الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنَ الْكَبَائِر
قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ، فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ، خَالِدًا فِيهَا ، وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ ، وَلَعَنَهُ ، وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (1)
(خ م س د)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:(سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الْكَبَائِرُ؟ ، فَقَالَ: " هُنَّ تِسْعٌ ")(2)(قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هُنَّ؟ ، قَالَ: " الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وفي رواية: (وَتَعَلُّمُ السِّحْرِ)(3) وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ") (4)
(1)[النساء/93]
(2)
(د) 2874
(3)
(حب) 6559 ، (ك) 1447، صححه الألباني في الإرواء: 2198، 2238، وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1341، 2801 ، وصحيح موارد الظمآن: 661
(4)
(خ) 2615 ، (م) 89
(خ م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:(قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ ، قَالَ: " أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا (1) وَهُوَ خَلَقَكَ (2)" ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ ، ثُمَّ أَيٌّ؟ ، قَالَ: " أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ (3)" ، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ ، قَالَ: " أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ (4)) (5)(فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل تَصْدِيقَهَا: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ ، وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (6) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (7) ") (8)
الشرح (9)
(1) أَيْ: مِثْلًا وَنَظِيرًا فِي دُعَائِك أَوْ عِبَادَتِك. عون المعبود (5/ 181)
(2)
أَيْ أَنَّهُ سبحانه وتعالى اِنْفَرَدَ بِخَلْقِك ، فَكَيْف لَكَ اِتِّخَاذُ شَرِيكٍ مَعَهُ ، وَجَعْلِ عِبَادَتِكَ مَقْسُومَةً بَيْنهمَا ، فَإِنَّهُ تَعَالَى مَعَ كَوْنِهِ مُنَزَّهًا عَنْ شَرِيك ، وَكَوْنِ الشَّرِيكِ بَاطِلًا فِي ذَاتِه - لَوْ فُرِضَ وُجُودُ شَرِيكٍ ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْهُ - لَمَا حَسُنَ مِنْكَ اِتِّخَاذُهُ شَرِيكًا مَعَهُ فِي عِبَادَتِكَ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَا خَلَقَك ، وَإِنَّمَا خَلَقَكَ اللهُ تَعَالَى مُنْفَرِدًا بِخَلْقِك.
وَفِي الْخِطَابِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الشِّرْكَ مِنْ الْعَالِمِ بِحَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ أَقْبَحُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِه. شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 394)
(3)
أَيْ: خَشْيَةَ أَنْ يَأكُلَ مَعَكَ ، مِنْ جِهَةِ إِيثَارِ نَفْسِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ مَا يَكْفِي ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْبُخْلِ مَعَ الْوِجْدَان ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادكُمْ خَشْيَة إِمْلَاق} أَيْ: فَقْر. فتح الباري - (ج 13 / ص 276)
(4)
أَيْ: زَوْجَة جَارِك ، وَمَعْنَى " تُزَانِي " أَيْ: تَزْنِي بِهَا بِرِضَاهَا، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ الزِّنَا ، وَهُوَ مَعَ اِمْرَأَةِ الْجَارِ أَشَدُّ قُبْحًا ، وَأَعْظَمُ جُرْمًا ، لِأَنَّ الْجَارَ يَتَوَقَّعُ مِنْ جَارِه الذَّبَّ عَنْهُ وَعَنْ حَرِيمِه ، وَيَأمَنُ بَوَائِقَهُ ، وَيَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ، وَقَدْ أُمِرَ بِإِكْرَامِهِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ ، فَإِذَا قَابَلَ هَذَا كُلَّهُ بِالزِّنَا بِامْرَأَتِهِ وَإِفْسَادهَا عَلَيْهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَكَّنُ غَيْرُهُ مِنْهُ ، كَانَ فِي غَايَةٍ مِنْ الْقُبْح. شرح النووي (ج 1 / ص 187)
ورَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيث الْمِقْدَاد بْن الْأَسْوَد قَالَ: " قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟ ، قَالُوا: حَرَام ، قَالَ: " لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَة ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِه ".فتح الباري - (ج 13 / ص 276)
(5)
(م) 86 ، (خ) 4207
(6)
الأَثَام: العقاب. تفسير الطبري - (ج 19 / ص 303)
(7)
[الفرقان/69]
(8)
(خ) 6468 ، (م) 86
(9)
هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ أَنَّ أَكْبَرَ الْمَعَاصِي الشِّرْك ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ ، وَأَنَّ الْقَتْلَ بِغَيْرِ حَقٍّ يَلِيه، وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي كِتَابِ الشَّهَادَات مِنْ (مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ)، وَأَمَّا مَا سِوَاهُمَا مِنْ الزِّنَا ، وَاللِّوَاط ، وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ ، وَالسِّحْر ، وَقَذْف الْمُحْصَنَات ، وَالْفِرَار يَوْم الزَّحْف ، وَأَكْل الرِّبَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِر ، فَلَهَا تَفَاصِيلُ وَأَحْكَامٌ تُعْرَفُ بِهَا مَرَاتِبُهَا، وَيَخْتَلِفُ أَمْرُهَا بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَال ، وَالْمَفَاسِدِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَيْهِ. شرح النووي (1/ 187)
(خ م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " سِبَابُ (1) الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ (2) وَقِتَالُهُ كُفْرٌ"(3)
الشرح (4)
(1)(السِّبَاب) مَصْدَرُ سَبَّ ، يَسُبّ ، سَبًّا ، وَسِبَابًا. (فتح - ح48)
(2)
الْفِسْقُ فِي اللُّغَةِ: الْخُرُوجُ، وَفِي الشَّرْعِ: الْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ ، وَهُوَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ أَشَدُّ مِنْ الْعِصْيَانِ. قَالَ اللهُ تَعَالَى:{وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} ، فَفِي الْحَدِيثِ تَعْظِيمُ حَقِّ الْمُسْلِمِ ، وَالْحُكْمُ عَلَى مَنْ سَبَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ بِالْفِسْقِ. تحفة الأحوذي (5/ 224)
(3)
(خ) 48 ، (م) 64
(4)
إِنْ قِيلَ: هَذَا وَإِنْ تَضَمَّنَ الرَّدَّ عَلَى الْمُرْجِئَة ، لَكِنَّ ظَاهِرَهُ يُقَوِّي مَذْهَبَ الْخَوَارِج الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالْمَعَاصِي.
