الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الهمزة
تقول العرب: «إنّ الموصّين بنو سهوان» قال الميدانىّ: يضرب لمن يسهو عن طلب شىء أمر به، وبنو سهوان: بنو آدم عليه السلام حين عهد اليه فسها ونسى.
وقولهم: «إنّ الرّثيئة تفثأ الغضب» قال: الرثيئة: اللبن الحامض يخلط بالحلو؛ والفثء: التسكين؛ وزعموا أن رجلا نزل بقوم وكان ساخطا عليهم، وكان جائعا فسقوه الرثيئة فسكن غضبه، فقال هذا المثل: يضرب في الهدية تورث الوفاق.
وقولهم: «إن الحديد بالحديد يفلح» أى يستعان في الأمر الشديد بما يشاكله ويقاويه.
وقولهم: «إن السلامة منها ترك ما فيها» فى اللّقطة وذمّ الدنيا «1» .
والنفس تكلف بالدنيا وقد علمت
…
أن السلامة منها ترك ما فيها
وقولهم: «إن العصا من العصيّة» يقال: إن أوّل من قال ذلك الأفعى الجرهمىّ، ذلك أن نزارا لما حضرته الوفاة جمع بنيه: مضر، وإيادا، وربيعة، وأنمارا، فقال: يا بنىّ! هذه القبة الحمراء- وكانت من أدم- لمضر؛ وهذه الفرس الأدهم والخباء الأسود لربيعة؛ وهذه الخادم- وكانت شمطاء- لإياد؛ وهذه البدرة والمجلس لأنمار، فإن أشكل عليكم كيف تقسمون، فأتوا الأفعى الجرهمىّ ومنزله بنجران؛ فتشاجروا
فى ميراثه، فتوجهوا إليه، فبينماهم في سيرهم إذ رأى مضر أثر كلإ قد رعى، فقال:
إن البعير الذى رعى هذا أعور، وقال ربيعة: إنه لأزور، وقال إياد: إنه لأبتر، وقال أنمار: إنه لشرود، فساروا قليلا، فإذاهم برجل يوضع «1» حمله فسألهم عن البعير، فقال مضر: أهو أعور؟ قال: نعم، وقال ربيعة: أهو أزور؟ قال: نعم، وقال إياد: أهو أبتر؟ قال: نعم، وقال أنمار: أهو شرود؟ قال: نعم، هذه والله صفة بعيرى، فدلونى عليه، فقالوا: والله ما رأيناه. فقال: هذا والله الكذب كيف أصدّقكم وأنتم تصفونه بصفته؟ فساروا حتى قدموا نجران؛ فلما نزلوا، نادى صاحب البعير، هؤلاء أصحاب جملى وصفوا لى صفته ثم قالوا: لم نره؛ فاختصموا إلى الأفعى، فقال لهم: كيف وصفتموه وأنتم لم تروه؟ فقال مضر: رأيته قد رعى جانبا وترك جانبا، فعلمت أنه أعور؛ وقال ربيعة: رأيت إحدى يديه ثابتة والثانية فاسدة، فعلمت أنه أزرر لأنه أفسدها بشدّة وطئه؛ وقال إياد: عرفت أنه أبتر باجتماع بعره ولو كان ذيّالا لمصع به؛ وقال أنماره عرّفت أنه شرود، لأنه يرعى فى المكان الملتّف نبته ثم يجوزه إلى مكان أرقّ منه؛ فقال الأفعى: ليسوا بأصحاب جملك فاطلبه، ثم سألهم: من أنتم؟ فأخبروه بخبرهم، وبما جاءوا له، فأكرمهم، وقال:
أتحتاجون إلىّ وأنتم كما أرى؟ ثم أنزلهم وذبح لهم شاة، وأتاهم بخمر؛ وجلس لهم الأفعى بحيث لا يرى؛ فقال ربيعة: لم أركاليوم أطيب لحما لولا أن شاتة غذيت بلبن كلبة؛ وقال مضر: لم أر كاليوم أطيب خمرا لولا أن حبلته نبتت على قبر؛ فقال إياد: لم أر كاليوم رجلا أسرّى لولا أنه ليس لأبيه الذى يدعى له؛ فقال أنمار: لم أر كاليوم كلاما أنفع في حاجتنا من كلامنا، وكلامهم بأذنه، فدعا قهرمانة، فقال: ما هذه الخمر،
وما أمرها؟ قال: هى من حبلة غرستها على قبر أبيك؛ وقال للراعى: ما هذه الشاة؟
فقال: هى عناق أرضعتها بلبن كلبة وكانت أمّها ماتت؛ ثم أتى أمّه، فقال: اصدقينى، من أبى؟ فأخبرته أنها كانت تحت ملك كثير المال وكان لا يولد له، فخفت أن يموت وليس له ولد، فأمكنت من نفسى ابن عمّ له كان نازلا عليه فولدتك، فرجع إليهم وقال: ما أشبه القبة الحمراء من مال نزار فهو لمضر، فذهب بالإبل الحمر والدنانير، فسمّيت: مضر الحمراء. وأما صاحب الفرس الأدهم والخباء الأسود فله كل شىء أسود، فصار لربيعة الخيل الدّهم وما شاكلها، فقيل: ربيعة الفرس. وأما الخادم الشمطاء فلصاحبها الخيل البلق والماشية، فسميت: إياد الشمطاء، وقضى لأنمار بالدراهم والأرض فصدروا من عنده على ذلك، فقال الأفعى: إن العصا من العصيّة، وإنّ خشينا من أخشن؛ فأرسلهما مثلا.
