الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأراد النميرىّ قول ابن دارة
لا تأمننّ فزاريّا خلوت به
…
على قلوصك واكتبها بأسيار
وقيل: كان العزيز بن المعزّ العبيدىّ أحد الخلفاء بمصر يلعب بالحمام فتسابق هو وخادم له فسبق طائر الخادم طائر الخليفة؛ فبعث الى وزيره ابن كلس اليهودىّ يستعلمه عن ذلك فاستحيى أن يقول: إن طائر الخليفة سبق، فكتب إليه
يابن الذى طاعته عصمة
…
وحبّه مفترض واجب
طائرك السابق لكنّه
…
جاء وفي خدمته حاجب
جاءت امرأة إلى عمر رضى الله عنه فقالت: أشكو اليك زوجى، خير أهل الأرض إلا رجل سبقه لعمل، أو عمل مثل عمله، يقوم الليل حتى يصبح، ويصوم النهار حتى يمسى؛ ثم أخذها الحياء فقالت: أقلنى يا أمير المؤمنين! فقال: جزاك الله خيرا! فقد أحسنت الثناء، فلما ولّت قال كعب بن شور: يا أمير المؤمنين لقد أبلغت اليك في الشكوى، فإنها كنّت بذلك عن عدم المباضعة.
الباب الخامس من القسم الثانى من الفن الثانى فى الألغاز والأحاجىّ
قالوا: واشتقاق اللّغز من ألغز اليربوع ولغز: إذا حفر لنفسه مستقيما، ثم أخذ يمنة ويسرة ليوارى بذلك ويعمّى على طالبه. وللّغز أسماء فمنها: المعاياة، والعويص، والرمز، والمحاجاة، وأبيات المعانى، والملاحن، والمرموس، والتأويل، والكناية،
والتعريض، والإشارة، والتوجيه، والمعمّى، والممثّل، ومعنى الجميع واحد، واختلافها بحسب اختلاف وجوه اعتباراته، فانك إذا اعتبرته من حيث إن واضعه كأنه يعاييك، أى يظهر إعياءك وهو التعب، سميته: معاياة، وإذا اعتبرته من حيث صعوبة فهمه واعتياص استخراجه، سمّيته: عويصا، وإذا اعتبرته من حيث إنه قد عمل على وجوه وأبواب، سمّيته: لغزا، وفعلك له: إلغازا، واذا اعتبرته من حيث إن واضعه لم يفصح عنه قلت: رمز، وقريب منه الإشارة، وإذا اعتبرته من حيث إن غيرك حاجاك أى استخرج مقدار عقلك، سمّيته: محاجاة، وإذا اعتبرته من حيث إنه استخرج كثرة معانيه، سمّيته: أبيات المعانى، وإذا اعتبرته من حيث إنّ قائله قد يوهمك شيئا ويريد غيره، سميته: لحنا وسميت فعلك: الملاحن، وإذا اعتبرته من حيث إنه ستر عنك ورمس فهو: المرموس، والرمس: القبر، وإذا اعتبرته من أن معناه يؤوّل اليك، سميته: مؤوّلا، وسميت فعلك: تأويلا، وإذا اعتبرته من حيث إن صاحبه لم يصرّح بغرضه، سميته: تعريضا وكناية، وإذا اعتبرته من حيث إنه ذو وجوه، سميته: الموجّه، وسميت فعلك: التوجيه، وإذا اعتبرته من حيث إنه مغطّى عليك، سمّيته: معمّى.
قال الحكيم أمير الدولة المعروف بابن التلميذ في الميزان
ما واحد مختلف الأسماء؟
…
يعدل في الأرض وفي السماء
يحكم بالقسط بلا رياء
…
أعمى يرى الرشاد كلّ رائى
أخرس لا من علّة وداء
…
يغنى عن التصريح بالإيماء
يجيب إن ناداه ذو امتراء
…
بالرفع والخفض عن النداء
يفصح إن علّق في الهواء.
