الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله عليه وسلّم قبل خروج هذه السريّة، فلما ولّى أبو بكر الصدّيق رضى الله عنه، كان أوّل ما بدأ به بعث أسامة.
هذا ما أمكن إيراده من غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه.
فلنذكر حجّه وعمره صلى الله عليه وسلم.
ذكر حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره
قالوا: حج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هجرته إلى المدينة حجّتين، ولم يحجّ بعد الهجرة إلّا حجّة الوداع، وهى فى السنة العاشرة، وكانت فريضة الحجّ نزلت فى السنة السادسة من الهجرة، وفتحت مكّة فى سنة ثمان، فاستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد، فحج بالناس تلك السنة، وفى السنة التاسعة حج أبو بكر الصّدّيق رضوان الله عليه بالناس كما قدّمنا ذكر ذلك فى مواضعه، فلما كان فى السنة العاشرة أذّن فى الناس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجّ، فقدم المدينة بشر كثير كلّهم يلتمس أن يأتمّ برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعمل مثل عمله، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة مغتسلا مدّهنا مترجّلا متجرّدا فى ثوبين صحاربيّن: إزار ورداء، وذلك يوم السبت لخمس ليال بقين من ذى القعدة سنة عشر من مهاجره، واستعمل على المدينة أبا دجانة الساعدىّ- ويقال: سباع ابن عرفطة الغفارىّ- قالوا: وصلّى الظهر بذى الحليفة ركعتين، وأخرج معه نساءه كلهنّ فى الهوادج، وأشعر هديه وقلّده، ثم ركب ناقته، فلما استوى عليها بالبيداء أحرم من يومه، وكان على هديه ناجية بن جندب، وقيل: إنه أهلّ بالحج مفردا، وقيل: قرنه بعمرة، ومضى صلى الله عليه وسلم يسير المنازل ويؤمّ أصحابه فى الصلاة فى مساجد له قد بناها الناس، فكان يوم الاثنين بمرّ الظّهران، فغربت له الشمس بسرف، ثم أصبح فاغتسل ودخل مكة نهارا وهو على راحلته القصواء، وكان تحته
صلى الله عليه وسلّم رحل رثّ عليه قطيفة لا تساوى أربعة دراهم، وقال:«اللهم اجعله حجّا لا رياء فيه ولا سمعة» ، فدخل من أعلى مكة من كداء حتى انتهى إلى باب بنى شيبة، فلما رأى البيت رفع يديه فقال:«اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة، وزد من شرّفه وعظّمه ممّن حجّه واعتمره تشريفا وتكريما ومهابة وتعظيما وبرّا» ؛ ثم بدأ فطاف بالبيت، ورمل «1» ثلاثة أشواط من الحجر إلى الحجر، وهو مضطبع «2» بردائه، ثم صلّى خلف المقام ركعتين، ثم سعى بين الصفا والمروة على راحلته من فوره ذلك، وكان قد اضطرب بالأبطح، فرجع إلى منزله، فلما كان قبل يوم التروية بيوم خطب بمكة بعد الظهر، ثم خرج يوم التروية إلى منى، فبات بها، ثم غدا إلى عرفات، فوقف بالهضاب منها، وقال:«كلّ عرفة [موقف إلّا بطن عرنة «3» ] » ، فوقف على راحلته يدعو، فلما غربت الشمس دفع فجعل يسير العنق «4» حتى جاء المزدلفة، فنزل قريبا من الغار، فصلى المغرب والعشاء بأذان وإقامتين، ثم بات بها، فلما برق الفجر صلّى الصبح، ثم ركب راحلته، فوقف على قزح «5» وقال:«كلّ المزدلفة موقف إلّا بطن محسّر «6» » ، ثم دفع قبل طلوع الشمس، فلما بلغ إلى محسر أوضع «7» ، ولم يزل يلّبى حتى رمى جمرة العقبة، ثم نحر الهدى وحلق رأسه، وأخذ من شاربه وعارضيه، وقلم أظفاره، وأمر بشعره وأظفاره أن تدفن، ثم أصاب الطّيب، ولبس القميص، ونادى مناديه بمنّى: إنها أيّام أكل وشرب وباءة، وجعل يرمى الجمار فى كلّ يوم عند زوال الشمس، ثم خطب الغد من يوم النّحر بعد الظهر