المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ومما قيل في الهجاء من النظم - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌القسم الثانى من الفن الثانى في الأمثال المشهورة

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم (فى الأمثال)

- ‌وأوّل ما نبدأ به من ذلك ما تمثّل به من أقوال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ومن كلام أبى بكر الصدّيق رضى الله عنه

- ‌ومن كلام عمر بن الخطاب رضى الله عنه

- ‌ومن كلام عثمان بن عفان رضى الله عنه

- ‌ومن كلام علىّ بن أبى طالب كرم الله وجهه

- ‌ومن كلام عبد الله بن عباس رضى الله عنهما

- ‌ومن أمثال العرب ما نقلته من كتاب «الأمثال» للميدانىّ

- ‌حرف الهمزة

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الثاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاى

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف الظاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌ما جاء في ما أوّله (لا)

- ‌حرف الياء

- ‌ومما يتمثل به من أشعار الجاهلية

- ‌امرؤ القيس بن حجر:

- ‌زهير بن أبى سلمى

- ‌النابغة الذّبيانى:

- ‌طرفة بن العبد

- ‌أوس بن حجر

- ‌بشر بن أبى خازم

- ‌المتلمس

- ‌الأفوه الأودىّ

- ‌تميم بن أبى مقبل

- ‌حميد بن ثور

- ‌عدى بن زيد

- ‌الأسود بن يعفر

- ‌علقمة بن عبدة

- ‌عمرو بن كلثوم

- ‌الحارث بن حلّزة

- ‌حاتم الطائىّ

- ‌المرقّش الأصغر

- ‌النمر بن تولب

- ‌مهلهل بن ربيعة، واسمه عدىّ

- ‌طفيل الغنوىّ

- ‌عروة بن الورد

- ‌الأعشى:

- ‌لقيط بن معبد

- ‌تأبط شرّا:

- ‌المثقّب العبدىّ

- ‌الممرّق العبدىّ

- ‌أفنون التغلبىّ

- ‌الأضبط بن قريع السّعدىّ

- ‌سويد بن أبى كاهل

- ‌ومما يتمثل به من أشعار المخضرمين

- ‌منهم لبيد بن ربيعة

- ‌كعب بن زهير

- ‌النابغة الجعدىّ:

- ‌أميّة بن أبى الصّلت الثقفى

- ‌حسّان بن ثابت

- ‌الحطيئة:

- ‌متمم بن نويرة

- ‌أبو ذؤيب الهذلىّ

- ‌الخنساء:

- ‌عمرو بن معديكرب

- ‌معن بن أوس

- ‌زياد بن زيد

- ‌أيمن بن خزيم بن فاتك الأسدىّ

- ‌ومما يتمثل به من أشعار المتقدّمين في صدر الإسلام

- ‌القطامىّ:

- ‌الطّرمّاح بن حكيم بن الحكم

- ‌الكميت بن زيد الأسدىّ

- ‌المساور بن هند

- ‌عدىّ بن الرقاع

- ‌الفرزدق

- ‌جرير:

- ‌الأخطل:

- ‌الصّلتان العبدىّ

- ‌كثيّر عزة:

- ‌جميل

- ‌عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة

- ‌ومما يتمثّل به من أشعار المحدثين

- ‌منهم إبراهيم بن هرمة

- ‌بشّار بن برد

- ‌أبو العتاهية

- ‌سلم بن عمرو الخاسر:

- ‌صالح بن عبد القدّوس

- ‌ابن ميّادة:

- ‌أبو نواس الحسن بن هانئ

- ‌أبو عيينة المهلّبىّ

- ‌عبد الله بن أبى عتبة المهلّبى

- ‌العبّاس بن الأحنف

- ‌مسلم بن الوليد:

- ‌منصور النمرىّ:

- ‌العتّابىّ:

- ‌أشجع السّلمىّ:

- ‌الجرهمىّ

- ‌محمود الورّاق:

- ‌محمود بن حازم الباهلىّ

- ‌السّموءل بن عادياء

- ‌محمد بن أبى زرعة الدّمشقى

- ‌أبو الشيص:

