الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غفارًا، يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين وَيجْعَل لكم جنَّات وَيجْعَل لكم أَنهَارًا} فيا أَيهَا الَّذين آمنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا عَسى ربكُم أَن يكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ ويدخلكم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار.
فيا عُلَمَاء الْمُسلمين أتلقين هَذَا الْمَشْرُوع على لِسَان النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] خير أم تلقينكم إيَّاهُم: تبنا إِلَى الله، ورجعنا إِلَى الله، وندمنا على مَا فعلنَا. إِلَى آخر مَا تَقولُونَ وتهرفون؟ ؟ فَاتَّقُوا الله وعلموهم أَن يفهموا هَذَا فَهُوَ الْعلم وسواه جَهَالَة وضلالة.
فصل فِي أذكار تجلب الرزق وتدفع الشدَّة والضيق
إِن من أعظم الْأَسْبَاب المفتحة لأبواب الأرزاق تقوى الله وطاعته وَطَاعَة رَسُوله، قَالَ تَعَالَى:{وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب} أَي وَمن يتق الله فِيمَا أَمر بِهِ وَترك مَا نهى عَنهُ يَجْعَل لَهُ من كل ضيق فرجا، وَمن كل هم مخرجا يخرج مِنْهُ، وَيَرْزقهُ من جِهَة لَا تخطر بِبَالِهِ، وَفِي الحَدِيث أَنه [صلى الله عليه وسلم] قَالَ:" من أَكثر من الاسْتِغْفَار جعل الله لَهُ من كل هم فرجا، وَمن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حَيْثُ لَا يحْتَسب " رَوَاهُ أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ كَمَا فِي الْجَامِع. وَقد قَالَ تَعَالَى حاكياً عَن نوح [صلى الله عليه وسلم] : {اسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا، يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين وَيجْعَل لكم جنَّات وَيجْعَل لكم أَنهَارًا} .
وَمن غَرِيب مَا ورد فِي تَفْسِير تِلْكَ الْآيَة أَن رجلا من أَصْحَاب النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] كَانَ لَهُ ابْن أسره الْمُشْركُونَ، وَكَانَ أَبوهُ يَأْتِي الرَّسُول فيشكو إِلَيْهِ، فَكَانَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] يَأْمُرهُ بِالصبرِ، فَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا أَن انفلت ابْنه من أَيدي الْعَدو فَمر بِغنم من أَغْنَام الْعَدو فَاسْتَاقَهَا إِلَى أَبِيه وَجَاء
مَعَه بِغنم قد أَصَابَهَا من الْمغنم فَنزلت {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب} أه بِاخْتِصَار من تَفْسِير ابْن كثير وَالْبَغوِيّ وَابْن جرير.
وَقَالَ تَعَالَى حاكياً عَن هود عليه السلام: {وَيَا قوم اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا ويزدكم قُوَّة إِلَى قوتكم وَلَا تَتَوَلَّوْا مجرمين} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ من أمره يسرا} أَي يسهل لَهُ أمره وييسره عَلَيْهِ وَيجْعَل لَهُ فرجا قَرِيبا ومخرجاً عَاجلا. وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَو أَن أهل الْقرى آمنُوا وَاتَّقوا لفتحنا عَلَيْهِم بَرَكَات من السَّمَاء وَالْأَرْض وَلَكِن كذبُوا فأخذناهم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَو أَنهم أَقَامُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَمَا أنزل إِلَيْهِم من رَبهم لأكلوا من فَوْقهم وَمن تَحت أَرجُلهم مِنْهُم أمة مقتصدة وَكثير مِنْهُم سَاءَ مَا يعْملُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَضرب الله مثلا قَرْيَة كَانَت آمِنَة مطمئنة يَأْتِيهَا رزقها رغدا من كل مَكَان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لِبَاس الْجُوع وَالْخَوْف بِمَا كَانُوا يصنعون} وَقد سلب الله سُبْحَانَهُ ملك العاصين وَأخْبر عَنْهُم بقوله {كم تركُوا من جنَّات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كَانُوا فِيهَا فاكهين كَذَلِك وأورثناها قوما آخَرين} وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ فتحنا عليم أَبْوَاب كل شَيْء حَتَّى إِذا فرحوا بِمَا أوتو أَخَذْنَاهُم بَغْتَة فَإِذا هم مبلسون} أَي آيسون محزونون.
وَمن أَسبَاب زِيَادَة النعم على العَبْد: شكر الله سبحانه وتعالى فَإِنَّهُ أقسم بعزته وجلاله أَنكُمْ إِن شكرتموه يزدكم قَالَ تَعَالَى {وَإِذ تَأذن ربكُم لَئِن شكرتم لأزيدنكم وَلَئِن كَفرْتُمْ إِن عَذَابي لشديد} وَقد أخبر سُبْحَانَهُ أَن أهل الْأَعْمَال الصَّالِحَة من الْمُؤمنِينَ يحييهم الله فِي الدُّنْيَا حَيَاة طيبَة ثمَّ يجزيهم فِي الْآخِرَة أجرهم على صَالح أَعْمَالهم، فَقَالَ:{من عمل صَالحا من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن فلنحيينه حَيَاة طيبَة ولنجزينهم أجرهم بِأَحْسَن مَا كَانُوا يعْملُونَ} .
وَأَن من أَسبَاب ضيق الْعَيْش وضنك الرزق الْإِعْرَاض عَن كتاب الله