المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر غزوة بنى النضير - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ١٧

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء السابع عشر

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الأول من القسم الخامس في سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله]

- ‌ذكر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أوّل لواء عقده صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر سرية عبيدة بن الحارث بن المطّلب إلى بطن رابغ

- ‌ذكر سريّة سعد بن أبى وقّاص إلى الخرّار

- ‌ذكر غزوة الأبواء

- ‌ذكر غزوة بواط

- ‌ذكر غزوة بدر الأولى

- ‌ذكر غزوة ذى العشيرة

- ‌ذكر سرّية عبد الله بن جحش الأسدى إلى نخلة

- ‌ذكر غزوة بدر الكبرى

- ‌ذكر رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب وخروج قريش إلى بدر

- ‌ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين إلى بدر

- ‌ذكر تسمية من شهد بدرا من المهاجرين والأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر تسمية من استشهد من المسلمين فى غزاة بدر

- ‌ذكر تسمية من قتل من المشركين فى غزوة بدر

- ‌ذكر تسمية من أسر من المشركين فى غزوة بدر

- ‌ذكر خبر أسارى بدر وما كان من فدائهم، ومن منّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (وأطلقه منهم) ، ومن أسلم بسبب ذلك

- ‌ذكر خبر أبى سفيان فى أسر ابنه عمرو بن أبى سفيان وإطلاقه

- ‌ذكر خبر أبى العاص بن الربيع فى فدائه

- ‌ذكر خبر الوليد بن الوليد بن المغيرة

- ‌ذكر من منّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسارى بدر وأطلقه بغير فداء

- ‌ذكر سرية عمير بن عدىّ بن خرشة الخطمىّ إلى عصماء بنت مروان من بنى أميّة بن زيد

- ‌ذكر سريّة سالم بن عمير العمرىّ إلى أبى عفك اليهودىّ

- ‌ذكر غزوة بنى قينقاع

- ‌ذكر غزوة السّويق

- ‌ذكر غزوة قرقرة الكدر ويقال قرارة الكدر وهى غزوة بنى سليم

- ‌ذكر مقتل كعب بن الأشرف اليهودىّ وخبر سريّته

- ‌ذكر غزوة بنى سليم بجران

- ‌ذكر سريّة زيد بن حارثة إلى القردة

- ‌ذكر غزوة أحد

- ‌ذكر تسمية من قتل من المشركين يوم أحد

- ‌ذكر غزوة حمراء الأسد

- ‌ذكر سريّة أبى سلمة بن عبد الأسد المخزومى

- ‌ذكر سريّة عبد الله بن أنيس إلى سفيان بن خالد الهذلى

- ‌ذكر سرية المنذر بن عمرو السّاعدى إلى بئر معونة

- ‌ذكر سريّة مرثد بن أبى مرثد الغنوى إلى الرّجيع

- ‌ذكر غزوة بنى النّضير

- ‌ذكر قصة برصيصا

- ‌ذكر غزوة بدر الموعد

- ‌ذكر خبر جابر بن عبد الله فى جمله، واستغفار النبىّ صلى الله عليه وسلم لأبيه

- ‌ذكر غزوة دومة الجندل

- ‌ذكر غزوات الخندق، وهى غزوة الأحزاب

- ‌ذكر تسمية من استشهد من المسلمين فى غزوة الخندق ومن قتل من المشركين

- ‌ذكر ما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن فى غزوة الخندق وما ورد فى تفسير ذلك

- ‌ذكر غزوة بنى قريظة

- ‌ذكر نزول بنى قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسؤال الأوس فيهم؛ وتحكيم سعد بن معاذ وحكمه فيهم بحكم الله تعالى وقتلهم

- ‌ذكر سرية عبد الله بن عتيك إلى أبى رافع سلّام ابن أبى الحقيق النضرىّ بخيبر

- ‌ذكر سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء، وهم بنو قرط وقريط من بنى كلاب

