الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد صلى الله عليه وسلم فى الإنجيل مكتوب أنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. «فآزره» قوّاه وأعانه وشدّ أزره.
«فاستغلظ» ، فغلظ وقوى. «فاستوى» تم وتلاحق نباته وقام. (عَلى سُوقِهِ)
أصوله.
(يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ)
يعنى أن الله تعالى فعل ذلك بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم ليغيظ بهم الكفار. قال الثعلبىّ بسند يرفعه إلى الحسن فى قوله عز وجل: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ)
قال: محمد رسول الله. والّذين معه» ، أبو بكر. (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ)
عمر بن الخطاب. (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ)
عثمان بن عفان (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً)
على بن أبى طالب. (يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً) *
طلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وأبو عبيدة. (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ)
، قال: هم المبشّرون، أولهم أبو بكر وآخرهم أبو عبيدة. (ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ)
قال: نعتهم فى التوراة والإنجيل كمثل زرع. وقال:
الزرع: محمد صلى الله عليه وسلم. (أَخْرَجَ شَطْأَهُ)
أبو بكر الصديق. «فآزره» عمر بن الخطاب.
«فاستغلظ» عثمان؛ يعنى استغلظ عثمان للإسلام. (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ)
على بن أبى طالب، يعنى استقام الإسلام بسيفه. (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ)
قال: المؤمنون.
(لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ)
قال: قول عمر لأهل مكة: لا نعبد الله سرّا بعد اليوم.
رضوان الله عليهم أجمعين.
ذكر خبر أبى بصير ومن لحق به وانضم إليه
قد اختلف فى اسمه، فقيل: عبيد بن أسيد بن جارية. وقال ابن إسحاق:
عتبة بن أسيد بن جارية. وعن أبى معشر قال: اسمه عتبة بن أسيد بن جارية بن
أسيد بن عبد الله بن سلمة بن عبد الله بن غيرة بن عوف بن قسىّ، وهو ثقيف ابن منبّه بن بكر بن هوازن، حليف لبنى زهرة. وخبره وإن لم يكن داخلا فى جملة الغزوات والسرايا فليس هو مناف لها، وموجب إيرادنا إياه فى هذا الموضع لتعلقه بغزوة الحديبية، ولأن ردّه كان من شروط الهدنة. ونحن نورده هاهنا على ما أورده الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقى، رحمه الله تعالى، فى كتابه المترجم بدلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، وما أورده أبو محمد عبد الملك بن هشام عن محمد ابن إسحاق رحمهم الله تعالى، يدخل حديث بعضهم فى حديث بعض، قالوا:
لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة انفلّت رجل من أهل الإسلام من ثقيف، يقال له: أبو بصير بن أسيد بن جارية الثقفىّ من المشركين، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما مهاجرا، وكان ممن حبس بمكة، فكتب فيه أزهر بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفىّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثا رجلا من بنى عامر بن لؤىّ، ومعه مولى لهم، ويقال: كانا من بنى منقذ، أحدهما مولى والآخر من أنفسهم، اسمه جحش بن جابر، وكان ذا جلد ورأى فى أنفس المشركين، وجعل لهما الأخنس فى طلب أبى بصير جعلا، فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا أبا بصير، إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصلح لنا فى ديننا الغدر، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، فانطلق إلى قومك» . فقال: يا رسول الله، أتردّنى إلى المشركين يفتنوثنى فى دينى؟ قال: «انطلق، فإن الله سيجعل لك فرجا
ومخرجا» ، ودفعه إليهما، فخرجا به، حتى إذا كانا بذى الحليفة «1» سلّ جحش سيفه، ثم هزّه وقال: لأضربنّ بسيفى هذا فى الأوس والخزرج يوما إلى الليل، فقال له أبو بصير: أو صارم سيفك هذا؟ قال: نعم؛ قال: ناولنيه أنظر إليه. فناوله إياه، فلما قبض عليه ضربه به حتى برد، ويقال: بل تناول أبو بصير سيف جحش بفيه، وهو نائم، فقطع به إساره، ثم ضربه به حتى برد؛ وطلب الآخر فجمز «2» مذعورا مستخفيا، حتى دخل المسجد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم حين رآه:«لقد رأى هذا ذعرا» ؛ فأقبل واستغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«ويحك! مالك؟» فقال: قتل صاحبكم صاحبى. وجاء أبو بصير يتلوه، فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: وفت ذمتك يا رسول الله، وأدّى الله عنك، دفعتنى إليهما فتعرفت أنهم سيعذبوننى ويفتنوننى عن دينى، فقتلت المنفذىّ، وأفلتنى هذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ويل أمّه مسعر «3» حرب لو كان معه رجال!» ، وجاء أبو بصير بسلبه فقال: خمّس يا رسول الله؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنى إن خمسته لم أوف لهم بالذى عاهدتهم عليه، ولكن شأنك بسلب صاحبك، واذهب حيث شئت» . فخرج أبو بصير معه خمسة نفر كانوا قدموا مسلمين من مكة حيث قدم، ولم يطلبهم أحد، وساروا حتى نزلوا بين العيص وذى المروة من أرض جهينة، على طريق عيرات قريش مما يلى سيف البحر، لا تمر
بهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها، وانفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو- واسم أبى جندل العاص بن سهيل «1» على ما أورده الزبير بن بكار- فى سبعين راكبا أسلموا، فلحقوا بأبى بصير حين «2» بلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ويل امه مسعر حرب لو كان معه رجال» ، فقطعوا مادة قريش من طريق الشام. وكان أبو بصير يصلى لأصحابه، فلما قدم عليه أبو جندل كان هو يؤمهم، واجتمع إلى أبى جندل ناس من بنى غفار وأسلم وجهينة وطوائف من الناس، حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل، وهم مسلمون، فأقاموا مع أبى جندل وأبى بصير، لا تمرّ بهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها، وقال أبو جندل فى ذلك:
أبلغ قريشا عن أبى جندل
…
أنّا بذى المروة بالساحل
فى معشر تخفق راياتهم
…
بالبيض فيها والقنا الذّبّل «3»
يأبون أن تبقى لهم رفقة
…
من بعد إسلامهم الواصل
أو يجعل الله لهم مخرجا
…
والحق لا يغلب بالباطل
فيسلم المرء بإسلامه
…
أو يقتل المرء ولم يأتل»
فأرسلت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله بأرحامهم «5» إلا آواهم، وقالوا: لا حاجة لنا بهم. قال البيهقىّ: وقالوا: من خرج منا إليك فأمسكه غير حرج أنت فيه، فإن هؤلاء الركب قد فتحوا علينا بابا لا يصلح إقراره. فلما كان ذلك من أمرهم، علم الذين كانوا أشاروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمنع