المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التبرء من النسب والولاء من الكبائر - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ٥

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌الِابْتِدَاعُ فِي الدِّينِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اتِّخَاذُ المْسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْحُكْمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشَّفَاعَةُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّبَرُّءُ مِنَ الْإسْلَامِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌جَوَازُ الْحَلِفِ بِصِفِاتِ اللهِ عز وجل

- ‌الْجِدَالُ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَكْفِيرُ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْخُرُوجُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إخْفَارُ ذِمَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِشْهَارُ السِّلَاحِ فِي وَجْهِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْغَدْرُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإخْلَافُ بِالْوَعْدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْقَتْلُ غِيلةً مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الِانْتِحَارُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌بُغْضُ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الرِّبَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَطْعُ الرَّحِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اللِّوَاطُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الزِّنَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌شُرْبُ الْخَمْرِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اَلِاسْتِمَاعُ لِلْمَعَازِفِ الْمُحَرَّمَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُجَاهَرَةُ بَالْمَعْصِيَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اَلْإلْحَادُ فِي الْحَرَم الْمَكِّيِّ أَوِ الْمَدَنِيِّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَطْعِ شَجَرِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ الرَّطْب مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَصْوِيرُ ذَوَاتُ الْأَرْوَاحِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّرْخِيصُ في لُعَبِ الْأَطْفَال

- ‌إظْهَارُ الصَّلَاحِ أَمَامَ النَّاسِ وَارْتِكَابُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي غِيَابِهِمْ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌كَوْنُ الْمَرْءِ ذَا وَجْهَينِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَعَدَمُ إتْيَانِهِ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإتْيَانِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ اَلْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمَعْرُوفِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ الِاسْتِنْزَاهِ مِنَ الْبَوْل مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ الصَّلَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ مُتَعَمِّدًا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّخَلُّفُ عَنِ الْجُمُعَةِ بِدُونِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌السّرْعَةُ الْمُخِلَّةُ بِفَرائِضِ الصَّلَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَنْعُ الزَّكَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشُّحُّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإفْطَارُ فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌صَوْمُ الدَّهْرِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ دَفْعِ الْمَهْرِ لِلزَّوْجَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِتْيَانُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِتْيَانُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ الْحَائِضَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إتْيَانُ الرِّجُلِ أَمَتَهُ الْحَامِلَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ الْعَدْلِ بَيْنَ الزَّوْجَات مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ الْإنْفَاقِ عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الدَّيَاثَةُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌انْتِفَاءُ الرَّجُلِ مِنْ وَلَدِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّبَرُّءُ مِنَ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الطَّعْنُ فِي الْأنْسَابِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ تَمْكِينِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا مِنْ نَفْسِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إنْكَارُ الْمَرْأَةِ إِحْسَانَ زَوْجِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عِصْيَانُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌طَلَبُ الْمَرْأَةِ اَلطَّلَاقَ مِنَ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَبَرُّجُ الْمَرْأَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْوَشْمُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌النَّمْصُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌وَصْلُ الشَّعْر مِنَ الْكَبَائِر

- ‌صَبْغُ الشَّعْرِ بِاللَّوْنِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَنْعُ الْمَرْأَةِ طِفِلَهَا مِنْ لَبَنِهَا بِلَا عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اسْتِحْمَامُ النِّسَاءِ فِي الْحَمَّامَاتِ الْعَامَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ ، وَتَشَبُّهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَال مِنَ الْكَبَائِر

- ‌لِبْسُ الذُّكُورِ الذَّهَبَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْإنَاثِ الذَّهَبَ الْمُحَلَّقَ

- ‌لُبْسُ الذُّكُورِ الْحَرِيرَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشُّرْبُ فِي آنِيَةِ الذَهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْكَذِبُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَقْسَامُ الْكَذِب

- ‌الْكَذِبُ عَلَى الله

- ‌الْكَذِبُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْكَذِبُ فِي الرُّؤْيَا