- ‌ذكر غزوة بنى لحيان بناحية عسفان

- ‌ذكر سرية محمد بن مسلمة إلى بنى ثعلبة بذى القصّة

- ‌ذكر سرية أبى عبيدة بن الجرّاح إلى ذى القصّة

- ‌ذكر سرية زيد بن حارثة إلى بنى سليم بالجموم

- ‌ذكر سرية زيد بن حارثة إلى العيص لعير قريش

- ‌ذكر سرية زيد بن حارثة إلى الطّرف إلى بنى ثعلبة

- ‌ذكر سرية زيد بن حارثة إلى حسمى، وهى وراء وادى القرى

- ‌ذكر سرية على بن أبى طالب رضى الله عنه إلى بنى سعد بن بكر بفدك

- ‌ذكر سريّة زيد بن حارثة إلى وادى القرى وقتل أم قرفة

- ‌ذكر سريّة كرز بن جابر الفهرى إلى العرنيّين

- ‌ذكر سرية عمرو بن أمية الضّمرىّ وسلمة بن أسلم إلى أبى سفيان بن حرب بمكة

- ‌ذكر بيعة الرّضوان

- ‌ذكر هدنة قريش وما وقع فيها من الشروط

- ‌ذكر رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ونزول سورة الفتح

- ‌ذكر خبر أبى بصير ومن لحق به وانضم إليه

- ‌ذكر غزوة خيبر وفتحها وما يتصل بذلك

- ‌ذكر تسمية من استشهد من المسلمين فى غزوة خيبر

- ‌ذكر قسم غنائم خيبر

- ‌ذكر تسمية من قسم لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتيبة التى خرجت للخمس وما أعطاهم منها

- ‌ذكر خبر الحجاج بن علاط وما أوصله إلى أهل مكة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استوفى أمواله

- ‌ذكر انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خيبر إلى وادى القرى، ونومهم عن صلاة الصبح

- ‌ذكر سريّة عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى تربة

- ‌ذكر سرية أبى بكر الصديق رضى الله عنه إلى بنى كلاب بنجد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شعبان سنة سبع من مهاجره

- ‌ذكر سريّة بشير بن سعد الأنصارى إلى فدك

- ‌ذكر سريّة غالب بن عبد الله الليثى إلى الميفعة

- ‌ذكر سريّة ابن أبى العوجاء السّلمىّ إلى بنى سليم

- ‌ذكر سريّة غالب بن عبد الله الليثىّ إلى بنى الملوح بالكديد

- ‌ذكر سريّة غالب بن عبد الله الّليثى أيضا إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك

- ‌ذكر سريّة شجاع بن وهب الأسدىّ إلى بنى عامر بالسّىّ

- ‌ذكر سريّة كعب بن عمير الغفارىّ إلى ذات أطلاح

- ‌ذكر سريّة مؤتة

- ‌ذكر تسمية من استشهد من المسلمين يوم مؤتة

- ‌ذكر سريّة عمرو بن العاص إلى ذات السّلاسل

- ‌ذكر سريّة أبى عبيدة بن الجرّاح، وهى سريّة الخبط

- ‌ذكر سريّة أبى قتادة بن ربعىّ الأنصارىّ إلى خضرة وهى أرض محارب بنجد

- ‌ذكر سريّة أبى قتادة بن ربعىّ الأنصارىّ إلى بطن إضم

- ‌ذكر غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح والسبب الّذى أوجب نقض العهد وفسخ الهدنة

- ‌ذكر خبر حاطب بن أبى بلتعة فى كتابه إلى أهل مكّة، وإعلام الله تعالى نبيّه صلى الله عليه وسلم بذلك، وأخذه الكتاب، وما أنزل الله عز وجل فى ذلك من القرآن

- ‌ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكّة، ومن جاءه فى طريقه قبل دخوله مكّة

- ‌ذكر مجىء العبّاس بأبى سفيان بن حرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإسلام أبى سفيان، وخبر الفتح

- ‌ذكر دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكّة شرّفها الله تعالى صلحا، ودخول خالد بن الوليد ومن معه من القبائل عنوة

