الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آرَاءُ الْعُلَمَاءِ فِي تَوْرِيثِ مَوْلَى الْمُوَالَاة
(حم)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: شَهِدْتُ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ (1) مَعَ عُمُومَتِي وَأَنَا غُلَامٌ ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ وَأَنِّي أَنْكُثُهُ. (2)
(1) قال الألباني: (حلف المطيبين) قال في " النهاية ": " اجتمع بنو هاشم وبنو زهرة وتيم في دار ابن جدعان في الجاهلية وجعلوا طِيبًا في جفنه وغمسوا أيديهم فيه ، وتحالفوا على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم، فسُموا المُطَيِّبين ". أ. هـ
(2)
(حم) 1655 ، (خد) 567 ، (حب) 4373، (ك) 2870 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 3717 ، الصَّحِيحَة: 1900
(م)، وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ (1) وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (2) لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً (3) "(4)
(1) الْحِلْف: الْمُعَاهَدَة، وَالْمُرَاد بِهِ هُنَا مَا كَانَ يُفْعَل فِي الْجَاهِلِيَّة مِنْ الْمُعَاهَدَة عَلَى الْقِتَال وَالْغَارَات وَغَيْرهمَا مِمَّا يَتَعَلَّق بِالْمَفَاسِدِ ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: لَا يَجُوز الْحِلْف الْيَوْم، فَإِنَّ الْمَذْكُور فِي الْحَدِيث وَالْمُوَارَثَة بِهِ وَبِالْمُؤَاخَاةِ كُلّه مَنْسُوخ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} ،
وَقَالَ الْحَسَن: كَانَ التَّوَارُث بِالْحِلْفِ ، فَنُسِخَ بِآيَةِ الْمَوَارِيث ، قُلْت: أَمَّا مَا يَتَعَلَّق بِالْإِرْثِ فَنُسِخَتْ فِيهِ الْمُحَالَفَة عِنْد جَمَاهِير الْعُلَمَاء، وَأَمَّا الْمُؤَاخَاة فِي الْإِسْلَام وَالْمُحَالَفَة عَلَى طَاعَة الله تَعَالَى وَالتَّنَاصُر فِي الدِّين وَالتَّعَاوُن عَلَى الْبِرّ وَالتَّقْوَى وَإِقَامَة الْحَقّ فَهَذَا بَاقٍ لَمْ يُنْسَخ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْله صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث " وَأَيّمَا حِلْف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة " وَأَمَّا قَوْله صلى الله عليه وسلم " لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام " فَالْمُرَاد بِهِ حِلْف التَّوَارُث وَالْحِلْف عَلَى مَا مَنَعَ الشَّرْع مِنْهُ وَالله أَعْلَم. كَذَا فِي شَرْح صَحِيح مُسْلِم لِلنَّوَوِيِّ رحمه الله. عون المعبود (ج6ص 397)
(2)
الْمُرَاد مِنْهُ مَا كَانَ مِنْ الْمُعَاهَدَة عَلَى الْخَيْر كَصِلَةِ الْأَرْحَام وَنُصْرَة الْمَظْلُوم وَغَيْرهمَا. عون المعبود (ج6ص 397)
(3)
أَيْ: تَأكِيدًا وَحِفْظًا عَلَى ذَلِكَ.
