المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرب الخمر من الكبائر - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ٥

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌الِابْتِدَاعُ فِي الدِّينِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اتِّخَاذُ المْسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْحُكْمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشَّفَاعَةُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّبَرُّءُ مِنَ الْإسْلَامِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌جَوَازُ الْحَلِفِ بِصِفِاتِ اللهِ عز وجل

- ‌الْجِدَالُ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَكْفِيرُ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْخُرُوجُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إخْفَارُ ذِمَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِشْهَارُ السِّلَاحِ فِي وَجْهِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْغَدْرُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإخْلَافُ بِالْوَعْدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْقَتْلُ غِيلةً مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الِانْتِحَارُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌بُغْضُ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الرِّبَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَطْعُ الرَّحِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اللِّوَاطُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الزِّنَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌شُرْبُ الْخَمْرِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اَلِاسْتِمَاعُ لِلْمَعَازِفِ الْمُحَرَّمَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُجَاهَرَةُ بَالْمَعْصِيَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اَلْإلْحَادُ فِي الْحَرَم الْمَكِّيِّ أَوِ الْمَدَنِيِّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَطْعِ شَجَرِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ الرَّطْب مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَصْوِيرُ ذَوَاتُ الْأَرْوَاحِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّرْخِيصُ في لُعَبِ الْأَطْفَال

- ‌إظْهَارُ الصَّلَاحِ أَمَامَ النَّاسِ وَارْتِكَابُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي غِيَابِهِمْ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌كَوْنُ الْمَرْءِ ذَا وَجْهَينِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَعَدَمُ إتْيَانِهِ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإتْيَانِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ اَلْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمَعْرُوفِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ الِاسْتِنْزَاهِ مِنَ الْبَوْل مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ الصَّلَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ مُتَعَمِّدًا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّخَلُّفُ عَنِ الْجُمُعَةِ بِدُونِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌السّرْعَةُ الْمُخِلَّةُ بِفَرائِضِ الصَّلَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَنْعُ الزَّكَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشُّحُّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإفْطَارُ فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌صَوْمُ الدَّهْرِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ دَفْعِ الْمَهْرِ لِلزَّوْجَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِتْيَانُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِتْيَانُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ الْحَائِضَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إتْيَانُ الرِّجُلِ أَمَتَهُ الْحَامِلَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ الْعَدْلِ بَيْنَ الزَّوْجَات مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ الْإنْفَاقِ عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الدَّيَاثَةُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌انْتِفَاءُ الرَّجُلِ مِنْ وَلَدِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّبَرُّءُ مِنَ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الطَّعْنُ فِي الْأنْسَابِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ تَمْكِينِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا مِنْ نَفْسِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إنْكَارُ الْمَرْأَةِ إِحْسَانَ زَوْجِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عِصْيَانُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌طَلَبُ الْمَرْأَةِ اَلطَّلَاقَ مِنَ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَبَرُّجُ الْمَرْأَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْوَشْمُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌النَّمْصُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌وَصْلُ الشَّعْر مِنَ الْكَبَائِر

- ‌صَبْغُ الشَّعْرِ بِاللَّوْنِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَنْعُ الْمَرْأَةِ طِفِلَهَا مِنْ لَبَنِهَا بِلَا عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اسْتِحْمَامُ النِّسَاءِ فِي الْحَمَّامَاتِ الْعَامَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ ، وَتَشَبُّهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَال مِنَ الْكَبَائِر

- ‌لِبْسُ الذُّكُورِ الذَّهَبَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْإنَاثِ الذَّهَبَ الْمُحَلَّقَ

- ‌لُبْسُ الذُّكُورِ الْحَرِيرَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشُّرْبُ فِي آنِيَةِ الذَهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْكَذِبُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَقْسَامُ الْكَذِب

- ‌الْكَذِبُ عَلَى الله

- ‌الْكَذِبُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْكَذِبُ فِي الرُّؤْيَا

- ‌الْكَذِبُ عَلَى النَّاس

- ‌الْكَذِبُ فِي الْحَدِيث

- ‌قَوْلُ الزُّور

- ‌التَّشَبُّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ

- ‌قَذْفُ الْمُحْصِنَاتِ

- ‌الِافْتِرَاءُ عَلَى الْمُؤْمِنِ

- ‌الْكَذِبُ فِي الْمُزَاحِ

- ‌اللَّعْنُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الصَّحَابَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْغِيبَةُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإفْسَادُ بَيْنَ النَّاسِ (النَّمِيمَة) مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إنْفَاقُ السِّلْعَةِ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌النِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ مِنَ الْكَبَائِر

الفصل: ‌شرب الخمر من الكبائر

‌شُرْبُ الْخَمْرِ مِنَ الْكَبَائِر

قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ، فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (1)

(ك)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ، فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ (2) "(3)

(1)[المائدة: 90، 91]

(2)

لإِنَّهَا تُزِيل الْعَقْل ، فَلَا يُبَالِي بِشَيْءٍ ، فَقَدْ اِنْفَتَحَ لَهُ بَابُ الشَّرِّ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُغْلَقًا بِقَيْدِ الْعَقْل ، ولهذا سُمِّيَتِ الخمرُ أمَّ الخبائث. حاشية السندي على ابن ماجه - (6/ 354)

(3)

(ك) 7231 ، (هب) 5588 ، الصَّحِيحَة: 2798 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2368

ص: 182

(قط)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْخَمْرُ أُمُّ الْفَوَاحِشِ، وَأَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، مَنْ شَرِبَهَا وَقَعَ (1) عَلَى أُمِّهِ وَخَالَتِهِ ، وَعَمَّتِهِ (2) "(3)

(1) أَيْ: جَامَعَ.

(2)

يظن أنها زوجته وهو لا يشعر ، ومن ثَمَّ جعلها الله مفتاحَ كل إثم ، كما جعل الغناء مفتاحَ الزنا ، وإطلاقُ النظر في الصور مفتاحَ العشق ، والكسلَ والراحةَ مفتاحَ الخيبة والحرمان ، والمعاصي مفتاحَ الكفر ، والكذب مفتاحَ النفاق ، والحرص مفتاحَ البخل ، وهذه أمورٌ لا يصدِّقُ بها إلا من له بصيرة صحيحة ، ولبٌّ يعرف به ما في نفسه ، وما في الوجود من خير وشر. فيض القدير - (3/ 676)

(3)

(قط) ج4ص247 ح3 ، (طب) 11372 ، صَحِيح الْجَامِع: 3345 ، الصَّحِيحَة: 1853

ص: 183

(طب)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ ، مَشَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ، وَقَالُوا: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ ، وَجُعِلَتْ عِدْلًا لِلشِّرْكِ (1). (2)

(1) يُشِير إِلَى قَوْله تَعَالَى: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ)[المائدة: 90].

(2)

(طب) 12399 ، (ك) 7227 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2371

ص: 184

(طب)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ مَاتَ وَهُوَ مُدْمِنَ خَمْرٍ ، لَقِيَ اللهَ كَعَابِدِ وَثَنٍ "(1)

(1)(طب) 12428 ، (حم) 2453 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 6549، الصَّحِيحَة: 677

ص: 185

(جة مسند الحارث)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عمرو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" شَارِبُ الْخَمْرِ)(1) وفي رواية: (مُدْمِنُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ (2)) (3)(وَشَارِبُ الْخَمْرِ ، كَعَابِدِ اللَّاتِ وَالْعُزَّى ")(4)

(1) مسند الحارث: 540

(2)

إِنَّ الله تَعَالَى جَمَعَ شُرْبَ الْخَمْرِ مَعَ عَابِدِ الْوَثَنِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْخَمْر وَالْمَيْسِر والْأَنْصَابُ} أي: الأصنام المنصوبة حول الكعبة ، وَأَيْضًا هُمَا سَوَاء فِي عَدَم قَبُولِ الصَّلَاة ، فَإِنَّ الْكَافِرَ لَوْ صَلَّى لَمْ تُقْبَلْ صَلَاتُه. حاشية السندي على ابن ماجه - (6/ 357)