فَالْجَوَاب: أَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُبْتَدِعِ اِقْتَضَتْ ذَلِكَ، وَلَا مُتَمَسَّكَ لِلْخَوَارِجِ فِيهِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَه غَيْرُ مُرَاد، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقِتَالُ أَشَدَّ مِنْ السِّبَاب - لِأَنَّهُ مُفْضٍ إِلَى إِزْهَاقِ الرُّوح - عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ أَشَدَّ مِنْ لَفْظِ الْفِسْق ، وَهُوَ الْكُفْر، وَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ الْكُفْرِ ، الَّتِي هِيَ الْخُرُوجُ عَنْ الْمِلَّة، بَلْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْكُفْر مُبَالَغَةً فِي التَّحْذِير، مُعْتَمِدًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُ عَنْ الْمِلَّةَ، مِثْلَ حَدِيث الشَّفَاعَة ، وَمِثْلَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الله لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرِك بِهِ ، وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء} .
أَوْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْكُفْرَ لِشَبَهِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ قِتَالَ الْمُؤْمِنِ مِنْ شَأنِ الْكَافِر.
وَقِيلَ: الْمُرَاد هُنَا الْكُفْرُ اللُّغَوِيّ ، وَهُوَ التَّغْطِيَة؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُعِينَهُ وَيَنْصُرَهُ ، وَيَكُفَّ عَنْهُ أَذَاهُ، فَلَمَّا قَاتَلَهُ كَانَ كَأَنَّهُ غَطَّى عَلَى هَذَا الْحَقّ.
وَالْأَوَّلَانِ أَوْلَى بِالْمَقْصُودِ مِنْ التَّحْذِيرِ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ وَالزَّجْرِ عَنْهُ ، بِخِلَافِ الثَّالِث.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ " كُفْر " أَيْ: قَدْ يَئُولُ هَذَا الْفِعْلُ بِشُؤْمِهِ إِلَى الْكُفْر، وَهَذَا بَعِيدٌ.
وَأَبْعَد مِنْهُ: حَمْلُهُ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ لِذَلِكَ ، وَلَوْ كَانَ مُرَادًا لَمْ يَحْصُلْ التَّفْرِيقُ بَيْن السِّبَابِ وَالْقِتَال، فَإِنَّ مُسْتَحِلَّ لَعْنِ الْمُسْلِم بِغَيْرِ تَأوِيل ، يَكْفُرُ أَيْضًا.
ثُمَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ تَأوِيل.
وَمِثْل هَذَا الْحَدِيث: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم " لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْض " ، فَفِيهِ هَذِهِ الْأَجْوِبَة.
وَنَظِيرُهُ قَوْلُه تَعَالَى {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَاب وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} بَعْدَ قَوْلِه: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارهمْ} الْآيَة. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ بَعْض الْأَعْمَال يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْكُفْر تَغْلِيظًا.
وَأَمَّا قَوْله صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِم: " لَعْن الْمُسْلِم كَقَتْلِهِ " ، فَلَا يُخَالِفُ هَذَا الْحَدِيث؛ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ فَوْقَ الْمُشَبَّه، وَالْقَدْرُ الَّذِي اِشْتَرَكَا فِيهِ: بُلُوُغ الْغَايَة فِي التَّأثِير ، هَذَا فِي الْعَرْض، وَهَذَا فِي النَّفْس. فتح (1/ 167)
فَالْمُؤْمِنُ إِذَا اِرْتَكَبَ مَعْصِيَةً ، لَا يَكْفُر ، لِأَنَّ الَله تَعَالَى أَبْقَى عَلَيْهِ اِسْمَ الْمُؤْمِن ، فَقَالَ:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا} ثُمَّ قَالَ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة ، فَأَصْلِحُوا بَيْن أَخَوَيْكُمْ} .
وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا اِلْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا "، فَسَمَّاهُمَا مُسْلِمَيْنِ مَعَ التَّوَعُّدِ بِالنَّارِ. وَالْمُرَاد هُنَا: إِذَا كَانَتْ الْمُقَاتَلَةُ بِغَيْرِ تَأوِيل سَائِغ. فتح الباري (1/ 127)
(خ م)، وَعَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ (1) فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ ، قَالَ: ارْجِعْ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا ، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ (2) "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، هَذَا الْقَاتِلُ ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ:" إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ "(3)
الشرح (4)
(1)(هَذَا الرَّجُلَ) هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب ، وَكَانَ الْأَحْنَفُ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ بِقَوْمِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِيُقَاتِلَ مَعَهُ يَوْمَ الْجَمَلِ ، فَنَهَاهُ أَبُو بَكْرَةَ ، فَرَجَعَ ، وَحَمَلَ أَبُو بَكْرَةَ الْحَدِيثَ عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ مُسْلِمَيْنِ الْتَقَيَا بِسَيْفَيْهِمَا ، حَسْمًا لِلْمَادَّةِ ، وَإِلَّا فَالْحَقُّ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْقِتَالُ مِنْهُمَا بِغَيْرِ تَأوِيلٍ سَائِغٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ ، وَيُخَصُّ ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ بِدَلِيلِهِ الْخَاصِّ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ ، وَقَدْ رَجَعَ الْأَحْنَفُ عَنْ رَأيِ أَبِي بَكْرَةَ فِي ذَلِكَ ، وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ بَاقِيَ حُرُوبِهُ. (فتح - ح31)
(2)
سَمَّاهُمَا (مُسْلِمَيْنِ) مَعَ التَّوَعُّدِ بِالنَّارِ. (فتح - ج1ص128)
(3)
(خ) 2031 ، (م) 2888
(4)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْوَعِيدُ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَى عَدَاوَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ ، أَوْ طَلَبِ مُلْكٍ مَثَلًا، فَأَمَّا مَنْ قَاتَلَ أَهْلَ الْبَغْيِ ، أَوْ دَفَعَ الصَّائِلَ فَقُتِلَ ، فَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْوَعِيد ، لِأَنَّهُ مَأذُونٌ لَهُ فِي الْقِتَالِ شَرْعًا. (فتح - ح31)
(خ م ت د جة حم)، وقَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه فِي صِفَةِ حَجِّهِ صلى الله عليه وسلم:(" أَنَّهُ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ)(1)(يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ)(2)(وَأَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ أَوْ بِزِمَامِهِ)(3)(فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ)(4)(ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ ، فَأَطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ ، وَقَالَ: مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ ، أَنْذَرَهُ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ ، وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِيكُمْ ، فَمَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ شَأنِهِ ، فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ)(5)(بِأَعْوَرَ)(6)(وَإِنَّهُ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ)(7)(أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ " ، قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، " فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، قَالَ: أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " ، قُلْنَا: بَلَى)(8)(قَالَ: " فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ)(9)(هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)(10)(أَفَتَدْرُونَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ ")(11)(فَقُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، " فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، فَقَالَ: أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ؟ " ، قُلْنَا: بَلَى)(12) قَالَ: (" أَفَتَدْرُونَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ ")(13)(قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، " فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، قَالَ: أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ؟ " ، قُلْنَا: بَلَى)(14)(قَالَ: " فَإِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ ، وَأَمْوَالَكُمْ ، وَأَعْرَاضَكُم (15)) (16)(إِلَّا بِحَقِّهَا ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا)(17)(إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ)(18)(ثُمَّ أَعَادَهَا مِرَارًا)(19)(أَلَا إِنَّ المُسْلِمَ أَخُو المُسْلِمِ، فَلَيْسَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلَّا مَا أَحَلَّ مِنْ نَفْسِهِ)(20)(وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ ، أَلَا فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا)(21) وفي رواية: (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ)(22)(ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ:)(23)(اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟)(24)(- ثَلَاثًا - " ، كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُونَهُ: أَلَا نَعَمْ)(25)(قَالَ: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ)(26)(اللَّهُمَّ اشْهَدْ - ثَلَاثًا - ")(27)
(1)(م) 30 - (1679) ، (خ) 67
(2)
(خ) 1655 ، (د) 1945 ، (جة) 3058
(3)
(خ) 67 ، (م) 30 - (1679)
(4)
(ت) 3087 ، (خ) 4141
(5)
(خ) 4141 ، (حم) 6185
(6)
(حم) 6185 ، (خ) 4141 ، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(7)
(خ) 4141
(8)
(خ) 1654 ، (م) 29 - (1679)
(9)
(خ) 1655
(10)
(د) 1945 ، (خ) 1655 ، (جة) 3058 ، (حم) 15927
(11)
(خ) 1655
(12)
(خ) 1654 ، (م) 29 - (1679)
(13)
(خ) 1655
(14)
(خ) 1654 ، (م) 29 - (1679)
(15)
الْعِرْضُ بِكَسْرِ الْعَيْن: مَوْضِعُ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ مِنْ الْإِنْسَان، سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسِه أَوْ سَلَفِه. فتح الباري (ح67)
(16)
(خ) 1655 ، (م) 29 - (1679) ، (هق) 11273
(17)
(خ) 6403 ، (م) 29 - (1679) ، (هق) 11273
(18)
(خ) 1654 ، (م) 31 - (1679)
(19)
(خ) 4141 ، (حم) 2036
(20)
(ت) 3087
(21)
(خ) 5230 ، (م) 29 - (1679) ، (س) 4130
(22)
(خ) 4141 ، (م) 29 - (1679) ، (ت) 2193
(23)
(حم) 2036 ، (خ) 105 ، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح
(24)
(خ) 1652
(25)
(خ) 6403 ، (د) 3334 ، (جة) 3058
(26)
(حم) 18744 ، (خ) 1654 ، (م) 31 - (1679)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(27)
(خ) 4141 ، (د) 3334 ، (جة) 3058
(خ م د حم)، وَعَنْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ:(" بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ (1)) (2)(قَالَ: فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ (3)) (4)(فَقَاتَلْنَاهُمْ ، فَكَانَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِذَا أَقْبَلَ الْقَوْمُ كَانَ مِنْ أَشَدِّهِمْ عَلَيْنَا، وَإِذَا أَدْبَرُوا كَانَ حَامِيَتَهُمْ (5) قَالَ: فَغَشِيتُهُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ) (6)(فَلَمَّا غَشِينَاهُ (7) قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، فَكَفَّ عَنْهُ الْأَنْصَارِيُّ، وَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ) (8) (فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي:" يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ ") (9)(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَوْجَعَ فِي الْمُسْلِمِينَ ، وَقَتَلَ فُلَانًا وَفُلَانًا ، وَسَمَّيْتُ لَهُ نَفَرًا ، وَإِنِّي حَمَلْتُ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا رَأَى السَّيْفَ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَقَتَلْتَهُ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ: " فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ ")(10)(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ)(11)(الْقَتْلِ)(12)(قَالَ: " أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَهَا أَمْ لَا (13)؟) (14)(كَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ " ، فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ: " وَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ ، فَجَعَلَ لَا يَزِيدُهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟)(15)(قَالَ: فَمَا زَالَ فَكَرَّرَهَا عَلَيَّ " حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ (16)) (17)(قَالَ عُقْبَةَ بْنِ مَالِكٍ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه: " فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ ، فَمَا بَالُ الْمُسْلِمِ يَقْتُلُ الرَّجُلَ وَهُوَ يَقُولُ إِنِّي مُسْلِمٌ؟)(18)(فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا شَدِيدًا)(19)(فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ " إذْ قَالَ الْقَاتِلُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَاللهِ مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تَعَوُّذًا مِنْ الْقَتْلِ)(20)(" فَأَعْرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ وَعَمَّنْ قِبَلَهُ مِنْ النَّاسِ ، وَأَخَذَ فِي خُطْبَتِهِ " ، ثُمَّ قَالَ أَيْضًا: يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تَعَوُّذًا مِنْ الْقَتْلِ ، " فَأَعْرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ وَعَمَّنْ قِبَلَهُ مِنْ النَّاسِ ، وَأَخَذَ فِي خُطْبَتِهِ " ، ثُمَّ لَمْ يَصْبِرْ ، فَقَالَ الثَّالِثَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَاللهِ مَا قَالَ إِلَّا تَعَوُّذًا مِنْ الْقَتْلِ ، " فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُعْرَفُ الْمَسَاءَةُ (21) فِي وَجْهِهِ ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ اللهَ عز وجل أَبَى عَلَيَّ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - ") (22) وفي رواية (23): " أَبَى اللهُ عَلَيَّ مَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - " ، (فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه: وَأَنَا وَاللهِ لَا أَقْتُلُ مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلَهُ ذُو الْبُطَيْنِ - يَعْنِي أُسَامَةَ - فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَلَمْ يَقُلِ اللهُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ (24) وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ} (25) فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ (26)) (27).
