الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَحْرِيمُ الْحَلَالِ يَمِين
(خ م) ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: إِذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ ، فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا (2) وَقَالَ:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} . (3)
(1)[التحريم: 1، 2]
(2)
اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيمَا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام.
فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ أَنَّهُ إِنْ نَوَى طَلَاقهَا ، كَانَ طَلَاقًا، وَإِنْ نَوَى الظِّهَار ، كَانَ ظِهَارًا وَإِنْ نَوَى تَحْرِيم عَيْنهَا بِغَيْرِ طَلَاق وَلَا ظِهَار ، لَزِمَهُ بِنَفْسِ اللَّفْظ كَفَّارَة يَمِين ، وَلَا يَكُون ذَلِكَ يَمِينًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ، فَفِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ ، أَصَحّهمَا: يَلْزَمهُ كَفَّارَة يَمِين؛ وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَغْو لَا شَيْء فِيهِ ، وَلَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شَيْء مِنْ الْأَحْكَام، هَذَا مَذْهَبنَا.
وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض فِي الْمَسْأَلَة أَرْبَعَة عَشَر مَذْهَبًا:
أَحَدهَا: الْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب مَالِك: أَنَّهُ يَقَع بِهِ ثَلَاث طَلْقَات ، سَوَاء كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا، لَكِنْ لَوْ نَوَى أَقَلّ مِنْ الثَّلَاث قُبِلَ فِي غَيْر الْمَدْخُول بِهَا خَاصَّة قَالَ: وَبِهَذَا الْمَذْهَب قَالَ أَيْضًا عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب ، وَزَيْد ، وَالْحَسَن ، وَالْحَكَم.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَقَع بِهِ ثَلَاث طَلْقَات ، وَلَا تُقْبَل نِيَّته فِي الْمَدْخُول بِهَا وَلَا غَيْرهَا، قَالَهُ اِبْن أَبِي لَيْلَى ، وَعَبْد الْمَلِك بْن الْمَاجِشُونِ الْمَالِكِيّ.
وَالثَّالِث: يَقَع بِهِ عَلَى الْمَدْخُول بِهَا ثَلَاث ، وَعَلَى غَيْرهَا وَاحِدَة ، قَالَهُ أَبُو مُصْعَب ، وَمُحَمَّد بْن عَبْد الْحَكَم الْمَالِكِيَّانِ.
وَالرَّابِع: أَنَّهُ يَقَع بِهِ طَلْقَة وَاحِدَة بَائِنَة ، سَوَاء الْمَدْخُول بِهَا وَغَيْرهَا ، وَهُوَ رِوَايَة عَنْ مَالِك.
وَالْخَامِس: أَنَّهَا طَلْقَة رَجْعِيَّة ، قَالَهُ عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي مَسْلَمَة الْمَالِكِيّ.
وَالسَّادِس: أَنَّهُ يَقَع مَا نَوَى ، وَلَا يَكُون أَقَلّ مِنْ طَلْقَة وَاحِدَة ، قَالَهُ الزُّهْرِيّ
وَالسَّابِع: أَنَّهُ إِنْ نَوَى وَاحِدَة ، أَوْ عَدَدًا ، أَوْ يَمِينًا ، فَهُوَ مَا نَوَى ، وَإِلَّا فَلَغْو ، قَالَهُ سُفْيَان الثَّوْرِيّ.
وَالثَّامِن: مِثْل السَّابِع ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَزِمَهُ كَفَّارَة يَمِين ، قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْر.
وَالتَّاسِع: مَذْهَب الشَّافِعِيّ ، وَسَبَقَ إِيضَاحه ، وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْر ، وَعُمَر ، وَغَيْرهمَا مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رضي الله عنهم.
وَالْعَاشِر: إِنْ نَوَى الطَّلَاق ، وَقَعَتْ طَلْقَة بَائِنَة ، وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا ، وَقَعَ الثَّلَاث ،
وَإِنْ نَوَى اِثْنَتَيْنِ ، وَقَعَتْ وَاحِدة ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ، فَيَمِين ، وَإِنْ نَوَى الْكَذِب ، فَلَغْو ، قَالَهُ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه.
وَالْحَادِي عَشَر: مِثْل الْعَاشِر ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا نَوَى اِثْنَتَيْنِ ، وَقَعَتْ ، قَالَهُ زُفَر.
وَالثَّانِي عَشَر: أَنَّهُ تَجِب بِهِ كَفَّارَة الظِّهَار ، قَالَهُ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ.
وَالثَّالِث عَشَر: هِيَ يَمِين فِيهَا كَفَّارَة الْيَمِين ، قَالَهُ اِبْن عَبَّاس ، وَبَعْض التَّابِعِينَ.
الرَّابِع عَشَر: أَنَّهُ كَتَحْرِيمِ الْمَاء وَالطَّعَام ، فَلَا يَجِب فِيهِ شَيْء أَصْلًا ، وَلَا يَقَع بِهِ شَيْء ، بَلْ هُوَ لَغْو ، قَالَهُ مَسْرُوق وَالشَّعْبِيّ ، وَأَبُو سَلَمَة ، وَأَصْبَغ الْمَالِكِيّ.
هَذَا كُلّه إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّة ، أَمَّا إِذَا قَالَهُ لِأَمَةٍ: فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ أَنَّهُ إِنْ نَوَى عِتْقهَا ، عَتَقَتْ، وَإِنْ نَوَى تَحْرِيم عَيْنهَا ، لَزِمَهُ كَفَّارَة يَمِين ، وَلَا يَكُون يَمِينًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ، وَجَبَ كَفَّارَة يَمِين عَلَى الصَّحِيح مِنْ الْمَذْهَب.
وَقَالَ مَالِك: هَذَا فِي الْأَمَة لَغْو ، لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شَيْء.
قَالَ الْقَاضِي: وَقَالَ عَامَّة الْعُلَمَاء: عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين بِنَفْسِ التَّحْرِيم
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: يَحْرُم عَلَيْهِ مَا حَرَّمَهُ مِنْ أَمَةٍ ، وَطَعَام ، وَغَيْره ، وَلَا شَيْء عَلَيْهِ حَتَّى يَتَنَاوَلهُ ، فَيَلْزَمهُ حِينَئِذٍ كَفَّارَة يَمِين.
وَمَذْهَب مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور: أَنَّهُ إِنْ قَالَ: هَذَا الطَّعَام حَرَام عَلَيَّ ، أَوْ هَذَا الْمَاء ، وَهَذَا الثَّوْب ، أَوْ دُخُول الْبَيْت ، أَوْ كَلَامُ زَيْد ، وَسَائِر مَا يُحَرِّمهُ ، غَيْر الزَّوْجَة وَالْأَمَة ، يَكُون هَذَا لَغْوًا ، لَا شَيْء فِيهِ ، وَلَا يَحْرُم عَلَيْهِ ذَلِكَ الشَّيْء ، فَإِذَا تَنَاوَلَهُ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ.
وَأُمّ الْوَلَد كَالْأَمَةِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَالله أَعْلَم. شرح النووي (ج 5 / ص 223)
(3)
(م) 19 - (1473) ، (خ) 4627 ، (جة) 2073 ، (حم) 1976 ،
(هق) 14831 ، وصححه الألباني في الإرواء: 2088
(جة)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" آلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِسَائِهِ ، وَحَرَّمَ، فَجَعَلَ الْحَلَالَ حَرَامًا، وَجَعَلَ فِي الْيَمِينِ كَفَّارَةً "(1)
(1)(جة) 2072 ، (ت) 1201 ، (حب) 4278 ، (هق) 14848