الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما قيل في السّعاية والبغى والغيبة والنّميمة
قال الله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ)
. وقال تعالى: (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ)
. وقال تعالى: (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ)
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يرفعن إلينا عورة أخيه المؤمن» . وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يراح القتّات رائحة الجنّة» . وفي لفظ «لا يدخل الجنّة قتّات» ؛ والقتّات: النّمّام.
قال بعض الشعراء
فلا تسعى على أحد ببغى
…
فان البغى مصرعه وخيم
وقال العتّابىّ
بغيت فلم تقع إلا صريعا
…
كذاك البغى مصرع كلّ باغى
وسأل رجل عبد الملك بن مروان الخلوة، فقال لأصحابه: إذا شئتم، فقاموا، فلما تهيّأ الرجل للكلام، قال له: إياك أن تمدحنى فإنى أعلم بنفسى منك، أو تكذبنى، فإنه لا رأى لكذوب، أو تسعى إلىّ بأحد، وإن شئت أقلتك، قال: أقلنى.
قال: ولما ولى عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك دمشق، ولم يكن في بنى أميّة ألبّ منه في حداثة سنّه، قال أهل دمشق: هذا غلام شابّ، ولا علم له بالأمور، وسيسمع منا، فقام إليه رجل، فقال: أصلح الله الأمير، عندى نصيحة، فقال له:
يا ليت شعرى، ما هذه النصيحة التى ابتدأتنى بها من غير يد سبقت منّى إليك؟
فقال: جار لى عاص، متخلّف عن ثغره، فقال له: ما اتقيت الله، ولا أكرمت أميرك، ولا حفظت جوارك. إن شئت، نظرنا فيما تقول، فإن كنت صادقا؛
لم ينفعك ذلك عندنا، وإن كنت كاذبا، عاقبناك، وإن شئت، أقلناك، قال:
أقلنى، قال: اذهب حيث شئت، لا صحبك الله، ثم قال: يا أهل دمشق، ما أعظمتم ما جاء به الفاسق، إن السّعاية أحسب منه سجيّة، ولولا أنه لا ينبغى للوالى أن يعاقب، قبل أن يعاتب، كان لى فيه رأى، فلا يأتنى أحد منكم بسعاية على أحد، فإن الصادق فيها فاسق، والكاذب بهّات؛ وسعى رجل برجل إلى عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه، فقال: إن شئت نظرنا في أمرك، فإن كنت كاذبا، فأنت من هذه الآية:(إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ)
وإن كنت صادقا، فأنت من هذه الآية:(هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)
وإن شئت عفونا عنك، قال: العفو يا أمير المؤمنين، قال: على أن لا تعود.
وكتب محمد بن خالد إلى ابن الزيّات: إن قوما صاروا إلىّ متنصّحين، فذكروا أن رسوما للسلطان قد عفت ودرست، وأنه توقّف عن كشفها إلى أن يعرف موقع رأيه فيها، فوقّع على رقعته: قرأت هذه الرّقعة المذمومة، وسوق السّعاة مكسد عندنا، وألسنتهم تكلّ في أيامنا، فاحمل الناس على قانونك، وخذهم بما فى ديوانك، فلم ترد للناحية لكشف الرسوم العافية، ولا لتحيى الأعلام الدثرة، وجنّبنى وتجنّب قول جرير
وكنت إذا حللت بدار قوم
…
رحاب؟؟ بخزية وتركت عارا
قالوا: وكان الفضل بن يحيى يكره السّعاة، فإذا أتاه ساع، قال له: إن صدقتنا، أبغضناك، وإن كدبتنا، عقبناك، وإن استقلتنا، أقلناك.
وحكى صاحب العقد قال: قال العتبىّ، حدّثنى أبى عن سعيد القصرىّ، قال: نظر إلىّ عمرو ابن عينه ورجل يستم بين يدىّ رجلا، فقال لى: ويلك،