- ‌علىّ بن جبلة بن عبد الرحمن الأنبارىّ

- ‌اللجلاج الحارثىّ

- ‌عبد الصمد بن المعذّل

- ‌الحمدونىّ

- ‌العتبى

- ‌أبو سعيد المخزومى:

- ‌دعبل بن علىّ الخزاعىّ:

- ‌إسحاق بن إبراهيم الموصلىّ

- ‌المؤمل بن أميل

- ‌إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول مولى يزيد بن المهلّب يكنى أبا إسحاق

- ‌أبو علىّ البصير:

- ‌سعيد بن حميد

- ‌علىّ بن الجهم

- ‌ابن أبى فنن:

- ‌يزيد بن محمد المهلبىّ

- ‌عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير

- ‌أحمد بن أبى طاهر

- ‌أبو تمام حبيب بن أوس الطائى

- ‌أبو عبادة البحترىّ

- ‌ابن الرومىّ

- ‌عبد الله بن المعتزّ

- ‌عبيد بن عبد الله بن طاهر

- ‌ابن طباطبا العلوىّ:

- ‌منصور الفقيه المقرىء

- ‌ابن بسّام:

- ‌جحظة:

- ‌الصنوبرىّ

- ‌أبو الفتح كشاجم:

- ‌ومما يتمثّل به من أشعار المولّدين:

- ‌منهم أبو فراس الحمدانىّ

- ‌أبو الطيب المتنبّى يقول

- ‌السرىّ بن أحمد بن السرىّ الموصلىّ

- ‌أبو بكر محمّد بن هاشم الخالدىّ

- ‌أبو عثمان سعيد بن هاشم الخالدىّ [أخوه]

- ‌الخبّاز البلدىّ:

- ‌أبو إسحاق الصابىء

- ‌عبد العزيز عمر بن نباته

- ‌ابن لنكك البصرىّ:

- ‌أبو الحسن عبد الله بن محمد بن محمد السلامىّ

- ‌أبو الفرج الببّغا

- ‌ابن سكّرة الهاشمىّ:

- ‌ابن الحجّاج:

- ‌أبو الحسن الموسوىّ النقيب:

- ‌أبو طالب المأمونىّ

- ‌ابن العميد:

- ‌الصاحب بن عبّاد:

- ‌الحسن بن علىّ بن عبد العزيز القاضى

- ‌أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمىّ

- ‌بديع الزمان أبو الفضل الهمذانىّ، أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد

- ‌إسماعيل الناشىء

- ‌أبو الفتح علىّ بن محمد البستىّ

- ‌الباب الثانى من القسم الثانى من الفن الثانى فى أوابد العرب

- ‌البحيرة:

- ‌الوصيلة:

- ‌السائبة:

- ‌الحامى:

- ‌الأزلام:

- ‌الميسر:

- ‌ومنها: نكاح المقت:

- ‌ومنها: رمى البعرة:

- ‌ومنها: ذبح العتائر:

- ‌ومنها: حبس البلايا:

- ‌ومنها: إغلاق الظهر:

- ‌ومنها: التعمية والتفقئة:

- ‌ومنها: بكاء المقتول:

- ‌ومنها: رمى السنّ في الشمس:

- ‌ومنها: خضاب النحر:

- ‌ومنها: التصفيق:

- ‌ومنها: جز النواصى

- ‌ومنها: كىّ السليم عن الجرب:

- ‌ومنها: ضرب الثور:

- ‌ومنها: كعب الأرنب:

- ‌ومنها: حيض السّمرة:

- ‌ومنها: الطارف والمطروف:

- ‌ومنها: وطء المقاليت:

- ‌ومنها: تعليق الحلى على السليم:

- ‌ومنها: ذهاب الخدر:

- ‌ومنها: الحلأ:

- ‌ومنها: التعشير:

- ‌ومنها: عقد الرّتم:

- ‌ومنها: دائرة المهقوع:

- ‌ومنها: شقّ الرداء والبرقع:

