المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إنفاق السلعة بالحلف الكاذب من الكبائر - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ٥

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌الِابْتِدَاعُ فِي الدِّينِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اتِّخَاذُ المْسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْحُكْمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشَّفَاعَةُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّبَرُّءُ مِنَ الْإسْلَامِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌جَوَازُ الْحَلِفِ بِصِفِاتِ اللهِ عز وجل

- ‌الْجِدَالُ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَكْفِيرُ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْخُرُوجُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إخْفَارُ ذِمَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِشْهَارُ السِّلَاحِ فِي وَجْهِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْغَدْرُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإخْلَافُ بِالْوَعْدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْقَتْلُ غِيلةً مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الِانْتِحَارُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌بُغْضُ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الرِّبَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَطْعُ الرَّحِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اللِّوَاطُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الزِّنَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌شُرْبُ الْخَمْرِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اَلِاسْتِمَاعُ لِلْمَعَازِفِ الْمُحَرَّمَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُجَاهَرَةُ بَالْمَعْصِيَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اَلْإلْحَادُ فِي الْحَرَم الْمَكِّيِّ أَوِ الْمَدَنِيِّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَطْعِ شَجَرِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ الرَّطْب مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَصْوِيرُ ذَوَاتُ الْأَرْوَاحِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّرْخِيصُ في لُعَبِ الْأَطْفَال

- ‌إظْهَارُ الصَّلَاحِ أَمَامَ النَّاسِ وَارْتِكَابُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي غِيَابِهِمْ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌كَوْنُ الْمَرْءِ ذَا وَجْهَينِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَعَدَمُ إتْيَانِهِ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإتْيَانِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ اَلْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمَعْرُوفِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ الِاسْتِنْزَاهِ مِنَ الْبَوْل مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ الصَّلَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ مُتَعَمِّدًا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّخَلُّفُ عَنِ الْجُمُعَةِ بِدُونِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌السّرْعَةُ الْمُخِلَّةُ بِفَرائِضِ الصَّلَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَنْعُ الزَّكَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشُّحُّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإفْطَارُ فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌صَوْمُ الدَّهْرِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ دَفْعِ الْمَهْرِ لِلزَّوْجَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِتْيَانُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِتْيَانُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ الْحَائِضَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إتْيَانُ الرِّجُلِ أَمَتَهُ الْحَامِلَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ الْعَدْلِ بَيْنَ الزَّوْجَات مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ الْإنْفَاقِ عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الدَّيَاثَةُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌انْتِفَاءُ الرَّجُلِ مِنْ وَلَدِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّبَرُّءُ مِنَ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الطَّعْنُ فِي الْأنْسَابِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ تَمْكِينِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا مِنْ نَفْسِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إنْكَارُ الْمَرْأَةِ إِحْسَانَ زَوْجِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عِصْيَانُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌طَلَبُ الْمَرْأَةِ اَلطَّلَاقَ مِنَ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَبَرُّجُ الْمَرْأَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْوَشْمُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌النَّمْصُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌وَصْلُ الشَّعْر مِنَ الْكَبَائِر

- ‌صَبْغُ الشَّعْرِ بِاللَّوْنِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَنْعُ الْمَرْأَةِ طِفِلَهَا مِنْ لَبَنِهَا بِلَا عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اسْتِحْمَامُ النِّسَاءِ فِي الْحَمَّامَاتِ الْعَامَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ ، وَتَشَبُّهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَال مِنَ الْكَبَائِر

- ‌لِبْسُ الذُّكُورِ الذَّهَبَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْإنَاثِ الذَّهَبَ الْمُحَلَّقَ

- ‌لُبْسُ الذُّكُورِ الْحَرِيرَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشُّرْبُ فِي آنِيَةِ الذَهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْكَذِبُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَقْسَامُ الْكَذِب

- ‌الْكَذِبُ عَلَى الله

- ‌الْكَذِبُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْكَذِبُ فِي الرُّؤْيَا

- ‌الْكَذِبُ عَلَى النَّاس

- ‌الْكَذِبُ فِي الْحَدِيث

- ‌قَوْلُ الزُّور

- ‌التَّشَبُّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ

- ‌قَذْفُ الْمُحْصِنَاتِ

- ‌الِافْتِرَاءُ عَلَى الْمُؤْمِنِ

- ‌الْكَذِبُ فِي الْمُزَاحِ

- ‌اللَّعْنُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الصَّحَابَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْغِيبَةُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإفْسَادُ بَيْنَ النَّاسِ (النَّمِيمَة) مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إنْفَاقُ السِّلْعَةِ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌النِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ مِنَ الْكَبَائِر

الفصل: ‌إنفاق السلعة بالحلف الكاذب من الكبائر

‌إنْفَاقُ السِّلْعَةِ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ مِنَ الْكَبَائِر

(طس)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ أَذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ دِيكٍ (1) قَدْ مَرَقَتْ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ (2) وعُنُقُهُ مُنْثَنٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَهو يَقُولُ: سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَكَ رَبَّنَا ، فَرَدَّ عَلَيْهِ: لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ (3) مَنْ حَلَفَ بِي كَاذِبًا "(4)

(1) أَيْ: أذن لي أن أحدث عن عظمة جُثَّة ديك من خَلْق الله تعالى، يعني: عن ملك في صورة ديك ، وليس بديك حقيقة كما يصرِّحُ به قولُه في رواية " إن لله تعالى مَلَكا في السماء يقال له: الديك إلخ ". فيض القدير (ج2ص 263)

(2)

أَيْ: وصلتا إليها ، وخرقتاها من جانبها الآخر.

قال في الصحاح: مرَقَ السهمُ: خرج من الجانب الآخر. (فيض القدير)

(3)

أَيْ: لا يعلمُ عظمةَ سلطاني وسطوةَ انتقامي " مَنْ حَلَفَ بِي كَاذِبًا ". فيض القدير (ج2ص 263)

(4)

(طس) 7324 ، (ك) 7813 ، صَحِيح الْجَامِع: 1714 ، الصَّحِيحَة: 150 صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب:1839

ص: 484

(م)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ (2) وَلَا يُزَكِّيهِمْ (3) وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "، قَالَ:" فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ مِرَّاتٍ " فَقُلْتُ: خَابُوا وَخَسِرُوا ، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ، قَالَ:" الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ (4) وَالْمَنَّانُ الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مَنَّهُ (5) وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلْفِ (6) الْكَاذِبِ "(7)

(1) أَيْ: لَا يُكَلِّمُهُمْ تَكْلِيمَ أَهْلِ الْخَيْرَاتِ بِإِظْهَارِ الرِّضَا، بَلْ بِكَلَامِ أَهْلِ السُّخْطِ وَالْغَضَب، وَقَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: لَا يُكَلِّمُهُمْ كَلَامًا يَنْفَعُهُمْ وَيَسُرُّهُمْ. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 217)

(2)

أَيْ: يُعْرِضُ عَنْهُمْ ، وَنَظَرُهُ سبحانه وتعالى لِعِبَادِهِ: رَحْمَتُهُ وَلُطْفُهُ بِهِمْ. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 217)

(3)

أَيْ: لَا يُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَسِ ذُنُوبِهِمْ. شرح النووي (ج 1 / ص 217)

(4)

(الْمُسْبِل إِزَارَهُ) أَيْ: الْمُرْخِي لَهُ، الْجَارُّ طَرَفَه.

وَقَالَ الْإِمَام أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْن جَرِيرٍ الطَّبَرِيّ: وَذَكَرَ إِسْبَالَ الْإِزَارِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ كَانَ عَامَّةَ لِبَاسِهِمْ، وَحُكْمُ غَيْرِهِ مِنْ الْقَمِيصِ وَغَيْرِهِ حُكْمُه.

قُلْت: وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا مَنْصُوصًا عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الْإِسْبَال فِي الْإِزَار وَالْقَمِيص وَالْعِمَامَةِ ، مَنْ جَرَّ شَيْئًا خُيَلَاء ، لَمْ يَنْظُرْ اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة ".شرح النووي (ج 1 / ص 218)

وقد بَيَّنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الحدَّ الأحسَنَ والجائزَ في الإزارِ الذي لا يَجوزُ تَعَدِّيه؛ فقالَ فيما رواه أبو داود والنَّسَائي: " أُزْرَةُ المُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، ولَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الكَعْبَيْنِ، ومَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ ". المُفْهم (ج 2 / ص 66)

(5)

لا شَكَّ في أنَّ الامْتِنانَ بالعطاء مُبْطِلٌ لأجرِ الصدقةِ والعطاء، مُؤْذٍ للمُعْطَى؛ ولذلك قال تعالى:{لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأذَى} ، وإنَّما كان المَنُّ كذلك؛ لأنَّه لا يكونُ غالبًا إلا عن البُخْلِ، والعُجْبِ، والكِبْر، ونِسيانِ مِنَّةِ الله تعالى فيما أنعَمَ به عليه؛ فالبخيلُ يُعَظِّمُ في نفسِه العَطِيَّةَ - وإنْ كانتْ حقيرةً في نفسها - والعُجْبُ يحمله على النظرِ لنفسه بِعَيْن العَظَمة، وأنَّه مُنْعِمٌ بمالِهِ على المُعْطَى له ، ومتفضِّلٌ عليه، وأنَّ له عليه حَقًّا تَجِبُ عليه مراعَاتُهُ، والكِبْرُ يحمِلُه على أن يحتقرَ المُعْطَى لَه ، وإنْ كان في نفسِه فاضلاً

ومُوجِبُ ذلكَ كُلِّه: الجهلُ، ونِسْيانُ مِنَّةِ اللهِ تعالى فيما أنعَمَ به عليه؛ إذْ قد أنعَمَ عليه بما يُعْطِي ، ولم يَحْرِمْهُ ذلك، وجعَلَه ممَّنْ يُعْطِي، ولم يجعَلْهُ ممَّن يَسْأَل، ولو نَظَرَ بِبَصَرِه ، لعَلِمَ أنَّ المِنَّةَ لِلْآخِذ؛ لِمَا يُزِيلُ عن المُعْطِي مِنْ إثمِ المَنْعِ ، وذَمِّ المانع، ومِنَ الذنوب ، ولِمَا يحصُلُ له من الأجرِ الجَزيل، والثناءِ الجميل. المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (ج 2 / ص 66)

(6)

" الْحَلِف " بِكَسْرِ اللَّام وَإِسْكَانهَا ، وَمِمَّنْ ذَكَرَ الْإِسْكَان: اِبْنُ السِّكِّيت فِي أَوَّلِ إِصْلَاحِ الْمَنْطِق. شرح النووي (ج 1 / ص 218)

(7)

(م) 106 ، (ت) 1211

ص: 485

(خ م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(1)(رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ (2) بِالطَّرِيقِ) (3)(يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ (4)) (5)(فَيَقُولُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ (6)) (7)(وَرَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ)(8)(فَحَلَفَ لَهُ بِاللهِ)(9)(وَهُوَ كَاذِبٌ)(10)(لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا)(11) وفي رواية: (أُعْطِيتُ بِهَا (12) كَذَا وَكَذَا) (13)(فَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ)(14)(فَأَخَذَهَا (15)) (16) وفي رواية: (وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ (17) لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ) (18)(ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ (19) فِي الْآخِرَةِ ، وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (20) وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا (21) لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا) (22)(فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا)(23)(مَا يُرِيدُ)(24)(وَفَى لَهُ (25) وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا ، لَمْ يَفِ لَهُ (26)) (27)

وفي رواية: " فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ"(28)

(1)(م) 108 ، (خ) 2230

(2)

أَيْ: زَائِدًا عَنْ حَاجَته. عون المعبود - (ج 7 / ص 468)

(3)

(خ) 2230

(4)

لَا شَكَّ فِي غِلَظِ تَحْرِيمِ مَا فَعَلَ، وَشِدَّةِ قُبْحِهِ ، فَإِذَا كَانَ مَنْ يَمْنَعُ الْمَاشِيَةَ فَضْلَ الْمَاءِ عَاصِيًا ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَمْنَعُهُ الْآدَمِيَّ الْمُحْتَرَم؟ ،

أمَّا إن كَانَ اِبْنُ السَّبِيلِ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ ، كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ ، لَمْ يَجِبْ بَذْلُ الْمَاءِ لَهُما. النووي (ج 1 / ص 220)

(5)

(خ) 2527

(6)

الْمُعَاقَبَة وَقَعَتْ عَلَى مَنْعِهِ الْفَضْلَ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْأَصْلِ، وَيُؤْخَذُ أَيْضًا مِنْ قَوْله:" مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاك " فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ لَوْ عَالَجَهُ ، لَكَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْره.

