الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْغَدْرُ مِنَ الْكَبَائِر
(خ م حم)، عَنْ نَافِعٍ قَالَ:(لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ (1) جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما حَشَمَهُ (2) وَوَلَدَهُ ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:) (3)(" لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ (4) يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (5)(يُنْصَبُ لَهُ)(6)(بِغَدْرَتِهِ (7)) (8)(عِنْدَ اسْتِهِ (9)) (10)(يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ (11)) (12)(أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ مِنْ غَدْرَةِ أَمِيرِ عَامَّةٍ ")(13)(وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللهِ وَرَسُولِهِ (14) وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ غَدْرًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايِعَ رَجُلٌ رَجُلًا عَلَى بَيْعِ اللهِ وَرَسُولِهِ ، ثُمَّ يَنْصِبُ لَهُ الْقِتَالَ) (15)(فلَا يَخْلَعَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَزِيدَ ، وَلَا يُشْرِفَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ فِي هَذَا الْأَمْرِ)(16)(فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ ، وَلَا تَابَعَ فِي هَذَا الْأَمْرِ ، إِلَّا كَانَتْ الْفَيْصَلَ (17) فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ) (18).
الشرح (19)
(1) وَكَانَ السَّبَبُ أَنَّ يَزِيدَ بْن مُعَاوِيَة كَانَ أَمَّرَ عَلَى الْمَدِينَة اِبْنَ عَمِّه عُثْمَانَ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي سُفْيَان، فَأَوْفَدَ إِلَى يَزِيدَ جَمَاعَةً مِنْ أَهْل الْمَدِينَة ، مِنْهُمْ عَبْد الله بْن غَسِيل الْمَلَائِكَة ، حَنْظَلَة بْن أَبِي عَامِر ، وَعَبْد الله بْن أَبِي عَمْرو بْن حَفْص الْمَخْزُومِيّ فِي آخَرِينَ ، فَأَكْرَمَهُمْ وَأَجَازَهُمْ، فَرَجَعُوا فَأَظْهَرُوا عَيْبَهُ ، وَنَسَبُوهُ إِلَى شُرْبِ الْخَمْر وَغَيْر ذَلِكَ، ثُمَّ وَثَبُوا عَلَى عُثْمَان فَأَخْرَجُوهُ وَخَلَعُوا يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَة ، فَبَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدُ ، فَجَهَّزَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا مَعَ مُسْلِم بْن عُقْبَةَ الْمُرِّيِّ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَهُمْ ثَلَاثًا ، فَإِنْ رَجَعُوا ، وَإِلَّا فَقَاتِلْهُمْ، فَإِذَا ظَهَرْتَ ، فَأَبِحْهَا لِلْجَيْشِ ثَلَاثًا ، ثُمَّ اُكْفُفْ عَنْهُمْ ، فَتَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ ، فَوَصَلَ فِي ذِي الْحِجَّة سَنَةَ ثَلَاثِينَ ، فَحَارَبُوهُ، وَكَانَ الْأَمِيرُ عَلَى الْأَنْصَارِ عَبْدُ الله بْن حَنْظَلَة ، وَعَلَى قُرَيْش: عَبْدُ الله بْن مُطِيع ، وَعَلَى غَيْرهمْ مِنْ الْقَبَائِل: مَعْقِل بْن يَسَار الْأَشْجَعِيُّ، وَكَانُوا اِتَّخَذُوا خَنْدَقًا، فَلَمَّا وَقَعَتْ الْوَقْعَةُ اِنْهَزَمَ أَهْل الْمَدِينَة، فَقُتِلَ ابْن حَنْظَلَة، وَفَرَّ ابْنُ مُطِيع، وَأَبَاحَ مُسْلِمُ بْن عُقْبَةَ الْمَدِينَة ثَلَاثًا، فَقَتَلَ جَمَاعَةً صَبْرًا، مِنْهُمْ مَعْقِل بْن سِنَان ، وَمُحَمَّد بْن أَبِي الْجَهْم بْن حُذَيْفَة ، وَيَزِيد بْن عَبْد الله بْن زَمْعَةَ ، وَبَايَعَ الْبَاقِينَ عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لِيَزِيدَ ، يَحْكُمُ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهمْ وَأَهْلِهِمْ بِمَا شَاءَ ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ الْحِرَّةِ فِي ذِي الْقَعْدَة ، سَنَة ثَلَاث وَسِتِّينَ. فتح الباري (ج 20 / ص 118)
(2)
أَيْ: خَدَمه وَمَنْ يَغْضَب لَهُ. فتح الباري (ج 20 / ص 118)
(3)
(خ) 6694
(4)
أَيْ: عَلَمَ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 247)
(5)
(خ) 6565
(6)
(خ) 5824
(7)
أَيْ: بِقَدْرِ غَدْرَته ، كَمَا فِي رِوَايَة مُسْلِم.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: هَذَا خِطَابٌ مِنْهُ لِلْعَرَبِ بِنَحْوِ مَا كَانَتْ تَفْعَل، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرْفَعُونَ لِلْوَفَاءِ رَايَةً بَيْضَاء، وَلِلْغَدْرِ رَايَةً سَوْدَاء، لِيَلُومُوا الْغَادِرَ وَيَذُمُّوهُ، فَاقْتَضَى الْحَدِيثُ وُقُوعَ مِثْلِ ذَلِكَ لِلْغَادِرِ ، لِيَشْتَهِرَ بِصِفَتِهِ فِي الْقِيَامَة ، فَيَذُمَّهُ أَهْلُ الْمَوْقِف. فتح الباري (ج 9 / ص 468)
(8)
(خ) 3016
(9)
أي: عند مُؤخِّرته.
(10)
(م) 1738
(11)
أَيْ: هذه عَلَامَةُ غَدْرَته؛ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ شُهْرَتُه، وَأَنْ يَفْتَضِحَ بِذَلِكَ عَلَى رُءُوس الْأَشْهَاد، وَفِيهِ تَعْظِيمُ الْغَدْر ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْآمِرِ أَوْ الْمَأمُور. فتح الباري (ج 20 / ص 118)
(12)
(خ) 5823 ، (م) 1735
(13)
(م) 1738
(14)
أَيْ: عَلَى شَرْطِ مَا أَمَرَ اللهُ وَرَسُولُه بِهِ مِنْ بَيْعَة الْإِمَام، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ بَايَعَ أَمِيرًا فَقَدْ أَعْطَاهُ الطَّاعَة ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْعَطِيَّة ، فَكَانَ شَبِيهَ مَنْ بَاعَ سِلْعَة وَأَخَذَ ثَمَنَهَا.
وَقِيلَ: إِنَّ أَصْلَهُ أَنَّ الْعَرَب كَانَتْ إِذَا تَبَايَعَتْ تَصَافَقَتْ بِالْأَكُفِّ عِنْدَ الْعَقْد، وَكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ إِذَا تَحَالَفُوا، فَسَمَّوْا مُعَاهَدَةَ الْوُلَاةِ وَالْتِمَاسُكَ فِيهِ بِالْأَيْدِي بَيْعَة ، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث عَبْد الله بْن عَمْرو رَفَعَهُ:" مَنْ بَايَعَ إِمَامًا ، فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِه ، وَثَمَرَةَ قَلْبِه ، فَلْيُطِعْهُ مَا اِسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُنَازِعهُ ، فَاضْرِبُوا عُنُق الْآخَر ". فتح الباري (ج 20 / ص 118)
(15)
(خ) 6694
(16)
(حم) 5088 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(17)
أَيْ: الْقَاطِعَة ، وَهِيَ فَيْعَل ، مِنْ فَصَلَ الشَّيْء إِذَا قَطَعَهُ. فتح (20/ 118)
(18)
(خ) 6694
(19)
فِي الْحَدِيث غِلَظُ تَحْرِيمِ الْغَدْر ، لَا سِيَّمَا غَدْرُ صَاحِبِ الْوِلَايَة الْعَامَّة ، لِأَنَّ غَدْرَهُ يَتَعَدَّى ضَرَرُهِ إِلَى خَلْقٍ كَثِير ، فالْمُرَاد: نَهْيُ الرَّعِيَّةِ عَنْ الْغَدْرِ بِالْإِمَامِ ، فَلَا تَخْرُجْ عَلَيْهِ ، وَلَا تَتَعَرَّضْ لِمَعْصِيَتِهِ ، لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْفِتْنَة.
وَفِيهِ أَنَّ النَّاسَ يُدْعَوْنَ يَوْم الْقِيَامَة بِآبَائِهِمْ ، لِقَوْلِهِ " هَذِهِ غَدْرَة فُلَان اِبْن فُلَان ".
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وُجُوبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ الَّذِي اِنْعَقَدَتْ لَهُ الْبَيْعَة ، وَالْمَنْعُ مِنْ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ ، وَلَوْ جَارَ فِي حُكْمِه ، وَأَنَّهُ لَا يَنْخَلِعُ بِالْفِسْقِ. فتح (9/ 468)
(جة حم)، وَعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ الْقِتْبَانِيِّ قَالَ:(كُنْتُ أَقُومُ عَلَى رَأسِ الْمُخْتَارِ (1) فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ كَذِبَهُ ، هَمَمْتُ وَايْمُ اللهِ (2) أَنْ أَسُلَّ سَيْفِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ ، فَتَذَكَّرْتُ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيِّ رضي الله عنه) (3) (سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَمَّنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ ، فَإِنَّهُ يَحْمِلُ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ") (4)
(1) هو: المُخْتَارُ بنُ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ الكَذَّابُ ، كَانَ وَالِدُهُ الأَمِيْرُ: أَبُو عُبَيْدٍ بنُ مَسْعُوْدِ الثَّقَفِيُّ، قَدْ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ نَعْلَمْ لَهُ صُحْبَةً.
اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ عَلَى جَيْشٍ، فَغَزَا العِرَاقَ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ وَقْعَةُ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ.
وَنَشَأَ المُخْتَارُ، فَكَانَ مِنْ كُبَرَاءِ ثَقِيْفٍ، وَذَوِي الرَّأيِ، وَالفَصَاحَةِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَالدَّهَاءِ، وَقِلَّةِ الدِّيْنِ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " يَكُوْنُ فِي ثَقِيْفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيْرٌ " ، فَكَانَ الكَذَّابُ هَذَا، ادَّعَى أَنَّ الوَحْيَ يَأتِيهِ، وَأَنَّهُ يَعْلَمُ الغَيْبَ، وَكَانَ المُبِيْرُ: الحَجَّاجَ. سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 538)
(2)
(وَايْمُ اللهِ) أي: وَاللهِ.
(3)
(حم) 21996 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(4)
(جة) 2688 ، انظر الصَّحِيحَة: 440
(ن ك)، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِذَا اطْمَأَنَّ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ، ثُمَّ قَتَلَهُ بَعْدَمَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ)(1)(رُفِعَ لِوَاءُ غَدْرٍ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ")(2)
(1)(ك) 8040 ، انظر الصحيحة تحت حديث: 440
(2)
(ن) 8741 ، انظر صحيح الجامع: 357
(حب)، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَيُّمَا رَجُلٍ أَمَّنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ ، فَأَنَا مِنْ الْقَاتِلِ بَرِيءٌ ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا "(1)
(1)(حب) 5982 ، (حم) 21997 ، (هق) 18203 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 6103، وصَحِيحِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 3007 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في (حب): إسناده حسن.