- ‌الْكَذِبُ عَلَى النَّاس

- ‌الْكَذِبُ فِي الْحَدِيث

- ‌قَوْلُ الزُّور

- ‌التَّشَبُّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ

- ‌قَذْفُ الْمُحْصِنَاتِ

- ‌الِافْتِرَاءُ عَلَى الْمُؤْمِنِ

- ‌الْكَذِبُ فِي الْمُزَاحِ

- ‌اللَّعْنُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الصَّحَابَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْغِيبَةُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإفْسَادُ بَيْنَ النَّاسِ (النَّمِيمَة) مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إنْفَاقُ السِّلْعَةِ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌النِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ مِنَ الْكَبَائِر

الفصل: ‌التبرء من النسب والولاء من الكبائر

‌التَّبَرُّءُ مِنَ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ مِنَ الْكَبَائِر

(خ م)، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ (1) ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ (2) وَهُوَ يَعْلَمُهُ (3) إِلَّا كَفَرَ (4)) (5)(وَمَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ ، فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ")(6)

الشرح (7)

(1) التَّعْبِير بِالرَّجُلِ لِلْغَالِبِ ، وَإِلَّا فَالْمَرْأَة كَذَلِكَ حُكْمهَا. فتح (10/ 308)

(2)

أَيْ: اِنْتَسَبَ وَرَضِيَ أَنْ يَنْسِبهُ النَّاسُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ. عون المعبود (11/ 152)

(3)

قَيَّدَهُ فِي الْحَدِيثِ بِالْعِلْمِ ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْحَالَتَيْنِ ، إِثْبَاتًا وَنَفْيًا ، لِأَنَّ الْإِثْمَ إِنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَالِمِ بِالشَّيْءِ ، الْمُتَعَمِّدِ لَهُ. فتح الباري (10/ 308)

(4)

الْمُرَاد: كُفْرُ النِّعْمَة، وَظَاهِرُ اللَّفْظِ غَيْرُ مُرَاد ، وَإِنَّمَا وَرَدَ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيظِ وَالزَّجْرِ لِفَاعِلِ ذَلِكَ.

أَوْ الْمُرَادُ بِإِطْلَاقِ الْكُفْرِ أَنَّ فَاعِلَهُ فَعَلَ فِعْلًا شَبِيهًا بِفِعْلِ أَهْلِ الْكُفْر. فتح الباري (10/ 308)

(5)

(خ) 3317 ، (م)(61)

(6)

(خ) 3317

(7)

أَيْ: لِيَتَّخِذْ مَنْزِلًا مِنْ النَّار، وَهُوَ إِمَّا دُعَاء ، أَوْ خَبَرٌ بِلَفْظِ الْأَمْر ، وَمَعْنَاهُ: هَذَا جَزَاؤُهُ إِنْ جُوزِيَ، وَقَدْ يُعْفَى عَنْهُ، وَقَدْ يَتُوبُ فَيَسْقُطُ عَنْهُ.

وَفِي الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ الِانْتِفَاءِ مِنْ النَّسَبِ الْمَعْرُوفِ ، وَالِادِّعَاءِ إِلَى غَيْرِه. فتح الباري (10/ 308)

ص: 354

(خ م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ (1) فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ ، فَهُوَ كُفْرٌ "(2)

الشرح (3)

(1) أَيْ: لَا تَنْتَسِبُوا إِلَى غَيْرهمْ. فتح الباري (19/ 257)

(2)

(خ) 6386 ، (م) 62

(3)

