الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال عبد الله بن الزبير: نزلت فى أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهم، وذلك أنّ أمّها قتيلة بنت عبد العزّى بن عبد أسعد من بنى مالك بن حسل قدمت عليها المدينة بهدايا وهى مشركة، فقالت أسماء: لا أقبل منك هديّة، ولا تدخلى علىّ بيتى حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فسألت لها عائشة رضى الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل هذه الآية، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تدخلها عليها منزلها، وتقبل هديّتها، وتحسن إليها، وتكرمها.
وقال مرّة الهمذانىّ وعطية العوفىّ: نزلت فى قوم من بنى هاشم، منهم العباس.
ثم قال تعالى: (إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ «1» )
قال: وهم مشركو مكّة. فلنرجع إلى أخبار غزوة الفتح.
ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكّة، ومن جاءه فى طريقه قبل دخوله مكّة
قال: ولمّا تهيّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم للغزاة بعث إلى من حوله من العرب فجلبهم، وهم أسلم، وغفار، ومزينة، وجهينة، وأشجع، وسليم، فمنهم من وافاه بالمدينة، ومنهم من لحقه فى الطريق، وكان المسلمون فى غزوة الفتح عشرة آلاف، واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة عبد الله بن أمّ مكتوم؛ قاله محمد بن سعد.
وقال محمد بن إسحاق، وأبو بكر أحمد البيهقى: استخلف على المدينة أبا رهم كلثوم بن حصين بن عتبة بن خلف الغفارى، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة يوم الأربعاء لعشر ليال خلون من شهر رمضان بعد العصر، فلمّا انتهى
إلى الصلصل «1» قدم أمامه الزبير بن العوّام فى مائة من المسلمين، وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصام الناس حتى إذا كان بالكديد «2» بين عسفان «3» وأمج «4» أفطر، ونادى مناديه: من أحبّ أن يفطر فليفطر، ومن أحبّ أن يصوم فليصم.
قال ابن سعد: فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بقديد «5» عقد الألوية والرايات ودفعها إلى القبائل.
قال محمد بن إسحاق: ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل مرّ الظّهران «6» وهو فى عشرة آلاف من المسلمين، فسبّعت «7» سليم، وبعضهم يقول: ألّفت مزينة، وفى كلّ القبائل عدد وإسلام، وأوعب معه المهاجرون والأنصار. قال: ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض الطريق لقيه عمّه العباس بن عبد المطلب.
قال ابن هشام: لقيه بالجحفة «8» مهاجرا بعياله، وكان قبل ذلك بمكّة على سقايته، وقد قدّمنا أنه أسلم عند انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة بدر، قال: ولقيه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبى أمية بن المغيرة، لقياه بنيق العقاب «9» بين مكة والمدينة، والتمسا الدخول عليه، وكلّمته أمّ سلمة رضى الله عنها فيهما، فقالت: يا رسول الله، ابن عمك، وابن عمتك وصهرك.
فقال: «لا حاجة لى بهما، أما ابن عمى فهتك عرضى، وأما ابن عمّتى وصهرى فهو الذى قال لى بمكة ما قال» ، فلما خرج الخبر بذلك إليهما ومع أبى سفيان بنىّ له
قال: والله لتأذننّ لى أو لآخذنّ بيد بنىّ هذا، ثم لنذهبنّ فى الأرض حتى نموت عطشا وجوعا؛ فلمّا بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رقّ لهما، ثم أذن لهما فدخلا عليه، فأسلما، وأنشد أبو سفيان بن الحارث يتعذر ممّا كان قد مضى من فعله، فقال:
لعمرك إنّى يوم أحمل راية
…
لتغلب خيل اللّات خيل محمد
لكا لمدلج الحيران أظلم ليله
…
فهذا أوانى حين أهدى واهتدى
هدانى هاد غير نفسى ودلّنى
…
على الحقّ من طرّدت كلّ مطرّد «1»
أصدّ وأنأى جاهدا عن محمد
…
وأدعى وإن لم أنتسب من محمد
هم ما هم من لم يقل بهواهم
…
وإن كان ذا رأى يلم «2» ويفنّد
أريد لأرضيهم ولست بلائط
…
مع القوم ما لم أهد فى كلّ مقعد «3»
فقل لثقيف: لا أريد قتالها
…
وقل لثقيف تلك: غيرى أوعدى
فما كنت فى الجيش الذى نال عامرا
…
وما كان عن جرّا لسانى ولا يدى
قبائل جاءت من بلاد بعيدة
…
نزائع «4» جاءت من سهام «5» وسردد
قال: ولمّا بلغ إنشاده قوله: «من طرّدت كل مطرّد» ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صدره وقال: «أنت طرّدتنى كل مطرّد» .
قال: ولمّا نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ الظّهران نزلها عشيّا، وأمر أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار، وقد عميت الأخبار عن قريش فلا يأتيهم خبر