الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر "، وَفِي سنَن التِّرْمِذِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: " كَانَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] يقْرَأ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَة بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى، وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية؛ وَرُبمَا اجْتمعَا فِي يَوْم وَاحِد فَيقْرَأ بهما " قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح، وَالزِّيَادَة على الْوَارِد فِي تَكْبِير الْعِيدَيْنِ بِدعَة، والوارد الصَّحِيح عَن سلمَان أَنه قَالَ:" كبروا الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كَبِيرا - زَاد فِي رِوَايَة - وَللَّه الْحَمد "، وَفِي أُخْرَى:" لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ " فَمَا زَاد عَن ذَلِك فَلَا أصل لَهُ وَالتَّكْبِير فِي عيد الْفطر من غرُوب الشَّمْس إِلَى أَن يسلم الإِمَام من صَلَاة الْعِيد. وَفِي الْأَضْحَى من صبح يَوْم عَرَفَة إِلَى آخر أَيَّام التَّشْرِيق الثَّلَاث. وزيارة الْجَبانَة أَو قُبُور الْأَوْلِيَاء بعد صَلَاة الْعِيد بِدعَة، وَالْأَحَادِيث فِي فضل الصَّلَاة لَيْلَة الْفطر والنحر ويوميهما وَيَوْم عَرَفَة مكذوبة ومفتراة فَلَا تلتفتوا إِلَيْهَا، وَعَلَيْكُم بِقِرَاءَة أَبْوَاب صَلَاة الْعِيد فِي البُخَارِيّ وَمُسلم تعرفوا الْحق السماوي.
ثمَّ الْإِسْرَاف فِي النَّفَقَات على الكعك والفطرة، والسمك البكلاه، واللعوم وَمَا إِلَى ذَلِك، لَا شكّ أَنه حرَام لقَوْله تَعَالَى:{كلوا وَاشْرَبُوا وَلَا تسرفوا} أما إِذا لم يُسْرِفُوا فَلَا شكّ أَن هَذَا من الْمُبَاحَات الَّتِي يُشِير إِلَيْهَا حَدِيث: " أَيَّام التَّشْرِيق أَيَّام أكل وَشرب وَذكر لله عز وجل ".
الْبَاب الْعشْرُونَ فِي كَيْفيَّة صَلَاة الكسوفين وَبَيَان مَا أحدثوه فِيهَا
قَالَ فِي الْهَدْي النَّبَوِيّ: لما كسفت الشَّمْس خرج [صلى الله عليه وسلم] إِلَى الْمَسْجِد مسرعا فَزعًا يجر رِدَاءَهُ، وَكَانَ كسوفها فِي أول النَّهَار، فَتقدم فصلى رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فِي الأولى بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة طَوِيلَة، جهر بِالْقِرَاءَةِ، ثمَّ ركع
فَأطَال الرُّكُوع، ثمَّ رفع رَأسه من الرُّكُوع فَأطَال الْقيام، وَهُوَ دون الْقيام الأول، وَقَالَ لما رفع رَأسه: سمع الله لمن حَمده، رَبنَا لَك الْحَمد ثمَّ أَخذ فِي الْقِرَاءَة، ثمَّ ركع فَأطَال الرُّكُوع، وَهُوَ دون الرُّكُوع الأول، ثمَّ رفع رَأسه من الرُّكُوع. ثمَّ سجد سَجْدَة طَوِيلَة، فَأطَال السُّجُود. ثمَّ فعل فِي الرَّكْعَة الْأُخْرَى مثل مَا فعل فِي الرَّكْعَة الأولى فَكَانَ فِي كل رَكْعَة ركوعان وسجودان، فاستكمل فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَربع رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات.
وَرَأى فِي صلَاته تِلْكَ الْجنَّة وَالنَّار، وهم أَن يَأْخُذ عنقودا من الْجنَّة فيريهم إِيَّاه، وَرَأى أهل الْعَذَاب فِي النَّار، وَرَأى امْرَأَة تخدشها هرة. ربطتها حَتَّى مَاتَت جوعا وعطشا. وَرَأى عَمْرو بن مَالك يجر أمعاءه فِي النَّار وَكَانَ أول من غير دين إِبْرَاهِيم.
