الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان ممن فرّ يومئذ هبيرة بن أبى وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، وهو زوج أمّ هانئ بنت أبى طالب أخت علىّ لأبويه؛ فأسلمت، وهرب هبيرة إلى نجران، وقال معتذرا من فراره:
لعمرك ما ولّيت ظهرى محمّدا
…
وأصحابه جبنا ولا خيفة القتل
ولكننى قلّبت أمرى فلم أجد
…
لسيفى غناء إن ضربت ولا نبلى
وقفت فلمّا خفت ضيعة موقفى
…
رجعت لعود كالهزير إلى الشّبل
قال ابن هشام: وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وحنين والطائف: شعار المهاجرين: يا بنى عبد الرحمن، وشعار الخزرج:
يا بنى عبد الله، وشعار الأوس: يا بنى عبيد الله؛ وكان الفتح يوم الجمعة لعشر بقين من رمضان.
ذكر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلهم يوم فتح مكّة وسبب ذلك، ومن قتل منهم، ومن نجا بإسلامه
قالوا: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أصحابه بقتل ستّة نفر وأربع نسوة، وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، وهم: عكرمة بن أبى جهل، وهبّار ابن الأسود، وعبد الله بن سعد بن أبى سرح، ومقيس بن صبابة الليثى، والحويرث ابن نقيذ بن وهب، وعبد الله بن هلال بن خطل الأدرمىّ، وهند بنت عتبة، وسارة مولاة عمرو بن هشام، وفرتنى، وقريبة.
فأمّا عكرمة بن أبى جهل فإنه هرب إلى اليمن، وأسلمت امرأته أمّ حكيم بنت الحارث بن هشام، فاستأمنن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمّنه، فخرجت فى طلبه إلى اليمن حتى أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم وحسن إسلامه.
حكى الزبير بن بكّار قال: لما أسلم عكرمة قال: يا رسول الله، علّمنى خير شىء تعلمه أقواله؛ فقال له النبى صلى الله عليه وسلم:«شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله» ، فقال عكرمة: أنا أشهد بهذا، وأشهد بذلك من حضرنى، وأسألك يا رسول الله أن تستغفر لى؛ فاستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال عكرمة: والله لا أدع نفقة كنت أنفقها فى صدّ عن سبيل الله إلّا أنفقت ضعفها فى سبيل الله، ولا قتالا قاتلته إلّا قاتلت ضعفه؛ ثم اجتهد فى الجهاد والعبادة حتى استشهد رحمه الله فى خلافة عمر بن الخطّاب بالشام؛ وقيل: استشهد فى آخر خلافة أبى بكر، قيل: فى يوم اليرموك. وقيل: فى يوم مرج «1» الصّفّر، وقيل: أجنادين «2» . والله أعلم.
وأما عبد الله بن سعد بن أبى سرح، فإنه كان قد أسلم، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحى؛ فارتدّ ورجع إلى قريش، فلما كان يوم الفتح فرّ إلى عثمان بن عفّان رضى الله عنه، وهو أخوه من الرضاعة، فغيّبه حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأمن له بعد أن اطمأن الناس؛ فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صمت طويلا، ثم قال:«نعم» ؛ فلما انصرف عنه عثمان قال لمن حوله من أصحابه: «لقد صمّت ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه» ،
فقال رجل من الأنصار: فهلّا أو مأت إلىّ يا رسول الله؟ فقال: «إن النبىّ لا يقتل بالإشارة» ، ثم أسلم عبد الله بن سعد بعد ذلك.
وأمّا مقيس بن صبابة، فإن أخاه هشام بن صبابة كان قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة بنى المصطلق بالمريسيع، فأصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة بن الصامت وهو يرى أنه من العدوّ، فقتله خطأ، فقدم مقيس هذا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وأظهر الإسلام، وقال:
يا رسول الله، جئتك مسلما، وجئتك أطلب دية أخى، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية أخيه، فأقام غير كثير، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله، ثم خرج إلى مكّة مرتدّا، فنذر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله لذلك، فقتله نميلة بن عبد الله؛ رجل من قومه.
وأما الحويرث بن نقيذ فقتله على بن أبى طالب رضى الله عنه، لأنه كان يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان العباس بن عبد المطلب حمل بنتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة وأمّ كلثوم من مكّة يريد بهما المدينة، فرمى بهما الحويرث إلى الأرض.
وأمّا عبد الله بن خطل، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله لأنه كان مسلما، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدّقا «1» ، وبعث معه رجلا من الأنصار، وكان معه مولى له يخدمه وهو مسلم، فنزل منزلا وأمر المولى أن يذبح له تيسا، فيصنع له طعاما، فنام واستيقظ ولم يصنع له شيئا، فقتله ثم ارتدّ، وكانت فرتنى وقريبة قينتاه تغنيّان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل ابن خطل