الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاحِدَة فِي حَيَاته وَلَا أَمر بهَا وَلَا رغب فِيهَا، وَلَا فعل أحد من الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَلَا أحد من سَائِر الصَّحَابَة وَلَا التَّابِعين وَلَا تابعيهم، وَلَا الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة، وَلَا أَشَارَ إِلَى ذَلِك وَاحِد مُهِمّ، فَهِيَ لَا أصل لَهَا فِي كتاب وَلَا سنة وَلَا إِجْمَاع وَلَا قِيَاس صَحِيح. فَلَيْسَتْ فِي موطأ مَالك وَلَا مدونته وَلَا فِي مُسْند الشَّافِعِي وَلَا فِي سنَنه، وَلَا فِي الْكتب الْمُعْتَبرَة للحنفية والحنابلة، وَإِنَّمَا أحدثها بعض متأخري الشَّافِعِيَّة. على قِيَاس ضَعِيف جدا بل بَاطِل {إِن هم إِلَّا يظنون} و {إِن الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا} فَهِيَ بِدعَة محدثة مستهجنة وَشرع لم يَأْذَن بِهِ الله وَلَا رَسُوله، فاحذروا أَيهَا النَّاس أَن تعبدوا بالبدع، وكل عبَادَة لَا يتعبد بهَا مُحَمَّد [صلى الله عليه وسلم] وَأَصْحَابه فَلَا تتعبدوا بهَا. واعتقدوا أَن الله غير قابلها مِنْكُم بل رادها عَلَيْكُم، لِأَن الرَّسُول [صلى الله عليه وسلم] قَالَ:" من عمل عملا لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا فَهُوَ رد " وَقَالَ: " فَعَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين من بعدِي عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ، وَإِيَّاكُم ومحدثات الْأُمُور، فَإِن كل محدثة بِدعَة، وكل بِدعَة ضَلَالَة ".
فتويان
الْفَتْوَى الأولى: فِي خطيب حضر صَلَاة الْجُمُعَة فامتنعوا عَن الصَّلَاة خَلفه لأجل بِدعَة فِيهِ، فَمَا هِيَ الْبِدْعَة الَّتِي تمنع الصَّلَاة خَلفه؟
الْجَواب: لَيْسَ لَهُم ترك الْجُمُعَة وَنَحْوهَا لأجل فسق الإِمَام، بل عَلَيْهِم فعل ذَلِك خلف الإِمَام وَإِن كَانَ فَاسِقًا، وَإِن عطلوها لأجل فسق الإِمَام كَانُوا من أهل الْبدع، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَغَيرهمَا، وَإِنَّمَا تنَازع الْعلمَاء فِي الإِمَام إِذا كَانَ فَاسِقًا، أَو مبتدعاً، وَأمكن أَن يُصَلِّي خلف عدل، فَقيل تصح الصَّلَاة خَلفه وَإِن كَانَ فَاسِقًا، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأبي حنيفَة وَقيل لَا تصح خلف الْفَاسِق إِذا أمكن الصَّلَاة خلف الْعدْل، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
عَن مَالك، وَأحمد وَالله أعلم. قَالَه شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية:
يَقُول مُحَمَّد بن عبد السَّلَام: إِن من نَادَى غير الله واستغاث والتجأ عِنْد الكروب والشدائد بِغَيْرِهِ تَعَالَى؛ وَنذر وَذبح لغيره، واعتقد أَن غير الله يضر وينفع، وَيُعْطِي وَيمْنَع، كَمَا أقسم لي بِاللَّه عَالم أزهري أَنه مَا تحصل على الشَّهَادَة العالمية إِلَّا بعد ذَهَابه إِلَى قبر الشعراني وجلوسه تجاه رَأسه كجلسته للصَّلَاة بأدب وخشوع، وتكراره لهَذَا الْبَيْت:
(يَا سادتي من أمكُم لرغبة فِيكُم جبر