وقولهم: «إن العوان لا تعلّم الخمرة» : يضرب للرجل المجرّب.
وقولهم: «إنى لآ كل الرأس وأنا أعلم بما فيه» : يضرب للأمر تأتيه وأنت تعلم ما فيه مما تكره.
وقولهم: «أنف في السماء، واست في الماء» : يضرب للمتكبر الصغير الشأن.
وقولهم: «إن الذليل الذى ليست له عضد» أى أنصار وأعوان: يضرب لمن يخذله ناصره.
وقولهم: «إن يدم أظلك فقد نقب خفىّ» لأفضل: ما تحت منّسم البعير:
والخفّ: قائمته: يصريه المشكو إليه لشاكى أى أنا منه في مثل ما تشكوه.
وقولهم: «إن تسلم الجلّة فالنّيب هدر» الجلّة: جمع جليل يعنى العظام من الإبل، والنيب: جمع ناب وهى الناقة المسنّة؛ معناه إذا سلم ما ينتفع به هان ما لا ينتفع به.
وقولهم: «إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر» يقال: إن بنى ثعلبة ابن سعد في الجاهلية تراهنوا على الشمس والقمر ليلة أربع عشرة، فقالت طائفة:
تطلع الشمس والقمر يرى، وقالت طائفة: بل يغيب قبل طلوعها، فتراضوا برجل جعلوه بينهم، فقال رجل منهم: إن قومى يبغون علىّ، فقال العدل: إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر؛ فذهبت مثلا: يضرب للأمر المشهور.
وقولهم: «إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا» الإعصار: ريح شديدة تهبّ فيما بين السماء والأرض: يضرب للمدل بنفسه إذا صلّى بمن هو أدهى منه وأشد.
وقولهم: «إنّك خير من تفاريق العصا» قالوا: قالته غنيّة الأعرابية لابنها، وكان عارما مع ضعفه، فواثب يوما فتى فقطع أذنه فأخذت ديتها، فزادت حسن حل ثم واثب آخر فقطع شفته فأخذت الدية فذكرته في أرجوزتها فقالت
أحلف بالمروة حقّا والصّفا
…
إنك أجدى «1» من تفاريق العصا
فقيل لأعرابى: ما تفاريق العصا؟ فقال: العصا تقطع ساجورا والسواجير للكلاب والأسرى من الناس ثم تقطع عصا الساجور فتصير أوتادا ويقطع الوتد فيصير كل قطعة شظاظا وإن جعل لرأس الشظاظ كالفلكة صار للبختىّ مهارا وهو
العود الذى يدخل في أنفه، واذا فرق المهار جاءت منه تواد وهى الخشبة التى تشدّ على خلف الناقة.
وقولهم: «إنّه ليعلم من أين تؤكل الكتف» : يضرب للرجل الداهى؛ قال بعضهم: لم تؤكل الكتف من أسفلها؟ قال: لأنها تنقشر عن عظمها وتبقى المرقة مكانها ثابتة.
وقولهم: «إنّك لا تجنى من الشّوك العنب» أى لا تجد عند ذى المنبت السوء جميلا؛ والمثل من قول أكثم قال: إذا ظلمت فاحذر الانتصار، فان الظلم لا يكسبك إلا مثل فعلك.
وقولهم: «أخو الظّلماء أعشى بالليل» : يضرب لمن يخطئ حجته ولا يبصر المخرج مما وقع فيه.
وقولهم: «إنّك لتكثر الحزّ وتخطئ المفصل» : يضرب لمن يجتهد فى السعى ثم لا يظفر بالمراد.
وقولهم: «أوّل الشجرة النّواة» : يضرب للأمر الصغير يتولد منه الكبير.
وقولهم: «إذا صاحت الدّجاجة صياح الدّيك فلتذبح» قاله الفرزدق فى امرأة قالت الشعر.
وقولهم: «إذا رآنى رأى السّكين في الماء» : يضرب لمن يخافك جدّا.
وقولهم: «إنك ريّان فلا تعجل بشربك» : يضرب لمن أشرف على إدراك بغيته فيؤمر بالرفق.
وقولهم: «أبطش من دوسر» هى إحدى كتائب النعمان أشدّها بطشا ونكاية؛ قال بعض الشعراء
ضربت دوسر فيهم «1» ضربة
…
أثبتت أوتاد ملك فاستقر
وقولهم: «أبرما قرونا» البرم: الذى لا يدخل مع القوم في الميسر لبخله، والقرون:
الذى يقرن بين الشيئين؛ وأصله أن رجلا كان لا يدخل في الميسر ولا يرى اللحم فجاء إلى امرأته وبين يديها لحم تأكله فأقبل يأكل معها بضعتين يقرن بينهما فقالت له:
أبرما قرونا: يضرب لمن يجمع بين خصلتين مكروهتين.
وقولهم: «الثّيّب عجالة الراكب» : يضرب في الحث على الرضا بيسير الحاجة عند إعواز جليلها.
وقولهم:
«البس لكلّ حالة لبوسها
…
إمّا نعيمها وإمّا بوسها»
أوّل من قال ذلك بيهس: وهو رجل من بنى غراب بن فزارة، وكان سابع سبعة إخوة، فأغار عليهم أناس من بنى أشجع، وهم في إبلهم فقتلوا منهم ستة وتركوا بيهسا لحمقه فقال: دعونى أتوصل معكم إلى أهلى فأقبل معهم. فلما كان من الغد نحروا جزورا في يوم شديد حرّ، فقال بعضهم: أظلو لحمكم لا يفسده الضّحّ، فقال
بيهس: لكن بالأثلاث «1» لحم لا يظلّل، فأرسلها مثلا؛ ثم فارقهم وأتى أمه فأخبرها الخبر فقالت: ما جاء بك من بين إخوتك وأنت أخبثهم، فقال: ما خيّرك القوم فتختارى، فأرسلها مثلا؛ ثم أعطته ثياب إخوته ومتاعهم، فقال: يا حبذا التراث لولا الذّلة، فأرسلها مثلا؛ وأخذ يوما يبرم سكينا، فقيل له: ما تصنع بها؟ فقال:
أقتل بها قتلة إخوتى، فقيل له: إنك لأحمق، فقال: ما يؤمنك من أحمق في يده سكين، فأرسلها مثلا؛ ثم إنه مرّ بنسوة من قومه يصلحن امرأة يردن أن يهدينها لبعض قتلة إخوته فكشف ثوبه عن استه وغطى به رأسه، فقيل له: ما تصنع؟
فقال:
البس لكل حالة لبوسها،
…
إما نعيمها وإما بوسها
وقولهم: «الصيف ضيّعت اللبن» قال الأصمعىّ: معناه تركت الشىء فى وقته؛ وقال غيره: تركت الشىء وهو ممكن، وقال أبو عبيدة: أوّل من قاله عمرو بن عدس، وكان قد تزوّج دختنوس بعد ما كبر، فكان ذات يوم نائما في حجرها فجخف وسال لعابه فتأففته فانتبه وهى تتأفف منه، فقال: أتحبين أن أطلّقك؟ قالت: نعم، فطلقها، وتزوّجها فتى ضرير حسن الوجه، ففجأتهم ذات يوم غارة والفتى نائم فجاءت دختنوس فأنبهته وقالت له: الخيل، فجعل يقول: الخيل الخيل، من الخوف حتى مات فرقا وسبيت دختنوس فبلغ عمرو الجبر مركب ولحقهم وقاتل حتى استنقذ
جميع ما أخذوا واستنقذها فوضعها قدّامه على السرج وردّها إلى أهلها، ثم اصابتهم سنة فبعثت إليه تقول: نحتاج اللبن فبعث إليها بلقحة وقال: الصيف ضيّعت اللبن.