قولة: مختلف الأسماء يعنى ميزان الشمس، والآصطرلاب، وسائر آلات الرصد، وهو معنى قوله: يحكم في السماء. وميزان الكلام: النحو، وميزان الشعر:
العروض، وميزان المعانى: المنطق، وهذه الميزان والذراع والمكيال.
وقال آخر فيه ما تقولون؟: فيما نزل من السماء، وعلّق في الهواء، له عين عمياء، وكفّ شلاء، ليس له إن عدل ثواب، ولا عليه إن جار عقاب، خلق من ثلاثة أجناس، تضعضعه الأنفاس، جسمه عار من غير لباس، أخرس اللسان، فى أذنه خرصان، مكرر الذكر فى القرآن، ينطوى اذا نام كالصّلّ، وفعله المستقبل معتلّ، وله في الآخرة أكبر محلّ.
وقال أبو نصر الكاتب في الخاتم
ومنكوح إذا ملكته كفّ
…
وليس يكون في هذا مراء
له عين تخلّلها صياء
…
فإن كحلت فللميل العماء
يظلّ طليعة للوصل هونا
…
وللخاشى بزورته احتماء
وقد أوضحته وأبت عنه
…
ففسّره فقد برح الخفاء
أراد بقوله: تخلّلها ضياء أى أنها مفتوحة وكحلها بالإصبع؛ وقد يبعث المحبوب بخاتمه علامة للزيارة أو رهنا عليها وهو أمان للجانى.
وقال ابن الرومىّ في فتيلة السراج
ما حيّة في رأسها درّة
…
تسبح في بحر قليل المدى؟
إن غيّبت كان العمى حاضرا
…
وإن بدت لاح طريق الهدى!
وقال السرىّ الرفّاء في شبكة الصيّاد
وكثيرة الأحداق إلا أنها
…
عمياء ما لم تنغمس في ماء
وإذا هى انغمست أفادت ربّها
…
ما لا ينال بأعين البصراء
وقال آخر في النوم
وحامل يحملنى
…
وما له شخص يرى!
إذا حصلت فوقه
…
وهو لذيذ الممتطى!
سريت لا أدرى أفى
…
أرض سريت أم سما!
وقال أبو العلاء المعرىّ في ركابى السرج
خليلان نيطا في جوانب مجلس
…
جداراه قدّام له ووراء!
متى يضع الرّجلين ماش عليهما
…
يزل عنه في وشك حفا وحفاء!
قوله: خليلان لتشابههما، والمجلس: السرج، وجداراه: قربوسه ورادفته، والحفا مقصور: وجع الرّجل، وممدود: من مشى الرجل حافيا بغير نعل.
وقال ابن القاسم عبد الصمد بن نائل في القفل
مجامع يعقد عقد الكلبه
…
إن رامه غيرك جرّ نكبه
ينام كالأمرد لا كالقحبه
…
حتى اذا شكّ القمدّ جنبه
وعالج الجذبة بعد الجذبه
…
وانحلّ بالحقنة لا بالشربه
ألقى جنينا نتجته العزبه
…
ثم إذا عاد إليه أشبه
بعض حروف المعجم المنكبه
…
يبغض وهو صادق المحبه
يعتقد السّلم وينوى حربه
…
وهو على ذاك طويل الصحبه
شبّهه بالمجامع: لدخول الفراش في بطنه، وقوله: يعقد عقد الكلبة: فى عسر المفارقة، وإن فتحه غيرك جرّ نكبة عليك لسرقة ما فيه، ينام كالأمرد: لانكبابه، والقمدّ: الذكر وهو المفتاح، والجنين: الفراش، وإذا عاد إليه أشبه حرف الكاف.