(4)
(م) 206 - (2530) ، (د) 2925 ، (حم) 16807 ، (حب) 4371
(حم) ، وَعَنْ شُعْبَةَ بْنِ التَّوْأَمِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحِلْفِ، فَقَالَ:" مَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَتَمَسَّكُوا بِهِ، وَلَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ "(1)
(1)(حم) 20632 ، (طب) ج18ص337ح864 ، (مسند الشهاب القضاعي) 841
(د)، وَعَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ: سَمِعْتُ أنَس بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: " حَالَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا (1) "، فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ؟ "، فَقَالَ:" حَالَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا (2) "(3)
(1) قَالَ سُفْيَانُ: كَأَنَّهُ يَقُولُ: آخَى. (حم) 12110
(2)
قَالَ الطَّبَرِيُّ: مَا اِسْتَدَلَّ بِهِ أَنَس عَلَى إِثْبَات الْحَلِف لَا يُنَافِي حَدِيث جُبَيْر بْن مُطْعِم فِي نَفْيه، فَإِنَّ الْإِخَاء الْمَذْكُور كَانَ فِي أَوَّل الْهِجْرَة ، وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِهِ، ثُمَّ نُسِخَ مِنْ ذَلِكَ الْمِيرَاث وَبَقِيَ مَا لَمْ يُبْطِلهُ الْقُرْآن ، وَهُوَ التَّعَاوُن عَلَى الْحَقّ وَالنَّصْر وَالْأَخْذ عَلَى يَد الظَّالِم ، كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس: إِلَّا النَّصْر وَالنَّصِيحَة وَالرِّفَادَة وَيُوصَى لَهُ، وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاث قُلْت: وَعُرِفَ بِذَلِكَ وَجْه إِيرَاد حَدِيثَيْ أَنَس مَعَ حَدِيث اِبْن عَبَّاس وَالله أَعْلَم ،
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَالَ اِبْن عُيَيْنَةَ: حَالَفَ بَيْنهمْ أَيْ آخَى بَيْنهمْ، يُرِيد أَنَّ مَعْنَى الْحَلِف فِي الْجَاهِلِيَّة مَعْنَى الْأُخُوَّة فِي الْإِسْلَام، لَكِنَّهُ فِي الْإِسْلَام جَارٍ عَلَى أَحْكَام الدِّين وَحُدُوده، وَحِلْف الْجَاهِلِيَّة جَرَى عَلَى مَا كَانُوا يَتَوَاضَعُونَهُ بَيْنهمْ بِآرَائِهِمْ، فَبَطَل مِنْهُ مَا خَالَفَ حُكْم الْإِسْلَام ، وَبَقِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى حَاله ،
وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَة فِي الْحَدّ الْفَاصِل بَيْن الْحِلْف الْوَاقِع فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام،
فَقَالَ اِبْن عَبَّاس: مَا كَانَ قَبْل نُزُول الْآية الْمَذْكُورَة جَاهِلِيّ وَمَا بَعْدهَا إِسْلَامِيّ ،
وَعَنْ عَلِيّ: مَا كَانَ قَبْل نُزُول (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) جَاهِلِيّ ، وَعَنْ عُثْمَان: كُلّ حِلْف كَانَ قَبْل الْهِجْرَة جَاهِلِيّ، وَمَا بَعْدهَا إِسْلَامِيّ ، وَعَنْ عُمَر: كُلّ حِلْف كَانَ قَبْل الْحُدَيْبِيَة فَهُوَ مَشْدُود ، وَكُلّ حِلْف بَعْدهَا مَنْقُوض، أَخْرَجَ كُلّ ذَلِكَ عُمَر بْن شَبَّة عَنْ أَبِي غَسَّان مُحَمَّد بْن يَحْيَى بِأَسَانِيدِهِ إِلَيْهِمْ، وَأَظُنّ قَوْل عُمَر أَقْوَاهَا، وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنَّ الْمَذْكُورَات فِي رِوَايَةِ غَيْرهِ مِمَّا يَدُلّ عَلَى تَأَكُّد حِلْف الْجَاهِلِيَّة، وَالَّذِي فِي حَدِيث عُمَر مَا يَدُلّ عَلَى نَسْخ ذَلِكَ. فتح الباري (ج 7 / ص 136)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (ج5ص 129): إِنَّمَا كَانَ أَصْلُ الْأُخُوَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَحَالَفَ بَيْنَهُمْ فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ كَمَا آخَى بَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، حَتَّى قَالَ سَعْدٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: خُذْ شَطْرَ مَالِي، وَاخْتَرْ إحْدَى زَوْجَتَيْ حَتَّى أُطَلِّقَهَا وَتَنْكِحَهَا ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللهُ لَك فِي مَالِك وَأَهْلِك، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ ، وَكَمَا آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ.
وَهَذَا كُلُّهُ فِي الصَّحِيحِ ، وَأَمَّا مَا يَذْكُرُ بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ فِي " السِّيرَةِ " مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم آخَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَأَبِي بَكْرٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَهَذَا بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِحَدِيثِهِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُؤَاخِ بَيْنَ مُهَاجِرٍ وَمُهَاجِرٍ، وَأَنْصَارِيٍّ وَأَنْصَارِيٍّ، وَإِنَّمَا آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَكَانَتْ الْمُؤَاخَاةُ وَالْمُحَالَفَةُ يَتَوَارَثُونَ بِهَا دُونَ أَقَارِبِهِمْ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى:{وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ} فَصَارَ الْمِيرَاثُ بِالرَّحِمِ دُونَ هَذِهِ الْمُؤَاخَاةِ وَالْمُحَالَفَةِ ،
وَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُحَالَفَةِ وَالْمُؤَاخَاةِ: هَلْ يُورَثُ بِهَا عِنْدَ عَدَمِ الْوَرَثَةِ مِنْ الْأَقَارِبِ وَالْمَوَالِي؟ ، عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: يُورَثُ بِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} ، والثَّانِي: لَا يُورَثُ بِهَا بِحَالٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ.