وقولهم: «اضطره السيل إلى معطشه» وهو أن رجلا عطش وكان قد أتى واديا له غور وماء شديد الجرية، فبقى في أصل شجرة لا يقدر أن ينزل فيأخذ به الماء، ولم يجد ماء فمات عطشا: يضرب لمن ألقاه الخير الذى كان فيه إلى شرّ.
وقولهم:
«إنّ الحماة أولعت بالكنّه
…
وأو لعت كنّتها بالظّنّه»
الحماة: أمّ الزوج؛ والكنّة: امرأة الابن والأخ؛ والظّنّة: التهمة؛ وبين الحماة والكنة عداوة مستحكمة: يضرب بها المثل في الشر يقع بين قوم هم أهل لذلك.
وقولهم: «إن لله جنودا منها العسل» قاله معاوية: لما بلغه أن الأشتر سقى عسلا فيه سمّ فمات: يضرب عند الشماتة بمصاب العدوّ.
وقولهم: «إن الهوى ليميل باست الراكب» أى من هوى شيئا مال نحوه قبيحا أو جميلا، كما قيل
وما زرتكم عمدا ولكنّ ذا الهوى
…
إلى حيث يهوى القلب تهوى به الرّجل
وقولهم: «إن الجواد قد يعثر» : يضرب لمن يكون الغالب عليه فعل الجميل ثم تكون منه الزلّة.
وقولهم: «إن الشفيق بسوء ظنّ مولع» : يضرب للمعنىّ بشأن صاحبه لأنه لا يكاد يظن به غير وقوع الحوادث كظنون الوالدات بالأولاد.
وقولهم: «إن خصلتين خيرهما الكذب لخصلتا سوء» : يضرب للرجل يعتذر من شىء فعله بالكذب.
وقولهم: «أحاديث طسم وأحلامها» : يضرب لمن يخبرك بما لا أصل له.
وقولهم: «أحشفا وسوء كيلة» : يضرب لمن يجمع بين خصلتين مكروهتين.
وقولهم: «الحق أبلج، والباطل لجلج» : معناه أن الحق واضح بيّن والباطل يتلجلج فيه أى يتردّد فلا يجد صاحبه مخرجا.
وقولهم: «الحزم سوء الظّنّ بالناس» : هذا المثل قاله اكثم بن صيفىّ.
وقولهم: «اختلط الخاثر بالزّبّاد» . الخاثر: ما خثر من اللبن، والزّبّاد: الزّبد:
يضرب للقوم يقعون في التخليط من أمرهم.
وقولهم: «أخطأت استه الحفرة» : يضرب لمن رام شيئا فلم ينله.
وقولهم: «ادع الى طعانك، من تدعوه الى جفانك» أى استعمل في حوائجك من تخصّه بمعروفك.
وقولهم: «أروغانا يا ثعال، وقد علقت بالحبال» ثعالة: الثعلب: يضرب لمن يراوغ وقد وجب عليه الحق.
وقولهم: «إرم فقد أفقته مريشا» يقال: أفقت السهم إذا وضعت فوقه فى الوتر: يضرب لمن تمكّن من طلبته.
وقولهم: «أضرطا وأنت الأعلى؟» قاله سليك بن سلكة السعدىّ، وذلك انه بينا هو نائم إذ جثم عليه رجل من الليل وقال: استأسر فقال له سليك: الليل طويل وأنت مقمر، فأرسلها مثلا: ثم ضمه سليك بيديه ضمّة أضرطته، فقال له:
أضرطا وأنت الأعلى فأرسلها مثلا: يضرب لمن يشكو في غير موضع الشكوى.
وقولهم: «أضللت من عشر ثمانيا» : يضرب لمن يفسد أكثر ما يليه من الأمر.
وقولهم: «أعط أخاك تمرة، فإن أبى فجمرة» : يضرب لمن يختار الهوان على الكرامة.
وقولهم: «أكذب النّفس إذا حدّثتها» معناه لا تحدّث نفسك بأنك لا تظفر، فإن ذلك يثبّطك. قال لبيد
أكذب النفس إذا حدّثتها
…
إنّ صدق النفس يزرى بالأمل
وقولهم: «أكبرا وإمعارا؟» أى أتجمع بين الكبر والفقر.