ثمَّ انْصَرف فخطبهم خطْبَة بليغة. حفظ مِنْهَا قَوْله: " إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله لَا يخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فَادعوا الله وَكَبرُوا وصلوا وتصدقوا، يَا أمة مُحَمَّد. وَالله مَا أحد أغير من الله أَن يَزْنِي عَبده أَو تَزني أمته، يَا أمة مُحَمَّد. وَالله لَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا، وَلَقَد رَأَيْتنِي أُرِيد أَن آخذ قطفا من الْجنَّة، وَلَقَد رَأَيْت جَهَنَّم يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، وَرَأَيْت النَّار فَلم أر كَالْيَوْمِ منْظرًا قطّ أفظع مِنْهَا، وَرَأَيْت أَكثر أهل النَّار النِّسَاء. قَالُوا: وَبِمَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ بكفرهن قيل: أيكفرن بِاللَّه؟ قَالَ: يكفرن العشير ويكفرن الْإِحْسَان، وَلَو أَحْسَنت إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْر كُله، ثمَّ رَأَتْ مِنْك شَيْئا قَالَت مَا رَأَيْت مِنْك خيرا قطّ. وَلَقَد أوحى إِلَى أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور مثل أَو قَرِيبا من فتْنَة الدَّجَّال، يُؤْتِي أحدكُم فَيُقَال لَهُ: مَا علمك بِهَذَا الرجل؟ فَأَما الْمُؤمن فَيَقُول مُحَمَّد رَسُول الله جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهدى، فأجبنا وآمنا وَاتَّبَعنَا، فَيُقَال لَهُ: نم صَالحا فقد علمنَا إِن كنت لمؤمنا، وَأما الْمُنَافِق فَيَقُول: لَا أَدْرِي، سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فقلته أهـ مُخْتَصرا.
وَفِي رِوَايَة " أَنه بعث مناديا يُنَادي: إِن الصَّلَاة جَامِعَة. ثمَّ صلى بهم وخطبهم ".
وَبِهَذَا نستدل على جمود وقسوة قُلُوب أهل زَمَاننَا وبالأخص الْعلمَاء، وَذَلِكَ لِأَن الشَّمْس وَالْقَمَر ينخسفان كل عَام، وَمَعَ هَذَا لَا ترى فِي الْبَلَد الْكَبِير الشاسع الْأَطْرَاف رجلَيْنِ من أهل الْعلم يفزعان فِي الْبَلَد إِلَى صَلَاة الخسوف وإحياء هَذِه السّنة المندرسة، وإماتة هَذَا المبتدع الْمُنكر الَّذِي طم وَعم، وملأ الْقُلُوب بالهم وَالْغَم، أَلا وَهُوَ صخب النَّاس ودورانهم حول الْبِلَاد يدقون الطبول، ويضربون النّحاس والصفيح، ويتغنون بِهَذَا الْكَلَام الْبَارِد الفارغ الْقَبِيح.
(يَا بَنَات الْحور
…
سيبوا الْقَمَر ينور)
(يَا بَنَات الْحور سيبوا الْقَمَر
…
الْقَمَر مكسوف مَا عندناش خبر)
(أَو يَا لطيف الطف بِنَا
…
واحنا عبيدك كلنا)
وَمَعَ هَذَا الهذيان، وَالْجهل الفاضح، لَا ترى فَردا وَاحِدًا من أهل الْعلم يُنكر على أهل هَذِه السخرية المزرية بِنَا لَدَى الْأَجَانِب المجاورين لنا ويعرفهم ضلالهم وجهلهم بدينهم، وَيُعلمهُم الْمَشْرُوع، وينهاهم عَن هَذَا الْمُحدث الْمُنكر الْمَمْنُوع، أَو يُنكر عَلَيْهِم إِذا أَصْبحُوا فِي الْمَسْجِد أَو فِي خطْبَة الْجُمُعَة أَو بعْدهَا، بل يسكتون كَأَنَّهُمْ فِي الْجَهَالَة والضلالة والحماقة والطيش متساوون، فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَهَذَا مِمَّا يعرفنا قيمَة الدّين عِنْدهم؛ ودرجة خوفهم من مَعْصِيّة رَبهم، وَمِقْدَار متابعتهم لنبيهم، أما وَالله إِنَّهُم لفي غَفلَة عَن قَول الْمَعْصُوم [صلى الله عليه وسلم]" مَا من قوم يعْمل فيهم بِالْمَعَاصِي ثمَّ يقدرُونَ على أَن يُغيرُوا ثمَّ لَا يُغيرُوا إِلَّا يُوشك أَن يعمهم الله بعقاب " رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَغَيرهمَا.