الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُكْمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكَبَائِر
قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (1)
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَأكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ، وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (2)
وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأذَنْ بِهِ اللهُ} (3)
(1)[المائدة/44]
(2)
[الأنعام: 121]
(3)
[الشورى: 21]
(ت طب)، وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ:(أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: " يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ (1)") (2) (فَطَرَحْتُهُ) (3) (وَسَمِعْتُهُ " يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ (4) وَرُهْبَانَهُمْ (5) أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} (6)) (7)(حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا " ، فَقُلْتُ: إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ ، فَقَالَ: " أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ؟ ، وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟ " ، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: " فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ ")(8)
الشرح (9)
(1)(الْوَثَنَ): كُلُّ مَا لَهُ جُثَّةٌ مَعْمُولَةٌ مِنْ جَوَاهِرِ الْأَرْضِ ، أَوْ مِنْ الْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ ، كَصُورَةِ الْآدَمِيِّ، وَالصَّنَمُ: الصُّورَةُ بِلَا جُثَّةٍ. تحفة (7/ 418)
(2)
(ت) 3095 ، (طب)(17/ 92ح218)، انظر غاية المرام: 6
(3)
(طب)(17/ 92ح218)
(4)
أَيْ: عُلَمَاءَ الْيَهُودِ. تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 418)
(5)
أَيْ: عُبَّادَ النَّصَارَى. تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 418)
(6)
[التوبة/31]
(7)
(ت) 3095 ، (طب)(17/ 92ح218)، انظر غاية المرام: 6
(8)
(طب)(17/ 92ح218) ، (ت) 3095 ، انظر غاية المرام: 6
(9)
قَالَ فِي " فَتْحِ الْبَيَانِ ": فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا يَزْجُرُ مَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ عَنْ التَّقْلِيدِ فِي دِينِ اللهِ، وَإيثَارُ مَا يَقُولُهُ الْأَسْلَافُ عَلَى مَا فِي الْكِتَاب الْعَزِيزِ وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ ، فَإِنَّ طَاعَةَ الْمُتَمَذْهِبِ لِمَنْ يَقْتَدِي بِقَوْلِهِ ، وَيَسْتَنُّ بِسُنَّتِهِ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِمَا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ ، وَقَامَتْ بِهِ حُجَجُ اللهِ وَبَرَاهِينُهُ ، هُوَ كَاِتِّخَاذِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِلْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ ، لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوهُمْ ، بَلْ أَطَاعُوهُمْ وَحَرَّمُوا مَا حَرَّمُوا ، وَحَلَّلُوا مَا حَلَّلُوا، وَهَذَا هُوَ صَنِيعُ الْمُقَلِّدِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِهِ مِنْ شَبَهِ الْبَيْضَةِ بِالْبَيْضَةِ، وَالتَّمْرَةِ بِالتَّمْرَةِ، وَالْمَاءِ بِالْمَاءِ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ مَا بَالُكُمْ تَرَكْتُمْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ جَانِبًا ، وَعَمَدْتُمْ إِلَى رِجَالٍ هُمْ مِثْلُكُمْ فِي تَعَبُّدِ اللهِ لَهُمْ بِهِمَا، وَطَلَبِهِ لِلْعَمَلِ مِنْهُمْ بِمَا دَلَّا عَلَيْهِ وَأَفَادَاهُ ، فَعَمِلْتُمْ بِمَا جَاءُوا بِهِ مِنْ الْآرَاءِ الَّتِي لَمْ تُعْمَدْ بِعِمَادِ الْحَقِّ، وَلَمْ تُعْضَدْ بِعَضُدِ الدِّينِ ، وَنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، تُنَادِي بِأَبْلَغِ نِدَاءٍ، وَتُصَوِّتُ بِأَعْلَى صَوْتٍ بِمَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَيُبَايِنُهُ، فَأَعَرْتُمُوهَا آذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا، وَأَذْهَانًا كَلِيلَةً، وَخَوَاطِرَ عَلِيلَةً، وَأَنْشَدْتُمْ بِلِسَانِ الْحَالِ:
وَمَا أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّةَ ، إِنْ غَوَتْ غَوَيْت
…
وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ. اِنْتَهَى.
وَقَالَ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: " قَالَ شَيْخُنَا وَمَوْلَانَا خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ وَالْمُجْتَهِدِينَ رضي الله عنه: قَدْ شَاهَدْتُ جَمَاعَةً مِنْ مُقَلِّدَةِ الْفُقَهَاءِ ، قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ ، فَكَانَتْ مَذَاهِبُهُمْ بِخِلَافِ تِلْكَ الْآيَاتِ فَلَمْ يَقْبَلُوا تِلْكَ الْآيَاتِ ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهَا ، وَبَقَوْا يَنْظُرُونَ إِلَيَّ كَالْمُتَعَجِّبِ يَعْنِي: كَيْفَ يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِظَوَاهِرِ هَذِهِ الْآيَاتِ؟ ، مَعَ أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْ سَلَفِنَا وَرَدَتْ إِلَى خِلَافِهَا؟.
وَلَوْ تَأَمَّلْتَ حَقَّ التَّأَمُّلِ ، وَجَدْتَ هَذَا الدَّاءَ سَارِيًا فِي عُرُوقِ الْأَكْثَرِينَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ". اِنْتَهَى. تحفة الأحوذي (ج 7 / ص 418)
(مش)، وَعَنْ طَاوُسٍ قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ، قَالَ: هُوَ بِهِ كُفْرٌ، وَلَيْسَ كَمَنْ كَفَرَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ. (1)
(1) مشكل الآثار للطحاوي - (ج 2 / ص 342 ح716) ، وصححه الألباني في كتاب الإيمان لابن تيمية ص116