وقولهم: «أمكرا وأنت في الحديد؟» هذا المثل قاله عبد الملك بن مروان لعمرو ابن سعيد لما قبض عليه وكبلّه، فقال: يا أمير المؤمنين، إن رأيت أن لا تفضحنى بأن تخرجنى للناس فتقتلنى بحضرتهم فافعل، وإنما أراد عمرو بهذه المقالة أن يخالفه عبد الملك فيخرجه فيمنعه منه أصحابه، فقال: أنا أمية! أمكرا وأنت في الحديد.
يضرب لمن أراد أن يمكر وهو مقهور.
وقولهم: «أهون هالك عجوز في هام سنة» : يضرب للشىء يستخفّ به وبهلاكه.
قال الشاعر
وأهون مفقود إذا الموت نابه
…
على المرء من أصحابه من تقنّعا
وقولهم: «أو سعتهم سبّا وأودوا بالإبل» أصله أن رجلا من العرب أغير على إبله فأخذت، فلما تواروا صعد أكمة وجعل يسبّهم ثم رجع إلى قومه فسألوه عن إبله، فقال هذا المثل.
ويقال: إن أوّل من قاله كعب بن زهير بن أبى سلمى، وذلك أن الحارث بن ورقاء الصيداوىّ أغار على بنى عبد الله بن غطفان واستاق إبل زهير وراعيه، فقال زهير في ذلك قصيدته التى أوّلها
بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا
…
وزوّدوك اشتياقا أيّة سلكوا
وبعث بها إلى الحارث فلم يردّ الإبل، فهجاه، فقال كعب ابنه: أو سعتهم سبّا وأودوا بالإبل، فذهبت مثلا: يضرب لمن لم يكن عنده إلا الكلام.
وقولهم: «أوردها سعد وسعد مشتمل» : هو سعد بن زيد مناة أخو مالك الذى يقال فيه: إنّك ابل من مالك، وذلك أن مالكا تزوّج بامرأة وبنى بها فأورد الإبل أخوه سعد ولم يحسن القيام عليها والرفق بها، فقال مالك
أوردها سعد وسعد مشتمل
…
ما هكذا تورد يا سعد الإبل
فضرب مثلا لمن قصّر في طلب الأمر.
وقولهم: «إن الشّقىّ وافد البراجم» قاله عمرو بن هند الملك. وذلك أن سويد بن ربيعة التميمىّ قتل أخاه سعد بن هند وهرب فنذر عمرو ليقتلن بأخيه مائة من بنى تميم، فسار إليهم بجمعه فلقيهم الخبر فتفرّقوا في نواحى بلادهم فلم يجد إلا عجوزا كبيرة وهى حمراء بنت ضمرة، فلما نظر اليها قال: إنى لأحسبك أعجمية، قالت:
لا والذى أسأله أن يخفض جناحك، ويهدّ عمادك، ويضع وسادك، ويسلبك بلادك، ما أنا بأعجمية، قال: فمن أنت؟ قالت: أنا بنت ضمرة بن جابر، ساد معدّا كابرا عن كابر، وأنا أخت ضمرة بن ضمرة، قال: فمن زوجك؟ قالت: هوذة ابن جرول، قال: وأين هو الآن؟ أما تعرفين مكانه؟ قالت: لو كنت أعلم مكانه حال بينى وبينك، فقال عمرو: أما والله لولا أنى أخاف أن تلدى مثل أبيك وأخيك وزوجك لاستبقيتك، فقالت: والله ما أدركت ثارا، ولا محوت عارا، مع كلام كثير كلّمته به فأمر بإحراقها، فلما نظرت إلى النار، قالت: ألا فتى مكان عجوز! فذهبت مثلا، ثم مكثت ساعة فلم يفدها أحد، قالت: هيهات صارت الفتيان حمما، فذهبت مثلا ثم ألقيت في النار ولبث عمرو عامّة يومه لا يقدر على أحد، حتّى إذا كان آخر النهار أقبل راكب يسمى عمّارا توضع به راحلته حتى أناخ اليه، فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا رجل من البراجم، قال: فما جاء بك إلينا؟ قال:
سطع الدّخان وكنت طويت منذ أيام وظننته طعاما، فقال عمرو: إن الشقىّ وافد البراجم، فذهبت مثلا وأمر به فألقى في النار، قيل: إنه أحرق مائة من بنى تميم:
تسعة وتسعين من بنى دارم، وواحدا من البراجم.