(1)(الْحُرَقَة): بَطْنٌ مِنْ جُهَيْنَة، وَهَذِهِ السَّرِيَّةُ يُقَالُ لَهَا: سَرِيَّةُ غَالِبِ بْن عُبَيْدِ الله اللَّيْثِيّ ، وَكَانَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْع. فتح الباري (19/ 308)
(2)
(خ) 6478 ، (م) 96
(3)
أَيْ: هَجَمُوا عَلَيْهِمْ صَبَاحًا قَبْل أَنْ يَشْعُرُوا بِهِمْ، يُقَال: صَبَّحْتُه ، أَتَيْتُهُ صَبَاحًا بَغْتَةً، وَمِنْهُ قَوْله تعالى:{وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرّ} . فتح (19/ 308)
(4)
(خ) 6478 ، (م) 96
(5)
الحامِيَةُ: الرجُلُ يَحْمِي أَصْحَابَه في الحَرْب. لسان العرب (14/ 197)
(6)
(حم) 21793
(7)
أَيْ: لَحِقْنَا بِهِ حَتَّى تَغَطَّى بِنَا. فتح الباري (ج 19 / ص 308)
(8)
(خ) 4021 ، (م) 96 ،
(9)
(م) 96 ، (خ) 4021
(10)
(م) 97
(11)
(م) 96
(12)
(حم) 21850
(13)
مَعْنَاهُ أَنَّكَ إِنَّمَا كُلِّفْتَ بِالْعَمَلِ بِالظَّاهِرِ ، وَمَا يَنْطِقُ بِهِ اللِّسَان ، وَأَمَّا الْقَلْبُ فَلَيْسَ لَكَ طَرِيقٌ إِلَى مَا فِيهِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ تَرْكَ الْعَمَلِ بِمَا ظَهَرَ مِنْ اللِّسَان ، فَقَالَ:" أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِه " لِتَنْظُرَ هَلْ كَانَتْ فِيهِ حِينَ قَالَهَا وَاعْتَقَدَهَا أَوْ لَا، وَالْمَعْنَى: أَنَّكَ إِذَا كُنْتَ لَسْتَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ ، فَاكْتَفِ مِنْهُ بِاللِّسَانِ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ عَلَى الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْبَاطِنَة. فتح الباري (ج 19 / ص 308)
(14)
(د) 2643 ، (م) 96
(15)
(م) 97
(16)
لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، فَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَقْتُ أَوَّلَ دُخُولِهِ فِي الْإِسْلَام ، لِيَأمَنَ مِنْ جَرِيرَةِ تِلْكَ الْفَعْلَة.
وَأَمَّا كَوْنُهُ لَمْ يُلْزِمْهُ دِيَةً وَلَا كَفَّارَةً ، فَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: لَا يَلْزَمُ مِنْ السُّكُوتِ عَنْهُ عَدَمُ الْوُقُوع. فتح الباري (ج 19 / ص 308)
(17)
(خ) 4021 ، (م) 96
(18)
(حم) 17050 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(19)
(حم) 22543، وصححه الألباني في صَحِيح الْجَامِع: 1698 ،
وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(20)
(حم) 17050
(21)
المَسَاءَة: الحُزن والغضب.
(22)
(حم) 22543
(23)
(حم) 17050
(24)
قال ابن الأَعرابي: الفِتْنة: الاختبار ، والفِتْنة: المِحْنة ، والفِتْنة: المال والفِتْنة: الأَوْلادُ ، والفِتْنة: الكُفْرُ ، والفِتْنةُ: اختلافُ الناسِ بالآراء ، والفِتْنةُ: الإِحراق بالنار. لسان العرب - (ج 13 / ص 317)
(25)
[الأنفال/39]
(26)
روى (خ) 6693 عَنْ حَرْمَلَةَ مَوْلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَرْسَلَنِي أُسَامَةُ إِلَى عَلِيٍّ وَقَالَ: إِنَّهُ سَيَسْأَلُكَ الْآنَ ، فَيَقُولُ: مَا خَلَّفَ صَاحِبَكَ؟، فَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ: لَوْ كُنْتَ فِي شِدْقِ الْأَسَدِ ، لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِيهِ وَلَكِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَرَهُ، فَلَمْ يُعْطِنِي شَيْئًا، فَذَهَبْتُ إِلَى حَسَنٍ ، وَحُسَيْنٍ ، وَابْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنهم فَأَوْقَرُوا (أَيْ: ملأوا) لِي رَاحِلَتِي.
(27)
(م) 96
(الضياء)، وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَبَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ لِقَاتِلِ الْمُؤمِنِ (1) تَوْبَةٌ (2) "(3)
(1) أَيْ: لقاتل المؤمن بغير حق.
(2)
أَيْ: إن استحلَّ ، وإلا فهو زجْرٌ وتخويف.
ومذهب أهل السنة أنه لا يموت أحد إلا بأجله.
وأن القاتلَ لا يَكْفُرُ ، ولا يُخَلَّدُ في النار ، وإن مات مُصِرًّا ، وأن له توبة ، والقتل ظلما أكبر الكبائر بعد الكفر ، وبالقَوَد أو العفو ، لا تبقى مُطالبة أُخروية ، ومن أَطلق بقاءَها ، أراد بقاءَ حقِّ الله ، إذ لا يَسقط إلا بتوبة صحيحة ، والتمكين من القَوَد لا يُؤَثِّر إلا إن صحبه نَدَمٌ من حيث الفعل ، وعَزْمٌ أن لا يعود. فيض القدير - (ج 1 / ص 94)
(3)
أخرجه محمد بن حمزة الفقيه في " أحاديثه "(ق 215/ 2) ، والواحدي في " الوسيط "(1/ 180 / 2) ، والضياء في " المختارة "(127/ 1)، انظر صَحِيح الْجَامِع: 23 ، الصَّحِيحَة: 689
(د)، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللهُ أَنْ يَغْفِرَهُ ، إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا ، أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا "(1)
الشرح (2)
(1)(د) 4270 ، (س) 3984 ، صَحِيح الْجَامِع: 4524 ، الصَّحِيحَة: 511
(2)
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2/ 24 ح551:
والحديث في ظاهره مخالفٌ لقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء/48] لأن القتل دون الشرك قطعا ، فكيف لَا يغفره الله؟.
وقد وفَّق المُناوي تبعا لغيره بحمل الحديث على ما إذا استحلَّ ، وإلا فهو تهويل وتغليظ.
وخيرٌ منه قول السندي في حاشيته على النسائي: وَكَأَنَّ الْمُرَاد: كُلُّ ذَنْبٍ تُرْجَى مَغْفِرَته اِبْتِدَاء ، إِلَّا قَتْل الْمُؤْمِن ، " فَإِنَّهُ لَا يُغْفَرُ بِلَا سَبْقِ عُقُوبَة " ، إِلَّا الْكُفْر ، فَإِنَّهُ لَا يُغْفَرُ أَصْلًا ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الْقَتْلِ مُسْتَحِلًّا ، لَا تَبْقَى الْمُقَابَلَةُ بَيْنَه وَبَيْنَ الْكُفْر ، ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَتُبْ ، وَإِلَّا فَالتَّائِبُ مِنْ الذَّنْب كَمَنْ لَا ذَنْب لَهُ ، كَيْف وَقَدْ يَدْخُلُ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ الْجَنَّةَ مَعًا ، كَمَا إِذَا قَتَلَهُ وَهُوَ كَافِر ، ثُمَّ آمَنَ وَقُتِلَ. أ. هـ
(حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " خَمْسٌ لَيْسَ لَهُنَّ كَفَّارَةٌ: الشِّرْكُ بِاللهِ عز وجل وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَبَهْتُ مُؤْمِنٍ (1) وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَيَمِينٌ صَابِرَةٌ يَقْتَطِعُ بِهَا (2) مَالًا بِغَيْرِ حَقٍّ "(3)
(1) أَيْ: القول عليه بما لم يفعله ، حتى حيَّرَه في أمرِه وأَدْهَشَه.