وَكَذَلِكَ تَنَازَعَ النَّاسُ ، هَلْ يُشْرَعُ فِي الْإِسْلَامِ أَنْ يَتَآخَى اثْنَانِ وَيَتَحَالَفَا كَمَا فَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ؟ ، فَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ، لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:{لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَمَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إلَّا شِدَّةً} ، وَلِأَنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَ الْمُؤْمِنِينَ إخْوَةً بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:{الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمُ، لَا يُسْلِمُهُ، وَلَا يَظْلِمُهُ، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ} ؛ فَمَنْ كَانَ قَائِمًا بِوَاجِبِ الْإِيمَانِ كَانَ أَحَبَّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ ، وَوَجَبَ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَقُومَ بِحُقُوقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ خَاصٌّ؛ فَإِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ قَدْ عَقَدَا الْأُخُوَّةَ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ:{إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ} وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {وَدِدْت أَنِّي قَدْ رَأَيْت إخْوَانِي} ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ خَارِجًا عَنْ حُقُوقِ الْإِيمَانِ وَجَبَ أَنْ يُعَامَلَ بِمُوجِبِ ذَلِكَ، فَيُحْمَدُ عَلَى حَسَنَاتِهِ؛ وَيُوَالَى عَلَيْهَا، وَيُنْهَى عَنْ سَيِّئَاتِهِ، وَيُجَانَبُ عَلَيْهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:{اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا ، قُلْت يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ ، قَالَ: تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ، فَذَلِكَ نَصْرُك إيَّاهُ} ، وَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَكُونَ حُبُّهُ وَبُغْضُهُ، وَمُوَالَاتُهُ وَمُعَادَاتُهُ، تَابِعًا لِأَمْرِ اللهِ وَرَسُولِهِ ، فَيُحِبُّ مَا أَحَبَّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَيُبْغِضُ مَا أَبْغَضَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَيُوَالِي مَنْ يُوَالِي اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُعَادِي مَنْ يُعَادِي اللهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ كَانَ فِيهِ مَا يُوَالَى عَلَيْهِ مِنْ حَسَنَاتٍ وَمَا يُعَادَى عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتٍ عُومِلَ بِمُوجِبِ ذَلِكَ كَفُسَّاقِ أَهْلِ الْمِلَّةِ؛ إذْ هُمْ مُسْتَحِقُّونَ لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَالْمُوَالَاةِ وَالْمُعَادَاةِ، وَالْحُبِّ وَالْبُغْضِ، بِحَسَبِ مَا فِيهِمْ مِنْ الْبِرِّ وَالْفُجُورِ، فَإِنَّ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِخِلَافِ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَبِخِلَافِ الْمُرْجِئَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ؛ فَإِنَّ أُولَئِكَ يَمِيلُونَ إلَى جَانِبٍ، وَهَؤُلَاءِ إلَى جَانِبٍ. وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَسَطٌ ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: تُشْرَعُ تِلْكَ الْمُؤَاخَاةُ وَالْمُحَالَفَةُ، وَهُوَ يُنَاسِبُ مَنْ يَقُولُ بِالتَّوَارُثِ بِالْمُحَالَفَةِ.
لَكِنْ لَا نِزَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ وَلَدَ أَحَدِهِمَا لَا يَصِيرُ وَلَدَ الْآخَرِ بِإِرْثِهِ مَعَ أَوْلَادِهِ. وَاللهُ سُبْحَانَهُ قَدْ نَسَخَ التَّبَنِّي الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَيْثُ كَانَ يَتَبَنَّى الرَّجُلُ وَلَدَ غَيْرِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:{مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمْ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} ، وَقَالَ تَعَالَى:{اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} .
وَكَذَلِكَ لَا يَصِيرُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَالًا لِلْآخَرِ يُورَثُ عَنْهُ مَالَهُ؛ فَإِنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ وَلَكِنْ إذَا طَابَتْ نَفْسُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْآخَرُ مِنْ مَالِهِ فَهَذَا جَائِزٌ، كَمَا كَانَ السَّلَفُ يَفْعَلُونَ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَدْخُلُ بَيْتَ الْآخَرِ وَيَأكُلُ مِنْ طَعَامِهِ مَعَ غَيْبَتِهِ؛ لِعِلْمِهِ بِطِيبِ نَفْسِهِ بِذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{أَوْ صَدِيقِكُمْ} .
