الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: إِن الرجل ليجاهد وَمَا ضرب يَوْمًا من الدَّهْر بِسيف، ثمَّ أخبر تَعَالَى أَنه مَعَ غناهُ عَن الْخَلَائق جَمِيعهم، وَمَعَ بره وإحسانه بهم، يجازى الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أحسن الْجَزَاء، وَهُوَ أَن يكفر عَنْهُم أَسْوَأ الَّذِي عمِلُوا، ويجزيهم أجرهم بِأَحْسَن الَّذِي كَانُوا يعْملُونَ، فَيقبل الْقَلِيل من الْحَسَنَات، ويثيب عَلَيْهَا الْوَاحِدَة بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف، ويجزى على السَّيئَة بِمِثْلِهَا أَو يعْفُو ويصفح، كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما} وَقَالَ هَهُنَا:{وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لنكفرن عَنْهُم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الَّذِي كَانُوا يعْملُونَ} أهـ من ابْن كثير.
فصل
وَالله يَا عُلَمَاء لَسْتُم على شَيْء حَتَّى تُقِيمُوا الْكتاب وَالسّنة، ولستم ناجين من عَذَاب الله ولعنته حَتَّى تبينوا طَرِيق الْهِدَايَة وَطَرِيق الغواية، وَطَرِيق النَّار وَطَرِيق الْجنَّة، لَا ملْجأ لكم وَلَا منجا حَتَّى تقتفوا آثَار نَبِيكُم وإخوانه من الْأَنْبِيَاء وَحَتَّى تهانوا كإهانتهم، وتسبوا كَمَا سبوا، وتضربوا كَمَا ضربوا وتقتلوا كَمَا قتلوا، وتنشروا بالمناشير كَمَا نشرُوا، وَحَتَّى يكون ذَلِك حلوا عنْدكُمْ لَا مرا، إِنَّكُم لَا تَكُونُونَ من الآمرين بِالْمَعْرُوفِ الناهين عَن الْمُنكر حَتَّى يتبرم النَّاس مِنْكُم، قُولُوا لَهُم كَقَوْل نوح عليه السلام (لَا تعبدوا إِلَّا الله إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم أَلِيم، فَقَالَ الْمَلأ الَّذين كفرُوا من قومه مَا نرَاك إِلَّا بشرا مثلنَا وَمَا نرَاك اتبعك إِلَّا الَّذين هم أراذلنا بَادِي الرَّأْي وَمَا نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين، قَالَ: يَا قوم أَرَأَيْتُم إِن كنت على بَيِّنَة من رَبِّي وآتاني رَحْمَة من عِنْده فعميت عَلَيْكُم أنلزمكموها وَأَنْتُم لَهَا كَارِهُون، وَيَا قوم لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ مَالا إِن أجري إِلَّا على الله وَمَا أَنا بطارد الَّذين آمنُوا إِنَّهُم ملاقوا رَبهم وَلَكِنِّي
أَرَاكُم قوما تجهلون. وَيَا قوم من ينصرني من الله إِن طردتهم أَفلا تذكرُونَ وَلَا أَقُول لكم عِنْدِي خَزَائِن الله وَلَا أعلم الْغَيْب وَلَا أَقُول إِنِّي ملك، وَلَا أَقُول للَّذين تزدري أعينكُم لن يُؤْتِيهم الله خيرا الله أعلم بِمَا فِي أنفسهم إِنِّي إِذا لمن الظَّالِمين. قَالُوا يَا نوح قد جادلتنا فَأَكْثَرت جدالنا فأتنا بِمَا تعدنا إِن كنت من الصَّادِقين. قَالَ إِنَّمَا يأتيكم بِهِ الله إِن شَاءَ وَمَا أَنْتُم بمعجزين، وَلَا ينفعكم نصحي إِن أردْت أَن أنصح لكم إِن كَانَ الله يُرِيد أَن يغويكم هُوَ ربكُم وَإِلَيْهِ ترجعون} .
يَا عُلَمَاء الدّين قُولُوا للنَّاس كَقَوْل نَبِيكُم هود عليه السلام: {يَا قوم اعبدوا الله مالكم من إِلَه غَيره إِن أَنْتُم إِلَّا مفترون} امنعوهم وحرموا عَلَيْهِم عبَادَة الْقُبُور، ونداء أَصْحَابهَا، والاستغاثة بهم، وَالنّذر وَالذّبْح لَهُم، والتوسل بهم وبينوا لَهُم محَاسِن وفضائل التَّوْحِيد القرآني والنبوي، وَادعوا أمتكُم إِلَى خير بالحكمة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة، وجادلوهم بِالَّتِي هِيَ أحسن، وَاقْتَدوا بهود عليه السلام حَيْثُ يَقُول:{يَا قوم لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِن أجري إِلَّا على الَّذِي فطرني أَفلا تعقلون؟} بشروا أمتكُم بِمَا بشرت بِهِ الْأَنْبِيَاء أممها وَمِنْهُم هود عليه السلام حَيْثُ يَقُول لِقَوْمِهِ: {وَيَا قوم اسْتَغْفرُوا ربكُم، ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا ويزدكم قُوَّة إِلَى قوتكم. وَلَا تَتَوَلَّوْا مجرمين} أَكْثرُوا وألحوا عَلَيْهِم حَتَّى يَقُولُوا لكم: {إِنَّا لنراكم فِي سفاهة وَإِنَّا لنظنكم من الْكَاذِبين} كَمَا قَالُوا لهود فَقَالَ لَهُم {يَا قوم لَيْسَ بِي سفاهة وَلَكِنِّي رَسُول من رب الْعَالمين، أبلغكم رسالات رَبِّي وَأَنا لكم نَاصح أَمِين} انصحوا يَا عُلَمَاء الْإِسْلَام إخْوَانكُمْ بنصيحة مُؤمن آل فِرْعَوْن إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ (يَا قوم اتبعون أهدكم سَبِيل الرشاد، يَا قوم إِنَّمَا هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا مَتَاع وَأَن الْآخِرَة هِيَ دَار الْقَرار، من عمل سَيِّئَة فَلَا يجزى إِلَّا مثلهَا. وَمن عمل