- ‌ومنها: نوء السماك:

- ‌ومنها: النسيء:

- ‌ومنها: وأد البنات:

- ‌الباب الثالث من القسم الثانى من الفن الثانى فى‌‌ أخبار الكهنةويتصل به الزجر والفأل والطّيرة والفراسة والذكاء

- ‌ أخبار الكهنة

- ‌فمن أخبار الكهنة، خبر سطيح الكاهن

- ‌ومن أخبارهم:

- ‌ومنها

- ‌ومنها

- ‌ومنها:

- ‌الزّجر

- ‌الفأل والطّيرة

- ‌الفراسة والذكاء

- ‌الباب الرابع من القسم الثانى من الفن الثانى فى الكنايات والتعريض

- ‌الباب الخامس من القسم الثانى من الفن الثانى فى الألغاز والأحاجىّ

- ‌ومما يتصل بهذا الباب مسائل العويص

- ‌القسم الثالث من الفنّ الثانى فى المدح، والهجو، والمجون، والفكاهات، والملح، والخمر، والمعاقرة، والنّدمان، والقيان، ووصف آلات الطّرب

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم فى المدح

- ‌فأمّا حقيقية المدح

- ‌ذكر ما قيل في الافتخار

- ‌ذكر ما قيل في الجود والكرم وأخبار الكرام

- ‌ذكر من انتهى اليهم الجود في الجاهلية وذكر شىء من أخبارهم

- ‌ذكر ما قيل في الإعطاء قبل السؤال

- ‌ذكر ما قيل في الشجاعة والصبر والإقدام

- ‌ومما قيل في الصبر والإقدام

- ‌ذكر ما قيل في وفور العقل

- ‌ذكر ما قيل في حدّ العقل وماهيّته وما وصف به

- ‌ذكر ما قيل في الصدق

- ‌ذكر ما قيل في الوفاء والمحافظة والأمانة

- ‌ذكر ما قيل في التواضع

- ‌ذكر ما قيل في القناعة والنزاهة

- ‌ذكر ما قيل في الشكر والثناء

- ‌ذكر ما قيل في الوعد والإنجاز

- ‌ذكر ما قيل في الشفاعة

- ‌ذكر ما قيل في الاعتذار والاستعطاف

- ‌الباب الثانى من القسم الثالث من الفن الثانى فى الهجاء

- ‌ذكر ما قيل في الهجاء ومن يستحقه

- ‌ومما قيل في الهجاء من النظم

- ‌ومما هجى به أهل الوقت على الإطلاق، فمن ذلك قول أبى هلال العسكرىّ

- ‌ومما قيل في هجاء بعض العشيرة ومدح بعضهم

- ‌ذكر ما قيل في الحسد

- ‌ومما قيل من الشعر في تفضيل المحسود ومدحه، وهجاء الحاسد وذمّه

- ‌ذكر ما قيل في السّعاية والبغى والغيبة والنّميمة

- ‌ومما قيل في الغيبة والنّميمة

- ‌ذكر ما قيل في البخل واللؤم

- ‌ومن أخبار البخلاء:

- ‌احتجاج البخلاء وتحسينهم للبخل على قبحه

- ‌ذكر ما قيل في التطفيل ويتصل به أخبار الأكلة والمؤاكلة

- ‌ذكر آداب الأكل والمؤاكلة

- ‌ذكر الاقتصاد في المطاعم والعفّة عنها

- ‌ذكر أخبار الأكلة

- ‌ذكر ما قيل في الجبن والفرار

- ‌ومن أخبار الفرّارين الذين حسّنوا الفرار على قبحه

- ‌ذكر ما قيل في الحمق والجهل

- ‌ذكر ما قيل في الكذب

- ‌ذكر ما قيل في الغدر والخيانة

- ‌ذكر أخبار أهل الغدر وغدراتهم المشهورة

- ‌ذكر ما قيل في الكبر والعجب

- ‌ومما هجى به أهل التكبّر

- ‌ذكر ما قيل في الحرص والطمع

- ‌ذكر ما قيل في الوعد والمطل

- ‌ذكر ما قيل في العىّ والحصر

الفصل: ‌ومما قيل في الهجاء من النظم

‌ومما قيل في الهجاء من النظم

فمن ذلك قول جرير وهو أهجى بيت قالته العرب

فغضّ الطّرف إنك من نمير

فلا كعبا بلغت ولا كلابا

ولو وضعت فقاح بنى نمير

على خبث الحديد إذا لذابا

وقال عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه: هل تعلمون أهل بيت قيل فيهم شعر ودّوا أنهم افتدوا منه بأموالهم، وشعر لم يسرّهم به حمر النّعم فقال أسماء بن خارجة: نحن يا أمير المؤمنين! قال: وما قيل فيكم: قال: قول الحارث بن ظالم

وما قومى بثعلبة بن سعد

ولا بفزارة الشّعر الرّقابا

فو الله يا أمير المؤمنين! إنى لألبس العمامة الصفيقة فيخيّل إلىّ أن شعر قفاى قد بدا منها، وقول قيس بن الخطيم

هممنا بالإقامة يوم سرنا

مسير حذيفة الخير بن بدر

فما يسرّنا أنّ لنا بها أو به حمر النّعم، فقال هانىء بن قبيصة النّميرىّ: أولئك نحن يا أمير المؤمنين! قال: ما قيل فيكم؟ قال قول جرير

فغضّ الطّرف إنك من نمير

والله لوددنا أننا افتديناه بأملاكنا، وقول زياد الأعجم

لعمرك ما رماح بنى نمير

بطائشة الصّدور ولا قصار

فو الله ما يسرّنا به حمر النّعم قال العسكرىّ وذكر أن جريرا لما قال

والتّغلبىّ إذا تنحنح للقرى

حكّ استه وتمثّل الأمثالا.

ص: 271

قال: قلت فيهم بيتا لو طعن أحدهم في استه لم يحكّها! وقالوا: مرت امرأة ببنى نمير فتغامزوا إليها فقالت: يا بنى نمير! لم تعملوا بقول الله ولا بقول الشاعر، يقول الله تعالى:(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ)

ويقول الشاعر

فغضّ الظّرف إنّك من نمير

فحجلوا؛ وكان النّميرىّ إذا قيل له: ممن أنت؟ قال: من نمير، فصار يقول:

من بنى عامر بن صعصعة.

قال العسكرىّ: ولو قيل إنّ أهجى بيت قالته العرب قول الفرزدق لم يبعد وهو

ولو ترمى بلؤم بنى كليب

نجوم الليل ما وضحت لسارى

ولو يرمى بلؤمهم نهار

لدنّس لؤمهم وضح النّهار

وما يغدو عزيز بنى كليب

ليطلب حاجة إلا يحار

ومثله قول الآخر

ولو أنّ عبد القيس ترمى بلؤمها

على الليل لم تبد النجوم لمن يسرى

وقالوا: أهجى بيت قالته العرب قول الأعشى

تبيتون في المشتا ملاء بطونكم

وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا

وهذا البيت من أبيات ولها سبب نذكره الآن في هذا الموضع وإن كان خارجا عن مكانه وذلك: أن عامر بن الطّفيل بن مالك وعلقمة بن علائة تنازعا الزعامة فقال عامر: أنا أفضل منك! وهى لعمّى ولم يمت، وعمّه عامر بن مالك بن جعفر ابن كلاب وكان قد أهتر وسقط، وقال علقمة: أنا أفضل منك! أنا عفيف، وأنت

ص: 272

عاهر، وأنا وفىّ وأنت غادر، وأنا ولود وأنت عاقر، وأنا أدنى الى ربيعة، فتداعيا الى هرم بن قطنة؛ ليحكم بينهما فرحلا اليه ومع كل واحد منهما ثلاثمائة من الإبل، مائة يطعمها من تبعه، ومائة يعطيها للحاكم، ومائة تعقر إذا حكم؛ فأبى هرم بن قطنة أن يحكم بينهما مخافة الشّرّ وأبيا أن يرتحلا؛ فخلا هرم بعلقمة وقال له: أترجو أن ينفّرك رجل من العرب على عامر فارس مضر؛ أندى الناس كفّا، وأشجعهم لقاء، لسنان رمح عامر أذكر في العرب من الأحوص، وعمّه ملاعب الأسنة، وأمّه كبشة بنت عروة الرّحال، وجدّته أم البنين بنت عمرو بن عامر فارس الضّحياء، وأمك من النّخع، وكانت أمّه مهيرة، وأمّ علاثة أخيذة من النّخع، ثم خلا بعامر فقال له:

أعلى علقمة تفخر؟ أنت تناوئه؛ أعلى بن عوف بن الأحوص؛ أعفّ بنى عامر وأيمنهم نقيبة، وأحلمهم وأسودهم وأنت أعور عاقر مشئوم! أما كان لك رأى يزعك عن هذا! أكنت تظنّ أن أحدا من العرب ينفّرك عليه؟ فلما اجتمعا وحضر الناس للقضاء قال: أنتما كركبتى الجمل فتراجعا راضيين.

قال العسكرىّ: والصحيح أنه توارى عنهما ولم يقل شيئا فيهما ولو قال: أنتما كركبتى الجمل لقال كل واحد منهما: أنا اليمنى، فكان الشرّ حاضرا؛ قال وسأله عمر بن الخطاب رضى الله عنه بعد ذلك بحين: لمن كنت حاكما لو حكمت؟ فقال: أعفنى يا أمير المؤمنين! فلو قلتها لعادت جذعة. فقال عمر: صدقت! مثلك فليحكم.

قال فارتحلوا عن هرم لما أعياهم نحو عكاظ فلقيهم الأعشى منحدرا من اليمن، وكان لمّا أرادها قال لعلقمة: اعقد لى حبلا فقال: أعقد لك من بنى عامر! قال:

لا يغنى عنّى قال: فمن قيس! قال: لا، قال: فما أنا بزائدك، فأتى عامر بن الطفيل فأجاره من أهل السماء والأرض فقيل له: كيف تجيره من أهل السماء؟ قال: إن مات

ص: 273

وديته، فقال الأعشى لعامر: أظهر أنكما حكّتمانى ففعل؛ فقام الأعشى فرفع عقيرته (أى صوته) فى الناس فقال

حكّمتموه فقضى بينكم

أبلج مثل القمر الزاهر

لا يأخذ الرّشوة في حكمه

ولا يبالى خسر الخاسر

علقم لا لست الى عامر الناقض

الأوتار والواتر

واللابس الخيل بخيل اذا

ثار عجاج الكبّة الثائر

إن تسد الحوص فلم تعدهم

وعامر ساد بنى عامر

ساد وألفى رهطه سادة

وكابرا سادوك عن كابر

قال وشدّ القوم في أعراض الإبل المائة فعقروها وقالوا: نفّر عامر، وذهبت بها الغوغاء، وجهد علقمة أن يردّها فلم يقدر على ذلك، فجعل يتهدّد الأعشى فقال

أتانى وعيد الحوص من آل عامر

فيا عبسه عمرو لو نهيت الأحاوصا

فما ذنبنا إن جاش بحر ابن عمّكم

وبحرك ساج لا يوارى الدّعا مصا

كلا أبويكم كان فرعا دعامة

ولكنّهم زادوا وأصبحت ناقضا

تبيتون في المشتا ملاء بطونكم

وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا

يراقبن من جوع خلال مخافة

نجوم العشاء العاتمات الغوامصا

رمى بك في أخراهم تركك النّدى

وفضّل أقواما عليك مراهصا

فعضّ حديد الأرض إن كنت ساخطا

بفيك وأحجار الكلاب الرّواهصا

قال فبكى علقمه لما بلغه هذا الشعر وكان بكاؤه زيادة عليه في العار، والعرب تعيّر بالبكاء؛ قال مهلهل