- ‌ذكر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلهم يوم فتح مكّة وسبب ذلك، ومن قتل منهم، ومن نجا بإسلامه

- ‌ذكر إسلام أبى قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب

- ‌ذكر دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، وطوافه بالبيت ودخوله الكعبة، وما فعل بالأصنام

- ‌ذكر سريّة خالد بن الوليد إلى العزّى وهدمها

- ‌ذكر سريّة عمرو بن العاص إلى سواع وكسره

- ‌ذكر سريّة سعد بن زيد الأشهلىّ إلى مناة

- ‌ذكر سريّة خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة بن عامر ابن عبد مناة بن كنانة، وهو يوم الغميصاء

- ‌ذكر غزوة حنين، وهى إلى هوازن وثقيف

- ‌ذكر سرية الطّفيل بن عمرو الدّوسىّ إلى ذى الكفّين

- ‌ذكر غزوة الطائف

- ‌ذكر مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجعرانة وقسم مغانم حنين، وما أعطاه المؤلّفة

- ‌ذكر قدوم وفد هوازن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامهم وردّ السبايا إليهم

- ‌ذكر تسمية من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش وغيرها عند قسم مغانم حنين

- ‌ذكر مقالة الأنصار فى أمر قسم الفىء، وما أجابهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضّاهم به

- ‌ذكر استخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد على مكّة ورجوعه إلى المدينة

- ‌ذكر سريّة عيينة بن حصن الفزارىّ إلى بنى تميم

- ‌ذكر خبر الوليد بن عقبة بن أبى معيط مع بنى المصطلق

- ‌ذكر سريّة قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم

- ‌ذكر سريّة الضحّاك بن سفيان الكلابىّ إلى بنى كلاب كانت فى شهر ربيع الأوّل سنة تسع من الهجرة

- ‌ذكر سريّة علقمة بن مجزّز المدلجىّ إلى الحبشة

- ‌ذكر سريّة علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه إلى الفلس صنم طيئ

- ‌ذكر سريّة عكّاشة بن محصن الأسدى إلى الجناب

- ‌ذكر غزوة تبوك

- ‌ذكر سريّة خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك

- ‌ذكر خبر مرور رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر وما قاله لأصحابه

- ‌ذكر أخبار المنافقين وما تكلّموا به فى غزوة تبوك وما أنزل الله عز وجل فيهم من القرآن

- ‌ذكر خبر الثلاثة الذين خلّفوا، وما أنزل فيهم وفى المعذّرين من الأعراب

- ‌ذكر سريّة خالد بن الوليد إلى بنى عبد المدان بنجران

- ‌ذكر سريّة على بن أبى طالب رضى الله عنه إلى اليمن

- ‌ذكر حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره

- ‌ذكر الخطبة التى خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌وأمّا عمره صلى الله عليه وسلم

- ‌وأمّا عمرة القضاء

- ‌[صورة ما جاء فى آخر هذا الجزء بنسخة ا]

- ‌[صورة ما جاء فى آخر هذا الجزء أيضا بنسخة ج]

- ‌فهرس المراجع

- ‌استدراك

الفصل: ‌ذكر غزوة بنى النضير

وذلك فى ذات الإله وإن يشأ

يبارك على أوصال شلو ممزّع «1»

وقد عرّضوا بالكفر والموت دونه

وقد ذرفت عيناى من غير مدمع «2»

وما بى حذار الموت، إنى لمّيت

ولكن حذارى حرّ نار تلفع «3»

فلست بمبد للعدوّ تخشّعا

ولا جزعا إنّى إلى الله مرجعى

ولست أبا لى حين أقتل مسلما

على أى حال كان فى الله مضجعى

وفى رواية ابن شهاب:

على أى جنب كان فى الله مصرعى

قالوا: وصلب بالتّنعيم، وكان الذى تولى صلبه عقبة بن الحارث، وأبو هبيرة العدوى «4» .

‌ذكر غزوة بنى النّضير

غزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شهر ربيع الأوّل، سنة أربع، على رأس سبعة وثلاثين شهرا من مهاجره.