…
وَمن تَكُونُوا ناصريه ينتصر؟)
فَطلب النَّصْر والجبر بِمن مَاتَ مُنْذُ مئات السنين لَا شكّ أَنه شرك بِاللَّه الْعَظِيم، فَهَذَا الْمِسْكِين الضال الغافل لَا تصح إِمَامَته، وَلَا صلَاته مَا لم يتب، إِذْ أَنه لَا يفرق بَين التَّوْحِيد والشرك، وَهَذَا هُوَ غَايَة الْجَهْل، فَمثل هَذِه الْبِدْعَة هِيَ الَّتِي لَا يُصَلِّي خلف صَاحبهَا، ثمَّ إِذا كَانَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] عزل عَن الْإِمَامَة من رَآهُ بَصق فِي الْقبْلَة، فَكيف تصح إِمَامَة هَؤُلَاءِ الَّذين أعادوا مَا كَانَ عَلَيْهِ أهل الْجَاهِلِيَّة الأولى؟ ثمَّ هم يناوئون أنصار التَّوْحِيد حينما يرونهم يُنكرُونَ هَذَا الشّرك على أَهله، وَإِن الله تَعَالَى قد قَالَ فِي مثل هَؤُلَاءِ:{ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يُؤمنُونَ بالجبت والطاغوت وَيَقُولُونَ للَّذين كفرُوا هَؤُلَاءِ أهْدى من الَّذين آمنُوا سَبِيلا أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله وَمن يلعن الله فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا} وَقَالَ {وَإِذا ذكر الله وَحده اشمأزت قُلُوب الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة وَإِذا ذكر الَّذين من دونه إِذا هم يستبشرون} ، وَقَالَ {ذَلِكُم أَنه إِذا دعِي الله وَحده كَفرْتُمْ وَإِن يُشْرك بِهِ تؤمنوا فَالْحكم لله الْعلي الْكَبِير} :
وَأَنت لَو نظرت إِلَى مجلة الْأَزْهَر وَإِلَى مَا يَكْتُبهُ الشَّيْخ الدجوي وإخوانه فِيهَا وَفِي غَيرهَا من التَّصْرِيح بالتعبد بالبدع، وَحمل النَّاس على الْعَمَل بهَا، كتصريحهم بِجَوَاز دُعَاء الْأَمْوَات والاستعانة بهم وتكفيرهم لمن يُؤمن بآيَات
الصِّفَات كَمَا أنزلهَا الله، كَمَا هُوَ الْمَأْثُور عَن السّلف، لعَلِمت يَقِينا أَنهم أكبر نصير لأكبر الْبدع المخرجة لأصحابها عَن اتِّبَاع سَبِيل الْمُؤمنِينَ، وامتنعت من الصَّلَاة خَلفهم، بل لَقلت: لَو كَانَ الإِمَام أَحْمد والحافظ البُخَارِيّ وأمثالهما من عُلَمَاء السّلف أَحيَاء لقالوا فيهم مَا قَالُوهُ فِي الجهم بن صَفْوَان. ولعلك تظن أَنِّي تغاليت فِي مَقَالَتي هَذِه، فَخذ إِلَيْك مَا ذكر فِي أكبر كتاب جمع مَذَاهِب فُقَهَاء الْمُسلمين وَهُوَ كتاب المغنى للْإِمَام ابْن قدامَة قَالَ: وَمن صلى خلف من يعلن ببدعته أَو يسكر أعَاد قَالَ: الإعلان الْإِظْهَار، وَهُوَ ضد الْإِسْرَار، وَظَاهر هَذَا أَن من ائتم بِمن يظْهر ببدعته، وَيتَكَلَّم بهَا ويدعوا إِلَيْهَا، أَو يناظر عَلَيْهَا فَعَلَيهِ الْإِعَادَة أه فَكَلَام صَاحب الْمُغنِي مُطلق عَام فِي تحتم إِعَادَة صَلَاة من صلى خلف من يعلن ببدعته، وكلامنا مُقَيّد مَخْصُوص بِمن يكفر ببدعته، أسأَل الله الْكَرِيم، رب الْعَرْش الْعَظِيم، أَن يهدينا جَمِيعًا لفهم الْقُرْآن الْكَرِيم، فإننا مَا اخْتَلَفْنَا وَلَا تفرقنا وَلَا سقطنا بَين الْأُمَم وَلَا سلطوا علينا إِلَّا بِسَبَب الْإِعْرَاض وَعدم النذير لكتاب رب الْعَالمين.