يُقال: بَهَتَهُ بَهْتًا وبُهْتَانًا ، أَيْ: قال عليه ما لم يفعل.
ومقتضى تخصيص المؤمن أن الذمي ليس كذلك ، ويُحتمل إلحاقه به ، وعليه ، فإنما خصَّ به المؤمن ، لأنَّ بَهْتَه أشدُّ. فيض القدير (3/ 610)
(2)
أَيْ: يأخذ.
(3)
(حم) 8722 ، حسنه الألباني في الإرواء: 2564، صَحِيح الْجَامِع: 3247 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1339
(جة حم)، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَقِيَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، لَمْ يَتَنَدَّ بِدَمٍ حَرَامٍ (1) دَخَلَ الْجَنَّةَ"(2)
وفي رواية: " دَخَلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ "(3)
(1) أَيْ: لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا ، وَلَمْ يَنَلْهُ مِنْهُ شَيْء. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 5 / ص 278)
(2)
(جة) 2618
(3)
(حم) 17377 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(خ حم)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ (1) مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا"(2)
(1) أَيْ: فِي سَعَة ، قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: الْفُسْحَة فِي الدِّين: سَعَةُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَة ، حَتَّى إِذَا جَاءَ الْقَتْلُ ضَاقَتْ ، لِأَنَّهَا لَا تَفِي بِوِزْرِهِ، وَالْفُسْحَةُ فِي الذَّنْب: قَبُولُهُ الْغُفْرَانَ بِالتَّوْبَةِ ، حَتَّى إِذَا جَاءَ الْقَتْل ، اِرْتَفَعَ الْقَبُولُ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ فَسَّرَهُ عَلَى رَأي اِبْن عُمَرَ فِي عَدَمِ قَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاتِل. فتح الباري (19/ 298)
(2)
(خ) 6469
(د)، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ مُعْنِقًا (1) صَالِحًا مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا ، فَإِذَا أَصَابَ دَمًا حَرَامًا بَلَّحَ (2) "(3)
(1)(المُعْنِق): خَفِيف الظَّهْر ، سَرِيع السَّيْر ، يَسِير سَيْر الْعَنَق، وَالْعَنَق: ضَرْبٌ مِنْ السَّيْر وَسِيع. عون المعبود (ج9ص307)
(2)
(بَلَّحَ) قَالَ فِي النِّهَايَة: يُقَال: بَلَّحَ الرَّجُل ، إِذَا اِنْقَطَعَ مِنْ الْإِعْيَاء ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَتَحَرَّك ، وَقَدْ أَبْلَحَهُ السَّيْرُ فَانْقَطَعَ بِهِ ، يُرِيدُ: وُقُوعَهُ فِي الْهَلَاكِ بِإِصَابَةِ الدَّمِ الْحَرَام. عون المعبود - (ج 9 / ص 307)
(3)
(د) 4270
(خ)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا ، سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ (1). (2)
(1) وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ اِبْن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ قَتَلَ عَامِدًا بِغَيْرِ حَقٍّ: " تَزَوَّدْ مِنْ الْمَاءِ الْبَارِد ، فَإِنَّك لَا تَدْخُلُ الْجَنَّة " فتح الباري (ج 19 / ص 299)
(2)
(خ) 6470
(خ هب)، وَعَنْ طَرِيفِ أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ:(شَهِدْتُ جُنْدَبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيَّ رضي الله عنه وَهُوَ يُوصِي صَفْوَانَ بْنَ مُحْرِزٍ (1) وَأَصْحَابَهُ ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفٍّ مِنْ دَمِ) (2) (امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُهْرِيقَهُ (3) كَأَنَّمَا يَذْبَحُ بِهِ دَجَاجَةً فَلْيَفْعَلْ ، كُلَّمَا تَعَرَّضَ لِبَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ، حَالَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ") (4)
(1) هُوَ صفوان بْن مُحْرِز بْن زِيَاد التَّابِعِيّ الثِّقَة الْمَشْهُور مِنْ أَهْل الْبَصْرَة. فتح الباري (ج 20 / ص 173)
(2)
(خ) 6733
(3)
أَيْ: يصُبَّهُ. فتح الباري (ج 20 / ص 173)
(4)
(هب) 5350 ، انظر الصَّحِيحَة: 3379
(ت س جة)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ)(1)(لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ)(2)(بِغَيْرِ حَقٍّ (3) ") (4)
(1)(س) 3986
(2)
(ت) 1395 ، (س) 3987
(3)
الدُّنْيَا عِبَارَةٌ عَنْ الدَّارِ الْقُرْبَى الَّتِي هِيَ مَعْبَرٌ لِلدَّارِ الْأُخْرَى، وَهِيَ مَزْرَعَةٌ لَهَا، وَمَا خُلِقَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا لِتَكُونَ مَسَارِحَ أَنْظَارِ الْمُتَبَصِّرِينَ، وَمُتَعَبَّدَاتِ الْمُطِيعِينَ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} أَيْ: بِغَيْرِ حِكْمَةٍ ، بَلْ خَلَقْتَهَا لِتَجْعَلَهَا مَسَاكِنَ لِلْمُكَلَّفِينَ، وَأَدِلَّةً لَهُمْ عَلَى مَعْرِفَتِك ، فَمَنْ حَاوَلَ قَتْلَ مَنْ خُلِقَتْ الدُّنْيَا لِأَجْلِهِ ، فَقَدْ حَاوَلَ زَوَالَ الدُّنْيَا. تحفة (4/ 28)
(4)
(جة) 2619 ، صَحِيح الْجَامِع: 5078، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2438
(ت)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ (1) لَأَكَبَّهُمْ اللهُ فِي النَّارِ "(2)
(1) الْمُرَادُ: قَتْلُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 30)
(2)
(ت) 1398 ، صَحِيح الْجَامِع: 5247 ، صحيح الترغيب والترهيب: 2442
(د)، وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاغْتَبَطَ بِقَتْلِهِ (1) لَمْ يَقْبَلْ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا (2) "(3)
(1) قَالَ خَالِدُ بْنُ دِهْقَانَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى الْغَسَّانِيَّ عَنْ قَوْلِهِ: اغتَبَطَ بِقَتْلِهِ ، قَالَ: الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي الْفِتْنَةِ ، فَيَقْتُلُ أَحَدُهُمْ ، فَيَرَى أَنَّهُ عَلَى هُدًى لَا يَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ ذَلِكَ.
