الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى وجعه الذى قبضه الله فيه:
«لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان» ؛ ففحص عمر عن ذلك حتى بلغه الثبت، فأرسل إلى يهود، فقال: إن الله قد أذن فى إجلائكم، قد بلغنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان» فمن كان عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود فليأتنى به أنفذه له، ومن لم يكن له عهد منه فليتجهز للجلاء. فأجلى عمر بن الخطاب من لم يكن عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا ما كان من أمر خيبر على سبيل الاختصار، فلنذكر ما اتفق بعد فتح خيبر مما يتعين إلحاقه بهذه الغزوة لتعلقه بها، فمن ذلك خبر الشاة التى سمّ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قدّمنا ذكر ذلك فى أخبار يهود، وهو فى الجزء الرابع عشر من هذه النسخة «1» ، ومنه خبر الحجاج بن علاط.
ذكر خبر الحجاج بن علاط وما أوصله إلى أهل مكة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استوفى أمواله
قالوا: وكان الحجاج بن علاط السّلمىّ ثم البهزىّ أسلم وشهد خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فتحت خيبر قال: يا رسول الله، إن لى بمكة ما لا عند صاحبتى أم شيبة بنت أبى طلحة، ومال مفرّق فى تجار أهل مكة، فأذن لى يا رسول الله.
فأذن له، فقال: إنه لا بدّ لى يا رسول الله من أن أقول. قال: «قل» ، قال الحجاج:
فخرجت حتى إذا قدمت مكة وجدت بثنيّة البيضاء «2» رجالا من قريش يستمعون الأخبار، ويسألون عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بلغهم أنه قد سار
إلى خيبر، وقد عرفوا أنها قرية الحجاز؛ ريفا ومنعة ورجالا، فهم يتحسسون الأخبار، ويسألون الرّكبان، فلما رأونى قالوا: الحجاج بن علاط عنده والله الخبر؛ قال: ولم يكونوا قد علموا بإسلامى، فقالوا: أخبرنا يا أبا محمد، فإنه بلغنا أن القاطع قد سار إلى خيبر، وهى بلد يهود وريف بالحجاز؛ قال: قلت: قد بلغنى ذلك وعندى من الخبر ما يسركم؛ فالتبطوا «1» بجنبى ناقتى يقولون: إيه يا حجاج! قال:
قلت: هزم هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط، وقتل أصحابه قتلا لم تسمعوا بمثله قط، وأسر محمد أسرا، وقالوا: لا نقتله حتى نبعث به إلى مكة، فيقلتوه بين أظهرهم بمن أصاب من رجالهم. فقاموا وصاحوا بمكة، وقالوا: لقد جاءكم الخبر، وهذا محمد، إنما تنتظرون أن يقدم به عليكم فيقتل بين أظهركم. قال: قلت: أعينونى على جمع مالى بمكة على غرمائى، فإنى أريد أن أقدم خيبر، فأصيب من فلّ «2» محمد وأصحابه قبل أن يسبقنى التجار إلى ما هنالك. قال: فقاموا فجمعوا لى مالى كأحثّ «3» جمع سمعت به. قال: وجئت صاحبتى فقلت: مالى- وقد كان لى عندها مال موضوع- لعلى الحق بخيبر، فأصيب من فرص البيع قبل أن يسبقنى التجار؛ قال:
فلما سمع العباس بن عبد المطلب الخبر وجاءه عنّى، أقبل حتى وقف إلى جنبى وأنا فى خيمة من خيم «4» التجار، فقال: يا حجاج، ما هذا الخبر الذى جئت به؟
قال: قلت: وهل عندك حفظ لما وضعت عندك؟ قال: نعم؛ قلت: فاستأخر عنى حتى أفرغ. قال: فلما فرغت من جمع كل شىء كان لى بمكة، وأجمعت الخروج لقيت العباس فقلت: احفظ علىّ حديثى يا أبا الفضل، فإنى أخشى الطلب ثلاثا، ثم قل ما شئت. قال: أفعل؛ قلت: فإنى والله تركت ابن أخيك