الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَأَلَهُ عبد الله بن عَمْرو: كم تختم الْقُرْآن؟ قَالَ: " فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثمَّ قَالَ: فِي شهر، ثمَّ قَالَ: فِي عشْرين يَوْمًا، ثمَّ قَالَ: فِي خمس عشرَة، ثمَّ قَالَ: فِي عشر، ثمَّ قَالَ: فِي سبع، لم ينزل من سبع " أخرجه أَبُو دَاوُد. قَالَ أَحْمد: أَكثر مَا سَمِعت أَن يخْتم الْقُرْآن فِي أَرْبَعِينَ، وَلِأَن تَأْخِيره أَكثر من ذَلِك يُفْضِي إِلَى نِسْيَان الْقُرْآن، والتهاون بِهِ، فَكَانَ مَا ذكرنَا أولى، وَهَذَا إِذا لم يكن عذر، فَأَما مَعَ الْعذر فواسع لَهُ. أهـ.
فصل
إِذا عرفت فضل الْقُرْآن الْعَظِيم وَفضل بعض سوره وآياته، وَعرفت وافر وجزيل أجر تِلَاوَته، وَعلمت كَيْفيَّة تحزيب النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَأَصْحَابه لِلْقُرْآنِ، وترتيبهم لَهُ على الْأَيَّام والليالي - حق لنا أَن نقُول لَك أَيهَا الْمُسلم المتبع لأعظم رَسُول، لَا تعرض عَن قِرَاءَة كتاب رَبك إِلَى قِرَاءَة أوراد الْمَشَايِخ وأحزابهم، فَإِن الْأجر كُله، وَالثَّوَاب كُله، وَالْفضل الْعَظِيم كُله، والنصح، والإرشاد، والوعظ، وَالْهَدْي، والنور كُله، والصراط الْمُسْتَقيم إِنَّمَا هُوَ فِي تِلَاوَة كتاب الله تَعَالَى.
فيا مُتبع الرَّسُول الْأَعْظَم: إياك، ثمَّ إياك، وَمَا ابتدع، فَإِنَّهُ ضَلَالَة، وَاعْلَم أَنه لَا يجوز لَك أَن تقْرَأ دُعَاء الْبَسْمَلَة، وَلَا ورد الْجَلالَة ودعاءها للجيلاني؛ لِأَنَّهُ يصدك عَن الْقُرْآن، وَلَا يجوز لَك أَن تقْرَأ مسبعات، وَلَا منظومة الدردير، وَلَا ورد السحر، والميمية، والمنبهجة للبكري، بل اقْرَأ بدل هَذَا أحزاباً من الْقُرْآن تنفعك قرَاءَتهَا يَوْم لِقَاء رَبك، وَلَا سِيمَا قِرَاءَة التدبر والتفقه.
أَيهَا الْعَاقِل: هَل حزب الْبر، وَالْبَحْر، والنصر، وحزب الرِّفَاعِي الْكَبِير وَالصَّغِير، وحزب الدسوقي الْكَبِير وَالصَّغِير أَيْضا، وحزب النَّوَوِيّ
والبيومي، وحزب الْوِقَايَة الْمُسَمّى بالدور الْأَعْلَى، بل وَجَمِيع مَا فِي مَجْمُوع الأوراد - خير، أم حزب وَاحِد. أَو سُورَة وَاحِدَة من الْقُرْآن الْعَظِيم؟ لَا بل آيَة وَاحِدَة، بل حرف وَاحِد من كتاب الله؟ لَا شكّ أَنَّك تعترف أَنه أعظم وَأجل ألف ألف مرّة، بل لَا مُنَاسبَة بِالْكُلِّيَّةِ، وَأَنت تشهد وتقر معي بذلك، وَلَا أَظُنك تنكره، أَن جَمِيع مَا فِي مَجْمُوع الْأَذْكَار الطّيبَة للطرق السَّبْعَة، وَجَمِيع مَا فِي كتاب " مَجْمُوع أوراد الخلوتية والمرغنية، وأوراد الخليلية " وحرز الجوشني، وحرز الغاسلة، والجلجوتية، والبرهتية - لَا شكّ أَنه من عِنْد غير الله، وَلَا شكّ أَنه شرع لم يشرعه الله، وَلَا رَسُوله، فَصَارَ بِدعَة، وكل بِدعَة ضَلَالَة.
