المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الانتحار من الكبائر - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ٥

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌الِابْتِدَاعُ فِي الدِّينِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اتِّخَاذُ المْسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْحُكْمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشَّفَاعَةُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّبَرُّءُ مِنَ الْإسْلَامِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌جَوَازُ الْحَلِفِ بِصِفِاتِ اللهِ عز وجل

- ‌الْجِدَالُ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَكْفِيرُ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْخُرُوجُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إخْفَارُ ذِمَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِشْهَارُ السِّلَاحِ فِي وَجْهِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْغَدْرُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإخْلَافُ بِالْوَعْدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْقَتْلُ غِيلةً مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الِانْتِحَارُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌بُغْضُ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الرِّبَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَطْعُ الرَّحِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اللِّوَاطُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الزِّنَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌شُرْبُ الْخَمْرِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اَلِاسْتِمَاعُ لِلْمَعَازِفِ الْمُحَرَّمَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُجَاهَرَةُ بَالْمَعْصِيَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اَلْإلْحَادُ فِي الْحَرَم الْمَكِّيِّ أَوِ الْمَدَنِيِّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَطْعِ شَجَرِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ الرَّطْب مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَصْوِيرُ ذَوَاتُ الْأَرْوَاحِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّرْخِيصُ في لُعَبِ الْأَطْفَال

- ‌إظْهَارُ الصَّلَاحِ أَمَامَ النَّاسِ وَارْتِكَابُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي غِيَابِهِمْ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌كَوْنُ الْمَرْءِ ذَا وَجْهَينِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَعَدَمُ إتْيَانِهِ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإتْيَانِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ اَلْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمَعْرُوفِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ الِاسْتِنْزَاهِ مِنَ الْبَوْل مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ الصَّلَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ مُتَعَمِّدًا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّخَلُّفُ عَنِ الْجُمُعَةِ بِدُونِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌السّرْعَةُ الْمُخِلَّةُ بِفَرائِضِ الصَّلَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَنْعُ الزَّكَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشُّحُّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإفْطَارُ فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌صَوْمُ الدَّهْرِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ دَفْعِ الْمَهْرِ لِلزَّوْجَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِتْيَانُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِتْيَانُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ الْحَائِضَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إتْيَانُ الرِّجُلِ أَمَتَهُ الْحَامِلَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ الْعَدْلِ بَيْنَ الزَّوْجَات مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ الْإنْفَاقِ عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الدَّيَاثَةُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌انْتِفَاءُ الرَّجُلِ مِنْ وَلَدِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّبَرُّءُ مِنَ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الطَّعْنُ فِي الْأنْسَابِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ تَمْكِينِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا مِنْ نَفْسِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إنْكَارُ الْمَرْأَةِ إِحْسَانَ زَوْجِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عِصْيَانُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌طَلَبُ الْمَرْأَةِ اَلطَّلَاقَ مِنَ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَبَرُّجُ الْمَرْأَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْوَشْمُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌النَّمْصُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌وَصْلُ الشَّعْر مِنَ الْكَبَائِر

- ‌صَبْغُ الشَّعْرِ بِاللَّوْنِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَنْعُ الْمَرْأَةِ طِفِلَهَا مِنْ لَبَنِهَا بِلَا عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اسْتِحْمَامُ النِّسَاءِ فِي الْحَمَّامَاتِ الْعَامَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ ، وَتَشَبُّهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَال مِنَ الْكَبَائِر

- ‌لِبْسُ الذُّكُورِ الذَّهَبَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْإنَاثِ الذَّهَبَ الْمُحَلَّقَ

- ‌لُبْسُ الذُّكُورِ الْحَرِيرَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشُّرْبُ فِي آنِيَةِ الذَهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْكَذِبُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَقْسَامُ الْكَذِب

