الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزِّنَا مِنَ الْكَبَائِر
قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ، إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (1)
(خ م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:(قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ ، قَالَ: " أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا (2) وَهُوَ خَلَقَكَ (3)" ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ ، ثُمَّ أَيٌّ؟ ، قَالَ: " أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ (4)" ، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ ، قَالَ: " أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ (5)) (6)(فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل تَصْدِيقَهَا: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ ، وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (7) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (8)} (9) ") (10)
(1)[الإسراء/32]
(2)
أَيْ: مِثْلًا وَنَظِيرًا فِي دُعَائِك أَوْ عِبَادَتِك. عون المعبود (5/ 181)
(3)
أَيْ أَنَّهُ سبحانه وتعالى اِنْفَرَدَ بِخَلْقِك ، فَكَيْف لَكَ اِتِّخَاذُ شَرِيكٍ مَعَهُ ، وَجَعْلِ عِبَادَتِكَ مَقْسُومَةً بَيْنهمَا ، فَإِنَّهُ تَعَالَى مَعَ كَوْنِهِ مُنَزَّهًا عَنْ شَرِيك ، وَكَوْنِ الشَّرِيكِ بَاطِلًا فِي ذَاتِه - لَوْ فُرِضَ وُجُودُ شَرِيكٍ ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْهُ - لَمَا حَسُنَ مِنْكَ اِتِّخَاذُهُ شَرِيكًا مَعَهُ فِي عِبَادَتِكَ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَا خَلَقَك ، وَإِنَّمَا خَلَقَكَ اللهُ تَعَالَى مُنْفَرِدًا بِخَلْقِك.
وَفِي الْخِطَابِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الشِّرْكَ مِنْ الْعَالِمِ بِحَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ أَقْبَحُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِه. شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 394)
(4)
أَيْ: خَشْيَةَ أَنْ يَأكُلَ مَعَكَ ، مِنْ جِهَةِ إِيثَارِ نَفْسِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ مَا يَكْفِي ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْبُخْلِ مَعَ الْوِجْدَان ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادكُمْ خَشْيَة إِمْلَاق} أَيْ: فَقْر. فتح الباري - (ج 13 / ص 276)
(5)
أَيْ: زَوْجَة جَارِك ، وَمَعْنَى " تُزَانِي " أَيْ: تَزْنِي بِهَا بِرِضَاهَا، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ الزِّنَا ، وَهُوَ مَعَ اِمْرَأَةِ الْجَارِ أَشَدُّ قُبْحًا ، وَأَعْظَمُ جُرْمًا ، لِأَنَّ الْجَارَ يَتَوَقَّعُ مِنْ جَارِه الذَّبَّ عَنْهُ وَعَنْ حَرِيمِه ، وَيَأمَنُ بَوَائِقَهُ ، وَيَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ، وَقَدْ أُمِرَ بِإِكْرَامِهِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ ، فَإِذَا قَابَلَ هَذَا كُلَّهُ بِالزِّنَا بِامْرَأَتِهِ وَإِفْسَادهَا عَلَيْهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَكَّنُ غَيْرُهُ مِنْهُ ، كَانَ فِي غَايَةٍ مِنْ الْقُبْح. شرح النووي (ج 1 / ص 187)
ورَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيث الْمِقْدَاد بْن الْأَسْوَد قَالَ: " قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟ ، قَالُوا: حَرَام ، قَالَ: " لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَة ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِه ".فتح الباري - (ج 13 / ص 276)
(6)
(م) 86 ، (خ) 4207
(7)
الأَثَام: العقاب. تفسير الطبري - (ج 19 / ص 303)
(8)
هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ أَنَّ أَكْبَرَ الْمَعَاصِي الشِّرْك ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ ، وَأَنَّ الْقَتْلَ بِغَيْرِ حَقٍّ يَلِيه، وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي كِتَابِ الشَّهَادَات مِنْ (مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ)، وَأَمَّا مَا سِوَاهُمَا مِنْ الزِّنَا ، وَاللِّوَاط ، وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ ، وَالسِّحْر ، وَقَذْف الْمُحْصَنَات ، وَالْفِرَار يَوْم الزَّحْف ، وَأَكْل الرِّبَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِر ، فَلَهَا تَفَاصِيلُ وَأَحْكَامٌ تُعْرَفُ بِهَا مَرَاتِبُهَا، وَيَخْتَلِفُ أَمْرُهَا بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَال ، وَالْمَفَاسِدِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَيْهِ. شرح النووي (1/ 187)
(9)
[الفرقان/69]
(10)
(خ) 6468 ، (م) 86
(خد حم)، وَعَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: " مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟ "، فَقَالُوا: حَرَّمَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ ، فَهُوَ حَرَامٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَةٍ ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ "، ثُمَّ قَالَ:" مَا تَقُولُونَ فِي السَّرِقَةِ؟ "، قَالُوا: حَرَّمَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ ، فَهِيَ حَرَامٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ مِنْ عَشْرَةِ أَبْيَاتٍ ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ [بَيْتِ] (1) جَارِهِ "(2)
(1)(خد) 103
(2)
(حم) 23905 ، (خد) 103 ، صَحِيح الْجَامِع: 5043، الصَّحِيحَة: 65
(م س)، وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ (1) وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا (2) مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ (3) فَيَخُونُهُ فِيهِمْ (4) إِلَّا وُقِفَ لَهُ (5) يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (6)(فَيُقَالَ: يَا فُلَانُ ، هَذَا فُلَانٌ)(7)(قَدْ خَانَكَ فِي أَهْلِكَ)(8)(فَخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ)(9)(ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا ظَنُّكُمْ؟ ، تُرَوْنَ يَدَعُ لَهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئًا؟ ")(10)
(1) فِيه تَحْرِيمُ التَّعَرُّضِ لَهُنَّ بِرِيبَةٍ مِنْ نَظَرٍ مُحَرَّم ، وَخَلْوَة ، وَحَدِيثٍ مُحَرَّم وَغَيْر ذَلِكَ. شرح النووي (ج6ص374)
(2)
أَيْ: يَصِيرُ خَلِيفَةً لَهُ ، وَيَنُوبهُ. عون المعبود - (ج 5 / ص 385)
(3)
أَيْ: فِي إِصْلَاح حَالِ عِيَالِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمُجَاهِدِ ، وَقَضَاءِ حَاجَاتهمْ. عون المعبود - (ج 5 / ص 385)
(4)
أَيْ: يزني بزوجة المجاهد.
(5)
أَيْ: وُقِفَ الْخَائِن. عون المعبود - (ج 5 / ص 385)
(6)
(م) 1897
(7)
(س) 3191
(8)
(س) 3190
(9)
(م) 1897
(10)
(س) 3191 ، (م) 1897 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 3141 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2046
(الخرائطي)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَثَلُ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَى فِرَاشِ الْمُغِيبَةِ (1) مَثَلُ الَّذِي يَنْهَشُهُ أَسْوَدٌ مِنْ أَسَاوِدِ (2) يَوْمَ الْقِيَامَةِ "(3)
(1) الْمُغِيبَة: التي غاب عنها زوجها.
(2)
الأساود: الحيَّات ، واحِدُها أسود.
(3)
مساوئ الأخلاق للخرائطي: 457 ، انظر (كنز) 13034 ، وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2405
(هب يع)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا شَبَابَ قُرَيْشٍ، احْفَظُوا فُرُوجَكُمْ ، لَا تَزْنُوا ، أَلَا مَنْ حَفِظَ فَرْجَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ "(1)
وفي رواية: " مَنْ سَلِمَ لَهُ شَبَابُهُ ، فَلَهُ الْجَنَّةُ "(2)
(1)(هب) 5369 ، (ك) 8062 ، ، (طس) 6850
(2)
(يع) 1427 ، الصَّحِيحَة: 2696، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2410
(م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ"(1)
الشرح (2)
(1)(م) 107 ، (س) 2575
(2)
تَخْصِيصُه صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ " الشَّيْخ الزَّانِي ، وَالْمَلِك الْكَذَّاب ، وَالْعَائِل الْمُسْتَكْبِر " بِالْوَعِيدِ الْمَذْكُور سَبَبُه أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اِلْتَزَمَ الْمَعْصِيَة الْمَذْكُورَةَ مَعَ بُعْدِهَا مِنْهُ، وَعَدَمُ ضَرُورَتِه إِلَيْهَا، وَضَعْفُ دَوَاعِيهَا عِنْدَه - وَإِنْ كَانَ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِذَنْبٍ - لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ إِلَى هَذِهِ الْمَعَاصِي ضَرُورَة مُزْعِجَة، وَلَا دَوَاعِيَ مُعْتَادَة، أَشْبَهَ إِقْدَامُهُمْ عَلَيْهَا الْمُعَانَدَةَ وَالِاسْتِخْفَاف بِحَقِّ الله تَعَالَى، وَقَصْدَ مَعْصِيَتِه ، لَا لِحَاجَةٍ غَيْرهَا؛ فَإِنَّ الشَّيْخ لِكَمَالِ عَقْله ، وَتَمَام مَعْرِفَته بِطُولِ مَا مَرَّ عَلَيْهِ مِنْ الزَّمَان، وَضَعْفِ أَسْبَابِ الْجِمَاعِ وَالشَّهْوَةِ لِلنِّسَاءِ، وَاخْتِلَالِ دَوَاعِيهِ لِذَلِكَ، عِنْدَهُ مَا يُرِيحُهُ مِنْ دَوَاعِي الْحَلَال فِي هَذَا ، وَيُخَلِّي سِرَّهُ مِنْهُ ، فَكَيْف بِالزِّنَا الْحَرَام؟، وَإِنَّمَا دَوَاعِي ذَلِكَ الشَّبَاب، وَالْحَرَارَةُ الْغَرِيزِيَّة، وَقِلَّة الْمَعْرِفَة، وَغَلَبَة الشَّهْوَة ، لِضَعْفِ الْعَقْل ، وَصِغَر السِّنّ.
وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ لَا يَخْشَى مِنْ أَحَدٍ مِنْ رَعِيَّتِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى مُدَاهَنَتِه وَمُصَانَعَتِه؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يُدَاهِنُ وَيُصَانِعُ بِالْكَذِبِ وَشِبْهِه مَنْ يَحْذَرُهُ، وَيَخْشَى أَذَاهُ وَمُعَاتَبَتَه، أَوْ يَطْلُبُ عِنْدَه بِذَلِكَ مَنْزِلَةً أَوْ مَنْفَعَة، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ الْكَذِبِ مُطْلَقًا.
وَكَذَلِكَ الْعَائِلُ الْفَقِيرُ ، قَدْ عَدِمَ الْمَال ، وَإِنَّمَا سَبَبُ الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاء وَالتَّكَبُّر وَالِارْتِفَاع عَلَى الْقُرَنَاء ، الثَّرْوَة فِي الدُّنْيَا ، لِكَوْنِهِ ظَاهِرًا فِيهَا، وَحَاجَاتُ أَهْلهَا إِلَيْهِ؛ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَه أَسْبَابُهَا ، فَلِمَاذَا يَسْتَكْبِر وَيَحْتَقِرُ غَيْره؟ ، فَلَمْ يَبْقَ فِعْلُه، وَفِعْلُ الشَّيْخِ الزَّانِي، وَالْإِمَامُ الْكَاذِب، إِلَّا لِضَرْبٍ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ بِحَقِّ الله تَعَالَى. النووي (ج1ص219)
(حم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا ظَهَرَ الرِّبَا وَالزِّنَا فِي قَوْمٍ إِلَّا أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللهِ عز وجل "(1)
(1)(حم) 3809 ، (حب) 4410 ، (يع) 4981 ، صَحِيح الْجَامِع: 5634 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1860
(جة)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:" أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ (1) فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ (2) وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا ، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ (3) إِلَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ (4) إِلَّا جَعَلَ اللهُ بَأسَهُمْ بَيْنَهُمْ "(5)
(1) أَيْ: الزِّنَا. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 386)
(2)
أَيْ: بِالْقَحْطِ. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 386)
(3)
(عَهْد الله): هُوَ مَا جَرَى بَيْنهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْحَرْب. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 386)
(4)
أَيْ: يطلبوا الخير، أَيْ: وما لم يطلبوا الخير والسعادة مما أنزل الله. الصحيحة - (ج 1 / ص 105)
(5)
(جة) 4019 ، انظر الصَّحِيحَة: 106
(خم د جة)، وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَزَّ (1) وفي رواية: (يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ (2) وَالْحَرِيرَ) (3)(وَلَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا ، يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ (4) وَالْمُغَنِّيَاتِ) (5)(يَأتِيهِمْ آتٍ (6) لِحَاجَةٍ ، فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا) (7)(فَيَخْسِفُ اللهُ بِهِمْ الْأَرْضَ)(8)(وَيَمْسَخُ مِنْهُمْ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ")(9)
(1) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الْمَشْهُورُ فِي رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ بِالْإِعْجَامِ، وَهُوَ (الخَزّ) ضَرْبٌ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ. نيل الأوطار (ج12ص423)
وَالْإِبْرَيْسَمُ: هُوَ الْحَرِيرِ. المصباح المنير (ج 2 / ص 340)
قَالَ أَبُو دَاوُد (ح4039): وَعِشْرُونَ نَفْسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَكْثَرُ لَبِسُوا الْخَزَّ ، مِنْهُمْ أَنَسٌ ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ.