وَأما الْبِدْعَة الْخَفِيفَة الَّتِي لَا يكفر بهَا صَاحبهَا فَلَا يجوز لمُسلم أَن يمْتَنع عَن الصَّلَاة خلف مرتكبها، وعَلى أهل الْحق والمعرفة أَن يبينوا لَهُ خطأه، فَإِن قبل واصلوه، وَإِن أصر هجروه وقاطعوه، فَإِن من استبانت لَهُ سنة رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فَرَأى أَن غَيرهَا خير مِنْهَا فَهُوَ مُبْتَدع ضال. بل يكفر إِذا لم يكن متأولا، وَيدل على ذَلِك مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي (بَاب إِمَامَة الْمفْتُون والمبتدع) قَالَ: وَقَالَ الْحسن: صل وَعَلِيهِ بدعته: وَفِي البُخَارِيّ أَيْضا عَن عبيد الله بن عدي بن خِيَار أَنه دخل على عُثْمَان وَهُوَ مَحْصُور فَقَالَ: إِنَّك إِمَام عَامَّة وَنزل بك مَا ترى، وَيُصلي لنا إِمَام فتْنَة ونتحرج فَقَالَ: الصَّلَاة أحسن مَا يعْمل النَّاس
فَإِذا أحسن النَّاس فَأحْسن مَعَهم، وَإِذا أَسَاءَ النَّاس فاجتنب إساءتهم وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ شيخ الْإِسْلَام فِي فتواه.
الْفَتْوَى الثَّانِيَة: فِي الْمذَاهب الْأَرْبَعَة هَل تصح صَلَاة بَعضهم خلف بعض أم لَا؟ وَهل قَالَ أحد من السّلف أَنه لَا يُصَلِّي بَعضهم خلف بعض؟ وَمن قَالَ ذَلِك فَهَل هُوَ مُبْتَدع أم لَا؟ وَإِذا فعل الإِمَام مَا يعْتَقد أَن صلَاته مَعَه صَحِيحَة وَالْمَأْمُوم يعْتَقد خلاف ذَلِك، مثل أَن يكون الإِمَام تقيأ أَو رعف أَو احْتجم أَو مس ذكره أَو مس النِّسَاء بِشَهْوَة أَو بِغَيْر شَهْوَة أَو قهقه فِي صلَاته أَو أكل مَا مسته النَّار أَو أكل لحم الْإِبِل وَصلى وَلم يتَوَضَّأ وَالْمَأْمُوم يعْتَقد وجوب الْوضُوء من ذَلِك أَو كَانَ الإِمَام لَا يقْرَأ الْبَسْمَلَة، أَو لم يتَشَهَّد التَّشَهُّد الآخر، وَالْمَأْمُوم يعْتَقد وجوب ذَلِك فَهَل تصح صَلَاة الْمَأْمُوم وَالْحَال هَذِه؟
الْجَواب: الْحَمد لله، نعم تجوز صَلَاة بَعضهم خلف بعض كَمَا كَانَ الصَّحَابَة والتابعون لَهُم بِإِحْسَان وَمن بعدهمْ من الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة يُصَلِّي بَعضهم خلف بعض، وَمن أنكر ذَلِك فَهُوَ مُبْتَدع ضال مُخَالف للْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع سلف الْأمة وأئمتها، وَقد كَانَت الصَّحَابَة والتابعون وَمن بعدهمْ مِنْهُم من يقْرَأ الْبَسْمَلَة، وَمِنْهُم من لَا يقْرؤهَا، وَمِنْهُم من يجْهر بهَا وَمِنْهُم من لَا يجْهر بهَا، وَكَانَ مِنْهُم من يقنت فِي الْفجْر وَمِنْهُم من لَا يقنت، وَمِنْهُم من يتَوَضَّأ من الْحجامَة والرعاف