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَيْسَ مَعْنَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ مَنْ اِشْتَهَرَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْوَعِيدِ ، كَالْمِقْدَادِ بْن الْأَسْوَد، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ مَنْ تَحَوَّلَ عَنْ نِسْبَتِهِ لِأَبِيهِ ، إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ، عَالِمًا عَامِدًا مُخْتَارًا، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة لَا يَسْتَنْكِرُونَ أَنْ يَتَبَنَّى الرَّجُلُ وَلَدَ غَيْرِهِ ، وَيَصِيرُ الْوَلَدُ يُنْسَبُ إِلَى الَّذِي تَبَنَّاهُ ، حَتَّى نَزَلَ قَوْله تَعَالَى:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ} ، وَقَوْله سبحانه وتعالى:{وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} ، فَنُسِبَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى أَبِيهِ الْحَقِيقِيِّ ، وَتَرَكَ الِانْتِسَابَ إِلَى مَنْ تَبَنَّاهُ ، لَكِنْ بَقِيَ بَعْضُهُمْ مَشْهُورًا بِمَنْ تَبَنَّاهُ ، فَيُذْكَرُ بِهِ لِقَصْدِ التَّعْرِيفِ ، لَا لِقَصْدِ النَّسَبِ الْحَقِيقِيِّ ، كَالْمِقْدَادِ بْن الْأَسْوَد، وَلَيْسَ الْأَسْوَدُ أَبَاهُ، وَإِنَّمَا كَانَ تَبَنَّاهُ ، وَاسْمُ أَبِيهِ الْحَقِيقِيّ: عَمْرو بْن ثَعْلَبَة بْن مَالِك بْن رَبِيعَة الْبَهْرَانِيّ، وَكَانَ أَبُوهُ حَلِيفَ كِنْدَة ، فَقِيلَ لَهُ: الْكِنْدِيّ، ثُمَّ حَالَفَ هُوَ الْأَسْوَدَ بْنَ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيّ ، فَتَبَنَّى الْمِقْدَادَ ، فَقِيلَ لَهُ: اِبْنُ الْأَسْوَد. اِنْتَهَى مُلَخَّصًا مُوَضَّحًا.

قَالَ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكُفْرِ حَقِيقَةَ الْكُفْرِ الَّتِي يَخْلُدُ صَاحِبُهَا فِي النَّارِ.

وَقَالَ بَعْض الشُّرَّاح: سَبَبُ إِطْلَاقِ الْكُفْرِ هُنَا ، أَنَّهُ كَذَبَ عَلَى الله ، كَأَنَّهُ يَقُول: خَلَقَنِي اللهُ مِنْ مَاء فُلَان، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا خَلَقَهُ مِنْ غَيْرِهِ.

وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيث " اِبْن أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ "

و" مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ " ، لَيْسَ عَلَى عُمُومِه ، إِذْ لَوْ كَانَ عَلَى عُمُومِهِ لَجَازَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى خَالِهِ مَثَلًا ، وَكَانَ مُعَارِضًا لِحَدِيثِ الْبَابِ الْمُصَرِّحِ بِالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَعُرِفَ أَنَّهُ خَاصٌّ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ مِنْهُمْ فِي الشَّفَقَةِ وَالْبِرِّ وَالْمُعَاوَنَةِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فتح الباري (19/ 171)

ص: 355

(جة)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كُفْرٌ بِامْرِئٍ ادِّعَاءُ نَسَبٍ لَا يَعْرِفُهُ ، أَوْ جَحْدُهُ وَإِنْ دَقَّ "(1)

(1)(جة) في الفرائض (2744) ، (حم) 7019

ص: 356

(حم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ، فَلَنْ يَرِحْ (1) رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ، وَرِيحُهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ عَامًا (2) "(3)

(1) أَيْ: لَمْ يَشَمَّ رِيحَهَا ، يُقَالُ: رَاحَ يُرِيحُ ، وَرَاحَ يَرَاحُ ، وَأَرَاحَ يُرِيحُ: إِذَا وَجَدَ رَائِحَةَ الشَّيْءِ. تحفة الأحوذي - (4/ 36)

(2)

الْمُرَادُ بِهَذَا النَّفْي - وَإِنْ كَانَ عَامًّا- التَّخْصِيصُ بِزَمَانٍ مَا ، لِمَا تَعَاضَدَتْ الْأَدِلَّةُ الْعَقْلِيَّة وَالنَّقْلِيَّة أَنَّ مَنْ مَاتَ مُسْلِمًا - وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْل الْكَبَائِر - فَهُوَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ غَيْرُ مُخَلَّدٍ فِي النَّار، وَمَآلُهُ إِلَى الْجَنَّةِ وَلَوْ عُذِّبَ قَبْل ذَلِكَ. فتح الباري (19/ 369)

(3)

(حم) 6834 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

ص: 357

(د)، وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ ، فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ (1) "(2)

(1) هَذَا صَرِيح فِي غِلَظِ تَحْرِيمِ اِنْتِمَاءِ الْإِنْسَانِ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ اِنْتِمَاءِ الْعَتِيقِ إِلَى وَلَاءِ غَيْرِ مَوَالِيه؛ لِمَا فِيهِ مِنْ كُفْرِ النِّعْمَة ، وَتَضْيِيعِ حُقُوقِ الْإِرْثِ وَالْوَلَاءِ وَالْعَقْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَالْعُقُوق. شرح النووي (ج5 / ص 34)

(2)

(د) 5113 ، (حم) 1497 ، (خ) 4072 ، (م)(63)

ص: 358

(م د جة حم)، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ)(1)(أَوْ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ رَغْبَةً عَنْهُمْ (2) فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (3)(الْمُتَتَابِعَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)(4)(لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا (5) ") (6)

(1)(جة) 2609 ، (م) 1370 ، (ت) 2120

(2)

كعتيقٍ أعتقه آلُ فلان ، فتولَّى غيرَهم ، فعليه هذا الوعيد. شرح كتاب الحج من صحيح البخاري لابن عثيمين - (3/ 44)

(3)

(حم) 17701 ، 3038 ، (م) 1370، (ت) 2121

(4)

(د) 5115 ، (ت) 2120 ، (حم) 22348 ، (عب) 7277

(5)

العَدل: الفرض ، والصَّرف: النوافل والتطوع ،

وقيل: (صرف) أَيْ: صرف العذاب عنه بدون مقابل.

(ولا عدل) أي: بمقابل، يعني لو طُلب أن يُشفع له ويُرفع عنه العذاب لا يُقبل ، لو طَلَب أن يُسلِّم فداءً ، لا يُقبل، نسأل الله العافية. شرح كتاب الحج من صحيح البخاري لإبن عثيمين - (3/ 44)

(6)

(م) 1370 ، (ت) 2121 ، (حم) 17702

ص: 359

(حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنِ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ، أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ)(1)

وفي رواية: (تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلًا وَلَا صَرْفًا ")(2)

الشرح (3)

(1)(جة) 2609 ، (م) 467 - (1370) ، (ت) 2120 ، (د) 5115

(2)

(حم) 9162 ، (خ) 3001 ، (م) 20 - (1370) ، (ت) 2127

(3)

مفهوم قوله " بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ " أنه إذا كان بإذن مواليه ، فلا بأس، وفي هذا إشكال ، لأن الولاء لُحْمَة كَلُحْمَةِ النَّسَب ، لا يُوهَب ولا يُورث ولا يُباع، فهذا فيه إشكال ، ويحله صاحب الفتح (6/ 98) حيث قال: لَمْ يُجْعَلْ الْإذْنُ شَرْطًا لِجَوَازِ الِادِّعَاء، وَإِنَّمَا هُوَ لِتَأكِيدِ التَّحْرِيم، لِأَنَّهُ إِذَا اِسْتَأذَنَهُمْ فِي ذَلِكَ ، مَنَعُوهُ وَحَالُوا بَيْنَه وَبَيْنَ ذَلِكَ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَنَّى بِذَلِكَ عَنْ بَيْعِه، فَإِذَا وَقَعَ بَيْعُه ، جَازَ لَهُ الِانْتِمَاءُ إِلَى مَوْلَاهُ الثَّانِي ، وَهُوَ غَيْرُ مَوْلَاهُ الْأَوَّل.

أَوْ الْمُرَادُ: مُوَالَاةُ الْحِلْف ، فَإِذَا أَرَادَ الِانْتِقَالَ عَنْهُ ، لَا يَنْتَقِل إِلَّا بِإِذْنٍ. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ وَلَاءَ الْعِتْق ، لِعَطْفِهِ عَلَى قَوْله " مَنْ اِدَّعَى إِلَى غَيْر أَبِيهِ " ، وَالْجَمْع بَيْنَهُمَا بِالْوَعِيدِ، فَإِنَّ الْعِتْقَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَب، فَإِذَا نُسِبَ إِلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ ، كَانَ كَالدَّعِيِّ الَّذِي تَبَرَّأَ عَمَّنْ هُوَ مِنْهُ ، وَأَلْحَقَ نَفْسَهُ بِغَيْرِهِ ، فَيَسْتَحِقُّ بِهِ الدُّعَاءَ عَلَيْهِ بِالطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ عَنْ الرَّحْمَة.

ثُمَّ أَجَابَ عَنْ الْإِذْنِ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ ، وَقَالَ: لَيْسَ هُوَ لِلتَّقْيِيدِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَانِع، وَهُوَ إِبْطَالُ حَقِّ مَوَالِيه ، فَأَوْرَدَ الْكَلَامَ عَلَى مَا هُوَ الْغَالِب.

قال الشيخ ابن عثيمين في شرح كتاب الحج من صحيح البخاري (3/ 44):

حَمْلُه على ولاية العهد هو أقرب شيء ، لأنه في سياق المعاهدة ، فهو أقرب شيء ، فيكون إذا انتقل إلى ولاية معاهدة مع قوم " بغير إذن مواليه " استحق هذا الواجب.

يعني مثلاً فيما سبق ، يكون بين الإنسان وبين قبيلة من القبائل معاهدة يدخلون في عهده، دخل في عهده، كما فعل خزاعة مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية. فإذا دخل في عهدهم ، فإنه لا يحلُّ أن ينتقلَ إلى وَلاءِ آخرين إلا بإذن هؤلاء ، وحينئذٍ لا إشكال. أ. هـ

ص: 360

(حم)، وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِيمَانِ مِنْ عُنُقِهِ "(1)

(1)(حم) 14602 ، صَحِيح الْجَامِع: 6181 ، والصحيحة: 2329

ص: 361

(جة)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ فِرْيَةً (1) رَجُلٌ هَاجَى رَجُلًا ، فَهَجَا الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا (2) وَرَجُلٌ انْتَفَى مِنْ أَبِيهِ (3) وَزَنَّى أُمَّهُ (4) "(5)

(1)(فِريةً) أي: كذبا. فيض القدير - (2/ 10)

(2)

(بأسرها) أي: كلِّها ، لأجل إنسان واحد منهم ، كان منه ما يقتضيه ، لأن القبيلة لا تخلو من عبد صالح ، فهجَى الكلَّ ، فتورَّط في الكذب على التحقيق ، فلذلك قال:" أعظم فرية ".

أما من هجا واحدا مثلا من قبيلة ، فإنه ليس أعظم الناس فِرية - وإن كان مُفتريا أيضا - إذ يحرم هَجْوُ المسلم ، ولو تعريضا ، وكذبا وصدقا.

أما الكافر فيجوز هَجْوُه ، وكذا مسلمٌ مُبتدع ، ومتَظاهِرٌ بفسقه ، ذكره أصحابنا. فيض القدير - (2/ 10)

(3)

أَيْ: نَسَبَ نَفْسه إِلَى غَيْر أَبِيهِ.

(4)

أَيْ: جَعَلَهَا زَانِيَة ، لِأَنَّ كَوْنَهُ اِبْنًا لِلْغَيْرِ ، لَا يَكُون إِلَّا كَذَلِكَ. حاشية السندي على ابن ماجه (ج 7 / ص 157)

(5)

(جة) 3761 ، (خد) 874 ، (حب) 5785 ، صَحِيح الْجَامِع: 1066 ، الصَّحِيحَة: 763

ص: 362

(حم)، وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَعْظَمَ الْفِرْيَةِ (1) ثَلَاثٌ: أَنْ يَفْتَرِيَ الرَّجُلُ عَلَى عَيْنَيْهِ ، يَقُولُ: رَأَيْتُ ، وَلَمْ يَرَ ، وَأَنْ يَقُولَ: قَدْ سَمِعْتُ ، وَلَمْ يَسْمَعْ ، وَأَنْ يَفْتَرِيَ عَلَى وَالِدَيْهِ ، يُدْعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ "(2)

الشرح (3)

(1)(الفِرْية): الكذب. فيض القدير - (2/ 10)

(2)

(حم) 16058 ، قال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.

(3)

قلت: وهذا للأسف الشديد حاصلٌ في زمانِنا هذا ، وإن اختلفت الطُّرق والأسباب.

فمما هو مُشاهَد في بعض البلدان مثلا ، أن تقوم المرأة بعد زواجها بتغيير اسم عائلتها في الوثائق الرسمية كبطاقة الهوية ، وجواز السفر ، إلى اسم عائلة زوجِها ، فهذا الفعل يقعُ فاعله تحت باب الوعيد والتهديد.