وقَالَ فِي مُنْتَقَى الْأَخْبَار: وَقَدْ صَحَّ لُبْسُهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَة رضي الله عنهم. عون المعبود - (ج 9 / ص 64)
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ في النيل (ج3ص41): لَا يَخْفَاكَ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي فِعْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ ، وَإِنْ كَانُوا عَدَدًا كَثِيرًا، وَالْحُجَّةُ إِنَّمَا هِيَ فِي إِجْمَاعِهِمْ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِحُجِّيَّةِ الْإِجْمَاع، وَقَدْ أَخْبَرَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ أُمَّتِهِ أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَزّ وَالْحَرِيرَ ، وَذَكَرَ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الْمَسْخِ إِلَى الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير. أ. هـ
قال الحافظ فِي الفَتْح (16/ 398): وَقَدْ ثَبَتَ لُبْسُ الْخَزِّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرهمْ ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ لَبِسَهُ عِشْرُونَ نَفْسًا مِنْ الصَّحَابَة وَأَكْثَر ، وَأَوْرَدَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْ جَمْعٍ مِنْهُمْ ، وَأَعْلَى مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ: مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق عَبْد الله بْن سَعْد الدَّشْتَكِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْت رَجُلًا عَلَى بَغْلَة ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةُ خَزٍّ سَوْدَاءَ ، وَهُوَ يَقُول:" كَسَانِيهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ".
وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبة مِنْ طَرِيق عَمَّار بْن أَبِي عَمَّار قَالَ: أَتَتْ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَم مَطَارِفَ خَزٍّ ، فَكَسَاهَا أَصْحَابَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم.
وَالْأَصَحُّ فِي تَفْسِيرِ الْخَزِّ ، أنها ثِيَابٌ سَدَاهَا مِنْ حَرِيرٍ ، وَلُحْمَتهَا مِنْ غَيْره.
وَقِيلَ: تُنْسَجُ مَخْلُوطَةً مِنْ حَرِيرٍ وَصُوفٍ أَوْ نَحْوه.
وَقِيلَ: أَصْلُهُ اِسْمُ دَابَّةٍ يُقَال لَهَا: الْخَزّ ، سُمِّيَ الثَّوْبُ الْمُتَّخَذُ مِنْ وَبَرهِ خَزًّا لِنُعُومَتِهِ ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى مَا يُخْلَطُ بِالْحَرِيرِ ، لِنُعُومَةِ الْحَرِير.
وَعَلَى هَذَا ، فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِلُبْسِهِ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ مَا يُخَالِطهُ الْحَرِيرُ مَا لَمْ يُتَحَقَّقُ أَنَّ الْخَزَّ الَّذِي لَبِسَهُ السَّلَفُ كَانَ مِنْ الْمَخْلُوطِ بِالْحَرِيرِ.
وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لُبْس الْخَزِّ ، مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُهْرَة.
وَعَنْ مَالِكٍ: الْكَرَاهَة. أ. هـ
(2)
(الْحِرْ): الْمُرَادُ بِهِ الزِّنَى. سبل السلام - (ج 3 / ص 33).
قال الشوكاني: وَيُؤَيِّدُ الرِّوَايَةَ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: " يُوشِكُ أَنْ تَسْتَحِلَّ أُمَّتِي فُرُوجَ النِّسَاءِ وَالْحَرِيرَ "
وَوَقَعَ عِنْدَ الدَّاوُدِيِّ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ: (الخَزّ) ثُمَّ تَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الصَّحَابَةِ لَبِسُوهُ. نيل الأوطار - (ج 12 / ص 423)
(3)
(خ) 5268 ، (د) 4039 ، صَحِيح الْجَامِع: 5466 ، الصَّحِيحَة: 91
(4)
المعازف: آلات الطرب.
(5)
(جة) 4020 ، (حم) 22951
(6)
يَعْنِي: الْفَقِيرَ.
(7)
(خ) 5268
(8)
(جة) 4020
(9)
(د) 4039 ، (خ) 5268
(حم)، وَعَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَفْشُ فِيهِمْ وَلَدُ الزِّنَا، فَإِذَا فَشَا فِيهِمْ وَلَدُ الزِّنَا ، فَيُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللهُ عز وجل بِعِقَابٍ "(1)
(1)(حم) 26873 ، (يع) 7091 ، (طب) 55 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2400