وقَالَ الدارمي: (اعْتَبَطَ) أَيْ: قَتَلَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ. انظر (د) 4270
(2)
الصَّرْف: الْفَرِيضَة، وَالْعَدْل: النَّافِلَة. (النووي - ج 5 / ص 31)
(3)
(د) 4270 ، صَحِيح الْجَامِع: 6454، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2450
(خ م س)، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:(أَمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مَا أَمْرُهُمَا: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (1){وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (2) قَالَ: فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ: لَمَّا أُنْزِلَتْ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ) (3)(قَالَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا فَأَكْثَرُوا ، وَزَنَوْا فَأَكْثَرُوا: يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ ، لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً)(4)(فَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ وَدَعَوْنَا مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ ، وَقَدْ أَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ ، وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ، فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ، وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} ، قَالَ: فَهَذِهِ لِأُولَئِكَ)(5)(يُبَدِّلُ اللهُ شِرْكَهُمْ إِيمَانًا ، وَزِنَاهُمْ إِحْصَانًا ، وَنَزَلَتْ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ، إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (6)) (7)(وَأَمَّا الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ ، فَالرَّجُلُ إِذَا)(8)(دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ)(9)(وَعَرَفَ شَرَائِعَهُ ، ثُمَّ قَتَلَ (10)) (11)(فلَا تَوْبَةَ لَهُ (12)) (13)({فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا})(14)(ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَقَدْ أَنْزَلَهَا اللهُ فِي آخِرِ مَا أَنْزَلَ ، وَمَا نَسَخَهَا شَيْءٌ)(15)(قَالَ سَعِيدٌ: فَذَكَرْتُهُ لِمُجَاهِدٍ فَقَالَ: إِلَّا مَنْ نَدِمَ (16)) (17).
(1)[الفرقان/68 - 70]
(2)
[النساء/93]
(3)
(خ) 3642
(4)
(خ) 4532
(5)
(خ) 3642 ، (م) 122
(6)
[الزمر/53]
(7)
(س) 4003 ، (خ) 4532
(8)
(خ) 3642
(9)
(م) 3023
(10)
مَقْصُودُ ابْن عَبَّاس رضي الله عنه أَنَّ الْآيَة الَّتِي فِي الْفُرْقَان نَزَلَتْ فِي أَهْل الشِّرْك ، وَالْآيَة الَّتِي فِي النِّسَاء ، نَزَلَتْ فِي أَهْل الْإِسْلَام الَّذِينَ عَلِمُوا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ ، وَتَحْرِيمَ الْقَتْل ، فَجَعَلَ رضي الله عنه مَحَلَّ الْآيَتَيْنِ مُخْتَلِفًا.
وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ " فَقَالَ - أَيْ اِبْن عَبَّاس -: هَذِهِ مَكِّيَّة ، أَرَاهُ نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ، الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء " ، فَمِنْ هَذِهِ الرِّوَايَة يَظْهَر أَنَّ مَحَلَّ الْآيَتَيْنِ عِنْد اِبْن عَبَّاس وَاحِد.
قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح: إِنَّ اِبْنَ عَبَّاس كَانَ تَارَةً يَجْعَلُ الْآيَتَيْنِ فِي مَحَلٍّ وَاحِد ، فَلِذَلِكَ يَجْزِم بِنَسْخِ إِحْدَاهُمَا ، وَتَارَةً يَجْعَلُ مَحَلَّهُمَا مُخْتَلِفًا.
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْن كَلَامَيْهِ بِأَنَّ عُمُومَ الَّتِي فِي الْفُرْقَان ، خُصَّ مِنْهَا مُبَاشَرَةُ الْمُؤْمِنِ الْقَتْلَ مُتَعَمِّدًا، وَكَثِيرٌ مِنْ السَّلَف يُطْلِقُونَ النَّسْخَ عَلَى التَّخْصِيص ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى التَّنَاقُض ، وَأَوْلَى مِنْ دَعْوَى أَنَّهُ قَالَ بِالنَّسْخِ ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ. عون المعبود - (ج 9 / ص 309)
(11)
(خ) 3642
(12)
هَذَا هُوَ الْمَشْهُور عَنْ اِبْن عَبَّاس رضي الله عنه وَجَاءَ عَلَى وَفْقِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ اِبْن عَبَّاس فِي ذَلِكَ أَحَادِيثٌ كَثِيرَة.
وَمَذْهَبُ جَمِيعِ أَهْل السُّنَّة ، وَالصَّحَابَة ، وَالتَّابِعِينَ ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ: مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى التَّغْلِيظ، وَصَحَّحُوا تَوْبَةَ الْقَاتِل كَغَيْرِهِ.
وَقَالُوا: مَعْنَى قَوْله: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} أَيْ: إِنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يُجَازِيَهُ ، تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء أَيْضًا:{إِنَّ الله لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِر مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء} .
وَمِنْ الْحُجَّة فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الْإِسْرَائِيلِيّ الَّذِي قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ، ثُمَّ أَتَى تَمَامَ الْمِائَة ، فَقَالَ لَهُ: لَا تَوْبَةَ، فَقَتَلَهُ فَأَكْمَلَ بِهِ مِائَةً ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ:" وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبَة "، وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُور.
وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ لِمَنْ قُبِلَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّة ، فَمِثْلُهُ لَهُمْ أَوْلَى ، لِمَا خَفَّفَ اللهُ عَنْهُمْ مِنْ الْأَثْقَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ. فتح الباري (13/ 282)
(13)
(م) 3023 ، (خ) 4486
(14)
(خ) 3642
(15)
(م) 3023 ، 4314
(16)
أَيْ: فَإِنَّ لَهُ تَوْبَة. عون المعبود - (ج 9 / ص 309)
(17)
(خ) 3642
(طب)، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ، إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (1) عَجِبْنا لِلِينِها ، فَلَبِثْنَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ ، ثُمَّ نَزَلَتْ الَّتِي فِي النِّسَاءِ:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (2) " (3)
(1)[الفرقان: 70]
(2)
[النساء: 93]
(3)
(طب) 4869 ، الصَّحِيحَة: 2799
(س)، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا الْآية} ، بَعْدَ الْآيَةِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي الْفُرْقَانِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} . (1)
(1)(س) 4006 ، (د) 4272
(طب)، وَعَنْ نَافِعِ بن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَقَالَ: يَا أَبَا الْعَبَّاسٍ ، هَلْ لِلْقَاتِلِ مِنْ تَوْبَةٍ؟ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَالْمُتَعَجِّبِ مِنْ شَأنِهِ: مَاذَا تَقُولُ؟ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ ، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا تَقُولُ؟ - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا - ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ؟ ، سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" يَأتِي الْمَقْتُولُ مُتَعَلِّقًا رَأسَهُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ ، مُتَلَبِّبًا قَاتِلَهُ (1) بِيَدِهِ الْأُخْرَى ، تَشْخُبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا ، حَتَّى يَأتِيَ بِهِ الْعَرْشَ ، فَيَقُولُ الْمَقْتُولُ لِلهِ: رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي ، فَيَقُولُ اللهُ عز وجل لِلْقَاتِلِ: تَعِسْتَ ، وُيَذْهَبُ بِهِ إِلَى النَّارِ "(2)
(1) أي: آخذ بعنق قاتله.
(2)
(طب) 10742 ، انظر الصَّحِيحَة: 2697
وقال الألباني في الصحيحة (2799): وفي رواية البخاري المتقدمة عن ابن عباس أنه قال: " لَا توبة للقاتل عمدا " ، وهذا مشهور عنه، له طرق كثيرة ، كما قال ابن كثير وابن حجر:" والجمهور على خلافه "، وهو الصواب الذي لَا ريب فيه ، وآية (الفُرقان) صريحة في ذلك، ولا تخالفها آية (النساء) ، لأن هذه في عقوبة القاتل ، وليست في توبته، وهذا ظاهر جدا.
وكأنه (ابن عباس) لذلك رجع إليه كما وقفتُ عليه في بعض الروايات عنه ، فرأيت أنه لا بد من ذكرها لعزَّتها ، وإغفال الحافظين لها.
الأولى: ما رواه عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ لابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَقَالَ: إِنِّي خَطَبْتُ امْرَأَةً، فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَنِي، وَخَطَبَهَا غَيْرِي، فَأَحَبَّتْ أَنْ تَنْكِحَهُ، فَغِرْتُ عَلَيْهَا فَقَتَلْتُهَا، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ ، قَالَ: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟ ، قَالَ: لَا، قَالَ: تُبْ إِلَى اللهِ عز وجل وَتَقَرَّبْ إِلَيْهِ مَا اسْتَطَعْتَ ، قَالَ عَطَاءٌ: فَذَهَبْتُ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: لِمَ سَأَلْتَهُ عَنْ حَيَاةِ أُمِّهِ؟ ، فَقَالَ: إِنِّي لا أَعْلَمُ عَمَلاً أَقْرَبَ إِلَى اللهِ عز وجل مِنْ بِرِّ الْوَالِدَةِ. أخرجه البخاري في " الأدب المفرد "(رقم 4) بسند صحيح.
الثانية: ما رواه سعيد عن ابن عباس في قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} قال: ليس لِقاتلٍ توبة، إِلَّا أن يستغفر الله. أخرجه ابن جرير (5/ 138) بسند جيد. والله أعلم. أ. هـ
(ت س جة حم)، وَعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ:(جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا مُتَعَمِّدًا؟ ، قَالَ: {جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (1) لَقَدْ أُنْزِلَتْ فِي آخِرِ مَا نَزَلَ ، مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا نَزَلَ وَحْيٌ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى؟ ، قَالَ: ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ (2) وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ؟ ، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:) (3)(" إِنَّ الْمَقْتُولَ يَجِيءُ بِالْقَاتِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، نَاصِيَتُهُ (4) وَرَأسُهُ فِي يَدِهِ (5) وَأَوْدَاجُهُ (6) تَشْخَبُ (7) دَمًا ، حَتَّى يُدْنِيَهُ مِنْ الْعَرْشِ) (8) (يَقُولُ: يَا رَبِّ ، سَلْ عَبْدَكَ) (9) (هَذَا لِمَ قَتَلَنِي) (10) (فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ ، فَيَقُولُ: قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ ، فَيَقُولُ: فَإِنَّهَا لِي ، وَيَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ ، إِنَّ هَذَا قَتَلَنِي ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ ، فَيَقُولُ: قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ ، فَيَقُولُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِفُلَانٍ ، فَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ") (11)
الشرح (12)
(1)[النساء/93]
(2)
الثَّكْلى: من فقَدَتْ وَلَدَها، وثَكِلَتكَ أمُّك: دعاءٌ بالفَقْد ، والمرادُ به: التعجُّب.
(3)
(حم) 2142 ، (س) 3999 ، وقال الأرناؤوط: حديث صحيح.
(4)
أَيْ: شَعْرُ مُقَدَّمِ رَأسِ الْقَاتِلِ.
(5)
أَيْ: في يَدِ الْمَقْتُولِ.
(6)
الأَوْدَاج: مَا أَحَاطَ بِالْعُنُقِ مِنْ الْعُرُوقِ الَّتِي يَقْطَعُهَا الذَّابِحُ. تحفة (5/ 480)
(7)
أَيْ: تَسِيلُ.
(8)
(ت) 3029
(9)
(حم) 2142 ، (س) 3999
(10)
(جة) 2621 ، (س) 3999
(11)
(س) 3997
(12)
الضَّمِير في " إِثْمِهِ " لِلْقَاتِلِ أَوْ الْمَقْتُول ، أَيْ: يَصِيرُ مُتَلَبِّسًا بِإِثْمِهِ ، ثَابِتًا عَلَيْهِ ذَلِكَ ، أَوْ إِثْمِ الْمَقْتُولِ ، بِتَحْمِيلِ إِثْمِهِ عَلَيْهِ ، وَالتَّحْمِيلُ قَدْ جَاءَ ، وَلَا يُنَافِيه قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَزُرْ وَازِرَة وِزْر أُخْرَى} لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَحِقَّ حَمْلَ ذَنْبِ الْغَيْر بِفِعْلِهِ ، وَأَمَّا إِذَا اِسْتَحَقَّ ، رَجَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ حَمَلَ أَثَرَ فِعْلِهِ ، فَلْيُتَأَمَّلْ. شرح سنن لنسائي (5/ 386)
(ت حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ (1) يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ، وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ (2)) (3) (تَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ الْيَوْمَ بِثَلَاثَةٍ (4)) (5)(بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (6) وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ ، وَبِالْمُصَوِّرِينَ) (7)(وَبِمَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ ، فَيَنْطَوِي عَلَيْهِمْ، فَيَقْذِفُهُمْ فِي غَمَرَاتِ جَهَنَّمَ ")(8)
(1) الْعُنُقُ: طَائِفَةٌ وَجَانِبٌ مِنْ النَّارِ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 368)
(2)
تصديقُه قوله تعالى {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان: 12] ، فَهَلْ تَرَاهُمْ إِلَّا بِعَيْنَيْنِ؟.