وكان سبب هذه الغزوة على ما حكاه محمد بن سعد، ومحمد بن إسحاق، وعبد الملك بن هشام، دخل حديث بعضهم فى بعض، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج إلى بنى النضير يستعينهم فى دية الكلابيّين أو العامريّين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضّمرى، فقالوا: نعم يا أبا القاسم، نعينك بما أحببت. وكان

ص: 137

رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد جلس إلى جنب جدار من بيوتهم، وهو فى نفر من أصحابه، فيهم أبو بكر، وعمر، وعلىّ، رضوان الله عليهم، فخلا بعض بنى النضير إلى بعض، فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، فمن رجل «1» يعلو هذا البيت، فيلقى عليه صخرة فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش «2» ابن كعب، أحدهم، فقال: أنا لذلك؛ فقال سلّام بن مشكم: لا تفعلوا، والله ليخبرنّ بما هممتم به، وإنه لنقض للعهد الذى بيننا وبينه. وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما أراد القوم، فنهض مسرعا كأنه يريد الحاجة فتوجه إلى المدينة، فلما أبطأ على أصحابه قاموا فى طلبه، فلقوا «3» رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه صلى الله عليه وسلم، فقال: رأيته قد دخل المدينة. فأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتوه، فقالوا: يا رسول الله، قمت ولم نشعر.

قال: همّت يهود بالغدر فأخبرنى الله بذلك فقمت. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم محمد بن مسلمة: «أن أخرجوا من بلدى فلا تساكنونى بها، وقد هممتم بما هممتم به من الغدر، وقد أجلتكم عشرا [أى من «4» الأيام] فمن رئى بعد ذلك ضربت عنقه» . فمكثوا أياما يتجّهزون، وأرسلوا إلى ظهر لهم بذى الجدر»

وتكاروا إبلا من ناس من أشجع، فأرسل إليهم عبد الله بن أبىّ: أن أقيموا فى حصونكم، ولا تخرجوا من دياركم، فإن معى ألفين من قومى وغيرهم من العرب يدخلون معكم حصنكم فيموتون من عند آخرهم، وتمدّكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان. ووافقه على ذلك وديعة «6» بن مالك بن أبى قوقل، وسويد وداعس، وقالوا

ص: 138

لهم: إن قوتلتم نصرناكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم؛ فطمع حيّى بن أخطب فيما قال ابن أبىّ، فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لا نخرج من ديارنا فاصنع ما بدا لك. فكبّر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكبّر المسلمون لتكبيره، وقال: حاربت يهود. واستخلف على المدينة ابن أمّ مكتوم، وسار فى أصحابه، وعلى بن أبى طالب يحمل لواءه، فصلى العصر بفناء بنى النضير، فلما رأوه تحصنوا بحصونهم، وقاموا عليها معهم النبل والحجارة، واعتزلتهم قريظة فلم تعنهم، وخذلهم عبد الله بن أبىّ ومن وافقه فلم ينصروهم، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ست ليال، ثم أمر بقطع النّخيل وتحريقها، فنادوه: يا محمد، قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخل وتحريقها! وكان الله عز وجل أمر رسوله، صلى الله عليه وسلم بذلك، فقذف الله فى قلوبهم الرعب، وقالوا:

نخرج من بلادك. فقال: لا أقبله اليوم، ولكن اخرجوا منها، ولكم دماؤكم وما حملت الإبل إلا الحلقة «1» . فنزلوا على ذلك.