وقال في اسم سعيد
يبسم عن أوّل اسمه حبّى
…
ثم بثانى حروفه يسبى
ثم بحرفين لو بدا بهما
…
أسدى يدا، صورة اسمها تنبى
أربعة نصفها كجملتها
…
فى العدّ لم تنتقص ولم تربى
هذا وفيه اسم يوم اتّفقت
…
مفاخر العجم فيه والعرب
فأعمل الفكر في تأمله
…
واركب به كلّ مركب صعب
شبّه السين بالثغر، وثانيه العين وهى تسبى القلوب، والحرفان يد وهى أربعة في العدد وستّة في الصورة، وإذا أخذت السين والعين فهى أربعة وهى جملة العدد، وفيه عيد وهو يوم التفاخر بالزينة واللبوس.
وقال ابن أبى البغل الكاتب في القلم
اصمّ عن المنادى لا يجيب
…
به تخبو وتشتعل الخطوب
ضئيل الجسم «أعلم» ليس تخفى
…
عليه غيوب ما تخفى القلوب
تراه راجلا لا روح فيه
…
ويحييه وينطقه الرّكوب
يبين لسانه مكنّ سودا
…
معارفه ويخرسه المشيب
يقسّم في الورى بؤسى ونعمى
…
ويحكم والقضاء له مجيب
عجبت لسطوة فيه وضعف
…
وكلّ أموره عجب عجيب
أراد بقوله: أعلم: مشقوق الشّفة.
وقال أبو العلاء المعرّى في الملح
وبيضاء من سرّ الملاح ملكتها
…
فلما قضت إربى حبوت بها صحبى
فباتوا بها مستمتعين ولم تزل
…
تحثّهم بعد الطعام على الشّرب
قوله: سرّ أى خالصة، والملاح جمع ملح، والإرب: الحاجة.
وقال آخر في عودى الغناء والبخور
وما شيئان إسمهما سواء
…
وأصلهما معا عند انتساب
إذا حضراك بتّ قرير عين
…
بلا طعم يلذّ ولا شراب
وما أن يوجدان النفع إلّا
…
بضرب أو بضرب من عذاب
معنى اسمهما سواء ظاهر، وأصلهما خشب، والضّرب الأول: ضرب العود، والثانى: من العذاب وهو الإحراق.
وقال آخر في الحرب
ما ذات شوك لها جناح
…
يختطف الناس عن قريب
وهى عقيم ترى بنيها
…
من بين مرد وبين شيب
يأكل بعض البنين بعضا
…
طلوع شمس الى غروب
تصحيفها الداء غير شك
…
قد يحسم الداء بالطبيب
والداء معكوسه مكان
…
يصلح للطائر النجيب
يعرفها من يكون طبّا
…
بالشعر والنحو والغريب
هذا لغز معمى في الحرب، وشوكها: السلاح، وجناحاها: جانباها، وعقيم:
لأنها لا تلد، وبنوها: رجالها. وأكلهم: قتلهم. وتصحيفها: الجرب، وعكسه:
برح.
وقال آخر في الثدى
وما أخوان مشتبهان جدّا
…
كما اشتبه الغرابة والغراب
يضمّهما على مرّ الليالى
…
وما اجتمعا ولا افترقا إهاب
لذاك وذا دموع هاملات
…
ولكن كلّ دمعهما شراب
يصونهما عن الأبصار دين
…
ويضرب دون نيلهما حجاب
هما: ثديا المرأة، ويضمّهما إهاب: وهو الجلد.
وقال آخر في الفخّ
وما ميّت كفّنته ودفنته
…
فقام الى حىّ صحيح فأوثقه
وقال آخر وهو لغز
حلف الحبيب علىّ لا سمّيته
…
فكنيته ولطفت خوف تغاضبه
ظبى! اذا ما زارنى حلّ اسمه
…
قلبى وذلك من عجيب عجائبه
ويكون إن رحمته وخرمته
…
وقلبته ما تشتهى من صاحبه
ويكون إن صحّفت مبدأه الذى
…
أصبحت تهواه لعين مراقبه
وتراه بعد الجزم إن ميّزت في التصحيف
…
مقلوبا أشدّ معائبه
وحروفها فالنصف منها جذرها
…
وحساب ذلك غير متعب حاسبه
فاطلبه سادس سادس ثانيه ثا
…
نيه وثالثه كذاك لطالبه
وتمامه من بعد مثل حروفه
…
فى البيت صحّ اسم الحبيب لقالبه
هو لغز في فرحة، والترخيم: حذف الآخر، والخرم: حذف الأوّل؛ فاذا رخم وخرم وقلب بقى: حر، واذا قلبت الفاء قافا بقى: قرحة لعين المراقب، واذا صحفته مقلوبا، وجزمت آخره صار: هجر، والنصف من حروفه اثنان، وهما جذر جميع حروفه، وقوله: فاطلبه سادس سادس: يعنى البيت السادس.
