الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث من القسم الثانى من الفن الثانى فى
أخبار الكهنة
ويتصل به الزجر والفأل والطّيرة والفراسة والذكاء
،
أخبار الكهنة
وكانت كهنة العرب لهم أتباع من الشياطين يسترقون السمع ويأتونهم بالأخبار، فيلقونها لمن يتبعهم، ويسألهم عن خفيّات الأمور حتى جاء الإسلام، فمنعت الشياطين من استراق السمع، كما أخبر الله تعالى عنهم في كتابه العزيز (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً)
فعند ذلك انقطعت الكهانة فلم يسمع في الإسلام بكاهن، وهذا من معجزات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوال الإشكال فى الوحى.
فمن أخبار الكهنة، خبر سطيح الكاهن
حين ورد عليه ابن أخته عبد المسيح وهو يعالج الموت، فأخبره خبر ما جاء لأجله، وذلك أنه لما كانت الليلة التى ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى، وسقط منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس، ولم تكن خمدت قبل ذلك بألف عام، وغارت بحيرة ساوة، ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلاد فارس، فلما أصبح كسرى تصبّر تشجّعا ثم رأى أن لا يكتم ذلك عن وزرائه ومرزبته، فلبس تاجه، وقعد على سريره، وجمعهم وأخبرهم الخبر فبيناهم كذلك إذ ورد عليهم كتاب بخمود النار فازداد غمّا وسأل الموبذان وكان أعلمهم فقال: حادث يكون من قبل العرب، فكتب كسرى الى النّعمان ابن المنذر: أن وجّه الىّ رجلا عالما بما أريد أن
أسأله عنه فوجّه اليه عبد المسيح بن حسّان بن نفيلة الغسّانىّ فقال له كسرى:
أعندك علم بما أريد أن أسألك عنه؟ قال: ليخبرنى الملك فإن كان عندى منه علم، وإلّا أخبرته بمن يعلمه، فأخبره بما رآه فقال: علم ذلك عند خال لى يسكن مشارق الشام يقال له: سطيح، فأرسله كسرى اليه فورد على سطيح وقد أشفى على الموت فسلّم عليه وحيّاه فلم يحر سطيح جوابا فأنشد يقول
أصمّ أم يسمع غطريف اليمن
…
أم فاز فازلمّ به شأو العنن؟
يا فاصل الخطّة أعيت من ومن
…
وكاشف الكربة عن وجه الغضن
أتاك شيخ الحىّ من آل سنن
…
وأمّه من آل ذئب بن حجن
أزرق ممهى الناب صرّار الأذن
…
أبيض فضفاض الرّداء والبدن
رسول قيل العجم يسرى بالوسن
…
لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن
يجوب في الأرض على ذات شجن
…
ترفعنى وجنا وتهوى بى وجن
حتى أتى عارى الجآجى والقطن
…
تلفّه في الريح بوغاء الدّمن
كأنما حثحث من حضنى ثكن
ففتح سطيح عينيه ثم قال: عبد المسيح، على جمل مشيح، أتى الى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بنى ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان؛ رأى إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة وانشرت في بلاد فارس، يا عبد المسيح اذا كثرت التلاوه، وبعث صاحب الهراوه، وفاض وادى السماوه، وغاصت بحيرة ساوه، وخمدت نار فارس؛ فليس الشام لسطيح شاما، ولا بابل للفرس مقاما، يملك فيهم ملوك وملكات، بعدد الشّرفات، وكلّ ما هو آت آت؛ ثم قضى سطيح لوقته، فثار عبد المسيح الى رحله وهو يقول