المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الجدال في القرآن من الكبائر - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ٥

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌الِابْتِدَاعُ فِي الدِّينِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اتِّخَاذُ المْسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْحُكْمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشَّفَاعَةُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّبَرُّءُ مِنَ الْإسْلَامِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌جَوَازُ الْحَلِفِ بِصِفِاتِ اللهِ عز وجل

- ‌الْجِدَالُ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَكْفِيرُ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْخُرُوجُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إخْفَارُ ذِمَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِشْهَارُ السِّلَاحِ فِي وَجْهِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْغَدْرُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإخْلَافُ بِالْوَعْدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْقَتْلُ غِيلةً مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الِانْتِحَارُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌بُغْضُ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الرِّبَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَطْعُ الرَّحِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اللِّوَاطُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الزِّنَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌شُرْبُ الْخَمْرِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اَلِاسْتِمَاعُ لِلْمَعَازِفِ الْمُحَرَّمَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُجَاهَرَةُ بَالْمَعْصِيَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اَلْإلْحَادُ فِي الْحَرَم الْمَكِّيِّ أَوِ الْمَدَنِيِّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌قَطْعِ شَجَرِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ الرَّطْب مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَصْوِيرُ ذَوَاتُ الْأَرْوَاحِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّرْخِيصُ في لُعَبِ الْأَطْفَال

- ‌إظْهَارُ الصَّلَاحِ أَمَامَ النَّاسِ وَارْتِكَابُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي غِيَابِهِمْ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌كَوْنُ الْمَرْءِ ذَا وَجْهَينِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَعَدَمُ إتْيَانِهِ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإتْيَانِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ اَلْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمَعْرُوفِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ الِاسْتِنْزَاهِ مِنَ الْبَوْل مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ الصَّلَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ مُتَعَمِّدًا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّخَلُّفُ عَنِ الْجُمُعَةِ بِدُونِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌السّرْعَةُ الْمُخِلَّةُ بِفَرائِضِ الصَّلَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَنْعُ الزَّكَاةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشُّحُّ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإفْطَارُ فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌صَوْمُ الدَّهْرِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ دَفْعِ الْمَهْرِ لِلزَّوْجَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِتْيَانُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إِتْيَانُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ الْحَائِضَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إتْيَانُ الرِّجُلِ أَمَتَهُ الْحَامِلَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ الْعَدْلِ بَيْنَ الزَّوْجَات مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَرْكُ الْإنْفَاقِ عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الدَّيَاثَةُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌انْتِفَاءُ الرَّجُلِ مِنْ وَلَدِهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّبَرُّءُ مِنَ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الطَّعْنُ فِي الْأنْسَابِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عَدَمُ تَمْكِينِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا مِنْ نَفْسِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إنْكَارُ الْمَرْأَةِ إِحْسَانَ زَوْجِهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌عِصْيَانُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا مِنَ الْكَبَائِر

- ‌طَلَبُ الْمَرْأَةِ اَلطَّلَاقَ مِنَ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَبَرُّجُ الْمَرْأَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْوَشْمُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌النَّمْصُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌وَصْلُ الشَّعْر مِنَ الْكَبَائِر

- ‌صَبْغُ الشَّعْرِ بِاللَّوْنِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَنْعُ الْمَرْأَةِ طِفِلَهَا مِنْ لَبَنِهَا بِلَا عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌اسْتِحْمَامُ النِّسَاءِ فِي الْحَمَّامَاتِ الْعَامَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ ، وَتَشَبُّهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَال مِنَ الْكَبَائِر

- ‌لِبْسُ الذُّكُورِ الذَّهَبَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْإنَاثِ الذَّهَبَ الْمُحَلَّقَ

- ‌لُبْسُ الذُّكُورِ الْحَرِيرَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشُّرْبُ فِي آنِيَةِ الذَهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْكَذِبُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌أَقْسَامُ الْكَذِب

- ‌الْكَذِبُ عَلَى الله

- ‌الْكَذِبُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْكَذِبُ فِي الرُّؤْيَا

- ‌الْكَذِبُ عَلَى النَّاس

- ‌الْكَذِبُ فِي الْحَدِيث

- ‌قَوْلُ الزُّور

- ‌التَّشَبُّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ

- ‌قَذْفُ الْمُحْصِنَاتِ

- ‌الِافْتِرَاءُ عَلَى الْمُؤْمِنِ

- ‌الْكَذِبُ فِي الْمُزَاحِ

- ‌اللَّعْنُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌سَبُّ الصَّحَابَةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْغِيبَةُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الْإفْسَادُ بَيْنَ النَّاسِ (النَّمِيمَة) مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إنْفَاقُ السِّلْعَةِ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌النِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ مِنَ الْكَبَائِر