وَحَكَى اِبْن التِّين عَنْ أَبِي عَبْد الْمَلِك أَنَّهُ قَالَ: هَذَا يَخْفَى مَعْنَاهُ، وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنَّ الْبِئْرَ لَيْسَتْ مِنْ حَفْرِه ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي مَنْعِهِ غَاصِبٌ ظَالِمٌ، وَهَذَا لَا يَرِدُ فِيمَا حَازَهُ وَعَمِلَهُ.

قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ حَفَرَهَا ، وَمَنَعَهَا مِنْ صَاحِب الشَّفَة ، أَيْ: الْعَطْشَان، وَيَكُون مَعْنَى " مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاك " أَيْ: لَمْ تُنْبِعْ الْمَاءَ ، وَلَا أَخْرَجْتَهُ. فتح الباري (ج7ص231)

(7)

(خ) 7008

(8)

(خ) 2527

(9)

(م) 108

(10)

(خ) 2240

(11)

(م) 108

(12)

أَيْ: بِالسِّلْعَةِ. عون المعبود - (ج 7 / ص 468)

(13)

أَيْ: مِنْ الثَّمَن. عون المعبود - (ج 7 / ص 468)

(14)

(خ) 2230

(15)

أَيْ: اِشْتَرَى السِّلْعَة بِالثَّمَنِ الَّذِي حَلَفَ الْبَائَعُ أَنَّهُ أُعْطِيه ، اِعْتِمَادًا عَلَى حَلْفِه. عون المعبود - (ج 7 / ص 468)

(16)

(خ) 6786

(17)

خَصَّ وَقْتَ الْعَصْرِ بِتَعْظِيمِ الْإِثْمِ فِيهِ - وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ مُحَرَّمَةٌ فِي كُلِّ وَقْت - لِأَنَّ اللهَ عَظَّمَ شَأنَ هَذَا الْوَقْت ، بِأَنْ جَعَلَ الْمَلَائِكَةَ تَجْتَمِعُ فِيهِ ، وَهُوَ وَقْتُ خِتَامِ الْأَعْمَالِ، وَالْأُمُورُ بِخَوَاتِيمِهَا، وَكَانَ السَّلَفُ يَحْلِفُونَ بَعْدَ الْعَصْر. فتح الباري (ج 20 / ص 253)

(18)

(خ) 2240 ، (م) 108

(19)

أَيْ: لَا نَصِيبَ لهم.

(20)

[آل عمران/77]

(21)

أَيْ: عَاهَدَ الْإِمَامَ الْأَعْظَم. عون المعبود - (ج 7 / ص 468)

(22)

(خ) 2240

(23)

(م) 108 ، (خ) 2527

(24)

(خ) 2527

(25)

أَيْ: مَا عَلَيْهِ مِنْ الطَّاعَة ، مَعَ أَنَّ الْوَفَاءَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا. شرح سنن النسائي - (ج 6 / ص 143)

(26)

فِي الْحَدِيث وَعِيدٌ شَدِيدٌ فِي نَكْثِ الْبَيْعَةِ ، وَالْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَام ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَفَرُّقِ الْكَلِمَة، وَلِمَا فِي الْوَفَاءِ مِنْ تَحْصِينِ الْفُرُوجِ وَالْأَمْوَالِ ، وَحَقْنِ الدِّمَاء، وَالْأَصْلُ فِي مُبَايَعَةِ الْإِمَامِ: أَنْ يُبَايِعَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِالْحَقِّ وَيُقِيمَ الْحُدُودَ ، وَيَأمُرَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ، فَمَنْ جَعَلَ مُبَايَعَتَهُ لِمَالٍ يُعْطَاهُ ، دُونَ مُلَاحَظَةِ الْمَقْصُودِ فِي الْأَصْلِ ، فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ، وَدَخَلَ فِي الْوَعِيد الْمَذْكُور ، وَحَاقَ بِهِ إِنْ لَمْ يَتَجَاوَزْ اللهُ عَنْهُ.