(3)
(ت) 2574 ، (حم) 8411
(4)
أَيْ: وَكَّلَنِي اللهُ بِأَنْ أُدْخِلَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ النَّارَ ، وَأُعَذِّبَهُمْ بِالْفَضِيحَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ. تحفة الأحوذي (ج6ص368)
(5)
(حم) 11372 ، الصَّحِيحَة: 2699 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2451
(6)
الْجَبَّارُ: الْمُتَمَرِّدُ الْعَاتِي، وَالْعَنِيدُ: الْجَائِرُ عَنْ الْقَصْدِ، الْبَاغِي الَّذِي يَرُدُّ الْحَقَّ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ. تحفة الأحوذي (ج6ص368)
(7)
(ت) 2574 ، (حم) 8411
(8)
(حم) 11372
(خ د حم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ:(لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كُفُّوا السِّلَاحَ ، إِلَّا خُزَاعَةَ عَنْ بَنِي بَكْرٍ ، فَأَذِنَ لَهُمْ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ ، ثُمَّ قَالَ: كُفُّوا السِّلَاحَ " ، فَلَقِيَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ رَجُلًا مِنْ بَنِي بَكْرٍ مِنْ غَدٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ ، فَقَتَلَهُ ، " فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ خَطِيبًا)(1)(عَلَى دَرَجِ الْكَعْبَةِ ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ)(2) وَ (كَبَّرَ ثَلَاثًا ، ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ ، صَدَقَ وَعْدَهُ ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ (3) أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأثُرَةٍ (4) كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُذْكَرُ وَتُدْعَى مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ تَحْتَ قَدَمَيَّ (5) إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجِّ ، وَسِدَانَةِ الْبَيْتِ (6)) (7) (أَلَا إِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُهُمَا لِأَهْلِهِمَا كَمَا كَانَا) (8) (وَإِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللهِ) (9) وفي رواية:(أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللهِ)(10)
وفي رواية: (أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللهِ ثَلَاثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ (11)) (12) وفي رواية: مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ (13)(وَمُبْتَغٍ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ (14) وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ (15)) (16)
وفي رواية: (" مَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ (17) ") (18)
(1)(حم) 6681 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(2)
(جة) 2628 ، (س) 4799 ، (د) 4549 ، (حم) 6681
(3)
أَيْ: مِنْ غَيْر قِتَالٍ مِنْ الْآدَمِيِّينَ ، بِأَنْ أَرْسَلَ رِيحًا وَجُنُودًا ، وَهُمْ أَحْزَابٌ اِجْتَمَعُوا يَوْم الْخَنْدَق. عون المعبود - (ج 10 / ص 70)
(4)
الْمَأثَرَة: مَا يُؤْثَرُ وَيُذْكَرُ مِنْ مَكَارِمِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّة وَمَفَاخِرِهِمْ. عون المعبود - (ج 10 / ص 70)
(5)
أَيْ: بَاطِل وَسَاقِط.
(6)
(سِدَانَة الْبَيْت): خِدْمَتُهُ وَالْقِيَامُ بِأَمْرِهِ ، أَيْ: فَهُمَا بَاقِيَانِ عَلَى مَا كَانَا. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَكَانَتْ الْحِجَابَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي بَنِي عَبْد الدَّار ، وَالسِّقَايَة فِي بَنِي هَاشِم ، فَأَقَرَّهُمَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَصَارَ بَنُو شَيْبَة يَحْجُبُونَ الْبَيْت ، وَبَنُو الْعَبَّاسِ يَسْقُونَ الْحَجِيج. عون المعبود - (ج 10 / ص 70)
(7)
(د) 4547 ، (س) 4799 ، (جة) 2628
(8)
(جة) 2628
(9)
(حم) 6681
(10)
(حم) 6757 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(11)
الْمُرَاد بِالْإِلْحَادِ: فِعْلُ الْكَبِيرَة، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ سِيَاقِ الْآيَةِ ، فَإِنَّ الْإِتْيَان بِالْجُمْلَةِ الإسْمِيَّة فِي قَوْله {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} يُفِيدُ ثُبُوتَ الْإِلْحَاِد وَدَوَامَهُ، وَالتَّنْوِينُ لِلتَّعْظِيمِ ، أَيْ: مَنْ يَكُونُ إِلْحَادُهُ عَظِيمًا ، وَالله أَعْلَمُ. فتح الباري (ج 19 / ص 323)
(12)
(خ) 6488
(13)
(حم) 6681 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(14)
أَيْ: يَكُونُ لَهُ الْحَقُّ عِنْد شَخْصٍ ، فَيَطْلُبُهُ مِنْ غَيْرِهِ ، مِمَّنْ لَا يَكُون لَهُ فِيهِ مُشَارَكَةٌ ، كَوَالِدِهِ ، أَوْ وَلَدِه ، أَوْ قَرِيبِهِ.
وَقِيلَ: الْمُرَاد: مَنْ يُرِيدُ بَقَاءَ سِيرَةِ الْجَاهِلِيَّةِ ، أَوْ إِشَاعَتَهَا ، أَوْ تَنْفِيذَهَا ،
وَسُنَّةُ الْجَاهِلِيَّة: اِسْم جِنْس ، يَعُمُّ جَمِيعَ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَمِدُونَهُ مِنْ أَخْذِ الْجَارِ بِجَارِهِ ، وَالْحَلِيفِ بِحَلِيفِهِ ، وَنَحْو ذَلِكَ. (فتح)(19/ 323)
(15)
الْمُرَاد: مَنْ يُبَالِغُ فِي الطَّلَبِ ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْعَزْمَ الْمُصَمَّمَ يُؤَاخَذُ بِهِ. (فتح) - (ج 19 / ص 323)
(16)
(خ) 6488
(17)
أَيْ: يَكُونُ لَهُ الْحَقُّ عِنْدَ شَخْصٍ ، فَيَطْلُبُهُ مِنْ غَيْرِه ، مِمَّنْ لَا يَكُونُ لَهُ فِيهِ مُشَارَكَة ، كَوَالِدِهِ ، أَوْ وَلَده ، أَوْ قَرِيبه. فتح الباري (ج 19 / ص 323)
(18)
(حم) 6933 ، 6681 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن