه وسلم

- ‌وأمّا عمرة القضاء

- ‌[صورة ما جاء فى آخر هذا الجزء بنسخة ا]

- ‌[صورة ما جاء فى آخر هذا الجزء أيضا بنسخة ج]

- ‌فهرس المراجع

- ‌استدراك

الفصل: ‌ذكر خبر أبى بصير ومن لحق به وانضم إليه

محمد صلى الله عليه وسلم فى الإنجيل مكتوب أنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. «فآزره» قوّاه وأعانه وشدّ أزره.

«فاستغلظ» ، فغلظ وقوى. «فاستوى» تم وتلاحق نباته وقام. (عَلى سُوقِهِ)

أصوله.

(يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ)

يعنى أن الله تعالى فعل ذلك بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم ليغيظ بهم الكفار. قال الثعلبىّ بسند يرفعه إلى الحسن فى قوله عز وجل: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ)

قال: محمد رسول الله. والّذين معه» ، أبو بكر. (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ)

عمر بن الخطاب. (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ)

عثمان بن عفان (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً)

على بن أبى طالب. (يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً) *

طلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وأبو عبيدة. (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ)

، قال: هم المبشّرون، أولهم أبو بكر وآخرهم أبو عبيدة. (ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ)

قال: نعتهم فى التوراة والإنجيل كمثل زرع. وقال:

الزرع: محمد صلى الله عليه وسلم. (أَخْرَجَ شَطْأَهُ)

أبو بكر الصديق. «فآزره» عمر بن الخطاب.

«فاستغلظ» عثمان؛ يعنى استغلظ عثمان للإسلام. (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ)

على بن أبى طالب، يعنى استقام الإسلام بسيفه. (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ)

قال: المؤمنون.

(لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ)

قال: قول عمر لأهل مكة: لا نعبد الله سرّا بعد اليوم.

رضوان الله عليهم أجمعين.

‌ذكر خبر أبى بصير ومن لحق به وانضم إليه

قد اختلف فى اسمه، فقيل: عبيد بن أسيد بن جارية. وقال ابن إسحاق:

عتبة بن أسيد بن جارية. وعن أبى معشر قال: اسمه عتبة بن أسيد بن جارية بن

ص: 244

أسيد بن عبد الله بن سلمة بن عبد الله بن غيرة بن عوف بن قسىّ، وهو ثقيف ابن منبّه بن بكر بن هوازن، حليف لبنى زهرة. وخبره وإن لم يكن داخلا فى جملة الغزوات والسرايا فليس هو مناف لها، وموجب إيرادنا إياه فى هذا الموضع لتعلقه بغزوة الحديبية، ولأن ردّه كان من شروط الهدنة. ونحن نورده هاهنا على ما أورده الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقى، رحمه الله تعالى، فى كتابه المترجم بدلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، وما أورده أبو محمد عبد الملك بن هشام عن محمد ابن إسحاق رحمهم الله تعالى، يدخل حديث بعضهم فى حديث بعض، قالوا:

لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة انفلّت رجل من أهل الإسلام من ثقيف، يقال له: أبو بصير بن أسيد بن جارية الثقفىّ من المشركين، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما مهاجرا، وكان ممن حبس بمكة، فكتب فيه أزهر بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفىّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثا رجلا من بنى عامر بن لؤىّ، ومعه مولى لهم، ويقال: كانا من بنى منقذ، أحدهما مولى والآخر من أنفسهم، اسمه جحش بن جابر، وكان ذا جلد ورأى فى أنفس المشركين، وجعل لهما الأخنس فى طلب أبى بصير جعلا، فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا أبا بصير، إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصلح لنا فى ديننا الغدر، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، فانطلق إلى قومك» . فقال: يا رسول الله، أتردّنى إلى المشركين يفتنوثنى فى دينى؟ قال: «انطلق، فإن الله سيجعل لك فرجا

ص: 245

ومخرجا» ، ودفعه إليهما، فخرجا به، حتى إذا كانا بذى الحليفة «1» سلّ جحش سيفه، ثم هزّه وقال: لأضربنّ بسيفى هذا فى الأوس والخزرج يوما إلى الليل، فقال له أبو بصير: أو صارم سيفك هذا؟ قال: نعم؛ قال: ناولنيه أنظر إليه. فناوله إياه، فلما قبض عليه ضربه به حتى برد، ويقال: بل تناول أبو بصير سيف جحش بفيه، وهو نائم، فقطع به إساره، ثم ضربه به حتى برد؛ وطلب الآخر فجمز «2» مذعورا مستخفيا، حتى دخل المسجد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم حين رآه:«لقد رأى هذا ذعرا» ؛ فأقبل واستغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«ويحك! مالك؟» فقال: قتل صاحبكم صاحبى. وجاء أبو بصير يتلوه، فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: وفت ذمتك يا رسول الله، وأدّى الله عنك، دفعتنى إليهما فتعرفت أنهم سيعذبوننى ويفتنوننى عن دينى، فقتلت المنفذىّ، وأفلتنى هذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ويل أمّه مسعر «3» حرب لو كان معه رجال!» ، وجاء أبو بصير بسلبه فقال: خمّس يا رسول الله؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنى إن خمسته لم أوف لهم بالذى عاهدتهم عليه، ولكن شأنك بسلب صاحبك، واذهب حيث شئت» . فخرج أبو بصير معه خمسة نفر كانوا قدموا مسلمين من مكة حيث قدم، ولم يطلبهم أحد، وساروا حتى نزلوا بين العيص وذى المروة من أرض جهينة، على طريق عيرات قريش مما يلى سيف البحر، لا تمر

ص: 246

بهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها، وانفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو- واسم أبى جندل العاص بن سهيل «1» على ما أورده الزبير بن بكار- فى سبعين راكبا أسلموا، فلحقوا بأبى بصير حين «2» بلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ويل امه مسعر حرب لو كان معه رجال» ، فقطعوا مادة قريش من طريق الشام. وكان أبو بصير يصلى لأصحابه، فلما قدم عليه أبو جندل كان هو يؤمهم، واجتمع إلى أبى جندل ناس من بنى غفار وأسلم وجهينة وطوائف من الناس، حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل، وهم مسلمون، فأقاموا مع أبى جندل وأبى بصير، لا تمرّ بهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها، وقال أبو جندل فى ذلك:

أبلغ قريشا عن أبى جندل

أنّا بذى المروة بالساحل

فى معشر تخفق راياتهم

بالبيض فيها والقنا الذّبّل «3»

يأبون أن تبقى لهم رفقة

من بعد إسلامهم الواصل

أو يجعل الله لهم مخرجا

والحق لا يغلب بالباطل

فيسلم المرء بإسلامه

أو يقتل المرء ولم يأتل»

فأرسلت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله بأرحامهم «5» إلا آواهم، وقالوا: لا حاجة لنا بهم. قال البيهقىّ: وقالوا: من خرج منا إليك فأمسكه غير حرج أنت فيه، فإن هؤلاء الركب قد فتحوا علينا بابا لا يصلح إقراره. فلما كان ذلك من أمرهم، علم الذين كانوا أشاروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمنع

ص: 247