ولعلك تَقول: إِن هَذِه الْأَحْزَاب والأوراد لَا تَخْلُو من آيَات قرآنية فِيهَا، فَنَقُول لَك: الْقُرْآن كاللبن النقي الْخَالِص، وأحزابكم وأورادكم كاللبن الْمَخْلُوط بِالدَّمِ، أَو كاللبن الاصطناعي، فَأَيّهمَا ترتضيه لنَفسك؟ الأول لَا شكّ، بله مَا فِي الْقُرْآن من الموعظة، والشفاء وَالرَّحْمَة، والتذكير، وَالْهِدَايَة، وَالْعبْرَة، والأوامر، وَالنَّهْي، وَالتَّرْغِيب، والترهيب، وَذكر عَظمَة الله وكبريائه، وتعريفك برَسُول الله وَرُسُله وقصص الْأَنْبِيَاء وأتباعهم، وَمَا فعل الله بالطاغين والعاصين، وَمَا أعده لأهل طَاعَته من النَّعيم الْمُقِيم، وَغير ذَلِك مِمَّا لَا يمكننا عده، وَلَا حصر بعضه، وَلَيْسَ يُوجد من ذَلِك حرف وَاحِد فِي أورادكم وَلَا أحزابكم فَمَا هِيَ إِلَّا عبادات مخترعات، وَشَيْء آخر وَهُوَ أَنَّك لَا تقْرَأ بِحرف وَاحِد من كتاب الله إِلَّا أُوتيت أجره كَمَا فِي الحَدِيث الصَّحِيح " من قَرَأَ حرفا من كتاب الله فَلهُ حَسَنَة، والحسنة بِعشر أَمْثَالهَا، لَا أَقُول: ألم حرف، وَلَكِن ألف حرف، وَمِيم حرف {وَالله يُضَاعف لمن يَشَاء} فَمَا هُوَ ثَوَاب من قَرَأَ حزب الجيلاني كُله من أَوله إِلَى آخِره ألف مرّة، وَمَا ثَوَاب من يقْرَأ حزب الْبكْرِيّ، بل وَمَا ثَوَاب من يقْرَأ جَمِيع مجاميع الأوراد كلهَا حرفا
حرفا؟ ؟ لَا يمكنكم أصلا أَن تقدروا لِقَارِئِهَا ثَوابًا كثواب قِرَاءَة أَصْغَر سُورَة فِي الْقُرْآن بل وَلَا آيَة وَلَا حرف وَاحِد، فَإِن قدرتم وقلتم فَظن و {إِن الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا} بل {إِن بعض الظَّن إِثْم} بل يكون افتراء وكذبا على الله {وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله الْكَذِب وَهُوَ يدعى إِلَى الْإِسْلَام}
فيا أَيهَا الْمُسلمُونَ {الله نزل أحسن الحَدِيث} وقص عَلَيْكُم أحسن الْقَصَص فِي كِتَابه، فَلَا تعدلوا عَنهُ وتتبعوا هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُم قد هوكوا وتهوكوا يَا قوم " كفى بِقوم ضَلَالَة أَن يتبعوا كتابا غير كتاب رَبهم الَّذِي أنزل على نَبِيّهم " كَذَا فِي الحَدِيث، يَا قوم حذار حذار من الْإِعْرَاض عَن كتاب الله فَإِن الله يَقُول:{وَمن أعرض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا ونحشره يَوْم الْقِيَامَة أعمى} وَيَقُول: {وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن نقيض لَهُ شَيْطَانا فَهُوَ لَهُ قرين} ، وَيَقُول لنَبيه:{وَقد آتيناك من لدنا ذكرا من أعرض عَنهُ فَإِنَّهُ يحمل يَوْم الْقِيَامَة وزرا خَالِدين فِيهِ وساء لَهُم يَوْم الْقِيَامَة حملا} وَيَقُول: {وَمن يعرض عَن ذكر ربه يسلكه عذَابا صعدا} .
يَا قوم إِنِّي أَقُول وَالْحق أَقُول إِنَّه لَا يرغب عَن كتاب ربه إِلَى مخترعات الشُّيُوخ إِلَّا من سفه نَفسه، وضل سَعْيه، وزين لَهُ الشَّيْطَان عمله فصده عَن السَّبِيل، فحزبوا وجزئوا الْقُرْآن وقسموه على أيامكم ولياليكم، وحلوا وَارْتَحَلُوا فِيهِ من أَوله إِلَى آخِره، وَاجْعَلُوا الْمُصحف فِي جيوبكم دَائِما وأبداً - بدل الْمَجْمُوع - وَلَكِن أكبر مَا تمعنون فِيهِ النّظر بعد الْقُرْآن أَحَادِيث الرَّسُول [صلى الله عليه وسلم] والتعبد بالأدعية والأذكار المروية عَنهُ فِي الْكتب الَّتِي ذَكرنَاهَا لكم، وَهَذَا فِيهِ الغنية التَّامَّة، والكفاية الْعُظْمَى عَن جمع مَا تَقْرَءُونَهُ من الأوراد والأحزاب والدلائل. والتوسلات الَّتِي لم يتعبد بِحرف وَاحِد مِنْهَا أحد من