يبكى علينا ولا نبكى على أحد

ونحن أغلظ أكبادا من الإبل

ص: 274

وقال جرير

بكى دوبل لا يرقىء الله دمعه

ألا إنما يبكى من الذّل دوبل

قال عبد الملك بن مروان لأمية: مالك وللشاعر إذ يقول

إذا هتف العصفور طار فؤاده

وليث حديد الناب عند الشدائد

فقال: أصابه حدّ من حدود الله فأقمته عليه قال: فهلّا درأته عنه بالشّبهات؟

قال: كان أهون علىّ من أن أعطّل جدّا من حدود الله فقال: يا بنى أمية! أحسابكم أحسابكم، أنسابكم أنسابكم، لا تعرضوا للفصحاء فإن للشعر مواسم لا يزيدها الليل والنهار إلا جدّة، والله ما يسرّنى أنى هجيت ببيت الأعشى حيث يقول: تبيتون في المشتا الخ ولى الدنيا بحذافيرها ولو أن رجلا خرج من عرض الدنيا كان قد أخذ عوضا لقول ابن حرثان

على مكثريهم حقّ من يعتريهم

وعند المقلّين السماحة والبذل

وهذا البيت لزهير.

وقالوا أهجى بيت قالته العرب قول الحضيئة؟؟ في الزّبرقان بن بدر

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

وأقعد فإنك أنت الطاعم الكاسى

ولهذا الشعر حكاية نذكرها في أخبار الحطيئة في البخلاء. وقيل: أتفق جماعة من الشعراء على أن أهجى بيت قالته العرب، قول الفرزدق في جرير

أنتم قرارة كلّ معدن سوءة

ولكلّ سائلة تسيل قرار

أخذه أبو تمام فقال

وكانت زفرة ثم اطمأنت

كذاك لكل سائلة قرار

ص: 275

وقالوا أهجى بيت قالته العرب قول الأخطل لجرير

ما زال فينا رباط الخيل معلمة

وفي كليب رباط اللّؤم والعار

قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم

قالوا لأمهم: بولى على النّار

قالت بنو تميم: ما هجينا بشىء، هو أشدّ علينا من هذا البيت، وهو يتضمن وجوها شتّى من الذّم: جعلهم بخلاء بالقرى، وجعل أمّهم خادمهم، يأمرونها بكشف فرجها، وجعلهم يبخلون بالماء أن يطفئوا به النار، وجعل نارهم من قلّتها تطفى ببولة، وأغرى بينهم وبين المجوس، لتعظيم المجوس للنار، وإهانتهم لها إلى غير ذلك.

وقالوا أهجى بيت قالته العرب قول الطرمّاح

تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا

ولو سلكت طرق المكارم ضلّت

وقيل أهجى بيت قالته العرب قول الأعرابىّ

اللؤم أكرم من وبر ووالده

واللؤم أكرم من وبر وما ولدا

قوم إذا ما جنى جانيهم أمنوا

من لؤم أحسابهم أن يقتلوا قودا

وقال مسلم بن الوليد يهجو دعبل الخزاعىّ

أما الهجاء فدقّ عرضك دونه

والمدح عنك كما علمت جليل

فاذهب فأنت طليق عرضك إنّه

عرض عززت به وأنت ذليل

وكان سبب ذلك أنه كان بخراسان عند الفضل بن سهل، فبلغ دعبل ما هو فيه من الحظوة عنده، فصار إلى مرو، وكتب الى الفضل بن سهل

لا تعبأن بابن الوليد فإنه

يرميك بعد ثلاثة بملال

إن الملول إذا تقادم عهده

كانت مودّته كفىء ضلال

ص: 276

فدفع الفضل الرّقعة إلى مسلم، فلما قرأها قال: هل عرفت لقب دعبل وهو غلام أمرد يفسق به؟ فقال: لا، قال: كان يلقّب بميّاس، وكتب إليه

مياس قل لى: أين أنت من الورى؟

لا أنت معلوم ولا مجهول

أما الهجاء الخ، ومنه أخذ إبراهيم بن العباس فقال

فكن كيف شئت وقل ما تشاء

وأبرق يمينا وأرعد شمالا

نجابك لؤمك منجا الذّباب

حمته مقاذيره أن ينالا

وأنشد لجاحظ ووثقت أنّك لا تسبّ

حماك لؤمك أن تنالا

وقال الآخر

بذلّة والديك كسيت عزّا

وباللؤم اجترأت على الجواب

وقال آخر

دناءة عرضك حصن منيع

يقيك إذا ساء منك الصنيع

فقل لعدوّك ما تشتهى

فأنت المنيع الرفيع الوضيع

وقال أبو نواس

ما كان لو لم أهجه غالب

قام له هجوى مقام الشرف

يقول: قد أسرف في هجونا

وإنما ساد بذاك السّرف

عائب؟؟، لا تسع لتبنى العلا،

بلغت مجدا بهجائى، فقف

قد كنت مجهولا ولكننى

نوّهت بالمجهول حتى عرف

ص: 277

وقال أبو هلال العسكرىّ

أهنت هجائى يابن عروة، فانتحى

علىّ ملام الناس في البعد والقرب

وقالوا: أتهجو مثله في سقوطه؟

فقلت لهم: جرّبت سيفى في كلب

وقال ابن لنكك

وعصبة لمّا توسّطهم

صارت علىّ الأرض كالخاتم

كأنّهم من سوء أفهامهم

لم يخرجوا بعد إلى العالم

يضحك إبليس سرورا بهم

لأنهم عار على آدم

وقالوا أهجى بيت قاله محدّث قول الآخر

قبحت مناظرهم، فحين خبرتهم،

حسنت مناظرهم لقبح المخبر

وقال العسكرىّ: ولست أعرف في الهجاء أبلغ من قول الأوّل

إن يفجروا أو يغدروا،

أو يبخلوا لم يحفلوا

وغدوا عليك مرجّلين

كأنّهم لم يفعلوا!

ومن البليغ قول حسان

أبناء حار، فلن تلقى لهم شبها

إلا التيوس على أكتافها الشّعر

إن نافروا نفروا، أو كاثروا كثروا،

أو قامرو الربح عن أحسابهم قمروا

كأنّ ريحهم في الناس إن خرجوا

ريح الكلاب إذا ما مسّها المطر

وقال أيضا

أبوك أبو سوء وخالك مثله

ولست بخير من أبيك وخالكا

وإن أحقّ الناس أن لا تلومه

على اللؤم من ألفى أباه كذلكا

ص: 278

وقال الآخر

سل الله ذا المنّ من فضله

ولا تسألنّ أبا واثله

فما سأل الله عبد له

فخاب ولو كان من باهله

وقال آخر

ولو قيل للكلب: يا باهلىّ

لأعول من قبح هذا النسب!

وقال زياد: ما هجيت ببيت قطّ أشدّ علىّ من قول الشاعر

فكّر، ففى ذاك إن فكّرت معتبر

هل نلت مكرمة إلا بتأمير

عاشت سميّة ما عاشت وما علمت

أن ابنها من قريش في الجماهير

وقال إبراهيم بن العباس

ولما رأيتك لا فاسق

تهاب ولا أنت بالزاهد

وليس عدوّك بالمتّقّى

وليس صديقك بالحامد

أتيت بك السوق سوق الهوان

فناديت: هل فيك من زائد؟

على رجل غادر بالصديق

كفور لنعمائه جاحد

فما جاءنى رجل واحد

يزيد على درهم واحد

سوى رجل حان منه الشقىء

وحلّت به دعوة الوالد

فبعتك منه بلا شاهد

مخافة ردّك بالشاهد

وأبت الى منزلى سالم

وحلّ البلاء على الناقد

وقال العسكرىّ

إن كان شكلك غير متّفق

فكذا خلالك غير مؤتلفه

صوّرت من نطف قد اختلفت

فأتت خلالك وهى مختلفه

ص: 279

من عصبة شتى اذا اجتمعوا

شبّهت داركم بهم عرفه

فورثت من ذا قبح منظره

وورثت ذاك خناه أو صلفه

وقال الحسن بن مطران شاعر اليتيمة

كم غصت في مدحك فكرا على

درّ نفيس غير مثقوب

ولم يغض رأيك يوما على

برّى، ولا رأى لمكذوب

إن كان موعودك في الجود لى

أكذب من موعود عرقوب

فإنّ أخبارك في مدحتى

أكذب من ذئب ابن يعقوب

وقال أحمد بن محمد بن حامد شاعر الخريدة

بليت بقوم ما لهم في العلايد

ولا قدم تسعى لبذل الصنائع

اذا نظرت عينى اليهم تنجّست

برؤيتهم طهّرتها بالمدامع

وقال المتنبّى

إن أوحشتك المعالى

فإنها دار غربه

أو آنستك المخازى

فإنها يك؟؟ أشبه

وقال أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحجّاج

ولقد عهدتك تشتهى

قربى، وتستدعى حضورى

وأرى الجفا بعد الوفا

مثل النفسا؟؟ بعد البخور

يا خرية العدس الصحيح

النّبى، والخبز الفطير

فى جوف منحلّ الطبيعة

والقوى شيخ كبير

يجرى فيخرج سرمه

شبرين من وجع الزحير

يا؟؟ نتموة أبعد العشا

بالبيض واللبن الكثير

ص: 280

وفطائر عجنت بلا الملح

الجريش ولا الخمير

يا نتن رائحة الطبيخ

إذا تغيّر في القدور

يا عشّ بيض القمل فرّخ

فى السوالف والشعور

يا بول صبيان الفطا

م ويا خراهم في الحجور

يا بعض تدخين الحشا

فى الصوم من تخم السّحور

يا حرّ قولنج البطو

ن وبردّ أعصاب الظهور

يا ذلّة المظلوم أصبح

وهو معدوم النصير

يا سوء عاقبة التفقّد

عند تشبيه الأمور

يا كلّ شىء متعب

متعقّد صعب عسير

يا حيرة الشيخ الأصمّ

، وحسرة الحدث الضرير

يا قعدة في دجلة

والريح تلعب بالجسور

يا قرحة السلّ التى

هدّت شراسيف الصدور

يا أربعاء لا تدو

ربه مخافات الشهور

يا هدّة الحيطان تنقض

بالمعاول والمرور

يا قرحة في ناظر

غلظوا عليها بالذّرور

فتسلّخت مع ما يليها

في الجفون من البثور

يا خيبة الأمل الذى

أمسى يعلّل بالغرور

يا غلمة المتخدّرا

ت وراء أبواب القصور

يا وحشة الموتى إذا

صاروا إلى ظلم القبور

يا ضجرة المحموم بالغدوات

من ماء الشعير

ص: 281

يا شؤم إقبال الشتا

ءأضرّ بالشيخ الفقير

يا دولة الحسن التى

خسفت بأيّام السّرور

يا ضجّة الضّجر المصدّع

بالتنازع والشّرور

يا عثرة القلم المرشش

بين أثناء السطور

يا ليلة العريان غبّ

عشيّة اليوم المطير

يا نومعة في شمس آ

ب على التراب بلا حصير

يا فجأة المكروه في البيوم

العبوس القمطرير

يا نهمة الكلب الرضيع

ونكهة الليث الهصور

يا عيش عان موثق

فى القيد مغلول أسير

يا حدّة الرّمد الذى

لا يستفيق من القطور

يا غيشة الكنّاس من

شمّ الذرائر والعبير

يا حيرة العطشان وقت

الظّهر في وسط الهبير

من لى بأن تلقاك خيل

بنى كلاب بلا خفير

وأرى بعينى لحمك المطبوخ

فى حرّ الهجير

فى الأرض ما بين السباع

وفي السما بين النّسور

وقال المتنبّى

يمشى بأربعة على أعقابه

تحت العلوج ومن وراء يلجم

وجفونه ما تستقرّ كأنها

مطروفة أو فتّ فيها حصرم

وتراه أصغر ما تراه ناطقا

ويكون أكذب ما يكون ويقسم

ص: 282