الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما قيل في هجاء بعض العشيرة ومدح بعضهم
،
فمن ذلك قول أبى عيينة ليهجو خالد بن يزيد المهلّبىّ ويمدح أباه
أبوك لنا غيث نعيش بفضله
…
وأنت جراد ليس يبقى ولا يذر
له أثر في المكرمات يسرّنا
…
وأنت تعفّى دائبا ذلك الأثر
لقد قنّعت قحطان خزيا بخالد
…
فهل لك فيه يخزك الله يا مضر؟
وله في قبيصة بن روح، يفضّل عليه ابن عمّه داود بن يزيد بن حاتم
أقبيص لست وإن جهدت ببالغ
…
سعى ابن عمّك ذى النّدى داود
شتّان بينك يا قبيص وبينه
…
إن المذمّم ليس كالمحمود
داود محمود وأنت مذمّم
…
عجبا لذاك وأنتما من عود
ولربّ عود قد يشقّ لمسجد
…
نصفا وسائره لحشّ يهودى
وقال حسان في أبى سفيان بن الحارث
أبوك أب حرّ وأمّك حرّة
…
وقد يلد الحرّان غير نجيب
فلا تعجبنّ الناس منك ومنهما
…
فما خبث من فضّة بعجيب
ذكر ما قيل في الحسد
ومما يذمّ به الرجل، أن يكون حسودا، وقد أمر الله تعالى نبيّه عليه الصلاة والسلام، أن يتعوّذ من شرّ الحاسد إذا حسد قال ابن السمّاك
أنزل الله تعالى سورة جعلها عوذة لخلقه من صنوف الشرّ، فلما انتهى الى الحسد، جعله خاتما إذ لم يكن بعده في الشرّ نهاية. والحسد أوّل ذنب عصى الله تعالى به فى السماء، وأول ذنب عصى به في الأرض، أما في السماء، فحسد إبليس لآدم، وأما في الأرض، فحسد قابيل لهابيل، وذهب بعض أهل التفسير في قوله عزّوجلّ إخبارا عن أهل النّار (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ)
أن المراد بالجنّ إبليس، وبالإنس قابيل، وذلك أن إبليس أوّل من سنّ الكفر، وقابيل أوّل من سنّ القتل، وأصل ذلك كلّه الحسد.
وقال عبد الله بن مسعود: لا تعادوا نعم الله، فقيل له: ومن يعادى نعم الله؟
قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، يقول الله تعالى في بعض الكتب: الحسود عدوّ نعمتى، مسخط لقضائى، غير راض بقسمتى.
وقالت الحكماء: إذا أراد الله، أن يسلّط على عبد عدوّا لا يرحمه، سلّط عليه حاسدا.
وكان يقال في الدعاء على الرجل: طلبك من لا يقصّر دون الظّفر، وحسدك من لا ينام دون الشّقاء.
وقالوا: ما ظنّك بعداوة الحاسد، وهو يرى زوال نعمتك نعمة عليه؟
قال أبو الطيب المتنبىّ
سوى وجع الحساد داء فإنه
…
إذا حلّ في قلب فليس يحول
ولا تطمعن من حاسد في مودّة
…
وإن كنت تبديها له وتنيل
وقال الببّغاء
ومن البلية أن تداوى حقد من
…
نعم الاله عليك من أحقاده
وقال علىّ رضى الله عنه لا راحة لحسود، ولا أخ لملول، ولا محبّ لسىء الخلق.
وقال الحسن ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد؛ نفس دائم، وحزن لازم، وغيره لا تنفد، ثم قال: لله درّ الحسد ما أعدله! يقتل الحاسد قبل أن يصل الى المحسود.
وقال الجاحظ: من العدل المحض، والإنصاف الصحيح، أن تحطّ عن لحاسد نصف عقابه، لأن ألم جسمه، قد كفاك مؤنة شطر غيظك عليه.
وقيل: الحسد أن تتمنى زوال نعمة غيرك، والغبطة أن تتمنى مثل حال صاحبك، وفي الحديث:«المؤمن يغبط، والمنافق يحسد» .
وقال أرسطا طاليس: الحسد حسدان: محمود، ومذموم، فالمحمود أن ترى عالما فتشتهى أن تكون مثله، وزاهدا فتشتهى مثل فعله، والمذموم أن ترى علما وفاضلا فتشتهى أن يموتا، وقيل: الحسود غضبان على القدر، والقدر لا يعتبه.
قال منصور الفقيه
ألا قل لمن كان لى حاسدا
…
أتدرى على من أسأت الأدب
أسأت على الله في فضله
…
إذا أنت لم ترض ما قد وهب
وقال المتنبّى
وأظلم أهل الأرض من بات حاسدا
…
لمن بات في نعمائه يتقلّب