وَفِيهِ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَا يُقْصَدُ بِهِ وَجْهُ اللهِ ، وَأُرِيدَ بِهِ عَرَضُ الدُّنْيَا ، فَهُوَ فَاسِدٌ وَصَاحِبُهُ آثِمٌ. فتح الباري (ج 20 / ص 253)

(27)

(م) 108 ، (خ) 2527

(28)

(خ) 2240

ص: 486

(خ) ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه (أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً فِي السُّوقِ)(1)(فَحَلَفَ بِاللهِ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا مَا لَمْ يُعْطَ ، لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ ، وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (2)) (3)(وَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى: النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ)(4).

(1)(خ) 4276

(2)

[آل عمران/77]

(3)

(خ) 1982 ، (هق) 10578

(4)

(خ) 2530 ، (ش) 22033 ، (هق) 10578

ص: 487

(ت حم)، وَعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ رضي الله عنه قَالَ:(خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُصَلَّى ، " فَرَأَى النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ " ، فَاسْتَجَابُوا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَفَعُوا أَعْنَاقَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ إِلَيْهِ ، فَقَالَ: " إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا ، إِلَّا مَنْ اتَّقَى اللهَ ، وَبَرَّ (1) وَصَدَقَ (2)") (3) وفي رواية (4) قَالَ: " إِنَّ التُّجَّارَ هُمْ الْفُجَّارُ " ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَوَلَيْسَ قَدْ أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ؟ ، قَالَ: " بَلَى ، وَلَكِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ فَيَكْذِبُونَ ، وَيَحْلِفُونَ فَيَأثَمُونَ "

(1) أَيْ: لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً وَلَا صَغِيرَةً مِنْ غِشٍّ وَخِيَانَةٍ ، وَأَحْسَنَ إِلَى النَّاسِ فِي تِجَارَتِهِ ، وقَامَ بِطَاعَةِ اللهِ وَعِبَادَتِهِ. تحفة الأحوذي (ج 3 / ص 302)

(2)

أَيْ: صَدَقَ فِي يَمِينِهِ وَسَائِرِ كَلَامِهِ.

(3)

(ت) 1210 ، (جة) 2146 ، انظر الصَّحِيحَة: 994 ، 1458 ، وصَحِيحِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1785

(4)

(حم) 15704 ، 15569 ، انظر صَحِيحِ الْجَامِع: 1594 ، والصَّحِيحَة: 366 ، وقال الأرناؤوط في (حم) 15704: إسناده صحيح

ص: 488

(حب)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: مَرَّ أَعْرَابِيٌّ بِشَاةٍ ، فَسَاوَمْتُهُ بِهَا ، فَقُلْتُ: تَبِيعُنِيهَا بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ؟ ، فَقَالَ: لَا وَاللهِ لَا أَبِيعُهَا بِهَذَا، فَتَسَوَّقَ بِهَا ، فَلَمْ يَجِدْ هَذَا الثَّمَنَ فَرَجَعَ إِلَيَّ فَقَالَ: خُذْهَا بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال:" بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ "(1)

(1)(حب) 4909 ، الصَّحِيحَة: 364 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1792 ، غاية المرام: 171

ص: 489

(طب)، وَعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أُشَيْمِطٌ (1) زَانٍ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ، وَرَجُلٌ جَعَلَ اللهَ بِضَاعَتَهُ، لَا يَشْتَرِي إِلَّا بِيَمِينِهِ، وَلَا يَبِيعُ إِلَّا بِيَمِينِهِ "(2)

(1) أَيْ: شيخ كبير السن.

(2)

(كنز) 43821 ، صَحِيح الْجَامِع: 3072، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1788

ص: 490

(حم)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ثَلَاثَةٌ يُبْغِضُهُمْ اللهُ عز وجل: الْفَخُورُ الْمُخْتَالُ (وفي رواية: الْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ) (1) وَأَنْتُمْ تَجِدُونَ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل {إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (2) وَالْبَخِيلُ الْمَنَّانُ ، وَالتَّاجِرُ وَالْبَيَّاعُ الْحَلَّافُ "(3)

(1)(حم) 21378 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 3074 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح.

(2)

[لقمان/18]

(3)

(حم) 21570 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1791 ، 2569، وقَالَ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

ص: 491