وكانت مدّة حصرهم خمسة عشر يوما، وولى إخراجهم محمد بن مسلمة، فحملوا النساء والصبيان وتحملوا على سبعمائة بعير، وكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف «2» بابه، فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به، فخرجوا إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام، وكان من أشرافهم ممن سار إلى خيبر سلام بن أبى الحقيق، وكنانة بن الربيع ابن أبى الحقيق، وحيّى بن أخطب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هؤلاء فى قومهم بمنزلة بنى المغيرة فى قريش. وحزن المنافقون [عليهم «3» ] حزنا شديدا، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم الأموال والحلقة، فوجد من الحلقة خمسين

ص: 139

درعا، وخمسين بيضة، وثلاثمائة سيف وأربعين سيفا، وكانت بنو النضير صفيّا «1» لرسول الله صلى الله عليه وسلم، خالصة له حبسا «2» لنوائبه، لم يخمّسها ولم يسهم منها لأحد، إلا أنه أعطى ناسا من أصحابه، ووسّع فى الناس، فكان ممن أعطاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم من المهاجرين أبو بكر [الصديق «3» ] رضى الله عنه، أعطاه بئر حجر، وعمر بن الخطاب بئر جرم «4» ، وعبد الرحمن بن عوف سوالة، وصهيب بن سنان الصراطة «5» ، والزبير بن العوّام وأبو سلمة بن عبد الأسد البويلة «6» ، وسهل بن حنيف وأبو دجانة مالا، يقال له: مال ابن خرشة. حكاه محمد بن سعد فى طبقاته.

قال: ولما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى النضير، قال: امضوا فإن هذا أوّل الحشر وإنا على الأثر.

وأنزل الله عز وجل فى بنى النضير سورة «الحشر» بكمالها.

يقول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) .

ص: 140

قال الأستاذ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبى النيسابورى، رحمه الله:

«أهل الكتاب» بنو النضير «من ديارهم» التى كانت بيثرب «لأوّل الحشر» قال الزهرى: كانوا من سبط «1» لم يصبهم جلاء فيما مضى، وكان الله عز وجل قد كتب عليهم الجلاء، ولولا ذلك لعذبهم فى الدنيا، قال: وكانوا أوّل حشر فى الدنيا حشر إلى «2» الشام. وقال الكلبى: إنما قال: «لأوّل الحشر» لأنهم أوّل حشر من أهل الكتاب، ونفوا من الحجاز. وقال مرّة الهمدانىّ: كان هذا أوّل الحشر من أهل المدينة، والحشر الثانى من خيبر وجميع جزيرة العرب إلى أذرعات وأريحا «3» من الشام فى أيام عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وعلى يديه. وقال قتادة:

كان هذا أوّل الحشر، والحشر الثانى: نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا، وتأكل منهم من تخلّف.

«ما ظننتم» أيها المؤمنون «أن يخرجوا» من المدينة «وظنّوا أنّهم مانعتهم حصونهم من الله» حيث درّبوها وحصنوها «فأتاهم الله» أى أمر الله وعذابه « [من «4» ] حيث لم يحتسبوا وقذف فى قلوبهم الرّعب» قيل: بقتل سيدهم كعب بن الأشرف.

«يخربون بيوتهم بأيديهم» قال ابن إسحاق: وذلك لهدمهم بيوتهم عن نجف أبوابهم. وقال ابن زيد: كانوا يقتلون العمد، وينقضون السقوف وينقبون الجدران ويقلعون الخشب «5» ، حتى الأوتاد، يخربونها لئلا يسكنها المسلمون حسدا منهم وبغضا. وقال ابن عباس: كلما ظهر المسلمون على دار من دورهم «6» هدموها لتتسع لهم المقاتل، وجعل أعداء الله ينقبون دورهم من أدبارهم فيخرجون إلى التى

ص: 141

بعدها، فيتحصنون فيها ويكسرون ما يليهم منها، ويرمون بالتى خرجوا منها أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم. وقال قتادة: كان المسلمون يخربون ما يليهم من ظاهرها، وتخربها اليهود من باطنها، فذلك قوله عز وجل:

«يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ» .)

ثم قال تعالى: (وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ)

الآية «الْجَلاءَ»

عن الوطن (لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا)

بالقتل وبالسّبى «1» كما فعل ببنى قريظة «وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ.)

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا «2» اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ» .

قوله تعالى: (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ)

قال ابن إسحاق: اللينة: ما خالف العجوة من النخل. وقال ابن هشام: ما لم تكن برنيّة «3» ولا عجوة. وقال عكرمة وزيد بن رومان وقتادة: النخل كلّه لينة ما خلا العجوة. وعن ابن عباس رضى الله عنهما، اللينة: النخلة والشجرة.