- ‌الْكَذِبُ عَلَى الله

- ‌الْكَذِبُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْكَذِبُ فِي الرُّؤْيَا

- ‌الْكَذِبُ عَلَى النَّاس

- ‌الْكَذِبُ فِي الْحَدِيث

- ‌قَوْلُ الزُّور

- ‌التَّشَبُّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ

- ‌قَذْفُ الْمُحْصِنَاتِ

- ‌الِافْتِرَاءُ عَلَى الْمُؤْمِنِ

- ‌الْكَذِبُ فِي الْمُزَاحِ

- ‌اللَّعْنُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الصَّحَابَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْغِيبَةُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإفْسَادُ بَيْنَ النَّاسِ (النَّمِيمَة) مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إنْفَاقُ السِّلْعَةِ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌النِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ مِنَ الْكَبَائِر

الفصل: ‌الانتحار من الكبائر

‌الِانْتِحَارُ مِنَ الْكَبَائِر

(خ م حم)، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" خَرَجَ بِرَجُلٍ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ خُرَّاجٌ (1) فَلَمَّا آذَاهُ ، انْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ (2) فَنَكَأَهُ (3) فَلَمْ يَرْقَأ الدَّمُ (4) حَتَّى مَاتَ) (5) (فَقَالَ اللهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي (6) عَبْدِي بِنَفْسِهِ ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ (7) ") (8)

(1) هِيَ حَبَّاتٌ تَخْرُجُ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ (دمامل).شرح النووي (1/ 227)

(2)

الْكِنَانَةُ: جَعْبَةُ النُّشَّاب ، سُمِّيَتْ كِنَانَةً لِأَنَّهَا تَكِنُّ السِّهَام ، أَيْ: تَسْتُرهَا. شرح النووي (ج 1 / ص 227)

(3)

أَيْ: قَشَرَهَا وَخَرَقَهَا وَفَتَحَهَا. شرح النووي (ج 1 / ص 227)

(4)

أَيْ: لَمْ يَنْقَطِع. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 227)

(5)

(م) 113 ، (خ) 3276

(6)

بادر الشيءَ: عجل إليه ، واستبق ، وسارع.

(7)

هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ نَكَأَهَا اِسْتِعْجَالًا لِلْمَوْتِ ، أَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ ،

فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْمُدَاوَاةِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ نَفْعُهَا ، لَمْ يَكُنْ حَرَامًا ، وَاللهُ أَعْلَمُ. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 227)

(8)

(خ) 3276 ، (م) 113

ص: 119

(خ م حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ تَحَسَّى (1) سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً (2) وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ (3) فَحَدِيدَتُهُ (4) فِي يَدِهِ يَطْعَنُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً ، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ (5) فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً) (6)(وَالَّذِى يَتَقَحَّمُ فِيهَا (7) يَتَقَحَّمُ فِي النَّارِ) (8)(وَالَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ ، يَخْنُقُهَا فِي النَّارِ (9) ") (10)

(1) أَيْ: تَجَرَّعَ. فتح الباري (ج 16 / ص 317)

(2)

قَوْله: " فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا "، فِيهِ أَقْوَال:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُسْتَحِلًّا مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ ، فَهَذَا كَافِرٌ، وَهَذِهِ عُقُوبَتُهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَاد بِالْخُلُودِ: طُولُ الْمُدَّةِ ، وَالْإِقَامَةُ الْمُتَطَاوِلَة ، لَا حَقِيقَةُ الدَّوَام ، كَمَا يُقَال: خَلَّدَ اللهُ مُلْكَ السُّلْطَان.

وَالثَّالِث: أَنَّ هَذَا جَزَاؤُهُ ، وَلَكِنْ تَكَرَّمَ سبحانه وتعالى فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يُخَلِّدُ فِي النَّارِ مَنْ مَاتَ مُسْلِمًا. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 221)

(3)

أَيْ: بِآلَةٍ مِنْ حَدِيدٍ. تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 310)

(4)

أَيْ: تِلْكَ بِعَيْنِهَا أَوْ مِثْلُهَا. تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 310)

(5)

أَيْ: أَسْقَطَ نَفْسه مِنْهُ، لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله:" فَقَتَلَ نَفْسه " عَلَى أَنَّهُ تَعَمَّدَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَمُجَرَّد قَوْله " تَرَدَّى " لَا يَدُلُّ عَلَى التَّعَمُّد. فتح الباري (16/ 317)

(6)

(خ) 5442 ، (م) 109

(7)

أَيْ: يَرْمي بنفسه في النار. النهاية في غريب الأثر (ج 4 / ص 36)

(8)

(حم) 9616 ، انظر الصَّحِيحَة: 3421

(9)

أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ وَنَحْوُه مِنْ أَحَادِيثِ الْوَعِيدِ أَنَّ الْمَعْنَى الْمَذْكُورَ جَزَاءُ فَاعِلِ ذَلِكَ ، إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ. فتح (16/ 317)

(10)

(خ) 1299 ، (حم) 9616

ص: 120

(خ م)، وَعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ (1) فِي الدُّنْيَا ، عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (2)) (3)(فِي نَارِ جَهَنَّمَ ")(4)

الشرح (5)

(1) أَيْ: مِنْ آلَاتِ الْقَتْلِ ، أَوْ بِأَكْلِ السُّمِّ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. تحفة (6/ 435)

(2)

" عُذِّبَ بِهِ " أَيْ: بِالشَّيْءِ الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ بِهِ ، لِأَنَّ جَزَاءَهُ مِنْ جِنْسِ عَمَلِه. عون المعبود - (7/ 245)

(3)

(خ) 5700 ، (م) 110

(4)

(خ) 5754 ، (م) 110

(5)

قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد: هَذَا مِنْ بَابِ مُجَانَسَةِ الْعُقُوبَاتِ الْأُخْرَوِيَّة لِلْجِنَايَاتِ الدُّنْيَوِيَّة.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ جِنَايَةَ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ كَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ فِي الْإِثْمِ ، لِأَنَّ نَفْسَهُ لَيْسَتْ مِلْكًا لَهُ مُطْلَقًا ، بَلْ هِيَ لِلهِ تَعَالَى ، فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا إِلَّا بِمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ.

قِيلَ: وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَوْجَبَ الْمُمَاثَلَة فِي الْقِصَاص ، خِلَافًا لِمَنْ خَصَّصَهُ بِالْمُحَدَّد.

وَرَدَّهُ اِبْنُ دَقِيق الْعِيد بِأَنَّ أَحْكَامَ اللهِ لَا تُقَاسُ بِأَفْعَالِهِ، فَلَيْسَ كُلُّ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ فِي الْآخِرَةِ يُشْرَعُ لِعِبَادِهِ فِي الدُّنْيَا ، كَالتَّحْرِيقِ بِالنَّارِ مَثَلًا ، وَسَقْيِ الْحَمِيمِ الَّذِي تُقَطَّعُ بِهِ الْأَمْعَاء، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسْتَدَلُّ لِلْمُمَاثِلَةِ فِي الْقِصَاصِ بِغَيْرِ هَذَا الْحَدِيث ، وَقَدْ اِسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} . فتح الباري (19/ 8)

ص: 121

(خ م)، وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ رضي الله عنه قَالَ:(" الْتَقَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُشْرِكُونَ [يَوْمَ خَيْبَرَ] (1) فَاقْتَتَلُوا ، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَسْكَرِهِ (2)" ، وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ - وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً (3) إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ - فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أَجْزَأَ (4) مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ") (5) (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: لَأَتَّبِعَنَّهُ (6)) (7) (فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ) (8) (خَرَجَ مَعَهُ ، فَكَانَ كُلَّمَا وَقَفَ ، وَقَفَ مَعَهُ ، وَإِذَا أَسْرَعَ ، أَسْرَعَ مَعَهُ ، فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا) (9) (فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي قُلْتَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ ، فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِلَى النَّارِ "، قَالَ: فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ ، وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا، فَلَمَّا كَانَ مِنْ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى) (10) (أَلَمِ الْجِرَاحِ) (11) (فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ ، وَذُبَابَهُ (12) بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ) (13) (حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ) (14) (فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (15) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، صَدَّقَ اللهُ حَدِيثَكَ ، انْتَحَرَ فُلَانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ (16)) (17) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اللهُ أَكْبَرُ ، أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ) (18)(إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ (19) وَإنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ ، وَإنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) (20) (وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ) (21) (ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ: إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ) (22)

وفي رواية: (إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ (23)) (24)(وَإِنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ ")(25)

الشرح (26)

(1)(خ) 3967

(2)

أَيْ: رَجَعَ بَعْد فَرَاغِ الْقِتَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْم. فتح الباري (12/ 23)

(3)

الشَّاذَّة: مَا اِنْفَرَدَ عَنْ الْجَمَاعَةِ، وَالفاذَّة: مِثْلُهُ مَا لَمْ يَخْتَلِط بِهِمْ، ثُمَّ هُمَا صِفَة لِمَحْذُوفٍ أَيْ: نَسَمَة، وَالْهَاء فِيهِمَا لِلْمُبَالَغَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلْقَى شَيْئًا إِلَّا قَتَلَهُ، وَقِيلَ: الْمُرَاد بِالشَّاذِّ وَالْفَاذِّ: مَا كَبُرَ وَصَغُرَ.

وَقِيلَ: الشَّاذُّ: الْخَارِجُ ، وَالْفَاذُّ: الْمُنْفَرِدُ.

وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنَى. فتح الباري (ج 12 / ص 23)

(4)

أَيْ: مَا أَغْنَى. فتح الباري (ج 12 / ص 23)

(5)

(خ) 2742 ، (م) 112

(6)

أَيْ: أَنَا أَصْحَبُهُ فِي خُفْيَة ، وَأُلَازِمُهُ لِأَنْظُر السَّبَبَ الَّذِي بِهِ يَصِيرُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فَإِنَّ فِعْلَه فِي الظَّاهِر جَمِيل ، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّار، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ عَجِيبٍ. شرح النووي (1/ 226)

(7)

(خ) 3970

(8)

(خ) 2897 ، (حم) 17257

(9)

(خ) 2742 ، (م) 112

(10)

(خ) 2897 ، (م) 111

(11)

(خ) 6232

(12)

أَيْ: رأس سيفه.

(13)

(خ) 2742 ، (م) 112

(14)

(خ) 6128

(15)

اشتدَّ: أسرع المشي ، ركض.

(16)

قَالَ الْمُهَلَّبُ: هَذَا الرَّجُلُ مِمَّنْ أَعْلَمَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَفَذَ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ مِنْ الْفُسَّاقِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنَّارِ.

وَقَالَ اِبْنُ التِّينِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: " هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ " أَيْ: إِنْ لَمْ يَغْفِرْ اللهُ لَهُ. فتح الباري (ج 12 / ص 24)

(17)

(خ) 3967 ، (حم) 8077

(18)

(خ) 2897 ، (م) 111

(19)

قوله: " فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ " إشارةٌ إلى أنَّ باطنَ الأَمْرِ يكونُ بِخِلافِ ذلك. جامع العلوم والحكم - (ج 6 / ص 30)

(20)

(خ) 2742 ، (م) 112

(21)

(خ) 6233 ، (حم) 22886

(22)

(خ) 2897 ، (م) 111

(23)

أي: مؤمن خالص ، احترازا عن المنافق ، أو مؤمن كامل ، فالمراد: دخولها مع الفائزين دخولا أَوَّلِيًّا غير مسبوقٍ بعذاب. المرقاة (17/ 148)

(24)

(خ) 3970

(25)

(خ) 2897 ، (م) 111

(26)

المراد بالفاجر: الفاسق ، إن كان الرجل مسلما حقيقة ، أو الكافر ، إن كان منافقا. فيض القدير - (ج 2 / ص 329)

ومن نظائره: من يصنِّف ، أو يدرِّس ، أو يعلم ، أو يتعلم ، أو يؤذن ، أو يؤم ، أو يأتم ، وأمثال ذلك ، كمن يبني مسجدا ، أو مدرسة ، لغرضٍ فاسد ، وقصدٍ كاسد ، مما يكون سببًا لِنِظَام الدين ، وقِوَامِ المسلمين ، وصاحبُه من جملة المحرومين ، جعلنا الله تعالى من المُخْلِصين ، بل من المُخْلَصين. مرقاة المفاتيح (ج 17 / ص 148)

وفِيهِ التَّحْذِير مِنْ الِاغْتِرَار بِالْأَعْمَالِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ لَا يَتَّكِل عَلَيْهَا وَلَا يَرْكَن إِلَيْهَا ، مَخَافَةً مِنْ اِنْقِلَاب الْحَال ، لِلْقَدَرِ السَّابِقِ مِنَ اللهِ ، وَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَاصِي أَنْ لَا يَقْنَط، وَيَنْبَغِي لِغَيْرِهِ أَنْ لَا يُقَنِّطَهُ مِنْ رَحْمَةِ الله تَعَالَى. النووي (1/ 226)

ص: 122

(د حم)، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ (1) فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ"(2) وفي رواية: (" مَنْ بَاتَ فَوْقَ بَيْتٍ لَيْسَ حَوْلَهُ شَيْءٌ يَرُدُّ)(3)(قَدَمَيْهِ)(4)(فَوَقَعَ فَمَاتَ)(5)(فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ (6)) (7)(وَمَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ بَعْدَمَا يَرْتَجُّ (8) فَمَاتَ ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ (9) ") (10)

(1) هو السَّتْرُ وَالْحِجَابُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى السَّطْحِ ، يَمْنَعُ الْإِنْسَانَ مِنْ التَّرَدِّي وَالسُّقُوط. عون المعبود (ج11ص 82)

(2)

(د) 5041 ، صَحِيح الْجَامِع: 6113 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 3076

(3)

(حم) 20768 ، (خد) 1192

(4)

(حم) 22387

(5)

(حم) 20767 ، (خد) 1194

(6)

قَالَ فِي فَتْح الْوَدُود: يُرِيد أَنَّهُ إِنْ مَاتَ ، فَلَا يُؤَاخَذُ بِدَمِهِ.

وَقِيلَ: إِنَّ لِكُلٍّ مِنْ النَّاسِ عَهْدًا مِنْ الله تَعَالَى بِالْحِفْظِ وَالْسَّلَامَة ، فَإِذَا أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة ، اِنْقَطَعَ عَنْهُ. عون المعبود - (11/ 82)

(7)

(حم) 20768 ، (خد) 1192 ، 1194 ، انظر الصَّحِيحَة: 828 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 3078

(8)

أَيْ: هاج الموجُ وارتفع.

(9)

الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْمَبِيتِ عَلَى السُّطُوحِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا حَائِطٌ وَعَلَى عَدَمِ جَوَازِ رُكُوبِ الْبَحْرِ فِي أَوْقَاتِ اضْطِرَابِهِ. نيل الأوطار (7/ 248)

قلت: وفيه دليل على أن كلَّ من عرَّض نفسَه للهلاك ، كَمَن قادَ السيارة بسرعة عالية جدا، أو قتَلَهُ التدخين ، أو المُسْكر ، فربما يكون حُكْمُه مُشَابِها لِحُكم من ذُكِروا في الحديث. ع

(10)

(حم) 20768 ، (خد) 1192 ، 1194

ص: 123