الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْعَذَابِ فَإِذا رأيتموها فَلَا تسبوها، واسألوا الله من خَيرهَا، واستعيذوا بِاللَّه من شَرها ". وَصَححهُ فِي الْجَامِع، وروى مُسلم عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] إِذا عصفت الرّيح قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا وَخير مَا أرْسلت بِهِ؛ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا أرْسلت بِهِ ". وَكثير من الأغفال يغصبون ويلغطون ويسبون عِنْد هياج الرّيح، وَرُبمَا أداهم جهلهم إِلَى الْكفْر، فنعوذ بِاللَّه من الْجَهْل.
فصل فِي الدُّعَاء وَالذكر عِنْد صَوت الرَّعْد
كَانَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] إِذا سمع الرَّعْد وَالصَّوَاعِق قَالَ: " اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلنَا بِغَضَبِك، وَلَا تُهْلِكنَا بِعَذَابِك، وَعَافنَا قبل ذَلِك " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالنَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَالْحَاكِم. وَكَانَ عبد الله بن الزبير إِذا سمع الرَّعْد ترك الحَدِيث وَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة من خيفته، وَيَقُول؛ إِن هَذَا الْوَعيد شَدِيد لأهل الأَرْض. وَرَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب، كَذَا فِي تَفْسِير الْحَافِظ ابْن كثير، وَفِيه أَنه ( [صلى الله عليه وسلم] ) قَالَ:" إِذا سَمِعْتُمْ الرَّعْد فاذكروا الله فَإِنَّهُ لَا يُصِيب ذَاكِرًا ". وكل النَّاس يجهلون هَذِه الْأَذْكَار حَتَّى طلاب الْأَزْهَر، بل وَكثير من الْعلمَاء لعدم قراءتهم فِي الْأَزْهَر كتابا من كتب الحَدِيث النَّبَوِيّ، فَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه.
فصل فِي الذّكر وَالدُّعَاء عِنْد الْمَطَر، وَمَا أحدث عَنهُ
فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس قَالَ: دخل رجل الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول الله ( [صلى الله عليه وسلم] ) قَائِم يخْطب النَّاس فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَلَكت الْأَمْوَال وانقطعت
السبل، فَادع الله يغيثنا، فَرفع رَسُول الله ( [صلى الله عليه وسلم] ) يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ:" اللَّهُمَّ أغثنا اللَّهُمَّ أغثنا اللَّهُمَّ أغثنا " قَالَ أنس وَالله مَا نرى فِي السَّمَاء سحابا وَلَا قزعة وَمَا بَيْننَا وَبَين سلع من بُنيان وَلَا دَار، فطلعت من وَرَائه سَحَابَة مثل الترس، فَلَمَّا توسطت السَّمَاء انتشرت ثمَّ أمْطرت، فَلَا وَالله مَا رَأينَا الشَّمْس سِتا، ثمَّ دخل رجل من ذَلِك الْبَاب فِي الْجُمُعَة الْمُقبلَة وَرَسُول الله ( [صلى الله عليه وسلم] ) قَائِم يخْطب فَاسْتَقْبلهُ قَائِما فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَلَكت الْأَمْوَال وانقطعت السبل فَادع الله يمْسِكهَا عَنَّا، فَرفع رَسُول الله ( [صلى الله عليه وسلم] ) يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ:" اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا، اللَّهُمَّ على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشّجر " قَالَت: فأقلعت وَخَرجْنَا نمشي فِي الشَّمْس أهـ من الوابل الصيب. وَفِي الْأَذْكَار قَالَ: روينَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله ( [صلى الله عليه وسلم] ) كَانَ إِذا رأى الْمَطَر قَالَ: " اللَّهُمَّ صيبا نَافِعًا " مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا.
هَذَا وَإنَّك تسمع كثيرا من الْعَوام والجهلاء عِنْد اشتداد الأمطار ألفاظا هِيَ إِلَى الْكفْر أقرب مِنْهَا للْإيمَان، فَمن ذَلِك قَوْلهم: حوش بلاويك عَنَّا، بِزِيَادَة غرقتنا، فنعوذ بِاللَّه.
وَمِمَّا يدل على جَهَالَة آبَاء وَأُمَّهَات الصّبيان وَأَنَّهُمْ لَا عناية لَهُم بتربية أنفسهم وَلَا أَوْلَادهم قَول الصبية فِي الشوارع والزقاقات وَقت الْمَطَر:
(يَا مَطَرا رخي كبريت
…
والسقا رَكبه عفريت)
(يَا مَطَرا رخى بصل
…
والسقا وَقع انْكَسَرَ)
(يَا مطرة عبد العال
…
رخيها واملي الفنجال)
(يَا مطرة بَاب اللوق
…
رخيها واملي الصندوق
…
(يَا مطرة عبد الله
…
رخيها وأملي الْقلَّة)
فيا حسرة على قوم يعيشون فِي الْإِسْلَام ويموتون وَلم يَذُوقُوا لَهُ طعما، وَلم يعرفوا هم وَلَا نِسَاؤُهُم وَلَا أبناؤهم شَيْئا من تعاليمه السامية الَّتِي ارتقت بسلفهم إِلَى أَعلَى عليين فجعلتهم سادة أهل الأَرْض أَجْمَعِينَ ف {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا} أدبوهم وعلموهم وحببوهم فِي رَسُول الله ( [صلى الله عليه وسلم] ) وَفِيمَا جَاءَ بِهِ " مروا أَوْلَادكُم بِالصَّلَاةِ وهم أَبنَاء سبع سِنِين، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وهم أَبنَاء عشر سِنِين، وَفرقُوا بَينهم فِي الْمضَاجِع " رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ فِي الْجَامِع، مرنوهم وعودهم النُّطْق وَالْعَمَل وهم صغَار على شرائع الْإِسْلَام، دربوهم على الصّيام لتهذب بِهِ نُفُوسهم، فَلَقَد كَانَ أَصْحَاب النَّبِي ( [صلى الله عليه وسلم] ) يصوّمون صبيانهم الصغار، ويجعلون لَهُم اللعبة من العهن الْمَصْبُوغ فَإِذا بَكَى أحدهم على الطَّعَام أَعْطوهُ اللعبة تلهيه حَتَّى يتم الصّيام، كَذَا جَاءَ فِي الصَّحِيح، اتَّقوا الله وَاعْلَمُوا أَن لأولادكم عَلَيْكُم حقوقا " فَحق الْوَلَد على وَالِده أَن يحسن اسْمه، وَيحسن أدبه، وَيحسن مَوْضِعه، ويعلمه الْكتاب - أَي الْقُرْآن - ويعلمه الْكِتَابَة، والسباحة، والرماية، وَأَن لَا يرزقه إِلَّا طيبا، ويزوجه إِذا أدْرك " كَذَا جَاءَت الْأَخْبَار " أدبوا أَوْلَادكُم على ثَلَاث خِصَال، حب نَبِيكُم وَحب أهل بَيته، وَقِرَاءَة الْقُرْآن. فَإِن حَملَة الْقُرْآن فِي ظلّ الله يَوْم الْقِيَامَة يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله مَعَ أنبيائه وأصفيائه " رَوَاهُ الشِّيرَازِيّ والديلمي وَابْن النجار عَن عَليّ كَمَا فِي الْجَامِع " فكلكم رَاع وكلكم مسئول عَن رَعيته، أما وَالله إِن سَمِعْتُمْ وعملتم بنصيحتي وقيتم ونجوتم أَنْتُم وأهلوكم {نَارا وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة عَلَيْهَا مَلَائِكَة غِلَاظ شَدَّاد} وَمن أَبى {فأمه هاوية، وَمَا أَدْرَاك مَاهِيَّة نَار حامية} بِدَلِيل " كل أمتِي يدْخلُونَ الْجنَّة إِلَّا من أَبى، قَالُوا: وَمن أَبى يَا رَسُول الله؟ قَالَ: من أَطَاعَنِي دخل الْجنَّة وَمن عَصَانِي فقد أَبى " رَوَاهُ البُخَارِيّ.