الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فدونك، فسمع وطاعة. قال: فلما أصبحت أخذت برأس الجمل، فأقبلت به حتى أنخته على باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، [ثم «1»
جلست فى المسجد قريبا منه، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم] فرأى الجمل، فقال:«ما هذا» ؟
قالوا: هذا جمل جاء به جابر؛ قال: «فأين جابر» ؟ فدعيت له، فقال:«يابن أخى خذ برأس جملك فهو لك» ودعا بلالا فقال له: «اذهب بجابر فأعطه أوقيّة» . قال:
فذهبت معه فأعطانى أوقية وزادنى شيئا يسيرا. قال: فو الله ما زال ينمى عندى ونرى مكانه من بيتنا حتى أصيب أمس فيما أصيب لنا؛ يعنى يوم الحرّة «2» .
وقال محمد بن سعد: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل جابرا عن دين أبيه فأخبره، فاستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم فى تلك الليلة خمسا وعشرين مرة.
قال: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعال «3»
بن سراقة بشيرا إلى المدينة بسلامته وسلامة المسلمين، وقدم صرارا يوم الأحد لخمس بقين من المحرّم- وصرار على ثلاثة أميال من المدينة، وهى بئر جاهلية على طريق العراق- وغاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة.
ذكر غزوة دومة الجندل
وهى بضم الدال؛ سميت بدومى «4»
بن إسماعيل لأنه كان نزلها، وهى غير دومة التى بفتح الدال.
غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شهر ربيع الأوّل على رأس تسعة وأربعين شهرا من مهاجره، وذلك أنه بلغه صلى الله عليه وسلم أن «1»
يومة الجندل جمعا كثيرا، وأنهم يظلمون من مرّ بهم، وأنهم يريدون أن يدنوا من المدينة- وهى طرف من أفواه الشام، بينها وبين دمشق خمس ليال، وبينها وبين المدينة خمس عشرة أوست عشرة ليلة- فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفارى، وخرج لخمس ليال بقين من شهر ربيع الأوّل فى ألف من المسلمين، فكان يسير الليل ويكمن النهار، ومعه دليل من بنى عذرة، يقال له: مذكور؛ فلما دنا منهم إذا هم مغرّبون، وإذا آثار النّعم «2»
والشاء، فهجم على ماشيتهم ورعائهم، فأصاب من أصاب، وهرب من هرب. وجاء الخبر أهل دومة الجندل، فتفرّقوا، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بساحتهم، فلم يجد بها أحدا، فأقام بهاأياما، وبث السرايا وفرّقها، فرجعت ولم تصب منهم أحدا «3»
وأخذ منهم رجل واحد، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، فقال: هربوا حيث سمعوا أنك أخذت نعمهم؛ فعرض عليه الإسلام فأسلم، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لعشر بقين من شهر ربيع الآخر، ولم يلق كيدا.
وفى هذه الغزوة وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن أن يرعى بتغلمين «4»
وما والاه إلى المراض «5»
، والمراض على ستة وثلاثين ميلا من المدينة على طريق الرّبذة.
ذكر غزوة بنى المصطلق «1» ، وهى غزوة المريسيع
غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شعبان سنة خمس من الهجرة. حكاه محمد بن سعد.
وقال ابن إسحاق: كانت فى شعبان سنة ست؛ وجعلها بعد غزوة ذى قرد.
وكان سبب هذه الغزوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن الحارث بن أبى ضرار سيّد بنى المصطلق سار فى قومه ومن قدر عليه من العرب، ودعاهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابوه وتهيئوا للمسير، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بريدة بن الحصيب الأسلمى للوقوف على حقيقة الخبر، فأتاهم وكلم الحارث ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر، فندب صلى الله عليه وسلم الناس، فأسرعوا فى الخروج، وقادوا الخيول، وهى ثلاثون فرسا، عشرة منها للمهاجرين وعشرون للأنصار، وخرج معه خلق كثير من المنافقين، لم يجتمعوا فى غزاة قط مثلها، واستخلف صلى الله عليه وسلم على المدينة زيد بن حارثة. وقال ابن هشام:
استعمل عليها أبا ذرّ الغفارى. قال: ويقال: نميلة بن عبد الله الليثى. قال ابن سعد: وكان معه صلى الله عليه وسلم فرسان: لزاز، والظّرب، وخرج يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان، فبلغ الحارث بن أبى ضرار ومن معه مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتفرّق عنه من كان معه من العرب وخافوا خوفا شديدا، وانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المريسيع- وهو ماء لبنى المصطلق بينه وبين الفرع نحو من يوم، وبين الفرع والمدينة ثمانية برد- فنزل به وضرب قبّته، ومعه صلى الله عليه وسلم من نسائه أمّهات المؤمنين رضى الله عنهنّ عائشة، وأم سلمة، وتهيّئوا للقتال، وصفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، ودفع راية المهاجرين إلى أبى بكر.
الصدّيق رضى الله عنه، ورواية الأنصار إلى سعد بن عبادة، فتراموا بالنّبل ساعة، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فحملوا حملة رجل واحد، فما أفلت من القوم إنسان، قتل منهم عشرة، وأسر سائرهم، وسبيت النساء والذّرارى، وغنمت النعم والشاء، ولم يستشهد من المسلمين إلّا رجل واحد، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسارى فكتفوا، واستعمل عليهم بريدة بن الحصيب، وأمر بجمع الغنائم فجمعت، واستعمل عليها شقران مولاه، وقسم السبى والنعم والشاء، فعدلت الجزور بعشر من الغنم، وبيعت الرّثّة»
فيمن يريد «2»
، قال: وكانت الإبل ألفى «3»
بعير والشاء خمسة آلاف شاة، والسبى مائتى أهل بيت، وصارت جويرية بنت الحارث ابن أبى ضرار فى سهم ثابت بن قيس بن شماس وابن عم له «4»
. فكاتباها على تسع أواق من ذهب، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كتابتها، فأدّى «5»
عنها، وتزوّجها على ما نذكر ذلك إن شاء الله فى أخبار أزواجه صلى الله عليه وسلم.
قال ابن سعد: وكان من السبى من منّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير فداء، ومنهم من أفدى، فافتديت «6»
المرأة والذرّيّة بست فرائض، وقدموا المدينة ببعض السبى، فقدم عليهم أهلوهم فافتدوهم، فلم تبق امرأة من بنى المصطلق إلّا رجعت إلى قومها. وكان شعار المسلمين يوم بنى المصطلق: يا منصور أمت أمت؛ وغاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزاته هذه ثمانية وعشرين يوما، وقدم المدينة لهلال رمضان.