وقال سفيان: هى كرام النخل. وقيل: هى النخلة القريبة من الأرض. وقال مقاتل: هو ضرب من النخل، يقال لثمرها «4» : اللّون، وهو شديد الصفرة، يرى نواه من خارج، يغيب فيه الضّرس، وكان من أجود ثمرهم وأعجبها إليهم، وكانت النخلة الواحدة ثمنها ثمن وصيف «5» ، وأحب إليهم من وصيف، فلما رأوا ذلك يقطع شق عليهم. قال: وجمع اللينة لين. وقيل: ليان «6» .

ص: 142

قال الثعلبى: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ببنى النضير، وتحصنوا فى حصونهم، أمر بقطع نخيلهم وإحراقها، فجزع أعداء الله عند ذلك وقالوا: يا محمد زعمت أنك تريد الصلاح، أفمن الصلاح قطع النخيل، وعقر الشجر؟ وهل وجدت فيما زعمت أنه أنزل عليك الفساد فى الأرض؟ فشق ذلك على النبى صلى الله عليه وسلم، ووجد المسلمون فى أنفسهم من قولهم، وخشوا أن يكون «1» في ذلك فسادا، واختلف المسلمون فى ذلك، فقال بعضهم: لا تقطعوا، فإنه مما أفاء الله علينا. وقال بعضهم: بل نغيظهم بقطعها. فأنزل الله تعالى الآية بتصديق من نهى عن قطعه، وتحليل من قطع من الإثم، وأخبر أن قطعه وتركه بإذنه تعالى.

وفى قطع نخيل بنى النضير يقول حسان بن ثابت:

وهان على سراة بنى لؤىّ

حريق بالبويرة مستطير

وقوله تعالى: «وليخزى الفاسقين» أى وليذل اليهود ويخزيهم ويغيظهم.

قوله تعالى: (وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

«أفآء الله» أى ردّ على رسوله ورجع إليه، ومنه فىء الظلّ [منهم «2» ] أى من بنى النضير من الأموال «فما أوجفتم» أوضعتم «3» «عليه من خيل ولا ركاب» وهى الإبل، يقول: لم تقطعوا إليها شقّة، ولم تنالوا فيها مشقة، ولم تكلفوا مؤنة «4» ، ولم تلقوا حربا.

وإنما كانت بالمدينة فمشوا إليها مشيا، ولم يركبوا خيلا ولا إبلا إلا التى

ص: 143

صلّى الله عليه وسلّم، فإنه ركب جملا فافتتحها صلحا، وأجلاهم عنها وخزن أموالهم فسأل المسلمون النبى صلى الله عليه وسلم القسمة، فأنزل الله عز وجل الآية، فجعل أموال بنى النضير خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يضعها حيث يشاء، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئا إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة، وهم: أبو دجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف، والحارث بن الصّمة. قال: ولم يسلم من بنى النضير إلا رجلان، أحدهما سفيان ابن عمير بن وهب، والثانى سعد بن وهب، أسلما على أموالهما فأحرزاها. روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال: إن أموال بنى النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف «1» المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينفق على أهله منه نفقة سنته، وما بقى جعله فى الكراع «2» والسلاح عدّة فى سبيل الله.

قوله تعالى: (ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)

قال ابن عباس رضى الله عنهما: القرى هى قريظة والنّضير، وهما بالمدينة، وفدك، وهى من المدينة على ثلاثة أميال، وخيبر، وقرى عرينة وينبع جعلها الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، يحكم فيها ما أراد، فاحتواها كلها، فقال ناس: هلا قسمها؟ فأنزل الله عز وجل هذه الآية. قال: و (الْقُرْبى) *

قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم بنو هاشم وبنو المطلب. وقوله:(كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ)

أى بين

ص: 144

الرؤساء والأغنياء والأقوياء، فيغلبوا عليه الفقراء والضعفاء، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا غنموا غنيمة أخذ الرئيس ربعها لنفسه، وهو المرباع، ثم يصطفى منها أيضا بعد المرباع ما شاء، وفيه يقول شاعرهم:

لك المرباع منها والصّفايا

وحكمك والنّشيطة والفضول «1»

فجعل الله تعالى [هذا «2» ] لرسوله عليه السلام يقسمه فى المواضع التى أمر بها.

وقوله تعالى: (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ)

أى ما أعطاكم من الفىء والغنيمة «وما نهاكم عنه» من الغلول وغيره «فانتهوا» .

قوله تعالى: (لِلْفُقَراءِ) *

يعنى كى لا يكون ما أفاء الله على رسوله دولة بين الأغنياء منكم ولكن يكون (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)

أى فى إيمانهم.

قال قتادة: هم المهاجرون الذين تركوا الديار والأموال والأهلين والعشائر، وخرجوا حبّا لله ورسوله، واختاروا الإسلام على ما كانت فيه من شديدة، حتى ذكر لنا أن الرجل كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع، وكان الرجل يتخذ الحفيرة فى الشتاء ماله دثار غيرها.

وعن سعيد بن جبير، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، قالا: كان ناس من المهاجرين لأحدهم الدار والزوجة والعبد والناقة، يحج عليها ويغزو، فنسبهم الله تعالى إلى أنهم فقراء، وجعل لهم سهما فى الزكاة.

ص: 145

قوله تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

قال: قوله (تَبَوَّؤُا)

توطنوا (الدَّارُ) *

اتخذوا المدينة دار الإيمان والهجرة، وهم الأنصار، أسلموا فى ديارهم وابتنوا المساجد قبل قدوم النبىّ صلى الله عليه وسلم، فأحسن الله الثناء عليهم. وقوله:

(مِنْ قَبْلِهِمْ) *

أى من قبل قدوم المهاجرين عليهم، وقد آمنوا (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً»

أى حزازة وغيظا وحسدا (مِمَّا أُوتُوا)

أى مما أعطى المهاجرين من الفىء، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قسم أموال بنى النضير بين المهاجرين، ولم يعط الأنصار «1» منها شيئا إلا الثلاثة الذين ذكرناهم، فطابت أنفس الأنصار بذلك (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ)

إخوانهم من المهاجرين بأموالهم ومنازلهم (وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ)

أى فاقة وحاجة إلى ما يؤثرون، وذلك أنهم قاسموهم ديارهم وأموالهم. وعن ابن عباس رضى الله عنهما، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النضير للأنصار:«إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وتشاركونهم فى هذه الغنيمة، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم عليكم شىء من الغنيمة» فقالت الأنصار: بل نقسم لهم من ديارنا «2» وأموالنا ونؤثرهم بالغنيمة ولم نشاركهم فيها. فأنزل الله عز وجل: (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

والشحّ فى كلام العرب: البخل ومنع الفضل.

ص: 146

قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ «1» رَحِيمٌ)

قال ابن أبى ليلى: الناس على ثلاث منازل: للفقراء المهاجرون، والذين تبوّءوا الدار والإيمان، والذين جاءوا من بعدهم، فاجهد ألا تكون خارجا من هذه المنازل.

وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: أمر الله عز وجل بالاستغفار لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وهو يعلم أنهم سيفتنون. وعن عائشة رضى الله عنها قالت:

أمرتم بالاستغفار لأصحاب محمد عليه السلام فسببتموهم، سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول:«لا تذهب هذه الأمة حتى يلعن آخرها أوّلها» .

قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ. لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ)

نزلت هذه الآيات فى شأن عبد الله بن أبىّ ومن وافقه فى إرسالهم لبنى النضير وقعودهم عنهم، كما تقدّم آنفا، وقوله:(لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ)

يقول: يرهبونكم أشدّ من رهبتهم الله تعالى. (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) .

قوله تعالى: (لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ «2» بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ)

أعلم الله تعالى المؤمنين أن اليهود لا يبرزون لهم بالقتال، ولا يقاتلونهم إلا فى قرى محصنة، أو من

ص: 147