وقال آخر في سلمى
سل ماهرا بالقريض والأدب
…
ما اسم فتاة قعيدة النّسب
قد صرّح الشّعر باسمها فمتى
…
فكّرت فيها ظفرت بالعجب
الاسم: سلمى، وهو ظاهر في أول البيت.
وقال آخر في الكرة
ومضروبة تحيا إذا ما ضربتها
…
وإن تركت من شدّة الضرب ماتت
وقال أبو عبد الله بن المغلّس في السّراج
وداع الى نفسه في الظلام
…
وما سمعت أذنه صوته
اذا هو بيّض وجه الطريق
…
سوّد في وجهه بيته
وقال آخر في الصّدى
وساكن يسكن في الفلاة
…
ليس من الوحش ولا النبات
ولا من الجنّ ولا لحيّات
…
ولا الخيام الشعر والأبيات
ولا بذى جسم ولا حياة
…
كلا! ولا يدرك بالصفات
بلى! له صوت من الأصوات
…
يسمع في الأحيان والأوقات
وقال ابن المغلّس في النخلة
وقائمة أبدا لا تنام
…
وما قعدت قطّ مذ قامت
تعيش إذا غسلوا رجلها
…
وإن حلقوا رأسها ماتت
وقال آخر ما يقول سيدنا الشيخ: فى شىء نزل من السماء، وركض في الهواء، وخيّم في البيداء، نطق على نفسه فأفصح، وتكلّم فبيّن وأوضح، أفقر وأغنى، وأمات وأحيا، له شوارق من غير غضب، ورقصات على غير طرب، يسبق الفرس السريع، ويسبقه الطفل الرضيع، مختلف الألوان، يوجد في كلّ زمان، ما أكثر لغاته! وأعمّ في البشر ذكر صفاته! وهو خفيف ثقيل، كثير قليل، كبير صغير، طويل قصير، غال رخيص، قوىّ ضعيف، سريع بطىء، بارد حارّ، نافع ضارّ، أبيض أسود أزرق، قريب بعيد، قديم جديد، متحرّك ساكن، ظاهر باطن، يتجسّر ويتكسّر، ويتعوّج ويتدوّر، سلطانه في الشمال وبه يذلّ، وضعفه في الجنوب وبه يعزّ، نحيل يخفى جثّة الفيل في طيّه وعطفه. ويتخلّل جفن العين الرمدة برفقه ولطفه، يمشى على الحدق فلا يؤلمها، ويطأ القلوب فلا يكلمها، على أنّه يقطع الطريق، ويخيف الفريق، كم أهلك من قوم وما راق ولا سفك! يحمل ألف قنطار، ويعجز عن حمل دينار، وهو ليلىّ نهارىّ، عربىّ عجمىّ، برىّ بحرىّ، سهلىّ جبلىّ، رومىّ نوبىّ، هندىّ حبشىّ، صينىّ جاهلىّ إسلامىّ. كان مع آدم في الجنّة، وصحب نوحا في السفينة، وتوسّط النار مع إبراهيم، كم له مع موسى من خبر! ولموسى فيه من آية وأثر! حمل المسيح على غير ظهر، وما سر في برّ ولا بحر، أخرجه النبىّ صلى الله عليه وسلم من جسده، وفرّقه على صحابته، إذا نطقت به كان بعض أحد خلفاء بنى العباس السبعة وهو 1431.