وَأَمَّا شُرْبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَمَ الْآخَرِ ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ بِحَالٍ، وَأَقَلُّ مَا فِي ذَلِكَ مَعَ النَّجَاسَةِ التَّشْبِيهُ بِاَللَّذَيْنِ يَتَآخَيَانِ مُتَعَاوِنَيْنِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ: إمَّا عَلَى فَوَاحِشَ، أَوْ مَحَبَّةٍ شَيْطَانِيَّةٍ، كَمَحَبَّةِ الْمُرْدَانِ وَنَحْوِهِمْ، وَإِنْ أَظْهَرُوا خِلَافَ ذَلِكَ مِنْ اشْتِرَاكٍ فِي الصَّنَائِعِ وَنَحْوِهَا ، وَإِمَّا تَعَاوُنٍ عَلَى ظُلْمِ الْغَيْرِ، وَأَكْلِ مَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ مُؤَاخَاةِ بَعْضِ مَنْ يُنْتَسَبُ إلَى الْمَشْيَخَةِ وَالسُّلُوكِ لِلنِّسَاءِ، فَيُؤَاخِي أَحَدُهُمْ الْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ وَيَخْلُو بِهَا ،
وَقَدْ أَقَرَّ طَوَائِفُ مِنْ هَؤُلَاءِ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمْ مِنْ الْفَوَاحِشِ ، فَمِثْلُ هَذِهِ الْمُؤَاخَاةِ وَأَمْثَالُهَا مِمَّا يَكُونُ فِيهِ تَعَاوُنٌ عَلَى مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ كَائِنًا مَا كَانَ ، حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي مُؤَاخَاةٍ يَكُونُ مَقْصُودُهُمَا بِهَا التَّعَاوُنَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، بِحَيْثُ تَجْمَعُهُمَا طَاعَةُ اللهِ، وَتُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا مَعْصِيَةُ اللهِ، كَمَا يَقُولُونَ: تَجْمَعُنَا السُّنَّةُ، وَتُفَرِّقُنَا الْبِدْعَةُ ، فَهَذِهِ الَّتِي فِيهَا النِّزَاعُ ، فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَا يَرَوْنَهَا، اسْتِغْنَاءً بِالْمُؤَاخَاةِ الْإِيمَانِيَّةِ الَّتِي عَقَدَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ؛ فَإِنَّ تِلْكَ كَافِيَةٌ مُحَصِّلَةٌ لِكُلِّ خَيْرٍ؛ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْتَهَدَ فِي تَحْقِيقِ أَدَاءِ وَاجِبَاتِهَا؛ إذْ قَدْ أَوْجَبَ اللهُ لِلْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ مِنْ الْحُقُوقِ مَا هُوَ فَوْقَ مَطْلُوبِ النُّفُوسِ،
وَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّغَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ إذَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مُخَالَفَةِ الشَّرِيعَةِ.
وَأَمَّا أَنْ تُقَالَ عَلَى الْمُشَارَكَةِ فِي الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، فَمَنْ دَخَلَ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ أَدْخَلَ صَاحِبَهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَشْرِطُهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فَهَذِهِ الشُّرُوطُ وَأَمْثَالُهَا لَا تَصِحُّ، وَلَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهَا؛ فَإِنَّ الشَّفَاعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِإِذْنِ اللهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكُونُ مِنْ حَالِهِمَا، وَمَا يَسْتَحِقُّهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَكَيْفَ يُلْزَمُ الْمُسْلِمُ مَا لَيْسَ إلَيْهِ فِعْلُهُ، وَلَا يَعْلَمُ فِيهِ وَلَا حَالَ الْآخَرِ؟ ، وَلِهَذَا نَجِدُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَشْتَرِطُونَ هَذِهِ الشُّرُوطَ لَا يَدْرُونَ مَا يَشْرِطُونَ؛ وَلَوْ اسْتَشْعَرَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ بَعْضُ مَالِهِ فِي الدُّنْيَا فَاللهُ أَعْلَمُ هَلْ كَانَ يَدْخُلُ مِنْهَا أَمْ لَا ، وَبِالْجُمْلَةِ فَجَمِيعُ مَا يَنْفَعُ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ الشُّرُوطِ وَالْعُقُودِ وَالْمُحَالَفَاتِ فِي الْأُخُوَّةِ وَغَيْرِهَا تُرَدُّ إلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، فَكُلُّ شَرْطٍ يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ يُوَفَّى بِهِ، " وَمَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ وَإِنْ كَانَ مِائَةُ شَرْطٍ ، كِتَابُ اللهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُهُ أَوْثَقُ " ، فَمَتَى كَانَ الشَّرْطُ يُخَالِفُ شَرْطَ اللهِ وَرَسُولِهِ كَانَ بَاطِلًا ، مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَكُونَ وَلَدُ غَيْرِهِ ابْنَهُ، أَوْ عِتْقُ غَيْرِ مَوْلَاهُ، أَوْ أَنَّ ابْنَهُ أَوْ قَرِيبُهُ لَا يَرِثُهُ، أَوْ أَنَّهُ يُعَاوِنُهُ عَلَى كُلِّ مَا يُرِيدُ، وَيَنْصُرُهُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَادَاهُ سَوَاءٌ كَانَ بِحَقٍّ أَوْ بِبَاطِلٍ، أَوْ يُطِيعُهُ فِي كُلِّ مَا يَأمُرُهُ بِهِ، أَوْ أَنَّهُ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ وَيَمْنَعُهُ مِنْ النَّارِ مُطْلَقًا، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ ، وَإِذَا وَقَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ وَفَّى مِنْهَا بِمَا أَمَرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ: وَلَمْ يُوَفِّ مِنْهَا بِمَا نَهَى اللهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَفِي الْمُبَاحَاتِ نِزَاعٌ وَتَفْصِيلٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهُ.
وَكَذَا فِي شُرُوطِ الْبُيُوعِ، وَالْهِبَاتِ، وَالْوُقُوفِ، وَالنُّذُورِ؛ وَعُقُودِ الْبَيْعَةِ لِلْأَئِمَّةِ؛ وَعُقُودِ الْمَشَايِخِ؛ وَعُقُودِ الْمُتَآخِيَيْنِ، وَعُقُودِ أَهْلِ الْأَنْسَابِ وَالْقَبَائِلِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُطِيعَ اللهَ وَرَسُولَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ وَيَجْتَنِبَ مَعْصِيَةَ اللهِ وَرَسُولِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ وَلَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يُطِيعُ إلَّا مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ. أ. هـ
(3)
(د) 2926 ، (خ) 2172 ، (م) 204 - (2529) ، (حم) 12494
(ت)، وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا السُّنَّةُ (1) فِي الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" هُوَ (2) أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ (3) "(4)
(1) أَيْ: مَا حُكْم الشَّرْع. عون المعبود - (ج 6 / ص 389)
(2)
أَيْ: الرَّجُل الْمُسْلِم الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ الْكَافِر. عون المعبود - (ج 6 / ص 389)
(3)
أَيْ: بِمَنْ أَسْلَمَ فِي حَيَاته وَمَمَاته ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَدْ يَحْتَجّ بِهِ مَنْ يَرَى تَوْرِيث الرَّجُل مِمَّنْ يُسْلِم عَلَى يَده مِنْ الْكُفَّار وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْحَاب الرَّأي ، إِلَّا أَنَّهُمْ قَدْ زَادُوا فِي ذَلِكَ شَرْطًا وَهُوَ أَنْ يُعَاقِدهُ وَيُوَالِيه ، فَإِنْ أَسْلَمَ عَلَى يَده وَلَمْ يُعَاقِدهُ وَلَمْ يُوَالِهِ فَلَا شَيْء لَهُ ، وَقَالَ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ كَقَوْلِ أَصْحَاب الرَّأي ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُر الْمُوَالَاة ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَدَلَالَة الْحَدِيث مُبْهَمَة ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ يَرِثهُ ، وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ أَوْلَى النَّاس بِمَحْيَاهُ وَمَمَاته، فَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ فِي الْمِيرَاث ، وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ فِي رَعْي الذِّمَام وَالْإِيثَار وَالْبِرّ وَالصِّلَة وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْأُمُور، وَقَدْ عَارَضَهُ قَوْله صلى الله عليه وسلم " الْوَلَاء لِمَنْ أَعْتَقَ " وَقَالَ أَكْثَر الْفُقَهَاء: لَا يَرِثهُ ، وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو الْبَرَكَات النَّسَفِيّ الْحَنَفِيّ: وَعَقْد الْمُوَالَاة مَشْرُوعَة وَالْوِرَاثَة بِهَا ثَابِتَة عِنْد عَامَّة الصَّحَابَة وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّة، وَتَفْسِيره إِذَا أَسْلَمَ رَجُل أَوْ اِمْرَأَة لَا وَارِث لَهُ وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ وَلَا مُعْتَق فَيَقُول الْآخَر: وَالَيْتُك عَلَى أَنْ تَعْقِلَنِي إِذَا جَنَيْت وَتَرِث مِنِّي إِذَا مُتّ، وَيَقُول الْآخَر: قَبِلْت ، اِنْعَقَدَ ذَلِكَ وَيَرِث الْأَعْلَى مِنْ الْأَسْفَل.
