الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَكْفِيرُ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر
(خ م)، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا ، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ "(1)
وفي رواية: " أَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْفَرَ رَجُلًا مُسْلِمًا ، فَإِنْ كَانَ كَافِرًا ، وَإِلَّا كَانَ هُوَ الْكَافِرُ "(2)
الشرح (3)
(1)(م) 60 ، (خ) 5753
(2)
(د) 4687 ، (حم) 4745
(3)
هَذَا الْحَدِيث مِمَّا عَدَّهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْمُشْكِلَات مِنْ حَيْثُ إِنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَاد؛ وَذَلِكَ أَنَّ مَذْهَب أَهْل الْحَقّ أَنَّهُ لَا يَكْفُر الْمُسْلِمُ بِالْمَعَاصِي كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا ، وَكَذَا قَوْلُه لِأَخِيهِ " يَا كَافِر " مِنْ غَيْر اِعْتِقَادِ بُطْلَانِ دِينِ الْإِسْلَام ، وَإِذَا عُرِفَ مَا ذَكَرْنَاهُ ، فَقد قِيلَ فِي تَأوِيل الْحَدِيث أَوْجُه:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ لِذَلِكَ، وَهَذَا يَكْفُر ، فَعَلَى هَذَا مَعْنَى " بَاءَ بِهَا " أَيْ: بِكَلِمَةِ الْكُفْر، وَكَذَا " حَارَ عَلَيْهِ "، وَهُوَ مَعْنَى " رَجَعَتْ عَلَيْهِ " أَيْ: رَجَعَ عَلَيْهِ الْكُفْر ، فَبَاءَ ، وَحَارَ ، وَرَجَعَ ، بِمَعْنَى وَاحِد.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: مَعْنَاهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ نَقِيصَتُه لِأَخِيهِ ، وَمَعْصِيَةُ تَكْفِيره.
وَالثَّالِث: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْخَوَارِجِ الْمُكَفِّرِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَهَذَا الْوَجْهُ نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاض رحمه الله عَنْ الْإِمَام مَالِك بْن أَنَس، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ: أَنَّ الْخَوَارِجَ لَا يُكَفَّرُونَ ، كَسَائِرِ أَهْل الْبِدَعِ.
وَالْوَجْه الرَّابِع: مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ يَئُولُ بِهِ إِلَى الْكُفْر؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعَاصِيَ - كَمَا قَالُوا - بَرِيدُ الْكُفْر، وَيُخَافُ عَلَى الْمُكْثِرِ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِبَةُ شُؤْمِهَا الْمَصِيرُ إِلَى الْكُفْر.
وَالْوَجْه الْخَامِس: مَعْنَاهُ: فَقَدْ رَجَعَ عَلَيْهِ تَكْفِيرُه؛ فَلَيْسَ الرَّاجِعُ حَقِيقَةً الْكُفْرُ ، بَلْ التَّكْفِير؛ لِكَوْنِهِ جَعَلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ كَافِرًا ، فَكَأَنَّهُ كَفَّرَ نَفْسه؛ إِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ هُوَ مِثْلَه، وَإِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ لَا يُكَفِّرُهُ إِلَّا كَافِرٌ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ دِينِ الْإِسْلَام ، وَالله أَعْلَم. (النووي - ج 1 / ص 153)
(حب)، وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّمَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمْ رَجُلًا قَرَأَ الْقُرْآنَ ، حَتَّى رُئِيَتْ بَهْجَتُهُ عَلَيْهِ وَكَانَ رِدْئًا (1) لِلْإِسْلامِ ، غَيَّرَهُ إِلَى مَا شَاءَ اللهُ، فَانْسَلَخَ مِنْهُ وَنَبَذَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَسَعَى عَلَى جَارِهِ بِالسَّيْفِ ، وَرَمَاهُ بِالشِّرْكِ "، قَالَ حُذَيْفَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّهُمَا أَوْلَى بِالشِّرْكِ، الْمَرْمِيُّ أَمِ الرَّامِي؟ ، قَالَ:" بَلِ الرَّامِي (2) "(3)
(1) الرِّدْء: القوة ، والعماد ، والناصر ، والمعين.
(2)
قال الطحاوي: فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ طَلَبًا مِنَّا لِلْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ؟ ، فَوَجَدْنَا مَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ:(يَا كَافِرُ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَافِرٌ ، لأَنَّ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ ، فَإِذَا كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ لَيْسَ بِكُفْرٍ ، وَكَانَ إيمَانًا ، كَانَ جَاعِلُهُ كَافِرًا جَاعِلَ الْإِيمَانِ كُفْرًا ، وَكَانَ بِذَلِكَ كَافِرًا بِاللهِ تَعَالَى ، لأَنَّ مَنْ كَفَرَ بِإِيمَانِ اللهِ تَعَالَى ، فَقَدْ كَفَرَ بِاللهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ سبحانه وتعالى:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ، وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ} ، فَهَذَا أَحْسَنُ مَا وُفِّقْنَا عَلَيْهِ مِنْ تَأوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. مشكل الآثار (1/ 247)
(3)
(حب) 81 ، انظر صحيح موارد الظمآن: 78، الصَّحِيحَة: 3201
(خ م)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالْفُسُوقِ ، وَلَا يَرْمِيهِ بِالْكُفْرِ ، وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ ، إِلَّا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ "(1)
(1)(خ) 5698 ، (م) 61
(خ)، وَعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ ، فَهُوَ كَقَتْلِهِ (1) "(2)
(1) أَيْ: (فهو كقتله) في عِظَمِ الوِزْرِ وشِدَّة الإصْر عند الله تعالى ، فقوله (كقتله) المراد: حُكْمُهُ حُكْمُ قَتْلِهِ في الآخرة ، وحُكْمُهُ فيها دخول النار. فيض القدير - (ج 6 / ص 179)
(2)
(خ) 5754 ، (ت) 2636
(خد)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: أَنْتَ عَدُوِّي، فَقَدْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْإِسْلَامِ، أَوْ بَرِئ مِنْ صَاحِبِهِ. (1)
(1)(خد) 421 ، (مساوئ الأخلاق للخرائطي) 16 ، انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: 324