وكذلك الحال في بعض القرى والبوادي ، إن جاءت عائلة صغيرة ، أو ضعيفة لتسكن في قرية غير قريتها الأصلية ، فإنها تقوم بالانتساب لعائلة قوية كثيرة العدد من نفس القرية التي ترغب في سكنها ، وذلك لتحصل على الحماية من تلك العائلة القوية.

وكذلك الحال فيمن يتبنَّى طِفلا يتيما ، ويريد أن يربيه ويعتني به ، فإن كفالة اليتيم وإن كانت من أعظم وأفضل الأعمال في الإسلام ، إلا أنه لا يجوز شرعا لكافل اليتيم أن يغيِّرَ اسمَ عائلةِ الطفل ، حتى وإن كان هذا الطفل لَقيطا ، لا يُعرَف من هو والده الحقيقي.

فلو كان اسمه (زيد) مثلا ، فيكون اسمه في الوثائق: زيد بن عبد الله. أما أن يُنْسَبَ إلى للكافل ، فهذا لا يجوز مطلقا. ع

ص: 363

(خ)، وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه لِصُهَيْبٍ رضي الله عنه: اتَّقِ اللهَ وَلَا تَدَّعِ إِلَى غَيْرِ أَبِيكَ ، فَقَالَ صُهَيْبٌ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا وَأَنِّي قُلْتُ ذَلِكَ ، وَلَكِنِّي سُرِقْتُ وَأَنَا صَبِيٌّ. (1)

الشرح (2)

(1)(خ) 2106

(2)

كَانَ صُهَيْبٌ يَقُولُ: إِنَّهُ اِبْنُ سِنَانِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ عَقِيلٍ ، وَيَسُوقُ نَسَبًا يَنْتَهِي إِلَى النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ ، وَأَنَّ أُمَّهُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَكَانَ لِسَانُهُ أَعْجَمِيًّا ، لِأَنَّهُ رُبِّيَ بَيْنَ الرُّومِ ، فَغَلَبَ عَلَيْهِ لِسَانُهُمْ، وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ عَنْ حَاطِبٍ قَالَ: " قَالَ عُمَرُ لِصُهَيْبٍ: مَا وَجَدْتُ عَلَيْكَ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: اكْتَنَيْتَ أَبَا يَحْيَى، وَأَنَّك لَا تُمْسِكُ شَيْئًا، وَتُدْعَى إِلَى النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ ، فَقَالَ: أَمَّا الْكُنْيَةُ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَنَّانِي.

وَأَمَّا النَّفَقَةُ ، فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} .

وَأَمَّا النَّسَبُ ، فَلَوْ كُنْت مِنْ رَوْثَةٍ لَانْتَسَبْتُ إِلَيْهَا، وَلَكِنْ كَانَ الْعَرَبُ يَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، فَسَبَانِي نَاسٌ بَعْدَ أَنْ عَرَفْتُ مَوْلِدِي وَأَهْلِي ، فَبَاعُونِي ، فَأَخَذْت بِلِسَانِهِمْ " ، يَعْنِي لِسَانَ الرُّومِ.

وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَأَحْمَدُ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُكَنَّى أَبَا يَحْيَى، وَيَقُولُ: إِنَّهُ مِنْ الْعَرَبِ، وَيُطْعِمُ الْكَثِيرَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَنَّانِي، وَإِنِّي رَجُلٌ مِنْ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ مِنْ أَهْلِ الْمَوصِلِ ، وَلَكِنْ سَبَتْنِي الرُّومُ غُلَامًا صَغِيرًا بَعْدَ أَنْ عَقَلْتُ قَوْمِي ، وَعَرَفْتُ نَسَبِي، وَأَمَّا الطَّعَامُ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ ".

فَهَذِهِ طُرُقٌ تُقَوِّي بَعْضَهَا بِبَعْضٍ ، فَلَعَلَّهُ اِتَّفَقَتْ لَهُ هَذِهِ الْمُرَاجَعَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُمَرَ مَرَّةً ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أُخْرَى، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ اِخْتِلَافُ السِّيَاقِ. فتح الباري (7/ 53)

ص: 364