قال الشوكاني: هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ، لأنَّ عَابِدَ الْوَثَنِ أَشَدُّ الْكَافِرِينَ كُفْرًا، فَالتَّشْبِيهُ لِفَاعِلِ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ بِفَاعِلِ الْعِبَادَةِ لِلْوَثَنِ مِنْ أَعْظَمِ الْمُبَالَغَةِ وَالزَّجْرِ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ. نيل الأوطار (13/ 95)

(3)

(جة) 3375

(4)

مسند الحارث: 540 ، وصححه الألباني في تخريج كتاب الإيمان لابن سلام ص96 ، وصَحِيح الْجَامِع: 3701

ص: 186

(س)، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: مَا أُبَالِي شَرِبْتُ الْخَمْرَ أَوْ عَبَدْتُ هَذِهِ السَّارِيَةَ مِنْ دُونِ اللهِ عز وجل (1) " (2)

(1) يُرِيد أَنَّهُ لَا فَرْق بَيْن الشِّرْكِ وَشُرْبِ الْخَمْر عِنْدَه. شرح سنن النسائي (7/ 203)

وهذا محمولٌ على التغليظ ، كما في حديث:" ولا يشرب الخمر حين يشربُها وهو مؤمن " ، وذلك بنفيِ كمالِ الإيمان ، وتشبيهِه بعبادة الأوثان من حيث تقاربِهِما في نفيِ الاسم ، حيث أن كلًّا منهما نُفي عنه الإيمان ، وإن كانت جهة النفي مختلفة. ذخيرة العُقبى ج40ص273

(2)

(س) 5663 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2365، وهداية الرواة: 3586

ص: 187

(س)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي ، فَيَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا (1) "(2)

(1) ذُكِرَ فِي حِكْمَةِ ذَلِكَ أَنَّهَا تَبْقَى فِي عُرُوقِهِ وَأَعْصَابِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. شرح سنن النسائي - (7/ 204)

(2)

(س) الأشربة (5664) ، و (حم) 6854

ص: 188

(قط)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْخَمْرُ أُمُّ الْخَبَائِثِ (1) وَمَنْ شَرِبَهَا لَمْ يَقْبَلِ اللهُ مِنْهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، فَإِنْ مَاتَ وَهِيَ فِي بَطْنِهِ ، مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً (2) "(3)

(1) أي: تجتمع فيها ، وترجع كلُّها إليها ، لأنها تُغطِّي العقل ، فَتُعمي بصيرته عن مقابِح المعاصي فيرتكبُها ، فتجتمع عليه المآثم. فيض القدير (3/ 678)

(2)

الْمُرَاد بِالْمِيتَةِ الْجَاهِلِيَّة: حَالَةُ الْمَوْتِ ، كَمَوْتِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّة عَلَى ضَلَال ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَمُوت كَافِرًا ، بَلْ يَمُوتُ عَاصِيًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون التَّشْبِيهُ عَلَى ظَاهِره ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمُوتُ مِثْلَ مَوْتِ الْجَاهِلِيّ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ جَاهِلِيًّا، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ مَوْرِد الزَّجْرِ وَالتَّنْفِير، وَظَاهِرُه غَيْرُ مُرَاد. فتح الباري - (20/ 58)

(3)

(قط) ج4ص247 ح1 ، (طس) 3667 ، صَحِيح الْجَامِع: 3344 ، الصَّحِيحَة: 1854

ص: 189

(س)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:" مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَلَمْ يَنْتَشِ (1) لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ مَا دَامَ فِي جَوْفِهِ أَوْ عُرُوقِهِ مِنْهَا شَيْءٌ ، وَإِنْ مَاتَ ، مَاتَ كَافِرًا (2) وَإِنْ انْتَشَى ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، وَإِنْ مَاتَ فِيهَا ، مَاتَ كَافِرًا "(3)

(1) الِانْتِشَاء: هُوَ السُّكْر نَفْسه.

(2)

أَيْ: كان كالكافر في عدمِ قَبول صلاته. ذخيرة العقبى (40/ 286)

(3)

(س) 5668 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2383 ، وقال المنذري: رواه (س) موقوفا على ابن عمر. قال في الذخيرة: ومثل هذا لا يُقال بالرأي ، فله حُكم الرَّفْع.

ص: 190

(ت س جة حب)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ (1) لَمْ يَقْبَلْ اللهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا (2)) (3)(وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ)(4)(فَإِنْ تَابَ (5) تَابَ اللهُ عَلَيْهِ (6) فَإِنْ عَادَ (7) لَمْ يَقْبَلْ اللهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا) (8)(وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ)(9)(فَإِنْ تَابَ ، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ ، لَمْ يَقْبَلْ اللهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا)(10)(وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ)(11)(فَإِنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ ، لَمْ يَقْبَلْ اللهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ ، لَمْ يَتُبْ اللهُ عَلَيْهِ)(12)(وَكَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ")(13)(قَالُوا: وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: " عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ (14) ") (15)

(1) أَيْ: وَلَمْ يَتُبْ مِنْهُ. تحفة الأحوذي - (5/ 81)

(2)

أَيْ: لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوَابٌ ، وَإِنْ بَرِأَتْ الذِّمَّةُ وَسَقَطَ الْقَضَاءُ بِأَدَاءِ أَرْكَانِهِ مَعَ شَرَائِطِهِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: إِنَّ لِكُلِّ طَاعَةٍ اِعْتِبَارَيْنِ: أَحَدُهُمَا: سُقُوطُ الْقَضَاءِ عَنْ الْمُؤَدِّي، وَثَانِيهِمَا: تَرْتِيبُ حُصُولِ الثَّوَابِ، فَعَبَّرَ عَنْ عَدَمِ تَرْتِيبِ الثَّوَابِ بِعَدَمِ قَبُولِ الصَّلَاةِ. اِنْتَهَى.

وَخَصَّ الصَّلَاةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا سَبَبُ حُرْمَتِهَا ، أَوْ لِأَنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ، كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ أُمُّ الْعِبَادَاتِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى:{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} .

وَقَوْلِهِ " أَرْبَعِينَ صَبَاحًا " يُرَادَ بِهِ الْيَوْمُ ، أَيْ: صَلَاةُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. تحفة الأحوذي - (5/ 81)

(3)

(ت) 1862 ، (حم) 6644

(4)

(جة) 3377

(5)

أَيْ: مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ ، بِالْإِقْلَاعِ وَالنَّدَامَةِ. تحفة الأحوذي (5/ 81)

(6)

أَيْ: قَبِلَ تَوْبَتَهُ. تحفة الأحوذي - (5/ 81)

(7)

أَيْ: إِلَى شُرْبِهَا. تحفة الأحوذي - (5/ 81)

(8)

(ت) 1862

(9)

(جة) 3377

(10)

(ت) 1862

(11)

(جة) 3377

(12)

(ت) 1862

(13)

(س) 5670 ، (جة) 3377

(14)

عُصَارَة أَهْل النَّار: صَدِيدُهمْ ، وصديدُ الجُرح: ماؤُه المُختلط بالدَّم الرقيق قبل أن تَغْلُظ الْمِدَّة. المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (18/ 29)

(15)

(حب) 5357 ، (ت) 1862 ، (حم) 4917 ، صَحِيح الْجَامِع: 6312 ، الصَّحِيحَة: 2039 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2383 ، 2384

ص: 191

(حم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ تَرَكَ الصَلَاةَ سُكْرًا مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَكَأَنَّمَا كَانَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا فَسُلِبَهَا ، وَمَنْ تَرَكَ الصَلَاةَ سُكْرًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ عز وجل أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ "، قِيلَ: وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ، قَالَ:" عُصَارَةُ أَهْلِ جَهَنَّمَ "(1)

(1)(حم) 6659 ، الصَّحِيحَة: 3419 ، وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2385

ص: 192

(م)، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ الْيَمَنِ ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنْ الذُّرَةِ ، يُقَالُ لَهُ: الْمِزْرُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَوَمُسْكِرٌ هُوَ؟ "، قَالَ: نَعَمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ، إِنَّ عَلَى اللهِ عز وجل عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ "، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ ، قَالَ:" عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ "(1)

(1)(م) 72 - (2002) ، (س) 5709

ص: 193

(طس)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: جَلَسَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا أَعْظَمَ الْكَبَائِرِ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ فِيهَا عِلْمٌ، فَأَرْسَلُونِي إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أَعْظَمَ الْكَبَائِرِ شُرْبَ الْخَمْرِ، فَأَتَيْتُهُمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ، فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ ، وَوَثَبُوا إِلَيْهِ جَمِيعًا، فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ مَلِكًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَخَذَ رَجُلًا فَخَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ، أَوْ يَقْتُلَ صَبِيًّا، أَوْ يَزْنِيَ، أَوْ يَأكُلَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، أَوْ يَقْتُلُوهُ إِنْ أَبَى، فَاخْتَارَ أَنَّهُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَأَنَّهُ لَمَّا شَرِبَ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ شَيْءٍ أرادوهُ مِنْهُ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَنَا حِينَئِذٍ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْرَبُهَا فَتُقْبَلُ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، وَلَا يَمُوتُ وَفِي مَثَانَتِهِ مِنْهَا شَيْءٌ إِلَّا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ ، وَإِنْ مَاتَ فِي الْأَرْبَعِينَ ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً "(1)

(1)(طس) 363 ، (ك) 7236 ، انظر الصَّحِيحَة: 2695

ص: 194

(س)، وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ: اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ ، فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ ، إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلَا قَبْلَكُمْ يَتَعَبَّدَ وَيَعْتَزِلُ النَّاسَ ، فَعَلِقَتْهُ (1) امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ جَارِيَتَهَا ، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّا نَدْعُوكَ لِلشَّهَادَةِ ، فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا ، فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ ، حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ (2) عِنْدَهَا غُلَامٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ (3) فَقَالَتْ: إِنِّي وَاللهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ ، وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ (4) أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأسًا ، أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ ، قَالَ: فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأسًا فَسَقَتْهُ كَأسًا ، فَقَالَ: زِيدُونِي ، فَلَمْ يَرِمْ (5) حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا ، وَقَتَلَ النَّفْسَ ، فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ ، وَإِنَّهُ وَاللهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ ، إِلَّا يُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ. (6)

(1) أَيْ: عَشِقْته وَأَحَبَّتْهُ.

(2)

أَيْ: حسناء.

(3)

الْبَاطِيَة: إِنَاء.

(4)

كناية عن الزنا.

(5)

أَيْ: فَلَمْ يَبْرَح.

(6)

(س) 5666

ص: 195

(حم)، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ، وَلَا مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلَا مُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ "(1)

(1)(حم) 27524 ، الصَّحِيحَة: 675 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2362

ص: 196

(س)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ (1) الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ (2) وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى " (3)

الشرح (4)

(1) أَيْ: لَا يَسْتَحِقُّونَ الدُّخُول اِبْتِدَاءً. شرح سنن النسائي - (4/ 48)

(2)

أَيْ: الْمُقَصِّر فِي أَدَاء الْحُقُوق إِلَيْهِمَا. شرح سنن النسائي - (4/ 48)

(3)

(س) 2562 ، (حم) 6180 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 3062 ، الصَّحِيحَة: 3099 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2070

(4)

الْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى منازعٌ لله تعالى صفتَه التي لا يستحقُّها غيرُه؛ لأن المِنَّة بالعطاء لا يستحقها إلا الله عز وجل وحده؛ لأنه يُعطي من مِلك نفسه، ويُعطي ما يعطي من غير وجوب، فإن الله عز وجل ليس بواجب عليه فعل شيء إذ له أن يعطي ، وله أن يمنع، فإذا أعطى من غير وجوب ، وأعطى من مِلكه لا ، من مِلك غيره ، استحقَّ الامتنان، فأما من دونه ، فإنه إذا أعطى أعطى من مِلك غيره، لا من مِلك نفسه؛ لأن ما في أيدي العباد مِلكه على الحقيقة لله عز وجل وما أعطى ، أعطى بوجوب؛ لأن الله تعالى أوجب عليه الإعطاء ، ومن أعطى ما أعطى من مِلك غيره ، لم يجُز له أن يمُنَّ على من أعطى ومن أعطى ما وجب عليه ، لم يستوجب المِنَّة، فهو إذا منَّ بما أعطى ، كأنه ادَّعى لنفسه المِلك والحرية، وانتفى من العبودية، ونازعَ الله تعالى في صفته، فلا ينظر الله عز وجل إليه، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} بحر الفوائد (1/ 174)

ص: 197

(حم)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَلِجُ حَائِطَ الْقُدُسِ مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلَا الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَلَا الْمَنَّانُ عَطَاءَهُ "(1)

(1)(حم) 13384 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2363

ص: 198

(ن)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَلَا مَنَّانٌ، وَلَا عَاقُّ وَالِدَيْه، وَلَا وَلَدُ زِنْيَةٍ "(1)

(1)(ن)(4916) ، (س)(5672) ، (حم) 6892 ، (حب) 3383 ، انظر الصَّحِيحَة: 673

وقال الألباني: قوله " لَا يدخل الجنة وَلَدُ زِنْيَةٍ "، ليس على ظاهره ، بل المراد به من تحقَّق بالزنا ، حتى صار غالبا عليه، فاستحقَّ بذلك أن يكون منسوبا إليه، فيقال: هو ابن له، كما يُنسب المتحقِّقون بالدنيا إليها فيقال لهم: بنو الدنيا ، بِعِلْمِهِم وتحقُّقِهم بها، وكقولنا عن المسافر: ابن السبيل، فمثل ذلك وَلَدُ زِنْيَةٍ ، وابن زِنْيَةٍ، قيل لمن تحقق بالزنا حتى صار تحقُّقُه منسوبا إليه، وصار الزنا غالبا عليه، فهو المراد بقوله " لَا يدخل الجنة " ، ولم يُرِدْ به المولودَ من الزنا ، ولم يكن هو من ذوي الزنا، وقد يكون هو إذا فعل بفعل أبويه ، لِتَوَلُّدِه من نطفة خبيثة. أ. هـ

ص: 199

(خ م)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا)(1)(حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ")(2) وفي رواية: " مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ ، وَإِنْ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ "(3)

الشرح (4)

(1)(م) 2003 ، (خ) 5253

(2)

(خ) 5253 ، (م) 2003

(3)

(هب) 5573 ، (جة) 3373 ، انظر الصَّحِيحَة: 2634

(4)

قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْبَغْوِيّ فِي " شَرْح السُّنَّة ": مَعْنَى الْحَدِيث: لَا يَدْخُل الْجَنَّة، لِأَنَّ الْخَمْرَ شَرَابُ أَهْل الْجَنَّة، فَإِذَا حُرِمَ شُرْبَهَا ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُل الْجَنَّة.

وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: هَذَا وَعِيدٌ شَدِيد ، يَدُلّ عَلَى حِرْمَان دُخُولِ الْجَنَّة، لِأَنَّ الله تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّ فِي الْجَنَّة أَنْهَار الْخَمْرِ لَذَّةً لِلشَّارِبِينَ، وَأَنَّهُمْ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ ، فَلَوْ دَخَلَهَا - وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ فِيهَا خَمْرًا ، أَوْ أَنَّهُ حُرِمَهَا عُقُوبَة لَهُ - لَزِمَ وُقُوعُ الْهَمِّ وَالْحُزْنِ فِي الْجَنَّة، وَلَا هَمَّ فِيهَا وَلَا حُزْن، وَإِنْ لَمْ يَعْلَم بِوُجُودِهَا فِي الْجَنَّة ، وَلَا أَنَّهُ حُرِمَهَا عُقُوبَة لَهُ ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي فَقْدِهَا أَلَم فَلِهَذَا قَالَ بَعْض مَنْ تَقَدَّمَ: إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَصْلًا.

قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبٌ غَيْرُ مَرْضِيّ، فَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْحَدِيث: أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّة بِالْعَفْوِ ، ثُمَّ لَا يَشْرَبُ فِيهَا خَمْرًا ، وَلَا تَشْتَهِيهَا نَفْسُه ، وَإِنْ عَلِمَ بِوُجُودِهَا فِيهَا، وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أَبِي سَعِيد مَرْفُوعًا:" مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا ، لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَة "، وَإِنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ ، لَبِسَهُ أَهْلُ الْجَنَّة ، وَلَمْ يَلْبَسْهُ هُوَ ، فلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حَسْرَة ، وَلَا يَكُون تَرْكُ شَهْوَتِهِ إِيَّاهَا عُقُوبَةً فِي حَقِّه، بَلْ هُوَ نَقْصُ نَعِيمٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ هُوَ أَتَمُّ نَعِيمًا مِنْهُ ، كَمَا تَخْتَلِف دَرَجَاتهمْ وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: ظَاهِرُ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي الْجَنَّة ، وَلَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِيهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اِسْتَعْجَلَ مَا أُمِرَ بِتَأخِيرِهِ وَوُعِدَ بِهِ ، فَحُرِمَهُ عِنْد مِيقَاته، كَالْوَارِثِ ، فَإِنَّهُ إِذَا قَتَلَ مُوَرِّثَه فَإِنَّهُ يُحْرَمُ مِيرَاثَهُ لِاسْتِعْجَالِهِ.

وَفِي الْحَدِيث أَنَّ التَّوْبَةَ تُكَفِّرُ الْمَعَاصِي الْكَبَائِر، وَهُوَ فِي التَّوْبَةِ مِنْ الْكُفْرِ قَطْعِيّ ، وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الذُّنُوبِ خِلَافٌ بَيْن أَهْل السُّنَّة ، هَلْ هُوَ قَطْعِيّ ، أَوْ ظَنِّيّ.

قَالَ النَّوَوِيّ: الْأَقْوَى أَنَّهُ ظَنِّيّ.

وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: مَنْ اِسْتَقْرَأَ الشَّرِيعَة ، عَلِمَ أَنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الصَّادِقِينَ قَطْعًا.

وَفِيهِ أَنَّ الْوَعِيدَ يَتَنَاوَلُ مَنْ شَرِبَ الْخَمْر ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ السُّكْر، لِأَنَّهُ رَتَّبَ الْوَعِيدَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مُجَرَّدِ الشُّرْبِ مِنْ غَيْرِ قَيْد ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْخَمْرِ الْمُتَّخَذِ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَب ، وَكَذَا فِيمَا يُسْكِرُ مِنْ غَيْرِهَا، وَأَمَّا مَا لَا يُسْكِرُ مِنْ غَيْرِهَا ، فَالْأَمْر فِيهِ كَذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُور، وَالله أَعْلَم. فتح الباري (16/ 44)

ص: 200

(جة حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ عز وجل قَدْ لَعَنَ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا (1) وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا ، وَسَاقِيَهَا، وَمُسْتَقِيَهَا) (2)(وَآكِلَ ثَمَنِهَا ")(3)

(1) مَنْ يَطْلُبُ عَصْرَهَا لِنَفْسِهِ ، أَوْ لِغَيْرِهِ. تحفة الأحوذي - (3/ 409)

(2)

(حم) 2899 ، (د) 3674 ، صَحِيح الْجَامِع: 5091 ، الصَّحِيحَة: 839 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

(3)

(جة) 3380 ، (ت) 1295 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2357

ص: 201