الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَرْكُ الصَّلَاةِ مِنَ الْكَبَائِر
قَالَ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ، فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (1)} (2)
وَقَالَ تَعَالَى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ، إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ ، عَنِ الْمُجْرِمِينَ ، مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (3)
(1)(غَيًّا): خُسْرَانًا.
(2)
[مريم/59]
(3)
[المدثر/38 - 43]
(م جة حم)، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ ، تَرْكُ الصَلَاةِ)(1)(فَإِذَا تَرَكَهَا فَقَدْ أَشْرَكَ ")(2) وفي رواية: " فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ "(3)
الشرح (4)
(1)(م) 82 ، (ت) 2620
(2)
(جة) 1080 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 5388، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 568
(3)
(حم) 23057 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده قوي.
(4)
مَعْنَى " بَيْنهُ وَبَيْنَ الشِّرْك تَرْكُ الصَّلَاةِ "، أَيْ أَنَّ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ كُفْرِه كَوْنُه لَمْ يَتْرُكْ الصَّلَاة، فَإِذَا تَرَكَهَا لَمْ يَبْقَ بَيْنَه وَبَيْن الشِّرْكِ حَائِل، بَلْ دَخَلَ فِيهِ ، ثُمَّ إِنَّ الشِّرْكَ وَالْكُفْرَ قَدْ يُطْلَقَانِ بِمَعْنَى وَاحِدٍ ، وَهُوَ الْكُفْر بِاللهِ تَعَالَى ، وَأَمَّا تَارِك الصَّلَاة ، فَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا لِوُجُوبِهَا ، فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، خَارِجٌ مِنْ مِلَّة الْإِسْلَام ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ ، وَلَمْ يُخَالِط الْمُسْلِمِينَ مُدَّةً يَبْلُغُهُ فِيهَا وُجُوبُ الصَّلَاة عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ تَكَاسُلًا مَعَ اِعْتِقَادِه وُجُوبَهَا ، كَمَا هُوَ حَالُ كَثِيرٍ مِنْ النَّاس فَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ:
فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا الله ، وَالْجَمَاهِير مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف إِلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُر ، بَلْ يَفْسُقُ ، وَيُسْتَتَاب ، فَإِنْ تَابَ ، وَإِلَّا قَتَلْنَاهُ حَدًّا ، كَالزَّانِي الْمُحْصَن، وَلَكِنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ يَكْفُر ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب كَرَّمَ الله وَجْهه ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد بْن حَنْبَل رحمه الله وَبِهِ قَالَ عَبْد الله بْن الْمُبَارَك ، وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ ، وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَة ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْل الْكُوفَة ، وَالْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا الله أَنَّهُ لَا يَكْفُر، وَلَا يُقْتَل، بَلْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّي. وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِكُفْرِهِ بِظَاهِرِ الْحَدِيث، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى كَلِمَة التَّوْحِيد. وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ: لَا يُقْتَل ، بِحَدِيثِ:" لَا يَحِلُّ دَمُ اِمْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث " ، وَلَيْسَ فِيهِ الصَّلَاة.
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُر ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله دَخَلَ الْجَنَّة " ، وَ " مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا الله دَخَلَ الْجَنَّة " ، وَ " لَا يَلْقَى الله تَعَالَى عَبْد بِهِمَا غَيْر شَاكٍّ فَيُحْجَب عَنْ الْجَنَّةِ " ، و " حَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّار مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله " ، وَغَيْر ذَلِكَ.
وَاحْتَجُّوا عَلَى قَتْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} ، وَقَوْله صلى الله عليه وسلم:" أُمِرْت أَنْ أُقَاتِل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاة ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاة ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ ".
وَتَأَوَّلُوا قَوْله صلى الله عليه وسلم: " بَيْن الْعَبْدِ وَبَيْنِ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاة " عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عُقُوبَةَ الْكَافِر ، وَهِيَ الْقَتْل، أَوْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَئُولُ بِهِ إِلَى الْكُفْر، أَوْ أَنَّ فِعْلَهُ فِعْلُ الْكُفَّار. وَالله أَعْلَم. (النووي - ج 1 / ص 179)
(ت)، وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ (1) الصَلَاةُ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ (2) "(3)
(1) أَيْ: الْمُنَافِقِينَ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 419)
(2)
أَيْ: فَإِذَا تَرَكُوهَا بَرِئَتْ مِنْهُمْ الذِّمَّةُ ، وَدَخَلُوا فِي حُكْمِ الْكُفَّارِ ، نُقَاتِلُهُمْ كَمَا نُقَاتِلُ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ.
قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا اسْتُؤْذِنَ فِي قَتْلِ الْمُنَافِقِينَ: " أَلَا إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ "، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي الدَّرْدَاءِ:" لَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا ، فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ ". تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 419)
(3)
(ت) 2621 ، (س) 463
(ط)، وَعَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مِنْ اللَّيْلَةِ الَّتِي طُعِنَ فِيهَا ، فَأَيْقَظْتُهُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ ، فَقَالَ عُمَرُ: نَعَمْ ، وَلَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَلَاةَ ، فَصَلَّى عُمَرُ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ (1) دَمًا. (2)
(1) يَثْعُب: ينزف.
(2)
(ط) 82 ، وصححه الألباني في الإرواء: 209
(ابن نصر)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: مَنْ تَرَكَ الصَلَاةَ فلَا دِينَ لَهُ. (1)
(1)(تعظيم قدر الصلاة) لمحمد بن نصر المروزي (2/ 470 ح818)، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 574