وقَالَ ابْن الْقَيِّم: وَاَلَّذِينَ رَدُّوا هَذَا الْحَدِيث مِنْهُمْ مَنْ رَدَّهُ لِضَعْفِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّهُ لِكَوْنِهِ مَنْسُوخًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا دَلَالَة فِيهِ عَلَى الْمِيرَاث، بَلْ لَوْ صَحَّ كَانَ مَعْنَاهُ: هُوَ أَحَقّ بِهِ، يُوَالِيه وَيَنْصُرهُ وَيَبَرّهُ وَيَصِلهُ وَيَرْعَى ذِمَامه، وَيُغَسِّلهُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَيَدْفِنهُ فَهَذِهِ أَوْلَوِيَّته بِهِ، لَا أَنَّهَا أَوْلَوِيَّته بِمِيرَاثِهِ، وَهَذَا هُوَ التَّأوِيل.
وَقَالَ بِهَذَا الْحَدِيث آخَرُونَ مِنْهُمْ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَطَاوُسٌ وَرَبِيعَة وَاللَّيْث بْن سَعْد وَهُوَ قَوْل عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز.
وَفِيهَا مَذْهَب ثَالِث: أَنَّهُ إِنْ عَقَلَ عَنْهُ وَرِثَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْقِل عَنْهُ لَمْ يَرِثهُ، وَهُوَ مَذْهَب سَعْد بْن الْمُسَيِّب.
وَفِيهَا مَذْهَب رَابِع: أَنَّهُ إِنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَوَالَاهُ فَإِنَّهُ يَرِثهُ وَيَعْقِل عَنْهُ، وَلَهُ أَنْ يَتَحَوَّل عَنْهُ إِلَى غَيْره مَا لَمْ يَعْقِل عَنْهُ إِلَى غَيْره، فَإِذَا عَقَلَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّل عَنْهُ إِلَى غَيْره ، وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَة وَأَبِي يُوسُف وَمُحَمَّد.
وَفِيهَا مَذْهَب خَامِس: أَنَّ هَذَا الْحُكْم ثَابِت فِيمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل الْحَرْب دُون أَهْل الذِّمَّة، وَهُوَ مَذْهَب يَحْيَى بْن سَعِيد. فَلَا إِجْمَاع فِي الْمَسْأَلَة مَعَ مُخَالَفَة هَؤُلَاءِ الْأَعْلَام.
وَأَمَّا تَضْعِيف الْحَدِيث إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي رُتْبَة الصَّحِيح فَلَا يَنْحَطّ عَنْ أَدْنَى دَرَجَات الْحَسَن، وَقَدْ عَضَّدَهُ الْمُرْسَل، وَقَضَاء عُمَر بْن الْخَطَّاب ، وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز بِرِوَايَةِ الْفَرَائِض، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي تَقْدِيم الْأَقَارِب عَلَيْهِ، وَلَا يَدُلّ عَلَى عَدَم تَوْرِيثه إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَب. عون المعبود (ج 6 / ص 389)
(4)
(ت) 2112 ، (خم) ج8ص155 ، (د) 2918 ، (جة) 2752 ، (حم) 16986 ، (ش) 31576
(قط)، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٍ فَلَهُ وَلَاؤُهُ "(1)
(1)(قط) ج4ص181ح32 ، (طب) ج8ص189ح7781 ، (هق) 21253 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 6033
(قط طب)، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٍ فَلَهُ وَلَاؤُهُ "(1)
وفي رواية: " مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٍ فَهُوَ مَوْلَاهُ (2) "(3)
(1)(قط) ج4ص181ح32 ، (هق) 21253 ، (سعيد) 200 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 6033
(2)
مولاه أي: وريثه.
(3)
(طب) ج8ص189ح7781 ، انظر الصَّحِيحَة: 2316
(مي) ، وَعَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ ، قَالَ: يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ. (1)
(1)(مي) 3077 ، (عب) 9873