الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صبيان يَلْعَبُونَ فَسلم عَلَيْهِم، حَدِيث صَحِيح، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم]" إِذا انْتهى أحدكُم إِلَى الْمجْلس فليسلم فَإِذا أَرَادَ أَن يقوم فليسلم فَلَيْسَتْ الأولى بِأَحَق من الْآخِرَة " رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَحسنه صَاحب الْجَامِع أهـ من الوابل الصيب.
هَذَا وَقد استعاض أَكثر الْمُسلمين عَن هَذَا السَّلَام الشَّرْعِيّ الْجَلِيل الْجَمِيل الجزيل الْأجر بِكَلَام حقير ضئيل لَا قيمَة لَهُ وَلَا أجر فِيهِ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِم: عوافي ومرحب وَأصْبح الْخَيْر وصباح الْخَيْر ومسا النُّور وصباح القشطة وصباح الفل على عيونك وَأَكْثَرهم اتَّفقُوا على لَفْظَة نهارك سعيد وَسَعِيد مبارك. وَبَعْضهمْ يَقُولُونَ: بونجور وبونسيره ورفوار، بدل السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله. فيا حسرة على الْعباد، وَأَكْثَرهم يسقطون اللَّام من تسليمهم فَيَقُولُونَ: السام عَلَيْكُم وَمَعْنَاهُ الْمَوْت، فَيَنْبَغِي التَّنْبِيه على ذَلِك يَا عُلَمَاء إِن كُنْتُم عُلَمَاء، وَإِلَّا فمزقوا هَذِه الورقة الَّتِي تسمونها الشَّهَادَة العلمية، وألقوها على الْمَزَابِل، وَلَا تفتخروا بهَا علينا إِذْ لَا فضل لكم علينا إِلَّا بِالْعلمِ الصَّحِيح النَّبَوِيّ وَالْعَمَل.
فصل فِي فضل المصافحة وبدعها
روى أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه والضياء الْمَقْدِسِي عَن الْبَراء بن عَازِب بِإِسْنَاد حسن كَمَا فِي الْجَامِع أَنه [صلى الله عليه وسلم] قَالَ: " مَا من مُسلمين يَلْتَقِيَانِ فيتصافحان إِلَّا غفر الله لَهما قبل أَن يَتَفَرَّقَا " وَفِي الْجَامِع أَيْضا عَن الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَأبي الشَّيْخ ابْن حبَان عَن عمر أَو ابْن عمر عَنهُ [صلى الله عليه وسلم] أَنه قَالَ: " إِذا التقى المسلمان فَسلم أَحدهمَا على صَاحبه كَانَ أحبهما إِلَى الله أحسنهما بشرا بِصَاحِبِهِ فَإِذا تصافحا أنزل الله عَلَيْهِمَا مائَة رَحْمَة: للبادي تسعون، وللمصافح عشرَة " حَدِيث حسن كَمَا فِي الْجَامِع وَهُوَ حسن لغيره كَمَا فِي الشَّرْح.
هَذَا وَقد منع الْأُسْتَاذ الشَّيْخ مَحْمُود السُّبْكِيّ المصافحة عِنْد الْفِرَاق بِغَيْر دَلِيل وَلَا برهَان بل بمحض رَأْيه، وَهُوَ مَرْدُود بِمَا رَوَاهُ ابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة فِي (بَاب مَا يَقُول إِذا أَخذ بيد أَخِيه ثمَّ يُفَارِقهُ) وسَاق السَّنَد إِلَى أنس بن مَالك رضي الله عنه أَنه قَالَ: مَا أَخذ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] بيد رجل ففارقه حَتَّى قَالَ: " اللَّهُمَّ آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار ". فَهَذَا يدل على الِاسْتِحْبَاب أَو الْجَوَاز على الْأَقَل وَلَيْسَ للشَّيْخ سلف فِي ذَلِك إِلَّا فهمه وَهُوَ معَارض بِهَذَا الْخَبَر نعم قد يُقَال: إِن فِي هَذَا الْأَثر ضعفا لِأَنَّهُ من رِوَايَة عَمْرو بن سُهَيْل وَهُوَ ضَعِيف، وَيُجَاب بِأَن هَذَا الْأَثر وَارِد فِي بَاب فَضَائِل الْأَعْمَال، وَالْجُمْهُور على أَن مَا كَانَ كَذَلِك يتساهل فِي قبُوله.
وَالْقَاعِدَة الْأُصُولِيَّة أَن الحَدِيث الضَّعِيف أقوى وَأفضل من رَأْي الْمُجْتَهد، ثمَّ من قَالَ هَذَا من الْخُلَفَاء أَو الصَّحَابَة أَو التَّابِعين أَو الْأَئِمَّة أَو من الْمُحدثين أَو الْفُقَهَاء؟ فَلم يبْق إِلَّا أَنه رَأْي للشَّيْخ، وَعِنْدنَا مَا يقرب أَن يكون دَلِيلا لنا وَهُوَ قَوْله [صلى الله عليه وسلم] :" إِذا انْتهى أحدكُم إِلَى الْمجْلس فليسلم، فَإِن بدا لَهُ أَن يجلس فليجلس؛ ثمَّ إِذا قَامَ فليسلم، فَلَيْسَتْ الأولى بِأَحَق من الْآخِرَة ". ورمز لَهُ فِي الْجَامِع هَكَذَا (حم د ت حب ك)، وَعَن أبي هُرَيْرَة (ح) والمصافحة غَالِبا مُلَازمَة للسلام: وَفِي تَفْسِير ابْن كثير وَغَيره: كَانَ الرّجلَانِ من أَصْحَاب رَسُول الله، إِذا التقيا لم يفترقا حَتَّى يقْرَأ أَحدهمَا على الآخر سُورَة الْعَصْر إِلَى آخرهَا، ثمَّ يسلم أَحدهمَا على الآخر، وَإِذا تبين هَذَا فَالْوَاجِب على أَتبَاع الشَّيْخ أَن لَا يشددوا فِي ذَلِك فَإِنَّهُ زِيَادَة على عدم ثُبُوته مُوجب للتنافر بَيْننَا وَبَين النَّاس وموقع للعداوة، هدَانَا الله وَإِيَّاكُم.