الفصل: ‌الجدال في القرآن من الكبائر

‌الْجِدَالُ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْكَبَائِر

قَالَ تَعَالَى: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ} (1)

وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ ، فَاسْتَعِذْ بِاللهِ ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (2)

(حم)، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ:(سَمِعْتُ رَجُلًا يَقْرَأُ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ ، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَهَا؟ ، فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: قَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى غَيْرِ هَذَا ، فَذَهَبْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، آيَةُ كَذَا وَكَذَا ، ثُمَّ قَرَأتُهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " هَكَذَا أُنْزِلَتْ " ، فَقَالَ الْرَّجُلُ: أَلَيْسَ هَكَذَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ ، فَقَرَأَهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " هَكَذَا أُنْزِلَتْ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ)(3)(عَلَى أَيِّ حَرْفٍ قَرَأتُمْ فَقَدْ أَصَبْتُمْ ، فلَا تَتَمَارَوْا فِيهِ ، فَإِنَّ الْمِرَاءَ فِيهِ كُفْرٌ (4) ") (5)

(1)[غافر: 4]

(2)

[غافر: 56]

(3)

(حم) 17855

(4)

أراد إنكارَ قراءةٍ من السبع ، فإذا قالَ: هذه ليست من القرآن ، فقد أنكرَ القرآن ، وهو كُفر. فيض القدير - (6/ 344)

(5)

(حم) 17853 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 1163 ، الصَّحِيحَة: 1522

ص: 63

(حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْمِرَاءُ ، وفي رواية: (الْجِدَالٌ) (1) فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ (2) فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فَاعْمَلُوا، وَمَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ ، فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ (3) "(4)

(1)(حم) 7499 ، وقال الشيخ الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(2)

قَالَ الْمُنَاوِيُّ: أَيْ الشَّكُّ فِي كَوْنِهِ كَلَامَ الله، أَوْ أَرَادَ الْخَوْضَ فِيهِ بِأَنَّهُ مُحْدَث أَوْ قَدِيم، أَوْ الْمُجَادَلَة فِي الْآي الْمُتَشَابِهَة وَذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى الْجُحُود والفِتن ، وإراقة الدماء.

وقال القاضي: أراد بالمراء: التَّدَارُؤ، وهو أن يروم تكذيب القرآن بالقرآن ليدفع بعضَه ببعض ، فيتطرق إليه قدحٌ وطعن. فيض القدير (6/ 344)

قَالَ الْإِمَام اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة: الْمِرَاء: الْجِدَال وَالتَّمَارِي، وَالْمُمَارَاة: الْمُجَادَلَة عَلَى مَذْهَب الشَّكّ وَالرِّيبَة، وَيُقَال لِلْمُنَاظَرَةِ (مُمَارَاة) ، لِأَنَّ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا يَسْتَخْرِج مَا عِنْد صَاحِبه وَيَمْتَرِيه ، كَمَا يَمْتَرِي الْحَالِب اللَّبَن مِنْ الضَّرْع.

قَالَ أَبُو عُبَيْد: لَيْسَ وَجْهُ الْحَدِيثِ عِنْدنَا عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي التَّأوِيل ، وَلَكِنَّهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي اللَّفْظ ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ عَلَى حَرْف، فَيَقُولُ الْآخَر: لَيْسَ هُوَ هَكَذَا ، وَلَكِنَّهُ عَلَى خِلَافه ، وَكِلَاهُمَا مُنَزَّلٌ مَقْرُوءٌ بِهِ، فَإِذَا جَحَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِرَاءَةَ صَاحِبِه ، لَمْ يُؤْمَن أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يُخْرِجهُ إِلَى الْكُفْر ، لِأَنَّهُ نَفَى حَرْفًا أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَى نَبِيِّه.

وَقِيلَ: إِنَّمَا جَاءَ هَذَا فِي الْجِدَال وَالْمِرَاء فِي الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا ذِكْر الْقَدَرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَعَانِي عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْكَلَامِ ، وَأَصْحَابِ الْأَهْوَاء وَالْآرَاء دُون مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْأَحْكَامِ وَأَبْوَابِ الْحَلَال وَالْحَرَام ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ جَرَى بَيْن الصَّحَابَة فَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ الْعُلَمَاء ، وَذَلِكَ فِيمَا يَكُون الْغَرَضُ مِنْهُ وَالْبَاعِثُ عَلَيْهِ ظُهُورُ الْحَقِّ لِيُتْبَع ، دُون الْغَلَبَةِ وَالتَّعْجِيز.

وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ أَنْ يَرُومَ تَكْذِيبَ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ ، لِيَدْفَع بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْتَهِد فِي التَّوْفِيق بَيْن الْمُتَخَالِفِينَ عَلَى وَجْهٍ يُوَافِقُ عَقِيدَةَ السَّلَف، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ، فَلْيَكِلْهُ إِلَى اللهِ تَعَالَى.

وَقِيلَ: هُوَ الْمُجَادَلَةُ فِيهِ ، وَإِنْكَارُ بَعْضهَا. عون المعبود (10/ 123)

(3)

وقال القاضي: من حق الناظر في القرآن أن يجتهد في التوفيق بين الآيات ، والجمع بين المختلفات ما أمكنه ، فإن القرآن يُصَدِّقُ بعضُه بعضا ، فإن أَشكل عليه شيء من ذلك ولم يتيسر له التوفيق ، فليعتقد أنه من سوء فهمه ، ولْيَكِلْهُ إلى عالِمِه ، وهو الله ورسوله {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ}. [النساء: 59]. فيض القدير (6/ 344)

(4)

(حم) 7976 ، (د) 4603 ، صحيح الجامع: 3106 ، الصَّحِيحَة تحت حديث: 1522 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

ص: 64

(طب)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نَتَذَاكَرُ الْقُرْآنَ عِنْدَ بَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْزِعُ هَذَا بِآيَةٍ ، وَهَذَا بِآيَةٍ، " فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ، فَقَالَ: يَا هَؤُلَاءِ، أَلِهَذَا بُعِثْتُمْ؟ ، أَمْ بِهَذَا أُمِرْتُمْ؟، لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ "(1)

(1)(طب) 5442 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 140

ص: 65

(مسند الشاميين)، وَعَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تُجَادِلُوا بِالْقُرْآنِ، وَلَا تُكَذِّبُوا كِتَابَ اللهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، فَوَاللهِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُجَادِلُ بِالْقُرْآنِ فَيُغْلَبُ، وَإِنَّ الْمُنَافِقَ لَيُجَادِلُ بِالْقُرْآنِ فَيَغْلِبُ "(1)

(1)(مسند الشاميين) 942 ، انظر الصَّحِيحَة: 3447

ص: 66

(خ م) وَعَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ (1) فَقُومُوا عَنْهُ "(2)

الشرح (3)

(1) أَيْ: فِي فَهْمِ مَعَانِيه. فتح الباري (14/ 285)

(2)

(م) 2667 ، (خ) 4773

(3)

أَيْ: تَفَرَّقُوا لِئَلَّا يَتَمَادَى بِكَمْ الِاخْتِلَافُ إِلَى الشَّرّ، قَالَ عِيَاض: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ خَاصًّا زَمَنَهُ صلى الله عليه وسلم لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِنُزُولِ مَا يَسُوؤُهُم ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: اِقْرَءُوا وَالْزَمُوا الِائْتِلَاف عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَقَادَ إِلَيْهِ، فَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ ، أَوْ عَرَضَ عَارِضُ شُبْهَةٍ يَقْتَضِي الْمُنَازَعَةَ الدَّاعِيَة إِلَى الِافْتِرَاق ، فَاتْرُكُوا الْقِرَاءَة، وَتَمَسَّكُوا بِالْمُحْكَمِ الْمُوجِبِ لِلْأُلْفَةِ وَأعْرِضُوا عَنْ الْمُتَشَابِه الْمُؤَدِّي إِلَى الْفُرْقَة، وَهُوَ كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:" فَإِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَاحْذَرُوهُمْ ".

وَيَحْتَمِل أَنَّهُ يَنْهَى عَنْ الْقِرَاءَةِ إِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَدَاء ، بِأَنْ يَتَفَرَّقُوا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ ، وَيَسْتَمِرَّ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى قِرَاءَتِه، وَمِثْلُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ اِبْن مَسْعُود لَمَّا وَقَعَ بَيْنه وَبَيْن الصَّحَابِيَّيْنِ الْآخَرَيْنِ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَدَاء، فَتَرَافَعُوا إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" كُلُّكُمْ مُحْسِن " ، وَبِهَذِهِ النُّكْتَةِ تَظْهَرُ الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ حَدِيثِ اِبْن مَسْعُود عَقِيب حَدِيث جُنْدُب. فتح الباري (14/ 285)

ص: 67